بقلم : نورالدين احمد حسين
بعد 20 عامًا من الاحتلال العسكري لأفغانستان، وإنفاق تريليونات الدولارات من جيوب دافعي الضرائب الأمريكيين و مصرع وجرح الآلاف من الجنود ، لابد من اجراء عملية مراجعة عامة بعد فشل الدور الاميركي في بلد صغير لكنه كبير بتاريخه و عرف بانه “مقبرة الإمبراطوريات”.
من أهم هذه الدروس المستفادة بالنسبة لأميركا , هو أن جيشها قد نسى مهمته في مواصلة القتال والفوز بحرب توهم انه قادر على فرض الانتصار فيها على حركة راديكالية بسيطة التسليح لكنها امتلكت الارض و العزيمة و الاصرار على الثأر .
و السؤال الذي يطرحه الرأي الأميركي اليوم على سياسييه , هو انه كيف ضاعت أفغانستان؟” ، من بين أيديهم ولماذا فرطوا بحلفائهم بين عشية و ضحاها.
و كيف خاضت اميركا حربًا لنحو20 عامًا للدفاع عن بلد ما وانتهى المطاف بانهيار هذا البلد و النظام العميل، في انسحاب مهين مثل ما جرى بفيتنام في تحدى للمنطق.
كان الدافع الاميركي للغزو حسب زعمهم هو الهجوم على ألأمه الاميركية في 11 سبتمبر من قبل أفغانستان, حيث اختبأ هناك أسامة بن لادن وتنظيمه من القاعدة المتهمين بالتخطيط و تدبير الهجوم من أراضيها. و جاء الرد باحتلال أفغانستان واجتثاث ذلك التنظيم .
تحول الوجود الاميركي مع مرور الزمن ، إلى روتين ، و تناسى الأميركيون الغرض الأساسي لجيشهم وكيف يشن الحرب. و تم التركيز على الشرق الأوسط وعلى تهديد غير مرئي لمنافس رئيسي في الشرق وهو الصين.
بعد مقتل بن لادن بفترة ، تخلف الاميركيون عن “بناء الدولة الافغانية” ،و أصبحت جهودهم خارج هذا النطاق.
و جعل الرئيس ترامب جهده منصباُ على إنهاء أطول حرب في أمريكا و جعلها أولوية حيث دعا قيادته العسكرية العليا إلى تقديم خيارات للانسحاب ، وعلى عكس سابقيه ، لم يسع إلى تبرير الوجود الأمريكي في أفغانستان بحجة محاربة الإرهاب أو توفير الديمقراطية.
وكان ترامب يرى أن الوقت قد حان للمغادرة ، بعد تقديم تضحيات كثيرة ، لأبناء وبنات أمريكا وللعودة إلى ديارهم بعد اكتمال المهمة الأولية لهزيمة القاعدة – وأن مصير أفغانستان ، مثل أي دولة أخرى سيكون في أيدي أهلها.
و اعترفت الادارة الاميركية أن أفغانستان كانت أصعب قضية واجهتها في مطلع القرن.
و لقد أدرك ترامب ذلك وبدأ عملية الابتعاد أخيرًا عن أفغانستان ، ودفع الجيش للتركيز على التهديد الناشئ للشرق وهو الصين.
و اخيراً، سارت الخطة المقررة للانسحاب الأميركية تدريجيًا بسلسلة من المراحل. ففي فبراير من عام 2020 ، عقدت اتفاقية سلام مع طالبان, نصت على الانسحاب تدريجياً مقابل تعهد طالبان بعدم مهاجمة القوات الأمريكية.
و وقع اتفاق آخر بين الأفغان بين طالبان وحكومة الرئيس أشرف غني، و احرزت المفاوضات تقدم آخر في أبريل 2020 ، و وجه الرئيس ترامب الجيش إلى وضع خيارات خطة الانسحاب.
نهاية المغامرة الأميركية كانت مريرة و خرج اليانكيون مدحورين و سيطرت الحركة على مرافق النظام ، و غنمت الاسلحة التي جلبها الاميركان للجيش الحكومي .