في هذه الصورة الحديثة التي التقطتها مركبة نيو هورايزنز New Horizons التابعة لوكالة ناسا في مُنتصف ليل يوم الخامس عشر من يوليو/تموز حسب التوقيت الصيفي الشرقي، يظهر كوكب بلوتو وهو مُضاءٌ بضوء الشمس من الخلف، حيث يُحيطُ به غلافه الجوي مُسبباً تشكّل هالةٍ مُضيئة حول الكوكب وكأنه يُرسل رسالة الوداع الأخيرة لنيو هورايزنز. هذا وقد تم التقاط الصورة عندما كانت المركبة على بُعد 1.25 مليون ميل تقريباً (مليوني كيلومتر) من بلوتو، وتظهر فيها بعض البُنى التي لا يزيد عرضها عن 12 ميلاً. وصلت الصورة إلى الأرض في 23 يوليو/تموز، ويظهر شمال الكوكب في الجزء العلوي منها.
أثناء ابتعادها السريع عن بلوتو، وبعد سبع ساعاتٍ من أقرب مواجهة بينها وبين الكوكب بتاريخ 14 يوليو/تموز، نظرت مركبة نيوهورايزنز للوراء والتقطت هذه الصورة الخلابة لغلاف بلوتو الجوي وهو مُضاءٌ من الخلف بضوء الشمس. وتَظهر في الصورة طبقاتٌ من الضباب الخفيف والتي فاق ارتفاعها المستويات التي توقعها العُلماء بعدة مرات.
هذا وقد قامت نيو هورايزنز بإعادة توجيه أداة المُصور الاستقصائي واسع المجال (Long Range Reconnaissance Imager) أو اختصاراً LORRI باتجاه بلوتو لتلتقط صورة مُذهلة له وهو مُضاءٌ بنُور الشمس الذي تسللَ داخل الغلاف الجوي ما كشفَ عن طبقاتٍ من الضباب الخفيف التي تبيّن لاحقاً أنها ترتفع عن سطح بلوتو بما لا يقل عن 80 ميلاً (130 كيلومتراً). ويُظهر التحليل الأولي للصورة طبقتين منفصلتين من الضباب الخفيف ترتفع إحداها حوالي 50 ميلاً (80 كيلومتراً) عن السطح، بينما تقع الأخرى على ارتفاع قدره 30 ميلاً (50 كيلومتراً).
وتعليقاً على هذه الصورة قال آلان ستيرن Alan Stern الباحث الرئيسي في مهمة نيو هورايزنز من معهد البُحوث الجنوبي الغربي SwRI في بولدر بولاية كولورادو، "لقد أصابني الذهول عندما رأيت هذه الصورة لبلوتو إذ نعتبرها الأولى من نوعها التي يتم فيها تصوير غلافٍ جويٍ على كوكب آخر في حِزام كايبر (Kuiper belt). لقد ذكّرنا هذا المشهد بأن الاستكشاف يُهدينا ما هو أكثر من الاكتشافات المُذهلة، إنه يهدينا جمالاً يصعب تصديقه".
تُساعدنا دراسة الغلاف الجوي لبلوتو على حلّ ألغاز ما يحدث أسفله؛ إذ يقول مايكل سامرز Michael Summers الباحث المُشارك في مهمة نيو هورايزنز من جامعة جورج ميسن George Mason University في مدينة فيرفاكس بولاية فيرجينيا، "يُشكّل اكتشاف طبقاتِ الضباب الخفيف عنصراً رئيسياً في تكوين المركّبات الهيدروكربونية التي تُضفي على بلوتو مَسحة من اللون الأحمر.
هذا وتُشير النماذج إلى أن طبقات الضباب الخفيف تتكون عندما تقوم أشعة الشمس فوق البنفسجية بتحليل غاز الميثان، وهو من الهيدروكربونات البسيطة الذي ينتشر، على حد علمنا، في جميع أرجاء غلاف بلوتو الجوي. ويؤدي تحلل الميثان إلى تكوّن غازات هيدروكربونية بتركيبٍ أكثر تعقيداً مثل الإثيلين (ethylene) والأسيتيلين (acetylene)، ويرجع الفضل لنيو هورايزنز في اكتشاف وجودهما على بلوتو. وعند سقوط هذه الهيدروكربونات إلى الأجزاء الأكثر انخفاضاً وبرودةً في الغلاف الجوي فإنها تتكثف على شكل جُسيماتٍ جليديةٍ مُشكّلةً طبقاتٍ من الضباب الخفيف والتي بدورها تتحول كيميائياً بواسطة أشعة الشمس فوق البنفسجية إلى التولينات (tholins)، وهي الهيدروكربونات المُظلمة التي تُلوّن سطح بلوتو.
في السابق، اعتقد العلماء أن درجات الحرارة ستكون دافئة أكثر من اللازم وبالتالي لن يتعدى ارتفاع طبقات الضباب الخفيف المُتشكلة بواسطة تلك الدرجات أكثر من 20 ميلاً (30 كيلومتراً) فوق سطح بلوتو. ولكن مع اكتشاف نيو هورايزنز لطبقات ضبابٍ خفيفٍ عند ارتفاع يصل إلى 80 ميلاً (130 كيلومتراً)، "فسنحتاج إلى بعض الأفكار الجديدة كي نكتشف ما يحدث هناك"، يقول سامرز.
توضيح الفيديو: تكشفُ طبقاتُ الضباب الخفيف الموجودة في الغلاف الجوي لبلوتو، والتي رصدتها مركبة نيو هورايزنز New Horizons التابعة لوكالة ناسا بتاريخ 14 يوليو/تموز، علاقةً مُهمةً بين العمليات الكيميائية التي يُحفزها ضوء الشمس في الجزء العلوي من الغلاف الجوي والهيدروكربونات الملونة باللون البُني المُحمر والمسماة التولينات (tholins) والتي تهطل على السطح وتُكسبه لوناً داكناً. من جهة أخرى، يُظهر الرسم المتحرك ما يلي: 1) تقوم أشعة الشمس فوق البنفسجية التي تُحلِّل غاز الميثان في الجزء العلوي من غلاف بلوتو الجوي. 2) يؤدي هذا إلى تشكّل مُركباتٍ هيدروكربونية مثل الإثيلين والأسيتيلين. 3) تتكثف كُتلٌ من هذه الهيدروكربونات لتتحول إلى جُسيماتٍ جليدية تؤدي بالتالي إلى تشكُّل طبقات الضباب الخفيف. 4) تخضع طبقات الضباب الخفيف لتحويل كيميائي تتحول بسببه إلى تولينات (tholins) والتي بدورها تهبط إلى السطح وتُسبب تلوّن بلوتو بلون قاتم.
https://nasainarabic.net/newhorizons/articles/view/stunning-nightside-image-reveals-pluto-hazy-skies