يُقدر علماء الفلك حصول الانفجار العظيم قبل حوالي 10 إلى 20 مليار سنة. ويقدرون أيضاً عمر الكون بالاعتماد على طريقتين: (أ) بالبحث عن أقدم النجوم، و(ب) بقياس معدل توسع الكون واستخدام الاستقراء عودةً إلى الوراء نحو الانفجار العظيم.
أقدم النجوم
يستطيع علماء الفلك تحديد أعمار بعض أقدم النجوم في الكون عبر دراسة العناقيد الكروية. العنقود الكروي (globular clusters) عبارة عن تجمع كثيف ومكون من مليون نجم تقريباً، وتشكلت كل هذه النجوم في نفس الوقت تقريباً. تكون كثافة النجوم بالقرب من مركز العنقود هائلة، وإذا ما عشنا بالقرب من مركز عنقود نجمي، سيكون هناك بضع مئات آلاف النجوم التي تبعد عنا نفس بعد آلفا قنطورس، أقرب جيراننا النجميين الحاليين.
تعتمد دورة حياة النجم على كتلته، والنجوم ذات الكتلة الأكبر هي الأكثر لمعاناً من النجوم منخفضة الكتلة، وبالتالي فهي تحرق وقودها الهيدروجيني بسرعة. يمتلك النجم المشابه للشمس وقوداً كافٍ في مركزه لكي يستمر بالاحتراق بشكلٍ لامع على مدار 9 مليار عام تقريباً. في حين سيحرق النجم، الذي يمتلك كتلة تصل إلى ضعفي كتلة الشمس، وقوده خلال 800 مليون سنة تقريباً. أما النجوم التي تبلغ كتلتها 10 أضعاف كتلة الشمس فستحرق وقودها بزمن يصل إلى 20 مليون سنة فقط وستكون أكثر لمعاناً بألف مرة من الشمس. وعلى النقيض من ذلك، فإن النجم، الذي يتمتع بنصف كتلة الشمس، سيقوم بحرق وقته ببطء بحيث تمتد حياته على مدار 20 مليار سنة تقريباً.
ولأن جميع النجوم الموجودة في عنقود كروي تشكلت في الوقت نفسه تقريباً، يُمكن توظيف هذه العناقيد كساعاتٍ كونية. إذا كان عمر عنقود نجمي ما أكبر من 10 مليار عام، بالتالي فإن وقوده الهيدروجيني سيكون أقل بحوالي 10 أضعاف ما هو موجود في الشمس. ويعني هذا الأمر أيضاً عدم وجود أي نجم في العنقود أكثر لمعاناً من الشمس بـ 1000 مرة. وإذا كان عمر العنقود الكروي 2 مليار عام، بالتالي سيكون لديه نجوم مستهلكة للهيدروجين وتمتلك كتلة تساوي ضعفي كتلة الشمس.
تحتوي أقدم العناقيد الكروية على نجوم كتلتها أقل من 0.7 كتلة شمسية فقط. وهذه النجوم أكثر خفوتاً من الشمس بكثير، ويقترح هذا الأمر أن أقدم العناقيد الكروية يقع عمرها بين 11 إلى 18 مليار عام. ينتج عدم التحديد السابق عن صعوبة تحديد البعد الدقيق للعنقود النجمي، وبالتالي وجود ارتياب في اللمعان وفي كتلة النجوم في العنقود. ويوجد مصدر آخر للارتياب في هذا التقدير يكمن في جهلنا لبعض التفاصيل الدقيقة المتعلقة بالتطور النجمي.
الاستقراء العكسي وصولاً إلى الانفجار العظيم
تعتمد طريقة أخرى لتقدير عمر الكون على قياس "ثابت هابل H0". يُمثل ثابت هابل قياساً لمعدل توسع الكون حالياً. ويستخدم علماء الكون هذا القياس بغرض الاستقراء العكسي وصولاً إلى الانفجار العظيم، ويعتمد الأمر على الكثافة الحالية للكون وعلى تركيبه.
فإذا كان الكون مسطحاً ومكوناً بمعظمه من المادة، بالتالي سيكون عمر الكون 2/(3 H0). وإذا لدى الكون كثافة منخفضة جداً، بالتالي سيكون العمر الاستقرائي له أكبر، أي 1/H0 . وإذا ما تم تعديل نظرية النسبية العامة لتشمل الثابت الكوني، بالتالي سيكون العمر الاستقرائي للكون أكبر من ذلك أيضاً.
يعمل العديد من علماء الفلك بجهد كبير بقصد قياس ثابت هابل باستخدام مجال متنوع من التقنيات. وتقع أفضل التقديرات الحالية لهذا الثابت بين 50 و100 كيلومتر لكل ثانية لكل ميغابارسيك. وباستخدام وحدات قياس مألوفة أكثر، يعتقد علماء الفلك أن 1/H0 يقع في المجال بين 10 إلى 20 مليار عام.
إذا قارنا بين العمرين المقدرين، قد توجد أزمة ما. فإذا كان علماء الفلك الذين قدروا قيمة 1/H0 بـ 10 مليار عام محقين، بالتالي يجب أن يكون عمر الكون أقصر من عمر أقدم نجومه. يعني هذا التناقض إما أن نظرية الانفجار العظيم غير صحيحة، أو أننا بحاجة إلى تعديل النسبية العامة عبر إضافة ثابتٍ كوني.
يعتقد بعض علماء الفلك أن هذه الأزمة ستُحل حالما تتحسن قياساتنا. ولو كان علماء الفلك الذين وضعوا التقدير الأعلى محقين، وكانت التقديرات الأصغر لأعمار العناقيد الكروية صحيحة، بالتالي سينسجم كل شيء بشكلٍ جيد مع نظرية الانفجار العظيم.
https://nasainarabic.net/education/articles/view/measure-the-size-and-the-age-of-the-universe
خاص ب المنتدي العربي للدفاع والتسليح