أعلن خبراء معهد لكسينغتون الأمريكي أنه من المحتمل التوصل إلى تصميم سلاح ليزر جديد في المستقبل القريب
وفي هذا السياق يسعى مركز البحوث العلمي التابع للقوات المسلحة على مدى 30 عاماً لتصميم أسلحة الطاقة الموجهة DEW . وفي إطار مبادرة الدفاع الإستراتيجية كان من المفترض إنشاء مجموعة واسعة من هذه الأسلحة- بدءً من الليزر الأرضي الذي يعمل على مبدأ الإلكترونات الحرة، وانتهاءً بأسلحة الليزر الفضائية التي تعمل على مبدأ الأشعة السينية بحيث يصبح التفاعل النووي مصدر الطاقة لهذه الأسلحة. ومن هنا ندرك سبب تسمية هذا البرنامج والذي أطلق عليه بالعامية اسم “حرب النجوم”، أو ما يعرف بالانكليزية “STAR WARS” .
على الرغم من حقيقة أن السلاح أعلاه لم يتم تأسيسه أبداً، إلا أن الأوساط العلمية واصلت أعمال البحث والتطوير في هذا المجال. فعلى سبيل المثال قامت القوات البرية الأمريكية وقوات الدفاع الإسرائيلية بتطوير ليزر تكتيكي عالي الطاقة أو ما يعرف بالانكليزية “THEL” في أواخر عام 1990. وفي بداية العقد الأول من الألفية الثالثة تم إصدار نموذج ثيل تجريبي الذي تمكن من إصابة 33 قذيفة من أنظمة راجمات الصواريخ ( MLRS ) BM- 13 وأنواع أخرى من الصواريخ. وخلال الاختبارات كانت هناك حالات تم فيها تدمير أنوع مختلفة من الصواريخ بشكل متزامن. جدير بالذكر أن سلاح الجو الأميركي كان في الوقت نفسه يعمل على تطوير سلاح ليزري يتم تثبيته على جسم الطائرة. وفي عام 2010، تبين أن هذا النظام بمقدوره تدمير الصواريخ الباليستية أثناء طيرانها.
ولكن تبين أن البرنامجين تم إغلاقهما والسبب يكمن في التطور التكنولوجي لمنظومة “THEL” ومنظومة الليزر الجوي، وهيكلية الليزر المبني على مبدأ استخدام كميات كبيرة من المواد الكيميائية السامة اللازمة لضمان عمل هذه الأسلحة، بالإضافة إلى التكلفة العالية لمنظومة التشغيل. ومع ذلك فقد تبين أثناء تصميم منظومة “THEL” والليزر الجوي أنه بإمكانهما العثور وتدمير الأهداف المتحركة بسرعة وفي وقت قصير.
لذا يشير المراقبون إلى أنه من المرجح أن يتم تصميم جيل جديد من أسلحة الطاقة الموجهة في المستقبل القريب.
وفي عام 2013 قامت القوات البرية الأمريكية بإجراء اختبار على جهاز تجريبي ليزري محمول ذو طاقة عالية “HEL MD ” في حقل رمي “وايت-سيندس” للصواريخ في ولاية نيو مكسيكو. وهذا الجهاز عبارة عن ليزر باستطاعة صغيرة تتراوح 10-15 كيلوواط، يثبت على هيكل سيارة. ومع ذلك كشفت خصائص هذا الجهاز أنه يمكن إصابة عدة صواريخ مختلفة، وقذائف الهاون والمدفعية خلال الجزء الأوسط من الطيران. كما أظهر HEL MD أن بإمكانه أيضاً التعامل مع أجهزة الاستشعار البصرية الالكترونية التي يتم تثبيتها على طائرات بدون طيار.
تقوم القوات البحرية الأمريكية حالياً بإنشاء جهاز تجريبي لليزر بحري من طراز MLD ، حيث تم إجراء أول تجارب بحرية لهذه المنظومة في شهر نيسان/ أبريل من عام 2011 والتي تمت بنجاح. حيث تمكنت هذه المنظومة من كشف الهدف وتسليط شعاع ليزري عليه، وتم معالجة تقنية الإمداد بالطاقة والتحكم باستهلاكها وبدرجة الحرارة ومستوى التكامل مع أنظمة متنوعة لسفن حربية مختلفة. وقد تمكن MLD من تتبع وتدمير الأهداف الصغيرة فوق الماء، وأظهر قدرته على التتبع السلبي وتحديد هوية الأجسام الصغيرة نسبياً كالطائرات بدون طيار أو قوارب بحرية صغيرة الحجم.
واستناداً على الإنجازات التي تم الحصول عليها أثناء الاختبارات التجريبية التي تم الحديث عنها أنفاً، يواصل العلماء تصميم نماذج أقوى وأكثر استطاعة. ومن المتوقع أن تقوم القوات البحرية الأمريكية العام المقبل بتجهيز السفينة “بونس” المتمركزة في الخليج العربي بنماذج سلاح ليزري بحري أكثر فعالية. كما سيتم دمج الليزر بشكل كامل مع أنظمة الطاقة والذخيرة للسفينة كما لو كان سلاح الليزر مصنف من الأسلحة العادية. وتخطط القوات البرية الأمريكية بنشر نماذج من هذه الأسئلة القوة العالية إلى حين تحقيق مستوى من القدرة القتالية المقبولة.
إن برامج القوات البرية والبحرية الأمريكية المتعلقة بتصميم أسلحة ليزرية تظهر ليس فقط مستوى تطور التكنولوجيا الضرورية لتصميم أسلحة الطاقة الموجهة، وإنما مستوى مهارات إدارة تطور مثل هذه البرامج ذات التقنية العالية والقادرة على التحول من نظام إلى آخر في جميع الأحوال. وتستخدم القوات البرية والبحرية الأمريكية مادة الليزر الصلب، مما سمح بإزالة المشاكل التي كانت موجودة والمتعلقة باستخدام الليزر الكيميائي. وإن التقدم في تطوير تقنية إنتاج مكونات السلاح الليزري مع تطوير نظام معالجة ومراقبة الطاقة، والتحكم بحزمة الأشعة وإخماد الاهتزازات وتتبع الأهداف، كل ذلك يسمح بخفض التكاليف وزيادة الموثوقية وكفاءة هذه النظم.
وخلافاً للبرامج السابقة فقد تم إنفاق عشرات الملايين من الدولارات على تصاميم جديدة خاصة لأن بعضها مبني على أعمال سابقة قامت بها القوات الجوية الأمريكية وأنواع أخرى من القوات. علاوة على ذلك فإن البرامج الجديدة تشمل عملية تصميم نموذج جديد بشكل تدريجي، علماً أن الهدف كان سابقاً إنشاء أسلحة طاقة موجهة بشكل فوري.
جدير بالذكر أن أسلحة الطاقة الموجهة تتمتع بإمكانيات خطيرة وهامة قادرة على تحويل وظيفة التقنيات العسكرية. فعلى سبيل المثال فإن الليزر المزود بجهاز طاقة مثيل يتمتع بمخزن ذي قدرة غير محدودة، هذا في الوقت الذي تكون فيه تكلفة الطاقة الواحدة منخفضة جداً. وهذا بدوره يقلل من فعالية محاولات خصوم الولايات المتحدة استخدام سلاح هجومي رخيص بشكل مفاجئ أو إجبار الجيش الأمريكي على مواجهة مشكلة النفقات الباهظة عند تطوير مثل هذه الأسلحة. علاوة على ذلك فإن استخدام الليزر يسمح للقوات المسلحة الأمريكية الهيمنة على أرض المعركة في مجال الأجهزة البصرية الالكترونية.
كما يمكن إعادة هيكلة النظام الليزري الذي يعمل على استطاعة منخفضة إلى جهاز استشعار، أو إلى أسلحة غير فتاكة. وبالتالي فإن الخصوم المحتملين الذين يقومون بتصميم معدات استطلاع باستخدام أجهزة استشعار متطورة، عليهم أن يأخذوا الخطر الناجم عن الأسلحة الليزرية على محمل الجد.
يمكن حالياً التوصل إلى نتائج معينة من خلال برامج تصميم أسلحة الليزر، وذلك بتكلفتها المنخفضة نسبياً كما أنه يمكن استخدامه بشكل فعال بالاعتماد على تقنيات متقدمة بالإضافة إلى أن الهدف هو تأسيس وتصميم سلاح متنوع الاستخدامات. وفي حال نشر أسلحة طاقة موجهة براً وبحراً، وربما جواً، فإن القوات المسلحة الأمريكية سوف تتفوق بذلك على خصومها المحتملين.
الولايات المتحدة تستعد لجيل جديد من أسلحة الليزر