رجع الملف الكردي إلى الساحة، من نافذة التنافس الروسي الأمريكي على كسب الأكراد، ففي وقت وسعت الولايات المتحدة الأمريكية وجودها العسكري في شمال شرقي سوريا، وتتجه لبناء قاعدتين جديدتين، الأولى في تل براك في تل تمر، على الطرق الدولي إم 4، والثانية قرب غويران في محافظة الحسكة، شددت القوات الأمريكية، المراقبة ضد العربات الروسية على الطريق الدولي. وقالت مصادر في تل تمر، إن القوات الروسية تتجه لنقل بعض معداتها العسكرية إلى الكنطري في الرقة، بعد التشدد الأمني الأمريكي ضد الدوريات الروسية، ومنعها من المرور عبر الطريق الدولي.
من جانب المستوى السياسي، عقد وفد موسع من الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، وأحزاب كردية أخرى، اجتماعاً الأسبوع الماضي في قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية، بحضور شخصيات عسكرية من دمشق. وبحسب المصدر، فقد اتسمت المحادثات بالوضوح، حيث شدد الوفد الكردي على خصوصية الإدارة الذاتية، وكذلك الحفاظ على هيكلية قوات سوريا الديمقراطية، مع الرغبة في اندماجها بالجيش السوري.
بحسب المصدر، فإن المحادثات أخذت طابعاً أكثر جدية من المحادثات السابقة، ما جعل الوفود تتجه إلى دمشق، من أجل استكمال المحادثات، ورشح من هذه الاجتماعات، اتفاق على لجنة متابعة مشتركة لهذا الحوار.
التحرك الروسي على المستوى السياسي، يأتي في إطار التنافس مع الجانب الأمريكي الأكثر قرباً للأكراد. وكانت الخارجية الأمريكية، قالت في بيان الأحد، إن ممثل واشنطن المعني بشؤون سوريا والتحالف الدولي ضد تنظيم داعش، جيمس جيفري، بدأ من تركيا جولة خارجية، تشمل ألمانيا ودولاً في الشرق الأوسط، لينضم إليه لاحقاً المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جويل ريبيرن.
من جهتها، قالت مصادر مطلعة لـ «البيان»، إن جيفري قد يزور مناطق شمال شرقي سوريا، ليبحث مع قيادات كردية، ما توصلت إليه الإدارة الذاتية في محادثاتها مع موسكو ودمشق، خصوصاً بعد لقاء مسؤولين أكراد وروس في قاعدة حميميم في اللاذقية، ومن ثم توجه الوفد الكردي والروسي معاً إلى دمشق.
تشير معطيات كثيرة، إلى أن جيفري يعمل على إبعاد الروس من الملف الكردي، خصوصاً بعد المصالحة الأخيرة بين المجلس الوطني الكردي، وحزب الاتحاد الديمقراطي، فيما تشير المعطيات، إلى أن جيفري يحمل مبادرة «حسن نوايا» بين تركيا والأكراد، إلا أن الروسي يعمل على الوقوف ضد هذه المساعي، كون التناقضات التركية الكردية ورقة رابحة بالنسبة لموسكو.
وتزامن ذلك مع فجوة تركية روسية في الساحة السورية. ويرى مراقبون أن الخلافات الروسية التركية في الملف الكردي وملف إدلب، من شأنه أن يدفع أنقرة إلى أحضان الولايات المتحدة، التي تعارض أيضاً تقدم الجيش السوري في إدلب، في وقت قد تتغير خارطة التحالفات.
ويبقى عامل الثقة التاريخية، هو ما يحدد توجه الأكراد في الاختيار بين المضي بالتعهدات الروسية بالمصالحة مع دمشق، أو الوعود الأمريكية بإبقاء الحال كما هو عليه، بالنسبة للإدارة الذاتية، وقوات سوريا الديمقراطية.