بسم الله الرحمن الرحيم
............................
............................
كيف مات هتلر
.........................
.................................................
.........................
.................................................
التآمر على هتلر
يوم العشرين من تموز-يوليو من عام 1944 اقترب أحد المحاربين القدامى والمصاب بالحرب العقيد كونت كلاوس فون شتاوفين بيرج من موقع قيادة الأمن العالي لأدولف هتلر بهدف اغتياله.
كان هدفه الرئيسي أدولف هتر شخصيًّا حاكم ألمانيا الشهير، هتلر الذي كان يمسك ألمانيا بكفه وينشر جيوشه في جميع أنحاء أوروبا، رغم جميع العقبات كان العقيد كونت كلاوس فون شتاوفين بيرج مستعدًا لمواجهة قائده.
كان الضابط الموثوق به في طريقه إلى اجتماع رفيع المستوى، وفي تلك اللحظة حسم أمره بضرورة ألا يخرج هتلر من الاجتماع حيًّا .
شتاوفين بيرج ارستقراطي ولد في كنف عائلة كاثوليكية تعتد بتاريخ عريق من التعبير عما يجول في رأسها، كان أكاديميًا لامعًا وزعيمًا بالفطرة وقد انضم إلى الجيش وهو في التاسعة عشرة من عمره، أعتقد شتوفين بيرج أن الخدمات التي يقدمها للدولة تعتبر واجبات نبيلة فهو مستعد للتضحية بكل شيء لحماية شرف ألمانيا.
عام 1930 وهو في الثلاثين من عمره تزوج ليصبح رجلاً مكرسًا لعائلته، حين اندلعت الحرب عام 1939 لم يكن شتاوفين بيرج نازيًا ولكنه دعم هتلر، رأى أنه من الوجب دعم الفوهرر للفوز بالحرب لأجل ألمانيا.
تفوق شتوفين بيرج كضابط في الجيش واستحق وسامًا عسكريًا من الدرجة الأولى، ولكنه بدأ يغضب جدًا للسياسة التي كان يتبعها هتلر، وأعمال الحرب التي تورط فيها، أصبح يرى في هتلر رأس أفعى في نظام يهدد ألمانيا والعالم، قال: "تورط المهووس في الحرب وهو مستعد لاستنزاف رجال ألمانيا مرتين في الجيل الواحد".
صيف عام 1942 أصبح شتوفين بيرج على قناعة بضرورة إيقاف هتلر عند حده مهما كلف الثمن، لكنه لم يكن جاهزًا للتصرف مباشرة، كان مسيره على بعد آلاف الأميال في صحراء شمال إفريقيا تحت إمرة الماريشال إروان روميل.
بعد ثلاثة أشهر وفي تونس تعرض لإصابة مباشرة أثناء قصف جوي تعرضت له وحدته، فقد عينه اليسرى وساعده الأيمن وثلاثة أصابع من يده اليسرى ما يعني أنه سيتألم طوال ما تبقى من حياته، عند عودة شتوفين بيرج إلى ألمانيا وخلال فترة تماثله البطيء والمؤلم للشفاء، اتخذ قراره الحاسم بأن يقتل هتلر على ألا يتراجع عن قراره أبدًا.
ولكنه لم يكن بمفرده من بين الحشود المتحمسة للنازية الألمانية، كان هناك رجال ونساء من جميع المستويات التربوية والخلفيات السياسية التي تعارض هتلر وتتآمر على قتله.
حتى من بين ضباط النخبة رفيعي المستوى كان هناك من يرغبون بتسلم زمام السلطة والتفاوض على السلام مع الحلفاء.
شاهد شتاوفين بيرج الهزيمة النكراء التي أصابت جيوش روميل الإفريقية عام 1943، تبع ذلك مزيد من الانسحابات.
صيف عام 1944 كان الحلفاء يتقدمون من الغرب عبر شمال فرنسا، ومن الجنوب عبر إيطاليا، بينما كانت روسيا من الشرق تتقدم إلى قلب ألمانيا، تظاهر هتلر بعدم رؤية الدمار الحتمي للرايخ الثالث، كان شتوفين بيرج يعلم أنه يجب أن يتصرف لقد تعرضت كرامة ألمانيا للإهانة المخزية.
سرعان ما بزر شتوفين بيرج من بين القيادات العسكرية المعارضة لهتلر، ما كانت تحتاجه الوحدات المتآمرة هو تقرب دائم وعن قرب من الفوهرر.
حلت هذه المشكلة في تموز-يوليو من عام 1944 حين عين شتوفين بيرج مسئول الطاقم لدى الجنرال فروم قائد الجيوش المحلية في برلين، مهمته الجديدة مكنته من الحصول على معلومات عسكرية هامة والمشاركة في اجتماعات بالغة الأهمية مع هتلر، أصبحت لدى شتاوفين بيرج فرصة للتقرب من الفوهرر وتسديد الضربة القاتلة له.
كان شتاوفين بيرج يسير خلف الجنرال لودفيج بيج المسئول السابق عن طاقم جنرال الجيش النازي، الذي استقال عام 1938 احتجاجًا على اجتياح هتلر لتشيكوسلوفاكيا، حين أصبحت أطماع هتلر العسكرية واضحة المعالم شعر بيج بالمسئولية بتحقيق العدل للشعب الألماني عبر التخلص من الرايخ الثالث.
الخطر المحدق دائما لمخبري الأساس جعل من حضور الاجتماعات مسألة خطيرة، كان شتاوفين بيرج متأثرًا أيضًا بالميدجر جنرال هيمينج فوين تريسكو مسئول الطاقم في مجموعة الجيش، كان تريسكو مصرًا على التخلص من هتلر.
في آذار-مارس من عام 1943 وضع قنبلتين في زجاجتي مشروب في طائرة هتلر ولكنهما لم تنفجرا.
حين سأل شتوفين بيرج عما إذا كان لا بد من تصفية هتلر والحلفاء على وشك اجتياح ألمانيا أجابه تريسكو بما يلي:
يجب تنفيذ المحاولة مهما كلف الأمر، ولابد من القيام بمحاولة للوصول إلى السلطة في برلين، المهم الآن هو أن نثبت للعالم وللتاريخ بأن رجال المقاومة تجرءوا على اتخاذ الخطوة اللازمة ووضعوا حياتهم على المحك.
قام شتاوفين بيرج باختيار صاعق ذي تصميم إنجليزي يمكنهم من مغادرة الغرفة بعد وضع القنبلة إلى جانب هتلر، كان التوقيت عبقريًّا يكفي أن يتم الضغط على رأس الصاعق حتى ينفجر بعض عشر دقائق من ذلك، ويؤدي الضغط إلى إطلاق الأسيد من عنق زجاجة يفتح طريقه عبر سلك حتى يصل إلى العبوة، وعندما يتحطم السلك بكامله ينطلق الصاعق فيؤدي إلى انفجار القنبلة الموقوتة.
أصبح لدى شتاوفين بيرج الآن سلاحه، وفي الخامس عشر من تموز-يوليو من عام 1944 سيحصل على فرصته، إلى جانب هتلر يريد شتاوفين بيرد أن تودي القنبلة باثنين من كبار معاونيه هاينرر هيملر قائد جهاز الجستابو والماريشال هيرمان جورينج.
من المقرر أن يجتمع هيملر وجورينج بهتلر يوم الخامس عشر وكان شتاوفين بيرج جاهزًا، ولكنهما تخلفا عن الحضور في اللحظة الأخيرة فتراجع عن المحاولة.
صار على شتاوفين بيرج أن يتصرف بسرعة أخذ الحلفاء يشددون الطوق على عنق هتلر لقد ارتكبت أخطاء كثيرة وبدأ الوقت ينفد، كان ينتظر في البيت إلى جانب عائلته حين تلقى الأوامر بالذهاب إلى الفوهرر في العشرين من تموز-يوليو، وكان يعرف أن هذه يمكن أن تكون فرصته، عشية مهمته الأخيرة أكد شتوفين بيرج عزمه على تنفيذ قراره بترديد بعض من أبيات الشاعر ستيفين جورج التي فيها:
معالي أمير فيرماند..
يعزز من مكانته ..
لا متاع يمنعه، ولا ثروات أو ربح.
أما عنوان القصيدة فكان أنتكرايست، كان شتوفين بيرج يكره هتلر كثيرًا.
صباح اليوم التالي سافر شتوفين بيرج إلى ريشتين بيرج شرقي بروسيا بمساعدة منه كان على فيرنار فون هايفتين أن يقدم تقريرًا لهتلر حول التحضيرات الجارية في الجيوش المحلية للدفاع عن برلين.
في بادئ الأمر جرت الأمور وفق ما كان متوقعًا فقط مر عبر مجموعة من نقاط التفتيش بكل سهولة.
كان شتوفين بيرج يعلم أن الاجتماع مع هتلر محدد بتمام الساعة الواحدة، في الثانية عشرة وخمس وعشرين دقيقة بدأت الأمور تتخذ منحى خطير، نتيجة وصول موسوليني غير المتوقعة تقدم موعده مع هتلر ليصبح في الثانية عشرة والنصف على شتوفين بيرج أن يأتي على الفور، رغم أنه يخاطر بجعل قائده ينتظر ولكنه يحتاج لبضع دقائق مع معاونه هايفتن لتجهيز الصاعق في العبوة، اعتذر عن الظهور أمام الفوهرر.
كان شتوفين بيرج يريد استخدام عبوتين ولكنه قوطع من قبل المساعد فاكتفى بتجهيز قنبلة واحدة، وفي النهاية تم تجهيز قنبلة واحدة، أصبح الآن ملتزمًا كل ما يمكن أن يفعله هايفتين حينها كان الانتظار.
عندما سارع شتاوفين بيرج إلى الدخول إلى غرفة الاجتماعات كان يعلم بأن الحمض بدأ يذيب السلك داخل ساعة التوقيت وأن القنبلة ستنفجر خلال خمسة عشر دقيقة ولكنه ليس متأكدًا، مع اقتراب شتوفين بيرج سلم الحقيبة إلى مساعده وأمره بوضعها إلى جانب هتلر تحضيرًا لاجتماعه معه، عندما دخل شتوفين بيرج إلى الغرفة كان الاجتماع قد بدأ، أُبلغ هتلر بخبر سيئ مفاده أن القوات الروسية كانت على مسافة مائة وخمسين كيلو مترًا فقط من مقر هتلر.
احتل شتوفين بيرج مكانه على الطاولة ولاحظ أن هيملر وجورينج لم يكونا هناك، لكنه لا يستطيع التراجع الآن فالحقيبة كانت إلى جانب هتلر والقنبلة جاهزة للانفجار، حان الوقت للرحيل. استأذن معتذرًا لضرورة إجراء مكالمة عاجلة، وبأنه سيعود بعد لحظات، انطلق مسرعًا نحو سيارته التي كانت بانتظاره.
أنجز مهمته ولكن هذه ليست سوى المرحلة الأولى من مهمة شتوفين بيرج، فبعد موت الفوهرر عليه أن يذهب لبرلين لقيادة انقلاب عسكري، أعلن مقر هتلر حالة الطوارئ اتخذت جميع الإجراءات الأمنية، مر شتوفين بيرج بجميع نقاط التفتيش باستثناء نقطة واحدة وصلت أوامر بمنع أي شخص من المغادرة، أُجبر شتوفين بيرج على التوجه شخصيًّا للتحدث مع مساعد القائد، قال إنه يجب أن يسرع لأن هناك احتمالاً بتنفيذ عملية اغتيال.
نجحت الخدعة..
لم يكن شتوفين بيرج بحاجة إلى القنبلة الأخرى، في تمام الساعة الواحدة والربع غادر ستيفين بيرج وهايفتين متوجهين إلى برلين، في مقر قيادة الجيش المحلي في برلين أبلغ المتآمرين معه بنجاح مهمته وأن القنبلة قد انفجرت.
وقع انفجار في الغرفة وكأنه قذيفة من عيار ستة إنشات لا يمكن أن يكون أحد قد بقي على قيد الحياة هناك، مات هتلر هكذا قال: شتوفين بيرج ،عندما رفض قائد شتوفين بيرج الجنرال فرام أن يصدق بأن الفوهرر قد مات فوضعه شتوفين بيرج رهن الاعتقال واستولى على مكتبه.
بعد أن أزال فرام من طريقه تسلم زمام تنفيذ الانقلاب، طوال فترة بعد الظهر وبعد حلول الليل، كان شتوفين بيرج يجري اتصالات مع القادة والضباط في جميع أنحاء ألمانيا ليؤكد موت هتلر.
اجتمع بيج وعدد آخر من المتآمرين معه في المركز الحربي فاندفع شتوفين بيرج يتابع مسيرته نحو التمرد، أمر بالاستيلاء على محطات الإذاعة والإرسال وبإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء ألمانيا، وبأن يتم الاستيلاء على مواقع الاتصالات الهامة في فرنسا وفيينا وبراج واعتقال جميع عناصر الإس إس والجستابو وتشكيل محاكم عسكرية لتلك الليلة.
كادت ألمانيا تخرج من بين يدي أدولف هتلر ولكن ليس بالكامل.
في تمام السادسة والنصف من مساء تلك الليلة ودون معرفة شتوفين بيرج سمح وزير الدعاية الهتلرية جوبلز ببث بيان يعلن فيه عن محاولة فاشلة لاغتيال هتلر، وأن الفوهرر أصيب بجروح طفيفة وأنه سيتحدث للناس لاحقًا، وأن جميع المتآمرين المعروفين أو المشتبهين سيعاملون كخونة.
مرت فترة طويلة لتحريك القوات التي ستنفذ الانقلاب، فحتى وصول شتوفين بيرج إلى برلين لم يقم المتآمرون بأي عمل ولم يتخذوا أي قرار، بدد الكثير من الوقت.
بعد انتشار المعلومات عن بقاء هتلر على قيد الحياة بأعجوبة تهاوى الانقلاب بسرعة كبيرة، دخل رجال الإس إس إلى المكتب الحربي، تم اعتقال شتوفين بيرج وجميع المتآمرين معه ثم أنهيت حالة التمرد في كل مكان عند منتصف الليل.
رفض شتوفين بيرج أن يصدق ما حصل، ولكن شيئًا لم يكن على ما يرام في مكتب هتلر بعد ظهر ذلك اليوم.
عندما تأكد شتوفين بيرج من وجود الحقيبة إلى جانب هتلر استأذن من الحضور وغادر الغرفة، لم يكن يعلم بأن أحد مساعدي هتلر وضع الحقيبة خلف رجل الطاولة الثقيلة المصنوعة من السنديان، عند انفجار العبوة كان هتلر واقفًا على قدميه يتكئ تماما على الطاولة، كانت الطاولة سببًا في إنقاذ حياته، كان الانفجار صاعق بحيث اعتقد شتوفين بيرج ألا أحد من المتواجدين في الغرفة تمكن من النجاة.
اثنان من الضباط فقط قتلا .
ضغط الهواء الناجم عن الانفجار أدى إلى انطلاق الشظايا عبر الأرضية الخشبية والنوافذ الثلاث والطبقة الهوائية الفاصلة بين السقف الخشبي للمبنى وطبقة الإسمنت التي تعلوه، يعتقد الكثيرون أنه لو تمكن شتوفين بيرج من تفعيل القنبلة الثانية لكان الانفجار صاعقًا ولما تمكن أحد من النجاة، كان هتلر بالغ السعادة بنجاته وفي اليوم نفسه استعرض مع موسوليني الحادث الذي تعرض له، وكان يصرخ: أنا لا أُهزم، أثناء زيارته للضباط الجرحى في المستشفى، ولكن حماسه سرعان ما هدأ وتحول مع الوقت إلى عزلة أشد وحرصًا على نفسه حتى إنه لم يعاود الظهور أمام الناس.
تحولت ألمانيا إلى ساحة معركة دامية مع دخول روسيا إلى قلب برلين ومع قيام الحلفاء بنشر الموت في المدن الألمانية.
قتل ثلاثة ملايين شخص في معركة السيطرة على برلين.
أمر هتلر باعتقال كل من له صلة بمحاولة الانقلاب، تعرض أكثر من خمسة آلاف شخص للإعدام والتحقيق على يد الجستابو، في منتصف ليلة العشرين من تموز-يوليو من عام 1944 كان شتوفين بيرج أول الذين قتلوا.
ثبت للعالم وللتاريخ بأن رجال الانقلاب تجرءوا على اتخاذ الخطوة الحاسمة ووضعوا حياتهم على المحك.
شهدت الأشهر التسعة الأخيرة من الحرب دمارًا شاملاً، قتل ما يزيد عن خمسة عشر مليون شخص آخر، ربما كانوا سينجون لو كتب النجاح لمحاولة اغتيال هتلر ولم تقف الطاولة المصنوعة من السنديان حاجزًا بين الحقيبة وأدولف هتلر.
......يتبع.....