منذ الأيام الأولى لعلم الفلك، ومنذ زمن غاليليو، تشارك الفلكيون الهدف نفسه، ألا و هو رؤية المزيد، ومشاهدة ما هو أبعد، والرؤية الأعمق. ويُعتبر إقلاع تلسكوب هابل الفضائي عام 1990 أعظم التطورات التي حققتها الإنسانية. فهابل عبارة عن تلسكوب يدور حول الأرض. يُعطيه مداره الموجود فوق الغلاف الجوي والذي يُشوه ويحجب الضوء الذي يصل إلى كوكبنا مشهداً للكون يتجاوز بكثير ذلك الذي يُمكن الحصول عليه بوساطة التلسكوبات الأرضية.
يُعتبر هابل أعظم المهمات العملية لناسا وأكثرها تعميرا. فقد قام هذا التلسكوب بالتقاط مئات آلاف الصور وإرسالها إلى الأرض، مسلطا بذلك الضوء على العديد من الألغاز العظيمة في علم الفلك. كما ساعدت النظرة التي يتمتع بها هذا التلسكوب على تحديد عمر الكون، و تحديد الكوازارات واكتشاف الطاقة المظلمة.
من بين الكثير من اكتشافاته، اكتشف هابل أن عمر الكون يبلغ حوالي 13 إلى 14 مليار عام، وهي قيمة أدق بكثير من المجال القديم الذي كان يتنبأ بعمر يقع بين 10 إلى 20 مليار عام.كما لعب هابل دورا أساسيا في اكتشاف الطاقة المظلمة –قوة غامضة يُعتقد أنها المسؤولة عن التسارع الحاصل في التوسع الكوني.
وضح هابل للعلماء المجرات خلال المراحل المتعددة من عمرها، بما في ذلك المجرات الأقدم التي نشأت عندما كان الكون شاباً، مما ساعدهم على فهم كيفية تشكل المجرات. اكتشف هابل الأقراص الكوكبية الأولية، وتكتلات الغاز والغبار حول النجوم الشابة التي من المرجح أنها تعمل كأرضية خصبة من أجل عملية تشكل الكواكب الجديدة. اكتشف هابل أيضاً انفجارات الأشعة غاما –انفجارات طاقية جد قوية –التي تحصل في المجرات البعيدة جراء انهيار النجوم فائقة الكتلة. وكل هذا هو جزء فقط من المساهمات الكثيرة لهذا التلسكوب في علم الفلك.
ساعد الكم الهائل من علم الفلك المبني على مراقبات هابل في جعله واحداً من أهم المراصد في التاريخ. فقد نشرت أكثر من 10000 مقالة علمية بالاعتماد على بيانات هابل.
ساهمت السياسة التي يتبعها التلسكوب بشكلٍ كبير في إنتاجيته الضخمة. فهذا التلسكوب عبارة عن جهاز يستخدمه كل المجتمع الفلكي –يُمكن لأي فلكي في العالم أن يقدم مقترحاً ويطلب وقتا للعمل باستخدام التلسكوب، وبعد ذلك يقوم فريق من الخبراء باختيار المراقبات التي سيتم إجراءها بوساطة التلسكوب. حالما تنتهي المراقبات، فإنه سيكون لدى الفلكيين مدة تصل إلى عام من أجل متابعة عملهم قبل أن يتم نشر البيانات إلى كامل المجتمع العلمي. لأن بإمكان أي شخص الوصول إلى المعلومات، تم بالتالي إنجاز عدد هائل من الاكتشافات بوساطة هذا التلسكوب –العديد من تلك الاكتشافات حصل في مجالات ما كانت لتتنبأ بها المقترحات الأصلية للتلسكوب.
ساعد النجاح الذي حققته سياسات هابل على نشر تلك السياسات في كامل المجتمع الفلكي، ولذا أصبحت متبعة حتى في المراصد الأخرى.
أما السبب الثاني فراجع لما يقوم به الغلاف الجوي من حجب أو امتصاص أطوال موجية محددة من الإشعاع بشكل جزئي، مثل الإشعاع فوق البنفسجي، والأشعة غاما، والأشعة اكس، قبل أن تصل هذه الأشعة الأرض. مما يمكن أن يشوش على العلماء قياساتهم عند القيام بفحص جسم ما، كنجم مثلا، لدراسته بالاعتماد على أنواع معينة من الأطوال الموجية التي يُصدرها.
تستخدم التلسكوبات الأرضية الحديثة تكنولوجيات متطورة من أجل تصحيح التشوه الناتج عن الغلاف الجوي، لكن لا توجد أي طريقة من أجل رؤية الأطوال الموجية التي يمنعها الغلاف الجوي من الوصول إلى الكوكب.
تعد أكثر الطرق فعالية من أجل تجنب مشاكل الغلاف الجوي، هي وضع تلسكوبك خلف هذا الغلاف. أو، كما في حالة تلسكوب هابل، على ارتفاع 393 ميل (569 كيلومتر) فوق سطح الأرض.
ينتمي هابل إلى نوع من التلسكوبات يُعرف بعاكس كاسيغرين (Cassegrain reflector). حيث يقوم الضوء بصدم المرآة الرئيسية، أو الأولية، ليرتد الضوء بعدها عن هذه المرآة الأولية، ويواجه المرآة الثانوية. و من ثم تقوم المرآة الثانوية بتركيز الضوء عبر ثقب موجود في مركز المرآة الأولية يؤدي إلى الأجهزة العلمية للتلسكوب.
غالبا ما يعتقد الناس وبشكل خاطئ أن طاقة التلسكوب تكمن في قدرته على تكبير الأجسام. لكن في الواقع، تعمل التلسكوبات من خلال جمع كمية أكبر من الضوء من تلك التي تجمعها العين البشرية. فكلما كانت مرآة التلسكوب أكبر، كلما تمكن التلسكوب من جمع كمية أكبر من الضوء، وبالتالي تحسين رؤيته. يبلغ قطر المرآة الرئيسية لتلسكوب هابل 94.5 انشا (2.4 متر). كما تعد هذه المرآة صغيرة بالمقارنة مع تلك المرايا الموجودة في التلسكوبات الأرضية الحديثة، التي يُمكن أن يصل قطرها إلى حوالي 400 إنش (1000 سنتمتر) وربما تفوق ذلك أيضا، ورغم ذلك فإن موقع هابل خلف الغلاف الجوي للأرض يُمكنه من الحصول على وضوح أكبر.
حالما تقوم المرآة بأسر الضوء، تعمل الأجهزة العلمية للتلسكوب معاً أو بشكلٍ منفرد على تقديم المراقبة. فقد تم تصميم كل جهاز من الأجهزة بحيث يُمكنه سبر الكون بطريقة مختلفة. تُشاهد الكاميرا الكوكبية واسعة المجال 3 (أو اختصاراًWFC3) ثلاث أنواع مختلفة من الضوء: الضوء القريب من فوق البنفسجي، المرئي والقريب من تحت الأحمر بشكلٍ غير متزامن. دقة هذه الكاميرا وحقل رؤيتها أكبر بكثير من الأجهزة الأخرى الموجودة على متن هابل. WFC3 عبارة عن واحدة من أحدث الأجهزة العلمية الموجودة على متن هابل، وستستخدم من أجل دراسة المادة المظلمة والطاقة المظلمة، تشكل النجوم المنفردة واكتشاف المجرات البعيدة جداً والتي لم تتمكن النسخة القديمة من التلسكوب من اكتشافها.
المحلل الطيفي للأصول الكونية (COS)، أداة جديدة أخرى على متن هابل وهي عبارة عن راسم طيف يُشاهد فقط الضوء فوق البنفسجي. يلعب راسم الطيف (Spectrographs) دوراً مشابها للموشور، حيث يقوم بتحليل الضوء القادم من الكون إلى ألوانها الأساسية. يقدم هذا الأمر "بصمة" طول موجي محددة للجسم الذي تتم مراقبته، مما يعطينا معلومات عن درجة حرارته، وتركيبه الكيميائي، وكذا كثافته، وحركته. سيحسن جهاز COS من حساسية تلسكوب هابل تجاه الضوء فوق البنفسجي الى عشرة أضعاف على الأقل، ويرتفع هذا إلى 70 ضعف عند رصد الأجسام الخافتة بشكل كبير.
الكاميرا الاستقصائية المتقدمة (ACS)، يُمكن لهذه الكاميرا أن تشاهد الضوء المرئي، وهي مصممة من أجل دراسة بعض النشاطات التي حصلت خلال المراحل المبكرة للكون. تساعد ACS على وضع خريطة لتوزع المادة المظلمة، وكشف أكثر الأجسام بعدا في الكون، كما أنها تساعد في عمليات البحث عن الكواكب فائقة الكتلة، ودراسة تطور العناقيد المجرية. توقفت ACS بشكلٍ جزئي عن العمل عام 2007 لقصر في التيار الكهربائي، لكن تم إصلاح هذا بعد ذلك خلال مهمة الخدمة 4 في مايو 2009.
المحلل الطيفي لصور التلسكوب الفضائي (STIS)، عبارة عن محلل طيفي يمكنه مشاهدة الضوء فوق البنفسجي، والمرئي والقريب من تحت الأحمر ويُعرف بقدرته على اصطياد الثقوب السوداء. في الوقت الذي يعمل فيه جهاز COS بشكل أفضل مع المصادر الصغيرة للضوء مثل النجوم أو الكوازارات، يُمكن لـ STIS أن يضع خرائط ويصور الأجسام الأكبر، مثل المجرات. توقفSTIS عن العمل نتيجة عطل تقني في 3أوغست 2004، لكن تم إصلاحه أيضاً خلال مهمة الخدمة 4.
المقياس الطيفي للأجسام المضاعفة وكاميرا الأشعة القريبة من تحت الأحمر (NICMOS)، وهو الحساس الحراري لتلسكوب هابل. تسمح له حساسيته تجاه الأشعة تحت الحمراء –غير المرئية بالنسبة للعين البشرية – برصد الأجسام المختفية في الغبار بين-النجمي، مثل مواقع ولادة النجوم، بالإضافة إلى النظر بشكلٍ أعمق عبر الفضاء.
أخيرا، حساسات التوجيه الدقيق (FGS)، عبارة عن مجموعة من الأجهزة التي تعمل على النظر إلى "النجوم المرشدة" وتحافظ على توجه تلسكوب هابل في الاتجاه الصحيح. يُمكن استخدام هذه الحساسات من أجل الحصول على قياس دقيق للمسافات بين النجوم، والحركات النسبية لها.
تتم تغذية كل وظائف هابل بالطاقة القادمة من ضوء الشمس. فهابل يحملألواحا شمسية تقوم بتحويل الطاقة الشمسية مباشرة إلى طاقة كهربائية. يتم تخزين بعض الكهرباء في بطاريات تحافظ على التلسكوب في وضع العمل عندما يكون موجودا في ظل الأرض، وبعيدا عن أشعة الشمس.
حالما تقوم المحطة الأرضية بنقل البيانات إلى غودارد، يُرسل غودارد البيانات إلى معهد علوم تلسكوبات الفضاء (STScI)، حيث تتم ترجمة البيانات إلى وحدات لها معنى علمي، مثل الطول الموجي أو اللمعان، ومن ثم أرشفة المعلومات في أقراص بصرية-مغناطيسية 5.25 انش. يرسل هابل أرشيفا من المعلومات كاف من أجل ملئ 18 قرص DVD كل أسبوع. ويُمكن للفلكين أن يحملوا أرشيف البيانات عبر الانترنت وأن يقوموا بتحليل البيانات في أي مكان من العالم.
يعد المئات من المهندسين وعلماء الحاسوب في مركز غودارد لرحلات الفضاء مسؤولين عن تلسكوب هابل وضمان عمله بشكلٍ آمن وسلل. ففي غودارد، يراقب المراقبون سلامة التلسكوب في الوقت الذي يقومون فيه بتوجيه حركاته ونشاطاته العلمية. كما يقوم العاملون في STScI أيضاً باستخدام التلسكوب، ومراقبة ومعايرة الأجهزة، إلى جانب تشغيل الأرشيف والعمل على التوعية العامة.
يتنافس الفلكيون من كافة أرجاء العالم على الحصول على وقتٍ معين من أجل استخدام تلسكوب هابل. كما يريد المزيد من العلماء استخدام التلسكوب، وهذا الأمر يفوق الوقت المتاح لاستخدامه، لذلك تقوم لجنة مراجعة مكونة من خبراء في مجال علم الفلك باختيار أفضل الاقتراحات من أجل القيام بها. و تعتبر الاقتراحات الفائزة هي تلك التي تؤدي إلى الاستخدام الأفضل لقدرات التلسكوب، وتبحث عن أجوبة لأسئلة مهمة في علم الفلك. ففي كل عام تقريبا، تتم مراجعة حوالي 1000 مقترح ليختار الخبراء منها 200 تقريبا، وتحصل الاقتراحات الفائزة على حوالي 20000 عملية رصد مفردة.
كان سبيتزر أحد القوى الرئيسية الموجودة خلف بضعة مراصد تدور فوق الأرض، يتضمن ذلك القمر الصناعي كوبرنيكوس، ومرصد علم الفلك المداري. فقد ساعد اندفاعه وعمله الدؤوب على تحفيز ناسا على الموافقة على مشروع تلسكوب الفضاء الكبير عام 1969. لكن نتيجة لأسباب تعود لنقص في الميزانية، تم تقليص المقترح المبدأي نوعا ما، مما أدى إلى تخفيض حجم مرآة التلسكوب وعدد الأجهزة التي سيقوم بحملها.
في عام 1974، اقترحت المجموعة العاملة في المشروع تلسكوبا يحتوي على عدد من الأجهزة التي يُمكن تغييرها. وبالاعتماد على هذا سيكونون قادرين على تمييز عشر الثانية القوسية على الأقل، ودراسة الأطوال الموجية التي تتغير انطلاقا من المجال فوق البنفسجي وصولا إلى المجال المرئي والضوء تحت الأحمر. كما سيُستخدم المكوك الفضائي من أجل وضع التلسكوب في المدار أو العودة به إلى الأرض من أجل الإصلاح واستبدال أجهزته، أو حتى خدمته في الفضاء.
في عام 1975، بدأت وكالة الفضاء الأوروبية العمل مع ناسا على خطة ستؤدي في النهاية إلى تلسكوب هابل الفضائي. وبعد ذلك بسنتين أي عام 1977، صادق الكونغرس على تمويل التلسكوب.
تم توقيع عقد مع شركة بركين-ايلمر لتقوم بمعالجة مسألة تجميع التلسكوب، بما في ذلك المرايا وحساسات التوجيه الدقيق، التي نحتاجها من أجل توجيه وإرشاد التلسكوب. كما تم التعاقد مع شركة الصواريخ لوكهيد (الآن، لوكهيد مارتن) من أجل بناء أنظمة الهيكل والدعم، وجمع التلسكوب ومن ثمَّ اختباره.
بحلول عام 1979، كان رواد الفضاء يتدربون على المهمة في خزان تحت الماء من أجل محاكاة انعدام الجاذبية باستخدام تلسكوب وهمي.
في عام 1981، تم تأسيس معهد علوم تلسكوبات الفضاء في بالتيمور بميريلاند من أجل تقييم المقترحات المتعلقة بزمن التلسكوب وإدارة البرنامج العلمي. و قد تمت تسمية التلسكوب بتلسكوب هابل الفضائي نسبةً للفلكي الأمريكي ادوين هابل، الذي برهن على أن البقع الغامضة في الضوء الموجود في سماء الليل هي في الواقع عبارة عن مجرات أخرى، مجرات بعيدة جدا عن مجرتنا، ومضى هابل قدما ليكتشف أن الكون يتوسع.
بعد بضع تأجيلات، تمت جدولة عملية إقلاع هابل إلى الفضاء في أكتوبر من عام 1986. لكن في 28 يناير 1986، انفجر المكوك الفضائي تشالنجر بعد دقيقة فقط من إقلاعه. فتوقفت عمليات طيران المكوك بعد هذا لمدة سنتين. تم خلالها نقل الأجزاء التي تم الانتهاء من تصنيعها إلى المخزن كما استمر العاملون على مشروع هابل في تحسينه، حيث قاموا بتطوير البطاريات الشمسية وتحديث أجهزة أخرى.
في 24 أبريل 1990، أقلع هابل أخيرا نحو المدار على متن المكوك الفضائي ديسكفري. كما حمل التلسكوب خمسة أجهزة علمية: الكاميرا الكوكبية واسعة المجار، ومحلل غودارد الطيفي عالي الدقة، وكاميرا الأجسام الخافتة، و كذا المحلل الطيفي للأجسام الخافتة، والمضواء عالي السرعة.
تم صقل المرآة الرئيسية لهابل بحذر فائق على مدار سنة كاملة، ومع ذلك طرأ عيب يُعرف بـ "الانحراف الكروي". كان الشكل خاطئ قليلا، مما يُسبب قيام الضوء بالارتداد عن مركز المرآة ليتركز في مكانٍ آخر وهذه الكمية كانت أقل من الضوء المرتد عن الحافة. و قد كان هذا الخلل الصغير –حوالي جزء من خمسين من سماكة ورقة – كافياً من أجل تشويه المشهد.
لحسن الحظ، كان العلماء والمهندسون يتعاملون مع مشكلة بصرية مفهومة بشكل جيد جدا –على الرغم من أن الحالة فريدة بالكامل.
كان لدى العلماء والمهندسين حل فقد كان يُمكن استخدام سلسلة من المرايا الصغيرة من أجل إيقاف الضوء المنعكس عن المرآة وتصليح العيب، وبالتالي العودة بالضوء إلى الأجهزة العلمية للتلسكوب. كما يُمكن تركيب بديل تصحيحي محوري وبصري على متن تلسكوب الفضاء، المسمى اختصارا COSTAR، في موقع أحد الأجهزة العلمية الأخرى للتلسكوب من أجل تصحيح الصور المنتجة من قبل الأجهزة المتبقية والمستقبلية. كما وجب رواد الفضاء أيضا حينها استبدال الكاميرا الكوكبية واسعة المجال بالنسخة المطورة منها، المعروفة بالكاميرا الكوكبية واسعة المجال 2 ( اختصارا WFPC2)، والتي تحتوي على مرايا صغيرة من أجل تصحيح الانحراف. لقد كانت هذه أول الأجهزة العلمية في هابل التي تم بناؤها بالاعتماد على بصريات تصحيحية.
أمضت ناسا ورواد الفضاء حوالي 11 شهرا في التدرب على مهمات الفضاء الأكثر تعقيدا والتي سيحاولون القيام بها. وبالإضافة إلى الطبيعية الحساسة للمهمة، فإن ذلك سيكون أول اختبار لقدرة التلسكوب على أن يخضع لعمليات الخدمة والصيانة في الفضاء.
نشرت ناسا أولى الصور الجديدة القادمة من البصريات التي تم إصلاحها في هابل في 13 يناير 1994. كانت الصور جميلة، ودقتها ممتازة مما انتقل بهابل ليصبح التلسكوب الموعود.
بعد ذلك، تمت صيانة وإصلاح تلسكوب هابل بضعة مرات. ففي فبراير 1997، قام رواد الفضاء باستبدال محلل غودارد الطيفي عالي الدقة والمحلل الطيفي للأجسام الخافتة بأجهزة مطورة، وهي المقياس الطيفي للأجسام المضاعفة وكاميرا الأشعة القريبة من تحت الأحمر، والمحلل الطيفي لصور التلسكوب الفضائي. أما في ديسمبر 1999، قام رواد الفضاء باستبدال المرسل، والجيروسكوبات الست الموجودة على متن هابل، وواحد من حساسات التوجيه الدقيقة الثلاثة، مما سمح بتوجيه التلسكوب بشكل أدق والحفاظ على استقرار هابل أثناء العمليات.
في فبراير 2002، أضاف رواد الفضاء الكاميرا الاستقصائية المتقدمة (ACS)، أول الأجهزة العلمية التي تمَّ تركيبها على متن هابل منذ عام 1997. كما ضاعفت ACS من حقل رؤية هابل، وذلك باستخدام كاشف أكثر حساسية من WFPC2 بكثير. في كل مرة كان رواد الفضاء يجرون فيها مهمة خدمة، كانوا يجرون أيضا وبشكلٍ روتيني أعمال صيانة –يُصلحون الألواح الشمسية والأغطية الحرارية ويُحدثون المعدات.
يتبع
يُعتبر هابل أعظم المهمات العملية لناسا وأكثرها تعميرا. فقد قام هذا التلسكوب بالتقاط مئات آلاف الصور وإرسالها إلى الأرض، مسلطا بذلك الضوء على العديد من الألغاز العظيمة في علم الفلك. كما ساعدت النظرة التي يتمتع بها هذا التلسكوب على تحديد عمر الكون، و تحديد الكوازارات واكتشاف الطاقة المظلمة.
- تغيير علم الفلك
من بين الكثير من اكتشافاته، اكتشف هابل أن عمر الكون يبلغ حوالي 13 إلى 14 مليار عام، وهي قيمة أدق بكثير من المجال القديم الذي كان يتنبأ بعمر يقع بين 10 إلى 20 مليار عام.كما لعب هابل دورا أساسيا في اكتشاف الطاقة المظلمة –قوة غامضة يُعتقد أنها المسؤولة عن التسارع الحاصل في التوسع الكوني.
وضح هابل للعلماء المجرات خلال المراحل المتعددة من عمرها، بما في ذلك المجرات الأقدم التي نشأت عندما كان الكون شاباً، مما ساعدهم على فهم كيفية تشكل المجرات. اكتشف هابل الأقراص الكوكبية الأولية، وتكتلات الغاز والغبار حول النجوم الشابة التي من المرجح أنها تعمل كأرضية خصبة من أجل عملية تشكل الكواكب الجديدة. اكتشف هابل أيضاً انفجارات الأشعة غاما –انفجارات طاقية جد قوية –التي تحصل في المجرات البعيدة جراء انهيار النجوم فائقة الكتلة. وكل هذا هو جزء فقط من المساهمات الكثيرة لهذا التلسكوب في علم الفلك.
ساعد الكم الهائل من علم الفلك المبني على مراقبات هابل في جعله واحداً من أهم المراصد في التاريخ. فقد نشرت أكثر من 10000 مقالة علمية بالاعتماد على بيانات هابل.
ساهمت السياسة التي يتبعها التلسكوب بشكلٍ كبير في إنتاجيته الضخمة. فهذا التلسكوب عبارة عن جهاز يستخدمه كل المجتمع الفلكي –يُمكن لأي فلكي في العالم أن يقدم مقترحاً ويطلب وقتا للعمل باستخدام التلسكوب، وبعد ذلك يقوم فريق من الخبراء باختيار المراقبات التي سيتم إجراءها بوساطة التلسكوب. حالما تنتهي المراقبات، فإنه سيكون لدى الفلكيين مدة تصل إلى عام من أجل متابعة عملهم قبل أن يتم نشر البيانات إلى كامل المجتمع العلمي. لأن بإمكان أي شخص الوصول إلى المعلومات، تم بالتالي إنجاز عدد هائل من الاكتشافات بوساطة هذا التلسكوب –العديد من تلك الاكتشافات حصل في مجالات ما كانت لتتنبأ بها المقترحات الأصلية للتلسكوب.
ساعد النجاح الذي حققته سياسات هابل على نشر تلك السياسات في كامل المجتمع الفلكي، ولذا أصبحت متبعة حتى في المراصد الأخرى.
- لماذا تلسكوب فضائي؟
أما السبب الثاني فراجع لما يقوم به الغلاف الجوي من حجب أو امتصاص أطوال موجية محددة من الإشعاع بشكل جزئي، مثل الإشعاع فوق البنفسجي، والأشعة غاما، والأشعة اكس، قبل أن تصل هذه الأشعة الأرض. مما يمكن أن يشوش على العلماء قياساتهم عند القيام بفحص جسم ما، كنجم مثلا، لدراسته بالاعتماد على أنواع معينة من الأطوال الموجية التي يُصدرها.
تستخدم التلسكوبات الأرضية الحديثة تكنولوجيات متطورة من أجل تصحيح التشوه الناتج عن الغلاف الجوي، لكن لا توجد أي طريقة من أجل رؤية الأطوال الموجية التي يمنعها الغلاف الجوي من الوصول إلى الكوكب.
تعد أكثر الطرق فعالية من أجل تجنب مشاكل الغلاف الجوي، هي وضع تلسكوبك خلف هذا الغلاف. أو، كما في حالة تلسكوب هابل، على ارتفاع 393 ميل (569 كيلومتر) فوق سطح الأرض.
- كيف يعمل؟
ينتمي هابل إلى نوع من التلسكوبات يُعرف بعاكس كاسيغرين (Cassegrain reflector). حيث يقوم الضوء بصدم المرآة الرئيسية، أو الأولية، ليرتد الضوء بعدها عن هذه المرآة الأولية، ويواجه المرآة الثانوية. و من ثم تقوم المرآة الثانوية بتركيز الضوء عبر ثقب موجود في مركز المرآة الأولية يؤدي إلى الأجهزة العلمية للتلسكوب.
غالبا ما يعتقد الناس وبشكل خاطئ أن طاقة التلسكوب تكمن في قدرته على تكبير الأجسام. لكن في الواقع، تعمل التلسكوبات من خلال جمع كمية أكبر من الضوء من تلك التي تجمعها العين البشرية. فكلما كانت مرآة التلسكوب أكبر، كلما تمكن التلسكوب من جمع كمية أكبر من الضوء، وبالتالي تحسين رؤيته. يبلغ قطر المرآة الرئيسية لتلسكوب هابل 94.5 انشا (2.4 متر). كما تعد هذه المرآة صغيرة بالمقارنة مع تلك المرايا الموجودة في التلسكوبات الأرضية الحديثة، التي يُمكن أن يصل قطرها إلى حوالي 400 إنش (1000 سنتمتر) وربما تفوق ذلك أيضا، ورغم ذلك فإن موقع هابل خلف الغلاف الجوي للأرض يُمكنه من الحصول على وضوح أكبر.
حالما تقوم المرآة بأسر الضوء، تعمل الأجهزة العلمية للتلسكوب معاً أو بشكلٍ منفرد على تقديم المراقبة. فقد تم تصميم كل جهاز من الأجهزة بحيث يُمكنه سبر الكون بطريقة مختلفة. تُشاهد الكاميرا الكوكبية واسعة المجال 3 (أو اختصاراًWFC3) ثلاث أنواع مختلفة من الضوء: الضوء القريب من فوق البنفسجي، المرئي والقريب من تحت الأحمر بشكلٍ غير متزامن. دقة هذه الكاميرا وحقل رؤيتها أكبر بكثير من الأجهزة الأخرى الموجودة على متن هابل. WFC3 عبارة عن واحدة من أحدث الأجهزة العلمية الموجودة على متن هابل، وستستخدم من أجل دراسة المادة المظلمة والطاقة المظلمة، تشكل النجوم المنفردة واكتشاف المجرات البعيدة جداً والتي لم تتمكن النسخة القديمة من التلسكوب من اكتشافها.
المحلل الطيفي للأصول الكونية (COS)، أداة جديدة أخرى على متن هابل وهي عبارة عن راسم طيف يُشاهد فقط الضوء فوق البنفسجي. يلعب راسم الطيف (Spectrographs) دوراً مشابها للموشور، حيث يقوم بتحليل الضوء القادم من الكون إلى ألوانها الأساسية. يقدم هذا الأمر "بصمة" طول موجي محددة للجسم الذي تتم مراقبته، مما يعطينا معلومات عن درجة حرارته، وتركيبه الكيميائي، وكذا كثافته، وحركته. سيحسن جهاز COS من حساسية تلسكوب هابل تجاه الضوء فوق البنفسجي الى عشرة أضعاف على الأقل، ويرتفع هذا إلى 70 ضعف عند رصد الأجسام الخافتة بشكل كبير.
الكاميرا الاستقصائية المتقدمة (ACS)، يُمكن لهذه الكاميرا أن تشاهد الضوء المرئي، وهي مصممة من أجل دراسة بعض النشاطات التي حصلت خلال المراحل المبكرة للكون. تساعد ACS على وضع خريطة لتوزع المادة المظلمة، وكشف أكثر الأجسام بعدا في الكون، كما أنها تساعد في عمليات البحث عن الكواكب فائقة الكتلة، ودراسة تطور العناقيد المجرية. توقفت ACS بشكلٍ جزئي عن العمل عام 2007 لقصر في التيار الكهربائي، لكن تم إصلاح هذا بعد ذلك خلال مهمة الخدمة 4 في مايو 2009.
المحلل الطيفي لصور التلسكوب الفضائي (STIS)، عبارة عن محلل طيفي يمكنه مشاهدة الضوء فوق البنفسجي، والمرئي والقريب من تحت الأحمر ويُعرف بقدرته على اصطياد الثقوب السوداء. في الوقت الذي يعمل فيه جهاز COS بشكل أفضل مع المصادر الصغيرة للضوء مثل النجوم أو الكوازارات، يُمكن لـ STIS أن يضع خرائط ويصور الأجسام الأكبر، مثل المجرات. توقفSTIS عن العمل نتيجة عطل تقني في 3أوغست 2004، لكن تم إصلاحه أيضاً خلال مهمة الخدمة 4.
المقياس الطيفي للأجسام المضاعفة وكاميرا الأشعة القريبة من تحت الأحمر (NICMOS)، وهو الحساس الحراري لتلسكوب هابل. تسمح له حساسيته تجاه الأشعة تحت الحمراء –غير المرئية بالنسبة للعين البشرية – برصد الأجسام المختفية في الغبار بين-النجمي، مثل مواقع ولادة النجوم، بالإضافة إلى النظر بشكلٍ أعمق عبر الفضاء.
أخيرا، حساسات التوجيه الدقيق (FGS)، عبارة عن مجموعة من الأجهزة التي تعمل على النظر إلى "النجوم المرشدة" وتحافظ على توجه تلسكوب هابل في الاتجاه الصحيح. يُمكن استخدام هذه الحساسات من أجل الحصول على قياس دقيق للمسافات بين النجوم، والحركات النسبية لها.
تتم تغذية كل وظائف هابل بالطاقة القادمة من ضوء الشمس. فهابل يحملألواحا شمسية تقوم بتحويل الطاقة الشمسية مباشرة إلى طاقة كهربائية. يتم تخزين بعض الكهرباء في بطاريات تحافظ على التلسكوب في وضع العمل عندما يكون موجودا في ظل الأرض، وبعيدا عن أشعة الشمس.
- حركة البيانات
حالما تقوم المحطة الأرضية بنقل البيانات إلى غودارد، يُرسل غودارد البيانات إلى معهد علوم تلسكوبات الفضاء (STScI)، حيث تتم ترجمة البيانات إلى وحدات لها معنى علمي، مثل الطول الموجي أو اللمعان، ومن ثم أرشفة المعلومات في أقراص بصرية-مغناطيسية 5.25 انش. يرسل هابل أرشيفا من المعلومات كاف من أجل ملئ 18 قرص DVD كل أسبوع. ويُمكن للفلكين أن يحملوا أرشيف البيانات عبر الانترنت وأن يقوموا بتحليل البيانات في أي مكان من العالم.
يعد المئات من المهندسين وعلماء الحاسوب في مركز غودارد لرحلات الفضاء مسؤولين عن تلسكوب هابل وضمان عمله بشكلٍ آمن وسلل. ففي غودارد، يراقب المراقبون سلامة التلسكوب في الوقت الذي يقومون فيه بتوجيه حركاته ونشاطاته العلمية. كما يقوم العاملون في STScI أيضاً باستخدام التلسكوب، ومراقبة ومعايرة الأجهزة، إلى جانب تشغيل الأرشيف والعمل على التوعية العامة.
يتنافس الفلكيون من كافة أرجاء العالم على الحصول على وقتٍ معين من أجل استخدام تلسكوب هابل. كما يريد المزيد من العلماء استخدام التلسكوب، وهذا الأمر يفوق الوقت المتاح لاستخدامه، لذلك تقوم لجنة مراجعة مكونة من خبراء في مجال علم الفلك باختيار أفضل الاقتراحات من أجل القيام بها. و تعتبر الاقتراحات الفائزة هي تلك التي تؤدي إلى الاستخدام الأفضل لقدرات التلسكوب، وتبحث عن أجوبة لأسئلة مهمة في علم الفلك. ففي كل عام تقريبا، تتم مراجعة حوالي 1000 مقترح ليختار الخبراء منها 200 تقريبا، وتحصل الاقتراحات الفائزة على حوالي 20000 عملية رصد مفردة.
- الأفكار الأولى
كان سبيتزر أحد القوى الرئيسية الموجودة خلف بضعة مراصد تدور فوق الأرض، يتضمن ذلك القمر الصناعي كوبرنيكوس، ومرصد علم الفلك المداري. فقد ساعد اندفاعه وعمله الدؤوب على تحفيز ناسا على الموافقة على مشروع تلسكوب الفضاء الكبير عام 1969. لكن نتيجة لأسباب تعود لنقص في الميزانية، تم تقليص المقترح المبدأي نوعا ما، مما أدى إلى تخفيض حجم مرآة التلسكوب وعدد الأجهزة التي سيقوم بحملها.
في عام 1974، اقترحت المجموعة العاملة في المشروع تلسكوبا يحتوي على عدد من الأجهزة التي يُمكن تغييرها. وبالاعتماد على هذا سيكونون قادرين على تمييز عشر الثانية القوسية على الأقل، ودراسة الأطوال الموجية التي تتغير انطلاقا من المجال فوق البنفسجي وصولا إلى المجال المرئي والضوء تحت الأحمر. كما سيُستخدم المكوك الفضائي من أجل وضع التلسكوب في المدار أو العودة به إلى الأرض من أجل الإصلاح واستبدال أجهزته، أو حتى خدمته في الفضاء.
في عام 1975، بدأت وكالة الفضاء الأوروبية العمل مع ناسا على خطة ستؤدي في النهاية إلى تلسكوب هابل الفضائي. وبعد ذلك بسنتين أي عام 1977، صادق الكونغرس على تمويل التلسكوب.
- البدء بالعمل
تم توقيع عقد مع شركة بركين-ايلمر لتقوم بمعالجة مسألة تجميع التلسكوب، بما في ذلك المرايا وحساسات التوجيه الدقيق، التي نحتاجها من أجل توجيه وإرشاد التلسكوب. كما تم التعاقد مع شركة الصواريخ لوكهيد (الآن، لوكهيد مارتن) من أجل بناء أنظمة الهيكل والدعم، وجمع التلسكوب ومن ثمَّ اختباره.
بحلول عام 1979، كان رواد الفضاء يتدربون على المهمة في خزان تحت الماء من أجل محاكاة انعدام الجاذبية باستخدام تلسكوب وهمي.
في عام 1981، تم تأسيس معهد علوم تلسكوبات الفضاء في بالتيمور بميريلاند من أجل تقييم المقترحات المتعلقة بزمن التلسكوب وإدارة البرنامج العلمي. و قد تمت تسمية التلسكوب بتلسكوب هابل الفضائي نسبةً للفلكي الأمريكي ادوين هابل، الذي برهن على أن البقع الغامضة في الضوء الموجود في سماء الليل هي في الواقع عبارة عن مجرات أخرى، مجرات بعيدة جدا عن مجرتنا، ومضى هابل قدما ليكتشف أن الكون يتوسع.
بعد بضع تأجيلات، تمت جدولة عملية إقلاع هابل إلى الفضاء في أكتوبر من عام 1986. لكن في 28 يناير 1986، انفجر المكوك الفضائي تشالنجر بعد دقيقة فقط من إقلاعه. فتوقفت عمليات طيران المكوك بعد هذا لمدة سنتين. تم خلالها نقل الأجزاء التي تم الانتهاء من تصنيعها إلى المخزن كما استمر العاملون على مشروع هابل في تحسينه، حيث قاموا بتطوير البطاريات الشمسية وتحديث أجهزة أخرى.
في 24 أبريل 1990، أقلع هابل أخيرا نحو المدار على متن المكوك الفضائي ديسكفري. كما حمل التلسكوب خمسة أجهزة علمية: الكاميرا الكوكبية واسعة المجار، ومحلل غودارد الطيفي عالي الدقة، وكاميرا الأجسام الخافتة، و كذا المحلل الطيفي للأجسام الخافتة، والمضواء عالي السرعة.
- لدينا مشكلة
تم صقل المرآة الرئيسية لهابل بحذر فائق على مدار سنة كاملة، ومع ذلك طرأ عيب يُعرف بـ "الانحراف الكروي". كان الشكل خاطئ قليلا، مما يُسبب قيام الضوء بالارتداد عن مركز المرآة ليتركز في مكانٍ آخر وهذه الكمية كانت أقل من الضوء المرتد عن الحافة. و قد كان هذا الخلل الصغير –حوالي جزء من خمسين من سماكة ورقة – كافياً من أجل تشويه المشهد.
لحسن الحظ، كان العلماء والمهندسون يتعاملون مع مشكلة بصرية مفهومة بشكل جيد جدا –على الرغم من أن الحالة فريدة بالكامل.
كان لدى العلماء والمهندسين حل فقد كان يُمكن استخدام سلسلة من المرايا الصغيرة من أجل إيقاف الضوء المنعكس عن المرآة وتصليح العيب، وبالتالي العودة بالضوء إلى الأجهزة العلمية للتلسكوب. كما يُمكن تركيب بديل تصحيحي محوري وبصري على متن تلسكوب الفضاء، المسمى اختصارا COSTAR، في موقع أحد الأجهزة العلمية الأخرى للتلسكوب من أجل تصحيح الصور المنتجة من قبل الأجهزة المتبقية والمستقبلية. كما وجب رواد الفضاء أيضا حينها استبدال الكاميرا الكوكبية واسعة المجال بالنسخة المطورة منها، المعروفة بالكاميرا الكوكبية واسعة المجال 2 ( اختصارا WFPC2)، والتي تحتوي على مرايا صغيرة من أجل تصحيح الانحراف. لقد كانت هذه أول الأجهزة العلمية في هابل التي تم بناؤها بالاعتماد على بصريات تصحيحية.
أمضت ناسا ورواد الفضاء حوالي 11 شهرا في التدرب على مهمات الفضاء الأكثر تعقيدا والتي سيحاولون القيام بها. وبالإضافة إلى الطبيعية الحساسة للمهمة، فإن ذلك سيكون أول اختبار لقدرة التلسكوب على أن يخضع لعمليات الخدمة والصيانة في الفضاء.
- بعثة الإصلاح
نشرت ناسا أولى الصور الجديدة القادمة من البصريات التي تم إصلاحها في هابل في 13 يناير 1994. كانت الصور جميلة، ودقتها ممتازة مما انتقل بهابل ليصبح التلسكوب الموعود.
بعد ذلك، تمت صيانة وإصلاح تلسكوب هابل بضعة مرات. ففي فبراير 1997، قام رواد الفضاء باستبدال محلل غودارد الطيفي عالي الدقة والمحلل الطيفي للأجسام الخافتة بأجهزة مطورة، وهي المقياس الطيفي للأجسام المضاعفة وكاميرا الأشعة القريبة من تحت الأحمر، والمحلل الطيفي لصور التلسكوب الفضائي. أما في ديسمبر 1999، قام رواد الفضاء باستبدال المرسل، والجيروسكوبات الست الموجودة على متن هابل، وواحد من حساسات التوجيه الدقيقة الثلاثة، مما سمح بتوجيه التلسكوب بشكل أدق والحفاظ على استقرار هابل أثناء العمليات.
في فبراير 2002، أضاف رواد الفضاء الكاميرا الاستقصائية المتقدمة (ACS)، أول الأجهزة العلمية التي تمَّ تركيبها على متن هابل منذ عام 1997. كما ضاعفت ACS من حقل رؤية هابل، وذلك باستخدام كاشف أكثر حساسية من WFPC2 بكثير. في كل مرة كان رواد الفضاء يجرون فيها مهمة خدمة، كانوا يجرون أيضا وبشكلٍ روتيني أعمال صيانة –يُصلحون الألواح الشمسية والأغطية الحرارية ويُحدثون المعدات.
يتبع