العقيدة العسكرية الاسرائيلية

"المغوار"

راقب كلماتك .. فهي دليل شخصيتك
عضو مميز
إنضم
27 أغسطس 2010
المشاركات
9,928
التفاعل
21,904 10 0
الدولة
Jordan







العقيدة العسكرية "الإسرائيلية"

بقلم د . ياسين سويد







مقدمة



العقيدة العسكرية هي مجموعة المبادئ والأفكار التي تعتمدها دولة ما لتسويغ استراتيجية عسكرية خاصة بها، بحيث تشكل هذه الإستراتيجية أساسا صالحا لتحقيق استراتيجيتها العليا أو القومية.



وتستمد العقيدة العسكرية الصهيونية (التي هي أساس الإستراتيجية العسكرية "الإسرائيلية" المعاصرة) جذورها من معتقدات وأفكار من كتاب اليهود المقدس، أي "العهد القديم" الذي هو التاريخ العسكري لدى المعتمد لدى اليهود بدءا من تاريخ خروجهم من مصر (القرن الثالث عشر ق.م). حتى ثورة المكابيين على السلوقيين (في القرن الثامن ق.م)، رغم ما يشوب أحداث هذا الكتاب من أسطورة، وما يعتريها من شكوك، بسبب بعدها عن المنطق وعن العملية معا.



وإذ تتخذ الحركة الصهيونية كتاب اليهود (العهد القديم) حجة ومبررا، بل سندا إلهيا، لمطالبتها السياسة بأرض الميعاد موطنا لليهود (ولسنا هنا في مجال مناقشة هذه المطالبة القائمة على العنصرية والوهم والأسطورة)، نرى أنه لا بد لأي باحث في العقيدة العسكرية الصهيونية من أن يلمس، بوضوح، مدى تجذر هذه العقيدة في الفكر العسكري الديني التاريخي لليهود، والذي أسهب العهد القديم، نفسه، في التعبير عنه والتأكيد عليه، بحيث شكل هذا الفكر مصدرا، لا يمكن إهماله، من مصادر العقيدة العسكرية "الإسرائيلية" المعاصرة.

ويمكننا أن نستخلص، من مراجعة العهد القديم، المعتقدات والأفكار التي تشكل، بدورها، العقيدة العسكرية الصهيونية، وهي:



أولا: الطبيعة العدوانية.



ثانيا: العنف والإرهاب.



ثالثا: الاحتلال والتوسع والسيطرة.



رابعا: الحرب الجماعية أو الأمة المسلحة.



خامسا: التعبئة النفسية والمعنوية.





أولا: الطبيعة العدوانية



لا شك في أن الطبيعة العدوانية التي تميز بها التاريخ اليهودي، وبالتالي، الشعب اليهودي نفسه، هي طبيعة متأصلة في هذا الشعب، بحكم التوارث والتربية الدينية التوراتية، وليست ظرفية أو مكتسبة. ونجد في "العهد القديم" أمثلة كثيرة تدل على هذه الطبيعة العدوانية المتميزة بالهجومية ومنطق القوة لدى شعب "إسرائيل"، إذ يبدو هذا الكتاب مليئا بالتحريض على العدوان والعنف والاحتلال والتوسع والاستيلاء على أرض الغير بدون وجه حق، ويبدو شعب بني "إسرائيل" شعبا مهاجما دائما، ومعتديا دائما، ولم يكن مدافعا قط، وهو ما فتئ منذ وجوده، يقاتل كل الشعوب التي تقف حائلا، دون تحقيقه لأطماعه السياسية العدوانية التي يبررها بوعد الرب، رب "إسرائيل"، له بأرض الميعاد "من نهر الكبير، نهر الفرات" (1)



و يتحدث الصحفي الفرنسي "جان لارتيغي" في كتابه "أسوار "إسرائيل" " عن النزعة العدائية للشعب اليهودي على مر التاريخ والعصور فيقول: "كل التاريخ القديم "لإسرائيل"، الذي تقصه التوراة علينا، هو عسكريا قبل كل شيء، فجنود موسى ويشوع وداود لم يتخلوا قط عن القتال والنزاع، حتى فيما بينهم. إنهم ليسوا برحومين مع أعدائهم المغلوبين... وإن يهوذا إله "إسرائيل"، هو، أيضا، إله الجيوش، إنه محارب قاس، قاد بعناد شعبه غير المنضبط، الذي جرب كل المستجدات. فقد قاتل اليهود، بالتتابع، كلا من الآشوريين والبابليين والمصريين والـمؤابيين والـفرس والـيونان والـرومان" ، (2) مغفلا، ربما عن عمد، ذكر عدائهم المتجذر توراتيا لشعب فلسطين، واعتداءاتهم المتكررة تاريخيا، على هذا الشعب.



ومنذ منتصف القرن الميلادي الثامن عشر، بدأ اليهود يعدون العدة للعدوان على فلسطين، وذلك من خلال ما ابتدعوه، وحرصوا على المحافظة عليه وعمدوا إلى إثارته بين الفينة والأخرى، مما سموه بالمسألة اليهودية وعقدة اللاسامية، وحاجة هذا الشعب "المظلوم والمشرد والبائس والمستضعف" إلى أرض يمتلكها ووطن يأوي إليه ويستجير به، واستطاعوا، بما أوتوا من حنكة ودراية ودهاء، أن يقنعوا العالم بعدالة قضيتهم، فكانت "فلسطين"، وللمرة الثانية، ضحية عدوانهم، بل فداء لكل الشعوب الأرض التي نبذتهم وكرهت استضافتهم.



قامت الدولة العبرية على العدوان إذن في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، كما قامت على العدوان، أيضا، في القرن الميلادي العشرين. وكما طرد بنو "إسرائيل"، بدون وجه حق، ومنذ اثنين وثلاثين قرنا، "سبع أمم" من أرضهم وديارهم، طردوا، بدون وجه حق، كذلك، وفي هذا القرن (الميلادي العشرين)، الفلسطينيين العرب من أرضيهم وديارهم. وكما امتلك بنو "إسرائيل"، منذ اثنين وثلاثين قرنا، وبدون وجه حق، "مدنا عظيمة لم يبنوها، وبيوتا مملوءة كل خير لم يملئوها، وآبارا محفورة لم يحفروها، وكروما وزيتونا لم يغرسوها" امتلكوا، في هذا القرن بالذات، وبدون وجه حق كذلك، مدن الفلسطينيين، وبيوتهم المملوءة خيرا، وآبارهم وكرومهم وزيتونهم. فأي تاريخ، في البشرية، أكثر عدوانية وهمجية من تاريخ بني "إسرائيل" هذا؟



ويكفي أن تكون ""إسرائيل" الدولة الوحيدة، في هذا العالم، التي لم يرد في دستورها حدود لها، حتى تتأكد، بلا جدال، الطبيعة العدوانية لهذه الدولة. كما أن الوضع القائم حاليا في الجولان وجنوب لبنان والبقاع الغربي يشكل النموذج الساطع للعدوان "الإسرائيلي" المستمر والمتمادي ضد سوريا ولبنان.



ثانيا: العنف والإرهاب



لقد استخدمت "إسرائيل"، منذ قيامها، مختلف وسائل العنف والإرهاب بقصد اقتلاع الفلسطينيين من ديارهم أولا، ثم ردعهم عن السعي للمطالبة أو العودة إليها، فيما بعد، حتى غدت هذه الوسائل (العنف والإرهاب) حجر الأساس في الإستراتيجية الصهيونية القائمة على مبدأ (الاحتلال والتوسع بهدف الاستيطان) قبل قيام "إسرائيل"، واستمر بعد قيامها. ثم ما لبث العنف والإرهاب أن أضحى، بعد قيام الدولة العبرية، وفي مواجهة النضال الفلسطيني والعربي ضد الاحتلال الصهيوني، والرافضة لوجوده، وخصوصا تلك التي احتلت أرضها من قبل العدو الصهيوني، ولا تزال.



وأصبح العنف والإرهاب، بالتالي، عنفا رسميا وإرهابا رسميا، تعتمده الدولة العبرية، بهدف ردع المقاومة والشعب الفلسطينيين عن مواصلة نضالهما لاسترداد الحقوق الفلسطينية المغتصبة، كما تعتمده بهدف ردع الدول العربية التي احتلت أرضها عن النضال في سبيل استرداد هذه الأرض. والوضع القائم حاليا في جنوب لبنان والبقاع الغربي يشكل النموذج الساطع للعنف "الإسرائيلي" المستمر والمتمادي ضد لبنان.



وقد اعتمدت الصهيونية العنف والإرهاب في كل نشاطاتها السياسية والعسكرية، وفي مختلف مراحلها، أي منذ نشأتها كحركة سياسية وحتى قيام دولتها "إسرائيل"، واستمرت بعد قيام هذه الدولة، ولا تزال، فهي قد اعتمدت العنف والإرهاب كوسيلة سياسية في فلسطين، في عهد الانتداب البريطاني، ضد الفلسطينيين، وضد البريطانيين أحيانا، كما اعتمدتها كوسيلة عسكرية في سائر مراحل نزاعها مع العرب، في السلم والحرب معا. وقد تنوعت أساليب العنف والإرهاب التي استخدمتها الحركة الصهيونية، ثم عمليات عسكرية ضد الآمنين والمسالمين والعزل من السلاح، في فلسطين وسائر الدول العربية من المحيط إلى الخليج. ونذكر، على سبيل المثال لا الحصر:





عمليات العنف والإرهاب التي قامت بها المنظمات الإرهابية (الهاغانا والارغون وشتيرن) في فلسطين في عهد الانتداب البريطاني، (عملية نسف فندق الملك داود بالقدس في 22 تموز - يوليو 1946).



عمليات اغتيال زعماء سياسيين وقادة عسكريين ومفكرين ومثقفين فلسطينيين (غسان كنفاني، وكمال ناصر، محمد يوسف النجار، وكمال عدوان، وعلي سلامة، ومحمود الهمشري، ومحمد بوديا، ومحمود صالح، وحسين أبو الخير، ووائل زعيتر، وماجد أبو شرار، ومنذر أبو غزالة، وخليل الوزير (أبو جهاد، وغيرهم)، وبالإضافة إلى محاولات اغتيال متعددة أبرزها محاولة اغتيال الدكتور أنيس صايغ رئيس مركز الأبحاث الفلسطيني ببيروت في 19 تموز - يوليو 1972.



عمليات قصف المخيمات الفلسطينية والقرى والمدن اللبنانية والسورية والأردنية والمصرية طيلة سنوات عديدة من صراع العرب مع العدو الصهيوني.



عمليات القصف الجوي والمدفعي التي تعرض لها جنوب لبنان في صيف 1993 (آب - أغسطس) والتي استمرت سبعة أيام، وقد عرفت هذه العمليات "بحرب الأيام السبعة" على لبنان.



عمليات القصف الجوي والمدفعي والحصار البحري التي لا يزال يتعرض لها جنوب لبنان إلى اليوم.



عملية "عناقيد الغضب" التي نفذها العدو الصهيوني ضد المواطنين اللبنانيين المدنيين في الجنوب والبقاع الغربي بين 11 و 26 نيسان 1996.



وغير ذلك من عمليات العنف والإرهاب التي ارتكبها الكيان الصهيوني والتي يصعب حصرها (الخطف والاعتقال والسجن - أعمال القرصنة البحرية والجوية - النسف والتدمير - طرد السكان العرب وتدمير المدن العربية - عمليات القتل الجماعي - الخ ...).



وقد حاول الإرهابي الصهيوني المعروف "مناحيم بيغن" أن يفلسف إستراتيجية العنف والإرهاب التي اعتمدتها الصهيونية، وخصوصا المنظمة الإرهابية المسماة (الأرغن) التي كان يرأسها، في أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين، فرأى أن الصهاينة استطاعوا، في المرحلة الأولى من "الثورة" بلوغ هدف استراتيجي مهم هو نجاحهم في "إلغاء العامل العربي المحلي"، إذ أنه لم يعد بإمكان البريطانيين أن يتذرعوا، بعدها، لبقائهم في فلسطين، "بحماية اليهود من العرب"، وهي الذريعة التي كانوا يتذرعون بها سابقا.



وهكذا، أضاع العرب المبادرة العسكرية، وصار على البريطانيين، لكي يبقوا في فلسطين، أن يتذرعوا بـ"حماية العرب من اليهود" . (3)



ومما لا شك فيه أن العنف والإرهاب يشكلان ركيزتين من أهم ركائز الفكر الإستراتيجي الصهيوني، وقد ظهر ذلك واضحا في كتابات "جابوتنسكي" الذي يرى أن "السيف لا يمكن إلغاؤه" وأن "التوراة والسيف أنزلا علينا، معا، من السماء" ، (4) وفي كتابات "وايزمن" أو لرئيس للدولة العبرية، الذي رأي أنه، رغم أن الإرهاب الذي تقوم به (الهاغانا) شيء رديء، إلا أنه ربما كان "بمثابة ظاهرة لها حسناتها لتحقيق الوطن القومي اليهودي" ، (5) وكذلك في كتابات "بن غوريون" الذي رأى أن "مملكة داود لا تقوم إلا بالدم، وأن مصير اليهود مرتبط بقوتهم العسكرية" (6) وأخيرا في كتابات "مناحيم بيغن" الذي كان يؤمن إيمانا شديدا بفوائد العنف والإرهاب من أجل بناء دولة اليهود فيقول: "نحن نحارب، إذن، نحن موجودون" ، (7) رغم أنه يحاول أن ينفي عن اليهود، وخصوصا منظمة (الأرغن)، تهمة الإرهاب، معتبرا أن ما تقوم به هو "ثورة" وليس إرهابا . (8)



وليس أدل على إرهاب الصهاينة من اعتبار الكثير من "الإسرائيليين" "باروخ غولدشتاين" مرتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي في عام 1994، بطلا قوميا.



ويتحرك إزاء كل ذلك، صوت صارخ لضمير يهودي، فيقدم شهادات تتحدث عن "فظاعة الإرهاب اليهودي" قبل قيام "إسرائيل" وبعد قيامها، إذ يقول البروفيسور "يسرائيل شاحاك" في كتابه "عنصرية دولة "إسرائيل" " (طبع في باريس عام 1975) ، ما يلي:



"إنني أدين كل أشكال الإرهاب، ليس فقط الإرهاب الموجه ضد اليهود، بل كذلك الإرهاب الذي يرتكبه اليهود ضد العرب.. لن أعود إلى إرهاب المنظمات اليهودية السرية في ظل الانتداب البريطاني، بل أقف عند ذلك الذي حدث منذ وجود دولة "إسرائيل"" ثم يضيف قائلا "يظهر أنه من الصعب أن نجد رجلا أكثر جدارة باسم إرهابي أكثر من "هارزيون" ففي مذكراته، كما في الكثير من المقابلات التي نشرت له في الصحافة "الإسرائيلية"، يظهر كم كان مجرما، وبأية شهوة كان يقتل، وكم كان يشتهي أن يقتل عربيا وخصوصا بسكين، إذ يشعر عندها بأنه "فحل". ثم يذكر "شاحاك" كيف أن هذا الإرهابي طلب ذات يوم من قائده أن يسمح له بقتل راع عربي، أعزل من السلاح، وبسكين كان يحملها. وكيف روى أنه تقدم بفرح سادي نحو هذا الراعي فغرز سكينه في ظهره، بينما كان رفيق له يمسك به. وقد وقف مع رفيقه يتأملان، بابتهاج، فوران الدم من جروح الراعي العربي المسكين" (قد نشر حديث هذا الإرهابي في صحيفة هآرتس "الإسرائيلية" بتاريخ 9 تشرين الثاني - نوفمبر 1975) (9) ....



ثم يسرد العديد من أعمال العنف والإرهاب التي قامت بها "إسرائيل" ضد أهداف مدنية عربية، مثل: اغتيال قادة منظمة التحرير الفلسطينية (ناصر وعدوان والنجار) في بيروت، (بتاريخ 10 نيسان - أبريل 1973)، (حيث قتل نساء بريئات جريمتهن الوحيدة إنهن كن يقطن بالقرب من المغدورين)، وعمليات القصف بالنابالم لإربد والسلط وغيرهما من المدن الأردنية، (صيف 1968) وعمليات القصف المنتظمة لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان (صيف 1974)، وخصوصا تلك القنابل الموقوتة التي كانت تنفجر بعد ساعة أو ساعتين من إلقائها، أي عندما يكون الناس منهمكين في أعمال الإسعاف الطبي للمصابين.



ثالثا: الاحتلال والتوسع والسيطرة



ونجمل فيما يلي، الإستراتيجيات الثلاث التي اعتمدتها الدولة العبرية، بعد إنشائها عام 1948، لتحقيق أطماعها الاحتلالية والتوسعية. فقد اعتمدت "إسرائيل":



1 - إستراتيجية خاصة بالاحتلال والتوسع.



2 - إستراتيجية خاصة بالهجرة (اليهودية) والتهجير (الفلسطيني والعربي).



3 - إستراتيجية استيطانية للأرض المحتلة.



وطبقت هذه الإستراتيجيات الثلاث على مراحل وبالشكل التالي:



1 - توسيع رقعة المجتمع اليهودي على الأرض الفلسطينية المحتلة بشكل تدريجي وذلك بواسطة:



أ - زيادة عدد اليهود في هذا المجتمع زيادة سريعة عن طريق الهجرة الجماعية من جهة، والزيادة الطبيعية للسكان اليهود من جهة ثانية، وذلك بتوسيع القاعدة البشرية اليهودية التي يتولد منها المجتمع اليهودي المحارب.



ب - زيادة مساحة الأراضي التي يمتلكها اليهود عن طرق إغراء العرب ببيع أراضيهم أولا، ثم عن طريق احتلال الأراضي ومصادرتها، كما يجري، حاليا، في القدس الشرقية والضفة الغربية.



ج - زيادة عدد المستوطنات التي تقام على الأرض العربية المحتلة وتأمين حمايتها ورفاهيتها.



د - توفير مختلف الوسائل التي تدفع باليهودي الجديد (المستوطن) لكي يتمسك بأرضه الجديدة و"وطنه" الجديد، ولا يفكر بالعودة إلى وطنه الأصلي.



2 - تحسين القدرة المالية والاقتصادية للمجتمع اليهودي في فلسطين المحتلة، وذلك عن طريق صندوق الجباية اليهودية والتبرعات اليهودية من جهة، وعن طريق تحسين الإنتاج الذاتي لهذا المجتمع، من جهة أخرى.



3 - تحسين القدرة على التلاحم الاجتماعي بين مختلف أجناس اليهود وطبقاتهم بغية "تقليص الفوارق الاجتماعية" في هذا المجتمع و"رفع المستوى الثقافي والاجتماعي" وبلورة المجتمع الواحد . (10)



4 - تحسين القدرة العسكرية للمجتمع اليهودي، عن طريق:



أ - بناء المستوطنات في مناطق إستراتيجية عسكرية، دفاعية وهجومية ووفقا لإستراتيجية عسكرية وسياسية مدروسة.



ب - تشكيل قوات دفاعية فردية وجماعية (منظمة الهاشومير، أي الحارس)، ثم دفاعية ـ هجومية فيما بعد (الهاغاناه) وقوات إرهابية (الأرغن والشتيرن بالإضافة إلى الهاغاناه)، بغية الدفاع عن المستوطنات من جهة، وإرهاب السكان العرب وتهجيرهم من أرضهم، من جهة أخرى.



ج - تشجيع الاستيطان "في القرى القليلة والمدن السكنية في الأرض المحتلة بسبب تهجير أهلها منذ عام 1948، وفي الأرض المحتلة منذ عام 1967، وعلى طول الحدود الجديدة، طبقا للمقتضيات العسكرية وللظروف السياسية" ، (11) ومصادرة الأراضي المملوكة وغير المملوكة من الفلسطينيين، مهاجرين كانوا أم مقيمين، وبدواع تخترعها الحكومة العبرية وتتذرع بها، كدواعي الأمن والدفاع ومصلحة الاقتصاد الوطني واستخدام قانون الغائبين الخ... وبناء مستوطنات يهودية على هذه الأرض وفقا لمخطط عسكري وإنمائي واجتماعي مدروس.



5 - إتباع إستراتيجية "المراحل" أي إستراتيجية "القضم والهضم" للأراضي المصادرة، واستخدامها في إستراتيجية الاحتلال والتوسع والهجرة والتهجير والاستيطان، وذلك بدءا من مطلع القرن التاسع عشر، مرورا بعهد الانتداب البريطاني، وقيام الكيان الصهيوني، حتى اليوم، بلا انقطاع.



ويحدد "يغال آلون" المهمات "المركبة" التي تقع على عاتق الدولة العبرية، في مجال "الاحتلال والتوسع بهدف الاستيطان"، وذلك بعد قيامها بنحو ربع قرن (12) كما يلي:



أ - نمو سكاني يهودي عن طريق النمو الطبيعي والهجرة الجماعية.



ب - تطور الاقتصاد ومقدرة الإنتاج الذاتي لتقليص تعلقها ("إسرائيل" ) بالاستيراد ولتحسين الميزان التجاري.



ج - بلورة المجتمع، ورفع مستواه الثقافي والمهني، مع اجتثاث جذور الفقر والجهل، وتقليص الفوارق الاجتماعية بين أوساط المواطنين.



د - تشجيع حركة السكن القروية والمدينة في المناطق غير المأهولة، ضمن نطاق "إسرائيل" بحدود ما قبل حرب حزيران وعلى الحدود الجديدة بموجب مقتضيات الأمن والميزان السياسي.

هـ - تعزيز قوة جيش الدفاع "الإسرائيلي" في العدة والعدد..."



ولا شك في أن "يغال آلون" يرسم، في هذه البنود، الخطوط الأولى لإستراتيجية "إسرائيلية" توسعية، وخصوصا عندما يرى وجوب تشجيع حركة السكن (اليهودي) على طول الحدود الجديدة التي رسمتها حرب عام 1967 والتي دعتها "إسرائيل" "بالحدود الآمنة".

كما يحدد "موشي دايان" إستراتيجية "إسرائيل" في هذا المجال كما يلي:



1 - السلام الذي يمكن صنعه الآن هو سلام للمدى القصير فقط.



2 - يجب أن لا نسمح للعرب بتعيين حدود "إسرائيل" .



3 - من أجل قيام دولة يهودية، لا بد من: سيادة مكان سيادة، ويهود مكان عرب" . (13)

وتتضح، من هذه المبادئ الثلاثة التي وضعها "دايان"، حقيقة الأطماع "الإسرائيلية" في الاحتلال والتوسع والسيطرة:



1 - فأي سلام يمكن أن يقوم بين "إسرائيل" والعرب هو، في نظره، سلام موقت وليس دائما، ذلك إن السلام الدائم لن يكون لمصلحة "إسرائيل"، الدولة التوسعية المعتدية والطامحة للسيادة التامة على الجوار العربي بأكمله.



2 - ولأجل هذا فان "إسرائيل" لا ترضى، إطلاقا، بتعيين حدود لها، ذلك إن حدودها يجب أن تظل "مرنة" قابلة للامتداد والتوسع على حساب البلدان المجاورة.



3 - كما إن قيام الدولة اليهودية، مع ما يلزمها من مقتضيات التوسع والسيطرة، يفترض قيام السيادة اليهودية مكان السيادة العربية في أي كان "تطأه أخمص أقدام اليهود".



لقد امتازت الإستراتيجية "الإسرائيلية" في مجال الاحتلال والتوسع والسيطرة بوضوح أهدافها، وبأساليبها المرحلية المتدرجة القائمة على نهج "القضم والهضم" وذلك تجنبا لإثارة الرأي العام الدولي من جهة، ولكي تتمكن من استيعاب ما تبتلعه من أراضي، وسد الفراغ الناتج عن تهجير أهلها العرب الأصليين بيهود جدد مهاجرين (مستوطنين).



وهي إذ تعلن عن هدف قريب على أساس انه الهدف الأخير، إذا بها تعلن، بعد تحقيقه، عن هدف آخر يليه، مدعية انه الأخير كذلك، حتى إذا ما بلغته هدفا سواه (14) ...



وستظل شهية الدولة العبرية مفتوحة لمزيد من الاحتلال والتوسع والتسلط والسيطرة، وللمزيد من العدوانية والعنف والإرهاب، غير عابئة بالضمير العالمي والمجتمع الدولي الذي لا يفتأ يسايرها ويمالئها على حساب العرب وحقوقهم وكرامتهم. ولن تقف أطماعها عند حد إلا إذا استفاق العرب من سباتهم واعدوا العدة لدحر الهجمة الصهيونية الشرسة والمستمرة على أراضيهم، والتي تهدد دينهم وأوطانهم وقوميتهم وهويتهم وأجيالهم.



رابعا: الحرب الجماعية أو الأمة المسلحة.



وإذا كان "دايفيد بن غوريون" قد وصف، شعب "إسرائيل"، بأنه، "تجمع للمحاربين"، فذلك لأن المجتمع "الإسرائيلي" "مجتمع عسكري" بطبيعته، بسبب كونه مجتمعا قائما على "الاغتصاب والقهر" لذا، فهو سيظل مستنفرا ومعبأ ومجندا.



ويتأكد لنا ذلك من دراستنا للإحصاءات التي تقدمها مؤسسات الأبحاث الإحصائية عن القوة العسكرية "الإسرائيلية"، ففي دراسة أعدتها مؤسسة العلاقات الدولية والإستراتيجية بالاشتراك مع جامعة باريس - الشمال عام 1991، تبين ما يلي:





يبلغ عدد سكان "إسرائيل" 4.579.000 نسمة (منهم 3.734.000 يهودي) ، وفيهم: 564.000 من الذكور و 534.000 من الإناث (ما بين الـ 18 والـ 32 عاما).



يبلغ عديد الجيش "الإسرائيلي": 141.000 عسكري (منهم 110.000 مجند).



يبلغ عديد الجيش "الإسرائيلي" عند إعلان التعبئة العامة 504.000 عسكري، فيهم:



494.000 عسكري في القوات البرية.



1000 عسكري في القوات البحرية.



9000 عسكري في القوات الجوية . (15)



فإذا اعتمدنا عدد المقاتلين في "إسرائيل" عند إعلان التعبئة العامة وهو 504.000 مقاتل،كأساس لحسبان نسبة هذا الجيش (المعبأ) إلى: عدد سكان "إسرائيل"، ثم عدد الذكور منهم، نجد ما يلي:



تبلغ نسبة الجيش المعبأ إلى العدد الإجمالي لسكان "إسرائيل": 11% (مع العلم أن النسبة المتعارف عليها عالميا، هي 10% من مجموع السكان).



تبلغ نسبة هذا الجيش إلى عدد اليهود في "إسرائيل" 13.5%.



تبلغ نسبة هذا الجيش إلى عدد الذكور في "إسرائيل" (من سن الـ18 إلى سن الـ32، وهي السن التي يدعى فيها الشباب، عادة ، إلى الخدمة العسكرية الإجبارية) : 89.36%.



تبلغ نسبة هذا الجيش إلى عدد البالغين ما بين 18 و 32 سنة، من الذكور والإناث معا (وعددهم 1.098.000) = 45.9%.



فإذا أجرينا تقييما لهذه النسب، نجد أنها مرتفعة جدا، وخصوصا بالنسبة إلى عدد اليهود في "إسرائيل" (13.5%) وإلى عدد الذكور فيها، الذين يدعون، عادة، إلى الخدمة العسكرية الإجبارية (89.36%) أو إلى عدد الذكور والإناث الذين يدعون إلى هذه الخدمة (45.90%).



يضاف إلى ذلك أن نظام الخدمة العسكرية الإجبارية يقضي بان يخدم المجند:



48 شهرا، للضباط.



36 شهرا، لباقي العسكريين الذكور.



24 شهرا، للنساء.



ثم يخضعون، بعدها، لتدريب دوري سنوي،حتى سن الـ54 للرجال والـ24 للإناث غير المتزوجات. وتكون مدة التدريب السنوي شهرا واحدا، مما يجعل الدولة تحتفظ بنسبة كبيرة من الشعب في حالة بدنية وذهنية لائقة للقتال، هذا بالإضافة إلى ما تتميز به "إسرائيل" من قوة نووية . (16)



وقد بلغت ميزانية الدفاع في "إسرائيل" عام 1989: 6.02 مليارات دولار أميركي من اصل الميزانية العامة للعام المذكور، وقدرها 39.919 مليار دولار أميركي أي ما يعادل نسبة 15.08 % من مجموع الميزانية العامة للدولة، وهي نسبة مرتفعة جدا ، خصوصا إذا ما علمنا أن "إسرائيل" تأتي، من حيث نفقات الدفاع في ميزانية عام 1989، في المرتبة الواحدة والعشرين بين دول العالم وعددها 131 دولة.



كما أن "إسرائيل" تستخدم افضل نظام للتعبئة وأسرعه في العالم، إذ يصل، بفضله، مجموع القوات المسلحة "الإسرائيلية" إلى نصف مليون عسكري بعد 72 ساعة فقط من إعلان التعبئة العامة.



ولهذا يمكن القول أن "مسؤولية الحرب" في "إسرائيل" هي مسؤولية الشعب بأكمله، وليست مسؤولية القيادة السياسية أو العسكرية وحدها.



ويعي قادة "إسرائيل"، ولا شك، خطورة اختيارهم فلسطين وطنا لليهود في قلب أمة عربية يمتد وطنها من المحيط إلى الخليج، ويزيد عدد سكانها على المأتي مليون نسمة، لذا، فان مبدأ "الحرب الجماعية" أو "الأمة المسلحة" هو المبدأ العسكري الذي تقوم عليه العقيدة العسكرية الصهيونية. ويفرض هذا المبدأ على الكيان الصهيوني ما يلي:



1 - اتخاذ الحيطة الدائمة، وذلك يعني اتباع نظام صارم في التعبئة العسكرية والاستنفار لا مثيل له في العالم، وهو استنفار لا بد من أن يظل يقظا دائما، وان يشمل جميع مرافق الحياة في "إسرائيل"، وان يتميز بالأمور التالية:



أ - الاعتماد على جيش محترف ومتطور (141.000 جندي) يعتبر نواة القوات المسلحة العامة (504.000 جندي) التي تتألف في زمن الحرب، من الجيش المحترف وجيش الاحتياط معا. وهذا ما يفرض على "إسرائيل" الاحتفاظ بطاقتها البشرية "وتجميد جزء كبير من اليد العاملة المسلحة غير المنتجة" ، (17) في زمن السلم، وتجميد كل طاقاتها العاملة والمنتجة طيلة مدة الحرب.



ب - تحديث نظامها التعبوي وتطويره حتى اصبح "من خيرة أنظمة الاحتياط في العالم" ، (18) سواء من حيث اختصار الفترة الزمنية اللازمة لتعبئة الاحتياط إلى اقصر فترة ممكنة 72 ساعة)، أو توسيع "هامش الزمن" اللازم للقيادة العسكرية لإعلان التعبئة ، وذلك بفضل استخبارات متطورة ومتقدمة تقنيا.



ج- الاعتماد على نظام استخبارات متقدم ومتطور يتيح للقيادتين السياسية والعسكرية الاستعلام عن العدو واكتشاف نواياه في اقصر مدة ممكنة، الأمر الذي يتيح لهاتين القيادتين هامشا واسعا من المناورة السياسية والعسكرية يضمن لهما قدرا كبيرا من النجاح وبالتالي من الانتصار في الحرب، باعتبار أن زمام المبادرة يصبح في أيدي القيادتين.



2 - إن ما يؤكد كون المجتمع "الإسرائيلي" "مجتمع حرب " بالكامل، هو ما تعتمده القيادة السياسية "الإسرائيلية" في زمن الحرب من تدابير صارمة تخضع لها كل مرافق الحياة في الدولة العبرية، بحيث يصبح "السكان والاقتصاد والسياسة" وكل تلك المرافق "جزءا من إستراتيجية الحرب". وهذا ما يفرض على الشعب "الإسرائيلي"، بكامله، وبلا استثناء، الاندماج "في المجهود الحربي" في مختلف المجالات . (19)



3 - تعي "إسرائيل" جيدا ما يعتريها من نقص في عدد السكان بالنسبة إلى البلدان العربية المعادية لها والمحيطة بها، ومن ضحالة في العمق الجغرافي، لذلك فهي تعتمد ، للتعويض عن هذا النقص، ما يلي:



أ- إعداد جيش متفوق من الوجهتين العلمية والتقنية ومتمتع بمستوى عال من الكفاءة الحربية والتدريب العسكري.



ب - تنظيم دفاع إقليمي متين، يعتمد على القوى الزراعية الاشتراكية المسلحة (الكيبوتز) وعلى السكان غير المجندين.



ج - الاعتماد على إستراتيجية عسكرية تترك للقيادتين السياسية والعسكرية المبادرة في شن هجوم وبدء الحرب، وهي إستراتيجية "الحرب المسبقة" واستراتيجية "نقل الحرب إلى أرض العدو".



4 - اعتماد "إسرائيل"، في استعداداتها العسكرية ، على ثلاثة أسس ثابتة هي: الجيش النظامي، والجيش المعبأ (بما في ذلك المستوى العالمي لتقنية نظام الاحتياط، والمستوى العالي لتقنية الاستعلام العسكري) ونظام الدفاع الإقليمي القائم على المستوطنات.



5 - المحافظة على مبدأ "التفوق المطلق" في المجالات العسكرية والتقنية، مما يحتم عليها متابعة التطور التكنولوجي والعلمي في جميع مجالاته، ولا سيما العسكرية منها، ووضع "البحوث العلمية والتكنولوجية والإلكترونية" في خدمة المصلحة العسكرية بغية استثمارها في الحرب. (20)



6 - اعتماد مبدأ "التعبئة الكاملة" لكل أفراد الشعب وكل الشرائح الاجتماعية "من الناحيتين المادية والمعنوية، وفي أوقات الأزمات القومية" الأمر الذي يتيح لها أن تسلم السلاح، لكل مواطن من مواطنيها" بلا خوف ولا حذر، مطبقة بذلك، مبدأ "الحرب الجماعية أو الأمة المسلحة" بلا تعقيدات، حيث تستطيع الاعتماد على الشعب كله في الإسهام "بالمجهود الحربي" للامة، إسهاما كليا، مما يؤمن لها عنصر "التفوق الكيفي" لقواتها المسلحة، ويجعلها تتلافى المخاطر الناجمة عن "النقص الديموغرافي" الذي تعانيه مقابل التفوق الكمي" لأعدائها العرب . (21)



7 - اعتماد الهجرات اليهودية الكثيفة وخصوصا من الاتحاد السوفيتي السابق، لسد النقص الديموغرافي في "إسرائيل"، وتتعمد "إسرائيل"، في اختيار المهاجرين إليها أن يكونوا:

أ - من الشباب القادر على حمل السلاح ، أو المتمرس في القتال.

ب - من المتفوقين في العلوم التقنية والأبحاث العلمية .



وهكذا يمكن القول، بحق، أن "إسرائيل" "أمة مسلحة" وان المجتمع "الإسرائيلي" هو "مجتمع حرب"، وهو أمر توارثه اليهود عن السلف ، جيلا بعد جيل، تماما كما توارثوا الطبيعة العدوانية والعنف والإرهاب واحتلال أرض الغير والرغبة في التوسع والنزعة إلى التسلط والسيطرة.



خامسا: التعبئة النفسية والمعنوية.



تهدف التعبئة النفسية والمعنوية لجيش ما، وشعب ما، إلى "حشد القوى" عن طريق تكثيف التوجيه النفسي والمعنوي للجيش والشعب بشكل يجعلهما متحفزين لخوض حرب وضمان النصر فيها، ويتم ذلك بتحقيق العناصر التالية:



العنصر الأول: خلق الباعث، أي الهدف أو الغاية التي تبرر الحرب وتدفع المقاتل للقتال في سبيل تحقيقه، والاستشهاد في سبيله إذا اقتضى الأمر، كما تدفع المواطن لذلك الهدف أو تلك الغاية.



العنصر الثاني: إعداد الأداة الضرورية لتحقيق الهدف أو الغاية، وهي هنا الجيش والشعب، وكلاهما.



العنصر الثالث: خلق المناخ النفسي والمعنوي للحرب، وتحقيق العوامل المواتية لإيجاد هذا المناخ وذلك بتحريض الجيش وحثهما على القتال لبلوغ الهدف أو الغاية.



وتشكل التعبئة النفسية والمعنوية عنصرا مهما من عناصر حشد القوى لدى الدولة العبرية، وقد برعت "إسرائيل" في استخدام مختلف الأساليب لإتقان هذا النوع من التعبئة، سواء أكان على الصعيد الخارجي، بغية كسب الأصدقاء والحلفاء وتحييد الخصوم، وذلك عن طريق "التعبئة الإعلامية" في الدول الكبرى المؤثرة والفاعلة في السياسة العالمية أم على الصعيد الداخلي، بغية حفز المواطنين "الإسرائيليين" على الاستعداد للقتال والتهيؤ للحرب في أي وقت. وقد استخدمت "إسرائيل"، لذلك الوسائل التالية:



1 - استراتيجية "الخيار الوحيد" وذلك بقناع المواطن اليهودي في "إسرائيل"، أن "الخيار الوحيد" للشعب اليهودي لكي يعيش في "وطنه" هو الاستعداد للحرب ضد العرب الذين يهددون كيانه وأمنه واستقراره، مع المثابرة على حقن هذا المواطن بكل أنواع المؤثرات التي تجعله حاقدا، بصورة دائمة، على العرب، وتواقا لقتالهم، كان يقتنع اليهودي انه "ليس هناك خيار آخر لشعب يقاتل من اجل وجوده، وهو على بينة تامة بان هزيمته في الحرب تعني نهايته كأمة" . (22)



2 - الحض على القتال والاستبسال فيه حتى الموت، ففي مقدمته لكتاب "أسوار "إسرائيل"" الكاتب الفرنسي "جان لارتيغي"، نرى "موشي دايان" يحض العسكريين "الإسرائيليين"، ضباطا وجنودا، على الهجوم والقتال حتى الموت دفاعا عن "إسرائيل"، اذ يقول: "لم تسع "إسرائيل" قط، منذ عام 1948 إلى حماية حدودها خلف أسلاك شائكة أو خط من التحصينات، فالدفاع بالنسبة إلى قادة الجيش "الإسرائيلي" كان، وسيظل دائما، الهجوم، الهجوم على العدو في أرضه هو" . (23)



3 - استخدام "خطر الإبادة" في كحافز معنوي للقتال إذ ظهر القادة "الإسرائيليين"، في مناسبات كثيرة،كمحرضين متطرفين لدفع جنودهم إلى القتال، مثلا على ذلك: قال شارون، في معرض حديثه عن حرب حزيران / يونيو عام 1967، وذلك في حديث له نشرته جريدة "معاريف" "الإسرائيلية" بتاريخ 7/6/1972: "إن حرب الأيام الستة كانت حربا تهدف إلى منع الإبادة. إن هدف العدو المعلن عنه كان إبادة دولة ""إسرائيل". كان هذا هو الشعور الذي رافقنا، وبهذه الروح تحدثنا إلى الجنود" . (24) مع أن شارون يعلم، بالتأكيد، انه لم يكن لدى العرب، في حزيران عام 1967، نية لبدء الحرب أو شنها على "إسرائيل"، في تلك الظروف. وفي نفس السياق قال ايبا ايبان وفي حديث له أمام مؤتمر حزب العمل "الإسرائيلي"، في مطلع نيسان / أبريل عام 1971: "واجهنا الإفناء زمنا طويلا، أما الآن، فقد أصبحنا أسياد مصيرنا، ولن نخاطر بهذا الوضع" . (25)



وهكذا نرى كم كان عامل "التعبئة النفسية والمعنوية" مهما وحاسما ومؤثرا في هذه الحرب، كما في باقي الحروب "الإسرائيلية" - العربية. وتظل "التعبئة الإعلامية" إحدى أهم ركائز "التعبئة النفسية والمعنوية" لدى "الإسرائيليين"، وقد لعبت التعبئة الإعلامية دورا مهما أساسيا في التحضير النفسي للعديد من القيادات السياسية في العالم كي تنحاز إلى الصهيونية في سبيل إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، إذ استطاعت المنظمة الصهيونية أن تستخدم الوسائل الإعلامية، لهذا الغرض، لاستخدامها بارعا. واستمرت الدولة العبرية، بعد إنشائها عام 1948، في استخدام هذه الوسائل، بالبراعة ذاتها، سواء، لتجييش الرأي العام العالمي إلى جانبها، أو لتحريض شعبها على التحفز للحرب.



وستظل الدولة العبرية معبأة للحرب نفسيا ومعنويا، ما دامت أطماعها بالأرض العربية لم تنته، وما دامت تدرك جيدا أن الصراع بينها وبين العرب لن تنهيه معاهدات فرضتها، على العرب، ظروف من الضعف والتخلف والانهزامية لا يمكن أن تستمر، ذلك أن الصراع العربي "الإسرائيلي" هو، في جوهره وأساسه، صراع وجود (بين عقيدتين) لا صراع حدود (بين دولتين).


المصدر :
 
رد: العقيدة العسكرية الاسرائيلية

لى الحمقى الذين لا يرون مانعا في المناورات مع إسرائيل:
لقد امتازت الإستراتيجية "الإسرائيلية" في مجال الاحتلال والتوسع والسيطرة بوضوح أهدافها، وبأساليبها المرحلية المتدرجة القائمة على نهج "القضم والهضم" وذلك تجنبا لإثارة الرأي العام الدولي من جهة، ولكي تتمكن من استيعاب ما تبتلعه من أراضي، وسد الفراغ الناتج عن تهجير أهلها العرب الأصليين بيهود جدد مهاجرين (مستوطنين).
وستظل شهية الدولة العبرية مفتوحة لمزيد من الاحتلال والتوسع والتسلط والسيطرة، وللمزيد من العدوانية والعنف والإرهاب، غير عابئة بالضمير العالمي والمجتمع الدولي الذي لا يفتأ يسايرها ويمالئها على حساب العرب وحقوقهم وكرامتهم. ولن تقف أطماعها عند حد إلا إذا استفاق العرب من سباتهم واعدوا العدة لدحر الهجمة الصهيونية الشرسة والمستمرة على أراضيهم، والتي تهدد دينهم وأوطانهم وقوميتهم وهويتهم وأجيالهم.
وستظل الدولة العبرية معبأة للحرب نفسيا ومعنويا، ما دامت أطماعها بالأرض العربية لم تنته، وم
ا دامت تدرك جيدا أن الصراع بينها وبين العرب لن تنهيه معاهدات فرضتها، على العرب، ظروف من الضعف والتخلف والانهزامية لا يمكن أن تستمر، ذلك أن الصراع العربي "الإسرائيلي" هو، في جوهره وأساسه، صراع وجود (بين عقيدتين) لا صراع حدود (بين دولتين).
 
رد: العقيدة العسكرية الاسرائيلية

موضوع ممتاز و يستحق الطباعة لكن احيانا اضن اننا اكثرنا من دراسة عدونا لدرجة اننا نسينا دراسة انفسنا​
 
رد: العقيدة العسكرية الاسرائيلية

موضوع ممتاز و يستحق الطباعة لكن احيانا اضن اننا اكثرنا من دراسة عدونا لدرجة اننا نسينا دراسة انفسنا​


يا سيدي العزيز .... ليس في واقعنا ما يمكن ان يدرس ... فهو واضح وضوح الشمس .... والكل يعرف المشكلة .... علينا أن نبدأ من الان في اعداد انفسنا لما هو قادم ....وان كانت اسرائيل تحسب حساب المجتمع الدولي اليوم ... فاها لن تحسب حسابه غدا وما يمكن ان يوقفها .. هو القوة التي يمكن ان تكون بين ايدينا لا غير ....شكرا على المرور الكريم .... وتقبل تحياتي
 
عودة
أعلى