هل ثمة اتفاق ما بينهما؟
دحلان للسنوار: "اسمح لي بالعودة إلى غزة وسأخفف الحصار عنها"
==========================
2017-6-30 |
كشف الكاتب البريطاني المعروف، ديفيد هيرست، رئيس تحرير موقع "ميدل إيست إي"، أن استبعاد حماس من قائمة المنظمات التي يطالب محاصر قطر بقطع علاقاتها معها لم يكن مجرد صدفة، وإينما يبدو الأمر مرتبطاً باتفاق بين قائد الحركة الجديد ودحلان.
قبل أيام قليلة من ظهور قائمة المطالب المقدمة إلى قطر يوم الجمعة الماضي، وقع حدث غريب آخر في العاصمة المصرية. كان محمد دحلان، المنافس الرئيس للرئيس الفلسطيني محمود عباس، والممول والمدعوم إماراتيا، في القاهرة للقاء رجلين من حماس، أحدهما مسؤول منتخب.
في الواقع، لم يقتصر الأمر على مشاركة دحلان، وهو الرجل القوي في حركة "فتح" الذي حاول القيام بانقلاب وقائي ضد حماس في غزة عام 2007، في اجتماع القاهرة، وفقط، ولكن، وهو الأهم، كان يحيى السنوار، قائد حماس المنتخب حديثا في غزة، حاضرا أيضا.
وقدم دحلان للسنوار خطة شاملة وجريئة: "اسمح لي بالعودة إلى غزة، وسأخفف الحصار على الحدود المصرية". وفي السياق ذاته، أشار الكاتب البريطاني إلى أن صحيفة "الفجر" المصرية المؤيِّدة للنظام المصري، ذهبت أبعد من ذلك، إذ قالت إن دحلان سيقود الحكومة في غزة ويتحكَّم في الشؤون المالية وفي المعبر مع مصر وإسرائيل، بينما ستحتفظ "حماس" بوزارة الداخلية وسيُعامَل موظفوها على أنهم جزء من الإدارة، وقد لا تتحقق هذه البنود، لكنها تكشف عن وجهة الاجتماع الذي دار في القاهرة.
وبما أن الحصار المفروض على غزة بدا أكثر وحشية من الحصار الذي فرضته إسرائيل، كان العرض مغريا. وفي غضون أيام، دخلت شاحنات الوقود عبر معبر رفح.
يقول "هيرست" إن السنوار هو قائد حركة حماس في غزة. ومن بين القطاعات الثلاثة لحركة حماس -غزة والضفة الغربية والشتات- تُعد غزة هي الأهم. وفوق هذه القطاعات الثلاثة، يقبع مجلس الشورى الذي يَنتَخِب رئيس المكتب السياسي.
وقال هنية لزملائه إنه لا يعرف شيئا عن اجتماع السنوار مع دحلان. ومع ذلك، لم يعاقب على قراره المزعوم. واستغرق الأمر من حركة حماس أربع سنوات من المناقشة الداخلية لتغيير ميثاقها. ولكن يبدو أن اجتماعا واحدا للسنوار كان كافيا لتغيير سياسة معتمدة منذ 11 عاما.
لكن يبدو أن أول تحرك للسنوار، رئيسا لحركة حماس، تسبب في أزمة غير مسبوقة للحركة ككل. إذ على مدى عقود، اتخذت خطوات حذرة ومدروسة بعد فترات طويلة من التشاور مع جميع أجزاء الحركة.
وفي هذا نقل الكاتب عما وصفه "مصدر مطلع"، قوله: "هذا أمر خطر وغير مسبوق في تاريخ الحركة. وهذه محاولة واضحة لتقسيم حماس، والتي لم تتخذ قرارات إستراتيجية، منذ العام 1992 عندما انتقلت عقول حما إلى خارج غزة إلا بعد مشاورات جماعية واسعة النطاق. مضيفا:"تريد الإمارات الضغط على تركيا وقطر من غزة. دحلان والإمارات العربية يريدان توجيه ضربة إلى المحور القطري التركي عن طريق تقسيم حماس".
وتشهد غزة اليوم ظروفا قاسية غير مسبوقة، فبعد تهديدات ترامب، طالَبَ عباس إسرائيل بتقليص إمدادات الكهرباء في غزة من 6 ساعات إلى ساعتين يومياً (السلطة الفلسطينية هي من تدفع تكلفة الكهرباء في القطاع وليس إسرائيل). وقد ألحَقَ ذلك، جنباً إلى جنبٍ مع تخفيض رواتب موظفي السلطة الفلسطينية وحتى رواتب بعض سجناء "فتح" في السجون الإسرائيلية ضرراً كبيراً بالدعم الذي يحظى به عباس.
ربما شعر عباس بأنه ليس أمامه خيار آخر، في وقت يتنافس فيه عباس مع غريمه الأساس دحلان لكسب مودة ترامب. وقد حاول دحلان ذات مرة العودة إلى فلسطين ب محاولة إجراء مصالحة مع عباس. ورفض الرئيس الفلسطيني ذلك، والآن يحاول دحلان أن يسلك طريقا جديدا عبر غزة وحماس.
.
وفي الوقتِ الراهن، وفقا لتقديرات الكاتب البريطاني، يخدم كلٌ من عباس ودحلان مصلحة المملكة السعودية والإمارات ورغبتهما في تقليص حجم "حماس" والتقليل من التأثير القطري في غزة.
وتعد قطر أكبر مانح دولي للقطاع، حيث تعهدت بتقديم 1.3 مليار دولار لإعادة إعمارها، وهي تدفع المال مباشرة للعاملين في مواقع البناء. مع معدل البطالة أكثر من 40 في المائة، يعدَ هذا المال والعمل هما اللعبة الوحيدة في المدينة.
وبناءً على طلبِ عباس سمحت “حماس” للمئات من مندوبي حركة فتح بالسفرِ من غزة إلى الضفةِ الغربية؛ كي يتسنى لهم التصويت لمرشحي عباس في انتخابات اللجنة المركزية لـ”فتح”، بما يبقي دحلان وكل مؤيديه بعيدا عن السلطة وعن الضفة الغربية.
وعلى المنوال نفسه، أرسلت حماس مندوبين إلى سلسلة من الاجتماعات في القاهرة قرَّبتهم من دحلان، ورأت مصر ودحلان معاً أن هذه الإستراتيجية تؤتي أُكُلها. وترى حماس أن الدروس المستفادة من الصراع الخليجي والصراع ضد "فتح" مريرة.
وفي الواقع، غيّرت حماس ميثاقها الأصلي وصاغت وثيقة جديدة تعترف بحدود إسرائيل لعام 1967، وقد قامت الحركة بذلك لتسهيل اتخاذِ موقف مشتَرك بين الفصائل الفلسطينية كافة، وأيضاً لمساعدة الدول العربية التي تحاول إحياء مبادرة السلام العربية.
فماذا كان الموقف السعودي من هذه الخطوة تخفيفا لحدة موقفها التفاوضي؟ أعلنت المملكة "حماس" منظمة إرهابية. وهنا، يرى الكاتب البريطاني "هيرست" أن ذلك يتماشى تماماً مع تاريخ “فتح”؛ إذ كانت الحركة تُطالَب بتنازل بعد آخر، ثم لم تحظَ بشيءٍ في المقابل. وخلال هذه العملية، نفَّرَت "فتح" الكثير من مؤيديها الذين واتجهوا بعدها إلى حماس.
وإذا بدأت "حماس" تفقد الدعم الذي الذي تحظى به، كما حصل مع حركة "فتح" سابقا، فلن يعود من خسرتهم إلى الوراء، بل إنهم سيكثرون سواد الجماعات المتطرفة. فهل يريدُ السنوار أن يقتفي أثر كولينز(الذي اغتيل في مسقط رأسه من رفاقه السابقين بعد توصله لاتفاق مع البريطانيين)، أم يسير على خطى محمود عباس؟ كما تساءل الكاتب في ختام مقاله.
** رايط التقرير الأصلي: