شهادات لقادة الكفاح المسلح في المغرب العربي في ندوة الرباط

إنضم
29 ديسمبر 2007
المشاركات
1,053
التفاعل
18 0 0
كيف أن فكرة المغرب العربي، برزت كتلبية لحاجة ماسة أحست بها شعوب المنطقة، لتنسيق الجهود ضد الاستعمار، كوسيلة وحيدة لتحقيق الانتصار. مرت الفكرة بأطوار عديدة منذ أن ظهرت في الثلاثينات، من خلال سعي الزعماء المؤسسين لاكتساب التضامن المشرقي مع النضال المشترك في شمال افريقيا، المعزول عن محيطه الاسلامي العربي. ثم اعترضته، وما فتئت حتى اليوم، عراقيل جمة. وفي فترة من الفترات ناصبتها الناصرية الحذر، باعتبارها فكرة انفصالية، بل وسواسا غربيا يرمي الى تكوين حلف متوسطي، على غرار حلف بغداد. ترجع الفكرة الى الثلاثينات حينما التقى بباريس طلاب من الأقطار الثلاثة، المغرب والجزائر وتونس، واكتشفوا أن قضيتهم واحدة، وأن مخاطبهم واحد، هو فرنسا. وشكلوا حينئذ جمعية طلبة شمال افريقيا المسلمين. وحينما ذهب زعماء شمال افريقيا الى القاهرة، يطلبون المساندة من اخوانهم المشارقة، كانوا يبشرون بقضية مجهولة، ولكنهم تمكنوا من أن يفرضوها في جدول أعمال السياسة العربية، حتى تبنتها دول الجامعة العربية بقوة. وكانت البداية هي عقد مؤتمر المغرب العربي، برعاية الجامعة في فبراير (شباط) عام .1947 ويروي المرحوم الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة أن الساسة العرب، كانوا يطلبون من زعماء شمال افريقيا، أن يمهلوهم بعض الوقت، ووعدوهم بأن يتفرغوا لقضاياهم، بعد أن يفرغوا من معالجة القضية الفلسطينية، المطروحة آنذاك على بساط البحث. ويذكر المهدي بنونة، مدير أول مكتب اعلامي مغربي في نيويورك في أبريل (نيسان) 1947، وكان اسمه المسجل في وزارة العدل الأميركية، هو مكتب المغرب العربي ـ انه حينما وصل الى هناك وأخذ يتحرك لاثارة القضية المغربية في الأمم المتحدة، لتقديم شكوى ضد اسبانيا، مغتنما تعرض الديكتاتورية الفرانكوية الى الضغط الشديد من لدن الديمقراطيات الغربية، والمعسكر السوفياتي في آن واحد، لمس أن الوفود العربية، وهي منشغلة بالشكوى المصرية ضد بريطانيا بشأن معاهدة عام 1936، وبمسألة تقسيم فلسطين الرائجة في الأوساط الأممية حينئذ، كانت متبرمة من النشاط الذي كان يقوم به هو لصالح قضيته، مخافة تشتيت الجهود. ويقول ان عبد الرحمن عزام باشا، نفسه وهو متحمس للقضية المغربية، طلب منه تجميد تحركه، الى أن تفرغ الوفود العربية من المسألة المصرية. وكان نوري السعيد واثقا من أن فرنسا لن تصوت لصالح التقسيم، ولهذا كان يراهن على أن ترضيتها بعدم اثارة قضية المغرب، ستسهل الموقف بالنسبة لقضية فلسطين، ولكن عضوا في الوفد السوري، هو فريد زين الدين، وهو صديق للقضية المغربية، منذ زمن التحصيل بباريس، كان يرى عكس ذلك، أي أن التحرك الاعلامي للمهدي بنونة، لفائدة قضيته، لا يشوش على باقي القضايا العربية. وفي مذكرة بتاريخ 16/9/1947، موجهة الى قيادة حزبه بتطوان، حزب الاصلاح الوطني، كتب بنونة، على الخصوص ما يلي: لا أريد أن أتحمل المسؤولية في المستقبل، ويأتي أحدهم ليقول ان بنونة أفسد علينا خططنا الاعلامية أثناء العمل في قضية فلسطين، أو قضية مصر. و كان المهدي قد أعد مذكرة عن القضية المغربية، أراد توزيعها، ولكن قسم الصحافة بالمنظمة اشترط أن يتم التوزيع تحت كفالة أحد الوفود. وبذريعة التفرغ للقضيتين المصرية والفلسطينية، امتنع أي وفد عربي من أن يتبنى مذكرة المغرب. وتمكن المهدي من أن يسلم المذكرة الى تريغفيلي الأمين العام حينئذ، لعطف خاص كان يكنه الرجل لقضية تحرر المغرب، مما خلص الوفود العربية من الاحراج. انقلبت الأوضاع جذريا بعد ذلك، بأربع سنوات، وأصبحت الوفود العربية تتسابق في تبني كل قضايا شمال افريقيا، في الأمم المتحدة وفي كل المحافل الدولية، بل انه بعد ثورة الضباط الأحرار في مصر، لم تكتف مصر بالدعم السياسي بل أقدمت على تقديم السلاح والمال لحركات التحرير في شمال افريقيا. ونافستها على ذلك مملكة العراق، وأعطى نوري السعيد، مالا وأسلحة، لمبعوثي علال الفاسي، وتبنى فاضل الجمالي قضية المغرب، كأحد أصحابها. وأكد الرئيس الجزائري الاسبق احمد بن بلة الذي تكلم في ندوة الرباط أربع مرات، ما كان معروفا، في حينه، وبالوثائق التي نشرت في مختلف المناسبات، من أن الكفاح المسلح للحركات الاستقلالية في المغرب العربي، انطلق في جو العمل المشترك، واستمر عدة سنوات في جو تضامني قوي. ترددت في الندوة بعدة صيغ، حكاية الباخرة «دينا»، التي حملت صيف عام 1955، أول شحنة أسلحة من مصر، وأنزلت حمولتها في ساحل مدينة الناظور بشمال المغرب الذي كان خاضعا لاسبانيا، ومن هناك تم تسريبها الى المخابئ، حيث تقاسمها كل من جيش التحرير الجزائري، الذي كان قد انطلق في فاتح نوفمبر عام 1954، والمقاومة المغربية التي كانت تتأهب للانطلاق. وفي 2 أكتوبر (تشرين الاول) عام 1955 أذيع في القاهرة بلاغ مشترك جزائري ـ مغربي، بتوقيع الزعيمين علال الفاسي ومحمد خيضر، وهو يتضمن انطلاق جيش التحرير المشترك، لعمل بدأ ولن ينتهي الا باعلان استقلال كل أقطار شمال افريقيا. كانت التطورات قد أدت بفرنسا الى أن تتجه الى تسوية مسألتي تونس والمغرب، لكي تتفرغ للجزائر، حيث اعترفت باستقلال البلدين في مارس (اذار) عام .1956 ولكن الوفاء للعهد المبرم بين الحركات الاستقلالية، ظل يحكم موقف البلدين، وأصبحت مسألة تحرير الجزائر، تحتل الصدارة في سياستهما، الى أن استقلت الجزائر. وكما ذكر الرئيس الجزائري محمد بوضياف، فانه لم يكن ممكنا أن يطلب من محمد الخامس ألا يعود من المنفى، وألا يقبل الاستقلال. وذكر الرئيس بن بلة، في ندوة الرباط، أنه اجتمع بمحمد الخامس، وأبلغه أن الحركات الاستقلالية، مرتبطة بميثاق مكتوب، يرمي الى استمرار الكفاح المسلح الى أن يتحقق الاستقلال لكل الأقطار المغربية. وقال بن بلة ان محمد الخامس تبنى ذلك الاتفاق، ووفى بوعده تماما. وحينما كانت فرنسا تسعى الى فصل الصحراء عن الجزائر، صمد المغاربة في دعم أشقائهم، وأرجأوا الى ما بعد استقلال القطر الشقيق تسوية وضع الأراضي، التي اقتطعتها فرنسا من ترابهم. وذكر الباحث الجزائري الدكتور محمد القنطاري، انه كانت للثورة الجزائرية، قواعد خلفية في التراب المغربي، بل ومدارس للتكوين ومعامل للسلاح. وفي مدينة وجدة الحدودية وحدها، كان هناك مائة مركز جزائري. ومثل هذا كان في تونس وليبيا أيضا التي كانت ممرا مضمونا للأسلحة، ومقرا آمنا للحكومة المؤقتة للثورة الجزائرية. حينما نفي محمد الخامس، في 20 /8/1953، الى مدغشقر، نظم حزب الشعب الجزائري، مظاهرة عارمة في ندرومة (غرب الجزائر). وغداة ذلك النفي، دخل المغرب مرحلة الكفاح المسلح، وانتفضت الجزائر بدورها في فاتح نوفمبر من العام التالي. وفي ذكرى نفي محمد الخامس يوم 20/8/1955 خرج الشعب الجزائري في انتفاضة عارمة، سقط فيها 12000 شهيد، وهو اليوم الذي قررت الجزائر بعد الاستقلال، تخليده باسم يوم المجاهد. وبرز في ندوة الرباط، أن تاريخ المنطقة، مليئ بالمواقف المشتركة، نظرا للروابط وبحكم أن العدو الرئيسي كان مشتركا وهو فرنسا. فقد كان استشهاد الزعيم التونسي فرحات حشاد في 5 ديسمبر عام 1952، انطلاقا لانتفاضة شعبية في المغرب، كانت منعطفا في الكفاح الوطني المغربي من أجل الاستقلال. وأدى كل ذلك الى أن الدولة الوطنية المتولدة عن ذلك الكفاح المشترك، بعد أن حققت دولنا استقلالها، فيما بين عامي 1956 و1962، نشأت في كل الأقطار المغاربية، وهي مغمورة بمشاعر وحدوية، تعتبر الفرقة الحالية انحرافا عنها، وتنكرا لها. و يزيد من وطأة ذينك الانحراف والتنكر، أن هذه الفرقة التي عمرت طويلا، تناقض المصلحة المشتركة، والمصير الذي هو حتما مشترك. ان المغرب العربي، وخاصة بعد احراز دوله على الاستقلال، عرف فترات قطيعة، أطول مما عرف من التواصل. والوضع بين الجزائر والمغرب، على الخصوص، يستفز المنطق. فبعد الاستقلال بقليل، اشتبكا في حرب الرمال سنة .1963 وكان التوقيع بعد ذلك بسبع سنوات على اتفاقية الاستغلال المشترك لمنجم غار جبيلات، بين المرحومين الحسن الثاني وهواري بومدين، صفحة كان يمكن أن تؤدي الى طريق بناء المغرب العربي المتوازن. وحين سلم الحسن الثاني في المطالب الترابية المغربية، فسر ذلك بأنه أسلوب جديد للتعاطي مع قضية الحدود. وقد شرح ذلك الفصل من تاريخ المنطقة، على أعمدة الشرق الأوسط الأستاذ عبد الهادي بوطالب منذ سنتين، على نحو يشرح الخيبة التي مني بها المغاربة، من جراء عدم تطبيق الاتفاقية. وأضيف الى ذلك اليوم، ومنذ أكثر من ربع قرن، سوء تفاهم عميق وجذري، حول مسألة الصحراء، التي تستميت الجزائر، في الطعن في مغربيتها، وتبذل كل الجهود من أجل الوصول الى اقامة دولة انفصالية، بحجة تقرير المصير، على حساب المغرب الذي يعتبر الأقاليم الجنوبية، جزءا لا يتجزأ من ترابه الوطني، تمكن من افتكاكه من الاستعمار. ان فكرة المغرب العربي، تظل قائمة، تغالب الزمن وتستفز المشاعر وتخاطب العقل. فكرة فشلت في أكثر من صيغة. وجهت ضدها أسلحة من مختلف المصادر ومن مختلف العيارات، وبمختلف الذرائع. وتظل مع ذلك متغلغلة في الضمائر كعلامة على تيه جماعي.
 
التعديل الأخير:
هده شهادات على هامش ندوة دعت اليها المندوبية السامية للمقاومة وجيش التحرير، حول موضوع: وحدة المغرب العربي، في ذاكرة حركات المقاومة وجيش التحرير. وقد أنعشت الجلسات العلمية الست التي انعقدت في اطار هذه الندوة، ذاكرة خصبة، وطفت على السطح تفاصيل، أبرزت كيف أن فكرة المغرب العربي، برزت كتلبية لحاجة ماسة أحست بها شعوب المنطقة، لتنسيق الجهود ضد الاستعمار، كوسيلة وحيدة لتحقيق الانتصار
 
تحية تقدير الى الزعماء الجزائريين على اعترافهم بالدور المغربي الريادي انهم رجال كما عهدناهم في الكفاح من اجل استقلال بلدي التاني الجزائر.
 
وتحية تقدير الى الامير المجاهد عبد الكريم الخطابي الذي كان يرى ان الثورة الجزائرية تبقى ناقصة اذا لم تشمل تونس والمغرب وتوحدهم في دولة واحدة بقوة السلاح
 
وتحية تقدير الى الامير المجاهد عبد الكريم الخطابي الذي كان يرى ان الثورة الجزائرية تبقى ناقصة اذا لم تشمل تونس والمغرب وتوحدهم في دولة واحدة بقوة السلاح
شكرا لك اخي للعلم انا شاهدت الزعيم بن بلة وقادة جزائريون كبار في الندوة التي اقيمت في مراكش ويا ليتك كنت هناك لتشاهد الجو الاخوي وكيف هطلت الدموع من عيون الحاضرين عندما تلى الزعماء الشهادات التي ارخت للكفاح المشترك بين الاخوان والتضحيات الجسام التي خاضها المجاهدون والابطال.
 
التعديل الأخير:
حقق الله الأماني لنرى دولة المغرب العربي الواحدة الموحدة

طبعا ليس تحت ظل العرش:twitcy:
 
عودة
أعلى