تتزايد الانتقادات في الغرب لمنح تركيا حق المشاركة في إطلاق أسلحة نووية ينشرها حلف الأطلسي في أراضيها.
وبينما تحتفل دول حلف الأطلسي بالذكرى ال 70 لإنشاء الحلف، لا يتحدث أحد بشيء عن إحدى سياساته الشاذة، وهي منح خمس دول أعضاء في الحلف الحق في المشاركة في إطلاق الأسلحة النووية الأمريكية الموجودة في أراضيها ( بلجيكا، وهولندا، وألمانيا، وإيطاليا وتركيا )، وكذلك تدريب قوات جوية في هذه الدول على إطلاق هذه الأسلحة.
وفي قاعدة إنجرليك الجوية التركية، الواقعة على مسافة حوالي 160 كلم من الحدود السورية، تخزن الولايات المتحدة ما بين 20 و 60 سلاحاً نووياً من فئة «بي-61» يمكن أن تطلقها طائرات أمريكية أو تركية.
وليس مما يدعو للاطمئنان أن تكون هذه الأسلحة تحت سيطرة أمريكية مباشرة، ومخزنة في مستودعات تخضع لحراسة مشددة، ومصممة بحيث لا يمكن تفجيرها من دون شفرات مضبوطة. ولهذا يجب إعادتها إلى الوطن.
والعلاقات الأمريكية التركية ليست جيدة حالياً، ومن المحتمل، بل من المرجح، أن تزداد سوءاً. إذ إن الأكراد يقيمون في مناطق تركية محاذية لسوريا والعراق، وهم حلفاء للولايات المتحدة في معركتها ضد تنظيم «داعش»، إلاّ أن تركيا تعتبرهم انفصاليين وإرهابيين. وقد تعهدت أمريكا بأنها لن تتخلى عن الأكراد – وهذا ما يضعها على مسار تصادمي مع تركيا.
وما يعقد العلاقات بين واشنطن وأنقرة، هو رغبة تركيا في الحصول على تكنولوجيا عسكرية روسية، خصوصاً صواريخ الدفاع الجوي الشهيرة «اس – 400» – علماً بأن تركيا شريكة للولايات المتحدة في نشر طائرات «اف – 35» الخفية ( التي لا ترصدها الرادارات ) في الأراضي التركية.
ومن المقرر أيضاً أن تشتري تركيا 100 من هذه الطائرات، وقد أصبحت الدفعة الأولى منها جاهزة لتسليمها إلى تركيا. ولكن من المقرر أيضاً أن تبدأ تركيا قريباً في تسلم المكونات الأولى للنظام الصاروخي الروسي «اس – 400»، الذي يقول المسؤولون العسكريون الأمريكيون إنه يتضارب مع امتلاك تركيا لطائرات «اف – 35». ويتخوف الأمريكيون من أن يساعد ذلك الروس على كشف أسرار تكنولوجيا الطائرة الأمريكية «الخفية».
وكانت الولايات المتحدة قد بدأت تطبيق برنامج للمشاركة النووية في الستينات، بهدف تطمين الدول الأوروبية الأعضاء في حلف الأطلسي إلى التزام أمريكا بالدفاع عنهم. وفي ما يتعلق بتركيا، كان هذا البرنامج يهدف أيضاً إلى تجنب أن تسعى لامتلاك أسلحة نووية خاصة بها. ولهذا قدمت الولايات المتحدة ضمانات إلى تركيا بأن قنابلها النووية من فئة «بي – 61» هي ضمانة لأمن تركيا. ونتيجة لذلك، منحت واشنطن تركيا حق المشاركة مباشرة في استخدام هذه الأسلحة النووية المخزنة في أراضيها، مقابل امتناعها عن صنع أسلحة نووية خاصة بها.
وهذه الأسلحة النووية الأمريكية، وكذلك الطائرات القادرة على حملها وقذفها، أصبحت الآن قديمة. وفي الوقت الراهن، تعمل الولايات المتحدة لتحديث قنابلها النووية، كما أنها صممت الطائرة «اف – 35» القادرة على إطلاق الأسلحة النووية، كبديل للطائرة القديمة «اف – 16».
غير أن بعض الدول الأوروبية، أخذت الآن تعيد النظر في سياسة قبول نشر أسلحة نووية أمريكية في أراضيها. فهذه الدول ترى أن المبرر الأصلي لنشر هذه الأسلحة النووية الأمريكية في أوروبا، قد زال مع زوال المنظومة السوفييتية
(حلف وارسو). غير أن تركيا انفردت بين حلفاء الأطلسي بالتزام الصمت حول هذه المسألة.
ومع ذلك، أصبحت الولايات المتحدة تشكك الآن في ضرورة نشر أسلحة نووية أمريكية في تركيا – وفي منح تركيا حق المشاركة في إطلاق هذه الأسلحة.
الكاتب
* بروفيسور في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (في الولايات المتحدة)-