نشرت صحيفة “فزغلياد” الروسية تقريرا تحدثت فيه عن تأكيد الرئيس التركي على افتقار تركيا لأي قنابل نووية خاصة بها، في ظل امتلاك العديد من الدول المتقدمة لرؤوس نووية.
وقالت الصحيفة، إن أردوغان ذكر أن قائد إحدى الدول التي أجرى زيارة لها أخبره بخطط بلاده لبناء ترسانة نووية، وأشار أردوغان إلى أن محاوره قال له: “لدينا 7.5 آلاف رأس حربي نووي، بينما يتراوح عدد الرؤوس الحربية في روسيا والولايات المتحدة بين 12.5 ألفا و15 ألف رأس حربي، لذلك، نحن على استعداد لزيادة عدد الرؤوس الحربية، لتضاهي تلك التي بحوزة الدول الأخرى، لكنهم مع ذلك لن يتوانوا عن تحذير أنقرة من حيازة الأسلحة النووية”.
ولا يمكن معرفة الدولة التي تحدث عنها أردوغان انطلاقا من عدد الرؤوس الحربية التي صرح بها محاوره، وبالإضافة إلى روسيا والولايات المتحدة، تملك جميع القوى النووية احتياطات متواضعة من الرؤوس الحربية لا يتجاوز عددها المئة، باستثناء فرنسا والصين التي تملك بين 270 و300 رأس حربي نووي، وفي هذا السياق، ينبغي أخذ الزيارة التي قام بها أردوغان منذ عام إلى باكستان، التي تعتبر عضوا في النادي النووي، بعين الاعتبار.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من المرجح أن أردوغان قصد بحديثه باكستان، وهو ما يعني أن الرئيس السابق لباكستان، ممنون حسين، هو المحاور الذي تكلم عنه، فخلال زيارة أردوغان إلى باكستان قبل عام، كان حسين لا يزال على رأس الدولة، لكنه استقال بعد ذلك.
وذكرت الصحيفة أن الخبراء يعتقدون أن عدد الرؤوس الحربية التي تمتلكها باكستان لا تتجاوز 130 رأسا حربيا، وذلك ما لا يتناسب مع التصريحات التي أدلى بها أردوغان، وفي الوقت نفسه، أكد أردوغان في خطابه أن بلاده لازالت قادرة على الدفاع عن نفسها دون أسلحة نووية، لا سيما بعد شرائها لمنظومة “أس-400” الروسية رغم الضغوط المسلطة عليه من طرف واشنطن.
ومن وجهة نظر عسكرية، لا تحتاج تركيا إلى مقاتلات الجيل الخامس الروسية من طراز “سو-57″، على عكس ما صرح به أردوغان الذي أعلن عن رغبته في شرائها خلال تواجده في المعرض الدولي للطيران والفضاء “ماكس 2019”. ويشير الخبراء إلى أن الرغبة في الحصول على الأسلحة الروسية تعكس تطلع أنقرة إلى تعزيز نفوذها في المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا انضمت إلى معاهدات عدم انتشار الأسلحة النووية سنة 1980، ثم وقعت على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية سنة 1996، ومع ذلك، تخصص تركيا أراضيها لتخزين الترسانات النووية الأمريكية. ويرى الخبير ورئيس البرنامج السياسي بمركز دراسة تركيا المعاصرة، يوري مافاشيف، أن تصريحات أردوغان مجرد خدعة تهدف إلى الحصول على ظروف مناسبة أكثر داخل حلف شمال الأطلسي.
وأضاف مافاشيف أن “أردوغان يعمل على بناء تركيا جديدة مستقلة عن الجميع، لكن ذلك سيكون شبه مستحيل دون امتلاك أسلحة نووية، وفي الحقيقة، إن تركيا غير قادرة على تطوير برنامج نووي بسبب افتقارها لقاعدة علمية وتقنية”. وأشار الخبير إلى غياب التقنيات النووية داخل تركيا، علما بأن محطة أكويو للطاقة النووية أسسها الروس.
تبادل التكنولوجيا النووية بين تركيا وباكستان
وبينت الصحيفة أنه من الناحية النظرية يمكن لباكستان تبادل التكنولوجيا النووية مع تركيا، غير أن أنقرة لا تحتاج إلى ذلك في الواقع لا سيما أنها لا ترغب في نشوب خلاف مع حلفائها في حلف الناتو بسبب القنابل الذرية، ومن جهته، يشكك الخبير في المجلس الروسي للشؤون الخارجية، تيمور أخميتوف، في طموحات أردوغان النووية.
وقد أوضح أخميتوف أن “الأسلحة النووية فعالة في سياق النزاعات الكبرى، والتهديد الرئيسي لأمن تركيا يأتي بشكل رئيسي من الجهات الفاعلة غير الحكومية. وتوفر خصوصيات المسار السياسي الداخلي في تركيا فرصة للتدخل الخارجي دون اللجوء إلى نزاع عسكري كبير. كما أن امتلاك تركيا لأسلحة نووية يزيد من زعزعة استقرار الشرق الأوسط، ما يؤدي إلى غياب القدرة على التنبؤ بالمخاطر الأمنية القادمة”.
ونقلت الصحيفة عن رئيس مركز الأمن الدولي التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ألكسي أرباتوف، أن تحول تركيا إلى قوة نووية أمر غير مستبعد، خاصة أنه يتم في الوقت الراهن بناء محطة أكويو للطاقة النووية، وذلك يشير إلى العمل على تدريب متخصصين في هذا المجال.
وأضاف أرباتوف أنه “نظرًا لتواجد محطة الطاقة النووية داخل أراضيها، ستكتسب تركيا المعرفة والتكنولوجيا اللازمة لإنتاج وقود أكسيد مختلط. ومن غير المستبعد أن تحصل أنقرة على التكنولوجيات النووية من باكستان، الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك بالفعل أسلحة نووية، في حال رغبت في ذلك”.
وفي الختام، نوهت الصحيفة بأن إسلام آباد أنشأت شبكة عالمية غير قانونية لبيع التكنولوجيا والمواد النووية استفادت منها إيران والعديد من البلدان الأخرى، وربما ستستفيد منها تركيا في المستقبل في حال استمرت هذه الشبكة في العمل، وذلك حسب ما صرح به أرباتوف.