محتويات هذا المقال ☟
غواصات أستراليا النووية هل تضع حدا لطموحات الصين الجيو سياسية ؟
حيث ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن الطموحات الجيوسياسية للصين تواجه تحدياً جديداً هائلاً بعد أن وافقت الولايات المتحدة على مساعدة أستراليا في بناء 8 غواصات على الأقل تعمل بالطاقة النووية، وتزويدها بصواريخ “توماهوك” بعيدة المدى.
ونقلت الصحيفة الخميس، عن مسؤولين إقليميين ومحللين، أن الاتفاقية وهي جزء من شراكة أمنية ثلاثية جديدة تضم أيضاً المملكة المتحدة، ستسمح لأستراليا بإبراز قوتها عبر غرب المحيط الهادئ.
وقالت إن حسابات بكين السابقة كانت تقتصر على سيناريوهات تعامل الجيش الصيني فقط مع التدخل المحتمل من القوات البحرية الأميركية واليابانية، بينما كان يسعى للهيمنة العسكرية على البحار القريبة، وخاصة في المياه المحيطة بتايوان.
لكن صفقة الغواصات الجديدة تفتح باباً يمثل تهديدات عسكرية جديدة للصين. ونقلت الصحيفة عن الأدميرال لي هسي مينج الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التايوانية، قوله: “تمنح الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، أستراليا الردع الاستراتيجي وقدرات الهجوم للمرة الأولى”.
وأضاف مينج : “لن تكون أستراليا قادرة على حماية ممرات الاتصالات البحرية الخاصة بها فحسب، بل ستكون قادرة على الانتشار بعيداً عن أراضيها، لاسيما مع صواريخ توماهوك. وستصل قبضتها مباشرة إلى البر الرئيسي للصين”.
وتابع أن “الرقعة المنطقية لنشر تلك الغواصات ستكون المياه العميقة لغرب المحيط الهادئ بالقرب من تايوان”.
وقال: “ليس هناك الكثير الذي يمكن للجيش الصيني القيام به لمواجهة هذه القدرة الجديدة.. تعد الحرب طويلة المدى المضادة للغواصات واحدة من أكثر العمليات تعقيداً وخطورة، وسيستغرق الجيش الصيني وقتاً طويلاً للتأقلم”.
قفزة كبيرة
وقالت الحكومة الأسترالية، إن الاتفاقية مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، والتي يشار إليها اختصاراً باسم “أوكوس”، تمثل “قفزة كبيرة في قدرات البحرية الملكية الأسترالية”.
وأضافت أن “الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية تتمتع بقدرة فائقة على التخفي والسرعة والقدرة على المناورة والبقاء وقوة تحمل غير محدودة تقريباً مقارنة بالغواصات التقليدية”.
وتابعت: “تسمح هذه القدرات للغواصات التي تعمل بالطاقة النووية بالعمل في المناطق المتنازع عليها مع مخاطر أقل للكشف”.
وانتقد متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية الخميس، الشراكة الثلاثية ووصفها بأنها “غير مسؤولة للغاية”، قائلاً إنها “ستقوض بشكل خطير السلام والاستقرار الإقليميين، وتكثف سباق التسلح”.
وقالت يون صن خبيرة السياسة الخارجية الصينية في مركز “ستيمسون” بواشنطن، إن اتفاقية الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة تعني أن الرئيس الصيني “لم يعد بإمكانه تجاهل أستراليا باعتبارها تهديداً عسكرياً حقيقياً، وسيتعين عليه مواجهة حقيقة أن الرئيس الأميركي جو بايدن يسعى لتشكيل جبهة موحدة” من الدول التي لطالما كانت تخشى الصين.
وأضافت سون: “يشكل هذا سابقة لها آثار على التعاون الدفاعي الأميركي المستقبلي مع دول أخرى بما في ذلك اليابان والهند، ولطالما كانت الصين تحاول منع ظهور مثل هذا التحالف وتوطيده”.
ولفتت إلى أن إحدى الخطوات المضادة المتوقعة هي أن تعزز الصين وروسيا من تعاونهما، مضيفة: “نحن على بعد خطوة واحدة من ظهور عالم ثنائي القطب”.
غواصات وصواريخ
وأفاد سو تزو يون المحلل بمعهد أبحاث الدفاع والأمن الوطني، وهو مؤسسة فكرية تدعمها وزارة الدفاع التايوانية، إن “التوسع السريع للصين في أسطول الغواصات النووية واستراتيجيتها الأكثر طموحاً للأسلحة النووية، ساعد في إقناع الولايات المتحدة بتعزيز قدرات الغواصات والصواريخ الأسترالية”.
وذكر يون أن صفقة الغواصات تستهدف بشكل واضح استراتيجية الصين النووية، إذ تمتلك بكين 18 غواصة تعمل بالطاقة النووية، ويعتقد أن 14 منها تعمل بالفعل.
بدوره، قال درو تومسون، المتخصص السابق في شؤون آسيا بوزارة الدفاع الأميركية، والذي يُدّرس الآن في كلية “لي كوان يو” للسياسة العامة في سنغافورة، إن الاتفاقية الثلاثية لها “آثار ضخمة” وتشير إلى “تطوير كبير للغاية للعلاقة بين الولايات المتحدة وأستراليا”.
وأشار إلى أنه بتخلي الجيش الأسترالي عن خطته للحصول على غواصات تعمل بالطاقة التقليدية من فرنسا، سيكون بذلك أكثر قدرة على تنسيق العمليات مع القوات الأميريكية والبريطانية واليابانية.
“انتكاسة استراتيجية”
وترى “فاينانشيال تايمز”، أن الاتفاقية الثلاثية ترجح أيضاً احتمالية أن تواجه بكين انتكاسة استراتيجية أخرى في أستراليا، عندما تقرر كانبيرا ما إذا كانت ستلغي عقد إيجار وقعته في عام 2015 لتأجير ميناء داروين الأسترالي لمدة 99 عاماً، لشركة “لاندبريدج جروب” الصينية، مقابل 506 ملايين دولار أسترالي (391 مليون دولار أميركي)، وهو ما أثار انتقادات من جانب خبراء الأمن في أستراليا.
ومن شأن هذه الخطوة أن تزيد التوتر بين أستراليا والصين أكبر شريك تجاري لها في العالم، في الوقت الذي تدهورت فيه العلاقات بين البلدين من تبني أستراليا في العام الماضي الدعوة إلى إجراء تحقيق دولي مستقل لمعرفة أصل فيروس كورونا الذي ظهر لأول مرة في مدينة ووهان الصينية.