المصريون والفراعنة: بين وهم الجينوم العريق والسياسة الموجهة وحقيقة الهوية المتعددة

طويق (!)

عضو
إنضم
24 مارس 2013
المشاركات
3,118
التفاعل
6,348 53 0
الدولة
Saudi Arabia
مقدمة عامة:
أود بداية أن أدعو كل من يقرأ هذا العرض إلى فتح عقله أولا قبل قلبه ، ومنح نفسه فرصة للاستماع والتفكير بهدوء قبل التسرع في إصدار الأحكام ، الموضوع الذي سنتناوله قد يثير تساؤلات أو مواقف متباينة ، وهو أمر طبيعي ، لذلك ، سأعرض الأفكار والمحاور بشكل تدريجي ومتأن ، لضمان فهم شامل ومتوازن.
هدفي هو تقديم رؤية موضوعية ومتوازنة تساعد على استيعاب الموضوع بعمق بعيدا عن الانفعالات السريعة ، لا أسعى لتحفيز المشاعر ، أو حتى النيل منها ، بل لتوضيح حقائق قد تكون غائبة عن البعض ، وعلى قلة معرفتي في هذه المسألة ، إلا أني سأحرص على تبسيط الأنساب الوراثية وشرح الفرق بين الجينوم والكروموسومات والميتوكوندريا بشكل يسهل فهمه ، بقدر ما استطيع ، ثم ننتقل لدراسة أصول الحضارة الفرعونية وتعددية أعراقها وأسرها ، بعد ذلك ، نناقش تأثير الغزوات على التركيبة العرقية المصرية ، وصولاً إلى مرحلة الاستعمار الغربي وأهدافه من البحث عن الحضارة المصرية ، وأخيرا ، نلقي الضوء على كيفية تناول السياسيين والمفكرين المصريين ، سواء كانوا مسلمين أو أقباطا أو ليبراليين ، لهذه القضية ، وما كان له من تأثير على المواطن المصري البسيط.
لذا ، أتمنى أن تتقبلوا هذا الطرح بصدر رحب ، وأن نواصل سويا رحلة معرفية تهدف لتوسيع مداركنا قبل اتخاذ أي مواقف.

الفصل الأول:
مفاهيم وراثية أساسية في دراسة الأنساب البشرية : الجينوم، كروموسوم Y، والميتوكوندريا
لفهم تاريخ الأنساب البشرية وتعقيدات الهوية العرقية ، من المهم أن نتعرف على بعض المفاهيم الوراثية الأساسية التي تساهم في فك لغز ارتباط الأجيال ببعضها.
الجينوم:
الجينوم هو الخريطة الكاملة للمعلومات الوراثية داخل خلايا الإنسان ، هو الذي يحدد ملامحنا الجسدية والوراثية ، لكن وراثتنا ليست مسارا بسيطا أو خطيا ، بل هي مزيج معقد من جينات تنتقل من الأب والأم معا ، من بين أجزاء هذا الجينوم ، يبرز "كروموسوم Y" الذي يورثه الأب فقط إلى الابن ، ويستخدم لتتبع النسب الذكري ، أما من جهة الأم ، فإن "الميتوكوندريا" هي الجينات التي تنتقل من الأم إلى الأبناء ، مما يشكل دليلا على النسب الأمومي.
لكن يجب أن نلاحظ أن دراسة كروموسوم Y أو جينات الميتوكوندريا لا يمكن أن تقدم صورة كاملة عن الهوية العرقية لشعب ما ، فالهويات الوراثية هي كلوحة فسيفساء معقدة ، تتداخل فيها آلاف التزاوجات والتفاعلات عبر الزمن ، مما يجعل من الصعب جدا ربط شعب كامل بجين واحد فقط ، ويجب أيضا أن نفهم أن كروموسوم Y له دور كبير في تتبع التسلسل الأبوي الذي قد يكون مهما في تحديد سلالات العائلات والأسر ، لكنه لا يقدم كل الصورة الجينية ، خصوصا ربط الأجداد بالأحفاد ، وهذا يظهر تحديا علميا عند محاولتنا ربط أي عينة قديمة بشعب معين باستخدام تحليل الجينوم فقط.
التحديات العلمية في تحليل الجينات القديمة:
تحليل الحمض النووي القديم ، سواء كان من بقايا فرعونية أو غيرها ، يواجه العديد من التحديات ، من أبرز هذه التحديات تحلل المادة الوراثية بمرور الزمن، وتلوث العينات، بالإضافة إلى غياب تقنيات متقدمة في بعض الحالات ، لذلك ، يجب التعامل بحذر مع نتائج الدراسات الجينية التي تعتمد على عينات قليلة أو تحاليل جزئية ، ولا يمكن استخدام هذه النتائج كأساس نهائي لاستنتاجات مطلقة حول الهوية العرقية لشعوب بأكملها ، هذه النقطة تبرز بشكل خاص عندما نتعامل مع مومياء أو آثار قديمة في مصر ، حيث يعتبر استخراج الحمض النووي أمرا صعبا ودقيقا للغاية.
الهوية العرقية والتسلسل الأبوي:
من المهم أيضا أن ندرك أن التقدير الوراثي للشعوب يعتمد بشكل كبير على التسلسل الأبوي عبر كروموسوم Y، وهو ما يمكن أن يسهم في تتبع سلالات معينة من الذكور ، في المجتمعات التي تركز على التسلسل الأبوي ، يعد هذا التحليل أمرا بالغ الأهمية لتحديد النسب الملكي أو العائلي ، لكن في الوقت نفسه ، يعتبر من المستحيل حاليا ربط المومياوات المصرية القديمة بشكل نهائي بنسب عائلي أو سلالات محددة من خلال الجينات فقط ، لا سيما في ظل تحديات التحليل الجيني الحالي.
الخلاصة:
من المهم أن نعي أن الجينوم الكامل ، كروموسوم Y والميتوكوندريا تمثل جوانب معينة من الهوية الوراثية ، ولكن لا يمكن لأي منها أن يعتبر تمثيلا كاملا لتاريخ أو أصل شعب ما ، وبالأخص بالنسبة للشعوب التي مرت بتداخلات تاريخية معقدة مثل المصريين ، الذين تأثروا بعدة ثقافات وهويات عبر الزمن ، ورغم أن تسلسل كروموسوم Y يعد أداة فعالة لتتبع النسب الأبوي ، إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليه بمفرده لفهم الهوية العرقية أو التاريخية لشعب كامل ، خاصة عندما تتداخل العديد من العوامل الثقافية والاجتماعية عبر الأجيال ، وفي النهاية ، يستحيل ربط الأحفاد بالأجداد باستخدام كروموسوم Y فقط ، نظرا للتعقيدات التي تحيط بدراسة الأنساب الوراثية.​
 
الفصل الثاني : سينا الأول والأسر الفرعونية: التنوع العرقي في تأسيس الدولة المصرية القديمة

تبدأ رحلة الحضارة المصرية القديمة من الجنوب، من منطقة تعرف بمصر العليا (جنوب مصر) ، وهي أرض تجمع بين النيلين الأزرق والأبيض ، تشمل أجزاء من النوبة الحالية وشمال السودان ، هنا بزغ نجم الملك "سينا الأول" (أو نارمر كما يشار إليه أحيانا) ، الذي يعتبر المؤسس الأول للدولة المصرية الموحدة في الأسرة الأولى.
أصول سينا الأول: جنوب مصر ونوبة ، جذور داكنة ومتعددة
الصورة الملونة لسينا الأول ، والمحفوظة في اللوحات والتماثيل ، تظهر لون بشرته أغمق مقارنة ببقية ملوك الفراعنة ، مما أثار جدلا بين المؤرخين حول أصوله العرقية ، تشير الدراسات التاريخية والآثرية إلى أن الأسرة الأولى ، والتي ينتمي إليها سينا الأول ، نشأت في الجنوب حيث النمط السكاني يميل إلى البشرة الداكنة ، وقد تأثرت بقبائل النوبة المجاورة.
هذا يؤكد أن مهد الدولة الفرعونية كان في منطقة ذات أعراق أفريقية جنوبية متنوعة ، وهو ما يدحض التصورات البسيطة التي تصور الفراعنة كعرق واحد أو لون بشرة موحد.
الأسر الفرعونية: لوحة فسيفساء عرقية معقدة
لم يكن الفراعنة عبر الألفيات مجرد سلسلة واحدة من نفس العرق ، بل شهدت مصر قدوم أسر عديدة من خلفيات مختلفة ، الأسرة الكوشية ، التي حكمت مصر في أواخر العصر الفرعوني ، كانت من أصل نوبي أفريقي مباشر ، وتركت تأثيرها الثقافي والسياسي الكبير ، هذا بالإضافة إلى الأسر الهكسوسية التي جلبت طابعا آسيويا إلى مصر في فترة حكمهم.
كل أسرة كانت تمثل تمازجا بين الأعراق المختلفة ، سواء عبر الزواج بين الأسر الملكية أو التأثيرات الخارجية التي تركتها الفتوحات والغزوات ، ما جعل الحضارة المصرية منبعا لتعدد ثقافي وعرقي مستمر.
تنوع الأنساب الحاكمة والطبقات الاجتماعية
يجب التمييز بين النسب الملكي الذي يركز عادة على تتبع خط الأب عبر كروموسوم Y، والنسج الجيني للطبقات الأخرى ، خاصة النساء اللواتي دخلن من قبائل وأعراق مختلفة ، هذا التزاوج العرقي كان شائعا ، وأغنى الجينوم المصري ، وهو ما يجعل من المستحيل الحديث عن نسب موحد للفراعنة أو الشعب.
توسع الدولة وتأثيره على التنوع
مع توسع مصر شمالاً وجنوباً ، بدأ تزاوج سكان الدلتا مع سكان الجنوب ، واندماج مجموعات من قبائل سيناء، نوبة، وبلاد الشام ، هذا التنوع السكاني جلب معه اختلاط جيني مستمر ، وبنى هويات معقدة، ما جعل مصر محصلة لغنى بشري متنوع غير قابل للاختزال في أصول ضيقة.
الخلاصة
دراسة أصول سينا الأول والأسر الفرعونية تكشف لنا أن الحضارة المصرية القديمة ليست من صنع عرق واحد أو لون بشرة محدد ، بل هي نتيجة مئات السنين من التداخل العرقي والتاريخي الذي أثر في بناء تلك الدولة العظيمة ، ليصبح الفراعنة انعكاسا لتنوع الإنسان الإفريقي والآسيوي المتقاطع في أرض النيل.​
 
الفصل الثالث : الغزوات والاحتلالات: المحطات الكبرى في تشكيل التنوع العرقي في مصر

مقدمة:

تتميز مصر بموقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي جعلها نقطة التقاء بين إفريقيا وآسيا ، وممرا رئيسياً للطرق التجارية القديمة ، مما تسبب في تعرضها لهجرات وغزوات متعاقبة كان لها أثر كبير على التركيب العرقي والديموغرافي لشعبها عبر العصور.
موجات الغزو الأولى وأثرها العرقي:
تشير الأدلة الأثرية والتاريخية إلى أن مصر شهدت منذ عصور ما قبل التاريخ هجرات متكررة ، منها هجرة الهكسوس (حوالي القرن السابع عشر قبل الميلاد) ، وهم شعوب سامية من غرب آسيا ، الذين سيطروا على دلتا النيل وأثروا في السياسة والفنون المصرية ، تظهر الدراسات الجينية الحديثة ، مثل دراسة الوراثة التي أجراها جيرارد سيغال عام 2017 ، أن هناك امتزاجا واضحا بين السكان الأصليين والمهاجرين من غرب آسيا في تلك الفترات.
الاحتلالات الكبرى: الفرس، الإغريق، والرومان:
في الفترات المتأخرة من الحضارة الفرعونية، دخلت مصر في حقبة سيطرة أجنبية بدءا بالفرس ، ثم الإغريق بقيادة الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد ، تلتها السيطرة الرومانية ، أثرت هذه الفتوحات على التركيب السكاني المصري عبر إدخال طبقات حاكمة ذات أصول أجنبية ، وخلقت تنوعا جينيا ملحوظا ، دراسة جينية شاملة نشرت في مجلة "نيتشر كوميونيكيشنز" عام 2017 أشارت إلى وجود تأثيرات وراثية متباينة بين سكان وادي النيل نتيجة لهذه الفترات التاريخية.

الفتح الإسلامي وتأثيره الديموغرافي:
شكل الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي مرحلة محورية في التحولات الديموغرافية في مصر ، حيث أدى تدفق الهجرات العربية إلى إدخال عناصر جينية جديدة ، وتزاوج العرب مع السكان المحليين، ما أضفى تعقيداً إضافياً على النسيج العرقي المصري ، أظهرت دراسة جينية حديثة في عام 2020 (دراسة على الحمض النووي لمصريين معاصرين نشرت في مجلة "بلوس جينيتكس") أن الجينوم المصري يحتوي على مزيج من الأصول الإفريقية والعربية ، مع تداخل واضح يرجع إلى الحقبة الإسلامية.
التبادل السكاني والثقافي المستمر عبر العصور:
تؤكد الدراسات الجينية والتاريخية أن التنوع السكاني في مصر هو نتيجة مستمرة لهجرات وتداخلات عبر آلاف السنين ، مما أنتج مجتمعا متعدد الأصول والعناصر ، هذا التنوع يعكس هوية مصرية غنية ومتعددة الأبعاد ، وهو ما تؤكده الأبحاث العلمية الحديثة مثل مراجعة جينومية شاملة نشرت في مجلة "الأمريكان جورنال أوف هيومن جينيتكس" عام 2018 ، والتي بينت أن سكان مصر اليوم يعكسون تاريخا طويلا من الاختلاط السكاني.​
 
قبل الدخول للفصل الرابع ، وهو فصل مهم ومفصلي في هذه الدارسة ، أريد أن أورد قراءة مختصرة للكاتب جمال سلطان ، لكتاب "كل رجال الباشا" ، لـ خالد فهمي ، وهذه القراءة ، من وجهة نظري ، تحاول فهم وتفكيك المرحلة التاريخية في عهد محمد علي باشا وتفكيره ورؤيته للحكم :

الجزء الأول :

أوهام وأباطيل عن محمد علي باشا وتأسيس الدولة المصرية الحديثة انتهيت من قراءة كتاب خالد فهمي الممتع "كل رجال الباشا"، والمعني بلقب الباشا هنا هو محمد علي باشا، الذي يوصف في الأدبيات التاريخية الشائعة في مصر أنه "مؤسس مصر الحديثة"، وأنه "قائد استقلال مصر" عن الدولة العثمانية، وهو الخطاب الذي يدحضه خالد فهمي تماما، وبأدلة علمية وثائقية دامغة، وأسلوب أدبي رفيع لا يشعرك بالملل أبدا وأنت توغل في صفحاته التي وصلت إلى 458 من القطع المتوسط، ربما لا يزعجك فيه سوى لجوئه أحيانا إلى "مسطرة" الفيلسوف الفرنسي "ميشيل فوكو" لتفسير بعض الوقائع أو تحليل التوجهات، وربما لأن الكتاب ـ بالأساس ـ رسالة دكتوراة، مكتوبة بالإنجليزية ومقدمة إلى مشرف ولجنة نقاش أوربية في جامعة أوكسفورد، احتاج الباحث إلى طرح بعض المقارنات المفيدة في جماليات معمار العمل الأكاديمي، وإن لم تكن مفيدة للقارئ العادي مثلنا.على عكس كل من سبقوه، لم ينطلق خالد فهمي ـ أستاذ التاريخ في الجامعة الأمريكية بالقاهرة ـ من شخصية الباشا أو إبراهيم ابنه وقائد جيشه، ولا من سيرة قواده الكبار، وإنما انطلق في محاولة البحث من أسفل، من الجنود البسطاء، الفلاحين المصريين الفقراء الذين جندهم الباشا وصنعوا مجده العسكري، واستخدمهم وقودا لمعاركه المتنوعة في الحجاز والسودان واليونان وسوريا والأناضول، وقد مات منهم عشرات الآلاف دون أن يعرفوا شيئا عن معنى المعركة التي يخوضونها ولا القضية التي يموتون من أجلها، حسب ما كشفت الوثائق التي قدمها الباحث، ليحاول أن يعرف موقفهم وسلوكهم وردات فعلهم وأقوالهم إن أمكن.يقول الباحث: "إن هذا التوتر، هذا الصراع المتواصل بين الباشا ورجاله (الجنود المصريين)، هو التيمة الرئيسية في هذا الكتاب، وبسبب مركزيتها تم تصميم الكتاب بحيث يردد صدى ذلك التوتر: فهو قصة جندي عن خدمته من تجنيده إلى تسحبه (هروبه من الجيش، وكان يطلق على الهارب من الخدمة العسكرية وصف "المتسحب" في ذلك الوقت)، محاطة من جانبيها بمشهدين للباشا وهو يسلي ضيوفه، ومع ذلك، وفيما يتصل بقصة الجندي ذاته، حاول هذا الكتاب أن يبرهن على أن التسحب يقدم من الناحية التاريخية نهاية أدق لحياة المجند من النهاية التي تقدمها الطبعات الوطنية بالتشديد على الاستشهاد أو القتال من أجل استقلال مصر، وبكلمات أخرى فإنني وجدت في أفعال التسحب شهادة أكثر فصاحة بكثير على شعور المصريين نحو نظام الباشا من كل المجلدات التي كتبت عن مؤسسة محمد علي الوطنية".بطبيعة الحال كان الطريق شديد الصعوبة أمام الباحث هنا، لأن هؤلاء الجنود كانوا أميين، لا يعرفون القراءة والكتابة، ومن ثم فهم لم يتركوا لنا مذكرات ولا حتى قصاصات يمكن الاستناد إليها، وكما فعلت الباحثة الرائعة "نيللي حنا" في دراستها للحقبة العثمانية في مصر، عندما لجأت إلى أرشيف "الشهر العقاري" لتدرس عن قرب الحركة التجارية والتطور المدني في القاهرة، لجا خالد فهمي إلى أرشيف المحاكمات العسكرية بدار الوثائق القومية، وأرشيف المؤسسة الطبية التي أسسها "كلوت بك" لتأمين جيش محمد علي صحيا، وتابع تلك الوثائق بدأب وصبر شديدين، لأنها تكشف بالتفصيل الدقيق عما تعرض له الجنود وعن ردات فعل الجنود أيضا على الإجراءات التي كان يقوم بها الباشا أو قواده العسكريون، وأقوال الجنود في المحاكمات أو في الكشف الطبي.يكشف الباحث عن العنف والقسوة الشديدة التي كان الباشا يستخدمها لتجنيد الفلاحين بما يشبه السخرة، وكيف كانوا يحاولون الهرب من "لجان التجنيد" التي تجوب القرى، والرشاوى التي كانت الأسر تدفعها لشيخ البلد من أجل إخفاء ابنهم عن اللجان، كيف لجأ كثيرون إلى تشويه أجسادهم بقطع أصابع أو كسر أسنان أو وضع سم الفئران في أعينهم لإصابتها بالعمى المؤقت، كل ذلك من أجل أن يكونوا "غير لائقين" للتجنيد في جيش الباشا، وحتى بعد التجنيد، كيف كان الكثير من الجنود يفرون من المعسكرات، وأحيانا في المعارك نفسها، والطرق التي كان يستخدمها الباشا وابنه في السيطرة على ظاهرة "التسحب" أو الهرب من المعسكر، والأحكام القاسية التي كان يفرضها، ومع ذلك لم تمنع الظاهرة.البحث كشف عن أن عملية التجنيد أضرت بالإنتاج الزراعي في مصر، لأن الكثير من الأراضي كانت لا تجد من يزرعها، بل إن قرى بكاملها كان يهجرها سكانها هربا من لجان التجنيد، وهو ما حاول الباشا معالجته بعد ذلك بوضع سقف لعدد سنوات التجنيد بجعله 15 عاما !!، كما تسبب نزع الأزواج من زوجاتهم لسنوات طويلة لا تبدو لها نهاية في انتشار الفساد الأخلاقي في المعسكرات وفي المجتمع نفسه، حيث انتشر "اللواط" بين الجنود في المعسكرات، كما انحرفت النساء ، وانتشرت الدعارة، وقد استثمر فيها الباشا وفرض على بيوت الدعارة ضرائب، لكنه اضطر في النهاية إلى غلقها في القاهرة، لأنها تسببت في انتشار مرض "الزهري" بين الجنود وفي المعسكرات مما أضر بالجيش واستعداداته، بل انتشرت ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج حتى لا ينجبوا ذرية تتعرض لهذا الذل والسخرة، وقد انتشرت الظاهرة لدرجة اهتمام الباشا بها وإصداره توجيهات لعلاج أسبابها والتخفيف منها، لأنها تضر بإنتاجية الزراعة وبالتالي تضعف قدرات الجيش.يوضح الباحث كيف أن كل ما يتعلق بتأسيس مستشفيات، مثل مستشفى "قصر العيني" كان بالأساس لضرورة عسكرية، وليس لاحتياج مجتمع أو تطويره، والتنظيمات الإدارية كانت كلها لتنظيم عمل الدولة في جباية الأموال لخدمة جيش محمد علي والإنفاق على حملاته الباهظة التكاليف في بلاد بعيدة، عندما امتد طموحه وتوسع، أو عمل منظومة مراقبة وسيطرة على أفراد الشعب لضمان عدم هروب المجندين، باختصار أسس الباشا جيشا ليحقق طموحه الأسري، ثم بدأ ينظم دولته بما يخدم هذا الجيش، ورغم توجيهات الباشا المتكررة بالتحذير من تعليم المصريين خشية تمردهم، وقد نشر الباحث وثائق ذلك بالتفصيل، إلا أنه انتقى عددا من المتعلمين في الأزهر ليرسلهم في بعثات لفرنسا لكي يتعلموا الترجمة وبعض العلوم الهندسية التي يحتاجها الجيش، فكل ما كان يشغله هو خدمة الجيش وتطوير الجيش، والشعب نفسه بالنسبة له همل لا قيمة لهم إلا كشغيلة وفلاحين لتمويل جهود الجيش.يسقط الباحث بشكل كامل تلك الأسطورة التي راجت في كتب المؤرخين في الحقبة الخديوية والملكية ـ أبناء وأحفاد محمد علي ـ عن أن مشروع الباشا هو تحرير مصر من قبضة العثمانيين، أو استقلال مصر القومي، ويوضح بالوثائق الوفيرة أن مشروع محمد علي كان عثمانيا بالكامل، فهو نفسه لا يتكلم العربية، وإنما التركية، وجميع قادة جيشه كانوا من أسرته وأصهاره إضافة لضباط أجانب ألبان وأتراك وشركس وجورجيين ويونانيين دون وجود ولو مصري واحد بينهم، وجميع قادة دولته في الإدارة أو الطب أو السياسة الخارجية أو الهندسة أو أي عمل قيادي من أي نوع كلهم من الأجانب غير المصريين، وبلاط قصره وثيابه وفنونه وثقافته كلها عثمانية، وعندما شق ترعة تصل الإسكندرية بالنيل سماها "المحمودية" على اسم السلطان "محمود"، وكان يقول لزائريه من الأجانب الانجليز والفرنسيين أنه يفعل في مصر ما تفعله بريطانيا في الهند، أي استعمار البلد واستخدام السكان كخدم وعبيد وجنود في الجيش، وكان علم الولاية المصرية وقتها يحمل اسم "محمد علي"، كما أن الباشا نفسه صرح أكثر من مرة بأن مشروعه هو انتزاع ولاية عثمانية له ولأولاده من بعده، وهو ما نجح في تحقيقه في نهاية المطاف، وعندما صدر الفرمان السلطاني العثماني بهذا القرار أقام احتفالا ضخما في القاهرة وتلا فيه آيات الشكر والعرفان ل "صاحب الفضل" مولانا السلطان.يقول المؤلف : "يستحيل أن نعتبر الحروب التي خاضها الباشا، وخصوصا الحروب التي شنها على السلطان العثماني، حروبا للاستقلال القومي، تهدف إلى تحرير المصريين من النير التركي، ولا نستطيع أن نقارنها بحروب اليونانيين مع السلطان، فالأمر لا يقتصر على أن آلاف الفلاحين الذين شكلوا الكتلة الأساسية لقواته المقاتلة كان عسيرا عليهم أن يصدقوا مثل هذا الادعاء، فالباشا ذاته لم يكن بمقدوره أن يفكر في هذه الحروب إلا وفقا لمبادئ أسرية، وقد صرح مرارا بأن ما يسعى إليه هو "إحباط المؤامرات المضادة الأسرتنا " ()، ولم يكن يأمل فيما هو أكثر من "تدعيم أسس أسرتي الحاكمة" ()، و "نحت مكانا لأسرتي وسلالتي الحاكمة في التاريخ، لتظل في الذاكرة لأربعة أو خمسة قرون" ()" ـ

ملحوظة: الأقواس التي تركتها إشارة للوثيقة التي اقتبس منها كلام الباشا.



المصدر
 
الجزء الثاني:

لماذا قاوم المصريون مشروع محمد علي باشا ؟نستكمل الرحلة مع كتاب خالد فهمي "كل رجال الباشا" :يذهب خالد فهمي في كتابه "كل رجال الباشا" إلى أن تبلور الشعور الوطني عند المصريين لم يكن رؤية صنعها محمد علي أو كانت بدافع من مشروع الباشا أو طموحه أو تخطيطه، بل العكس تماما، تبلور تلك الروح كانت بدافع من روح المقاومة لمشروع محمد علي، وتحدي المصريين له قدر استطاعتهم، وقدر ما أمكنهم، وهو يرصد عدة ثورات جرت ضد محمد علي، منها في الصعيد ثورة"قنا"، وفي الدلتا "ثورة المنوفية"، بعضها ثورات مسلحة تم قمعها، وثورات أخرى سلمية بالتمرد على قراراته أو التهرب من الالتزام بها، فكان العدو الأول بالنسبة للمصريين ـ كما يرى الباحث ـ هو جيش الباشا وقادة دولته الأجانب لغة وهوية وثقافة، وليس الحجازيين أو السودانيين أو الشوام أو اليونانيين الذين ساقهم سوقا لمقاتلتهم، وكان الباشا يقابل ذلك بروح الشك وضعف الثقة في المصريين، لدرجة أنه استعان بضباط من جيش نابليون الذين كانوا يحتلون مصر وقاومهم المصريون وطردوهم من بلادهم، لكي يكونوا قادة في الجيش الذي أنشأه وجعلهم سادة على الجنود المصريين !، بل الأغرب من ذلك عندما انتصر جيش الباشا في الشام على العثمانيين، وأسر عددا كبيرا من الضباط العثمانيين، استخدمهم بعد ذلك ضباطا في جيشه ووظفهم فيه ليكونوا قادة على الجنود المصريين الذين هزموهم في ساحة المعركة.يقول الباحث : "وضع هذا الكتاب مصر وحكم الباشا الطويل داخل العالم العثماني الأكبر، ولم يعتمد فحسب على أن مصر كانت من الناحيتين الاصطلاحية والقانونية ولاية عثمانية، وإنما أيضا على أن محمد علي وكل كبار موظفيه كانوا «عثمانيين»: فقد نشأوا في أجزاء مختلفة من الدولة العثمانية، وكانوا يتحدثون التركية وعلى علم بتاريخ الدولة والأخطار التي تواجهها، وكانوا يفكرون في طبيعتهم وفقا للمصطلحات التركية فكانت أعينهم ترنو إلى آفاق هي أساسا نفس آفاق العالم العثماني، حين ننظر في سيرة محمد علي من هذا المنظور لن تبدو لنا سيرة لقائد وطني قاتل باجتهاد ليخلص مصر من عبء القهر الأجنبي الثقيل، ولكن كمصلح إشكالي للدولة العثمانية، لم يكن محمد علي في عمله هذا مدفوعا بأية رغبة في تحسين نصيب المصريين، ناهيك عن إنقاذهم من القهر الأجنبي، وإنما كان مدفوعا برغبته الملحة الثابتة في تأمين وضعه القلق كوال على مصر".يرصد الباحث الاحتقار الشديد الذي كان يحمله الباشا للمصريين، وكيف أنه كان يتعامل معهم كعبيد، وكان يصفهم لزواره الأجانب بالبهائم الجهلة، وأنه لا يصلح لهم إلا القهر والسوط، وكيف كان اهتمام الباشا بضباطه فقط وهم من العثمانيين أو الأجانب بشكل عام، ولا يجوز للفلاح المصري أن يترقى في الجيش لمنصب قيادي، وإذا أفنى عمره في خدمة الباشا فإن أقصى ما يصل إليه رتبة ملازم لا يتعداها بأي شكل من الأشكال، وكيف أرسل الآلاف منهم ليموتوا في صحراء جزيرة العرب لمجرد استجلاب عطف السلطان العثماني ورضاه واستجابة لأمره، وكذلك الآلاف الذين ماتوا في السودان أو الذين غرقوا أو دفنوا في الجزر اليونانية أثناء حرب "المورة"، أو من ماتوا ودفنوا في الشام "سوريا وفلسطين ولبنان" أثناء حملاته المستمرة هناك وصولا إلى الأناضول لمحاربة جيش السلطان، وكان الفلاح الذي يموت يتم إغلاق ملفه في كشوف الجيش لقطع راتبه، وإذا ترك ميراثا من أموال أو ممتلكات تتم مصادرتها لصالح الجيش، وإذا أصيب بعاهة مستديمة يتم تجاهله، وإلقاؤه في الشارع، ويذكر المؤلف بعض الوثائق التي تتحدث عن استعطاف جنود معاقين للباشا لصرف "معاش" لأنهم لم يعودوا قادرين على أي عمل يطعمون به أنفسهم وأطفالهم.يقول الباحث : "أظهر الجنود من خلال الانتفاضات والتمردات العديدة، وأعمال التحدي الصغيرة المتكررة، وقبل كل شيء من خلال التسحب وأعمال التشويه الذاتي التي تفوق الحصر، أنهم كانوا يستطيعون، واستطاعوا بالفعل أن يحتفظوا لأنفسهم بمساحة يستطيعون انطلاقا منها أن يقاوموا السلطة؛ حيث استطاعوا انطلاقا منه أن يؤكدوا حقوق إرادتهم الخاصة فوق نظام حكم حاول أن يستعبدهم ويجردهم من آدميتهم، على الرغم من الوحشية التي تعامل بها مع تلك المقاومة، لدرجة أنه كان يأمر باعتقال زوجات "المتسحبين" ـ الفارين من الجيش ـ ويقوم بشنقهن وتعليق جثثهن في مداخل القرى التي يعيشون فيها لترويع الباقين.يرصد الباحث التباين الكبير في الجيش ، بين القيادة والجنود، وهو أغرب جيش، فضباطه يتكلمون التركية ولا يعرفون العربية، والجنود يتكلمون العربية ولا يعرفون التركية، لذلك كان يحتاج إلى مترجمين، وكانت الكتب العسكرية تطبع أحيانا بنسختين إحداهما عربية والأخرى تركية، كما أن رواتب الضباط كانت في سقف مختلف تماما عن الراتب الضعيف للغاية للجندي، والذي يصل إلى 15 قرش في الشهر، في حين أن الضابط يتقاضي 1500 قرش فما فوق شهريا، هذا فضلا عن التمييز الكامل بين الضباط الأجانب والجنود المصريين في الكسوة والمبيت والطعام ومختلف وجوه الخدمات، حيث كان الجندي يعامل كعبد، بل وصلت استهانته بآدمية المصري إلى حد أنه كان يرسل بعض الجنود الفلاحين كفئران تجارب يجرون عليهم اختبارات بعض الأوبئة.يكتب الباحث عن حروب الباشا ضد السلطان محمود، وانتصارات إبراهيم باشا ـ ابن محمد علي ـ على جيش السلطان في معركة "قونيه" التاريخية، حيث أصبح الطريق مفتوحا إلى العاصمة "إسطنبول"، لكن الحسابات السياسية للباشا منعت تقدم جيشه، خشية التدخل الروسي، مع افتقار الباشا للشرعية التي تسمح له باحتلال عاصمة الدولة وإزاحة السلطان، ثم يشرح بالتفصيل المعادلة الدولية التي كانت أطرافها الأساسية بريطانيا وفرنسا وروسيا، أمام تحدي محمد علي وتهديده لرجل الشرق المريض "وصف الدولة العثمانية وقتها"، وكيف تدخل البريطانيون وأجبروا الباشا على الانسحاب من سوريا والأناضول إلى مصر، رغم كل الخدمات التي قدمها الباشا للانجليز تجاريا وعسكريا، لكن قلقهم من تمدده زاد بعد أن بدأ النفوذ الروسي يتزايد في إسطنبول بما يهدد مصالح بريطانيا في الهند وآسيا، ويوضح الباحث كيف أغراه الانجليز بأن يطلبوا من السلطان إصدار فرمان بجعل ولاية مصر ميراثا له ولأولاده الذكور من بعده، وهو ما حدث بالفعل، وقد حاول الباشا ـ في البداية ـ التملص من هذا التهديد كيلا ينسحب من سوريا، لكنه في النهاية رضخ له لأنه أدرك أنه لن يقو على تحديه عسكريا.يقول الباحث: "إن الباشا وسلطاته قد نجحوا حقا في القبض على أجسام عشرات الآلاف من الرجال المصريين، وأنهم نجحوا أيضا في تدريبهم وتجميع جهودهم ليشكلوا منها جيشا انضباطيا حديثا. وترتب على ذلك أن الباشا استطاع في شيخوخته أن يحقق ما كان يطمح فيه دائما، وهو تحديدا أن يضمن لنفسه ولأسرته من بعده حكم أراضي مصر الغنية، وبالفعل ظلت مصر لمائة عام بعد موته تحت حكم أفراد من سلالته. ومع ذلك فإن الجنود أثبتوا، بمقاومته هو وسلطاته، وبتقويض بنية جيشه المبهرة القوية أنهم لم يكونوا جزءا من مشروعه.. وأنهم كانوا متورطين فيه رغما عنهم.. وأنهم حاولوا أن يقاوموه بكل الوسائل المتاحة والمتخيلة، فإذا كان المرء يصدق الروايات الوطنية عن الباشا وآلته العسكرية بغير حس نقدي فهنا فقط سيسلم بأن هؤلاء الجنود كانوا بالفعل رجال الباشا، أما أنا فليس عندي أدنى شك في أنه لم يكن يوما رجلهم".كتاب خالد فهمي من أفضل ما كتب عن تجربة جيش محمد علي، إن لم يكن أفضلها على الإطلاق، وهو يتميز عما سبقه بأنه لم يأخذ الروايات الشائعة، التي كتبها مؤرخون أيام حكم أولاد وأحفاد الباشا، وإنما ذهب في رحلة مضنية إلى الوثائق الرسمية لتلك الفترة، إلى الأرشيف العثماني في اسطنبول، ودار الوثائق القومية في القاهرة، والأرشيف البريطاني والفرنسي والوثائق الشامية، وهي رحلة صعبة جدا لكنه صبر معها حتى أخرج لنا تلك التحفة العلمية بالغة الأهمية، والتي نجح فيها في أن يخرج من أسر الكتابات المفعمة بالميول العاطفية الوطنية، لكي يجلي لنا حقيقة تجربة محمد علي، ويبدد المزاعم التي انتشرت عن كونه قائدا لاستقلال مصر أو تحديث مصر.والحقيقة أن كتاب خالد فهمي يأتي ضمن موجة جديدة من "التأريخ" لمصر الحديثة في أواخر الحقبة العثمانية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، موجة جديدة جريئة ومتمردة على مسلمات "عواطف قومية" جرى تمريرها سابقا على يد أمثال أمين سامي وعبد الرحمن الرافعي وعبد الرحمن زكي وغيرهم، ومن تلك الجهود العلمية الجريئة والمتمردة أيضا كتابات المتميزة "نيللي حنا" و"رؤوف عباس"، وإذا قدر لهذه الموجة الاكتمال فستعيد تشكيل الوعي المصري جذريا بتاريخ بلاده في تلك الحقبة.​


المصدر
 
صدقت ، والحمد لله على نعمه علينا وعليكم ، ولكن ، الموضوع يتعلق بشيء ، في اعتقادي ، أنه مهم.

أخي العزيز، أقدّر نشاطك ومشاركاتك، لكن ليت تركيزك يكون أكثر على المواضيع التي تُثري الحوار وتعود بالنفع على الجميع، بدلاً من الدخول في نقاشات جدلية لا تنتهي. المنتدى هدفه تبادل الفائدة، ووجودك معنا مهم وأكثر فائدة عندما يكون الطرح هادفاً.
 

بدلاً من الدخول في نقاشات جدلية لا تنتهي. المنتدى هدفه تبادل الفائدة، ووجودك معنا مهم وأكثر فائدة عندما يكون الطرح هادفاً.

ممكن تشرح لي ، بارك الله فيك ، ما النقاشات الجدلية التي دخلت فيها ؟!، وهل هي تختلف عن نقاشاتك أنت مع الأخرين؟!.
 
.يوضح الباحث كيف أن كل ما يتعلق بتأسيس مستشفيات، مثل مستشفى "قصر العيني" كان بالأساس لضرورة عسكرية، وليس لاحتياج مجتمع أو تطويره، والتنظيمات الإدارية كانت كلها لتنظيم عمل الدولة في جباية الأموال لخدمة جيش محمد علي والإنفاق على حملاته الباهظة التكاليف في بلاد بعيدة، عندما امتد طموحه وتوسع، أو عمل منظومة مراقبة وسيطرة على أفراد الشعب لضمان عدم هروب المجندين، باختصار أسس الباشا جيشا ليحقق طموحه الأسري،​

هذا الاقتباس ، وما بعده ، في النص المقتبس منه ، يوضح فكرة ما كنت أقوله في مسألة توظيف الفراعنة للعلم والاقتصاد المصري ليصب في مصلحة الفرعون ومن حوله ، في موضوع سابق عن الفراعنة ، ولكن ، بعض الإخوة المصريين ، يتحسسون في قراءة مثل هذا الطرح.​
 
الموضوع لم ينته بعد ، والفصل الرابع ، يبدأ الموضوع يتبلور بوجه عام ، ولكني ، لم انته من صياغته للآن.
 
الفصل الرابع: محمد علي باشا وسياسة الهوية الفرعونية: تأصيل الهوية الوطنية وبزوغ الفكر الفرعوني الحديث

مقدمة:

مع مطلع القرن التاسع عشر، وقعت مصر تحت حكم محمد علي باشا ، الرجل الذي أحدث تحولاً جذرياً في بنية الدولة المصرية على المستويات العسكرية والاقتصادية والثقافية ، إلى جانب إصلاحاته العميقة، أبدى اهتماماً بالحضارة الفرعونية ، لكن هذا الاهتمام لم ينبع من مبادرة شخصية أو شغف وطني صرف ، بل تأثر بشكل كبير بتوجيهات بعثات علمية أوروبية ، خاصة فرنسية وبريطانية ، التي رأت في دراسة الآثار المصرية وسيلة لتعزيز مكانة مصر تاريخياً وسياسياً ، والسيطرة عليه ، كراعية للحضارات الإنسانية.
تجدر الإشارة إلى أن هناك نصوصاً ورسائل واضحة تكشف أن دعم استكشاف الحضارة الفرعونية لم يكن فقط لأغراض علمية ، بل كان جزءاً من مشروع أوروبي أوسع لتأسيس رابط فكري بين مصر الحديثة وأجدادها القدماء ، بهدف تقليل التأثير العربي والإسلامي في مصر ، ومنح أوروبا موطئ قدم فكري وسياسي قوي في البلاد ، هذه الاستراتيجية كانت تلاقي تجاوباً من محمد علي نفسه ، الذي تواطأ مع القوى الاستعمارية الغربية في فصل مصر عن محيطها العربي والإسلامي ، ليس فقط بدوافع سياسية ، بل انطلاقاً من رغبة شخصية جشعة في التملك والسيطرة.
كما يظهر في كتاب خالد فهمي "رجال الباشا"، انبهار محمد علي بالغرب كان مصحوباً بازدراء واضح للمصريين العاديين ، الذين وصفهم بالبهائم ، ما يعكس نظرة احتقارية تجاه شعبه ، ويدل على أبعاد عميقة في شخصيته تجمع بين طموحات سياسية مكثفة وجشع ورغبة في فرض هيمنة ثقافية وسياسية عبر التماهي مع الغرب ، بل هناك أدلة موثقة ، تكاد تجعله وجيشه مرتزق لأجل فرنسا في حرب الجزائر ، ولولا تراجع الفرنسيين ، لأسباب سياسية وقومية ولوجستية ، وهذه الثلاث القوائم الثلاث ، هي بالضبط ما جعلت فرنسا تتراجع ، بالإضافة للتأثير البريطاني على الباشا في الرفض.

محمد علي باشا وتأسيس الفكر الفرعوني الحديث:
تشير الأبحاث التاريخية إلى أن فكرة تأصيل الهوية الوطنية المصرية عبر الربط بالحضارة الفرعونية القديمة كانت في الأصل طرحاً أوروبياً أكثر منه مشروعاً شخصياً لمحمد علي ، ففي مراسلات بين علماء فرنسيين وبريطانيين من جهة ومحمد علي من جهة أخرى ، يلاحظ دور هؤلاء العلماء في إقناعه بأهمية استكشاف التاريخ المصري القديم واستثماره كجزء من بناء "مشروع قومي" يعزز مكانة مصر المستقلة ، بعيداً عن إرثها العربي والإسلامي ، وهو ما كان يطمح له الباشا من الأساس ، وهو عزل مصر عن محيطها والتأثير عليه في حكمها له.

نصوص أو تقارير توثق توجهات القوى الغربية وتشجيعها لمحمد علي:

1. كريستيان لوبان - "محمد علي ومصر الحديثة":

في كتابه "محمد علي ومصر الحديثة"، يتحدث المؤرخ كريستيان لوبان عن الدور الذي لعبته أوروبا في تحفيز محمد علي للاهتمام بالحضارة الفرعونية ، مشيراً إلى أن هذه الحوافز كانت جزءا من مشروع أوسع لتعزيز مكانة مصر في سياق سياسي وثقافي أوروبي، وبحسب لوبان:
"لم تكن خطوة محمد علي في ترميم المعابد والآثار القديمة مجرد رغبة في الحفاظ على التاريخ، بل كانت وسيلة استراتيجية لتعزيز مكانة مصر في العالم ، لقد تأثر بشدة بعلماء الحملة الفرنسية الذين قاموا بدراسات عن مصر القديمة ، فاعتبر أن الاهتمام بحضارة الفراعنة يمكن أن يكون أساساً لمشروع قومي يعكس هوية مصر المستقلة".

2. مراسلات وتقارير تاريخية
تقارير بعثة نابليون إلى مصر (1798 – 1801):

ضمن التقارير الرسمية التي أعدها علماء البعثة ، كانت هناك إشارات واضحة إلى أن دراسة الحضارة الفرعونية يجب أن تبرز الفارق الثقافي الكبير بين مصر الفرعونية ومصر العربية الإسلامية ، وذلك بهدف تبرير التدخل الأوروبي تحت شعار "إعادة اكتشاف الحضارة العظيمة".
الجنرال دي بيرني، ومنسق البعثة ، كان يذكر في بعض الوثائق أن هدفهم كان إعادة مصر إلى "عظمتها الأصلية" بعيدا عن "جهل التخلف العربي الإسلامي".
تقارير رئيس البعثة بيرنييه وشارل فورييه تحتوي إشارات إلى أن إبراز الحضارة الفرعونية يهدف إلى توثيق وجود "أمة مصرية قديمة" منفصلة عن الهوية العربية ، الوثائق محفوظة في الأرشيف الوطني الفرنسي ضمن قسم الوثائق المتعلقة بالبعثة العلمية في مصر ، مقتطف من تقرير بيرنييه:
"إظهار عظمة مصر الفرعونية يمنح فرنسا نفوذاً فكرياً وسياسياً على الأرض المصرية ، ويضع حدوداً واضحة بين المصريين القدماء والشعب العربي المسلم الحالي..... هذا الفصل يمكن أن يستغل لصالح الهيمنة الفرنسية".
رسالة دي توكفيل (مبعوث فرنسي إلى محمد علي، 1825):
"إن دعم اكتشاف الحضارة المصرية القديمة لا يهدف فقط إلى العلم ، بل لتأسيس رابط فكري بين مصر الحديثة وأجدادها ، مما يقلل من تأثير العرب والمسلمين ويمنح أوروبا موطئ قدم فكري وسياسي في البلاد.".
وثائق وزارة الخارجية البريطانية:
تقارير دبلوماسية من 1820-1840 تشير إلى أن بريطانيا كانت ترى في إبراز الحضارة الفرعونية وسيلة لتشتيت الولاء العربي والإسلامي في مصر، وتقليل تأثير العثمانيين.
تقرير من عام 1834 يقول:
"تشجيع محمد علي على فتح الأبواب للمستكشفين الأجانب هو سياسة نابعة من رغبة في فصل مصر عن الخلافة، وتهيئة الأرض للحكم الأوروبي.".
·تقرير دبلوماسي بريطاني (1837):
"بما أن مصر لم تعد خاضعة مباشرة للخلافة، فإن تسليط الضوء على إرثها الفرعوني سيخلق شعوراً وطنياً مختلفاً ، يمكن الاستفادة منه في تقليل الدعم المحلي للعثمانيين، وفتح الباب أمام النفوذ البريطاني".

تقرير من الدبلوماسي الفرنسي أوغست ماريه:
يصف كيف أن البحث عن الآثار كان يستخدم لإضعاف سلطة العلماء العرب والمؤسسات الدينية المحلية ، وخلق حالة من الاستعمار الثقافي.
رسائل جيوفاني بلزوني:
المستكشف الإيطالي الذي عمل في عهد محمد علي باشا ، كتب في مذكراته تقارير إلى علماء أوروبيين عن اكتشافاته ، وفي إحدى رسائله ، أشار إلى أنه كان يحاول إقناع الأوروبيين وأحيانا الحاكم المصري بأهمية الآثار الفرعونية كمصدر للقوة الثقافية التي تفصل مصر عن محيطها العربي والإسلامي ، وأشار إلى أهمية الكشف عن الحضارة الفرعونية كنقطة انطلاق "لإعادة تشكيل هوية مصر بعيداً عن التقاليد العربية الإسلامية"، وهو توجه تلقى دعما ضمنياً من الأوروبيين.
وفي رسالة موجهة إلى محمد علي باشا عام 1827 (الرسائل محفوظة في أرشيفات المتاحف البريطانية):
"إن اكتشاف أسرار ماضي مصر العتيق سيساعد في إيقاظ الفخر الوطني بمجد الأجداد، وبالتالي خلق هوية مصرية مستقلة عن الخلافة العثمانية والعالم العربي الإسلامي".
وهذه الرسالة تشير بوضوح إلى علم محمد علي بهذا الفصل لمصر عن العمق الإسلامي والعربي، وتواطئه في ذلك ، معبراً عن جشع ورغبة في التملك ، وانبهاره من الغربيين ، وازدرائه للمصريين البسطاء.

3. نصوص في كتب ودراسات تاريخية
إدوارد سعيد - كتاب "الاستشراق" (ملاحظة: إدورد سعيد ، عربي نصراني):

يناقش سعيد كيف استخدم الغرب دراسة الحضارات القديمة ، ومنها الحضارة الفرعونية ، كأداة لتشكيل صورة مصر وهويتها بعيداً عن الانتماء العربي والإسلامي ، في إطار خطاب استشراقي يهدف إلى السيطرة الفكرية والثقافية.
الكتاب يشير إلى أن هذا النهج كان جزءاً من استراتيجية أكبر لفصل مصر ثقافياً عن محيطها الطبيعي ، وبالتالي تسهيل السيطرة السياسية والاقتصادية عليها.
وليد الخالدي (في كتابه عن الاستعمار الثقافي في مصر):
يشرح أن الاهتمام الفرنسي بالحضارة الفرعونية جاء ضمن سياسة:
"تفكيك هوية مصر المعاصرة عبر عزل ماضيها القديم عن حاضرها، ما ساعد على بسط النفوذ الأوروبي".
تشارلز تاونلي وأبحاثه في الحضارة الفرعونية:
تاونلي وأمثاله من علماء الآثار الأوروبيين كانوا يؤكدون على "تفوق الحضارة الفرعونية" باعتبارها أصل الحضارة الإنسانية، متجاهلين أو منتقصين من تأثير الثقافات الإسلامية والعربية في مصر ، وهو ما يعكس توجهاً سياسياً ضمناً ، هذا بخلاف البعد العقائدي بيننا وبينهم.
كتب تاريخية استعمارية بريطانية وفرنسية:
في بعض الكتب التاريخية الصادرة في القرنين التاسع عشر والعشرين ، يلاحظ الباحثون تكرار سرد تاريخ مصر كحضارة متقدمة انفصلت عن محيطها العربي، وأعيد اكتشافها عبر المستشرقين الغربيين، وهو خطاب يدعم الهيمنة الثقافية والسياسية.

4. نصوص واضحة على الاستعمار الثقافي والهيمنة الغربية
أوجوست مارييه، مؤسس علم الآثار الحديث في مصر:

في خطاب أمام الجمعية الفرنسية للحضارات الشرقية عام 1860 قال:
"إن الشعب المصري المعاصر يعيش في ظلام الجهل ولا يعرف قدر تاريخه العظيم، ونحن الفرنسيون نتحمل مسؤولية إنقاذ هذه الحضارة ، وإعادتها إلى مجدها الأصلي ، لا يمكن لمصر أن تحافظ على آثارها دون إشراف أوروبي ، فهذه الكنوز هي ميراث الإنسانية التي أوكلت حمايتها إلينا.".
جون كيندال، مؤرخ ومستشرق بريطاني:
في كتابه "آداب وعادات المصريين القدماء" (1837):
"إن المصريين الحاليين قد فقدوا صلة حقيقية بماضيهم المجيد ، وعلينا نحن الغربيين أن نكون حراس هذا الإرث العظيم ، وأن نعيد ترتيب هذا التاريخ الذي لا يعرفونه".
ماثيو أرنوود (Matthew Arnold) – ناقد أدبي بريطاني:
في كتاباته التي تناولت الحضارات القديمة، أعرب عن فكرة:
"أن الحضارة الغربية هي وريثة الحضارات القديمة العظيمة، وأن الشعب الأوروبي هو القادر الوحيد على إحياء هذا التراث وحمايته من الفناء ، بينما الشعوب المحلية تفتقر إلى هذه القدرة".

5. دراسات وتحليلات تاريخية حديثة
كتب مثل "سياسات الآثار في مصر" توثق كيف استغل الاهتمام بالآثار الفرعونية في القرنين 19 و20 كأداة سياسية من قبل القوى الاستعمارية لفصل الهوية المصرية عن محيطها العربي.
مؤرخون مثل هيلين جولدمان في كتابها "سياسات الآثار في مصر" (2004)، تحدثوا عن "الاستعمار الثقافي" المصاحب للاكتشافات الأثرية في عهد محمد علي، وحللوا كيف استخدمت القوى الغربية الآثار المصرية كأداة فصل ثقافي بين مصر وحضارتها الإسلامية والعربية ، لتبرير تدخل سياسي لاحق ، فتقول:
"الآثار لم تكن مجرد كنوز علمية، بل كانت أسلحة ثقافية في معركة النفوذ بين الغرب والإسلام".
إليوت كولا في كتابه "الآثار المتضاربة" (2008):
يؤكد أن تطور علم المصريات كان جزءاً لا يتجزأ من تأسيس نظام استعماري جديد في مصر، ويشير إلى أن علماء المصريات الأوروبيين استخدموا الآثار لدعم الهيمنة الاستعمارية.

خلاصة
شجعت القوى الغربية ، خاصة فرنسا وبريطانيا ، محمد علي على تمكين بعثات التنقيب الأثري ، بدافع رسمي علمي ، لكن خلف الكواليس كان هناك توجه سياسي واضح لإبراز الحضارة الفرعونية كهوية منفصلة ، لتفتيت الروابط مع العالم العربي والإسلامي ، ومهد هذا الفصل الطريق لهيمنة استعمارية أوروبية على مصر، من خلال خلق حالة من "الاستعمار الثقافي" الذي يسبق الاستعمار السياسي والاقتصادي.
ورغم صمت كثير من علماء الأزهر آنذاك ، أو انشغالهم بالصراعات الداخلية وردود الفعل المحافظة تجاه الإصلاحات ، فإن الهوية القومية الحديثة، المستمدة جزئيا من الفراعنة ، تشكلت في فضاء جديد أنشأه محمد علي ، حيث فتح الباب للصحافة والمدارس الحديثة ، وقلص إلى حد كبير على المؤسسات الدينية التقليدية ، ودورها في الحياة الاجتماعية والتعليمية ، وإذا أحسنا الظن ، فمن المرجح أن كثيرا من علماء الأزهر لم يدرك أصلا هذا المشروع وغاياته.​
 
الحقيقه شرح وافر وجهد مميز..

التمهيد وشرح الجينيوم والاعراق..

ربما يجد البعض ملل إذا اخذ الاتجاه للنظريات فهي تحتاج إلى تفكير معمق وقدره ع الربط والاستنتاج والتحليل الخ.. يختلف البشر بعضهم يقبل حقاذق واقع..


عموما لايحتاج الأمر جهد كثيير.. يستطيع البدوي الجلف الفطن تبسيط واختصار سطور طويله... من ملاحظاته مشاهداته.. للناس والتفكير الجمعي والوطن والامه الخ..

.. مافيه شك مصر ع حوض البحر المتوسط.. ترتبط الاسكندريه بعلاقات وثقافات وهجرات؟؟ فممكن تجد مصري يحب مصر وجذوره قبرص أو من جزيرة كريت ويقولك انا فرعوني ويضحي من مصريه

وتحد القبطي يقولك صل ع النبي.. لكن الانتماء لمصر

الحقيقه بخرج الان الموضوع عميق وممتع وان شاء الله لي عوده تحياتي
 

أخي العزيز، أقدّر نشاطك ومشاركاتك، لكن ليت تركيزك يكون أكثر على المواضيع التي تُثري الحوار وتعود بالنفع على الجميع، بدلاً من الدخول في نقاشات جدلية لا تنتهي. المنتدى هدفه تبادل الفائدة، ووجودك معنا مهم وأكثر فائدة عندما يكون الطرح هادفاً.

كنتُ اتمنى أنك فسرت هذا النقد بصورة واضحة ، ولم تجعله بهذه الضبابية المبهمة ، ولكن ، بما أنك لم تكمل وتوضح ، سوف أوضح رؤيتي لهذا الاقتباس ، ولن اتطفل على مشاركاتك مع الأخرين ، والتي تحاكي بوضوح ، ولو بالنسبة لي ، ما تنتقده في الأخرين ، ولكن ، لنجعل الموضوع بيني وبينك فقط.

أخر حوار ، دار بيني وبينك ، قبل هذا التداخل ، تفضلت بنقد رد لي ما قاله أحد البربر عن العرب :"أينما حل العرب ، حل الخراب". عشرة ردود جدلية منك بلا أي مبرر ، بل اقتباسك الأول لردي على ذلك الأمازيغي ، والذي شمل العرب كلهم في الخراب ، لم يكن له أي مبرر من الأساس ، وهو ما يحق أن نقول عليه ، وبصريح العبارة "جدل من أجل الجدل" ، فضلا عن ردودك التفسيرية اللاحقة له.​
 
الحقيقه شرح وافر وجهد مميز..

التمهيد وشرح الجينيوم والاعراق..

ربما يجد البعض ملل إذا اخذ الاتجاه للنظريات فهي تحتاج إلى تفكير معمق وقدره ع الربط والاستنتاج والتحليل الخ.. يختلف البشر بعضهم يقبل حقاذق واقع..


عموما لايحتاج الأمر جهد كثيير.. يستطيع البدوي الجلف الفطن تبسيط واختصار سطور طويله... من ملاحظاته مشاهداته.. للناس والتفكير الجمعي والوطن والامه الخ..

.. مافيه شك مصر ع حوض البحر المتوسط.. ترتبط الاسكندريه بعلاقات وثقافات وهجرات؟؟ فممكن تجد مصري يحب مصر وجذوره قبرص أو من جزيرة كريت ويقولك انا فرعوني ويضحي من مصريه

وتحد القبطي يقولك صل ع النبي.. لكن الانتماء لمصر

الحقيقه بخرج الان الموضوع عميق وممتع وان شاء الله لي عوده تحياتي

الموضوع بظني ، لا يتناول اختلاف الأعراق ، فهذا تحصيل حاصل في مصر بالذات ، ومعروف لدى جميع الباحثين والمهتمين هذا الأمر ، وحتى ما قيل في بداية سعي الفرعون الأول (سينا) ، في السيطرة على الدلتا ، ذكر أن فيها قبائل مختلفة عن ماهو موجود في الجنوب ، صحيح أن النقوش لم تبين ماهية القبائل تلك ، ولكنها ، في الأساس مختلفة عن مافي الجنوب ، هذا إذا اضفنا لها الهجرات التاريخية من أكثر 3000 سنة ، والاحتلالات الغازية لمصر ، والتغيير الديموغرافي المتكرر عبر التاريخ ، حتى ظهور الدولة المصرية الحديثة والجنسية المصرية ، وبدأت بتعريف الجينوم ، وخاصة "كروموسوم Y" ، لأبين استحالة الربط من الأساس بالتسلسل الأبوي ، كما هو حاصل لدى العرب ، ولكن الموضوع أعمق من هذا بنظري ، وبقي فيه كذا فصل لم ينته بعد.​
 
الموضوع بظني ، لا يتناول اختلاف الأعراق ، فهذا تحصيل حاصل في مصر بالذات ، ومعروف لدى جميع الباحثين والمهتمين هذا الأمر ، وحتى ما قيل في بداية سعي الفرعون الأول (سينا) ، في السيطرة على الدلتا ، ذكر أن فيها قبائل مختلفة عن ماهو موجود في الجنوب ، صحيح أن النقوش لم تبين ماهية القبائل تلك ، ولكنها ، في الأساس مختلفة عن مافي الجنوب ، هذا إذا اضفنا لها الهجرات التاريخية من أكثر 3000 سنة ، والاحتلالات الغازية لمصر ، والتغيير الديموغرافي المتكرر عبر التاريخ ، حتى ظهور الدولة المصرية الحديثة والجنسية المصرية ، وبدأت بتعريف الجينوم ، وخاصة "كروموسوم Y" ، لأبين استحالة الربط من الأساس بالتسلسل الأبوي ، كما هو حاصل لدى العرب ، ولكن الموضوع أعمق من هذا بنظري ، وبقي فيه كذا فصل لم ينته بعد.​

سوال وانا ع عجاله من أمري..

يلاحظ ان العرب لم ينشروا الإسلام ف أفريقيا وامتد أدهم يصل إلى جنوب السودان فقط.. بينما انتشر وتوسع بعيدا إلى الشرق والغرب
مالأسباب.. علما ان الرابط مصر تمثل حضن إسلامي منيع لا شك ف ذلك ومنها ينطلق الدعاه وغيرهم
 
سوال وانا ع عجاله من أمري..

يلاحظ ان العرب لم ينشروا الإسلام ف أفريقيا وامتد أدهم يصل إلى جنوب السودان فقط.. بينما انتشر وتوسع بعيدا إلى الشرق والغرب
مالأسباب.. علما ان الرابط مصر تمثل حضن إسلامي منيع لا شك ف ذلك ومنها ينطلق الدعاه وغيرهم

الكلام عن الدعاه قديما وحديثا...

علما انه ومن قبل قرن ويمكن أكثر. . من يحاول تصدير الرقص الشرقي ويستميت من أجل إيصال التفاهات للعالم

سوال ثاني

هل يمكن يكون للكروموسات أو الجينيوم والعرق دور في ان يفتخر الإنسان بشيء يفترض خجله منه. وانه يصدر للعالم شئ يليق بوطنه ويليق برجولته وعمله الذي يقدمه للعالم..

طبعا فيه منتجات لدول كثيره تصدرها للعالم دول مختلفه عربيه وغيرها بعضها متخلف

ومع تخلفه وتفاهته يجد صدى واعجاب من الناس
مدري يمكن له علاقه بهذا الزمن.. أو هو انحدار القيم لا اعلم بس اتمنى احد عندك تفسير تحياتي واسف ع الاطاله
 
سوال وانا ع عجاله من أمري..

يلاحظ ان العرب لم ينشروا الإسلام ف أفريقيا وامتد أدهم يصل إلى جنوب السودان فقط.. بينما انتشر وتوسع بعيدا إلى الشرق والغرب
مالأسباب.. علما ان الرابط مصر تمثل حضن إسلامي منيع لا شك ف ذلك ومنها ينطلق الدعاه وغيرهم

بالضبط لا أعرف.
كل الذي اعرفه ، أنه كانت هناك حملة توجهت للجنوب ، ولكن خسرت في معركة هناك ، نسيت ما هي المعركة ، ولا أدري لماذا لم يتم التوجه للحبشة عن طريق اليمن ، وذلك لارتباط اليمن تاريخيا بالحبشة ، لا أعرف ، ربما بسبب عدم معرفة العرب حينها بالبحر ، أو أشياء أخرى.
أما الشرق ، فاعتقد أنه لسببين:
الأول : الخوف على مصر من رجوع بيزنطة ، بمساعدة البربر ، أو تحريض من البربر من بيزنطة.
الثاني : جغرافية الشرق ، مشابهة لحد كبير لجغرافية الجزيرة العربية ، وسهل عليهم التوغل فيها ، بخلاف الجنوب.
 
سوال وانا ع عجاله من أمري..

يلاحظ ان العرب لم ينشروا الإسلام ف أفريقيا وامتد أدهم يصل إلى جنوب السودان فقط.. بينما انتشر وتوسع بعيدا إلى الشرق والغرب
مالأسباب.. علما ان الرابط مصر تمثل حضن إسلامي منيع لا شك ف ذلك ومنها ينطلق الدعاه وغيرهم
الإسلام وصل للحبشه و إثيوبيا و ساحل أفريقيا المطل على المحيط الهندي كله و وصل للدول المطله على المحيط الاطلنطي و الصحراء الكبرى و السافانا

أفريقيا كان فيها نسبه مسلمين عاليه جدا لولا الإستعمار و حملات التبشير مكنش وضعها بقى زي دلوقتي
 
بالضبط لا أعرف.
كل الذي اعرفه ، أنه كانت هناك حملة توجهت للجنوب ، ولكن خسرت في معركة هناك ، نسيت ما هي المعركة ، ولا أدري لماذا لم يتم التوجه للحبشة عن طريق اليمن ، وذلك لارتباط اليمن تاريخيا بالحبشة ، لا أعرف ، ربما بسبب عدم معرفة العرب حينها بالبحر ، أو أشياء أخرى.
أما الشرق ، فاعتقد أنه لسببين:
الأول : الخوف على مصر من رجوع بيزنطة ، بمساعدة البربر ، أو تحريض من البربر من بيزنطة.
الثاني : جغرافية الشرق ، مشابهة لحد كبير لجغرافية الجزيرة العربية ، وسهل عليهم التوغل فيها ، بخلاف الجنوب.
مين قالك العرب موصلوش الحبشه العرب هاجروا للحبشه كثيرا و اكبر هجره كانت لما سقطت الدوله الامويه هاجرت الكثير من القبائل العربيه إثيوبيا هربا من انتقام العباسيين و عملوا مدن و دول اسلاميه هناك لكنهم ذابوا في النسيج المجتمعي

و إثيوبيا لغايت فتره قريبه كان فيها دول اسلاميه كثير

أيضا في ممالك اسلاميه كتير كانت في الساحل الافريقي من الصومال لغايت زنجبار و ممالك أخرى كثيره في جنوب الصحراء الكبرى
 
عودة
أعلى