محتويات هذا المقال ☟
يقول المثل العسكري المعروف «التدريب الشاق يؤمن سهولة المعركة»، وهو يوضح أيما توضيح المزايا المترتبة على حسن الاستعداد لمجموعة كبيرة من التهديدات التي يواجهها أفراد القوات المسلحة. ورغم هذا، ورغم أننا نعيش عصرا يستطيع فيه الإيقاع السريع للتطور التكنولوجي استنباط تهديدات محتملة بنفس السرعة التي يستطيع بها المخططون العسكريون وضع الاستراتيجيات المناسبة لمواجهة تلك التهديدات. فكيف تتعامل خطط التدريب مع هذا الوضع؟
ظلت الحروب التاريخية أو التقليدية بين الدول المتطورة تكنولوجيا تمثل القوة المحركة وراء السعي الخثيث لتطوير القدرات والتدريب بما يمنحها قصب السبق على أعدائها، ولكن الحروب غير المتكافئة أو كيفية مواجهة التهديدات القادمة من الخصوم الأقل تطورا من الناحية التكنولوجية عن طريق استخدام وسائل جاهزة وقليلة التكلفة غالبا ما نجحت في تحقيق هدفها من حيث إضعاف القدرات القتالية التقليدية لدى الأطراف المعادية، كما أن القدرة على التحول من الحروب غير المتكافئة إلى مواجهة التهديدات المعادية يشكل تحديا صعبا.
من المرجح أن تتضمن حروب المستقبل بُعدا قويا غير متكافئ، وهو ما يعني أن الجيوش ربما وجدت نفسها تواجه تهديدات المركبات الجوية الآلية (غير المأهولة) الزهيدة التكلفة وأنظمة الصواريخ الأسرع من الصوت والصواريخ الفائقة السرعة في نفس ساحة الحرب وفي وقت قصير للغاية، الأمر الذي يسبب عبئا تدريبيا هائلا. وقد تسببت تهديدات المركبات الحوية الآلية (غير المأهولة)، التي تجسدت لأول مرة على شكل صواريخ غير موجهة unguided Vergeltungswaffe (V1) Rockets في بث الفزع والرعب في قلوب
سكان لندن في صيف عام 1944، وتطورت تلك التهديدات بدرجة كبيرة إلى أن أصبحت أمرا شائع الاستخدام في المنطقة. فأي مركبة جوية آلية صغيرة يمكن شراؤها عن طريق الإنترنت اليوم لديها القوة القتالية والقدرة على إحداث أضرار جسيمة في مناطق لم تكن مكشوفة إلا أمام الضربات العسكرية التقليدية. ولكن أي مركبة جوية آلية كبيرة، وهي متاحة على الإنترنت أيضا، قادرة على مضاعفة هذه القدرة التدميرية ولكن رصد وتدمير هذا النوع من المركبات غالبا ما يكون مهمة صعبة، بالإضافة إلى أنها تشكل تهديدا يتجاوز مدى أنظمة الدفاع الجوي التقليدية. وينطبق الشيء نفسه على تهديدات الزوارق الهجومية الساحلية السريعة Fast Inshore Attack Craft (FIAC) وسواء كانت تلك المركبات مأهولة أو غير مأهولة (وهو الأغلب والأعم هذه الأيام) فمن المؤكد أنها تستطيع أن تسبب فوضى عارمة بين القطع البحرية أو حركة الملاحية التجارية البحرية.
التحديات التي تشكلها التهديدات غير المتكافئة
ويدرس المخططون العسكريون بصورة متزايدة كيفية مواجهة التهديدات غير المتكافئة التي يمكن أن تشمل «حشودا» من المنصات الجوية والبرية والبحرية في آن واحد. فكيف يمكن للجيوش أن تتدرب على سيناريو كارثي يعتمد على قيام حشد مشترك من المركبات الجوية الآلية (غير المأهولة) والمركبات الهجومية الساحلية السريعة FIAC يستهدف تدمير دفاعات إحدى السفن المعزولة؟ إن التدريب على مثل هذا السيناريو أمر ضروري ليس من حيث تأثير الأسلحة فحسب، بل وأيضا من حيث كيفية “مواجهة المركبة” بقوة وفعالية عن طريق قيادة ومراقبة وتنسيق عمليات الاشتباك المتزامن مع التهديدات الجوية والبحرية المتعددة التي تنقض على هدفها بسرعة تتجاوز 60 عقدة.
ورغم هذا، لم تغفل المؤسسة العسكرية في دولة الإمارات هذا الأمر، وظلت حريصة على دراسة أنسب السبل لمواجهة تلك التهديدات. لهذا، تركز شركة “حبارى”، وهي شركة وطنية للعلوم والتكنولوجيا، على كيفية تطوير أنظمة تشبيهية واقعية لمواجهة تلك التهديدات تبعا للسيناريوهات المختلفة. ويحظى هذا المشروع المشترك بدعم شركة الشرق الأوسط للمشاريع العامة Middle East General Enterprises بالإمارات والخبرة الفنية لدى المقاول الدفاعي البريطاني – شركة QinetiQ plc – التي سبق لها أن أجرت عدة تدريبات عسكرية في أكثر من 40 دولة من عملائها على مستوى العالم.
وتتخذ شركة “حبارى” من مجمع توازن الصناعي Tawazun Industrial Park مقرا لها، وتعمل على تأمين الأهداف العسكرية الشاملة التي تتراوح بين الصواريخ الأسرع من الصوت المضادة للسفن والمركبات الجوية الآلية والقطع البحرية ذات السرعة العالية. ومن أهم مجالات التطوير طرح الزورق البحري السريع Hammerhead (رأس المطرقة) التي أنتجتها شركة QinetiQ plc وهي الطائرة القادرة على الطيران بسرعة تزيد على 30 عقدة، وتستطيع الطيران في شكل أسراب يصل عدد طائراتها إلى 30 طائرة. وقال الرئيس التنفيذي لشركة “حبارى”، تيم ألن، إن “ الشركة قادرة على تقديم قيمة مضافة بفضل قدرتها على التعامل مع عدة أنواع ومستويات مختلفة من التهديدات في أي بيئة صعبة مثل استخدام الشراك الخداعية الخاصة بالحرب الإلكترونية ، بالإضافة إلى قدرة الشركة على تعديل أهدافها بحيث تكون نسخة دقيقة لنوع معين من التهديدات”.
وترتكز استراتيجية شركة “حبارى” بالنسبة لدولة الإمارات على التحول نحو تصنيع المركبات الجوية والبحرية محليا والمساعدة في تصميم وبناء أنظمة أهداف معدلة جديدة، الأمر الذي سيساهم في إعداد وتأهيل الجيل الجديد من المهندسين المواطنين حول كيفية مواجهة التهديدات المستقبلية.
افتتاح مصنع عسكري جديد في مجمع توازن الصناعي
تم افتتاح مصنع عسكري جديد في مجمع توازن الصناعي لتجميع الأنظمة الجوية الآلية (غير المأهولة) وأنظمة الأهداف البحرية المستخدمة في التدريبات العسكرية والاختبارات وعمليات التقييم. ويمثل المشروع المشترك الجديد، الذي يحمل اسم «شركة حبارى العسكرية والأمنية» (ذات مسؤولية محدودة)، شراكة بين شركة الشرق الأوسط للمشاريع العام بالإمارات وشركة QinetiQ plc البريطانية التي تمثل المقاول الدفاعي.
وقد حضر حفل الافتتاح سعادة اللواء الركن طيار إسحاق صالح البلوشي، رئيس الإدارة التنفيذية للصناعات وتطوير القدرات الدفاعية في وزارة الدفاع، بوصفه ضيف الشرف. وصرح سعادة/ سعيد غانم، رئيس مجلس إدارة شركة «حبارى»، بأن المصنع العسكري الجديد، الذي يأتي في إطار استراتيجية الشركة لبناء قدرات دفاعية محلية، سينتج أنظمة التكنولوجيا الخاصة بالتدريب، وسيساهم في تنمية المهارات وبناء الكوادر اللازمة لخدمة جيش الإمارات».
ومن الجدير بالذكر أن شركة «حبارى» ستجمع بين الخبرة العريقة التي تتمتع بها شركة QinetiQ في مجال اختبار وتصنيع وتوزيع المركبات الآلية (غير المأهولة) المتخصصة التي ستلبي الطلب المتزايد على التدريب العملياتي والتدريب على المهام. وتشمل المنتجات الأولية المركبة الجوية Jet Banshee التي جرى تصميمها بحيث تحاكي تهديد الطائرة بالنسبة لأنظمة الدفاع الجوي والزورق البحري Hammerhead وهو عبارة عن زورق آلي (غير مأهول) سريع يحاكي الزوارق الهجومية الساحلية السريعة ضمن حشد مكون من مركبات متعددة.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “حبارى”، تيم ألن، إن “الشركة تؤمن فرصة فريدة في دولة الإمارات للاستفادة من القدرات البشرية العالمية التي تتمتع بها شركة QinetiQ والتي تضم أكثر من 6,000 خبير متخصص، الأمر الذي سيساعد عملاءنا على حماية وتعزيز قدراتهم الدفاعية والأمنية”.