رادارات فرنسية تغطي الشاطئ الشرقي للسعودية

نشر الجيش الفرنسي منظومة رادار على الساحل الشرقي للسعودية، وفقا لما أفادت به وكالة “رويترز” نقلا عن وزارة الدفاع الفرنسية الجمعة.

ونقلت الوكالة عن مسؤولين فرنسيين قولهم إن بلادهم نشرت منظومة رادار على الساحل الشرقي للسعودية لتعزيز دفاعاتها، وأن هذه الخطوة جاءت بعد هجمات “أرامكو” النفطية في سبتمبر الماضي.

وقال الرئيس إيمانويل ماكرون في كلمة للجيش الفرنسي، في وقت متأخر أمس الخميس: “في شبه الجزيرة العربية والخليج، حيث تتصاعد التوترات، نشرنا في زمن قياسي قوة مهام “جاغوار” التي ستسهم في طمأنة المملكة السعودية”.

وكانت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي، أعلنت في نوفمبر المنصرم أثناء زيارتها للمنامة عن نشر منظومة إنذار متقدمة في الخليج، بما فيها رادار متطور يهدف لمنع هجمات جديدة.

واتهمت فرنسا إيران بتنفيذ الهجوم على منشآت “أرامكو” الذي استخدمت فيه طائرات مسيرة وصواريخ، وعطل عمل أكبر منشأة لمعالجة النفط في العالم، وتعهدت بمد يد العون للرياض لمنع تكرار هذا العدوان.

*تنافس أميركي فرنسي لتعزيز أمن الملاحقة بالخليج

لعل الخلافات مع إيران أظهرت تنافساً أمريكياً فرنسياً للانتشار في منطقة الخليج، ابتداءً من تعزيز أنظمة الرادار في السعودية في أعقاب الهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ كروز على البنية التحتية النفطية للمملكة في سبتمبر الماضي، وصولاً إلى تشكيل تحالفَين يحملان نفس الهدف.

وقال الجنرال كينث ماكنزي إن بلاده تعمل مع السعودية “لزيادة ترابط أنظمتهم، هذا سيجعلهم قادرين بشكل أفضل على الدفاع في مواجهة مثل هذه التهديدات”.

وأضاف أن زيادة الوجود العسكري الأمريكي في قاعدة الأمير سلطان الجوية جنوبي الرياض، إضافة إلى وجود قواعد كبرى في قطر والبحرين، “سيزيد من تعقيد قدرة الخصم على استهدافك”.

من جانبها قالت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورنس بارلي، إن بلادها ترسل بشكل منفصل للرياض “مجموعة قوية من (وسائل) الإنذار المبكر”، من بينها أنظمة رادار؛ للتصدي للهجمات بوسائل تطير على ارتفاع منخفض.

وأضافت أن هذه الوسائل “ستكون في السعودية في الأيام القادمة حتى يمكن تشغيلها بشكل سريع جداً جداً، لكن يتعين إجراء تحليل كي نحدد بشكل أفضل كيفية سد هذه الفجوة”.

التحالف العسكري بقيادة أمريكا

وجاء هذا الإعلان بعد أيام من إعلان رسمي بتدشين أعمال التحالف العسكري البحري بقيادة الولايات المتحدة في 7 نوفمبر الجاري.

وبعد ترقّب دام أشهراً منذ الإعلان عن الفكرة في يونيو، وُلد “التحالف الدولي لأمن وحماية الملاحة البحرية وضمان سلامة الممرات البحرية” بعضوية ست دول إلى جانب الولايات المتحدة، هي السعودية والإمارات والبحرين وبريطانيا وأستراليا وألبانيا.

ومن المقرّر أن تشمل منطقة المهمة البحرية التي أطلق عليها اسم “سنتينال”، مياه الخليج، مروراً بمضيق هرمز نحو بحر عمان ووصولاً إلى باب المندب في البحر الأحمر.

وسعت واشنطن بقوة لتشكيل هذا التحالف لمواكبة السفن التجارية في الخليج، لكنّها لم تتمكن من جذب الكثير من الدول، لا سيّما أنّ الكثير من حلفائها يتوجّسون من جرّهم إلى نزاع مفتوح في المنطقة التي يعبر منها ثلث النفط العالمي المنقول بحراً.

مقر لتحالف عسكري أوروبي في أبوظبي

في 24 نوفمبر الجاري، أعلنت بارلي من أبوظبي أن العاصمة الإماراتية ستكون مقراً لقيادة تحالف أوروبي بحري لمراقبة التحركات في مياه منطقة الخليج، يعمل بالتنسيق مع التحالف الآخر الذي تقوده الولايات المتحدة.

وقالت الوزيرة الفرنسية خلال زيارة إلى قاعدة “السلام” البحرية الفرنسية في أبوظبي بمناسبة مرور 10 سنوات على تأسيسها: “حصلنا صباح اليوم رسمياً على موافقة لإقامة مقر قيادة مهمة المراقبة التي بادر إليها الأوروبيون ويجري بناؤها حالياً على الأرض الإماراتية”.

وأوضحت الوزيرة أنّ هذه المهمة القائمة على مراقبة التحركات ستشمل بين 10 و15 شخصاً، وهدفها “أن نساهم نحن أيضاً في ضمان أمن الملاحة البحرية في الخليج إلى أقصى حد ممكن”.

وشدّدت على أن المهمة الأوروبية “ليست منفصلة أبداً عن عمل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة”، موضحة: “سنقوم بالتنسيق مع الأمريكيين”.

الموقف السعودي

ووسط تحشيد عسكري أمريكي في السعودية، بدا الموقف السعودي من التصعيد ينحو نحو التراجع، في وقت تتحدث أنباء عن وساطات لعدة دول لحل الخلافات مع إيران تفاعلت معها المملكة.

وأكد الملك سلمان بن عبد العزيز، في كلمة له في 20 نوفمبر ، أن بلاده “تأمل أن يختار النظام الإيراني جانب الحكمة، وأن يدرك أنه لا سبيل له لتجاوز الموقف الدولي الرافض لممارساته إلا بترك فكره التوسعي والتخريبي الذي ألحق الضرر بشعبه قبل غيره من الشعوب”.

ما سر تراجع الإمارات والسعودية؟

يرى محللون ، إن الإمارات بتصالحها مع إيران تعمل على “الابتعاد عن لهيب التوتر في الخليج”.

وأشار إلى أن الحد الأقصى الذي يُمكن أن تصل إليه العلاقات الإماراتية الإيرانية هو “الاتفاق على تحييد الإمارات عن لهيب التوتر في الخليج مقابل ابتعاد أبوظبي أكثر عن السعودية في حرب اليمن، وهذا يُشكل مكسباً للجانبين بطبيعة الحال”.

وأضاف: “التردد الأمريكي في مواجهة طهران شكّل حافزاً للإماراتيين لاتخاذ بعض الخطوات الفردية لتخفيف التوتر مع الإيرانيين، وهذه الخطوات تحظى بتأييد أمريكي؛ على اعتبار أنها تُساعد ترامب في عدم تصعيد التوتر”.

وتابع: “السعودية أيضاً لم تعد متحمّسة للمضي في هذه المواجهة مع إيران؛ بسبب ضبابية الموقف الأمريكي، فضلاً عن أن السعودية تُركز الآن على إنجاح فرص التسوية مع الحوثيين، والدور الإماراتي حالياً يخدم توجهات الأمير محمد بن سلمان، الذي يبحث عن إنهاء الحرب باليمن”.

كيف ردت إيران؟

في 9 نوفمبر، أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية بياناً قالت فيه: إن “التحالفات الأمريكية بقيت كأسماء لا أكثر على مدى التاريخ، ولم تجلب الأمن بل أدت إلى زعزعة أمن واستقرار العالم”، وفقاً لوكالة “إسنا” الإيرانية.

وأضافت أن “أمريكا تستغل أسماء بعض الدول لإضفاء الشرعية على التحالف البحري”، لافتة إلى أن “أمريكا تخفي مطامع وأهدافاً خلف عدد قليل من الدول المشاركة في التحالف، وهذا ينم عن ضعفه وافتقاره إلى الشرعية الدولية”.

ودعت الخارجية الإيرانية “دول المنطقة إلى الاعتماد على قدراتها وإمكانات دول الجوار لتحقيق الأمن المستدام والشامل في المنطقة”.

وأكدت أن “إيران كدولة تمتلك أطول ساحل على مياه الخليج، وستواصل بكل قوتها الحفاظ على المصالح الاقتصادية والأمنية في مياه الخليج، بما في ذلك أمن وسلامة الملاحة البحرية”.