تخوض القوى العالمية الكبرى حالياً سباق تسلح يعتمد على الذكاء الاصطناعي الذي يدعو للقلق، لأنه عرضة للخطأ عندما يواجه ظروفاً جديدة ليس مبرمجاً للتعامل معها.
في غضون عدة سنوات، يتوقع أن تنشر الصين أسطولاً من غواصات آلية (غير مأهولة) في بحر الصين الجنوبي، وترفض الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة الصين على بعض جزر ومياه بحر الصين الجنوبي، وهذا يثير خلافاً كبيراً بين القوتين.
من جهتها، سبق أن اختبرت روسيا العام الماضي دبابة آلية في ميادين القتال في سوريا، في حين أفادت تقارير أمريكية أن البنتاجون تعمل حالياً لتطوير غواصات نووية آلية. وأشارت هذه التقارير أيضاً إلى أن الولايات المتحدة تصنع حالياً جيلاً جديداً من طائرات آلية بلا طيار، لا تزال تحت الاختبار.
وهذا التطور التكنولوجي ينطوي على مضامين كبرى – ليس فقط بالنسبة لأساليب خوض الحروب، وإنما أيضاً بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية في المستقبل. فحيث إن الذكاء الاصطناعي أخذ يتحول إلى عنصر رئيسي في الحروب المعاصرة، سوف يكون من الصعب أن تنهي الولايات المتحدة حروبها الحالية وتتجنب خوض حروب جديدة.باختصار، استخدام أنظمة أسلحة آلية تعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكن أن يدفع الجيش الأمريكي إلى خوض حروب باستمرار.
وليس من الصعب إدراك إغراء استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب. إذ إن الروبوت أكثر قدرة بكثير من البشر على معالجة كميات ضخمة من المعطيات والبيانات. وفي وقت أخذت الحروب تخاض بسرعة أكبر، فإن الذكاء الاصطناعي يجعل رد فعل طرف محارب تجاه طرف آخر أسرع بكثير. وهذا يتيح للجيوش إمكانية تقليل اعتمادها على العناصر البشرية – وهذا بدوره يحد من الخسائر في الأرواح، كما يخفض كُلَف الحرب.
ولكن للأسف، هناك جانب آخر لاستخدام أسلحة الذكاء الاصطناعي. فهو يمكن أيضاً أن يغذي لدى كبار القادة العسكريين ثقة غير مبررة في النجاح والانتصار. فعندما لا يعود البشر يخوضون القتال بأنفسهم، قد يصبح من السهل الاستنتاج بأن كُلَف الحروب سوف تكون أقل. وطبعاً، هذا ليس صحيحاً.
إن تقييم النتائج الجيوسياسية المتوقعة للحروب، لهو أصعب من تقدير الخسائر البشرية المتوقعة، ولكنه ليس أقل أهمية. وهذا ما أثبتته بالفعل التدخلات الخارجية الأمريكية في السنوات العشرين الأخيرة. فهذه التدخلات أضعفت أمن أمريكا، وكذلك مكانتها العالمية.
وهناك مسألة أخرى تثير القلق، هي أن الذكاء الاصطناعي عرضة للخطأ. ذلك أن أنظمة الذكاء الاصطناعي هي أنظمة مبرمجة، وهي متفوقة في تأدية مهمات روتينية معينة، إلا أنها عرضة للخطأ عندما تواجه ظروفاً جديدة ليست مبرمجة للتعامل معها.
ومع تزايد دور الذكاء الاصطناعي في الجيوش، سوف يطلب من أسلحة الذكاء الاصطناعي أداء مهمات قد لا تكون بالضرورة مبرمجة للتعامل معها. وهذا أمر مقلق.
فإذا تسرعنا في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، فسوف نسلم سلطة اتخاذ قرارات بشأن الحرب والسلام إلى أدوات مبرمجة للتعامل مع أوضاع محددة – ولكنها غير قادرة على التعامل مع أوضاع متغيرة تخضع لاعتبارات سياسية وجيوسياسية طارئة.
المصدر : موقع «ذا أمريكان كونسرفاتيف»