من المثير للسخرية تكرار الادعاء بأن جبهة البوليساريو "ظفرت" بصفة الممثل الشرعي الوحيد للحكم الذاتي في الصحراء وكأنها انتصار سياسي، بينما الواقع الموثق أن ما خسرته الجبهة دولياً من اعتراف وتأثير يفوق أضعاف أي مكسب رمزي مفترض. الدعم الدولي المتراجع للجبهة في السنوات الأخيرة ليس سراً، بل تثبته سلسلة من سحب الاعترافات بدولتها المعلنة من عشرات الدول ومنظمات إقليمية وازنة.
أما الزعم بأن المغرب "ملزم أممياً" بإشراك البوليساريو كإدارة للحكم الذاتي، فهو محض خلط وتضليل: الشرعية الدولية المتمثلة في قرارات مجلس الأمن الأخيرة أصبحت تتحدث عن "حل سياسي واقعي متوافق عليه" دون أي إلزام بنموذج البوليساريو أو فرض "حكم ذاتي بقيادتها" بل تُسجّل بوضوح ترحيباً بجدية المقترح المغربي وتطور النقاش حوله. الأمم المتحدة لم تعترف قط لا بسيادة البوليساريو ولا بسيادتها على الصحراء، بل تؤكد فقط وضع الإقليم كمنطقة متنازع عليها.
ومغالطة "انفراد البوليساريو بالتمثيل" معيارها الوحيد نص قديم من سبعينات القرن الماضي (قرار الجمعية العامة 34/37)، أما الواقع القانوني والدبلوماسي اليوم فيتجاوز هذا الادعاء، إذ أصبح الحضور المجتمعي والقبلي والإداري الصحراوي داخل المؤسسات المنتخبة المغربية، بل وتمثيل سكان الإقليم أنفسهم في لقاءات جنيف الأخيرة كأطراف مستقلة، حقائق تعري وهم "الاحتكار الحصري" للتمثيل.
ولا يوجد أي قرار أممي يلزم المغرب بمنح البوليساريو إدارة محلية للحكم الذاتي أو جعلها الجهة الأمنية أو الاقتصادية أو الإدارية للإقليم؛ مثل هذه الفرضيات ليست سوى أمنيات متهاوية يروجها الخطاب الانفصالي وتدحضها التطورات على الأرض ومواقف المجتمع الدولي.
في النهاية: الحوار السياسي لم ولن يكن رهينة للفيتو البوليساري، والديناميات الدولية والإقليمية تكشف أن الحل الواقعي الذي تلتف حوله الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي هو مقترح الحكم الذاتي المغربي، تحت السيادة المغربية، وبمشاركة جميع الأطراف الصحراوية ليس فرض إدارة أحادية باسم الجبهة. أما عن إمكانية الإقصاء، فالمقاربة المعتمدة هي تلك التي تقر بواقعية الحلول لا أوهام التمثيل الحصري ولا محاولات تجاوز التاريخ والواقع.