علّقت صحف عربية على رحيل سلطان عُمان، قابوس بن سعيد، وتولي ابن عمّه هيثم بن طارق مقاليد السلطة، بعد الكشف عن أن السلطان الراحل أوصى بتولي هيثم.
وأثنت كثير من الصحف على سياسة سلطنة عُمان تحت حكم السلطان الراحل التي اتسمت بالحياد “الإيجابي”، برأي البعض، وعدم التدخل في شؤون الآخرين، ولعب دور الوسيط بين كثير من دول المنطقة.
وأكدت صحف على ثقتها بأن السلطان هيثم بن طارق سيسير على نهج سلفه.
” السلطان طارق بن هيثم ,,, سياسي مُحنّك”
تقول جريدة “الوطن” العُمانية في افتتاحيتها: “يرحل عنا اليوم جلالة السلطان قابوس بن سعيد رجل السلام، بعد أن أقام دولة السلام والتنمية والاستقرار، دولة المؤسسات تتمتع بكل المقومات، يرحل عنا مطمئنّا أن بها شعبا وفيًّا، وعائلة حكيمة وفية، وأن فيها من يسير على نهجه، فتأتي حكمتها باتفاقها عرفانا وتقديرا لجلالة المغفور له على تنصيب من أوصى به في وصيته، لتعطي عمان درسا آخر في معاني السلام في دولة السلام الحديثة”.
وتقول جريدة “عُمان” في افتتاحيتها إن السلطان قابوس أسس “دولة مستوفية الشروط، وكان قد وظف لذلك حكمة وحنكة ومعرفة وثقافة وغيرها من المكتسبات الذاتية والمعارف التي امتزجت مع خبرات هذا الشعب عبر تاريخه الطويل، لنرى أنفسنا اليوم أمام صرح من صروح النماء والتحديث ودولة الإنسانية والسلام والتسامح والإخاء”.
وتؤكد الصحيفة أن “سياسة عُمان الداخلية والخارجية راسخة وواضحة الملامح تشرّبها العمانيون عبر السنين المتعاقبة من العمل المستمر في مسيرة النهضة الشاملة، وهم حريصون على المسار ذاته إلى آفاق المستقبل”.
ويقول خلفان الطوقي في جريدة “الرؤية” العُمانية إن السلطان الحالي يشبه السلطان الراحل وأنه “محب للسلام، وسياسي محنك متفتح، واقتصادي مخضرم”، مؤكدا أنه “متجه بكل جوارحه إلى إكمال مسيرة دولة المؤسسات والقانون والعمران”.
ويؤكد محمد بن رضا اللواتي في الجريدة نفسها أن “عُمان هي هي، لن تتغير!”.
ويضيف أن عُمان “ستظل تمد يد العون لكل من يبحث عن حل، لكي ينأى بنفسه والمنطقة عن ويلات النزاعات وما تستتبعه من مآزق الحروب، وسيظل مجتمعها هو نفسه، الذي مدح فيه كل من زاره، هدوءه وسمته للسلم، وقبوله للآخر المختلف”.
دبلوماسية الحياد
وتقول “الأهرام” المصرية في افتتاحيتها إن عُمان “(لأنه) بلد مستقر سياسيا ودستوريا، فقد جاء انتقال السلطة إلى قيادة جديدة سلسا وفي هدوء يعكس إصرار الأسرة الحاكمة على مواصلة سياسة الراحل السلطان قابوس”.
وتقول الصحيفة إن مصر “لن تنسى لعُمان وقوفها المساند بكل السبل في حرب 1973، ولا حينما قطعت معظم الدول العربية علاقاتها بالقاهرة إبان زيارة الرئيس الراحل أنور السادات القدس عام 1977.. رفض السلطان قابوس قطع العلاقات، وظلت مسقط ملتقى مفتوحا للحوار والوساطة وتقريب وجهات النظر، إلى أن عادت علاقات مصر بالجميع كما كانت”.
وتعرب “البيان” الإماراتية عن ثقتها بقدرة القيادة الجديدة على إكمال “المسيرة المظفرة” للسلطان الراحل.
وتقول: “فالقيادة الجديدة، بتولي جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، عُرف عنها الحكمة والتسامح والأصالة، فهو خير خلف لخير سلف”.
وتقول “الراية” القطرية في افتتاحيتها: “برحيل السلطان قابوس طُويت صفحة أحد أهم حكام المنطقة، الذي أدى أدوارا مهمة على الصعيد الوطني، حتى لُقّب بباني نهضة عمان الحديثة، وعلى الصعيد الإقليمي والخارجي، بعدما اعتمد على دبلوماسية الحياد الإيجابي والوساطات بين مختلف الفرقاء، ونجح في معالجة القضايا الإقليمية”.
وتذكر الصحيفة أن السلطان الراحل “صنع لسلطنة عمان دبلوماسية أساسها الحياد والوساطات وهو من القادة المؤسسين لمجلس التعاون الخليجي، وإنّ السلطنة في عهده كانت قوة خليجية ناعمة، ولذلك فإن بوفاته فقدت المنطقة الخليجية والعربية واحدا من أهم قادتها الكبار الذين يحظون بقبول عربي ودولي واسع”.
وترى صحيفة “رأي اليوم” الإلكترونية اللندنية أن عملية انتقال السلطة في سلطنة عُمان غلبت عليها “السلاسة والتواضع” من مراسم تولي السلطان الجديد إلى مراسم الدفن والعزاء للسلطان السابق، معتبرةً ذلك “قمة الحكمة في بلد الحكمة”.
وتقول الجريدة في افتتاحيتها: “كان لافتا لجميع المراقبين أن عملية انتقال السلطة تمت على الهواء مباشرة، وعبر شاشة القناة التلفزيونية الرسمية، وبحضور مجلس العائلة، وممثل عن المجلس العسكري، والمؤسسة الدينية، تلبية لوصية السلطان الراحل، وفتحه الرسائل الثلاث التي كانت موجهة إلى مجلس العائلة عبر المجلس العسكري في شفافية، مما يعكس احترام السلطان الراحل قابوس، وتقديره للمؤسستين، مؤكدا في الوقت نفسه على أنهما العمودان الرئيسيان في السلطة إلى جانب الشعب العُماني طبعا مصدر كل السلطات”.
وتؤكد الصحيفة أن السلطنة في عهد السلطان الراحل قابوس “ابتعدت عن جميع الحروب في المنطقة، وبقيت على مسافة واحدة مع معظم الخصوم، ولكنها لم تتردد في التعبير عن بعض مواقفها المعارضة، وبطريقة ‘مهذبة’ دون أن تتطاول على الآخرين الذين يقفون في خندق الخلاف”.
وتعرب الصحيفة عن ثقتها بأن إرث السلطان الراحل “في التسامح والترفع عن الطائفية والمماحكات السياسية واعتماد الحوار كطريقة مُثلى لفَضّ الخلافات سيبقى حتما ويستمر، كهوية عمانية راسخة”.