الهند تبدأ بتسليم مركبات WhAP 8×8 إلى المغرب

يشهد التعاون الدفاعي بين الهند والمغرب نقلة استراتيجية نوعية مع تسليم الدفعة الأولى من المركبات المدرعة . عالية التقنية WhAP 8×8 إلى الجيش الملكي المغربي في 24 ديسمبر 2025.

ويمثل هذا الحدث تتويجاً لشراكة طموحة بدأت باتفاقية عام 2024، وبلغت ذروتها بتأسيس أول مصنع دفاعي هندي خاص في إفريقيا بمدينة برشيد المغربية.

ويأتي تسليم مركبات “صنع في المغرب” هذه في إطار رؤية المملكة المغربية لتعزيز الاكتفاء الذاتي.  في المجال الدفاعي، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وإرساء قواعد صناعة عسكرية وطنية متطورة.

تفاصيل المشروع ومواصفات المركبة

يتميز مشروع WhAP 8×8 بتفاصيل ملموسة طموحة ويستند إلى منصة قتالية متطورة:

• التفاصيل التشغيلية للمشروع: أسس المشروع على اتفاقية 2024، تلاها افتتاح مصنع مساحته 20 ألف متر مربع.  في برشيد بالقرب من الدار البيضاء في سبتمبر 2025، وهو مصنع بدأ عملياته قبل ثلاثة أشهر من الموعد المحدد. وأعلنت مصادر رسمية عن خطة لإنتاج 150 مركبة خلال ثلاث سنوات. تستهدف الخطة رفع نسبة التصنيع المحلي من 35% عند البدء إلى 50% مستقبلاً.

• المواصفات الفنية للمركبة: تم تطوير المركبة بشكل مشترك بين شركة “تاتا للأنظمة المتقدمة . المحدودة” ومنظمة البحوث والدفاع الهندية (DRDO)، وهي مركبة برمائية ومتعددة المهام مصممة لتحقيق توازن بين الحركة والحماية والتسليح. من أبرز خصائصها الهيكل الأحادي لمقاومة الألغام والصواريخ، ونظام تعليق مستقل للتضاريس الوعرة، ونظام أسلحة يتم التحكم به عن بعد (RCWS) إضافة لقابلية . حمل صواريخ مضادة للدبابات. تتميز المركبة بقدرة تشغيلية تتيح تهيئتها لأدوار متنوعة كمركبة.  قتال مشاة، وناقلة جند، ومنصة استطلاع، وسيارة إسعاف، ومركبة قيادة وسيطرة.

الأهمية الإستراتيجية

تتجاوز هذه الصفقة مفهوم البيع التقليدي لتشكل نموذجاً للتعاون الإستراتيجي طويل الأمد.  بين دولتين تسعيان لتعزيز حضورهما الإقليمي والدولي:

• للمغرب: خطوة جوهرية نحو السيادة الصناعية الدفاعية
  ينسجم المشروع مع توجه المملكةالواضح لتنمية قاعدة صناعية دفاعية وطنية متكاملة،.  حيث يأتي ضمن جهودها لتوطين الصناعات العسكرية بعد إقرار تشريعات محفزة لهذا الغرض. ويتجاوز المشروع مرحلة التجميع ليشمل نقل الخبرات وتدريب الكوادر المغربية، مما يساهم في بناء قاعدة تكنولوجية محلية متقدمة وخلق فرص عمل مباشرة (أكثر من 350 فرصة). بذلك، يعزز المشروع استقلالية القرار الأمني للمغرب ويحد من التبعية للموردين الأجانب في قطاع حيوي.

• للهند: نجاة سياسة “اصنع من أجل العالم” وتمدد صناعي عالمي
  يشكل تسليم المركبات تتويجاً ناجحاً للتحول في سياسة التصنيع الدفاعي الهندية من “اصنع.  في الهند” إلى “اصنع مع الأصدقاء وللعالم”. يمثل المصنع أول منشأة دفاعية لشركة هندية خاصة في القارة الإفريقية، مما يضعها في موقع ريادي للاستفادة من سوق الدفاع الإفريقي المتنامي. كما يعزز هذا النجاح مكانة الهند كشريك دفاعي تكنولوجي موثوق ويفتح آفاقاً للتصدير إلى أسواق أخرى في إفريقيا.

• للديناميكيات الإقليمية: إعادة رسم خريطة الشراكات الدفاعية
  تأتي الشراكة في سياق تعزيز متعدد الأبعاد للعلاقات الثنائية بين البلدين، إذ سبق افتتاح المصنع.  توقيع مذكرة تفاهم لتعاون دفاعي أوسع تشمل التدريب المشترك والتعاون الصناعي. وقد تدفع هذه الخطوة الواثقة دولاً أخرى في المنطقة إلى إعادة تقييم خياراتها في تنويع مصادر التسليح والبحث عن شراكات تتجاوز الموردين التقليديين. ويسهم المشروع أيضاً في ترسيخ رؤية المغرب كمركز إقليمي محتمل للصناعات الدفاعية.

المقارنة مع المشاريع الدفاعية الأخرى

يمكن وضع هذا المشروع ضمن سياق أوسع لحركة تطوير الصناعات الدفاعية الوطنية والتحالفات . الاستراتيجية التي ظهرت في تقارير سابقة:

التحديات والتوقعات المستقبلية

يواجه المشروع تحديات محتملة أهمها قدرة القاعدة الصناعية المغربية على استيعاب التكنولوجيا المتقدمة . وزيادة نسبة المكون المحلي إلى 50% كما هو مخطط. كما أن نجاح المنصة في الاختبارات التشغيلية الحقيقية.  ضمن البيئات الميدانية المغربية سيكون محكاً حقيقياً لكفاءتها.

من المتوقع أن يمهد نجاح هذا المشروع الطريق أمام تعاون هندي-مغربي أوسع في مجالات دفاعية أخرى.  كما سيضع مركبة WhAP 8×8 بقوة في المناقصات العسكرية الإقليمية، مستفيدة من ميزة “الصنع المحلي” في المغرب وإفريقيا.

باختصار، يمثل تسليم أولى مركبات WhAP 8×8 المغربية أكثر من مجرد صفقة عسكرية؛ فهو نموذج عملي ناجح لشراكة إستراتيجية “ربح-ربح”.

وبالنسبة للمغرب، هو خطوة محورية نحو السيادة التكنولوجية والاستقلال في قراره الدفاعي. وبالنسبة للهند، هو تأكيد على مكانتها كقوة دفاعية صاعدة وموثوقة قادرة على تصدير منظومات متكاملة وليس منتجات فحسب.

وفي المشهد الجيوسياسي والإقليمي المتغير، ترسي هذه الشراكة أساساً لمستقبل من التعاون التقني والاستقرار.  الأمني المبني على القدرات الذاتية والشراكات الاستراتيجية الواعية.