اطلاق الجاسوس بولارد.. هدية اوباما الكبرى لإسرائيل

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,779
التفاعل
17,897 114 0
اطلاق الجاسوس بولارد.. هدية اوباما الكبرى لإسرائيل




استقبلت إسرائيل امس بفرح بالغ انباء اطلاق سراح جاسوسها الأشهر والأهم في الولايات المتحدة جوناثان بولارد بعد ثلاثة عقود قضاها في سجنه في ولاية كارولينا الشمالية.
وقال مجرم الحرب بنيامين نتنياهو:» الشعب الإسرائيلي يرحب بالإفراج عن جوناثان بولارد.. لقد تمنيت هذا اليوم بعد أن طرحت قضيته على الرؤساء الأمريكيين خلال سنوات عديدة».
وكان القضاء الأمريكي قد حكم على المحلل السابق في البحرية الأمريكية، وهو من مواليد تكساس وحصل على الجنسية الإسرائيلية عام 1995، بالسجن المؤبد عام 1987 بعد إدانته عام 1984 بتسريب آلاف الوثائق المصنفة «سرية للغاية» إلى إسرائيل في شأن أنشطة تجسس الولايات المتحدة على دول عربية خصوصا، بالاضافة الى معلومات يمكن ان تعرض الأمن القومي الأمريكي ذاته لخطر شديد، وهو ما حصل فعلا. اذ ان تلك الفترة كانت تشهد ذروة الحرب الباردة، وبالفعل تمكن الاتحاد السوفييتي من الاستفادة من بعض تلك الأسرار عن طريق اسرائيل.
ومنذ صدور الحكم على بولارد بذلت اسرائيل عبر حكوماتها المتتالية جهودا مضنية للضغط على اربعة رؤساء أمريكيين للافراج عنه، الا ان ذلك كان يلقى معارضة شرسة من المجتمع المخابراتي الذي مازال يشعر حتى اليوم بألم وغضب شديدين مما فعله بولارد. وبالفعل هدد جورج تينيت الرئيس الاسبق للمخابرات المركزية الامريكية بتقديم استقالته اذا تم اطلاق سراحه استجابة للضغوط الاسرائيلية.
وتعترف اسرائيل بفضل بولارد «الهائل لكن الذي لا يمكن الحديث عنه»، وتشير تفاصيل قضيته الى انه كان ينقل مئات الوثائق المخابراتية السرية يوميا للغاية (الخام) مباشرة الى المخابرات الاسرائيلية، ودون ان يجد فرصة للاطلاع عليها.
ومن العمليات التي يعتقد ان معلومات بولارد لعبت دورا رئيسيا فيها اغتيال الزعيم الفلسطيني خليل الوزير (ابو جهاد) اثناء الهجوم الاسرائيلي على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس في العام 1988، وغيرها من اغتيالات لقيادات وكوادر فلسطينية.
وعلى الرغم من بعض القيود المفروضة على بولارد مثل منعه من استخدام الإنترنت ومغادرة الولايات المتحدة لمدة 5 سنوات، ما لم يسمح باراك أوباما له بذلك، الا انه يستطيع التخلص منها فورا بالتنازل عن الجنسية الامريكية، ما يسمح له بالمغادرة الى اسرائيل حيث ينتظره استقبال اسطوري.
انها الهدية الكبرى من اوباما لاسرائيل. هدية لم يقدر عليها رؤساء وصفتهم اسرائيل نفسها بانهم كانوا اكبر داعمين لها في التاريخ. ومن الواضح ان اطلاق بولارد لم يكن بعيدا عن اجواء الابتزاز والبلطجة التي استغلها المجرم نتنياهو للحصول على «الثمن الامريكي» في اعقاب الاتفاق النووي الايراني.
وبالنظر الى حجم الاختراق الامني الذي حققه بولارد اثناء عمله كمحلل استخباراتي في البحرية الامريكية، فان اطلاق سراحه اليوم ليبعث بالرسالة الخطأ في التوقيت الخطأ الى اكثر من جهة.
اولا: بالنسبة الى المجتمع المخابراتي الامريكي، ومفادها ان من يرتكب عملا اقل ما يوصف به هو «الخيانة العظمى» يمكن ان يجد نفسه حرا طليقا في النهاية، ناهيك عما سيلقى من تكريم ومكافآت سخية.
وهذه رسالة كارثية لاشك انها تمثل تهديدا للأمن القومي الامريكي. وتتعاظم خطورتها اذ تأتي في وقت يتصاعد فيه التوتر بين واشنطن وموسكو، فيما يشهد الشرق الاوسط عودة بوادر حرب باردة جديدة، ناهيك عن اتساع الخطر الارهابي.
ثانيا: بالنسبة الى حلفاء الولايات المتحدة، وخاصة العرب، وهم اكثر من تضرر من الأسرار التي سربها بولارد، فانه يوم آخر حزين، يتأكد فيه ان لواشنطن حليفا واحدا اسمه اسرائيل. ومن اجل ذلك الحليف لا تتردد في ان تضرب بتعهداتها واتفاقاتها وربما مصالحها عرض الحائط.
ومن المؤسف ان يتزامن اطلاق بولارد مع انباء بثتها الاذاعة الاسرائيلية عن مفاوضات سرية بين واشنطن وبعض الدول الخليجية تشمل خطوات تطبيعية مع اسرائيل. انها طعنة امريكية جديدة لاصدقائها العرب، يجب ان تقضي على ما تبقى لها من مصداقية، ان كان بقي لها منها شيء.
اما الرسالة الاهم التي يمكن استخلاصها من قضية بولارد، فان اسرائيل التي غدرت حتى بعرابها الذي لم يبخل عليها بشيء، لا يمكن ان تكون اكثر وفاء لبعض العرب الذين مازالوا يراهنون على وهم السلام معها.

عن صحيفة القدس العربي
 
عودة
أعلى