محتويات هذا المقال ☟
هل إلغى الأتراك معركة سيرت في ليبيا ؟ وأين ذهبت الإستعدادات الخاصة بالوفاق بمساندة الجيش التركي لإقتحام سرت ؟
ومؤخرا لاحظ مراقبون تراجعا لافتا لزخم الاستعدادات لمعركة سرت، المدينة الاستراتيجية شرق ليبيا، مرجّحين إمكانيّة التخلي عن هذا الخيار، لا سيما في أعقاب التحذير المصري الأخير للأتراك من الاقتراب من ”الخط الأحمر“.
وبعد حوالي شهرين من تحذير القاهرة للأتراك من مغبّة الاقتراب من خط سرت الجفرة، الذي اعتبرته مصر ”خطّا أحمر“، أعاد متابعون للشأن الليبي طرح سيناريوهات معركة سرت والمواجهة المحتملة بين أنقرة والقاهرة، التي تصاعد الحديث بشأنها بشكل لافت منذ أسابيع.
سرت خط أحمر
وحذّرت مصر في وقت سابق من أنّ الاقتراب من خط سرت الجفرة يمثّل مغامرة من جانب تركيا وحكومة الوفاق، التي حققت تقدما ميدانيا على أكثر من محور وباتت تخطط للاتجاه شرقا، ما اعتبرته مصر ”خطّا أحمر“ ملوّحة بالتدخل عسكريا في ليبيا في حال الاقتراب منه.
وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في الـ20 من شهر يونيو/حزيران الماضي أنه لن يسمح بأي تهديد لحدود مصر الغربية، المرتبطة بالحدود مع ليبيا، مؤكداً أن أي تجاوز لمدينتي سرت والجفرة في ليبيا يعتبر خطا أحمر بالنسبة لمصر.
تراجع حدة الميدان
وقالت مصادر مطّلعة إنّه ”على الرغم من حديث مراقبين عن اقتراب معركة سرت خلال الآونة الأخيرة، عقب تلميح حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج وحليفها التركي في حزيران/يونيو الماضي، فإنّ الوضع الميداني يبدو الآن أقلّ حدّة مقارنة بالمدّة الماضية، بعد أن تراجع زخم الاستعدادات والتدريبات وحتى الخطاب الذي يتخذ من الخيار العسكري أولوية.
وأضافت المصادر أنّ التحذيرات المصرية كان لها على ما يبدو أثر على الأتراك الذين باتوا يترددون في خوض هذه المغامرة العسكرية؛ لأنّهم يعلمون أنّ الدخول في مواجهة مباشرة مع المصريين يكلفهم الكثير، لا سيما أنّ مصر ليست وحدها في المنطقة بل هي مدعومة بقوى إقليمية وبسند أوروبي واسع يعارض التدخل التركي في ليبيا.
أطماع تركية متزايدة
واعتبر الخبير المتخصص في الشأن الليبي مختار اليزيدي أنّ ”المؤشرات الأولية التي تلت سيطرة قوات الوفاق على العاصمة طرابلس، ومن قبلها على قاعدة الوطية الاستراتيجية وعلى مدينة مصراتة، ضاعفت من أطماع الأتراك للتوسع شرقا، ولم تخفِ أنقرة ومعها حكومة الوفاق هذا التوجه نحو السيطرة على سرت، غير أنّ المعطيات تغيرت بعد أسابيع من الضغوط الإقليمية والتحذيرات الأوروبية لأنقرة من الدخول في هذه المغامرة“.
وأضاف، أنّ ”السياق العام تغير الآن بعد نزوع قطاعات واسعة من الليبيين نحو الحل السلمي وبدء تحركات لإطلاق مبادرات في هذا الاتجاه“، مذكّرا بالمبادرة المصرية التي جاءت عقب سيطرة قوات الوفاق على العاصمة طرابلس والدعم الإقليمي والدولي الذي حظيت به، مقابل تعنّت حكومة الوفاق وحليفها التركي، قبل أن يفتر حماس أنقرة وتتراجع رغبتها في خوض المغامرة العسكرية بعد دراسة عواقبها وتداعياتها“.
تراجع العزم التركي
من جانبه، أكّد المحلل السياسي الليبي محمد النالوتي، أنّ ”حصيلة الأسابيع الأخيرة من المشاورات حول خيارات التدخل العسكري في سرت لحسم المعركة والسيطرة على المدينة أفضت إلى تراجع العزم التركي على المضي في الخيار العسكري ودعم حكومة الوفاق؛ لكسب مزيد من المساحات والمواقع على الأرض“.
وأكد أنّ ”هذا التراجع مردّه التحذير المصري من الاقتراب من الخط الأحمر، الذي يعني أنّ الاقتراب منه يستوجب الردّ بالمثل، ما قد يدفع إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين الجانبين التركي والمصري، وهو ما حسبت له أنقرة ألف حساب؛ لأنها تدرك أنّ ذلك يُضعف من موقعها وموقفها في محيطها الإقليمي، لا سيما أنّ جل المواقف الأوروبية والإقليمية رافضة لمبدأ التدخل التركي المباشر في ليبيا لحسم المعارك عسكريا“.