وحدات المستعربون: فرق الموت الإسرائيلية

ahmedessa

عضو
إنضم
3 يناير 2010
المشاركات
7,991
التفاعل
26,133 1 0
هي وحدات إسرائيلية انشئت في الثلاثينيات كما تسمى بـ "فرق الموت" ،و تعتبر من الفرق التي يتم اختيارها بعنايه فائقه و بمواصفات خاصه مثل الهيئه و الشكل و اللغه و العادات و التقاليد لكي تكون هيئتهم اقرب ما يكون للعرب و المسلمين حتى ان في بعضهم مطلق لحاهم حتي لا يشعر بهم المواطنين الفلسطنيين او العرب عند الاندماج او الاختلاط بينهم و هذه المجموعات تعمل داخل فلسطين و البلاد العربيه و تستخدم لنقل المعلومات و اختراق الاوساط و التكوينات للحصول على اكبر كم من المعلومات و ارسالها الى قوات الاحتلال لتحسين القدره علي اتخاذ القرارات وملاحقه الناشطينواعتقالهم اوتصفيتهم او تجنيدهم. هم اشبه بالجواسيس لكنهم مختلفون نوعا ما فالجاسوس لا يعتقل و لا يداهم و لا يروع، الا ان ذلك من مهامهم ، واذا تم اكتشافهم يتم سحبهم و احلال غيرهم .

"المستعربون" ترجمة للكلمة العبرية “المستعرفيم” ، تعني في تعريفها الإسرائيلي ” وحدات عسكرية سرية صهيونية كانت تعمل في فلسطين، والبلاد العربية المجاورة تأسست وحدة المستعربين في الثلاثينيات من القرن الماضي عندما قامت “الهاغاناه” بتشكيل فريق من أعضائها للقيام بمهام استخبارية وتنفيذ عمليات تصفية ضد العرب الفلسطينيين ابان الأحتلال البريطاني بهدف ترويع المدنيين وتجريد المقاومة من دعمها الشعبي, لقتل وتشريد الفلسطينيين، وكان أول مستعرب هو اهارون حاييم كوهين.

وتسمى أيضًا بــ (فرق الموت) عناصرها يعتبرون من الوحدات المنتقاة، عربيةٌ هي ملامحهم، وملابسهم، وعاداتهم وتقاليدهم، وحتى لغتهم بين الفلسطينيين يندسون ربما لدقائق أو ساعات أو أيام، وقد تمتد لشهور، وما إن تحين الفرصة على فريستهم ينقضون، والنهاية في معظم الأحوال: جمع معلومات، أو اختطاف شخصيات، أو تصفية مقاومين فلسطينيين، أو تفريق متظاهرين.

وقد قام الاحتلال الاسرائيلي بإنشاء عدة وحدات خاصة من المستعربين ابرزها :

1- دفدوفان وتعمل في الضفة الغربية .

2- ” شمشون ” وتعمل في قطاع غزة .

3- ” الجدعوينم ” تابعة لما يسمى بـ “حرس الحدود”. وتعمل بالأساس على نطاق واسع في الضفة الغربية .

4- وحدة يمام وهي تابعة لما يسمى بحرس الحدود وهي الوحدة الخاصة بمكافحة العمليات الفدائية.

5- وحدة هاعنيدونيم ، وتعمل في منطقة القدس، وسميت بهذا الاسم نسبة إلي عنيدون وهو قائد عسكري ورد اسمه في التوراة، تم إستحداثها في آب 1990م، وقد كشف المفتش العام السابق لشرطة الاحتلال الاسرائيلي الجنرال عساف هيغيتز عن وجود هذه الوحدة في آب من عام 1998، وقال بأن هذة الوحدة كانت مكلفة بإحباط الإعتداءات في الظروف الخاصة جداً لمدينة القدس، ولكون هذه الوحدة تعمل في مدينة القدس ومحيطها فقط، وتتولي عمليات إختطاف وإعتقال وقتل المطلوبين هناك،اضافة الى هذه الوحدة قام قائد ما يسمى ب، “شرطة لواء القدس” نيتسان شاحم بالاعلان عن نشر وحدة اخرى خاصة من المستعربين مؤخرا للعمل في حي الشيخ جراح.

6- وحدة سرية تابعة لشرطة الاحتلال تعمل داخل مناطق الـ 48.

وأما عن أساليب (المستعربين) في الاندساس بين الفلسطينيين، فتتنوع باختلاف المهام المطلوبه منهم إنجازها، وطبيعة مسرح الأحداث ولتسهيل مهامهم القذرة يقومون احيانا بـــ:

1- انتحال صفة طواقم طبية، ويكونوا مُجهزين بالأدوات الطبية المعتادة لتسهيل مهماتهم في اعتقال ما تعتبرهم دولة الاحتلال مطلوبين أمنيين.

2- استخدام مركبات فلسطينية لتحقيق أهدافها.

3- التنكر بزي ملابس نسائية.

4- انتحال صفة بائعين متجولين.

5- استعمال سيارات لبيع وجمع الأدوات المستعملة.

6- انتحال صفة سائحين اجانب.

7- انتحال صفة طلاب مدارس.

8- التخفي في زي تجار خضار.

كما يُوجد (مستعربون) حتى داخل سجون الاحتلال، فوحدة (متسادا) التابعة لمصلحة السجون الإسرائيليّة مهمتها الأصلية هي السيطرة على أي محتجزي رهائن داخل السجون القابع فيها أسرى فلسطينيين، وقمع أي اضطرابات معقدة من جانب الأسرى، إلا أن هذه الوحدة تنفذ أحياناً مهمات خارج السجون، وخاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما أنّ بعض أفرادها يدخلون السجون كمعتقلين ويحاولون استدراج الاسرى الفلسطينيين والحصول على معلومات تورطهم في التهم المنسوبة إليهم.

يتجند لوحدات المستعربين الخاصة أولئك الجنود ذوي الأهلية العالية الذين تؤهلهم كفاءاتهم للدخول إلي أي وحدة خاصة أو نخبة في الجيش الإسرائيلي وفق تقرير المنظمة الإسرائيلية لحقوق الإنسان (بيتسيلم) حول فعاليات وحدات المستعربين في الضفة الغربية وقطاع غزة،وتوضيحاً لهذا الوصف، فإن وزير الجيش الصهيوني ايهود باراك، أدخل تعديلات جوهرية على ضوابط تجنيد المستعربين كقوات خاصة في الجيش الصهيوني، مستفيدا من تجربته حين كان ضابطا في القوات الخاصة، التي شاركت في إغتيال القادة (أبو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر) في بيروت عام 1973، وتنكر وقتها بزي امرأة عربية لتسهيل دخوله الى المبنى الذين كان يتواجد فيه قادة منظمة التحرير الفلسطينية. وبناء علي ذلك، جري إختيار المجموعات الأولي من المستعربين حين تم تشكيل وحدات (دوفدوفان) رسمياً عام 1986 من العناصر التي تجيد التنكر بالزي العربي وتستطيع التكلم باللغة العربية بكفاءة عالية، وملامحهم لا تختلف كثيراً عن ملامح الفلسطينيين، فبشرتهم سمراء وسحنتهم شرقية بحيث لا يثيرون حولهم الشكوك أثناء توجههم لتنفيذ المهام الموكلة إليهم. ولا حاجة لأن يتقن جميع أفراد هذه الوحدات اللغة العربية، فالعملية التي يقومون بها لا تستغرق أكثر من دقائق وأحياناً لا يحتاج إلى الحديث، إلا أن أهمية إستعمال بعض الكلمات تنقذه من الوقوع في مأزق قد يكشف هويته.

وفي لقاء مطول أجراه موقع "واللا" العبري مع قائد وحدة المستعربين الصهيونية الخاصة والأكثر سرية فيها "الدوفدفان" الملقب "ي"، فإن أكثر ما يخشاه الأخير هو النيران الصديقة أو عملية خطف مستعرب أثناء أدائه لمهمته.

وتحدث "ي" عن أهم إنجازات وانتكاسات هذه الوحدة وسلط الضوء على طبيعة عملها السري، حيث اعتبر أن أكبر كارثة حلت بالوحدة كانت خلال شهر أيلول من العام 2000 حين تورطت قواته بكمين مزدوج نصبته في الضفة في حينها لمحمود أبو هنود احد مقاتلي القسام، واشتبكت مع بعضها البعض عن طريق الخطأ الأمر الذي أودى بحياة ثلاثة جنود من خيرة مقاتلي الوحدة، على حد تعبيره.

ويشير "ي" إلى إقالة قائد الوحدة في حينها من منصبه في أعقاب الإخفاق الكبير في القبض على أبو هنود أولا والمسؤولية عن مقتل الجنود ثانياً في عملية وصفت بالأفشل في تاريخ الوحدة.

سرية الوحدة

وحول سرية العمل في هذه الوحدة الخاصة يقول "ي"، إن هنالك تعليمات صارمة يلتزم بها أفراد هذه الوحدة فالفيسبوك محظور ولا يسمح بنشر أي صورة من داخل أروقة الوحدة أو من خارجها، ويتم فحص تطبيق هذه التعليمات بعناية فائقة ومن يخالف يعاقب.

ويضيف: "لم نكشف وجوهنا يوماً، فالفلسطينيون اليوم يعون جيداً أهمية الإعلام والصور فيسعون جاهدين لالتقاط الصور للقوات أثناء اقتحامها للبيوت ويركزون على أخطائنا"، ويؤكد أن عائلة المستعرب لا تعلم عن طبيعة عمله شيئاً فهنالك تعتيم كامل بهذا الخصوص.

ورداً على سؤال حول الخوف من تورط الوحدة في عملية قتل جماعية لعدد من الفلسطينيين في هذه الأيام الحساسة التي تشهد تجديدا للمفاوضات. قال "ي" انه يتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الخصوص فلا يمكن التوجه لمخيم للاجئين بدون معلومات دقيقة ومؤكدة عن الهدف.

ويشير في هذا السياق أيضا إلى انه يتريث في هذه الأيام الحساسة يوماً أحيانا قبل الخروج لتنفيذ عملية، وذلك حتى يحصل على معلومات أدق، ويؤكد أن هذا الأسلوب اثبت جدارته أكثر من مرة وذلك للوصول إلى الهدف بأقل الخسائر.


ويضيف قائلاً: "لدينا قدرة عالية على الدخول والخروج إلى المدن الفلسطينية وأعرف أن المدن ملغمة بكاميرات المراقبة وهذا الأمر يثير جنون السلطة والمطلوبين على حد سواء لأنهم لا يتمكنون من معرفة مكان تواجد المستعربين في الوقت المناسب".

ولا تتوفر أرقام دقيقة حول ضحايا وحدات «المستعربين»، لكن بحسب كتاب «المستعربون فرق الموت الصهيونية» لمؤلفه «غسان دوعر» فقد قتلت أفراد تلك الوحدات 422 فلسطينيا ما بين عامي 1988 و2004.

http://www.alhorya.co.il/post/429_

nahralbaredcamp49996.jpg
nahralbaredcamp50000.jpg
nahralbaredcamp49998.jpg
nahralbaredcamp50002.jpg
nahralbaredcamp50001.jpg
nahralbaredcamp50003.jpg
01af58430f26d839e4311f6717f1f44d.jpg



نقلا عن الموضوع الرائع للاخ
qassem.tech
فيarmy-tech​
 
المستعربين حسب شهادات الاخوة في الضفة الغربية تجدهم يضربون الحجارة على الجيش مع الشبان ويغرون الشباب للتقدم فتجد من الشباب قلة من يريد التقدم يعني فيتقدمو وهنا عربة الجيش تكون امامهم باقصى سرعة والشبان يكونو تحت تهديد السلاح من المستعربين ويضا تجدهم في خلايا المقاومة الصغيرة التي كانت تشكل في الضفة
فيمسكون بجميع المجموعة
امثلة
280a.jpg

images
 
وايضا هذا موضوع شامل متكامل تاريخيا و تسلسلي رائع
من اعداد الاستاذ غسان دوعر

له كل التحية

المستعربون: فرق الموت الإسرائيلية
دراسة من اعداد : غسان دوعر



الصهيونية تكتمت علي عمليات المستعربين في الدول العربية قبل وبعد انشاء اسرائيل
بداية فرق الموت كانت في بغداد.. قامت بتفجيرات لاجبار اليهود علي الهجرة

هذه دراسة عن وحدة المستعربين التي تمارس عمليات القتل في المناطق الفلسطينية، وتحاول الدراسة استقصاء ظاهرة فرق الموت التي تعرف باسم مستعريفيم (المستعربون) تجسدت بأشكال شتي داخل التنظيمات العسكرية للمنظمة الصهيونية العالمية، وأبرزها تلك الوحدات التي كانت جزءاً من البالماخ، واستهدفت الحصول علي معلومات وأخبار والقيام بعمليات إغتيال للعرب عندما تصدر الأوامر إليها، من خلال تسلل أفرادها إلي المدن والقري العربية متخفين كعرب. وكان أفراد (هشومير) يعتبرون تقليد حياة البدو والتكيف مع أسلوب حياتهم وثقافتهم مع المحافظة علي القيم القومية اليهودية أمراً مثالياً.

كان إتساع نطاق الإنتفاضة الفلسطينية الكبري عام 1987 جغرافياً بشمولها لمختلف أنحاء الضفة والقطاع من مخيمات وقري ومدن، وإجتماعياً بشمولها لمعظم الفئات والطبقات دافعاً لدي سلطات الإحتلال الإسرائيلي لنشر أعداد متزايدة من القوات العسكرية وصل إلي حوالي عشرة أضعاف عدد هذه القوات من قبل. ومعني ذلك أن الأراضي المحتلة أصبحت بمثابة جبهة جديدة ذات طابع مستديم حتي وإن هدأت الإنتفاضة. وإزاء ذلك، أصبح علي الجيش الإسرائيلي أن يحتفظ بأعداد كبيرة من قواته في حالة إستعداد دائم، متبعاً طرقاً ووسائل متنوعة لمواجهة الشبان الفلسطينيين. وجاء تفعيل دور فرق الموت التي شكلها الجنرال يهودا باراك عام 1986 كسرية مقاتلة في الجيش النظامي، ليضع الوسائل والتكتيكات الحربية التقليدية والأساليب القمعية في مسار نوعي جديد، حاول الإسرائيليون من خلاله إعادة الحياة لبعض الممارسات الإرهابية التي نفذتها الحركة الصهيونية في فلسطين والبلاد العربية منذ بداية الأربعينات من القرن الماضي.
من المعلوم أن فرق الموت التي تعرف باسم مستعريفيم (المستعربون) تجسدت بأشكال شتي داخل التنظيمات العسكرية للمنظمة الصهيونية العالمية، وأبرزها تلك الوحدات التي كانت جزءاً من البالماخ، واستهدفت الحصول علي معلومات وأخبار والقيام بعمليات إغتيال للعرب عندما تصدر الأوامر إليها، من خلال تسلل أفرادها إلي المدن والقري العربية متخفين كعرب. وكان أفراد (هشومير) يعتبرون تقليد حياة البدو والتكيف مع أسلوب حياتهم وثقافتهم مع المحافظة علي القيم القومية اليهودية أمراً مثالياً.
وظهر المستعربون من جديد، خلال الحرب العالمية الثانية، كوحدة لها مهام أمنية، تجمع المعلومات وتطلع علي إتجاه التيار في الشارع العربي. ثم قامت البالماخ بإعادة تشكيل وحدة المستعربين مرة أخري، وكان مهمتها زرع أفرادها الذين ينتحلون المظهر العربي في مختلف أنحاء فلسطين للقيام بأعمال القتل والتخريب. فكانوا يدخلون المساجد ويشتركون في الصلاة، ويتجولون في الأسواق، ويجلسون في المقاهي ويشاركون في المؤتمرات.
ولم يكتف القائمون علي شأن هذه الوحدات بهذه المهام، بل وضعوا نصب أعينهم وظائف خطرة وأكثر إرهاباً. فنشروا عناصرهم وراء الحدود في مصر والأردن وسوريا ولبنان، وامتزجوا في أماكن عمل رئيسة وحساسة، يجمعون المعلومات الإستخبارية والحيوية مما مكن الجيش الإسرائيلي لاحقاً من العمل بحرية ضـد الجبهات العربية كافة، حتي إذا ما سقطت الضفة الغربية وقطاع غزة، لم يكن أمام ارئيل شارون إلا أن يستعين بهذه الفرق الدموية لقمع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة في أوائل السبعينات.
في الإنتفاضة الفلسطينية، كان الهدف الرئيس للمستعربين هو ملاحقة نشطاء الإنتفاضة الذين أطلقت عليهم سلطات الإحتلال فيما بعد (المطاردون) لأنهم مطلوبون لأجهزتها الأمنية ولم يسلموا أنفسهم ونجحوا في الإختفاء. وقد جري العديد من التعديلات علي عمل فرق الموت نتيجة التجارب والعمل الميداني، كما طرأ تعديل كبير علي طريقة عملها أثر تولي الجنرال يهودا باراك لمنصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي عام 1991. إذ استفاد باراك من تجربته ومساهمته في إغتيال ثلاثة من قادة منظمة التحرير الفلسطينية وهو متنكراً في زي إمرأة، في إدخال تعديلات جوهرية علي المستعربين وإعادة تشكيل هذه الوحدات من جديد لتقوم بمهمة تصفية الشبان الفلسطينيين المطاردين بشكل غير ملفت للنظر وبكفاءة عالية. ولم يبق ذلك الأمر سراً، بل عمد إلي عرض شريط فيديو علي التلفاز الإسرائيلي يظهر أنشطة فرق الموت مما أحدث ضجة كبري في الأوساط المختلفة.
جري إصدار العديد من القوانين التي تسمح لفرق الموت بإطلاق النار دون أن تتعرض للمساءلة القانونية وإستهدفت تلك القوانين تخفيف الإجراءات التي يتبعها المستعربون عند ملاحقتهم للشبان الفلسطينيين بحيث يتم إطلاق النار علي المطاردين وإغتيالهم وليس القبض عليهم ومحاكمتهم. وقد أشارت تقارير منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية والفلسطينية وحتي الأمريكية بأن المستعربين قتلوا عشرات المطلوبين معظمهم ليسوا مسلحين ولا يقومون بأعمال خطرة علي سلطات الإحتلال. ومن أصل (422) شهيداً قضوا برصاص المستعربين بين الأعوام 1988 و2003 كان (229) منهم مطلوبين لسلطان الإحتلال، ولكنهم لم يكونوا جميعاً مسلحين، إذا كان من بينهم (143) شهيداً غير مسلحين لحظة قيام المستعربين بإغتيالهم، بنسبة تصل إلي 62.5 بالمئة. وقضي (193) شهيداً برصاص فرق الموت دون مبررات، أي لم يكونوا مطلوبين، ولكنهم قتلوا أما خطأً في التشخيص، أو لتصادف مرورهم في مناطق عمليات المستعربين، والأغلبية لقيامهم برشق دوريات الإحتلال بالحجارة أو كتابة الشعارات علي الجدران وهي فعاليات لا تشكل بأي شكل من الأشكال خطراً علي حياة أحد. وكان هناك شهود عيان كثيرون ومنهم يهود نقلت الصحف العبرية والعالمية شهادتهم عن جرائم المستعربين.
تأتي عمليات إغتيال المواطنين الفلسطينيين ضمن سياسة مبرمجة للحكومة الإسرائيلية التي درجت علي إستخدامها لهذا الأسلوب، وهذه الوسائل لا تعتبر جديدة علي قادة الإرهاب والحرب في تل أبيب. وما يشجع الحكومة الإسرائيلية علي مواصلة هذه الجرائم هو الصمت الدولي والتعامل مع هذه الجرائم بمعايير مختلفة بالإضافة إلي عدم إتخاذ أي قرارات رادعة من قبل المجتمع الدولي والأمم المتحدة، مما يشكل حافزاً للإسرائيليين في الإستمرار في عملياتهم الإجرامية.

المستعربون الأوائل

مارست الحركة الصهيونية وعلي نطاق واسع مختلف أشكال الإرهاب وجرائم القتل والتدمير ضد الشعب الفلسطيني قبل عام 1948. وبعد قيام الدولة العبرية علي أرض فلسطين، إستمرت هذه الأعمال الإرهابية برعاية وتواطؤ من أعلي الجهات والمرجعيات الرسمية وبوسائل أكثر تنوعاً وتطوراً. وإذا كان الجيش الإسرائيلي نفسه هو ثمرة المنظمات والحركات الصهيونية العسكرية التي نفذت العمليات الإرهابية ضد العرب خلال فترة الإنتداب البريطاني علي فلسطين، فإن تشكيل المستعربين في هـذا الجيش والتي تحمل أسماء (دوفدوفان) و (شمشون)، والتي كانت وليدة الواقع الجديد الذي نجم عن تعاظم الإنتفاضة هي أيضاً ثمرة وحدات النخبة في تلك المنظمات العسكرية. ذلك أن (الإستعراب) كوسيلة إرهابية غير تقليدية مارسها الإسرائيليون الأوائل وجسدتها منظماتهم بأشكال شتي.

1 ـ جماعة المستعربين في الإيتسل والأرغون

أُطلق إسم (مستعرب) علي اليهودي الذي يمتزج في الوسط العربي الذي يتواجد فيه، يعيش بأساليب حياته ويمتص ثقافته، ولكنه في نفس الوقت يتمكن من المحافظة علي قيمه القومية. وكان أفراد (هاشومير) يعتبرون تقليد حياة البدو والتكيف مع أسلوب حياتهم أمراً مثالياً. ومن أجل تحقيق ذلك، لا بد من التعرف علي أبناء البلاد وسبل حياتهم بالسكن بينهم حتي وإن تطلب الأمر في خيام عربية وممارسة رعي الإبل والغنم وفلاحة الأرض.
وقد إنعكس الإستعراب هذا إيجابياً علي نشاط المنظمات الصهيونية فيما بعد مثل المنظمة العسكرية القومية في أرض إسرائيل (ايتسل)، والمحاربون من أجل حرية إسرائيل (ليحي) أو (شتيرن) حيث نفذت هذه المنظمات ونفوذها داخل قطاعات واسعة من الشبان الصهيوني علي أرض فلسطين، أعمالاً إرهابية أوقعت عشرات القتل والجرحي في صفوف الشيوخ والنساء والأطفال العرب وعدداً من البريطانيين الذين تصادف وجودهم بين العرب وفي تجمعاتهم. ويذكر يعقوب الياب، قائد العمليات العسكرية لمنظمة (ايتسل) في مدينة القدس بأنه كان يستعين بما أسماه (جماعة المستعربين) في الجهاز الإستخباري التابع للمنظمة لتنفيذ تلك الهجمات، وأن رئيس (جماعة المستعربين) كان يعقوب مشبتاي. وأن تلك العمليات كانت تتم بالتعاون بين جماعة المستعربين والقسم الفني والمجموعات الميدانية في كل من القدس وحيفا.

2 ـ الدائرة العربية في البالماخ

تأسست وحدة المستعربين الجديدة خلال فترة التعاون بين الوكالة اليهودية مع الجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية، ضمن كتائب القوات الخاصة بجيش الهاغاناة (البالماخ)، وعرفت هذه الوحدة داخل البالماخ باسم (الدائرة العربية)، وكانت مهمتها في البداية أمنية، تجمع المعلومات وتطلع علي إتجاه الشارع العربي، ولذلك كان هؤلاء المستعربون يتنكرون بالزي العربي ويتحدثون باللغة العربية ويتصرفون علي الطريقة العربية، ويعيشون مع العرب في قراهم ويصَّلون معهم في مساجدهم، وكانوا في غالبيتهم من اليهود القادمين من الدول العربية ومن فلسطين كذلك. وفي مراحل متقدمة من غزو الجيش الألماني لشمال أفريقيا، عندما إقتربت طوابير دبابات رومل من حدود مصر، برز التنسيق والتعاون مع السلطات البريطانية أكثر من ذي قبل، وذلك من أجل الإستعداد لإحتمال السيطرة النازية علي المنطقة. ولكن بعد زوال خطر الجيش الألماني، قطع الصهاينة الإتصالات مع السلطات البريطانية، وقررت قيادة البالماخ حل الدائرة العربية.
أعادت البالماخ تشكيل الوحدة مرة أخري علي أساس التطوع ودون أية شروط للخدمة، ووصل تعداد أفرادها (33) مقاتلاً معظمهم من الذين أرادوا الإستمرار في الخدمة ضمن كتائب القوات الخاصة ومن بعض المجندين الجدد. وفيما يختلف الجنرال أوري أور والكولونيل يعقوب نمرودي حول تاريخ عودة المستعربين للخدمـة، فيذكر الأول 1943 والثاني يقول أنها في سنة 1945م، إلا أن المهم في هذه العودة أنه تم ولأول مرة تجميع المتطوعين القدماء والجدد في كيبوتس عين هحوريش، وأُطلق عليهم اسم محكاة هشاحر (وحدة الفجر). وكانت الوحدة بقيادة يروحام كوهين، والمدرب شمعون سوميخ وهو من مواليد بغداد ويجيد لغة العرب وعاداتهم. وبعد عدة سنوات برزت أسماء أصبحت معروفة في النظام السياسي والعسكري للدولة العبرية مثل شمادية جوتما، وبيرس جوردن ضابط العمليات، ويعقوب نمرودي ضابط الإستخبارات في الوحدة. وهذه المرة لم يكتف المستعربون بمهام إستخبارية، بل وضعوا نصب أعينهم وظائف أكثر تعقيداً، وحصلوا علي صلاحيات واسعة جداً مكنتهم من الخروج إلي الميدان يومياً لجمع المعلومات عن مخططات العرب، والعمل علي إختراق المنظمات الفلسطينية شبه العسكرية, وكشف أي مخططات لمهاجمة المستوطنات اليهودية ومعاقبة المقاتلين الذين يهاجمون اليهود. وإلي جانب كل ذلك، ساعد المستعربون في عملية الهجرة اليهودية الثانية لفلسطين وكانوا قاعدة أساسية لتشكيلات الجواسيس في إسرائيل وهم (أساس جميع العمليات الكبيرة والتي تحدث العالم بأسره عنها وبعض هذه العمليات لم يتبنها أحد)، وفق تقرير الكولونيل نمرودي الذي نشره بعنوان (وحدات المستعربين بين الماضي والحاضر).
وفي سبيل تحقيق هذه المهمات، كان تأهيل مقاتلي الوحدة طويل المدي ويتطلب الشيء الكثير بعد تدريبات تستـــغرق سنة كامـــــلة، منها ثلاثة أشهر يتم فيها إرسال الأفراد للإختلاط في وسط السكان والتجمعات العربية، يشارك في إجتماعاتهم وصلواتهم في المساجد، ويتجول في الأسواق، ويحضر المؤتمرات الشعبــــية والمهرجانات مثل التي تجري في النبي روبين، ويجلس في المقاهي. ولم يطلق اسم (مستعرب) علي كل مــــن يتحدث العربية ويشرب الشاي والقهوة، وإنما إقتضي الأمر أيضاً الظهور بمظهر العـــرب بكل ما تعنيه الكلمة، سواء كان ذلك من حيث المظهر والشكل والزي أم من حيث اللغة والسلوك والمســـكن والتزود بوثائق عربية ملائمة تشير إلي تاريخه العربي. وفي بعض الحالات كان يطلب منهم الإمتزاج والعيش بين العرب لفترة طويلة، وإقامة بعض المحلات التجارية والصناعية.
وقد تسلل المستعربون إلي مراكز العمل الكثيرة مثل ميناء حيفا وشركة البوتاس ومعسكرات الجيش البريطاني ومصافي تكرير النفط في حيفا، وأيضاً إلي أمكنة عمل خاصة مثل مراتب إصلاح السيارات ومحطات البنزين وحاولوا أن يفتتحوا لهم أعمالاً صغيرة في المدن العربية مثل ورش السمكرة ودكاكين لبيع الصحف أو بسطات باعة متجولين، كما كُلفوا القيام بذلك النوع من الأعمال الذي لا يمكن ليهودي القيام به من دون أن يفتضح أمره أو يفقد عامل المفاجأة.
وكان من نتيجة ذلك أن زودوا جهاز الإستخبارات بمعلومات عن تهريب الأسلحة والتدريبات والإستعدادات العسكرية للعرب، واستكشفوا المناطق التي كان رجال البالماخ ينوون القيام بعمليات فيها، حتي أنهم شاركوا في هذه العمليات. وعند الضرورة كانوا يُرسلون في جولات إستطلاعية في شرق الأردن وسورية. وبالإضافة إلي ذلك، شكل المستعربون دوريات إستطلاعية تنطلق في جولات إستكشاف وإستطلاع لتجميع المعلومات حول القري العربية ومصادر المياه والمسالك الوعرة وهي معلومات أُستخدمت فيما بعد في حرب 1948. ومن الضروري ملاحظة التكتم الكامل الذي يلف عمليات وحدة المستعربين في الدول العربية قبل وبعد قيام الدولة العبرية وكذلك نشاطات أعضائها.
وحتي تاريخ حل البالماخ نهائياً من قبل ديفيد بن غوريون أول رئيس للوزراء في الكيان الصهيوني في 7/11/1948، نفذت وحدة المستعربين أعمالاً إرهابية عديدة ضد المدنيين العرب، نجم عنها العشرات من القتلي الأبرياء الذين لا علاقة لهم بأي نشاط. وقبيل حرب آيار (مايو) 1948، وجهت المنظمــــات الصهيـــونية جل نشاطها لإختراق الأحياء العربية من خلال التنكر بأزياء عربية كان أبرزها خمـــس هجـــمات قام بها رجال الإيتسل علي تجمعات سكنية عربية في باب الزاهرة بالقدس، يافا، العباسية، الطيرة (حيفا)، ويازور، وقد خلفت هذه العمليات عشرات القتلي من العرب. وإمعاناً في التضليل إختار المستعربون يوم السبت لتنفيذ عملياتهم، وهو يوم عيد الحانوكاه، الذي يفرد له اليهود اهتماماً خاصاً، علي أساس أن العرب لن يتوقعوا هجمات من هذا النوع في ذلك اليوم.(25)
وبعد دخول الجيوش العربية إلي فلسطين، إستخدم الجيش الإسرائيلي الذي ورث بعد تشكيله في نهاية شهر أيار (مايو) 1948 تقاليد الهاجانا والمنظمات الصهيونية المتطرقة أساليب التنكر علي نطاق واسع، وخصوصاً علي الجبهة الجنوبية، إذ تنكر العديد من أفراده الذين يتكلمون العربية بلكنة ممتازة وجندوا من أوساط اليهود الشرقيين وخصوصاً العراقيين، كبدو عرب وقاموا بإختراق المواقع العربية وخلقوا جواً من الشعور بعدم الثقة وإثارة الشك تجاه البدو.
كما تدل الشهادات الشفوية علي إستخدام وحدات مستعربة لألبسة ومعدات الجيش المصري لتحقيق مفاجأة تكتيكية علي وحدات مصرية أخري، وكذلك ضد وحدات جيش الإنقاذ، والجيش السوري في مناطق الشمال.

3 ـ مستعربون في مهمات داخلية

أعلن رئيس الوزراء ووزير الدفاع في الدولة العبرية الجديدة ديفيد بن غوريون عن تأسيس الجيش الإسرائيلي بعد نحو أسبوعين ممن إقامة الدولة، وأمر بدمج كل المنظمات العسكرية وشبه العسكرية بما فيها البالماخ في ألوية وكتائب الجيش الجديد. كما تم، إنطلاقاً من أدوات ما قبل حرب عام 1948، تأسيس بنية سياسية ـ عسكرية ـ أمنية قوية، لا تخضع لأي رقابة برلمانيه أو حكوميه باستثناء سلطة رئيس الوزارء. وعبرت تلك البنية عن بدايات جهازي الموساد والشاباك، الأول للعمل الإستخباري الخارجي والثاني للساحة الداخلية. وهذان الجهازان هيمنا علي المؤسسات العسكرية والأمنية بمجموعها. ومن هنا، إتخذ الإرهاب وأعمال القتل ضد الشعب الفلسطيني شكلاً جديداً حين أصبح إرهاب دولة، ولم يعد إرهاب منظمات متنوعة متباينة في عنفها وحدتها في القتل والإبادة. وسنكتفي في مجالنا هنا بالإشارة إلي نشاط جهاز الشاباك ضد الشعب الفلسطيني الذي بقي متمسكاً بأرضه في الجليل والمثلث والنقب. إذا إستغل هذا الجهاز فرض نظام الحكم العسكري علي القري والمدن العربية، الأمر الذي ألزم كل مواطن يرغب في الخروج منها بالحصول علي تصريح حركة من الحاكم العسكري، في إقامة شبكات تجسس واسعة. وكان عملاء الشاباك يعملون علناً في القري العربية، وكانوا في غالبيتهم من المطلعين علي حياة الجماهير العربية، ومن أصحاب الممتلكات والعقارات ومنظمي الصلح بين المتخاصمين، وأصحاب الأعمال. وكان هؤلاء يقدمون خدماتهم مقابل مزايا مثل جمع شمل العائلات، والحصول علي تصاريح بناء وتجارة، وتسريع الإجراءات في مراكز الشرطة، وضريبة الدخل والوزارات الحكومية الأخري. وفي كتابه (مهنتي كرجل مخابرات)، يصف يعقوب بيري رئيس جهاز الشاباك (1988ـ 1995) الفائدة التي جناها من الحياة بين هؤلاء العملاء في بداية عمله حين طُلب منه البقاء عدة أسابيع في منزل أحد المتعاونين مع الشاباك كي يتعلم أنماط الحياة التي يعيشونها وعادات المجتمع العربي ولغته وتقاليده، وهو ما يمكن إعتباره اللبنة الأساسية الأولي في تشكل وحدات المستعربين (ريمون) و (دوفدوفان) و (شمشون)، فيقول بيري: زكي عبد الله ـ الذي حللت عليه ضيفاً ـ شخصية معروفة في باقة الغربية، لا تعقد صلحه في المثلث دون أن يُدعي للمشاركة فيها. ولم تمض سوي عدة أيام حتي شعرت أن منزل زكي فعلاً، كبيتي، وكنت أذهب علي محل الجزارة الذي يملكه شقيقة الأكبر حافظ وأساعده في أعمال الجزارة. كما كنت أساعد شقيقه فارس في رعاية قطيع الأغنام والأبقار الذي يملكه، وكنت أقضي أياماً معه في الرعي. وأما شقيقه الثالث وجيه، فهو سائق سيارة أجرة، أعتدت مصاحبته في السفرات البعيدة وأُجري حوارات مع المسافرين، وأزور القري العربية التي لم أزرها في حياتي.. بدأت لغتي العربية تتحسن بصورة ملحوظة، وكذلك معرفتي لنمط الحياة العربية، فتعلمت كيفية إحترام الوالدين، وكيفية التعامل مع النساء والأولاد، وعرفت ما يأكلونه وما يشترونه. لقد تعلمت الكثير جداً من الأمثال والحكم العربية، وما يقوله العربي تجاه أي حديث من عربي آخر. لقد كان تواجدي هناك بمثابة أفضل جامعة لدراسة الوضع العربي. كان منزله ملتقي أبناء عائلته، الذين كانوا يتداولون الأحاديث بما فيها الأحاديث السياسية، كما كان ضباط من الحكم العسكري يؤمون منزله، ولم يكن أحدهم يعرف أنني يهودي، بل كانوا يظنون أنني عربي، ويتعاملون معي علي هذا الأساس. واذكر ذات مرة، أن الجهاز عـــقد ندوة حوار مغلقة بعد أن غادرت منزل زكي، أمها الكثير من الضباط كانوا يؤمون منزل زكي، ودُعيت أنا أيضاً لحضورها، وعندما شاهدنا الحاكم العسكري لباقة الغربية، قال بغضب: كيف سمحتم لهذا العربي بالتسلل إلي الندوة؟ فقد كان يعرفني بالإسم، الذي منحوه لي آنذاك يعقوب عويسات.
وإن كان بيري يكتفي بسرد هذه القصة، والتي يقول أن ثلاثة آخرين من الأغرار في جهاز الشاباك قد عاشوا حياة عربية مشابهة لنحو أربعة أشهر، فإن عاموس مانور رئيس جهاز الشاباك آنذاك يعترف بعد خمسين عاماً من إقامة الدولة العبرية أن هناك جانباً آخر من الإستعراب المبكر، تمثل في زرع عدة عملاء بأسماء وهويات عربية في القري العربية والبدوية للعمل بين صفوف العرب. وبحسب ما ذكره مانور، فإن هؤلاء المستعربين ينتمون إلي وحدة أبقي وجودها ســـراً حتي نــــهاية القرن العشرين، ورغم أن نشاطها إستمر سبع سنوات فقط، غير أن قسم الشؤون الشخصية في الشاباك إستمر في التعامل مع ملفها حتي الثمانينات. فقد قام هؤلاء المستعربون تحت ضــــغط المحيط الإجتماعي العربي الذي كُلفوا بالإندساس والعمل بين صفوفه إلي الإقتران والزواج من فتيات عربيات، أنجبوا منهن أولاداً في بعض الحالات. وبعد حل هذه الوحدة، طلق بعض المستعربون نساءهم وتخلوا عن أطفالهم في حين أقام الآخرون في القطاع اليهودي مع نسائهم وأطفالهم بعد أن إعتنقوا اليهودية. وبحسب ما يذكره مانور أيضاً، فإن وراء فكرة تشكيل وحدة المستعربين هذه كان رئيس جهاز الموساد في حينه إيسار هرئيل.
أما قـــائد الوحدة فيـــدعي شــــموئيل موريا، وقد إعترف في مقابلة صحفية بأن إقامة وإستخدام هذه الوحـــدة كانت فكرة خاطئة كما إتضح لاحقاً لكون عملها تسبب بمشكلات صعبة لأفرادها من المستعربين الذين إضطروا إلي إقامة أسر وعائلات خاصة بهم تحت هويتهم العربية المنتحلة. ويضيف موريا بأنهم ـ أي المستعربين ـ كانوا يتحركون لدي حصول (أعمال عنف من جانب الأقلية العربية) حسب تعبيره.​
 
4ـ مستعربون في مهمات خارجية

إمتد النشاط الصهيوني في الخمسينات ليشمل يهود معظم الدول العربية، وخاصة الدول التي تتواجد فيها طائفة يهودية كبيرة كالعراق والمغرب العربي. وكان لفروع منظمة الهاغاناة داخل تلك التجمعات التي يتقن أفرادها اللغة العربية، دور رئيس في ربطها بالدولة العبرية فيما بعد، مما سهل مهمة الموساد في التغلغل بين العرب. ونظراً إلي أهمية إعطاء صورة عن نشاط المستعربين في الدول العربية كون ذلك النشاط هو المسبب الرئيس في تهجير مئات الألوف من يهود العراق والمغرب وتونس والجزائر، فقد رأينا في المناسب أن نتناول بشيء من التفصيل هذا الموضوع.
البداية كانت في العراق حيث رفض اليهود العراقيون الهجرة إلي فلسطين، فما كان من الدولة الصهيونية الجديدة إلا أن تعمل علي تهجيرهم بالقوة عبر الأعمال الإرهابية والعدوانية ضدهم، وزرع الشقاق بينهم وبين العرب، موهمتهم أنه لا مجال لهم بالبقاء هناك. فقد كشفت مجلة هاعولام هازية العبرية عام 1966 النقاب عما أسمته فضيحة بغداد، وهي قيام ديفيد بن غوريون بإيفاد وحدة من الموساد إلي العراق في عامي 1950 و 1951 للقيام بأعمال التخريب والإرهاب ضد يهود العراق ونسبتها إلي العرب، لحملهم علي الهجرة إلي فلسطين. ويشير حاييم كوهين، أحد نشيطي الحركة الصهيونية في العراق، بوضوح إلي مسؤولية المستعربين في إلقاء القنابل اليدوية عندما تباطأت عملية الهجرة في بداية عام 1950. ومن أبرز تلك العمليات، الهجوم بالقنابل اليهودية في 14/1/1951 علي كنيس معسودة شخطوف في بغداد، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في إشاعة أجواء الخوف في صفوف الطائفة اليهودية.
أشاعت الأوساط الإسرائيلية والرسمية العراقية آنذاك، أن مفجري هذه القنابل هم من اللاجئين الفلسطينيين، وتم إعتقال الكثيرين منهم لهذه التهم. ولكن بعد بضعة أشهر علي بدء هذه الإعتداءات، شاء القدر أن يكتشف لاجئ فلسطيني من سكان حيفا كان يعمل بائعاً في مخزن ببغداد ضابطاً يهودياً من ضباط بوليس حيفا يبتاع قميصاً، فأبلغ نسيبه العراقي عما شاهده. فقام هذا بدوره بإبلاغ شرطة بغداد التي بدورها نصبت كميناً وقع فيه الضابط اليهودي بعد ثلاثة أيام مع رفيق له. وتبين أن الأول يحمل وثيقة شخصية باسم منشي سليم منشي تشهد أنه من مواليد بغداد، وأما الثاني فقدم نفسه بأنه تاجر يدعي إسماعيل مهدي صالحون. ورغم إعتراف منشي سليم منشي بأنه المسؤول عن تفجير المؤسسات اليهودية وأنه فعل ذلك بأمر من الحكومة الإسرائيلية، وأرشد الشرطة العراقية إلي مخابئ الأسلحة، إلا أنه جري إطلاق سراحه وتسفيره إلي قبرص ومن ثم إلي فلسطين المحتلة، وبقي صالحون وآخرون قيد الإعتقال حتي عام 1960، ثم أطلق سراحهم في صفقة أخري بين شخصيات عراقية وإسرائيلية. وبعد أبحاث وإستقصاءات من خلال المصادر الصهيونية، أمكن تحديد هوية المستعرب منشي سليم منشي، قاتل يهود العراق، وإذا به مردخاي بن فورات، الوزير في حكومة مناحيم بيغن الثانية ورئيس الطائفة السفاردية في الثمانينات. وأما المستعرب إسماعيل مهدي صالحون، فقد تبين زيف وثائقه وأن اسمه الحقيقي هو يهودا مرميش تاجار.(30) كما تبين أيضاً أن المشرف علي إدخال الأسلحة والمتفجرات من طهران إلي بغداد المدعو ماكس بينيت دخل سوريا ومصر وحتي العراق أكثر من مرة متنكراً في زي قسيس مسيحي، يحمل معه الإنجيل.
وفي المغرب العربي، نظم سلومون أزولاي ـ أبرز نشطاء يهود المغرب ـ وحده خاصة ضمت خمسين شاباً يهودياً من المغرب وتونس والجزائر جري نقلهم إلي فلسطين المحتلة سراً عام 1954 حيث شاركوا في دورة تدريب للقادة في الجيش الإسرائيلي، ثم أعيدوا عام 1955 إلي تلك البلدان بعد أن أنهوا الدورة.

الياهو ريكا والياهو كوهين

لم يكشف في إطار الجيش الإسرائيلي، عن وحدة المستعربين التي جري تشكيلها في سلاح البحرية بعد إنشائه عام 1948 إلا عندما كتب ضابط الشاباك السابق روني شيكد عن الياهو ريكا وهو مستعرب من مواليد دمشق، انضم للقسم العربي في البالماخ حيث إجتاز التدريبات اللازمة بما فيها دراسة الإسلام والصلاة في المسجد، وعادات وتقاليد العرب وتراثهم وحضارتهم. فيذكر شيكد بأن هذا المستعرب، إنضم بعد ذلك إلي وحدة المستعربين التابعة لسلاح البحرية التي كلفته بتاريخ 21/11/1948 بتفجير السفينة الألمانية (ايغريس) التي كانت ترسو في ميناء بيروت، وبمساعدة مستعربين آخرين وضع العبوات الناسفة التي انفجرت الأولي بعد (17) يوماً والثانية بعد (43) يوماً. ومستخدماً اسم (خليل صدقي)، توجه الياهو ريكا إلي الأرجنتين حيث إمتزج في صفوف الجالية العربية هناك، وسرعان ما أصبح شخصية معروفة كتبت عنها وسائل الإعلام العربية في المهجر. وفي المرحلة الثانية من خطته، إنتقل ريكا إلي تشيلي حيث إلتقي بالسفير الأردني هناك، ويدعي اسكندر وهو من بيت لحم أصلاً، وتحول إلي صديق مقرب منه ومن أسرته، وشاركه في التجارة. وخلال سنواته الثماني التالية منذ أن تعرف علي السفير، حصل علي جواز سفر أردني، والأهم من ذلك تعرف علي الجالية العربية في أمريكا الجنوبية ثم تمكن من الحصول علي تأشيرات لسورية ولبنان ومصر والعراق وليبيا. وعلي متن الطائرة المتوجهة إلي القاهرة، تعرف خليل صدقي علي مجموعة من الضباط المصريين العائدين من زيارة للصين الشعبية ودول أوروبا الشرقية وبينهم الرائد مجدي حسنين الذي كان من الضباط الأحرار ويرأس مشروع التنمية الزراعي. وبتوجيه من السفير الأردني في تشيلي الذي كان ابنه رياض يعمل في محطة الإذاعة في القاهرة، تصادق المستعرب مع كمال رفعت رئيس المخابرات الرئاسية وإنسجم معه كثيراً ليحافظ علي علاقة صداقة معه استمرت حتي إنتهاء مهمته الإستخبارية. إذا زار بيت رفعت عدة مرات وإستضاف أبناءه في أوروبا كثيراً وقد أعتبره رفعت مؤتمناً علي سره ومستشاراً له. وقدم كمال رفعت صديقة خليل إلي الرئيس جمال عبد الناصر في الرابع من تشرين الأول 1956 بإعتباره رجل صناعة ناجحا قدم من الأرجنتين. وبعد سبعة وأربعين عاماً من ذلك اللقاء، ما تزال مهمة الياهوريكا أو خليل صدقي الثري العربي الفلسطيني الذي خرج لإنجازها في مصر خفية ومجهولة، وإن كان روني شكيد قد ذكر بأنها إستهدفت تقليص التهديد المصري وتحجيم التهديد العربي الشامل ضد الكيان الصهيوني، إلا أن ريكا نفسه يقول في مقابلة عام 1998 مثيراً الكثير من الفضول حول مهمته: لو كنت قد توجهت لمهمتي في مصر مسلحاً كما تتطلب المهمة الخاصة التي أُلقيت علي كاهلي وكان عليّ أن أنفذها علي مراحل ربما لم تكن حرب سينا لتحدث .
وإن كان إلياهو ريكا قد نجا بحياته وعاد إلي فلسطين المحتلة، فإن مهمة المستعرب الثاني إلياهو بن شاؤل كوهين أو كمال أمين ثابت كما قدم نفسه للكثير من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة التي إرتبطت بعلاقات حميمة معه دون علم بأن مهمته في دمشق قد رُسمت له من تل أبيب بدقة بإعتبار أنه رجل أعمال عربي من أصل سوري يعيش خارج وطنه، قد إنتهت في الساعة 35:3 من صباح يوم 18/5/1965 علي حبل المشنقة في ساحة المرجة بدمشق. ورغم أنه يختلف عن يعقوب بيري كونه من مواليد مدينة حلب وعاش طفولته وشبابه في القاهرة، إلا أن الموساد كان حريصاً أن يتلقي كوهين برنامجاً مكثفاً في الإستعراب ابتدأ في خريف عام 1960 بإرساله إلي الناصرة بصفته طالباً في الجامعة العبرية. وجري تقديمه إلي أحد الشيوخ هناك ليجعله عربياً مسلماً بالديانة الإسلامية، فتعلم الصلوات الخمس والفاتحة وسوراً من القرآن الكريم، وحمل معه مصحفاً بصورة دائمـة حفظ منه عدة سور، كذلك كان يذهب في أيام الجمعة إلي المساجد لأداء صلاة الجمعة.
وبعد أن عرف كوهين أنه سيتوجه إلي سورية، تعلم جغرافية سورية وتاريخها واللهجة السورية حيث تلقي دروساً فيها من أحد الأساتذة من أصل سوري، وإستمع بإستمرار إلي محطة دمشق ليقف علي مشاكل البلاد ويتعلم اللهجة أيضاً. ولم تكن صدفة أن يختار المسؤولون عن كوهين بيونس أيرس محطة إنطلاق المستعرب كمال أمين ثابت. ففي هذه المدينة توجد آلاف العائلات من أصل سوري، ومن بينهم سيجد من يساعده في الوصول إلي الأوساط الدبلوماسية في دمشق. ومن خلال النوادي العربية حيث يجتمع المهاجرون العرب ويقضون أوقاتهم في قراءة الصحف الآتية من القاهرة ودمشق ولعب طاولة الزهر، لم يجد كمال أمين ثابت صعوبة في الدخول بصداقات جديدة والحديث عن نفسه كتاجر يتمني أن يعود بأمواله إلي دمشق لخدمة الوطن العربي، ولهذا كان يناقش التطورات السياسية حتي ساعة متأخرة من الليل. وإستطاع كوهين أن يتقمص شخصية كمال أمين ثابت كما يجب، وتقدم بسرعة حتي أصبح يُدعي إلي جميع حفلات الإستقبال في السفارات المصرية والسورية واللبنانية، وإلي جميع الندوات التي ينظمها نادي الإسلام. ومنذ 10 كانون الثاني 1962، اليوم الأول لكوهين في دمشق، وإنطلاقاً من شقة قريبة من رئاسة الأركان السورية والسفارات الأجنبية في حي أبي رمانة بدأت مهمة كمال أمين ثابت، وتوسعت معارفه بالتدريج حتي أصبح جزءاً مهماً في الجلسات السياسية في مقاهي دمشق. ولم يغب عن المؤتمرات واللقاءات المدنية والعسكرية داخل دمشق وخارجها، وإستطاع أن يشرف علي الأحداث ويحصل علي المعلومات القيمة يرسلها إلي تل أبيب بسرعة مما كان له أبعد الأثر في السقوط السريع لهضبة الجولان في حرب 1967.
نهاية الياهو كوهين علي حبل المشنقة في دمشق، لم تثن المخابرات الإسرائيلية في الإستمرار بالمستعربين في مهمات التجسس ضد القوات العربية. فلم يكد يمض سنوات ثلاث علي إكتشاف كوهين وإعدامه، حتي عاودت شعبة الإستخبارات العسكرية (آمان) في الجيش الإسرائيلي إرسال سرايا متحركة من المستعربين الذين يتقنون اللغة العربية ويرتدون زي الجيش المصري للعمل في الخطوط الخلفية للجبهة المصرية. وقد تغلغل عدد من هؤلاء في صفوف الجيش المصري، وإختطفوا ضباطاً وحصلوا علي معلومات هامة، وقاموا بهجمات مفاجئة ليلية ودمروا مستودعات ذخيرة ووقودا ومياها. وفي إطار هذه المهمات، قال ميخائيل بارزوهر في كتابه عن تلك الفترة أنه في نهاية إحدي المعارك الضارية في سيناء، إنطلق شخص من داخل خندق مصري وبدأ يركض نحو الإسرائيليين، فأُطلقت النار فوراً علي هذا الشخص من رشاش إسرائيلي وقتل علي الفور. فتقدم الجنود الإسرائيليون نحو الجثة وهزوا أكتافهم ثم إبتعدوا، دون أن يعلموا أن هذا الجندي المجهول كان من أفضل المستعربين الإسرائيليين الذين إستطاعوا التسلل إلي صفوف الجيش المصري.
 
فدائيون بنجمة داوود

قاسم مشترك يميز ذكريات من عاصر حرب حزيران (يونيو) 1967، وقصص سقوط مدن الضفة الغربية وقطاع غزة. إذ أعتقد سكان نابلس والخليل ورام الله والبيرة لأول وهلة أن القوات الإسرائيلية المحتلة لمدنهم، وبخاصة طليعتها هي من القوات العراقية. ومن الواضح أن الإسرائيليين قد إستخدموا أساليب متنوعة لتسهيل إختراقهم للمدن العربية من خلال وسائل التنكر والإيحاء لإعطاء إنطباع بأن القوات القادمة هي قوات عربية. ولنأخذ مدينة البيرة كمثال علي الأسلوب الذي سارت عليه آلة الحرب الإسرائيلية لإحتلال مدن الضفة الغربية. ففي المدخل الجنوبي للبيرة، وتحديداً عند منطقة المعلوفية وخان أبو اسكندر، صمدت مجموعة من مقاتلي الجيش العربي، وإستطاعت بأسلحتها الخفيفة تأخير دخول القوات الإسرائيلية إلي المدينة حتي اليوم الثالث للحرب. ولكن في صباح يوم الأربعاء الموافق 7/6/1967، تقدمت قافلة طويلة جداً تكاد لا تنقطع من أرتال السيارات وحاملات الجنود المدرعة والدبابات قادمة من المدخل الجنوبي للمدينة مخترقة شوارع البيرة باتجاه طريق نابلس. وكانت ناقلة الجند (م ـ 113) التي تتقدم القافلة دون أية علامة أو أعلام تشير إلي هويتها، غير أنها كانت ترفع صورة ضخمة ببرواز للملك الحسين بن طلال. وخرج البعض من أهل المدينة يستقبلون القافلة وهم يرقصون ويهزجون لها. ومع أن المصادر الإسرائيلية لا تبدي أي حديث حول هذا الموضوع، فإنها في المقابل تعترف بإستخدام وحدات إغارة كانت ترتدي ألبسة عسكرية مصرية خلال حرب تشرين أول (أكتوبر) 1973.
وبعد إحتلال الضفة الغربية إستمرت قوات المشاة والمظليين الإسرائيليين في إستخدامها لوسائل التنكر والإستعراب، وهذه المهمة كانت تستهدف فصائل المقاومة الفلسطينية التي كانت تجتهد في إقامة قواعد فدائية إرتكازية في جبال الضفة الغربية ومخيمات وبيارات قطاع غزة، بالإعتماد علي دعم ومساعدة الأهالي. ففي الضفة الغربية، قامت وحدات خاصة إسرائيلية صغيرة (3 ـ 5 أشخاص) بالتخفي والتنكر كمجموعات للفدائيين، تطرق أبواب المنازل وبخاصة في المناطق النائية والبعيدة للتحقق من مدي إلتزام السكان بالتعليمات والأوامر العسكرية التي لا تمنع السكان من التعاون ومساعدة الفدائيين فحسب، بل وتجبرهم علي الإبلاغ عنهم وعن تحركاتهم، الأمر الذي أدي إلي إثارة جو من عدم الثقة والمخاوف تجاه الفدائيين. وقد شكل هذا الأسلوب في حينه عاملاً مهماً في عملية تراجع الدعم والتموين، وكان أحد الأسباب الرئيسة في فشل تجربة بناء القواعد الإرتكازية في الضفة الغربية عامي 1967 و1968.
أما في قطاع غزة، الذي شكل حتي نهاية عام 1971 حالة فدائية متقدمة، وأضحي معقلاً لفصائل المقاومة بفضل التعاون بين السكان والمجموعات الفدائية التي تعززت قوتها من شهر إلي آخر، فقد تخبطت قوات الجيش الإسرائيلي في مواجهتها لتلك الحالة، وإستمرت العمليات الفدائية في تصاعد حتي وصلت إلي خمس عشرة عملية أسبوعياً. ولكن التحول حدث في عام 1970 حين أصدر الجنرال أرييل شارون وكان قائداً للمنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي تعليمات إلي الكولونيل مائير داغان لإقامة وحدة مستعربة خاصة للقضاء علي الأعمال الفدائية في قطاع غزة أسماها (وحدة ريمون)، بمعني القنبلة وأشار إليها الإعلام الإسرائيلي بإسم (وحدة أرئييل شارون للإغتيالات). وأختار الكولونيل داغان أفضل الرجال في وحدات الجيش الإسرائيلي وبخاصة من لواء جولاني وكتيبة جدعون، جري تنظيمهم في فصائل أُعتبر فصيل (حوفيم) الذي ضم (40) جندياً بقيادة يوعوز ليبنسكي هو الأهم. وكان مقر قيادة الوحدة في فيللا الشقيري المطلة علي ساحل البحر بمدينة غزة، وبجانب الفيللا كانت هناك عدة بنايات يقطنها الجنود الجدد وأعضاء الخلايا الخاصة من العملاء الذين أطلق عليهم الشاباك أسري صهيون والذين كانوا يقودون المستعربين إلي المكان الصحيح الذي يتواجد فيه المطلوب، وفي أحيان أخري كانوا يسوون حساباً قديماً حيث يقودون الجنود للشخص غير الصحيح عن قصد وفق ما ذكره الرائد دانيا عوكيف الذي خدم في الوحدة لصحيفة يديعوت احرونوت . ويضيف عوكيف بأن أعضاء وحدة ريمون تدربوا في معسكر للجيش الإسرائيلي بإشراف الخبير الأمريكي ديف بيركمان علي المسدسات والكلاشنيكوف في كافة الأوضاع بما فيها عمليات إطلاق النار من المسدس بعد إخراجه من تحت كرسي السيارة.

حرب عصابات لجيش نظامي

كانت عمليات المستعربين بمثابة حرب عصابات لجيش نظامي، إذ إتبعت وحدة ريمون العمل في إطار وحدات صغيرة (أربعة جنود وقائد) سواء في المخيمات أو في المزارع والأحراش أو في المناطق المفتوحة. ولم يكن في الوحدة طواقم منظمة، بل أنهم كانوا يختارون الجنود الملائمين للمهمة لكل عملية تصفية علي حدة، ومن بدا ضعيف القلب أبعدوه جانباً. وكان قائد الوحدة الكولونيل داغان، وقائد الشاباك في قطاع غزة يتسحاق تسور، وضابط إرتباط الشاباك مع المستعربين ديفيد رونان يتولون التخطيط الميداني وفق مبدأ حرية القيام بما يريدون حسب ما ذكره الرائد عوكيف. كما إستخدمت الوحدة أساليب وممثليات ومكائد كثيرة لإستدراج المطلوبين وقتلهم، فحمل المستعربون معهم سلالم ألمنيوم قابلة لطي من أجل الدخول للبيوت، وفي بعض الأحيان باعوا عن طريق العملاء قنابل موقوتة حتي تنفجر بأيدي المطوبين.
يقول يتسحاق تسور: ينص الأسلوب الذي أُتخذ آنذاك علي عدم إبقاء أي مخرب علي قيد الحياة، وكل من يقتل مخرباً كان يحظي بأسبوع إجازة من الجيش، ومن يلقي القبض علي مطلوب كان يحصل علي ثلاثة أيام إجازة، كانت هذه هي التعريفة المقرة لرأس المخرب . ويضيف تسور بأنه نتيجة لهذه السياسة بدأت قائمة المطلوبين تتناقص، ففي الوقت الذي بلغ تعدادها في تشرين الأول 1971 ثمانية وتسعين مطلوباً، لم يبق فيها بعد ستة أشهر سوي خمسة عشر إسماً .(42) وقام جهاز الشاباك ووحدة ريمون بتنفيذ (180) عملية خلال الفترة من 2/1/1971 وحتي 31/3/1972، وقتل المستعربون في غضون عام 1971م لوحده خمسة وتسعين شخصاً. ولكن عوكيف، الضابط في وحدة ريمون آنذاك يعطي أرقاماً مختلفة، فهو يقول بأن المستعربين كانوا يحملون قائمة بأسماء (220) مطلوباً، بعضهم كتب بخط أسود، وحوالي (50) أو (60) منهم كُتبت أسماءهم بالأحمر، وهذا يعني ألا يقبضوا علي أصحابها أحياء. ومع حل الوحدة في عام 1974، بقي من قائمة عوكيف (20 ـ 30) مطلوباً فقط.
ويؤكد أعضاء آخرون في وحدة المستعربين (ريمون) أقوال قائدهم عوكيف، وبحسب هؤلاء فإنهم كانوا يقومون بقتل الفدائي الذي يلقون القبض عليه وحيداً، ويطلقون النار عند ظهور أي مشبوه عندما كانوا يشكون بأن شخصاً ما يشاهدهم. ولكن القضية الأخطر في ممارسات وحدة شارون للإغتيالات تتمثل بما يسمونه (قضية فرار) والتي يوضحونها حرفياً بما يلي: الحالة المعروفة والمتبعة كانت إلقاء القبض علي الشخص وإبلاغه أن لديه دقيقتين للهروب أو شيء من هذا القبيل، وأحياناً كنا نترك سلاحه معه. وما أن يدير ظهره يسير خطوات قليلة حتي نطلق النار عليه. وبعد ذلك نكتب في التقرير بأنه لاذ بالفرار، وقتلناه وهو يحاول الهرب منا. وفي اليوم التالي نسمع في الإذاعة الإسرائيلية، أن قوة عسكرية إسرائيلية اصطدمت ليلة أمس مع إرهابي مسلح، وأثناء محاولته الفرار، أطلق جنودنا النار عليه وقتلوه . وإلي جانب هذه الحالات، كانت بعض مجموعات المستعربين تقوم بإيقاف الشخص المطلوب علي الجدار وتطلق النار عليه. وفي نهاية اليوم تعود المجموعات إلي قاعدتها لتجد في إنتظارها وجبات دسمة وأفلام وفتيات بتوصية من الجنرال أريئيل شارون وفق صحيفة كول هعير العبرية.
بعد خمسة عشر شهراً من عمليات الإعدام والتصفية الجسدية التي طالت العشرات من المطلوبين والأبرياء في قطاع غزة، طرأ إنخفاض بنسبة 85 بالمئة علي العمليات الفدائية. وتفيد الإحصاءات أن (222) عملية وقعت في قطاع غزة عام 1971م قُتل خلالها تسعة إسرائيليين، في حين وقعت (46) عملية فقط في عام 1972 قٌتل خلالها ثلاثة إسرائيليين.
 
وراء خطوط حزب الله

عام ونصف تواصلت فيها الهمسات وترددت الإشاعات حول وحدة (ايجوز) الخاصة التي أقامتها القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي والتي كُلف أفرادها بالتسلل إلي ما وراء خطوط حزب الله في جنوب لبنان والعمل علي إختطاف وتجنيد عملاء في المناطق التي تنشط فيها مجموعات المقاومة، إلي جانب إغتيال مسؤولين ومقاتلين من الحزب. وفكرة تشكيل هذه الوحدة طرحت إبتدأ أثناء تولي الجنرال يهودا باراك رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، وبخاصة بعد نجاح تشكيل وحدتي (دوفدوفان) و(شمشون) في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتمحورت حول مبدأ وضع أفضل مقاتلي الجيش الإسرائيلي في مواجهة مقاتلي حزب الله. وقد إستثمرت شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي جهوداً وإمكانيات كبيرة في تشكيل هذه الوحدة، إذ صادق الجنرال أمنون شاحك (رئيس الأركان) علي قرار إنشاء (ايجوز) في شباط (فبراير) 1995، مستهدفة إعادة الإحترام للجيش الإسرائيلي في أعقاب سلسلة إخفاقاته في جنوب لبنان. واسم هذه الوحدة التي يعني باللغة العربية (الجوزة) ليس صدفة، إذ يقصد منه نفخ الروح مجدداً في وحدة (ايجوز) التي عملت في إطار قوات المظليين حتي عام 1973. وكانت النواة الأولي لهذه الوحدة ثلاثين جندياً قام الكولونيل داغان، مؤسس وقائد وحدة ريمون السابقة، الذي ساعد في تشكيل الوحدة الجديدة بفرزهم في بداية خدمتهم في الوحدات المختارة للجيش الإسرائيلي. ومنذ أن أعيد تشكيلها بقيادة ضابط برتبة مقدم رمز لأسمه بالإعلام الإسرائيلي بالحرف (أ)، شارك مجندوها في عشرات العمليات العسكرية الخاصة التي كان قسم منها في عمق المناطق التي يتواجد فيها مقاتلو حزب الله، بالإضافة إلي توليها جزءاً من المهمات الإعتيادية في القتال النظامي بالجنوب اللبناني. ورغم أن المصادر الإسرائيلية تتكتم عن قسم لا بأس به من نشاطات وحدة المستعربين إيحوز، إلا أن ما نشر من إحصاءات الجيش الإسرائيلي تشير إلي فترة السنة والنصف التي أعقبت تشكيل الوحدة قد شهدت إستشهاد (16) مقاتلاً من حزب الله خلال المعارك معهم والتي جري بعضها وجهاً لوجه وبالأيدي أو بالسلاح الأبيض، بينما تشير مصادر الصحف العبرية بأن أفراد الوحدة تمكنوا من قتل نحو (50) من مقاتلي حزب الله.
ولأن مهمة نقل ساحة القتال إلي مناطق حزب الله تتطلب من الجنود المستعربين التعرف علي أرض الخصم مثل كف اليد، فإن مقاتلي ايجوز يجتازون فترة تدريب طويلة علي حرب العصابات في المناطق الجبلية والمأهولة والحرجية قبل أن يتم إرسالهم إلي لبنان. كما يجري تدريبهم أيضاً علي القتال المحدود، وفي أحيان كثيرة تحملهم الطائرات العمودية من طراز (ينشوف) إلي لبنان، وتقوم بإخلائهم في نهاية المهمة. ومن أبرز المعارك التي خاضها المستعربون في مواجهة حزب الله، مشاركتهم في احتلال ونصب كمين في محور طرق اعتاد مقاتلو الحزب زرع عبوات ناسفة فيه بشكل دائم، مما أسفر عن إستشهاد ثلاثة مجاهدين أثناء محاولتهم زرع عبوة ناسفة جانبية. وفي معركة أخري حدثت بجانب قرية العيشية في تشرين أول (اكتوبر) 1995، قفزت مجموعة من المستعربين إلي المسار الذي كان فيه إثنان من مقاتلي حزب الله قتلوا ثلاثة جنود إسرائيليين ويستعدون لإطلاق صاروخ كتف علي الطائرة العمودية الإسرائيلية التي كانت ستحمل القتلي والجرحي، وأسفرت المعركة عن إستشهاد المقاتلين الإسلاميين. وأما المعركة التي دارت وجهاً لوجه أمام عشرة من مقاتلي حزب الله في جبل سجد الريحان في أيلول (سبتمبر) 1996، والتي أدت إلي إستشهاد سبعة منهم، فإن المستعربين خسروا من جهتهم جنديين هما كسور فرانس وزوهر مينتس، وأصيب ثمانية آخرين. وهذه هي الإصابات الوحيدة التي اعترفت بها مصادر الجيش الإسرائيلي خلال فترة عمل وحدة (ايجوز) في جنوب لبنان.
وحدة (ايجوز) كانت مسؤولة بشكل غير مباشر عن التسبب في مجزرة (قانا)، حين قصفت المدفعية الإسرائيلية قاعدة القوات الدولية علي مقربة من القرية اللبنانية بتاريخ 18/4/1996، الأمر الذي نتج عنه سقوط (109) شهداء من المدنيين الذين إحتموا في القاعدة. وحسب أسبوعية (الأوبزرفر) اللندنية نقلاً عن مصادر عسكرية إسرائيلية، فقد كان جنود وحدة القتل يجوبون المنطقة متنكرين بهيئة عرب لتحديد مواقع أفراد حزب الله الذين يقومون بإطلاق صواريخ الكاتيوشا علي المستوطنات اليهودية أثناء العدوان العسكري الإسرائيلي علي لبنان. وخلال تلك الفترة التي سبقت المجزرة، شعر الجنود المستعربون ـ حسب إدعائهم ـ بأنهم كُشفوا، فقاموا بإبلاغ قيادة الجيش الإسرائيلي أن هناك خطراً محدقاً بهم وأنهم يريدون مساعدة من قوات الجيش العاملة في المنطقة. وعلي الأثر، أوعز ضباط إسرائيليون كبار لمجموعة المستعربين بالإبتعاد عن قاعدة قوات الطوارئ، ثم صدرت الأوامر بقصف القاعدة. وهذه المعلومات تفسر إضطرار الحكومة الإسرائيلية لإخفاء تفاصيل التحقيق بمجزرة قانا، وذلك حرصاً علي عدم الكشف عن نشاط وحدة (ايجوز) السرية في ذلك الوقت.
وبعد إنسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، تم تكليف عناصر الوحدة بعمليات الحراسة علي الحدود الفلسطينية ـ اللبنانية. ولكن في آذار (مارس) 2001، ونظراً لتصاعد وتيرة إنتفاضة الأقصي، صدرت الأوامر للوحدة بالعمل الميداني في وسط وجنوب الضفة الغربية علي وجه التحديد. وقام جنود الوحدة بتسيير دوريات في محيط التجمعات السكانية الفلسطينية في محاولة للإصطدام بمجموعات المقاومة الفلسطينية التي تتوجه لتنفيذ عمليات إطلاق نار علي المستوطنات اليهودية أو الأهداف العسكرية الإسرائيلية. كما قامت الوحدة بنصب كمائن مسلحة وحواجز طيارة علي الشوارع الرئيسة في الضفة الغربية في مسعي لإلقاء القبض علي المطلوبين، إلي جانب قيامها بعمليات الإختطاف والتصفية الجسدية طبقاً لتوجيهات الشاباك.
 
وحدات نظامية في الجيش الإسرائيلي

وقف الجيش الإسرائيلي في الثامن من كانون الأول (ديسمبر) 1987م، تاريخ بدء الإنتفاضة الفلسطينية الكبري، أمام ظاهرة جديدة: آلاف المتظاهرين يقيمون الحواجز الحجرية ويشعلون إطارات السيارات ويرشقون الجنود الإسرائيليين بالحجارة. وكانت الأوامر الخاصة بمجابهة هذه الظاهرة واضحة، وصدرت من أعلي المراجع السياسية للجيش الإسرائيلي، وهو وزير الدفاع. ففي البداية، كان يتسحاق رابين الذين رفع راية الحرب علي الشعب الفلسطيني بإعلانه أنه بات يشعر بحرية أكثر في استخدام جميع الوسائل الممكنة لقمع الإنتفاضة ، وتبع موشيه أرنس سلفه بإصدار أوامر واضحة بإطلاق النار علي راشقي الحجارة، فاستخدم الجنود بنادق القنص علي نطاق واسع إلي جانب قنابل الغاز والهراوات والسيارات المجنزرة مما أدي إلي إستشهاد المئات من النساء والأطفال والشباب. ولم يمنع إستخدام القناصة فيما بعد للرصاص المطاطي أو البلاستيكي بدلاً من المعدن من إستمرار عمليات القتل، ذلك أن تعليمات الجيش الإسرائيلي سمحت بإطلاق النيران من مسافة لا تقل عن سبعين متراً. ورغم عمليات القتل الواسعة، وتبني الجيش والأجهزة الأمنية والإستخبارية الإسرائيلية لعشرات الأساليب والوسائل الدموية لإنهاء جذوة الإنتفاضة الفلسطينية، حتي أنهم ـ علي سبيل المثال ـ إستخدموا ستة أنواع من الرصاص في أوقات متفاوتة وعشرة أنواع من الغاز وأربعة أنواع من المواد الكيماوية ناهيك عن الأجهزة والمعدات والتقنيات التي كان يطورها قسم خاص في قيادة الجيش الإسرائيلي، إلا أن كل ذلك كان يواجه بتطور الإنتفاضة وتكيفها تلقائياً مع تصاعد حملات القمع والإرهاب التي طالت كافة المدن والقري والمخيمات.
الجنرال يهودا باراك، نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي وقتها، كان السباق لتوقع تطور وتصاعد الإنتفاضة الفلسطينية بمساراتها المتنوعة من الحجر والمقلاع إلي الزجاجات الحارقة فالعمليات العسكرية والقتالية بالأسلحة الرشاشة والعبوات الناسفة ثم العمليات الإستشهادية. وكان باراك قد إستمد قراءته لهذه التطورات من إحصاءات الناطق العسكري الإسرائيلي الذي أشار إلي عملية إطلاق نار علي جنود ومستوطنين سنة 1988، و(80) عملية سنة 1989، و(131) عملية سنة 1991، وسجل إلقاء القنابل إرتفاعاً موازياً، والأمر نفسه بالنسبة إلي العبوات الناسفة.(5) كما إستشعر الجنرال آمنون شاحك الذي خلف باراك في المنصب هذا التطور حينما أعلن أنه يجب التأقلم مع واقع أن الجيش لن يتمكن في المستقبل من الإحتفاظ بسيطرته علي كامل أرجاء يهودا والسامرة ـ الضفة الغربية ـ فحينما أحلق بمروحية فوقهما أري أعلاماً فلسطينية ترفرف في وضح النهار فوق المساجد في الوقت الذي يتجمهر فيه السكان في القري .
وقد كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الطاقم الأمني ـ العسكري الذي تولي دراسة مجريات الأحداث عن كثب قرر في النهاية بأن شل قوات كثيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة أمر غير عملي وغير ناجح، والضرورة تتطلب تشكيل وحدات صغيرة تعمل بأساليب قتالية غير عادية . ومما عزز من تبني هذا الإتجاه، التقارير الإستخبارية التي كانت ترد من الجنرال يعقوب بيري ـ رئيس جهاز الشاباك ـ لقيادة الجيش الإسرائيلي بأن هناك وفرة نسبية في المعلومات الإستخبارية عن المسلحين المطلوبين غير أنه لا تتوفر في المقابل قوات نظامية لتنفيذ المهمات القتالية. وأشارت التقارير كذلك أن قوات الإحتياط لم تستطع إستخلاص النتائج الجيدة كاملة من المعلومات الاستخبارية التي حصلت عليها من الشاباك. وقد وجدت هذه الأقوال آذاناً صاغية لدي الجنرال يهودا باراك الذي كان وقتها يشغل منصب رئيس الأركان. وكان التعاون بين باراك وبيري وطيداً جداً، فتعهد الأول بتوفير هذه القوات، مطالباً قادة كتائب المظليين والمشاة وألوية جولاني وغيفعاني والناحال بإعداد قوائم بأسماء الضباط المتميزين، وإستدعائهم لمقابلته حيث قام بإقناعهم بالخدمة لمدة سنة في إطار وحدات (دوفدوفان) و(شمشون). وكان باراك قد شكل وحدات (دوفدوفان) بشكل سريع في نهاية عام 1986 حين كان يشغل منصب قائد المنطقة الوسطي لأداء مهام خاصة ومعقدة في الضفة الغربية. وعند إستلامه منصبه الجديد، أوعز بتشكيل وحدات مشابهة في قطاع غزة عرفت بأسم (شمشون) للقيام بمهام مماثلة. ومع إندلاع الإنتفاضة الفلسطينية الكبري، طرأ تحول جذري في تشكيلات هذه الوحدات وأعداد المنتسبين إليها، وذلك بعد أن قام الجنرال باراك بجولة مع مجموعة من الـ (دوفدوفان) وهو متنكر كأحد المواطنين الفلسطينيين، وأخذ وقتها انطباعاً جيداً عن أساليب عمل المستعربين الذين كانوا في بداياتهم وأقتنع بالأسلوب والفعالية.
بعد سلسلة من المشاورات، إستبدل قادة الجيش الإسرائيلي إستراتيجية مواجهتهم للإنتفاضة ونشطائها: تقليص حتي الحد الأدني لعدد المواقع العسكرية والدوريات الراجلة، وعمليات الإغلاق والإعتقال الجماعي. وفي المقابل، تم التأكيد في الإجتماع الذي عقده موشية أرنس ـ وزير الدفاع ـ مع رئيس هيئة الأركان ونائبه ومساعدوه والقادة العسكريين للمناطق علي الجمع المكثف للمعلومات الاستخبارية والنشاطات غير الروتينية وإدخال جميع دوريات الوحدات الخاصة بالمستعربين للعمل وتشكيل وحدات مماثلة في كلاً من الشرطة وحرس الحدود لوضع حد بصورة سريعة لموجة العمليات الفدائية والمطاردين قبل خروجها عن سيطرة السلطات الإسرائيلية. ووفق رون بن يشاي، المعلق العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت والذي رافق إحدي وحدات المستعربين في إحدي عملياتها الميدانية وكتب تقريراً مفصلاً عن ذلك تحت عنوان (المستعربون في تلة جنين)، بدأ الأسلوب الجديد يعطي ثماره فــــي شــــهر تشرين أول (أكتوبر) 1991م بقتل وإلقاء القبـــض علي عشرات من المطلوبين العنيفين ، وهرب آخرون للخارج، في حين قضي عدد آخر من المطلوبين أوقاتهم بالإختفاء والسكون. وكانت وحدات المستعربين قد أذهلت جهاز الشاباك بسرعة التنفيذ، ففي كثير من الأحيان، لم تمض ساعات معدودة علي وصول المعلومة من ضباط عمليات الشاباك في منطقة ما من الضفة الغربية أو قطاع غزة، حتي يكون الشخص المطلوب مقتولاً أو معتقلاً.
واليوم بعد أن أصبح عمر وحدات (المستعربين) في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ستة عشر عاماً كانت حافلة بأعمال القتل والتصفية، وأحتلت عناوين الصحف العربية وحتي العبرية نظراً للصلاحيات الواسعة التي أُعطـــــيت إليها، وتعليمات إطلاق النار غير المحددة بأية ضو ابط أو قوانين وما نتج عن ذلك من إستشهاد العديد من الأبرياء ومطلوبين لم يكونوا مسلحين أصلاً وعدد من الإسرائيليين، بل بعض جنود المستعربين أنفسهم نتيجة التشخيص الخاطئ أثناء العمليات. ورغم كل ما تعرض له المستعربون من إنتقادات، فما زال الإسرائيليون ومن بينهم رجال الإعلام يطالبون بإستمرار الجيش الإسرائيلي بممارسة النشاط من خلال هذه الوحدات، وإلا فإن نتائج أمنية خطيرة ستترتب علي الدولة العبرية حسب ما ينشره هؤلاء من تقييمات وتحليلات

التشكيلات والمسميات

عندما أقام باراك أول وحدة للمستعربين كانت توصف بأنها حجم فصيلة ، ضمت مجندين من وحدات مختلفة في الجيش الإسرائيلي، غير أن تصاعد حدة الإنتفاضة دفع بالقيادة العسكرية الإسرائيلية إلي تنظيم الوحدة وتوسيع حجمها، وأصبحت هذه الوحدات بحجم (سرايا) تعداد أفرادها بين (120) إلي (200) مجند. وحسب المصادر الإسرائيلية، فإن هناك عدة تشكيلات من الوحدات الخاصة المدربـة تدريباً شاملاً تتبني أسلوب (المستعربين) في مواجهة إنتفاضة الشعب الفلسطيني وقوي المقاومة. وتعتبر وحدات المستعربين المعروفة باسم (دوفدوفان) أو الكرز باللغة العربية، أول تشكيل عسكري إسرائيلي يعمل في الضفة الغريبة متنكراً وسط التجمعات السكانية الفلسطينية. وأما وحدات المستعربين التي عملت في قطاع غزة أبان الإنتفاضة الفلسطينية الكبري عام 1987، فقد عرفت باسم (شمشون)، ونفذت معظم عمليات القتل التي تمت بواسطة إطلاق النار علي المطلوبين من كوادر الإنتفاضة. وقد قام الجيش الإسرائيلي بحل وحدات (شمشون) بعد التوقيع علي اتفاق أوسلو، إذ أن الظروف الميدانية في القطاع وطبيعته الجغرافية والديموغرافية لم تشجع القيادة العسكرية الإسرائيلية علي إستخدام مثل هذه الوحدات في أعقاب تشكيل سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني. ومع إندلاع الإنتفاضة الأقصي، أعاد الجيش الإسرائيلي بناء وحدات (شمشون) من جديد، غير أنها تخصصت هذه المرة في العمل الميداني الخاص مثل عمليات إقتحام القري والأحياء الفلسطينية بغرض تصفية أو إختطاف المطلوبين، إلي جانب حراسة قوافل المستوطنين التي تتحرك ليلاً بين المستوطنات والمناطق المحتلة عام 1948.
الوحدة الثالثة للمستعربين حملت اسم (يمام) وهي اختصار للوحدة المختارة لمكافحة الإرهاب التي تتبع قوات حرس الحدود، وأعلن عن وجودها في نهاية شهر حزيران (يونيو) 1991 من قبل الجنرال مشولام عميت قائد قوات حرس الحدود يومئذن حيث قال في حديث للإذاعة الإسرائيلية بأن لدي قواته وحدات تجوب الضفة الغربية وقطاع غزة يتنكر أفرادها بزي شعبي فلسطيني ويتكلمون العربية ويتنقلون في سيارات مسجلة هناك. ولم يكشف الجنرال عميت تعداد هذه الوحدات التي تتبع، كما هو حال قوات حرس الحدود، مباشرة لوزارة الأمن الداخلي. وقد تلقت وحدات المستعربين في حرس الحدود، ضربة شديدة، حين قتل المجاهدان إبراهيم الزريقي وإبراهيم جلامنة، قائد إحدي هذه الوحدات وأصيب عدد آخر من مجنديها أثناء مهمة في مدينة جنين عام 1992 . وتُعد وحدات (يمام) المسؤولة عن عدة عمليات قتل إرتكبها المستعربون بحق نشطاء المنظمات الفلسطينية خلال إنتفاضة الأقصي، كان أبرزها تصفية أمين سر حركة فتح، في طولكرم الدكتور ثابت أحمد ثابت. وقد زار رئيس الدولة العبرية معسكراً لتدريب وحدات (يمام)، وبث التلفزيون الإسرائيلي في تشرين الثاني (نوفمبر) 1994م صوراً لهجوم وهمي علي منزل، وكان المستعربون يرتدون الملابس المدنية.
وتعد وحدات (هاعنيدونيم)، نسبة إلي عنيدون وهو قائد عسكري ورد اسمه في التوراة، رابع تشكيل للمستعربين تم إستحداثه في آب (أغسطس) 1990م يتبع قيادة الشرطة الإسرائيلية في مدينة القدس. وقد كشف المفتش العام السابق للشرطة الإسرائيلية الجنرال عساف هيغيتز عن وجود هذه الوحدات في آب (أغسطس) من عام 1998، وقال بأن هذة الوحدة كانت مكلفة إحباط الإعتداءات في الظروف الخاصة جداً لمدينة القدس. وكانت الرقابة العسكرية تمنع كشف وجود هذه الوحدة… وقد أنجزت مهماتها بنجاح ، دون أن يعطي أمثلة عن العمليات التي نجحت في تنفيذها. ولكون هذه الوحدات تعمل في مدينة القدس ومحيطها فقط، وتتولي عمليات إختطاف وإعتقال وقتل المطلوبين هناك، فإن مستعربي (هاعنيدونيم)، كانوا مسؤولين عن مواجهة الهجوم الذي نفذه الشهيدان عماد عباس وعصام الجوهري في تشرين الأول (أكتوبر) 1994، في شارع يافا حيث تصادف أن كانت مجموعة منهم في شارع خلفي مما مكنهم من قتل المهاجمان بعد أن عجزت الشرطة والوحدات الخاصة الأخري عن ذلك.

المهام وتخطيط العمليات

جميع تشكيلات المستعربين سواء تلك التابعة للجيش الإسرائيلي أو قوات الشرطة تعمل بالتنسيق الكامل مع جهاز المخابرات الإسرائيلية العامة (الشاباك)، حيث يقوم الأخير بتوفير المعلومات الإستخبارية اللازمة لتنفيذ عمليات القتل أو الإختطاف طبقاً للمعلومات التي يقدمها عملاؤه من الفلسطينيين، أو من خلال الإعترافات التي يدلي بها المعتقلون والأسري في السجون الإسرائيلية، إلي جانب إستعانة الشاباك بعمليات التجسس والتنصت الإلكترونية في مناطق السلطة الفلسطينية بعد إتفاق أوسلو والتي تشرف عليها وحدات خاصة تابعة لشعبة الإستخبارات العسكرية المعروفة باسم (آمان). كما تحظي وحدات المستعربين بتغطية أمنية كاملة من قبل قوة عسكرية تكون علي إتصال ميداني بواسطة أجهزة اللاسلكي أو النظر، توفر لها الحماية والدعم المطلوبين في الوقت المناسب. وتحضر القوة العسكرية النظامية بعد دقيقة أو أقل من ذلك حتي يبدو الأمر وكأنه قد جري في إطار المواجهات مع قوات الجيش، وتكون صيغة بيان الناطق العسكري جاهزة للتوزيع علي وسائل الإعلام، وعادة ما تتضمن أن القوة أطلقت النار دفاعاً عن النفس أو بعد أن حاول المطلوب المقاومة مما عرض حياة الجنود للخطر. ومن ذلك، حين داهمت وحدة المستعربين المنزل الذي تواجد فيه الشهيد جمال سعيد العكليك (19 عاماً) يوم 11/6/1990 متخفية بالكوفيات الفلسطينية والقمباز، إنسحبت من الموقع في أقل من دقيقة، ليبدو الأمر وكأن قوات الجيش هي التي قامت بالمهمة، خاصة وأن الأخيرة وصلت للموقع فور سماع إطلاق النار داخل المنزل.
تستهدف عمليات المستعربين غالباً، الشبان المطاردين، وهم مجموعات من نشطاء التشكيلات العسكرية للفصائل الفلسطينية صدرت بحقهم أوامر إعتقال من سلطات الإحتلال الإسرائيلية بتهم متباينة مثل: حمل السلاح أو تصفية عملاء، أو تشكيل خلايا عسكرية، أو تقديم خدمات ودعم أو إيواء مطلوبين أو إستشهاديين، أو المشاركة في عمليات قتل إسرائيليين أو تفجير عبوات ناسفة… وغيرها، ففضلوا التواري عن الأنظار ومواصلة جهادهم ضد قوات الإحتلال رغم أن العقوبات المتوقعة ضد معظمهم لا تتجاوز السجن لفترة شهور أو سنوات قليلة، ودفع غرامات متفاوتة القيمة. ولكن من خلال تتبع مجريات الأحداث وسجل عمليات المستعربين، ندرك أن عملياتهم تتعدي في كثير من الأحيان المطاردين أو المطلوبين لتطال كل من يقاوم الإحتلال بصرف النظر عن حجم فعل المقاومة أو تأثيره كالشبان الذين كانوا يرشقون الحجارة أو يكتبون شعارات علي الحيطان أو يلقون بالزجاجات الفارغة علي أبعد تقدير دون أن يكون هؤلاء مدرجين علي قوائم الإعدام المعدة من قبل الشاباك.
ولا يقتصر عمل المستعربين علي قتل الناشطين أو المطلوبين، بل إنها تعمد إلي قتل فلسطينيين وتشيع بعد ذلك أنهم قتلوا علي خلفية التعاون مع سلطات الإحتلال. ففي قرية بيت فجار القريبة من مدينة بيت لحم، قتل المستعربون شاباً أشاع عملاء الشاباك أن المطلوبين قتلوه، وفعلت نفس الشيء مع فتي من قرية عتيل بقضاء طولكرم. وفي الحادثتين، إستنكرت جميع الفصائل الفلسطينية هذه العمليات وأكدت براءة الشهيدين، وتم تشييع جثمانهما في جنازة مهيبة.
وأحياناً يشترك المستعربون في المظاهرات التي تقوم ضد السلطات الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية، ويلقون الحجارة علي القوات الإسرائيلية بهدف تحرير النشطاء والمحرضين والكوادر التنظيمية الموجهه لمثل هذه الفعاليات. وأما الوجه الآخر للإرهاب الدموي الذي تقوم به وحدات المستعربين، فيتمثل في العمل علي إقتحام القلعة الفلسطينية من داخلها، عبر ضرب الركيزة المعنوية للإنتفاضة من جهة، وإستثمار الخلاف السياسي الواقع بين الفصائل الفلسطينية لضرب الوحدة الوطنية الميدانية من جهة أخري. فقد شهدت أحداث الإنتفاضة الفلسطينية الكبري وإنتفاضة الأقصي، وحتي الفترة بينهما، حملة إسرائيلية تركزت علي دفع مجموعات من المستعربين والعملاء لإنتحال شخصية قوي إسلامية أو وطنية وتنفيذ عمليات خطف لنشطاء فصائل مختلفة وتوزيع البيانات المزورة والإعتداء علي ممتلكات المواطنين. وهو ما قام بكشفه أحد جنود المستعربين الذين عملوا في وحدات (دوفدفان) عندما قال: إن أعضاء الوحدة كانوا يقومون ليلاً برجم بيوت لأعضاء من فصائل وطنية وكتابة شعارات تتهمهم بالعمالة. وحدث ذلك في قرية المزرعة القريبة من مدينة طولكرم .
وفي شهادة نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية، أشار عبد المجيد عبيدات وهو مدرس في بيت لحم أنه كان شاهداً علي حادث إعتقال قامت به وحدات المستعربين عندما قامت مجموعة من الملثمين بإشعال إطارات سيارات ورشق الحجارة فانضم إليهم عدد من الشبان لمشاركتهم في رشق الحجارة، ولكن مجموعة الملثمين قامت بضربهم. ويضيف عبيدات: في البداية إعتقدنا أنهم ناشطو تنظيمات إشتبكوا معاً ولم نلبث أن أدركنا أن الملثمين هم مجموعة من المستعربين بعد أن بدأوا يطلقون النار علي المواطنين وأعتقلوا جميع الشبان الذين حاولوا المشاركة في ضرب الحجارة معهم . وفي شهادة أخري، وهذه المرة من مدينة غزة، يقول ناهض عبد الله عن تجربته: في إحدي الأمسيات كنا نجلس أمام البيت عندما مرت مجموعة من الرجال ترتدي البيجامات والجلابيات المحلية، وطرحت علينا السلام. وبعد دقائق سمعنا إطلاق عيارات نارية، وعندما أردنا معرفة ما يجري تبين أن المجموعة نفسها التي طرحت علينا السلام هي التي تطلق النار علي ملثمين يكتبون شعارات. وعندما أردنا التدخل لمعرفة ما يحدث داهموا بيتنا وأطلقوا علينا النار داخل البيت وضربونا ضرباً مبرحاً بعد أن إعتقلوا الملثمين .
وقد كتب يوآف ليمور في صحيفة معاريف العبرية تقريراً حول تشكيل هذه الوحدات وأجمل أنشطتها علي النحو التالي: هذه الوحدة وهذا ليس سراً، تقوم بفعاليات متنوعة في المناطق بدء من الإعتقالات إلي القيام بنشاطات تهدف لتقليل حدوث الإضطرابات وإلي العمليات العسكرية الخالصة. وعلي سبيل المثال كان أعضاء دوفدفان في الأحداث الأخيرة حول النفق رأس الحربة في المواجهات أمام الشرطة الفلسطينية.. ويقول القادة في المناطق أنهم يفضلون دوفدفان علي أية وحدة أخري، وهذا ما يشهد عليه الشاباك أيضاً. أما ما يتعلق بإحباط الأعمال الإرهابية فهناك إنجازات غير قليلة للوحدة أبرزها إعتقال خلية دير سامت وخلية بيت فجار وخلية صوريف . وحول انتشار وتوزيع المستعربين، يضيف الكاتب الإسرائيلي: في أحيان كثيرة تكون المهمات فجائية، ولذا إبتدعت الوحدة إجراءات إستعداد سريعة تتم خلالها التحرك نحو الهدف. وحتي تكون الوحدة مستعدة لأداء مهامها في المكان أو الوقت المناسبين، فقد وُزعت في كل أرجاء يهودا والسامرة. وهي موزعة بطريقها لا تجعلها تخضع لسيطرة مباشرة من قادة الوحدة، لأن أفرادها موزعون في مناطق مختلفة .
وتقوم مجموعة المستعربين قبل إنطلاقها في أي من المهمات التي تكلف فيها بعمل نماذج مصغرة لموقع الهدف وتدرس كافة الإحتمالات المتوقعة، وتعليمات إطلاق النار. وعادة يجري التخطيط بمشاركة قائد المنطقة التي ستجري فيها العمليات وضابط الشاباك المسؤول. وبعد إتخاذ القرار المناسب، يجمع قائد الوحدة جنوده ويشرح لهم أهمية ما سيقومون به وأن الهدف أيديه ملطخة بالدماء وفق التعبير المستخدم في الصحافة الإسرائيلية، ويقوم بوضع الخطة وإختيار فريق الإغتيال. وقبل عدة أيام من الموعد، يقوم قائد الوحدة بإيفاد فريق استطلاع برفقة ضابط من الشاباك لمعاينة المكان وجمع المعلومات الميدانية الحديثة وتصوير المكان وتجهيز الوسائل القتالية المناسبة. وفي النهاية، يتم وضع الخطة الميدانية وتجهيزها للتنفيذ من قبل قائد الوحدة وضابط عملياتها وقائد فريق الإغتيال وضابط الشاباك.
ويوضح رون بن يشاي، المعلق العسكري في صحيفة يديعوت أحرنوت ، هذا الأمر فيقول: وجهت التعليمات للقيام بالعملية مساء اليوم السابق، وشارك فيها عدد صغير من الضباط ومعهم قائد كتيبة يقوم بعمليات الأمن العام ـ الشاباك ـ في المنطقة. وعلقت خرائط علي لوحة كرتون كبيرة، صور جوية للمنطقة التي يقدر بأن الخلية تتجول فيها، كما سجلت علي ألواح تعليمات رئيسة وجدول زمني.. من الواضح أنه إستثمرت هنا مجهودات كبيرة ودقيقة. وفي ساعات المساء شاركنا في مناورات علي نماذج، أعادونا المرة تلو المرة الأخري إلي نقطة البداية، وذلك حتي أصبحت عملية التنفيذ مرضية بالنسبة للقادة، ولا يوجد هنا شعارات مثل: إعتمد علينا أو سيكون كل شيء جيد. وبعد إجراء مناورة علي نموذج وضع القادة أفراد الطاقم في أوضاع يجب عليهم إتخاذ قرار حول كيفية إطلاق النار ومداولات قصيرة إستخلصت فيه العبرية. وقد يستمر الكمين لمدة طويلة قبل أن يتم تنفيذ عملية الإغتيال، إذ أوضحت صحيفة (يديعوت أحرونوت) أن وحدات المستعربين في أحد المرات نصبت كميناً لمطلوب إعتاد التنقل وأحياناً كان يمر في شارع في الخليل كان خاضعاً للسيطرة الأمنية الإسرائيلية بعد قيام السلطة الفلسطينية. وظل الكمين لمدة (45) يوماً إلي أن قرر المطلوب المرور من الشارع المذكور، فكان ذلك كافياً لمجموعة المستعربين المنتظرة أن توقعه في شباكها.
لم يخف قادة العدو رضاهم عن عمل المستعربين، ووقف المستوي السياسي والإعلامي الإسرائيلي خلف هذه الوحدات بإعتبارها تمثل رأس حربة في مواجهة الإنتفاضة حسب تعبير الجنرال أميتان فيلناتي الذي كان قائداً للمنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي حين تم الكشف رسمياً عن وجود المستعربين. كما أعرب موشيه أرنس ـ وزير الدفاع آنذاك ـ عن رفضه للإنتقادات الموجه لوحدات المستعربين، بل إنه حضهم علي تنفيذ المزيد من الهجمات ضد النشطاء الفلسطينيين، وقال بعد اجتماع طارئ لقادة (دوفدوفان و شمشون ويمام وسييرت متكال ـ سرية هيئة الأركان ـ ولواء جولاني): إنكم تحظون بالمساندة التامة من جانب الحكومة ورئيس الأركان للعمل الذي تقومون به وتحظون بمساندة كاملة أيضاً للطريقة التي تؤدون بها عملياتكم… محاربة الإرهاب تعتبر المهمة الرئيسية الملقاة علي عاتق الوحدات المختارة في الجيش، إننا جميعاً تحت تأثير صدمة الأعمال الإرهابية الأخيرة، ولكن يجب القول أن هناك تحسناً ملحوظاً في مكافحة الإرهاب بفضل العمليات التي تقوم بها وحداتكم. ولهذا فإنكم تستحقون التقدير البالغ والمديح .
 
انتقاء المجندين

يتجند للوحدات الخاصة أولئك الجنود ذوي الأهلية العالية الذين تؤهلهم كفاءاتهم للدخول إلي أي وحدة خاصة أو نخبة في الجيش الإسرائيلي وفق تقرير المنظمة الإسرائيلية لحقوق الإنسان (بيتسيلم) حول فعاليات وحدات المستعربين في الضفة الغربية وقطاع غزة. (38) وتوضيحاً لهذا الوصف، فإن الجنرال يهودا باراك قام بإدخال تعديلات جوهرية علي ضوابط تجنيد المستعربين كقوات خاصة في الجيش الإسرائيلي مستفيداً من تجربته حين كان ضابطاً في القوات الخاصة التي شاركت في إغتيال القادة (أبو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر) في بيروت عام 1973، وتنكر وقتها في زي إمرأة عربية لتسهيل دخوله إلي المبني الذين كان يتواجد فيه قادة منظمة التحرير الفلسطينية. وبناء علي ذلك، جري إختيار المجموعات الأولي من المستعربين حين تم تشكيل وحدات (دوفدوفان) رسمياً عام 1986 من العناصر التي تجيد التنكر بالزي العربي وتستطيع التكلم باللغة العربية بكفاءة عالية، وملامحهم لا تختلف كثيراً عن ملامح الفلسطينيين، فبشرتهم سمراء وسحنتهم شرقية بحيث لا يثيرون حولهم الشكوك أثناء توجههم لتنفيذ المهام الموكلة إليهم. ولا حاجة لأن يتقن جميع أفراد هذه الوحدات اللغة العربية، فالعملية التي يقومون بها لا تستغرق أكثر من دقائق وأحياناً لا يحتاج إلي الحديث، إلا أن أهمية إستعمال بعض الكلمات تنقذه من الوقوع في مأزق قد يكشف هويته.
وفي معظم الحالات التي نجحت فيها عمليات المستعربين، وبخاصة خلال مواجهة الفعاليات الجماهيرية والتظاهرات، يبتعد المستعربون عن الكلام لكنهم كانوا يتقنون بعض العبارات ويهتفون بها وهم يشاركون الفلسطينيين في مواجهة الجنود. فمثلاً يحاولون إتقان هتاف (الله أكبر) أو (يا شهيد إرتاح إرتاح) ليهتفوا بها ويبعدوا الشك عنهم.
وتنبع عمليات الكشف عنهم، في معظم الحالات، من خطأ صغير يرتكبه هؤلاء. فحتي يضمن الخروج من أزمته هذه يتدرب عنصر الوحدة علي حيل تنقذه لكنه بداية يتقن لفظ كلمة مخابرات… مخابرات . أحد هؤلاء مثلاً إرتدي ملابس عامل فلسطيني وتلثم بعدما ثَّبت علي خصره المسدس وجهاز الإتصال اللاسلكي الذي يستعمله للتنسيق مع قادة وحدته. وإخترق هذا الجندي مجموعة كبيرة من الفلسطينيين الذي يقذفون الحجارة وكانت مهمته إعتقال أو إطلاق الرصاص علي أحد الشبان الفلسطينيين الذين كان يتواجد يومياً في المنطقة نفسها ويواجه الجنود في قذف الحجارة من دون أن يتلثم. وبعدما تأكد من وجود هذا الشاب إخترق المجموعة وراح يقذف الحجارة مثلهم، وأثناء تناوله حجر عن الأرض لاحظ أحد الفلسطينيين جهاز اللاسلكي والمسدس فصرخ مخابرات… مخابرات عندها أدرك الجندي أن أمره انكشف فراح يصرخ علي الفور وهو يؤشر باتجاه شاب آخر مخابرات…مخابرات ، مما أربك الشبان في عدم تحديد الشخص المقصود. وحتي يكمل مسرحيته هذه راح الجندي يركض، بإتجاه الشاب الفلسطيني وهجم عليه وهكذا فعل الشبان وكانت تلك فرصة لأن يهرب هذا الجندي من بين الفلسطينيين الذين سرعان ما إكتشفوا أن المعتدي عليه هو إبن حيهم.
بعد أن إستقرت تشكيلات المستعربين كوحدات نظامية خاصة في الجيش الإسرائيلي، وأصبح جهاز الشاباك يعتمد عليه بشكل كبير لتكون ذراعه الميدانية، فإن إنتقاء المجندين في هذه الوحدات غالباً ما يكون من بين المكلفين بتأدية الخدمة العسكرية الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 20 عاماً. ويمكن أن يجند أبناء الكيبوتسات أو الدروز من أصحاب البنية القوية والجسم الرياضي بشرط ألا تتجاوز أعمارهم العشرين عاماً، غير أنه في كل الأحوال فإن خدمة المجندين في وحدات المستعربين لا تتجاوز العام الواحد بعد فترة التدريب الخاصة، لأسباب سيكولوجية ونفسية تتعلق بمهام وواجبات هؤلاء المجندين والتعليمات التي يزودون بها لاحقاً والتي تسمح لهم بالضغط علي الزناد دون قيد أو شرط. وقد سمحت قيادة الجيش الإسرائيلي بتجنيد الدروز والبدو في هذه الوحدات إبتداء من نيسان (ابريل) 1992، نتيجة التوسع في الإعتماد علي المستعربين لقمع الإنتفاضة، ومن هؤلاء الكولونيل أمل ناصر الدين الذي قاد نشاط المستعربين في منطقة جنين وكان مسؤولاً عن قتل عشرات الشبان. وأما فئة القادة، فإنه يجري إنتقاءهم من بين ضباط المظلين أو المشاة المحترفين، ممن يتقنون اللغة العربية بشكل جيد جداً. ووفق يوآف ليمور، المحلل العسكري في صحيفة معاريف، فقد كان هناك تنافساً علي الإنضمام للمستعربين من قبل المكلفين للخدمة العسكرية عند إنشاء هذه الوحدات إذ يتنافس 14 شاباً علي كل مكان، وهي نسبة أقل من دورية هيئة الأركان، إلا أنها عالية بالنسبة للوحدات الأخري، وتعتبر نشاطات الوحدة أحد أهم الأسباب التي تجذب الجنود للإنتماء إليها. كما يتم تجنيد مختصين في فن التمثيل والمكياج حيث يضم كل طاقم أو مجموعة من المستعربين مسؤولاً عن التجميل يقوم عند الحاجة بصرف المواد المطلوبة لأعضاء الطاقم، فيتحول الشاب الصغير قصير الشعر إلي قروية فلسطينية .
وعلي ضوء الأهمية البالغة التي توليها سلطات الإحتلال لعملائها من الفلسطينيين، بحكم الإمكانات التي تجعلهم قادرين علي معرفة نشاط الملثمين والمطاردين والقادة الميدانيين للإنتفاضة ورصد تحركاتهم، فقد قام بإفتتاح مراكز (عوفدا) في الخليل و(فحمة) في منطقة جنين و(الدهنية) بالقرب من رفح لرعاية العملاء وتدريبهم ثم تسليحهم وإستيعاب عدد منهم للقيام بمهام ذات طبيعة ونوعية خاصة مع المستعربين.
فالمصادر الأولي لتزويد هؤلاء الجنود المستعربين بخبرة التقاليد والعادات الفلسطينية واللغة وحتي اللكنة التي تتميز بها كل بلدة فلسطينية، كان من الفلسطينيين أنفسهم. فالعملاء الذين سخروا أنفسهم لخدمة إسرائيل كانوا يؤدون مهمة تدريب أفراد هذه الوحدة علي تقمص الشخصية الفلسطينية وقضاء أيام وساعات معهم داخل مستوطنة إسرائيلية أو بلدة يهودية قريبة من المناطق الفلسطينية وكانوا يفضلوا هذه الوظيفة لأنها أسهل ألف مرة من العمل في التجسس علي أبناء الحي أو البلدة. فخطر انكشاف أمر الجاسوس في عمله اليومي بين أبناء بلدته أكبر بأضعاف المرات من كشف حقيقة تدريبه لأفراد وحدة المستعربين . أحد هؤلاء قال لنا: لم يكن أمامنا أية وسيلة غير الرضوخ لطلب الإستخبارات في الوصول إلي المناطق التي يتدربون فيها وهناك نقضي معهم فترات نعلمهم كيفية نطق أكثر الكلمات المتداولة في البلدة التي يخططون للدخول إليها. فمثلاً كان مهما أن يتعلموا لفظ كلمة شو بخصك بضم الحرف الثاني وليس بفتحه، فعدم إتقان ذلك يعني انكشاف أمره .
المتعاونون لم يقوموا بمهمة تعليم اللغة العربية وعادات الفلسطينيين مثل لف السجائر العربية مثلاً بدلاً من السجائر الجاهزة، وحسب، وإنما كانوا يقومون بدور الحراس لأفراد هذه الوحدة عندما يباشرون في تنفيذ مهمتهم بين الفلسطينيين وفي قلب أحياء البلدات وأزقتها. فالمتعاونون كانوا يرافقون الجنود إلي البلدات الفلسطينية والأحياء مزودين بالشارات المميزة علي ملابس الطرفين لتساعدهم علي عدم الوقوع في خطأ. مثلاً قبعة تحمل لوناً معيناً في طرف معين لها. وقد إتخذت هذه الخطوة، حسب ما قال المتعاون، بعدما وقعت أخطاء كثيرة وتعرضنا نحن أنفسنا لإعتداءات من الجنود بعد أن أخطأوا بنا خصوصاً عندما كنا نتلثم . ويضيف: عادة التلثم كانت الصفة الأكثر تناولاً في حيل عمل هذه الوحدة حتي لا يتم الكشف عن هويتهم، لكن ذلك لم يساعد في التخفيف من الخوف من إحتمال ضبطهم، إلا أن العمليات التي كنا ننفذها ونحن ملثمون كان الأنجح .

التدريب والتسليح

قرية عربية علي سفح جبل، دكاكين متراصة، مسجد يتوسط القرية وبجانبه مدرسة خطت علي جدرانها الشعارات الوطنية وعدد من السيارات في أزقة ضيقة، وإمرأة قروية ومزارع يكد ويتعب. لكن إن إقتربت أكثر من معالم هذه القرية حتي تكتشف أنها مصنوعة من الجبص، والرجال يغيرون شخصياتهم بإستمرار. هذا نموذج لقرية اصطنعها الجيش الإسرائيلي في معسكر (أدام) الواقع شمال طريق القدس ـ تل أبيب معدة لتحاكي واقع المجتمع الفلسطيني السريع حيث توجد مدرسة يتدرب فيها أفراد القوات الخاصة، ووحدات المستعربين ليتعايشوا مع نمط الحياة الفلسطينية ويكونوا علي إطلاع علي العادات والتقاليد في الضفة الغربية وقطاع غزة حتي لا يثيروا الشكوك في شخصياتهم عندما يقومون بأعمال اختطاف وتصفية داخل المجتمع الفلسطيني الحقيقي. وتستغرق فترة تدريب المجند في المعسكر ما بين اثني عشر وخمسة عشر شهراً منها أربعة أشهر ونصف من التدريب الأساسي علي الرماية ثم ستة أسابيع في مدرسة مكافحة الإرهاب، وفيها يتدرب الجنود علي استخدام الأسلحة الخفيفة سريعة الطلقات في المناطق الريفية والسكنية إلي جانب التركيز علي القنص ودقة الإصابة باستخدام الذخيرة الحية.
وفي المرحلة الثالثة من التدريب والتي تمتد بين شهر وأربعة أشهر يتم الاستعانة بممثلين محترفين وشركات المسرح والسينما لتأهيل وتدريب الجنود علي الإستعراب، أي التنكر والتخفي والمكياج والتمثيل. ويعقب هذه المرحلة، تدريب عملي في أحد المناطق العربية في فلسطين المحتلة عام 1948 كأن يتم التنكر كبدوي أو إمرأة بدوية تنتقل من محطة الحافلات المركزية بتل أبيب إلي مدينة بئر السبع مثلاً. كما تشمل هذه المرحلة كذلك، دورة تجميل ليوم واحد في صالونات الحلاقة بمدينة تل أبيب. وأما المرحلة الرابعة، فتتضمن تعلم اللغة العربية والتقاليد والعادات الإجتماعية الفلسطينية في معسكر تدريب شعبة الإستخبارات العسكرية (آمان) قرب مفترق جيليلوت شمال تل أبيب، علي الطريق السريع إلي حيفا لمدة ثلاثة أسابيع.
ويتلقي المجند خلال فترة التدريب أيضاً، إرشاداً مكثفاً خاصاً في الأسلحة النارية، وتكتيكات مناهضة حرب العصابات، والقتال (الفردي) وطرق الخطف السريع، وإطلاق النار علي الجزء الأعلي والجسم، بالإضافة إلي التدريب الجسماني واللياقة البدنية. وقد اتضح من شهادة الجنود في محاكمة قائد إحدي وحدات المستعربين في غزة أن أيدي المستعربين سريعة للغاية في توجهها نحو أزندة البنادق، وأن التدريبات التي تلقوها كانت تدور حول إطلاق النار علي وسط الهدف بإعتبار أنهم ـ أي المطلوبين ـ يشكلون خطراً علي حياة الجنود.
أما تسليح وحدات المستعربين، فإنه لا يختلف كثيراً عما تحمله الوحدات الخاصة في الجيش الإسرائيلي، غير أنه في هذه الحالة لا بد أن يتلاءم مع طبيعة المهام التي توكل إليها. فهم يحملون عادة أجهزة إتصال حديثه وبنادق أتوماتيكية صغيرة، وأحياناً رشاش عوزي لسهولة حملها وإخفائها واستخدامها وقت الحاجة، بالإضافة إلي مسدسات FN ولا يحملون البتة أية أسلحة أقل فتكاً من قبيل الطلقات المطاطية أو قنابل الغاز. وخلال إنتفاضة الأقصي، كشفت الصناعات العسكرية الإسرائيلية أنها قامت بتطوير سلاح شخصي جديد لجنود الوحدات الخاصة ومن ضمنهم المستعربين أطلق عليه (ميكرو-تابور) وهو عبارة عن دمج بين البندقية (ساعر) القصيرة ورشاش (تابور) يحوي منظار تيليسكوبي يستطيع المستعرب من خلاله إطلاق النار بصورة دقيقة من مسافات طويلة نسبياً، ويمكن تركيب كاتم للصوت بأنواع مختلفة عليه.
 
هيئات التنكر والاستعراب

عرض التلفزيون الإسرائيلي عام 1992 فيلماً وثائقياً حول إعداد وحدات المستعربين وكيفية قيامها بعمليات المكياج والتخفي. وبالإضافة إلي ذلك، نشرت الصحف الإسرائيلية تقارير حول قدرة مجندي المستعربين علي الإستعراب والوصول إلي أماكن مختلفة وغريبة من خلال تنكر متنوع.
ومن هذه التقارير، ما كتبه رون بن يشاي حول تجربته حين رافق إحدي هذه الوحدات وهي تعمل ميدانياً: وقفت السيارة القديمة مختفية جيداً هناك بين التلال في منطقة جنين، كان الموتور يعمل والسلاح مخفي وجهاز الإتصال يهمس عن بعد، نجلس منذ ساعات هكذا نتصبب عرقاً متنكرين بملابس فلسطينيين ينطلقون للعمل، وننتظر بروز أحد المطلوبين في المنطقة، يعتبر الإنتظار وبصورة دائمة الجزء الأصعب… كنت جالساً في وسط المقعد الخلفي ولا أعرف إذا ما كان العرق المتصبب قد غسل آثار الدخان الأسود، وكنت أشعر بالشارب الصناعي يدغدغ أنفي، ولم يتعرف علينا السكان الذين كانوا علي جنبات الشارع بل كانوا يحيوننا ويسلمون علينا .
وتحاول قوات المستعربين أن تتماشي مع الأزياء والعادات المحلية من خلال إرتداء ملابس مدنية صُنعت محلياً, أو ألبسة عربية تقليدية وضمان أن يكون عضو واحد علي الأقل من القوة يجيد التحدث بالعربية. وكجزء من التوجه نحو الإحتراف، يستخدم الجنود المستعربون أزياء مسرحية مثل: الشعر الإصطناعي والمستعار، والعكازات المزيفة، والثياب الفضفاضة لإخفاء الأسلحة.
ومن أجل ذلك، يتم استخدام صالونات التزيين التجارية التي إستُبدلت فيما بعد بغرف تجميل يديرها الجيش الإسرائيلي للتوصل إلي تنكر كامل. ويحرص المستعربون بشكل خاص علي التنكر في زي تجار خضار فلسطينيين يرتدون الزي الشعبي الفلسطيني ويتنقلون في سيارات مرسيدس (كابينه)، وهي السيارة التي يستخدمها التجار عادة. كما أنهم يلجأون إلي استخدام أشكال تخف مختلفة مثل استخدام: اللباس العربي (القمباز)، أو الزي الخاص بالملثمين، أو اللباس المدني الإعتيادي، أو ثوب المرأة الفلسطينية والحجاب الإسلامي، أو قلنسوة ورداء الصلاة الخاص بالمستوطنين اليهود. وطبقاً لتقرير منظمة بيتسيلم الإسرائيلية الذي أشرنا إليه في السابق، فإن وحدات المستعربين تنتقل في سيارات تعود للسكان العرب وتحمل لوحات ترخيص محلية يكون الجيش الإسرائيلي قد صادرها. والقاعدة أصبحت معروفة، فهم عندما يصادرون سيارة شخص ما من منطقة نابلس مثلاً، فإنهم لا يستعملونها في المنطقة ذاتها وإنما في منطقة أخري.
ويفضل المستعربون في كثير من الأحيان استخدام الشاحنات الصغيرة لسهولة نقل أعداد كبيرة من أعضاء القوة ولنــــقل القتــــلي والجرحي من الساحة، وإن كانت السيارات من النوع التجاري التي يستعملها سائقو الأجـــرة (التاكسي) هي الأكثر حضوراً في عمليـــات الإغتيال التي نفذتها وحدات المستعربين خــلال الإنتفاضة الفلسطينية الكبري (1987ـ 1994).

غسان دوعر
المدونة الخاصة بالاستاذ غسان دوعر علي الانترنت
https://majalatalandalus.wordpress.com/2011/03/04/المستعربون-فرق-الموت-الإسرائيلية-درا/
 
بلطجية إسرائيل.. وحدة المستعربين يد الجيش الاسرائيلي
للاسف اصولهم عربية ولكن من نوع اخر
201510101231963.Jpeg
690f20bc9af91fc88e52b16671520c26.jpg
846146713.jpg
676354939.jpg
 
الخسة والجبن بنفسه , بيعملوا نفسهم اقوياء علي شعب اعزل , قتلاهم في النار وقتلانا في الجنة بأذن الله
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا الخبث بعينه..بال انه اقذر وابشع من كذا مافي
حسبنا الله ونعم الوكيل
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ﴾
[إبراهيم: 43 - 42].
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا الخبث بعينه..بال انه اقذر وابشع من كذا مافي
حسبنا الله ونعم الوكيل
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ﴾
[إبراهيم: 43 - 42].
لايوجد اخبث ولا العن منهم في المكر ياصديقي
ربنا ينتقم منهم بقدرته عز وجل
 
شكرا على هذا الموضوع الجميل قبل 4 أيام كان آخر ظهور إعلامي لهم

 
الشاعر خلف بن هذال العتيبي في قصيدة مشهورة له:

‏من دون صهيون بذتنا صهاينا
تكفر بالإسلام وتركّز كماينها

الله يا الأنذال يقلع رمسكم عنا
اطماعكم عندنا بانت بواينها ..


وهي موجهة لمن يعيش بيننا لمن يدعون بأنهم عرب وهم صهاينة وأشغلوا المسلمين نيابة عن إسرائيل
 
عودة
أعلى