أساسيات هابل

حكم مصارعه

عضو مميز
إنضم
27 نوفمبر 2014
المشاركات
4,272
التفاعل
5,251 0 0
منذ الأيام الأولى لعلم الفلك، ومنذ زمن غاليليو، تشارك الفلكيون الهدف نفسه، ألا و هو رؤية المزيد، ومشاهدة ما هو أبعد، والرؤية الأعمق. ويُعتبر إقلاع تلسكوب هابل الفضائي عام 1990 أعظم التطورات التي حققتها الإنسانية. فهابل عبارة عن تلسكوب يدور حول الأرض. يُعطيه مداره الموجود فوق الغلاف الجوي والذي يُشوه ويحجب الضوء الذي يصل إلى كوكبنا مشهداً للكون يتجاوز بكثير ذلك الذي يُمكن الحصول عليه بوساطة التلسكوبات الأرضية.

يُعتبر هابل أعظم المهمات العملية لناسا وأكثرها تعميرا. فقد قام هذا التلسكوب بالتقاط مئات آلاف الصور وإرسالها إلى الأرض، مسلطا بذلك الضوء على العديد من الألغاز العظيمة في علم الفلك. كما ساعدت النظرة التي يتمتع بها هذا التلسكوب على تحديد عمر الكون، و تحديد الكوازارات واكتشاف الطاقة المظلمة.

  • تغيير علم الفلك
غيرت اكتشافات هابل الطريقة التي ينظر بها العلماء إلى الكون. فقد حولت قدرته على رؤية الكون بتفصيلٍ غير مسبوق التخمينات الفلكية إلى حقائق ملموسة. كما قام هابل بغربلة مجموعة من النظريات المتعلقة بالكون حتى خلال الوقت الذي ظهرت فيه نظريات جديدة وبالتالي فإن هذا التلسكوب قد قدم المسار المستقبلي للفلكيين.

من بين الكثير من اكتشافاته، اكتشف هابل أن عمر الكون يبلغ حوالي 13 إلى 14 مليار عام، وهي قيمة أدق بكثير من المجال القديم الذي كان يتنبأ بعمر يقع بين 10 إلى 20 مليار عام.كما لعب هابل دورا أساسيا في اكتشاف الطاقة المظلمة –قوة غامضة يُعتقد أنها المسؤولة عن التسارع الحاصل في التوسع الكوني.

64884main_image_feature_211_jwfull.jpg


وضح هابل للعلماء المجرات خلال المراحل المتعددة من عمرها، بما في ذلك المجرات الأقدم التي نشأت عندما كان الكون شاباً، مما ساعدهم على فهم كيفية تشكل المجرات. اكتشف هابل الأقراص الكوكبية الأولية، وتكتلات الغاز والغبار حول النجوم الشابة التي من المرجح أنها تعمل كأرضية خصبة من أجل عملية تشكل الكواكب الجديدة. اكتشف هابل أيضاً انفجارات الأشعة غاما –انفجارات طاقية جد قوية –التي تحصل في المجرات البعيدة جراء انهيار النجوم فائقة الكتلة. وكل هذا هو جزء فقط من المساهمات الكثيرة لهذا التلسكوب في علم الفلك.

ساعد الكم الهائل من علم الفلك المبني على مراقبات هابل في جعله واحداً من أهم المراصد في التاريخ. فقد نشرت أكثر من 10000 مقالة علمية بالاعتماد على بيانات هابل.

ساهمت السياسة التي يتبعها التلسكوب بشكلٍ كبير في إنتاجيته الضخمة. فهذا التلسكوب عبارة عن جهاز يستخدمه كل المجتمع الفلكي –يُمكن لأي فلكي في العالم أن يقدم مقترحاً ويطلب وقتا للعمل باستخدام التلسكوب، وبعد ذلك يقوم فريق من الخبراء باختيار المراقبات التي سيتم إجراءها بوساطة التلسكوب. حالما تنتهي المراقبات، فإنه سيكون لدى الفلكيين مدة تصل إلى عام من أجل متابعة عملهم قبل أن يتم نشر البيانات إلى كامل المجتمع العلمي. لأن بإمكان أي شخص الوصول إلى المعلومات، تم بالتالي إنجاز عدد هائل من الاكتشافات بوساطة هذا التلسكوب –العديد من تلك الاكتشافات حصل في مجالات ما كانت لتتنبأ بها المقترحات الأصلية للتلسكوب.

ساعد النجاح الذي حققته سياسات هابل على نشر تلك السياسات في كامل المجتمع الفلكي، ولذا أصبحت متبعة حتى في المراصد الأخرى.

  • لماذا تلسكوب فضائي؟
تلسكوب هابل الفضائي هو الحل للمشكلة التي واجهت التلسكوبات منذ المراحل المبكرة لاختراعها ألا وهي الغلاف الجوي. فالغلاف الجوي يعد مشكلة لسببين رئيسين: يكمن الأول في كون الجيوب الهوائية المتحركة في الغلاف الجوي تشوه المشهد الملتقط بوساطة التلسكوبات الموجودة على الأرض،و ذلك بصرف النظر عن كبر التلسكوبات أو تطورها. ويعد هذا"التشوه الناتج عن الغلاف الجوي" السبب وراء ظهور النجوم وكأنها تُومض.
28_lg_title.jpg


أما السبب الثاني فراجع لما يقوم به الغلاف الجوي من حجب أو امتصاص أطوال موجية محددة من الإشعاع بشكل جزئي، مثل الإشعاع فوق البنفسجي، والأشعة غاما، والأشعة اكس، قبل أن تصل هذه الأشعة الأرض. مما يمكن أن يشوش على العلماء قياساتهم عند القيام بفحص جسم ما، كنجم مثلا، لدراسته بالاعتماد على أنواع معينة من الأطوال الموجية التي يُصدرها.

تستخدم التلسكوبات الأرضية الحديثة تكنولوجيات متطورة من أجل تصحيح التشوه الناتج عن الغلاف الجوي، لكن لا توجد أي طريقة من أجل رؤية الأطوال الموجية التي يمنعها الغلاف الجوي من الوصول إلى الكوكب.

تعد أكثر الطرق فعالية من أجل تجنب مشاكل الغلاف الجوي، هي وضع تلسكوبك خلف هذا الغلاف. أو، كما في حالة تلسكوب هابل، على ارتفاع 393 ميل (569 كيلومتر) فوق سطح الأرض.

  • كيف يعمل؟
كل 97 دقيقة، يُنجز هابل دورة كاملة حول الأرض، متحركا بسرعة تصل إلى حوالي 5 أميال في الثانية (8 كيلومتر في الثانية) –وهي سرعة كافية من أجل السفر على طول الولايات المتحدة الأمريكية خلال 10 دقائق. خلال حركته، تقوم مرآة تلسكوب هابل بأسر الضوء وتوجيهه نحو عدد من الأجهزة العلمية.

ينتمي هابل إلى نوع من التلسكوبات يُعرف بعاكس كاسيغرين (Cassegrain reflector). حيث يقوم الضوء بصدم المرآة الرئيسية، أو الأولية، ليرتد الضوء بعدها عن هذه المرآة الأولية، ويواجه المرآة الثانوية. و من ثم تقوم المرآة الثانوية بتركيز الضوء عبر ثقب موجود في مركز المرآة الأولية يؤدي إلى الأجهزة العلمية للتلسكوب.

غالبا ما يعتقد الناس وبشكل خاطئ أن طاقة التلسكوب تكمن في قدرته على تكبير الأجسام. لكن في الواقع، تعمل التلسكوبات من خلال جمع كمية أكبر من الضوء من تلك التي تجمعها العين البشرية. فكلما كانت مرآة التلسكوب أكبر، كلما تمكن التلسكوب من جمع كمية أكبر من الضوء، وبالتالي تحسين رؤيته. يبلغ قطر المرآة الرئيسية لتلسكوب هابل 94.5 انشا (2.4 متر). كما تعد هذه المرآة صغيرة بالمقارنة مع تلك المرايا الموجودة في التلسكوبات الأرضية الحديثة، التي يُمكن أن يصل قطرها إلى حوالي 400 إنش (1000 سنتمتر) وربما تفوق ذلك أيضا، ورغم ذلك فإن موقع هابل خلف الغلاف الجوي للأرض يُمكنه من الحصول على وضوح أكبر.

telescope_essentials_howworks2_lg.gif


حالما تقوم المرآة بأسر الضوء، تعمل الأجهزة العلمية للتلسكوب معاً أو بشكلٍ منفرد على تقديم المراقبة. فقد تم تصميم كل جهاز من الأجهزة بحيث يُمكنه سبر الكون بطريقة مختلفة. تُشاهد الكاميرا الكوكبية واسعة المجال 3 (أو اختصاراًWFC3) ثلاث أنواع مختلفة من الضوء: الضوء القريب من فوق البنفسجي، المرئي والقريب من تحت الأحمر بشكلٍ غير متزامن. دقة هذه الكاميرا وحقل رؤيتها أكبر بكثير من الأجهزة الأخرى الموجودة على متن هابل. WFC3 عبارة عن واحدة من أحدث الأجهزة العلمية الموجودة على متن هابل، وستستخدم من أجل دراسة المادة المظلمة والطاقة المظلمة، تشكل النجوم المنفردة واكتشاف المجرات البعيدة جداً والتي لم تتمكن النسخة القديمة من التلسكوب من اكتشافها.

المحلل الطيفي للأصول الكونية (COS)، أداة جديدة أخرى على متن هابل وهي عبارة عن راسم طيف يُشاهد فقط الضوء فوق البنفسجي. يلعب راسم الطيف (Spectrographs) دوراً مشابها للموشور، حيث يقوم بتحليل الضوء القادم من الكون إلى ألوانها الأساسية. يقدم هذا الأمر "بصمة" طول موجي محددة للجسم الذي تتم مراقبته، مما يعطينا معلومات عن درجة حرارته، وتركيبه الكيميائي، وكذا كثافته، وحركته. سيحسن جهاز COS من حساسية تلسكوب هابل تجاه الضوء فوق البنفسجي الى عشرة أضعاف على الأقل، ويرتفع هذا إلى 70 ضعف عند رصد الأجسام الخافتة بشكل كبير.

الكاميرا الاستقصائية المتقدمة (ACS)، يُمكن لهذه الكاميرا أن تشاهد الضوء المرئي، وهي مصممة من أجل دراسة بعض النشاطات التي حصلت خلال المراحل المبكرة للكون. تساعد ACS على وضع خريطة لتوزع المادة المظلمة، وكشف أكثر الأجسام بعدا في الكون، كما أنها تساعد في عمليات البحث عن الكواكب فائقة الكتلة، ودراسة تطور العناقيد المجرية. توقفت ACS بشكلٍ جزئي عن العمل عام 2007 لقصر في التيار الكهربائي، لكن تم إصلاح هذا بعد ذلك خلال مهمة الخدمة 4 في مايو 2009.

المحلل الطيفي لصور التلسكوب الفضائي (STIS)، عبارة عن محلل طيفي يمكنه مشاهدة الضوء فوق البنفسجي، والمرئي والقريب من تحت الأحمر ويُعرف بقدرته على اصطياد الثقوب السوداء. في الوقت الذي يعمل فيه جهاز COS بشكل أفضل مع المصادر الصغيرة للضوء مثل النجوم أو الكوازارات، يُمكن لـ STIS أن يضع خرائط ويصور الأجسام الأكبر، مثل المجرات. توقفSTIS عن العمل نتيجة عطل تقني في 3أوغست 2004، لكن تم إصلاحه أيضاً خلال مهمة الخدمة 4.

المقياس الطيفي للأجسام المضاعفة وكاميرا الأشعة القريبة من تحت الأحمر (NICMOS)، وهو الحساس الحراري لتلسكوب هابل. تسمح له حساسيته تجاه الأشعة تحت الحمراء –غير المرئية بالنسبة للعين البشرية – برصد الأجسام المختفية في الغبار بين-النجمي، مثل مواقع ولادة النجوم، بالإضافة إلى النظر بشكلٍ أعمق عبر الفضاء.
telescope_essentials_data2_lg.jpg


أخيرا، حساسات التوجيه الدقيق (FGS)، عبارة عن مجموعة من الأجهزة التي تعمل على النظر إلى "النجوم المرشدة" وتحافظ على توجه تلسكوب هابل في الاتجاه الصحيح. يُمكن استخدام هذه الحساسات من أجل الحصول على قياس دقيق للمسافات بين النجوم، والحركات النسبية لها.

تتم تغذية كل وظائف هابل بالطاقة القادمة من ضوء الشمس. فهابل يحملألواحا شمسية تقوم بتحويل الطاقة الشمسية مباشرة إلى طاقة كهربائية. يتم تخزين بعض الكهرباء في بطاريات تحافظ على التلسكوب في وضع العمل عندما يكون موجودا في ظل الأرض، وبعيدا عن أشعة الشمس.

  • حركة البيانات
تقوم أربعة هوائيات موجود على متن التلسكوب بإرسال واستقبال المعلومات بين هابل وفريق عمليات التحليق الموجود في مركز غودارد-ناسا في غرينبلد بميريلاند. يستخدم المهندسون الأقمار الصناعية من أجل الاتصال مع التلسكوب، مما يُعطيه الاتجاهات التي يجب عليه التوجه نحوها والأوامرالتي عليع اتباعها. يمتلك التلسكوب حاسبين رئيسيين وعددا من الأنظمة الأصغر. يعالج أحد الحاسبين الرئيسيين الأوامر التي توجه التلسكوب، بالإضافة إلى عدد من الوظائف الأخرى المتعلقة بالنظام، كما يقوم الحاسب الآخر بالتواصل مع الأجهزة، حيث يستقبل بياناتها ويرسلها إلى الأقمارالصناعية، التي تقوم بدورها بنقل هذه البيانات إلى الأرض.

حالما تقوم المحطة الأرضية بنقل البيانات إلى غودارد، يُرسل غودارد البيانات إلى معهد علوم تلسكوبات الفضاء (STScI)، حيث تتم ترجمة البيانات إلى وحدات لها معنى علمي، مثل الطول الموجي أو اللمعان، ومن ثم أرشفة المعلومات في أقراص بصرية-مغناطيسية 5.25 انش. يرسل هابل أرشيفا من المعلومات كاف من أجل ملئ 18 قرص DVD كل أسبوع. ويُمكن للفلكين أن يحملوا أرشيف البيانات عبر الانترنت وأن يقوموا بتحليل البيانات في أي مكان من العالم.

يعد المئات من المهندسين وعلماء الحاسوب في مركز غودارد لرحلات الفضاء مسؤولين عن تلسكوب هابل وضمان عمله بشكلٍ آمن وسلل. ففي غودارد، يراقب المراقبون سلامة التلسكوب في الوقت الذي يقومون فيه بتوجيه حركاته ونشاطاته العلمية. كما يقوم العاملون في STScI أيضاً باستخدام التلسكوب، ومراقبة ومعايرة الأجهزة، إلى جانب تشغيل الأرشيف والعمل على التوعية العامة.

يتنافس الفلكيون من كافة أرجاء العالم على الحصول على وقتٍ معين من أجل استخدام تلسكوب هابل. كما يريد المزيد من العلماء استخدام التلسكوب، وهذا الأمر يفوق الوقت المتاح لاستخدامه، لذلك تقوم لجنة مراجعة مكونة من خبراء في مجال علم الفلك باختيار أفضل الاقتراحات من أجل القيام بها. و تعتبر الاقتراحات الفائزة هي تلك التي تؤدي إلى الاستخدام الأفضل لقدرات التلسكوب، وتبحث عن أجوبة لأسئلة مهمة في علم الفلك. ففي كل عام تقريبا، تتم مراجعة حوالي 1000 مقترح ليختار الخبراء منها 200 تقريبا، وتحصل الاقتراحات الفائزة على حوالي 20000 عملية رصد مفردة.

  • الأفكار الأولى
  • telescope_essentials_lyman.jpg
ظهرت فكرة التلسكوب الفضائي للمرة الأولى في عام 1923 عندما اقترح العالم الألماني هيرمان اوبيرث –واحد من مؤسسي علم الصواريخ –إطلاق تلسكوب إلى الفضاء على متن صاروخ. في عام 1946، كتب ليمان سبيتزر، و هو عالم فيزياء فلكية أمريكي، ورقة يقترح فيها مرصدا فضائيا. و قد أمضى سبيتزر الخمسين عاما التالية في العمل على جعل هذا التلسكوب الفضائي حقيقة.

كان سبيتزر أحد القوى الرئيسية الموجودة خلف بضعة مراصد تدور فوق الأرض، يتضمن ذلك القمر الصناعي كوبرنيكوس، ومرصد علم الفلك المداري. فقد ساعد اندفاعه وعمله الدؤوب على تحفيز ناسا على الموافقة على مشروع تلسكوب الفضاء الكبير عام 1969. لكن نتيجة لأسباب تعود لنقص في الميزانية، تم تقليص المقترح المبدأي نوعا ما، مما أدى إلى تخفيض حجم مرآة التلسكوب وعدد الأجهزة التي سيقوم بحملها.

في عام 1974، اقترحت المجموعة العاملة في المشروع تلسكوبا يحتوي على عدد من الأجهزة التي يُمكن تغييرها. وبالاعتماد على هذا سيكونون قادرين على تمييز عشر الثانية القوسية على الأقل، ودراسة الأطوال الموجية التي تتغير انطلاقا من المجال فوق البنفسجي وصولا إلى المجال المرئي والضوء تحت الأحمر. كما سيُستخدم المكوك الفضائي من أجل وضع التلسكوب في المدار أو العودة به إلى الأرض من أجل الإصلاح واستبدال أجهزته، أو حتى خدمته في الفضاء.

في عام 1975، بدأت وكالة الفضاء الأوروبية العمل مع ناسا على خطة ستؤدي في النهاية إلى تلسكوب هابل الفضائي. وبعد ذلك بسنتين أي عام 1977، صادق الكونغرس على تمويل التلسكوب.

  • البدء بالعمل
  • telescope_essentials_edwin.jpg
بعد فترة قصيرة من مصادقة الكونغرس على تمويل التلسكوب، بدأت المقترحات الخاصة بالأجهزة العلمية بالتدفق. تم اختيار خمسة فائزين. عندها وحدت الجامعات، والمتعاقدون ومراكز ناسا جهودهم. فاهتم مركز مارشال لرحلات الفضاء في هانتسفيل بآلاباما مسألة التصميم، والتطوير وإنشاء التلسكوب وأنظمته الداعمة. أما مركز غودارد لرحلات الفضاء فاشتغل على عملية تصميم الأجهزة العلمية وتطويرها وبنائها، كما قام المركز أيضا بالإشراف على كامل عملية التحكم الأرضي.

تم توقيع عقد مع شركة بركين-ايلمر لتقوم بمعالجة مسألة تجميع التلسكوب، بما في ذلك المرايا وحساسات التوجيه الدقيق، التي نحتاجها من أجل توجيه وإرشاد التلسكوب. كما تم التعاقد مع شركة الصواريخ لوكهيد (الآن، لوكهيد مارتن) من أجل بناء أنظمة الهيكل والدعم، وجمع التلسكوب ومن ثمَّ اختباره.

بحلول عام 1979، كان رواد الفضاء يتدربون على المهمة في خزان تحت الماء من أجل محاكاة انعدام الجاذبية باستخدام تلسكوب وهمي.

في عام 1981، تم تأسيس معهد علوم تلسكوبات الفضاء في بالتيمور بميريلاند من أجل تقييم المقترحات المتعلقة بزمن التلسكوب وإدارة البرنامج العلمي. و قد تمت تسمية التلسكوب بتلسكوب هابل الفضائي نسبةً للفلكي الأمريكي ادوين هابل، الذي برهن على أن البقع الغامضة في الضوء الموجود في سماء الليل هي في الواقع عبارة عن مجرات أخرى، مجرات بعيدة جدا عن مجرتنا، ومضى هابل قدما ليكتشف أن الكون يتوسع.

hubble_diagram.jpg


بعد بضع تأجيلات، تمت جدولة عملية إقلاع هابل إلى الفضاء في أكتوبر من عام 1986. لكن في 28 يناير 1986، انفجر المكوك الفضائي تشالنجر بعد دقيقة فقط من إقلاعه. فتوقفت عمليات طيران المكوك بعد هذا لمدة سنتين. تم خلالها نقل الأجزاء التي تم الانتهاء من تصنيعها إلى المخزن كما استمر العاملون على مشروع هابل في تحسينه، حيث قاموا بتطوير البطاريات الشمسية وتحديث أجهزة أخرى.

في 24 أبريل 1990، أقلع هابل أخيرا نحو المدار على متن المكوك الفضائي ديسكفري. كما حمل التلسكوب خمسة أجهزة علمية: الكاميرا الكوكبية واسعة المجار، ومحلل غودارد الطيفي عالي الدقة، وكاميرا الأجسام الخافتة، و كذا المحلل الطيفي للأجسام الخافتة، والمضواء عالي السرعة.
  • لدينا مشكلة
  • telescope_essentials_workbegins3_lg.jpg
مباشرة بعد وصول هابل إلى المدار، ظهر جليا أن ثمت خطأ ما. فالصور المرسلة رغم انها كانت أكثر وضوحا من تلك القادمة من التلسكوبات الأرضية، إلا أنها لم تكن الصور الموعودة، لقد كانت ضبابية.

تم صقل المرآة الرئيسية لهابل بحذر فائق على مدار سنة كاملة، ومع ذلك طرأ عيب يُعرف بـ "الانحراف الكروي". كان الشكل خاطئ قليلا، مما يُسبب قيام الضوء بالارتداد عن مركز المرآة ليتركز في مكانٍ آخر وهذه الكمية كانت أقل من الضوء المرتد عن الحافة. و قد كان هذا الخلل الصغير –حوالي جزء من خمسين من سماكة ورقة – كافياً من أجل تشويه المشهد.

لحسن الحظ، كان العلماء والمهندسون يتعاملون مع مشكلة بصرية مفهومة بشكل جيد جدا –على الرغم من أن الحالة فريدة بالكامل.

كان لدى العلماء والمهندسين حل فقد كان يُمكن استخدام سلسلة من المرايا الصغيرة من أجل إيقاف الضوء المنعكس عن المرآة وتصليح العيب، وبالتالي العودة بالضوء إلى الأجهزة العلمية للتلسكوب. كما يُمكن تركيب بديل تصحيحي محوري وبصري على متن تلسكوب الفضاء، المسمى اختصارا COSTAR، في موقع أحد الأجهزة العلمية الأخرى للتلسكوب من أجل تصحيح الصور المنتجة من قبل الأجهزة المتبقية والمستقبلية. كما وجب رواد الفضاء أيضا حينها استبدال الكاميرا الكوكبية واسعة المجال بالنسخة المطورة منها، المعروفة بالكاميرا الكوكبية واسعة المجال 2 ( اختصارا WFPC2)، والتي تحتوي على مرايا صغيرة من أجل تصحيح الانحراف. لقد كانت هذه أول الأجهزة العلمية في هابل التي تم بناؤها بالاعتماد على بصريات تصحيحية.

أمضت ناسا ورواد الفضاء حوالي 11 شهرا في التدرب على مهمات الفضاء الأكثر تعقيدا والتي سيحاولون القيام بها. وبالإضافة إلى الطبيعية الحساسة للمهمة، فإن ذلك سيكون أول اختبار لقدرة التلسكوب على أن يخضع لعمليات الخدمة والصيانة في الفضاء.

  • بعثة الإصلاح
في 2 ديسمبر 1993، حمل مكوك الفضاء انديفور بعثة مكونة من سبعة أشخاص إلى المدار في مهمة تضمنت خمسة أيام من المسير الفضائي وعمليات الإصلاح. حينها قامت البعثة بإزالة المضواء عالي السرعة واستبدلته بـ COSTAR، واستبدال الكاميرا الكوكبية واسعة المجال بالنسخة الأحدث WFPC1. كما أجرى الطاقم مهمات خدمة أخرى، حيث استبدلوا ألواحا شمسية، ووصلات كهربائية، ومعدات أخرى. بحلول 9 ديسمبر، كان الفريق قد أنهى العمل.

telescope_essentials_repaircrew2_lg.jpg


نشرت ناسا أولى الصور الجديدة القادمة من البصريات التي تم إصلاحها في هابل في 13 يناير 1994. كانت الصور جميلة، ودقتها ممتازة مما انتقل بهابل ليصبح التلسكوب الموعود.

بعد ذلك، تمت صيانة وإصلاح تلسكوب هابل بضعة مرات. ففي فبراير 1997، قام رواد الفضاء باستبدال محلل غودارد الطيفي عالي الدقة والمحلل الطيفي للأجسام الخافتة بأجهزة مطورة، وهي المقياس الطيفي للأجسام المضاعفة وكاميرا الأشعة القريبة من تحت الأحمر، والمحلل الطيفي لصور التلسكوب الفضائي. أما في ديسمبر 1999، قام رواد الفضاء باستبدال المرسل، والجيروسكوبات الست الموجودة على متن هابل، وواحد من حساسات التوجيه الدقيقة الثلاثة، مما سمح بتوجيه التلسكوب بشكل أدق والحفاظ على استقرار هابل أثناء العمليات.

في فبراير 2002، أضاف رواد الفضاء الكاميرا الاستقصائية المتقدمة (ACS)، أول الأجهزة العلمية التي تمَّ تركيبها على متن هابل منذ عام 1997. كما ضاعفت ACS من حقل رؤية هابل، وذلك باستخدام كاشف أكثر حساسية من WFPC2 بكثير. في كل مرة كان رواد الفضاء يجرون فيها مهمة خدمة، كانوا يجرون أيضا وبشكلٍ روتيني أعمال صيانة –يُصلحون الألواح الشمسية والأغطية الحرارية ويُحدثون المعدات.

يتبع
 
  • الزيارة الأخيرة
تمت جدولة إقلاع مهمة الخدمة التالية لتلسكوب هابل الفضائي عام 2006, لكن في 1 فبراير 2003، تحطم مكوك الفضاء كولومبيا، العائد من مهمة أبحاث، خلال دخوله إلى الغلاف الجوي للأرض.

تم إيقاف برنامج المكوك الفضائي تماما. حينها قام مدير ناسا شون او كيف بإيقاف مهمة هابل، ملتزما بإرشادات الآمان التي تمَّ تطويرها مباشرة بعد تراجيديا كولومبيا. بعد ذلك راجع مدير ناسا التالي، مايك غريفين، عملية الإيقاف عند تعيينه عام 2005 وقدم دعما قويا آخر لمهمة أخرى. و ذلك ما حصل في 31 أكتوبر 2006، حين أعلن عن مهمة خدمة أخرى من جديد.

p1501ay.jpg


حصلت مهمة الخدمة 4 في مايو 2009. حيث قام رواد الفضاء بتحديث التلسكوب وتركيب الكاميرا الكوكبية واسعة المجال 3 والمحلل الطيفي للأصول الكونية، كما أصلحوا الكاميرا الاستقصائية المتقدمة ومحلل صور التلسكوب الفضائي. واستبدلوا أيضا بطاريات هابل بنسخ مطورة، وأعادوا تجديد حساس التوجيه الدقيق، وركبوا ستة جيروسكوبات جديدة وأضافوا ألواح عزل جديدة في المناطق التي تحطمت فيها أغطية هابل.

jwst_new1.jpg


استبدل الطاقم أيضا وحدة معالجة البيانات والأوامر العلمية للأجهزة (SIC&DH)، التي تساعد على قيادة الأجهزة العلمية والتحكم بتحرك البيانات داخل التلسكوب، التي عانت من مشكلة كهربائية عام 2008.

أخيرا، قاموا بوصل هيكل حلقي الشكل يسمح للوحدة الروبوتية بوصل نفسها مع هابل في المستقبل من أجل توجيه التلسكوب ليغادر مداره. بعد ذلك، توجه رواد الفضاء إلى الأرض حاملين معهم تقنية خاصة تمت إزالتها من التلسكوب:COSTAR. فقد تم تصميم جميع أجهزة هابل منذ البداية لتتلاءم مع العيب الذي حصل في المرآة، مما جعل من وجودCOSTAR أمرا غير ضروري.

من المتوقع أن تمدد مهمة الخدمة 4 من حياة تلسكوب هابل حتى عام 2013 على الأقل. سيستمر هذا التلسكوب الذي جدد شبابه في التقاط الصور للسماء ومن ثمَّ إرسالها إلى الأرض، ناقلاً بذلك حوالي 120 غيغا بايت من البيانات كل أسبوع.

خليفة هابل، تلسكوب جيمس ويب الفضائي يتم العمل عليه حالياً. سيقوم JWST بدراسة الأجسام التي وجدت خلال المراحل المبكرة من عمر الكون، أي الأجسام التي تمتلك "انزياحا نحو الأحمر" أو تمددت باتجاه الضوء تحت الأحمر.

من مداره الذي يبعد 940000 ميل (1.5 مليون كيلومتر) فوق سطح الأرض، سيكشف JWST عن الأسرار المتعلقة بولادة النجوم، والأنظمة الشمسية والمجرات من خلال الإبحار عبر الغبار الكوني الذي يحجب الضوء المرئي. كما تمت جدولة إقلاع هذا التلسكوب خلال هذا العقد.

  • كل الأشياء الجيدة
في النهاية، سينتهي زمن هابل. ومع مرور الأعوام، ستهترئ مكونات هابل وصولا إلى نقطة سيتوقف عندها التلسكوب عن العمل. عندما يحصل هذا، سيستمر هابل بالدوران حول الأرض حتى يتفكك مداره، مما سيسمح له بالسقوط بشكل حلزوني الى الأرض. وعلى الرغم من أن ناسا تتمنى أساسا جلب هابل من جديد إلى الأرض لوضعه ضمن متحف، إلا أن فترة عمره الطويلة أخذته وراء مهمة المكوك الفضائي التي توقفت عن العمل، لذلك ربما لن يكون من الممكن إعادة التلسكوب من جديد إلى الأرض. كما من المتوقع أن تتم مهمة روبوتية من أجل المساعدة على تفكك مدار هابل، لترشد بقاياه عبر الغلاف الجوي لتسقط في النهاية في المحيط.

hs-2005-12-a-web_print.jpg


لكن إرث هابل المتمثل في اكتشافاته، وتصميمه الرائد، ونجاحه في جعلنا نشاهد الكون بتفصيل غير مسبوق سيعيش إلى الأبد. سيعتمد العلماء على إلهام هابل لسنوات عديدة أثناء استمرارهم في سعيهم من أجل فهم الكون –سعي حقق الوضوح، والتركيز والانتصار وكل ذلك بالاعتماد على الوجود الغني لهابل.

يتبع
 
الأجهزة العلمية على متن تلسكوب هابل الفضائي

  • الكاميرا واسعة المجال 3 (Wide Field Camera 3)
الكاميرا الكوكبية واسعة المجال 3، أو WFC3، جلبت معها عمقا جديدا ومجال رؤية جديد لهابل منذ تركيبها عام 2009، ومن المتوقع أن تُصبح الجهاز الرئيسي على متن هابل. يشمل حقل رؤية WFC3 الضوء القريب من تحت الأحمر، والضوء المرئي، والإشعاع القريب من فوق البنفسجي. ستكون السبب الأول و القوة الكامنة وراء دراسات الطاقة المظلمة والمادة المظلمة، وتشكل النجوم المنفردة واكتشاف المجرات البعيدة جدا والتي كانت خلف حدود رؤية هابل في السابق. ويوضح المخطط التالي المسار الضوئي داخل الكاميرا:
wfc3-optical2.jpg


WFC3 أفضل بحوالي 35 مرة من الكاميرا العاملة في المجال تحت الأحمر والموجودة في الكاميرا الاستقصائية المتقدمة، وأفضل بحوالي 15-20 مرة من كاميرا المجال القريب من تحت الأحمر والمقياس الطيفي للأجسام المتعددة. تمتلك هذه الكاميرا دقة أعلى –أو القدرة على تمييز التفاصيل –بالإضافة إلى امتلاكها لحقل رؤية أكبر –أو المساحة التي تتمكن الكاميرا من رؤيتها –من الجهاز الذي استُبدل وهو WFC2.

رؤية مضاعفة

تمتلك WFC3 قناتين. تكشف كل قناة أطوالا موجية محددة تقوم بمعالجتها. يُمكن استخدام قناة الأشعة فوق البنفسجية-الضوء المرئي من أجل دراسة المجرات القريبة والمجرات التي تعاني من انفجارات بعملية التشكل النجمي. كما يُمكن استخدام الكاميرا العاملة في المجال القريب من تحت الأحمر من أجل دراسة الضوء القادم من المجرات البعيدة، الذي يتمدد جراء تحركه عبر الكون المتوسع. ولأننا نقوم بمشاهدة معظم المجرات البعيدة وهي موجودة خلال المراحل المبكرة من حياة الكون، فإن هذا يُعطينا نظرة عن تاريخ وتطور كوننا. ويشرح الفيديو التالي عن هذه الكاميرا:



تعد WFC3 إلى جانب الكاميرا الاستقصائية المتقدمة الأفضل في مجال الضوء المرئي، بإعطائنا مشهدا مذهلا للكون لم يسبق الحصول على كماله أو وضوحه. لقد تم تركيب WFC3 في مايو 2009 خلال مهمة الخدمة 4، لتأخذ مكان الكاميرا الكوكبية واسعة المجال 2، التي عملت على متن تلسكوب هابل للعديد من السنوات. كما تم تطوير WFC3 بالتعاون بين برنامج هابل الموجود في مركز غودارد لرحلات الفضاء، ومعهد علوم تلسكوبات الفضاء وشركة بول للطيران الفضائي والتكنولوجيا.

  • المحلل الطيفي للأصول الكونية (The Cosmic Origins Spectrograph)
لا ينتج المحلل الطيفي للأصول الكونية، أو COS، نفس النوع من الصور التي يشاهدها الناس لتلسكوب هابل. فالمحللات الطيفية عبارة عن أجهزة تقوم بشطر الضوء إلى الألوان وقياس شدة كل لون، لتكشف بالتالي عن معلومات متعلقة بالجسم الذي أصدر الضوء. نموذجيا، يتم رسم المعلومات التي تنتجها المحللات الطيفية، مما يؤدي إلى تشكيل خط متعرج يفحصه العلماء باحثين عن أدلة عن درجة حرارة الجسم، وكثافته، وتركيبه الكيميائي، إلى جانب سرعته وأمور أخرى.

214062main_COS_fact_sheet_Img_lg.jpg


يُركز COS بشكل خاص على الضوء فوق البنفسجي وهو أكثر الأجهزة التي تم بناؤها حساسية للأشعة فوق البنفسجية في الفضاء. وقد حسنَ تركيب هذا الجهاز من حساسية التلسكوب بعشرة أضعاف في المجال فوق البنفسجي من الضوء وقد يصل إلى 70 ضعف عند النظر إلى الأجسام الخافتة جدا.

الوصول إلى الهدف

COS أفضل ما يكون عندما يتعلق الأمر برصد النقاط الضوئية، مثل النجوم والكوازارات، في حين يكون المحلل الطيفي الآخر على متن هابل، المحلل الطيفي لتصوير التلسكوب الفضائي، أفضل عند النظر إلى المساحات الواسعة من السماء، مثل المجرات. معا، يقوم الجهازان بتكميل بعضهما البعض جراء مجال خبرتهما المختلف.
يمتلك COS قناتين، واحدة من أجل فحص الضوء فوق البنفسجي البعيد والأخرى من أجل فحص الضوء فوق البنفسجي القريب. يحدد تصميمه القنواتي من عدد المرات التي يُمكن خلالها للضوء أن يرتد عن سطح ما قبل أن يصدم الكاشف. وطالما أن الضوء يرتد بشكلٍ بسيط ويتشتت القليل منه على طول الطريق، فإن التصميم يؤكد على أن الجهاز يقوم برصد الكمية الأكبر المتاحة من الضوء. وفي الفيديو التالي نجد شرحاً مفيداً عن هذه الأداة القوية:



تم تركيب COS في مايو 2009، خلال مهمة الخدمة 4، كبديل عن COASTAR –الأداة التي قامت بتصحيح التشوش الذي وُجد في الرؤية الأصلية لهابل خلال مهمة الخدمة الأولى. منذ ذلك الوقت، تم تصميم أجهزة هابل بحيث تتلائم مع ذلك التصحيح، وبالتالي لم يعد هناك حاجة لجهاز COASTAR. تمت صناعة COS من قبل جامعة كولورادو في بولدر، جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وشركة بول للطيران الفضائي والتكنولوجيا.

  • الكاميرا الاستقصائية المتقدمة (Hubble’s Advanced Camera)
الكاميرا الاستقصائية المتقدمة لهابل، أو ACS، مسؤولة عن الكثير من أهم صور تلسكوب هابل الجميلة للفضاء السحيق. بفضل حقل رؤيتها الواسع، ونوعية الصور الحادة والحساسية المعززة، تضاعف الكاميرا من حقل رؤية هابل وتوسع قدراته بشكل معتبر منذ تركيبها في مارس 2002. تُشاهد ACS الأطوال الموجية الموجودة انطلاقا من المجال فوق البنفسجي البعيد وصولا إلى الضوء المرئي، ما يجعلها قادرة على دراسة بعض أقدم النشاطات الموجودة في الكون.

telescope_team_sm3b_2_lg.jpg


تحتوي ACS أيضا على كاميرات ثلاثية: كاميرا الحقل الواسع، والكاميرا عالية الدقة، والكاميرا العمياء بالنسبة للشمس. في عام 2007، حصل توقف في التيار الكهربائي في كل الكاميرات عدا العمياء بالنسبة للشمس. قام رواد الفضاء بإصلاح blindخلال مهمة الخدمة 4 في العام 2009، أما الكاميرا عالية الدقة فكانت الوحيدة التي لم يكن بالإمكان إعادة تشغيلها.

تُجري كل كاميرا وظيفة محددة. تقوم الكاميرا واسعة الحقل في ACS بإجراء عمليات مسح واسعة للكون. يستخدمها الفلكيون من أجل دراسة طبيعة وتوزع المجرات، مما يكشف عن أدلة حول كيفية تطور الكون. تحجب الكاميرا العمياء بالنسبة للشمس الضوء المرئي من أجل تعزيز الحساسية للأشعة فوق البنفسجية، والتركيز على النجوم أو الكواكب التي تُصدر أطوال موجية فوق بنفسجية.

أخذت الكاميرا عالية الدقة صوراً تفصيلية للمناطق الداخلية من المجرات. بحثت عن النجوم الجارة للكواكب والتقطت صورا قريبة للكواكب الموجودة في نظامنا الشمسي. ستسمح الدقة العالية لإحدى أجهزة هابل الأحدث، الكاميرا الكوكبية واسعة المجال 3، بإجراء عملية مكاملة مع هذه الكاميرا الخاصة.

إفراغ الغرفة

تحتل ACS، التي تمَّ تركيبها من قبل رواد الفضاء عام 2002، مكان كاميرا الأجسام الخافتة (FOC)، التي استمرت بالعمل كعدسة التقريب الخاصة بهابل لما يقارب 12 عام. تم بناء الجهاز بين عامي 1996 و 1999 من قبل علماء من جامعة جونز هوبكنز، وشركة بول للطيران الفضائي والتكنولوجيا، وكذا معهد علوم تلسكوبات الفضاء ومركز غودارد-ناسا لرحلات الفضاء.

  • المحلل الطيفي التصويري لتلسكوب الفضاء (Space Telescope Imaging Spectrograph)
  • stis_instrument.jpg
بالإضافة إلى التقاط صور تفصيلية للأجسام السماوية، يلعب المحلل الطيفي التصويري لتلسكوب الفضاء (STIS) دورا مشابها للموشور بقيامه بشطر الضوء القادم من الكون إلى مكوناته اللونية الأساسية.

يُقدم هذا الأمر "بصمة" موجية فريدة للجسم الذي تمَّ رصده، مما يُخبرنا بالمزيد عن درجة حرارته، وتركيبه الكيميائي، وكثافته وحركته. تكشف المراقبات الطيفية أيضاً عن تغيرات في الأجسام السماوية خلال تطور الكون. يمتد مجال عمل STIS على الأطوال الموجية فوق البنفسجية، والمرئية، والقريبة من تحت الأحمر.

صائد الثقوب السوداء العظيم

يستخدم الفلكيون STIS من أجل اصطياد الثقوب السوداء. يظهر أن الضوء الصادر عن النجوم والغاز الدائرين حول مركز المجرة أكثر احمراراً عندما يتحرك بعيدا عنا (انزياح نحو الأحمر)، واكثر زرقةً عند الاقتراب نحونا (انزياح نحو الأزرق). يبحث STIS عن المواد المنزاحة نحو الأحمر والموجودة في أحد جوانب الثقب الأسود المشتبه به وعن المواد المنزاحة نحو الأزرق عند الجانب الآخر، حيث يُوضح هذا الأمر أن هذه المادة تدور حول جسم بسرعات عالية جدا.

يُمكن لـ STIS جمع عينات من 500 نقطة لجسم سماوي في الوقت نفسه. يعني ذلك أن الكثير من المناطق في الغلاف الجوي لكوكب ما أو الكثير من النجوم الموجودة في مجرة ما يُمكن تسجيلها خلال تعريض واحد، مما يُحسن بشكلٍ كبير من سرعة هابل وحساسيته. يمتلك هابل أيضا محللا طيفيا آخر، ومحلل الأصول الكونية، الذي يُشاهد كامل المجال فوق البنفسجي. معا، يقدم المحللان الطيفيان كنزا من البيانات للفلكين من أجل دراستها. وقد تم تركيب STIS، الذي تم بناؤه من قبل بول للطيران الفضائي، على متن تلسكوب هابل الفضائي عام 1997 خلال مهمة الخدمة الثانية.

  • الكاميرا القريبة من المجال تحت الأحمر والمقياس الطيفي متعدد الأجسام (Near Infrared Camera and Multi-Object Spectrometer)
كحساسٍ حراري لهابل، يُمكن للكاميرا القريبة من المجال تحت الأحمر والمقياس الطيفي متعدد الأجسام (NICMOS) رؤية الأجسام في الفضاء السحيق –الأجسام التي يحتاج ضوئها إلى مليارات الأعوام من أجل الوصول إلى الأرض. كما يسمحNICMOS للفلكيين باستخدام التفصيل المذهل لهابل من أجل فتح نافذة مهمة على الطيف الكهرومغناطيسي.

جعل المختفي مرئيا

تم تصميم الجهاز ثلاثي الكاميرات –كل منها بحقل رؤية مختلف –بشكلٍ خاص من أجل رؤية الأجسام عند الطول الموجي القريب من تحت الأحمر، الأطول قليلا من الأطوال الموجية الخاصة بالمجال المرئي (لا يُمكن للعين البشرية رؤية الضوء تحت الأحمر).

يكشف الضوء تحت الأحمر عن العديد من الأسرار المتعلقة بولادة النجوم، والأنظمة الشمسية، والمجرات، مما يُمكننا من اختراق الغاز بين-النجمي والغبار اللذين يحجبان الضوء المرئي. بالإضافة إلى ذلك، ينزاح الضوء القادم من أكثر الأجسام بعدا في الكون نحو الأطوال الموجية تحت الحمراء. ومن خلال دراسة الأجسام والظواهر الموجودة في هذه المنطقة من الطيف، يسبر الفلكيون ماضي كوننا، وحاضره ومستقبله ويتعلمون كيفية تشكل المجرات، والنجوم والأنظمة الكوكبية ويكشفون بتفصيل كبير عن الطبيعة الأساسية لكوننا. وفيما يلي نشاهد صورة لكوكب أورانوس ملتقطة من قبل NICMOS:

PIA01278_hires.jpg


عميل بارد

مع وجوب كون الكاميرا الخاصة بالضوء المرئي مظلمة في الداخل من أجل تجنب التعرض للضوء غير المرغوب به، يجب أن تكون كاميرا المجال تحت الأحمر باردة في الداخل من أجل تجنب التعرض للضوء غير المرغوب به والقادم على شكل حرارة. ومن أجل التأكد من قيام NICMOS بتسجيل الضوء تحت الأحمر القادم من الفضاء (كنقيض للحرارة الناجمة عن الكترونيات الجهاز)، يجب أن تعمل الكواشف الحساسة للمجال تحت الأحمر في NICMOS عند درجات حرارة منخفضة جدا أي أقل من -321 درجة فهرنهايت، أو 77 درجة كلفن.

تم استخدام مبرد فائق (وعاء معزول يشابه كثيراً زجاجة الترمس) من أجل الحفاظ على كواشف الجهاز. عندما تم تركيبNICMOS في عام 1997، احتوى الوعاء المبرد على 230 باوند من جليد النتروجين. لكن نفذ المبرد من الوعاء بشكلٍ كامل بعد أن قام بتبريد الكواشف لما يزيد عن عامين. وقد تمت إعادة تجميد NICMOS خلال مهمة الخدمة 3B باستخدام "مبرد فائق" وهي آلة تعمل بشكل مشابه للثلاجة المنزلية.

تم تركيب NICMOS، الذي تم بناؤه من قبل بول للطيران الفضائي، على متن تلسكوب هابل الفضائي عام 1997 خلال مهمة الخدمة الثانية.

المشاهد الباردة القادمة من NICMOS

  1. مجرات الألعاب النارية (المجرات التي تشتعل بعمليات التشكل النجمي).
  2. الأجسام التي يتم حجبها بوساطة الغبار والغاز.
  3. النجوم المتشكلة حديثا والعناقيد النجمية.
  4. التغيرات الحاصلة في الأغلفة الجوية الكوكبية مع مرور الوقت.
  • حساسات التوجيه الدقيق الثلاث في هابل (Fine Guidance Sensors)
تقدم حساسات التوجيه الدقيق الثلاث الموجودة في هابل –كاميراته التوجيهية –الاستخدام الرجعي لمناورات التلسكوب وإجراء قياسات سماوية. يقوم اثنان من الحساسات بتوجيه التلسكوب نحو هدف فلكي ما، وبعد ذلك يحافظون على الهدف في حقل رؤية الجهاز العلمي. أما الحساس الثالث فهو متاح من أجل إجراء المراقبات العلمية.

تقوم الحساسات بتوجيه التلسكوب بالتوجه المستمر نحو "النجوم المُرشدة" وقياس موقع التلسكوب بالنسبة للأجسام التي يتم مشاهدتها. كما يؤدي التحاذي الذي يعتمد على هذه الثوابت إلى الحفاظ على توجه هابل بشكل سلس نحو الاتجاه الصحيح. توضح الصورة التالية أحد حساسات التوجيه الموجودة على متن التلسكوب:

fgs.jpg


من حيث المبدأ، يتمتع هابل بحرية الدوران حول محوره البصري (ليس محورا يمتد من نهاية إلى أخرى وإنما شيء مماثل لمحور قابل للدوران). ومع ذلك، فإن هذه الحرية مقيدة بالحاجة إلى الحفاظ على الإشعاع الشمسي المتجه نحو الألواح الشمسية، وبالتصميم الحراري الذي يفترض أن الشمس تقوم دوما بتسخين نفس الجانب من التلسكوب.

لجنة توجيه هابل

يستخدم نظام التحكم بتوجيه هابل حساسات التوجيه الدقيق من أجل توجيه التلسكوب نحو هدف معين بدقة تصل إلى 0.01 ثانية قوسية. تكتشف الحساسات قيام التلسكوب بالانحراف ولو بمقدار صغير جدا، ومن ثم تُعيد تركيزه على الهدف. وهذا ما يوفر لهابل القدرة على البقاء متجها نحو الهدف بدقة لا تزيد عن 0.007 ثانية قوسية، وبانحراف يمتد على فترة طويلة من الزمن. يشبه هذا المستوى من الاستقرار والدقة، القدرة على الحفاظ على شعاع من الليزر مركزا على هدف خافت يقع على بعد 400 ميل (أي نفس المسافة الموجودة بين واشنطن العاصمة وديترويت تقريبا) ولمدة 24 ساعة.

قياس الكون

علم الفلك هو العلم الذي يحسب المواقع الدقيقة والحركات الدقيقة للنجوم والأجسام السماوية الأخرى. تساعد هذه القياسات على تطوير معرفتنا بالمسافات النجمية، والكتل، والحركات. يُمكن لحساسات التوجيه الدقيق أن تقدم مواقع النجوم بدقة أكبر بعشرة أضعاف من أي عمليات رصد تعتمد على تلسكوب أرضي. تسمح الحساسات الموجودة في هابل عند استخدامها كأجهزة علمية بـ :

  1. البحث عن الميلانات الحاصلة في حركة النجوم القريبة، مما يوضح امتلاكها أو عدمه لكواكب تدور حولها.
  2. معرفة إن كان نجم معين عبارة عن نظام نجمي مضاعف.
  3. قياس القطر الزاوي للنجوم والأجسام السماوية الأخرى.
  4. تحسين معرفتنا بمواقع النجوم وقدرها المطلق (لمعانها).
  5. المساعدة في حساب المسافات الصحيحة الموجودة عند سلم القياس الكوني.
تم تجديد حساسات التوجيه الدقيق، التي صُنعت من قبل شركة بركين-المر، ومراقبتها من قبل شركة غودريش للأنظمة البصرية والفضائية في دانبري.

يتبع
 
الأجهزة العلمية على متن تلسكوب هابل الفضائي 2


  • الكاميرا الكوكبية واسعة المجال 2 (Wide Field and Planetary Camera 2)
تم إزالة الكاميرا الكوكبية واسعة المجال 2، أو WFPC2، من التلسكوب في أواسط عام 2009 من أجل إزاحة الطريق أمام تركيب الكاميرا الكوكبية واسعة المجال 3. كانت الكاميرا الكوكبية واسعة المجال 2 وراء الكثير من الصور الشهيرة لهابل. و قد ظلت هذه الكاميرا الأساسية في هابل حتى تم تركيب الكاميرا الاستقصائية المتقدمة عام 2002. و قد رصدت هذه الكاميرا كل شيء تقريبا، وسجلت صورا صافية جدا للأجسام البعيدة والموجودة في حقل رؤيتها الواسع. كما سمحت مرشحاتها الثمانية والأربعون للعلماء بالقيام بدراسة دقيقة للأطوال الموجية للضوء وبتحسس مجال من الأطوال الموجية انطلاقا من القريب من تحت الأحمر وصولا إلى فوق البنفسجي. ويوضح الشكل التالي مخططاً للكاميرا الكوكبية واسعة المجال 2:

wfpc2_diag.gif


لا حاجة إلى فلم

CCDs عبارة عن دارات الكترونية مؤلفة من عناصر تصوير حساسة للضوء (البيكسلات) –خلايا صغيرة موجودة معا تشبه شبكة موجودة على باب ما. يحتوي كل من الـ CCDs الأربعة الموجودة على 64000 بيكسل. يتم تحويل الضوء المجمع من قبل كل بيكسل إلى رقم. بعد ذلك، يتم إرسال الأرقام (كل 2560000 معا) إلى الحواسيب الأرضية التي تُحولها إلى صور.

لماذا تبدو الصور ممتعة جدا؟

ينتج عن التصميم الفريد للكاميرا الكوكبية واسعة المجال 2 مظهر متدرج للكثير من صورها. يتألف قلب الكاميرا الكوكبية واسعة المجال 2 من أربع كاميرات: الكاميرا "الكوكبية" عالية الدقة وثلاث كاميرات "واسعة المجال". على الرغم من أنه يمكن للكاميرا الكوكبية رؤية منطقة صغيرة من السماء، إلا أنها تحوي نفس العدد من البيكسلات ضمن مساحة أصغر، مما يؤدي إلى الحصول على صورة مفصلة بشكل أكبر. إن الفرق بين الكاميرا الكوكبية والكواشف واسعة المجال يُشابه ذلك الموجود بين العدسات واسعة الزاوية والعدسات المقربة.

opo9933c.jpg


تم استبدال الكاميرا الكوكبية واسعة المجال الأساسية على هابل بالكاميرا الكوكبية واسعة المجال 2 أثناء مهمة الخدمة الأولى في ديسمبر 1993. وقد كان مختبر الدفع النفاث في باسادينا بكاليفورنيا المسؤول عن بناء WFPC2. ويشرح الفيديو التالي أهمية هذه الكاميرا:



  • كاميرا الأجسام الخافتة (The Faint Object Camera)
عملت كاميرا الأجسام الخافتة، التي تمت إزالتها في وقت مبكر عام 2002، خلال وجودها على متن هابل كعدسة مقربة للتلسكوب. وقد سجلت FOC صورا عالية الدقة للأجسام السماوية الخافتة الموجودة في الفضاء السحيق، لتأخذ بالتالي صورا مفصلة بشكل هائل على امتداد حقل صغير للرؤية. تم استبدالها بالكاميرا الاستقصائية المتقدمة، التي تمتلك قدرة أعلى.

الدقة البالغة

سمحت دقة FOC لهابل بالحصول على صور لنجوم منفردة موجودة داخل العناقيد النجمية البعيدة. فالدقة هي القدرة على الفصل بين نقطتين ضوئيتين وتمييز كل منهما على حدة. في الفضاء، يميز الجهاز بين الأجسام التي تبلغ المسافة بينها حوالي 0.05 ثانية قوسية وهو ما يكافئ مشاهدة عرض شعرة إنسان من بعد يصل إلى 1 كيلومتر. ولو كان لدى العين البشرية هذه القدرة، فسنكون قادرين على التمييز بين زوج من الأضواء الأمامية لسيارة ما من مسافة تصل إلى 5000 ميل. وفي الشكل التالي صورة لكاميرا الأجسام الخافتة:

Faint_Object_Camera_%28Dornier_Museum%29.jpg


غربلة الأطوال الموجية

تقوم FOC بتوجيه الضوء عبر أحد مسارين بصريين. يدخل الضوء إلى كاشف بعد المرور عبر مرشح أو أكثر، مما يسمح لأطوالٍ موجية محددة فقط بالعبور. ومن خلال اختيار مجالات أطوال موجية محددة، يُمكن للعلماء البحث عن مميزات خاصة، مثل النجم الأكثر سخونة الموجودة في عنقود نجمي معين.

يقوم الكاشف بتعزيز الصورة ومن ثمَّ تسجيلها، بشكلٍ مشابه لكاميرا الفيديو. حيث يتم إنشاء صور الأجسام الخافتة بالاعتماد على أزمنة تعريض طويلة. يتم تحويل الصور الإجمالية إلى بيانات رقمية، ومن ثمَّ إرسالها إلى الأرض ليتم بعد ذلك إعادة تركيبها من جديد.

طالما أنه بإمكان FOC إجراء مراقبات عالية الدقة للمصادر الخافتة عند أطوال موجية مرئية وتحت حمراء، فإنه يمكنها دراسة العناقيد النجمية، وفحص المجرات والأجسام الخافتة (مثل الكوازارات)، وكذا البحث عن تفاصيل صغيرة في الأجسام السماوية. وقد تكفلت وكالة الفضاء الأوروبية ببناء FOC .

المشاهد الجيدة القادمة من FOC :

  1. الكوازارات التعديسية الثقالية.
  2. السطح الفعلي لنجم ما، مثل منكب الجوزاء.
  3. العناقيد الكروية.
  4. نظام بلوتو/شارون. .
  • بصريات هابل المذهلة
ما الذي يُعطي هابل مثل هذه القدرة الفريدة على الرؤية؟ وما الذي يجعل من صوره للأجسام البعيدة صافية جدا؟ يُشكل موقعه فوق الغلاف الجوي جزءا فقط من الإجابة. فدون قدرة الرؤية القوية، لما تمكن هابل من الاستفادة بشكل كامل من موقعه الاستثنائي.

"عيون" هابل هي في الواقع عبارة عن نظام يعرف بالمجمع التلسكوبي البصري. ويتألف هذا النظام من مرآتين، ودعمات، وفتحات للأجهزة. كما يمتلك النظام البصري لهابل تصميما بسيطا يعرف بـ (Ritchey-Chretien Cassegrain)، وفيه تشكل مرآتان صورا مركزة على أكبر حقل رؤية متاح لها.

مسار الضوء

يتحرك الضوء القادم إلى التلسكوب عبر قناة مجهزة بحواجز تمنع الضوء الشارد من الدخول. كما تجمع مرآة رئيسية مقعرة (منحنية نحو الداخل كالوعاء) الضوء لتقوم بعدها بعكسه نحو مرآة ثانوية محدبة وأصغر منها(منحنية نحو الخارج كالقبة). وتقوم المرآة الثانوية بعكس الضوء من جديد نحو المرآة الرئيسية عبر ثقب موجود في مركزها. ومن ثمَّ يُركز الضوء في مساحة صغيرة تعرف بالمستوي المحرقي حيث يتم التقاطه من قبل أجهزة علمية مختلفة. ويوضح المخطط التالي مسار الضوء في التلسكوب:

telescope_essentials_howworks2_lg.gif


جودة المرآة

مرايا هابل ناعمة جدا وتتمتع بسطوح عاكسة شكلها دقيق جدا. جُمعت هذه السطوح، المُشكلة عبر إزالة الزجاج باستخدام المواد الكاشطة، بحيث لا تقوم بالانحراف عن المنحني المثالي بأكثر من جزء من 800000 من الإنش الواحد. وإذا ما تم تكبير قطر مرآة هابل ليصل إلى قطر الأرض، فإن أي نتوء فيها سيصل ارتفاعه إلى 6 إنش في أقصى الأحوال.

بعد نشر تلسكوب هابل عام 1990، وجد العلماء أن المنحني الذي أُسست وفقا له المرآة الرئيسية كان غير صحيح، مما تسبب في حصول "انحرافات كروية". ولحسن الحظ، تمكنت البصريات التصحيحية من حل هذه المشكلة.

مرايا هابل مصنوعة من زجاج تمدده فائق الصغر، ويُحافظ عليه عند درجة حرارة الغرفة دوما لتجنب الانحناء (حوالي 70 درجة فهرنهايت). أما السطوح العاكسة فهي عبارة عن طبقة من فلوريد الماغنيزيوم التي تبلغ سماكتها جزء من المليون من الإنش. يجعل فلوريد الماغنيزيوم من المرايا عاكسة بشكل أكبر للأشعة فوق البنفسجية. وتوضح الصورة التالية صورة للمرآة الرئيسية للتلسكوب:

telescope_essentials_quickfacts2_lg.jpg


  • المجمع التلسكوبي البصري
المرآة الرئيسية

يبلغ قطر المرآة الرئيسية لتلسكوب هابل الفضائي 2.4 متر (94.5 إنش)، وتقوم هذه المرآة بالتقاط الضوء القادم من الفضاء وتركيزه نحو مرآة ثانوية.

المرآة الثانوية

هي مرآة أصغر من المرآة الرئيسية (بقطر 0.3 متر، أي 12.2 إنش) تقوم بإعادة توجيه الضوء القادم من المرآة الرئيسية عبر ثقب موجود في مركز المرآة الرئيسية، ليتجه الضوء بذلك مباشرة نحو الأجهزة العلمية.

البصريات التصحيحية

زودت الأجهزة العلمية بأجهزة تصحيح لتعويض الشكل غير المثالي للمرآة الرئيسة. لكن الأجهزة العلمية التي زُود التلسكوب بها لاحقا احتوت على قياسات مصححة ذاتية. ساعدت هذه الأنظمة في لعب دور بديل تصحيحي محوري وبصري على متن التلسكوب الفضائي (COSTAR). و قد أُزيل COSTAR عام 2009 خلال مهمة الخدمة الرابعة.

  • البديل التصحيحي البصري والمحوري (The Corrective Optics Space Telescope Axial Replacement)
أزيل البديل المحوري والتصحيحي-البصري للتلسكوب الفضائي (COSTAR) من تلسكوب هابل الفضائي خلال مهمة الخدمة الرابعة عام 2009. لقد كان جهازا عبقريا صُنع لحل مشكلة التلسكوب الشهيرة.

مباشرة بعد بدء التلسكوب بإرسال الصور من الفضاء، اكتشف العلماء أن المرآة الرئيسية للتلسكوب تُعاني من عيب يُعرف بالشذوذ الكروي. كانت الحافة الخارجية للمرآة مصممة بشكل مسطح جدا، وبسماكة وصلت إلى 4 ميكرون، أي خمس سماكة شعرة الإنسان تقريبا. وقد نتج عن هذا العيب ضبابية في الصور، وذلك بسبب تشتت بعض الضوء القادم من الأجسام التي تتعرض للدراسة.

COSTAR_2.png


بعد اكتشاف هذا الأمر، طور العلماء والمهندسون COSTAR، وهو بصريات تكيفية تلعب دور النظارات الطبية ليستعيد هابل بصره. وبوضع مرايا صغيرة مصممة بحذر كبير في مقدمة الأجهزة الأصلية لهابل، نجح COSTAR –الذي تم تركيبه خلال مهمة الخدمة الأولى عام 1993 –في تحسين رؤية تلك الأجهزة وتحقيق الأهداف التصميمة الأصلية.

صُممت بصريات الكاميرا الكوكبية واسعة المجال 2 (أو WFPC2)، التي تم تركيبها خلال مهمة 1993، لتُصحح ذلك الشذوذ الكروي. ومثلت بذلك اللحظة الأولى التي يُزود فيها هابل بأجهزة بصريات تصحيحية مدمجة.

كما زودت كل الأجهزة، التي تم تركيبها في التلسكوب بعد ذلك، بهذه التصحيحات للشذوذ الكروي، مما جعل من وجودCOSTAR الذي صنعته شركة بول لعلم الطيران أمرا غير ضروري في النهاية. وأثناء مهمة الخدمة الرابعة، أزال رواد الفضاءCOSTAR لإفساح الطريق أمام جهاز علمي جديد، وهو راسم طيف الأصول الكونية.

  • الدقة 101
  • res_chart.gif
عندما يتكلم علماء الفلك عن مدى وضوح رؤية التلسكوب، فإنهم يُشيرون إلى قدرته على التمييز، أو دقته –مدى جودة البيانات التي يستطيع رؤيتها، أو مدى قدرته على رؤية الأجسام القريبة جدا من بعضها كالنجوم، أي مدى استطاعته تمييزها كجسمين. ويقيس علماء الفلك قدرة التمييز لتلسكوب ما بوحدة الدرجات، التي تُقسم إلى الدقيقة القوسية والثانية القوسية.

1 درجة =60 دقيقة قوسية =3600 ثانية قوسية

بالكاد يستطيع أفضل التلسكوبات الموجودة فوق الأرض رؤية تفاصيل موجودة في عرض أقل من ثانية قوسية، أو التمييز بين نجمين يفصل بينهما أقل من ثانية قوسية في السماء. وينتج ذلك عن اضطراب الغلاف الجوي للأرض، الذي يتسبب في تموج الصور. وبالمقارنة، يستطيع تلسكوب هابل رؤية تفاصيل داخل عرض أقل من 0.1 ثانية –أي أشد وضوحا بـ 10000 مرة. وهذه هي أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت علماء الفلك لاستخدام هابل.

  • الطيف 101
كل المعلومات التي بحوزتنا عن الكون جاءتنا من الضوء. ومعلوم أن الضوء الأبيض، كضوء النجوم، مؤلف من ألوان قوس قزح –الطيف الضوئي المرئي. يُمثل كل لون من ألوان الطيف طولا موجيا مختلفا. فعلى سبيل المثال، فإن الجسم الذي نراه بلونٍ أحمر يقوم بعكس الطول الموجي "الأحمر" من الضوء، ويمتص الألوان الأخرى من الطيف.

يعد الضوء المرئي شكلا من أشكال الإشعاع الكهرومغناطيسي –كما هي الحال مع الأمواج الراديوية، والميكروية، والإشعاع تحت الأحمر، والأشعة فوق البنفسجية، والأشعة اكس، والأشعة غاما. تتحرك الأشعة الكهرومغناطيسية عبر الفضاء بسرعة الضوء، أي 186000 ميل (300000) في الثانية.

EM_spectrum_compare_level1_lg.jpg


يُمثل الضوء الذي نراه جزءا صغيرا جدا من الطيف الكهرومغناطيسي. وتمتلك إحدى نهايات الطيف "الأمواج الراديوية" أطوالا موجية أكبر بمليارات المرات من الطول الموجي للضوء المرئي. أما النهاية الأخرى من الطيف "أشعة غاما"، فتمتلك أطوالا موجية أصغر بملايين المرات من الطول الموجي للضوء المرئي. تتعلق الأطوال الموجية بشكل مباشر بكمية الطاقة التي تحملها الموجة؛ فكلما كان الطول الموجي للإشعاع أقصر، كلما كانت طاقته أكبر.

  • المرشحات
هناك طرق مختلفة لعزل الأنواع المختلفة من الضوء. فعلى سبيل المثال، وعلى الرغم من أن أعيننا لا تستطيع رؤية الضوء فوق البنفسجي، إلا أنه بالإمكان تسجيل هذا الضوء بجعل ضوء النجم يمر في مرشح، ومن ثم يسقط في كاشف خاص. وتوضح الصورة التالي مجموعة من المرشحات الخاصة بالتلسكوب والعاملة في المجال فوق البنفسجي:

uvis_filterwheels.jpg


يستخدم هابل مرشحات خاصة لغربلة الأنواع المختلفة من الضوء القادم من جسمٍ ما لا يقوم العلماء بدراسته حاليا. تسمح هذه المرشحات لمجال محدد من الأطوال الموجية بالمرور عبرها. وحالما يُصادف ضوء غير مرغوب فيه، يتم استبعاده مباشرة، ويسمح للضوء الناجم عن هذه العملية بالدخول إلى كاشف ضوئي حساس أو أكثر.

يؤدي هذا الأمر إلى إنتاج صورة للنجم عند الطول الموجي المُختار. وطالما أن الكواشف تستطيع اكتشاف الضوء الموجود خارج الطيف المرئي، فإن استخدام المرشحات يسمح للعلماء برؤية الأجسام "غير المرئية" –تلك الأجسام التي يُمكن مشاهدتها في مجال الأضواء تحت الحمراء وفوق البنفسجية فقط. وتوضح الصورة التالية مجموعة المرشحات العاملة في المجال تحت الأحمر:

irfiltwheel.jpg







اتمني ان ينال الموضوع اعجابكم
@
Special Forces commander
 
عودة
أعلى