جيش باكستان لا يستجيب لأميركا

قالت صحيفة نيويورك تايمز إنه رغم الضغوط الأميركية المتزايدة منذ اغتيال أسامة بن لادن فإن قائد الجيش الباكستاني الجنرال أشفق كياني يرفض الاستجابة لمطالب واشنطن بالقضاء على قادة المسلحين، وهذا نقلا عن أشخاص قابلوه في الأيام العشرة الأخيرة. وكشفت الصحيفة أن كياني لا يريد أن يتخلى تماما عن التحالف، لكنه أكثر ميلا لاتباع إستراتيجية ترمي إلى تقليل اعتماد باكستان على الولايات المتحدة، والاستمرار في تقديم تعاون يضمن الحفاظ على مليارات الدولارات التي تقدمها واشنطن مساعدات، وهذا كما قاله مقرب منه تحدث معه مؤخرا. وقالت الصحيفة إن مثل هذا الرد يعد اختبارا لبعض المسؤولين الأميركيين الذين لا يثقون في باكستان أكثر من أي وقت مضى. وبتشجيع من الغارة التي قُتل فيها بن لادن في باكستان، يقول مسؤولون أميركيون إنهم يملكون الآن قدرا أكبر من النفوذ لدفع باكستان إلى التعاون من أجل مطاردة قادة طالبان والقاعدة حتى تستطيع الولايات المتحدة إنهاء الحرب في أفغانستان. وقال مسؤول أميركي رفيع إن الولايات المتحدة سوف تدفع الآن بقوة أكبر الجنرال كياني إلى قطع العلاقات مع الزعماء المتشددين الآخرين الذين يعتقد مسؤولون أميركيون أنهم يختبئون في باكستان بدعم من الأجهزة العسكرية والاستخبارية. وأضاف المسؤول الأميركي أن القائمة تشمل الملا محمد عمر زعيم حركة طالبان الأفغانية، وسراج الدين حقاني، وجماعة لشكر طيبة وهي الجماعة التي تتهمها الولايات المتحدة بالوقوف وراء هجوم مومباي بالهند عام 2008. وفي الوقت نفسه ينتظر المسؤولون الباكستانيون بفارغ الصبر معرفة أي معلومات استخبارية جديدة تتسرب من غارة إبت آباد بشأن تنظيم القاعدة في باكستان ويمكن استخدامها لممارسة مزيد من الضغوط عليهم. لكن أولئك الذين تكلموا مع الجنرال كياني قالوا إن مطالب القطيعة مع كبار النشطاء من المرجح أن تكون أكثر من اللازم بالنسبة لقائد الجيش الذي من المقرر أن يعقد اليوم الجمعة جلسة مغلقة وغير عادية مع البرلمان لإنقاذ سمعته وشرح الأخطاء العسكرية المحيطة بالغارة الأميركية. وأكدت الصحيفة أن للأميركيين رغبة في تحول سريع في موقف باكستان الإستراتيجي الذي اعتمد منذ فترة طويلة على استخدام الجماعات المسلحة في حروب وكالة ضد الجيران. كما أنها تأتي وسط ضغوط على الجنرال كياني من جنرالين معارضين للولايات المتحدة. وتقول الصحيفة إن العديد من أصحاب الرتب الصغرى في الجيش يتعاطفون مع الجماعات المسلحة أكثر مما يتعاطفون مع الولايات المتحدة. ومن شأن القضاء على زعماء الجماعات المسلحة المرتبطة بالجيش والاستخبارات الباكستانية أن يتسبب في رد عنيف قد يؤدي إلى "حرب أهلية" في باكستان كما يقول مسؤول باكستاني كبير سابق استشاره الجنرال كياني في إخراج قيادات هذه الجماعات في أعقاب الغارة على بن لادن. ومنذ ثلاث سنوات يتودد العسكريون الأميركيون إلى الجنرال كياني لإقناعه بشن هجوم ضد شبكة حقاني في شمال وزيرستان، لكن احتمال استجابته الآن صار أضعف بكثير. ووسط تزايد الشعور بالإحباط من إسلام آباد، فإن المسؤولين الأميركيين يتجنبون قطعا كاملا للعلاقات مع باكستان المسلحة نوويا والتي لا غنى عنها لإنهاء الحرب في أفغانستان المجاورة. وأكدت الصحيفة أنه مع حرص الولايات المتحدة على تقليص قواتها في أفغانستان فإنها تحتاج باكستان أكثر من أي وقت مضى، وهذا عامل من شأنه أن يلعب دورا في خطوة الجنرال كياني المقبلة كما يقول الجنرال جاويد أشرف قاضي المدير العام السابق لجهاز المخابرات الباكستاني الذي اجتمع مؤخرا مع الجنرال كياني. وأضاف أنه "بدون دعم باكستان لا يمكن للولايات المتحدة كسب المعركة في أفغانستان، والآن يقول الأميركيون نرجو إحضار حركة طالبان إلى طاولة المفاوضات". وقال الجنرال قاضي إن الجنرال كياني غضب لأن إدارة أوباما لم تثق به بما يكفي لتخبره قبل الغارة على بن لادن، وبهذا التصرف فإن أميركا لا تعتبر باكستان أفضل صديق. وقال رياض خوخر، وهو سفير سابق لباكستان في الولايات المتحدة واجتمع مع الجنرال كياني "إن الجنرال لا يمكن أن يتجاهل مشاعر جنوده"، وأضاف أن "هناك شعورا عاما في الجيش بأن الولايات المتحدة حليف غير جدير بالثقة"، وقال "لا نريد أن نكون عدوا للولايات المتحدة، ولكن تجربة الصداقة مع الولايات المتحدة لم تكن تجربة مريحة، لذلك علينا أن نجد طريقا وسطا". وقال الجنرال قاضي إن أسئلة صعبة كانت تدور في الجيش بشأن كون الدعم المالي الأميركي للجيش الباكستاني "يستحق أن نفقد حياتنا من أجله" في محاربة الإسلاميين. ومنذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 منحت الولايات المتحدة أكثر من 20 مليار دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية لباكستان، وهو مبلغ لا يشمل المساعدات السرية وفقا لآلن كرونستاد المتخصص في شؤون جنوب شرقي آسيا بقسم الأبحاث في الكونغرس. وقال مدير مركز جنوب آسيا في مجلس الأطلسي بواشنطن شجاع نواز إن قطع العلاقات سيكون مكلفا للغاية بالنسبة للجيش الباكستاني. وأضاف أن مشاعر معادية لباكستان ازدادت في الكونغرس عندما انتظرت باكستان الموافقة على دفع المتأخرات لتغطية تكاليف محاربة الإسلاميين. وعلى المدى القصير بدا الجنرال كياني مهتما بمعنويات جنوده أكثر من اهتمامه بتضرر العلاقات مع الولايات المتحدة، وفقا لما نقله أولئك الذين التقوا به. وزار الجنرال كياني ست حاميات للجيش هذا الأسبوع في محاولة لتبديد الشكوك إزاء الجيش وقيادته. وأثناء ظهوره وفقا لمقابلات مع الجنود بعد ذلك أقر الجنرال كياني بفشل المخابرات في عدم معرفة مخبأ بنلادن في إبت آباد. لكنه أضاف أن هذا لا يعني أنه يجب توبيخ باكستان