هل تستعدّ إيران لمواجهة قادمة؟ الحرس الثوري يكشف من “مدينة الصواريخ” عن نسخ مطوّرة من صاروخي عماد وقدر
تواصل إيران استعراض قوتها الدفاعية والصاروخية والكشف عن أسلحة جديدة، في محاولة لمواجهة ما تصفه بتهديدات واشنطن وتل أبيب، ولترميم صورة النظام داخليًا بعد الحرب الأخيرة، إضافة إلى الاستعداد لاحتمال تعرضها لهجمات جديدة.
آخر هذه العروض العسكرية جاء من داخل ما يُعرف بـ«مدينة الصواريخ» الواقعة تحت الأرض في طهران، حيث كشفت قوات الفضاء التابعة للحرس الثوري عن نسخ مطوّرة من صاروخي «عماد» و«قدر». وينتمي الصاروخان إلى فئة الصواريخ الباليستية متوسطة المدى، وقد زُوّدا بأنظمة مضادة للحرب الإلكترونية لحماية سلسلة الإطلاق وإرباك أنظمة التحكم بالنيران المعادية.
ورغم أن العرض لم يتضمّن تفاصيل تقنية دقيقة، إلا أنه ركّز على منظومة التشويش الإلكتروني الجديدة المدمجة في الصواريخ، والمصممة لتضليل أجهزة الإنذار المبكر والرصد الإلكتروني للخصم وتقليل البصمة الكهرومغناطيسية قبل الإطلاق، وفق تقرير لمجلة Army Recognition المتخصصة في الشؤون العسكرية. وأوضح التقرير أن الصواريخ المطوّرة باتت أكثر مرونة من حيث الاستخدام، إذ يمكن نشرها على شاحنات متحركة داخل الأنفاق المحصّنة وتنفيذ عملية الإطلاق بسرعة.
ويُنظر إلى هذه العروض على أنها رسائل سياسية وعسكرية موجّهة للداخل والخارج معًا، إذ تسعى إيران عبرها إلى تأكيد جاهزيتها الدائمة واستقلاليتها المتنامية في تطوير برنامجها الصاروخي. كما تهدف إلى إظهار قدرتها على الردع ورفع كلفة أيّ ضربة محتملة ضد مصالحها، فضلًا عن تعزيز الثقة الداخلية بقدرات النظام العسكرية.
تحليل المجلة أشار إلى أن إيران تركز على دمج تقنيات الأنفاق المحصّنة مع الصواريخ المتحركة وأنظمة الحرب الإلكترونية، بما يمنحها قدرة أكبر على تنفيذ إطلاقات مفاجئة والحفاظ على ترسانتها بعد أي هجوم جوي معادٍ. كما أن هذه القدرات تُظهر استمرار النشاط الصناعي العسكري الإيراني رغم العقوبات، إذ تعتمد طهران على دعم تقني من روسيا والصين وكوريا الشمالية لتطوير منظوماتها المحلية وتقليل اعتمادها على الواردات الدفاعية.
وتسعى إيران من خلال هذا التقدم إلى تعزيز موقعها التفاوضي في أيّ محادثات مستقبلية حول برنامجها النووي أو الصاروخي، مستفيدة من «ورقة الردع» كورقة ضغط دبلوماسية، إلى جانب استمرارها في دعم حلفائها الإقليميين كحزب الله والحوثيين والميليشيات العراقية.
ويرى محللون أن هذه التحركات قد تُسهم في تصعيد التوتر الإقليمي وزيادة سباق التسلح في الشرق الأوسط، في حين تبقى إسرائيل أكثر الأطراف استنفارًا إزاء هذه التطورات، إذ يُرجّح أن تواصل عملياتها السرّية ضد البنية التحتية العسكرية الإيرانية، دون استبعاد تنفيذ ضربات استباقية محدودة تستهدف منع طهران من ترسيخ قدراتها الدفاعية والهجومية.
صاروخ “خيبر شكن” الباليستي الإيراني
الصاروخ عماد هو نسخة مطوّرة من عائلة شهاب-3 يميّزه وجود قُمرة إعادة دخول موجهة (MaRV) ونظام توجيه يحسّن الدقة بالمقارنة مع النسخ الأقدم، ما يسمح له بتعديل مساره حتى لحظات ما قبل التصادم لخفض احتمال الخطأ في الإصابة؛ وتُذكر التقديرات أن مداه يبلغ نحو 1,700 كيلومتر وقدرة حمولة تقارب 750 كيلوجرام، مع دقة أكبر بكثير عن نسخ شهاب التقليدية — ما يجعله قادراً على الوصول إلى أعماق إقليمية واسعة. التطويرات الأخيرة أضافت إليه قدرات على التشويش والحماية الإلكترونية لحماية سلسلة الإطلاق وإرباك أنظمة الإنذار والرصد، كما صُمم ليُطلق من منصات مرنة داخل منشآت محصّنة أو شاحنات متحرّكة، ما يعزّز بقائه ويصعِّب استهدافه بشكل استباقي.
أما صاروخ قدر (Ghadr/Qadr) فيمثّل تطوراً آخر ضمن امتداد سلسلة شاهـب، ويظهر بنماذج متعددة تختلف في المدى والحمولة، إذ تتراوح تقديرات مداه بين نحو 1,350 إلى ما يقرب من 1,950–2,000 كيلومتر بحسب الإصدار، مع حمولات قابلة للتغيير قد تبلغ عدة مئات من الكيلوغرامات. يركّز تصميمه على خفة الهيكل وسرعة التجهيز والإطلاق، ويُتيح دمج وحدات مضادة للحرب الإلكترونية لتأمين الإطلاق من مواقع محصّنة أو أنفاق، ما يمنحه مرونة تكتيكية ويزيد من كلفة أيّ محاولة لاستهدافه.