[ جند النيل ] .. التاريخ العسكري المصري في سطور ..

إنضم
9 مارس 2014
المشاركات
2,176
التفاعل
9,298 1 0
الدولة
Egypt
2015-635715571600178789-17.jpg



► الجيش .. العمود الفقرى فى الحياة المصرية


► العيش السعيد لا يأتى إلا تحت رايات النصر


► خبراء: الجيش المصرى سحق الأعداء فى 955 معركة وهزم 12 مرة فقط


► تاريخنا الحربى معطر بدماء الشهداء وحكام مصر أدركوا أن تحقيق الاستقرار الداخلى مرهون بتأمين الحدود


► العسكرية المصرية القديمة علمت العالم مفاهيم الفكر الاستراتيجى ومصطلحاته وأساليب القتال القائمة حتى اليوم


► مجدو.. قادش.. حطين.. عين جالوت.. المورة.. قونية..عكا..نصيبين.. أكتوبر..ملاحم حربية صنعتها «أم الدنيا»


► مينا وأحمس وتحتمس ورمسيس الثانى وسنوسرت الثالث وصلاح الدين وقطز وبيبرس وقلاوون وإبراهيم باشا «قادة عظماء» حفروا اسم مصر فى سجلات الفخار


► جيش «الكنانة» حمى العالم المتحضر من همجية المغول وحرر الشرق من عدوانية الغرب الصليبى


► عبقرية محمد على جعلت الجيش المصرى دعامة الاستقلال وقاعدة النهضة والتحديث الشامل


► المؤسسة العسكرية «وسيط الخير» فى ثورة 25 يناير أبهرت العالم بانحيازها لإرادة المواطنين وحماية المتظاهرين


► عبدالناصر بنى الجيش وأرسى التجنيد الإجبارى.. والسادات بطل العبور والسلام


► فى ثورة 30 يونيو جددت القوات المسلحة العهد مع الشعب وأحيت الأمل فى المستقبل ضمانا للديمقراطية والاستقرار


► المصريون خير أجناد الأرض وإسهامات المؤسسة العسكرية فى التنمية لا تقل عن دورها فى ميادين القتال



لكل أمة من الأمم تاريخها الحربى الذى يرصد أحوال جيوشها وتطورها والوقائع التى خاضتها والقادة الذين أبلوا فيها، وما إلى ذلك من شئون تتصل بالحياة العسكرية التى تلخص بالضرورة دروسا قومية، يمكن أن يتلقاها الخلف عن السلف، لكننا - للأسف - أهملنا كثيرا دراسة تاريخنا العسكرى، وماتزال بعض حلقاته مفقودة، ولم يتناولها الباحثون عن كثب، لكشف حقيقة المعارك التى خاضها المقاتل المصرى بشرف، رغم أنها فى مجملها تشير إلى أن الجيش الوطنى منذ تكوينه الأول وحتى اليوم، قام بأروع الواجبات - طبقا لوثيقة منذ ستة آلاف سنة - وهذه المدة على وجه التقريب هى أيضا تمثل تاريخ الجيش المصري.





وعلى الرغم من ذلك، يقول الدكتور عبد الرحمن زكي، فى كتابه "الجيش فى مصر القديمة": ليس ثمة من يجهل الجندى المصرى الذى نسج لوادى النيل تاريخا من أزهى وأعرق تواريخ الأمم على الإطلاق، وخلف تراثا سيظل معينا للفخار على مر الأيام، بعد أن حارب المصرى فى آسيا وأفريقية وأوروبا، فوطئت قدماه أرضها، وامتطى ظهر مياهها، وامتزجت دوماؤه بترابها، وخلد ذكرى قلما يدانيها جندى مثله، بينما الأمم كلها كانت تتيه فى بيداء الجهالة.

نعم لقد اقتاد الجيوش رجال من أمثال " مينا وأحمس وتحتمس ورمسيس وبسماتيك وصلاح الدين الأيوبى وقطز وقلاون وعلى الكبير وإبراهيم، مرورا بأحمد عرابى وعبد الناصر والسادات ، وصولا للرئيس السيسي"، وصنعوا أساطير تؤكد أن مصر عاشت أمة مستقلة، ذات سيادة خلال معظم تلك السنين الطوال بفضل زعمائها من رجال الإدارة والجيش، وبجهود شعبها الحي، فعلى عاتق هؤلاء الجنود من أبناء النيل، ومن هذا الوادى الأخضر تدفقت الجيوش المصرية، لا تستحثها رغبة التوسع على حساب الآخرين، ولا تلهبها سياط السوء للاعتداء على المجاورين، لا ، فإن المصريين - فى شتى حروبهم - كانوا دائبى الوصول إلى حدودهم الطبيعية، ليأمنوا غزوات المعتدين أو نقض المتعاقدين أو من أجل الدفاع عن حليف.

ومما يجدر قوله أن الجندية كانت فى مصر القديمة فى طليعة المهن التى تسبغ الشرف على صاحبها، وتمنحه ميزة - إن لم تكن مميزات - على أقرانه، بل أكثر من ذلك أن الجندى حظى بالتقدير والاحترام مثلما حظى الكاهن نفسه، وغنى عن القول أن أعمال الجيش آنذاك، كانت تستهوى فى القلوب موضع الحب، ومثل هذه الحقيقة تتبدى بجلاء حين نشاهد النقوش الأثرية مشتملة صورة الفتية وهم يتنقلون فى صفوف منتظمة، أو فى أفنية التدريب، يعدون أويتلقون دروس الرماية بالقوس والطعن بالحراب، ولما عرفت مصر ميزات الأسلحة المدرعة والسريعة أدخلتها الجيوش ودربت جندها على استخدامها.

فلم يك بدعا أن تموج المدن المصرية فى أيام الفراعنة بالشبيبة المتوقدة حماسة ونشاطا، الزاخرة بالإقدام وحب الجندية، وإننا كلما نتأمل فى تمارين القتال البادية على النقوش الأثرية، كلما تمثلت لنا صورة وضاءة لأمة حربية ألفت الحرب لأنها آمنت بأن العيش السعيد لا يتأتى إلا فى ظل النصر.

ومن ثم واصلت الشخصية المصرية عطاءها فى العصر الحديث بفضل دعم أبناء جيشها, لتعطى نماذج جديدة يهتدى بها العالم فى الصمود والعزيمة، والدفاع عن الحقوق والحريات, فقد قامت ثورة 1881م وشارك فيها جميع فئات الشعب, لتطالب بتأسيس مجلس نيابى يدافع عن حقوق ومطالب الشعب, ونجحت فى تأسيس دستور جديد سمى بـ"دستور الثورة فى فبراير 1882م"، ثم تفجرت ثورة 1919م التى شارك فيها الفلاحون والعمال والطلبة والنساء, والمسلمون والأقباط من أجل الاستقلال عن بريطانيا, ليقدموا نموذجا فريدا فى الوحدة الوطنية، وبعد أكثر من ثلاثين عاما وتحديدا يوم 23 يوليو 1952 م ثار المصريون من جديد تحت قيادة الجيش المصرى, ليطالبوا بتحقيق العدالة الاجتماعية وإقامة النظام الجمهورى وتطبيق الديمقراطية، ورغم هزيمة 1967م انتصر المصريون بعد ذلك على الجيش الاسرائيلى، الذى كان يدعى أنه لا يقهر فى عام 1973م , ليتعلم العالم منهم الكثير عن أصول الحرب والسلام.

ولقد جاءت ثورة "25يناير 2011م" ليصنع المصريون التاريخ كعادتهم من جديد، ومع الجيش كتفا بكتف استطاعوا يغيروا بلدهم إلى الأفضل, ويطالبوا بالقضاء على الفساد والاستبداد , ويقدموا نموذجا حضاريا فريدا يرقى لمستوى الأسطورة فى 30 يونيو 2013م، فى كيفية المطالبة بالديمقراطية ودعم الحريات، ووضع خارطة طريق لمستقبل آمن، وبفضل قيادة المشير عبدالفتاح السيسى أعاد المصريون الأمل وجددوا فى 3 يوليو 2013 عهدا وشرفا للجندية المصرية، أمكن من خلاله استحضار ذات المجد القديم على ضفاف النهر العظيم.

والآن دعونا نحاول أن نعرض طيفا من تاريخنا الحربى المعطر بدماء الشهداء الذين يظللون حياتنا بأرواحهم التى ترفرف من حولنا دوما ، وفى خلال السطور القادمة نبحر قليلا فى عمق التاريخ ، علنا نستطيع أن نوضح وبتلخيص غير مخل : كيف تكون جيش مصر؟، وكيف التحم مع الشعب؟، وكيف كان ومازال الجيش يمثل حائط الصد والدرع الواقي؟، وفوق كل ذلك كيف بقى العمود الفقرى فى الحياة المصرية على مر التاريخ؟.



تذكر المصادر التاريخية أن أول وأقدم جيش نظامى فى العالم تأسس قبل 7 آلاف سنة كان فى مصر، بل إن البعض يقول إن تأسيس الجيش سبق نشوء الدولة المصرية الحديثة، فقد كانت مصر منذ أكثر من سبعة آلاف عام - بحسب تلك المصادر التاريخية - مقسمة إلى عدد من المقاطعات التى كانت تدخل مع بعضها فى حروب تارة، أو فى وحدة تارة أخرى، حتى فرضت المصلحة المشتركة للشعب المصرى - وقتها - أن تتحد تلك المقاطعات مع بعضها فى وحدة واحدة أكبر تشمل ممالك تغطى كلا من الدلتا والصعيد، ولما كان مصدر الحياة الوحيد هو نهر النيل والرزق الذى يجنيه الناس من تنظيم مياه النيل رزقا مشتركا، كان ضروريا أن تتعاون كل أجزاء الوطن، إلى أن انتظمت الحياة بجهود أبناء مصر فى مجال الزراعة وضبط مياه النيل واتباع التقويم الشمسي الذى قسم السنة إلى 12 شهرا، والشهر إلى 30 يوما.

ولكن سرعان ما دبت النزاعات السياسية والدينية بين هذه الممالك حتى أدت فى النهاية إلى تكوين مملكتين قويتين مستقلتين، هما مملكة شمالية فى الدلتا ، كانت عاصمتها «قر» بدسوق الحالية، وبالقرب منها عاصمة دينية عبدت فيها الإلهة «واجيت» التى مثلت على هيئة ثعبان الكوبرا، وانتسب إليها ملوك الدلتا الذين لبسو تيجانا حمراء، ورمزوا لمملكتهم بزهرة البردي، وممكلة جنوبية فى الصعيد كانت عاصمتها بالقرب من قرية» الكوم الأحمر» شمالي «إدفو «وتقابلها عاصمة دينية عبدت فيها الإلهة «نخبت» التى رمز إليها بطائر «الرخمة «وانتسب إليها ملوك الصعيد الذين لبسو تيجانا بيضاء قمعية الشكل، ورمزو لمملكتهم بزهرة اللوتس.

وفى حوالي 3200 ق .م ظهرت أسرة قوية فى مدينة «طيبة» استطاع أحد ملوكها» مينا نارمر نعرمر» توحيد مصر نهائيا، مؤسسا بذلك الأسرة الفرعونية الأولى، وبدأت بذلك ملامح النظام الإدارى تتضح، وأصبح هناك على رأس الدولة «ملك» تتبعه مجموعة من الأجهزة والإدارات، وأدرك ملوك مصر من الوهلة الأولى أن من بين أسباب تحقيق الاستقرار الداخلى ضرورة تأمين حدود البلاد، بعدما بدأ يظهر فى الأفق بعض المتسللين على حدود مصر الشرقية والغربية والجنوبية، ومن هنا بدأت فكرة تكوين قوات حراسة وحاميات صغيرة لتأمين هذه الحدود .


جيش الدولة القديمة

Mesehtisoldiers.JPG


بدأت بواكير الجيش المصري النظامى تظهر فى أثناء حكم الأسرة الخامسة، ثم أصبح الأمر أكثر وضوحا منذ الأسرة السادسة، وخصوصا فى عهد أشهر ملوكها «بيبي الأول»، ففى عهده قام البدو القاطنون على الحدود الشرقية بإحدى غاراتهم على الدلتا، ولما كانوا أكثر من أن تستطيع فرق المقاطعات الواقعة على الحدود مواجهتهم فقد قرر الملك «بيبى الأول «استدعاء جميع الفرق العسكرية لتعمل تحت إمرة أحد كبار رجال عهده هو «وني»، وقد روى لنا هذا القائد أخبار هذه الحملة من خلال سيرته الذاتية على جدران مقبرته بمعبد «أبيدوس» مركز البلينا محافظة سوهاج .

وهكذا خاض الجيش المصري أول معركة حقيقية فى هذه الفترة المبكرة من تاريخ مصر القديم ــ وكتب له فيها النصر على سكان فلسطين، وبدا واضحا بعد ذلك أن مصر أصبحت فى حاجة إلى جيش قوى يحمى أرضها ويحقق لها الأمان والاستقرار، ولقد كان الملك «سنوسرت الثالث» أحد أشهر العسكريين فى تاريخ مصر القديمة عندما توجه على رأس جيشه أكثر من مرة للحرب جنوبا.

مطاردة الهكسوس

kadesh.jpg


فى عصر الانتقال الثانى الذى تلا سقوط الدولة الوسطى، والذى صادف غزو الهكسوس لمصر، والذين أذاقوا أهلها مرارة الاحتلال، وحد المصريون صفوفهم وتسلحوا بأقوى العتاد، وتحمل عبء هذا النضال ثلاثة من حكام طيبة «الأقصر حاليا» هم «سقنن رع»، وابناه «كامس وأحمس»، وأتى الأول فى المعركة وهو يقود جيشه دفاعا عن شرف مصر، وحمل الراية من بعده ابنه «كامس» الذى ورد فى أحد النصوص المصرية القديمة على لسانه مخاطبا شعبه: «سأقاتل الهكسوس حتى يقسم كل مصرى باسمي، إننى أريد أن يتحدث كل منهم عني، قائلا : ها هو «كامس» محرر مصر»، وبالفعل حقق «كامس» نصرا مؤزرا على جيش الهكسوس بالقرب من الأشمونين .

وعلى شجاعته وإقدامه فقد سقط «كامس «فى إحدى المعارك ليحمل الراية من بعده شقيقه» أحمس» الذى واجه الهكسوس حيثما وجدوا، وتبقى أعظم انتصاراته التى خلدها التاريخ هى تلك التى نجح فيها بجيشه البرى وبأسطوله البحرى فى غزو عاصمة الهكسوس «أواريس» المعروفة حاليا بـ«تل الضبعة» مركز فاقوس ــ محافظة الشرقية، حين اجتاح الجيش المصرى المدينة واضطر الهكسوس إلى الانسحاب ، ثم تحصنو في حصن «شاروهين» في جنوب غزة، وظل الجيش المصرى يحاصرهم ثلاث سنوات، حتى سقط الحصن وقضى الجيش نهائيا على الهكسوس، ولم تقم لهم بعد ذلك قائمة، ليكتب الخلود للملك «أحمس» إلى الأبد.

وعلى عهدة المؤرخين، فقد خرجت مصر من حرب الهكسوس بمجموعة من الدروس المستفادة :

إنه لا إمكانية لتحقيق أمن البلاد وازدهارها إلا بتكوين جيش قوى يصون لها كرامتها ويشعر جيرانها بقوته.

أن الحكام والقادة العسكريين أدركوا أن الهجوم هو خير وسيلة للدفاع ، وبنوا سياستهم على أساس تأمين الحدود.

استوعب المصريون سلاح الهكسوس وهو العجلة الحربية، وكيفية تصنيعها فى مصر وبهذا السلاح نفسه انطلقت الجيوش المصرية لتكوين واحدة من أضخم إمبراطوريات العالم القديم .

وتلك الدروس، كما يشير الدكتور أحمد قدرى فى كتابه « المؤسسة العسكرية المصرية فى عصر الامبراطورية 1570 -1087 ق م « جعلت الجيش يلعب دورا رئيسيا فى حكم مصر بعد طرد الهكسوس، فلقد اكتسب المصريون موعظة بعد أول احتلال لبلادهم، فبدأوا فى تكوين جيش عامل كبير ومنظم، وبهذا الجيش العظيم تكونت إمبراطورية ضخمة من أوائل الامبراطوريات التى عرفها التاريخ، ضمت إلى مصر أرض السودان وفلسطين وسوريا وبعض بلاد النهرين، أى امتدت على حد تعبير المصريين القدماء «من قرن الرض حتى أطراف المياه المعكوسة « أى من وراء الجندل الرابع فى السودان إلى منعرج نهر الفرات فى أطراف سوريا الشمالية الشرقية.

ازدهار صناعة السلاح

Egyptian_Axeman1.gif



ترجع البداية الحقيقية لتطور وازدهار صناعة السلاح فى مصر إلى ما بعد أن هزم الملك رمسيس الثانى الحيثيين فى معركة «قادش «والذى واكب عصر الامبراطورية، وأصبحت «طيبة» عاصمة مصر والامبراطورية، حيث انطلقت الجيوش وأقيمت الحاميات والمعسكرات للجند فى شرق البلاد وغربها وجنوبها، وازداد الجندى المصرى خبرة ومهارة، وهكذا بدأت مصر أعظم فترة عسكرية فى تاريخها، وأصبح لمصر جيش واحد، حتى صار هذا العصر ذا طابع عسكري، وآية ذلك أن جدران المعابد وغيرها تزخر بأخبار الانتصارات والفتوحات هنا وهناك، كما كان ملوك مصر يقدمون الأوسمة والنياشين للقادة العسكريين ، فنجد الملك «أحمس الأول» يمنح القائد «أحمس بن أبانا» نوط «ذهب الشجاعة» خمس دفعات تقديرا لبسالته فى المعارك، ووضعت الخطط للجيوش فى معاركها حسب نوعية العدو وعدد أفراد جيشه وطبيعة الأرض وموقع المعركة.

%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AC%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9_%D9%81%D9%89_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%88%D8%A8.jpg


كما بدأ الجيش يتكون من مقدمة وقلب وميمنة وميسرة، بالإضافة إلى العناصر المساعدة في المقدمة وفي المؤخرة واتبع الجيش المصرى الكثير من الخطط العسكرية التى كان من بينها «الحرب المفاجئة» ثم هناك «التراجع التكتيكي» لإعادة تنظيم الصفوف و»التمويه والخداع» و»فرق الاستطلاع الحربي»، وكلها مصطلحات عسكرية معروفة ضمن أبجديات عمل الجيش حتى وقتنا الحالي، ولعل من أشهر المعارك التى خلدت هذا الجيش هى معركة «مجدو» التى جرت أحداثها فى عهد الملك «تحتمس الثالث»، وليس هناك شك أن أعمال «تحتمس الثالث» العسكرية فى هذه المعركة تعد مفخرة يعتز بها التاريخ الحربى فى العالم القديم ، فهو أول من نظم الجيوش وقسمها إلى قلب وجناحين ،وأول من درس ساحة القتال قبل أن يخوض المعركة، وأول من نفذ «الحرب الخاطفة المفاجئة»، وبفضل براعة «تحتمس الثالث» بدأ المصريون مبكرا فى تطبيق الأفكار الحربية الاستراتيجية، وقد لعبت «المناورات» الاستراتيجية التى تجريها الفرق والجيوش المصرية دورا حاسما فى كسب المعارك فى ميادين القتال، وذلك بفضل التدريب المستمر والمناورات العملية التى كان يشترك فيها «المشاة» متعاونين مع راكبى الخيول من الفرسان، وراكبى المركبات الحربية من الرماة، مع التدريب على جميع الحركات التكتيكية بين هذه الوحدات وبعضها، بشكل يجعلها قادرة على إحراز النصر بصفة مؤكدة فى أية معركة تدخلها مع العدو، مهما كان شكلها.

وجاء من بعده «أمنحتب الثاني» الذى كان هو الآخر محاربا من طراز رفيع، فاتخذ من والده «تحتمس الثالث «القدوة والمثل، ومن ثم فقد حقق لمصر كثيرا من الانتصارات، كما تحمل إلينا الأسرة التاسعة عشرة أسماء لامعة فى مجال العسكرية المصرية وعلى رأسهم الملك «سيتى الأول»، الذى تربى فى رحاب العسكرية المصرية، ونال من الخبرة ما أهله لكى يصبح قائدا من الطراز الأول، وبتوليه العرش وضع نصب عينيه تقوية دعائم الامبراطورية المصرية التى كانت قد تعرضت لبعض الهزات فى النصف الثانى من عصر الأسرة الثامنة عشرة، غير أن نجاح «سيتى الأول» فى كسر شوكة «مملكة خيتا» فى آسيا الصغري، من خلال المعارك التى خاضها ضدها بالقرب من» قادش «وخلفه على العرش ابنه «رمسيس الثاني «أحد أعظم ملوك العالم القديم، وصاحب العلامات البارزة للعسكرية المصرية، وصاحب أكبر المنشات عددا على أرض مصر. فقد نجح فى مواجهة أطماع ملك الحيثيين فى معركة «قادش» التى تعد بمثابة بوابة سوريا الشمالية، وكانت المعركة سجالا بين جيشين قويين، سجلت أخبارها علي جدران معابد «الكرنك والأقصر والرامسيوم وأبو سمبل» ، ولقد ذكر رمسيس فى سجلات هذه المعركة أن ملك الحيثيين قد طلب العفو حتى لا يفنى ما تبقى من رعاياه .

سيف الطبيب «سنوحي»

1961055485.jpg


وهنا قصة تستحق أن تحكى فى ضرب المثل على تفاعل أبناء الشعب المصرى مع جيشه فى وقت الأزمات، فحتى ولو كان المصرى غريبا عن أرضه لا تتقطع أوصاله أبدا عن هذا التراب المقدس، والقصة تحكى أن الملك أمنمحات الأول» قد كبر فى السن، وبدأ الصراع الخفى بين اثنين من أبنائه على وراثة الحكم، كما يحكيها «سنوحى» الذى نشأ فى قرية «أتيت أواى» التى كانت عاصمة لمصر فى هذا الوقت، وكان أبوه طبيبا من أثرياء هذه المنطقة فى عصر الملك أمنمحات الأول» كما فى مذكراته: إنه سمع ذات ليلة أثناء سيره فى الطريق حديثاً خافتاً بين رجلين، واستشعر أنهما يدبران شيئاً خطيراً، فاقترب وسمع حديثهما، وعرف أن أحدهما هو سنوسرت الأول»، أحد أبناء الملك «أمنمحات»، وكانا يرتبان خطة قتل الملك.

أعتقد سنوحى أن أحد الرجلين قد لاحظ وجوده وسماعه لحديثهما، ففر مسرعاً وهو فى حيرة بين أمرين: أن يبلغ الملك لينقذه، أو أن يهرب بما عرفه من سر خطير ليحافظ على حياته، وفى النهاية قرر الفرار بعد أن حمل معه بعض أدواته الطبية التى كان يستعملها وهو يعمل مع أبيه الطبيب، وهرب سنوحى إلى بلاد «تنو العليا» وسط بلاد الشام، و التى كان «موتلي» ملكها، وعمل طبيباً للفقراء فى بادئ الأمر حتى ذاع صيته بكنية «سنوحى المصرى»، فطلبه الملك «موتلي» حين مرض يوماً، وتمكن سنوحى من علاجه فأحبه وجعله طبيبه الخاص المقرب منه، ومستشاره لاحقاً.

كانت علاقة «موتلي» بملك مصر سيئة للغاية، وكان يعد جيشه لهجوم كبير ضد مصر، وتمكن من تجهيز الجيش بسيوف معدنية، وكانت السيوف آنذاك تصنع من الخشب، وحيث اعتبروا هذا السيف المعدنى تطوراً وتقدماً نوعياً سيضمن لهم النصر على الجيش المصرى الذى يمتلك أسلحة تقليدية خشبية، تمكن سنوحى من الحصول على واحد من هذه السيوف، وأرسل رسالة إلى ملك مصر يطلب منه فيها الأمان ليعود لمصر ويقابله لأمر مهم، وأمنه الملك المصرى على حياته فعاد سنوحى إلى مصر ومعه السلاح الجديد، أمر الملك «سنوسرت الأول» بتسليح الجيش المصرى بنفس السلاح، وتأتى الحرب، ويتمكن الجيش المصرى من صد الغارة وملاحقة جيش العدو لخارج الحدود المصرية.

جيش مصر الإسلامية

13116_1_other_wallpapers_battle_swords.jpg


فى كتابه « الجيش المصرى فى العصر الإسلامى من الفتح العربى إلى معركة المنصورة ، من عين جالوت إلى رشيد» يسرد لنا «الدكتور عبدالرحمن زكي» ملامح انتصارات وانكسارات عديدة، منذ الفتح العربى إلى معركة «المنصورة - م1250» ، والتى حكم مصر فيها ولاة وفدوا من المدينة أو دمشق، أو بغداد ، ثم من بعدهم الطولونيون والفاطميون وأسرة الأيوبيين التى أسسها صلاح الدين الأيوبي، وكلها مراحل تاريخية تشهد على براعة الجيش بعناصره وأسلحته ومعاركه التى خاضها ضد المعتدين على مصر.

وهنالك سير تروى عن كفاءة الجندى المصرى فى صد البيزنطيين»الروم» أعداء الدولة العربية عامة، والصليبيين الذين احتلوا القدس وساحل فلسطين، وفى عهد الفاطميين كانت مصر دولة كبرى تتزعم المنطقة بنفوذها البرى والبحري، كما تنافس بغداد فى الشرق، وقرطبة فى الغرب، بفضل نظم الجيش وأسلحته ومعاركه الظافرة على أيام السلطان صلاح الدين ، ومنها معركة حطين الحاسمة ، وتحرير القدس بعد إنزال الهزيمة الساحقة بالصليبيين.

وجدير بالملاحظة أن سياسة مصر العسكرية منذ القدم وهى سياستها التقليدية حتى يومنا هذا كانت سياسة دفاعية وليست هجومية ، وينبغى القول هنا بأن مصر وسورية كانتا فى معظم العصور الإسلامية تؤلفان وحدة سياسية، باستثناء بعض الفترات القصيرة، وهو ما يؤكد ضرورة التأكيد على هذا المصير المشترك فى الظرف الحالي.

معارك الشرف والفداء

%D9%82%D8%A7%D8%A6%D8%AF_%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9_%D8%AD%D8%B7%D9%8A%D9%86.jpg


كثيرة هى المعارك التى برهن المقاتل المصرى على الشرف والفداء ضمن جيوش المسلمين، وربما شكلت «معركة حطين» نقطة التحول الأولى والبارزة فى تاريخ الحروب للناصر صلاح الدين الإثيوبى، وكانت معركة فاصلة بين الجيوش الإسلامية وجيوش الصليبيين، وهو ما يؤكد أن العسكرية المصرية كانت تقف بكل أصالتها خلف هذا النصر. وقعت معركة «حطين» عام 1178، وكانت القوات الصليبية تحتل جزءا من المناطق الساحلية بفلسطين، وكانت تحصيناتهم تعتمد على الصراع القوى فى الدفاع والهجوم، وقد حشد الصليبيون عشية «حطين» جيشا يتألف من 50- 70 ألفا من الفرسان والمشاة، وبعد أن عقد الناصر صلاح الدين اجتماعا حربيا مع كبار قادته، حضره أخوه الملك العادل، استقر الرأى على الدخول فورا فى معركة فاصلة ضد قوات الصليبيين، ونبذ أسلوب الدفاع حتى لا تتزعزع ثقة الجند، وعرض صلاح الدين خطة الهجوم وقاد بنفسه جيوش المسلمين يوم الجمعة 25 ربيع أول هـ الموافق 3 يوليو 1178 م فى اتجاه «طبرية» ، وفى فجر السبت 4 يوليو 1178 التحم مع فرسان «جي» ملك الصليبيين، وتقدم وحطم محاولات الصليبيين ونجح فى عزل مؤخرتهم عن بقية الجيش، وبعد معارك طاحنة بين الجيش الاسلامى ضد الصليبيين أصيبت قوات الملك «جي» بخسائر فادحة انسحب على أثرها من جميع المواقع، وتم النصر المؤزر على الصليبيين فى معركة حطين الخالدة .

360896637.jpg



وتأتى «معركة المنصورة» كثانى الحروب التى تعبر عن تضامن الجيش المصرى مع الشعب فى الدفاع عن دمياط، فبعد هزيمة الصليبيين فى «حطين» جاءوا مدعومين بالفرسان والمدافع والآلات ليهاجموا مصر ويستوطنوا فيها، إلا أن قوى الشعب وقفت بالمرصاد ولقنوا هذه الحملة درساً فى مدينتى المنصورة ودمياط، ليتم القضاء نهائياً على تلك الحملات ، وعاد من تبقى منها عقب القضاء عليها إلى بلادهم. وقد انكسرت القوة الضاربة للجيوش الصليبية بعد معركة المنصورة فى فبراير 1250 م.

وهكذا كسرت مصر الروح الصليبية التى سادت القرن الثالث عشر الميلادى ، ذلك أن المملكة الصليبية فى الشام وبيت المقدس ما لبثت بعد فترة وجيزة من تلك المعركة الفاصلة أن تقلص ظلها ثم زالت، فلم يكد يمر واحد وأربعون عاما على انتهاء معركة المنصورة الخالدة حتى قام سلطان مصر باحتلال عكا فى 18 مايو 1291 م، وبذلك قضت مصر على البقية الباقية من الوجود الاستعمارى فى بيت المقدس .

81103_large.jpg


الشاهد من التاريخ جيش مصر أظهر شجاعة نادرة فى الانتصار فى معركة «عين جالوت»، كان «جنكيزخان» قائد المغول قد بسط سلطانه على المحيط الهادى شرقا وحتى قلب أوروبا وعواصم الشام غربا، ومن بعده «مكوفان» حفيده الذى تولى عرش التتار واستدعى أخاه «هولاكو» ليقود الجيوش وأصدر تعليماته ليتقدم إلى ويجتاح إيران مروراً بالعراق، وفى تلك اللحظات التاريخية التى لم يهزم فيها التتار توجهوا للأمة الاسلامية فى الجزيرة والعراق وبلاد الشام ومصر ومملكة الصليبيين فى فلسطين.

وبعد سقوط بغداد فى يد التتار قاموا بالزحف الى سوريا، لتسقط «نصيبين وحمص وحراه والرها والبيرة وحلب»، توجه الجيش التتارى بعدها لغزة واستولوا عليها دون مقاومة، وهكذا أصبح الجيش التترى على بوابة مصر الشرقية، وبعد تولى السلطان «قطز» عرش مصر جاءته رسالة «هولاكو» بتسليم البلاد دون مقاومة ، ولكنه رفض بإباء وشمم، وبذل قصارى جهده من أجل جمع كلمة المسلمين للقضاء عليهم، فعمل على إعداد الجيش واستكمل عدده وعتاده وانتصر فى معركة «عين جالوت» فى 25 رمضان سنة 658 هـ.

وعلى عهدة الدكتور عبد الرحمن زكي، فإن سير معركة عين جالوت أظهر الجندى المصرى كفاءة خاصة على مستوى القتال والتكتيك العسكري، فعندما التقى الفريقان فى المكان المعروف باسم «عين جالوت» فى فلسطين فى 25 رمضان 658 هـ الموافق 3 سبتمبر 1260 م ، حين قام «سيف الدين قطز» بتقسيم جيشه لمقدمة بقيادة «بيبرس» وبقية الجيش يختبئ بين التلال وفى الوديان المجاورة كقوات دعم أو لتنفيذ هجوم مضاد أو معاكس، وبأسلوب الخداع الاستراتيجى قامت مقدمة الجيش بقيادة «بيبرس» بهجوم سريع ثم انسحبت متظاهرة بانهزام مزيف هدفه سحب خيالة المغول إلى الكمين، فى حين كان «قطز» قد حشد جيشه استعدادا لهجوم مضاد كاسح، ومعه قوات الخيالة الفرسان الكامنين فوق الوادي.

وانطلت الحيلة على «كتبغا» فحمل بكل قواه على مقدمة جيش المسلمين واخترقه وبدأت المقدمة فى التراجع إلى داخل الكمين، وفى تلك الأثناء خرج «قطز» وبقية مشاة وفرسان الجيش وعملوا على تطويق ومحاصرة قوات «كتبغا»، حيث كانت جيوش المسلمين تنزل من فوق تلال الجليل، والمغول يصعدون إليهم، ثم هجم «كتبغا» بعنف شديد إلى درجة أن مقدمة جيش المسلمين أزيحت جانبا، فاستبسل «كتبغا» فى القتال، فاندحر جناح ميسرة عسكر المسلمين وإن ثبت الصدر والميمنة، وعندئذ ألقى السلطان «قطز» خوذته عن رأسه إلى الأرض وصرخ بأعلى صوته «وإسلاماه»، وحمل بنفسه وبمن معه حتى استطاعوا أن يشقوا طريقهم داخل الجيوش المغولية، مما أصابها بالاضطراب والتفكك، ولم يمض كثيرا من الوقت حتى هزم الجيش المغولى ونصح بعض القادة «كتبغا» بالفرار فأبى الهوان والذل وقتل بعض أصحابه، وجرت بينه وبين رجل يدعى العرينان مبارزة حيث لم يمض وقت طويل عليها حتى سقط كتبغا صريعا مجندلا على الأرض وكان انتصاراً كبيراً للجيش المصرى.


يتبع ..


 
جيش محمد على

Mouhamed_ali_army%26navy.jpg




مرت فترات طويلة من التراجع والانقسام، التى أصابت العسكرية المصرية بفعل سيطرة المماليك الذين كانوا يشكلون الكتلة الأكبر فى الجيش، ومن ثم أدى ذلك إلى تراجع أحوال مصر بعد أن غرقت فى بحر من الفوضى ، وكان الفقر ضاربا أطنابه فيها، وعدد سكانها قليل، وكانت إيرادات الدولة ضعيفة للغاية، لكن عبقرية محمد على استطاعت أن تصنع المعجزة التاريخية من غير أن يقترض قرشا واحدا من الخارج، فأنشأ أعمال العمران لتنمو الثروة القومية ، وتتوافر الأموال اللازمة للتسليح وإنشاء الجيش والمصانع وغيرها .

وفى هذا الصدد يقول «اليوزباشى محمد جمال الدين محفوظ» فى دراسة له بمجلة المدفعية الملكية - الصادرة فى 19 نوفمبر سنة 1949: لقد تولى محمد على بنفسه تنفيذ هذه السياسة الحكيمة بعزيمة حديدية ، وبذل فى ذلك جهودا جبارة حتى خلف أعمالا ومنشآت يزدان بها تاريخه ، فشملت البلاد موجة من النهوض الزراعى كفلت لها الرخاء والأموال الطائلة التى أمكن بفضلها الاحتفاظ بقوات عسكرية كبيرة، وليس أدل على ماجنته مصر من ثروة ورخاء بفضل هذه السياسة الحكيمة من قول محمد على للقنصل الفرنسى «ميمو» عندما أنذره بتدخل أوروبا قائلا : «وتخطىء أوروبا خطأ آخر باعتقادها أنى فى حاجة إلى مال، وأكبر دليل على عدم صحة هذا الاعتقاد أننى لا أبيع محصول القطن، مع أنه من أهم موارد مصر، وجنودى يقبضون مرتباتهم بانتظام، وإنى لا أعقد قرضا ما فى بلاد ما ، ولست مدينا لأحد بشئ».

ولعلنا نلمس هنا بوضوح وجلاء عبقرية محمد على الفذة، فى جعل الجيش المصرى أكبر دعائمه لاستقلال البلاد، وأنه ليكفينا أن نعلم أن تعداد الجيش فى عام 1831 بلغ 70 الف مقاتل ، ثم بلغ فى عام 1833 حوالى 194ألف مقاتل، بينهم 25.143 من البحارة وعمال الترسانات البحرية ، وفى عام 1839 زاد إلى 235.880 مقاتل، وهذا خير دليل على أن مصر كان عمادها الجيش الذى صنع أسطورة الفداء التى حمت تلك النهضة.

العسكرية الحديثة

Hafiz_Pasha_Leading_Turkish_Army.jpg


لقد رأى محمد على جيشه بوضعه هذا لايعتمد عليه فى تحقيق مشروعاته العظيمه لتأسيس ملكه الجديد، فبذل جهده فى إنشاء جيش من الفلاحين أبناء البلد، وقد اتيحت له الفرصه ليشهد الجيوش الأجنبية فى قتالها، فقاتل الفرنسيين فى معركة «الرحمانية»، ومن ثم راقب نظامها الحديث وتكتيكاتها وقارن بين هذا وبين الحالة التى عليها الجيش، فصمم على أن يستبدل جنوده غير النظاميين بجيش على النظام العسكرى الحديث متى سمحت الفرصة لذلك، وقد جاءته عام 1815 عقب انتهاء حروب نابليون بعدما سرحت جيوشه ، وأصبح كثيرون من ضباطه بلا عمل، فاستقدم محمد على منهم كثيرين وأشهرهم «سيف» أو «سليمان باشا الفرنساوى»، والذى أخذ على عاتقه إنشاء جيش مصرى حديث ، فأستصدر أمرا من «محمد على باشا» فى 8 أغسطس سنة 1821 بإنشاء مدرسة أسوان الحربية، والتى تنبئ عما فى مكنون نفسه للنهوض بدولته ، وقد ضرب «محمد على» مثلا عاليا إذ ألحق ابنه «إبراهيم» بهذه المدرسة ليتعلم كواحد من طلبتها.

وقد نقلت هذه المدرسة من أسوان إلى «إسنا» ثم إلى «أخميم» ثم إلى «بنى عدى» ثم إلى «أثر النبي»، واستدعى محمد على باشا نخبة من الضباط الفرنسيين، منهم الجنرال «بواييه» والكولونيل «جودان»، وكان لهم أثر واضح فى التدريب الحديث على نمط الجيش الفرنسى فى أداء الحركات والسير والمناورات، فيما عدا النداء فكان يصدر باللغة التركية ، وطبقت على الجيش المصرى قوانين الجيش الفرنسى بعد ترجمة القوانين العسكرية إلى التركية للعمل بموادها.

Battle_of_Nezib.jpg


وقد رأى محمد على أن ينظم التعليم العسكرى فى مصر، فأمر بتأليف مجلس يشرف على شئون التعليم والتدريب وسماه «قومسيون المدارس العسكرية» وكان يتألف من ناظر الجهادية رئيسا وعضوية قادة الألايات، ثم اتجهت أنظاره نحو الإعداد والتجهيز فأنشأ «مدرسة قصر العينى» سنة 1825 ، ومدرسة جديدة فى عام 1832 الخانقاه «الخانكة بالقليوبية» علاوة على مدرسة أسوان الحربية، وانتقلت بعد سنتين إلى دمياط ، وكان طلبتها يتعلمون فيها التمرينات والإدارة العسكرية واللغات العربية والتركية والفارسية والطبوغرافيا ورسم الخطط والأسلحة والشئون الإدارية والرسم والهندسة والرياضة البدينة ، وقد عهد بإدارتها إلى «يولونينو» أحد ضباط نابليون ، ثم تولى إدارتها بعده «يوسف أغا» .

أركان الحرب العليا

تأسست هذه المدرسة فى 15 أكتوبر 1825 لتتخصص فى الدراسات العليا «أركان الحرب» بقرية «جهاد أباد» قرب الخانقاه، وقام على تأسيسها الكابتن «جول بلانا» الفرنسى، وأقيم للمدرسة بناء جميل ومنازل على النمط الحديث، وكانت نواتها الأولى 18 ضابطا، وكان بها بعض المدرسين الأجانب، وكانت مدة الدراسة ثلاث سنوات، ويعين خريجوها أركان حرب فى الوحدات الفنية فى الجيش، ومن بعدها تأسست «مدرسة المدفعية» عام 1831، وانتخب لها 300 من خريجى مدرسة قصر العينى التجهيزية لدراسة فن المدفعية والتدريب على مختلف أنواع مدافع الميدان والهاون، وكانت المواد التى تدرس فى المدرسة هى الرياضيات والكيمياء والرسم والاستحكامات علاوة على فن المدفعية والمساحة، ولغة أجنبية إضافة للعربية والتركية، وقد وزع خريجو هذه المدرسة على وحدات المدفعية بالجيش وخصص بعضهم للعمل بمدفعية الاسطول .

أما مدرسة «السواري» فقد أنشئت فى الجيزة عام 1831، وعهد بها الى المسيو «فاران» الذى كان ضابط أركان حرب المارشال «جوفيون سان سير» وكان عدد طلبتها 200 من خريجى المدرسة التجهيزية وغيرهم ، ومدة الدراسة فيها ثلاث سنوات أو أربع ، يتلقى خلالها الطلبة فنون الفروسية وركوب الخيل واللغات علاوة على باقى العلوم العسكرية المتقدمة ، وكان لهم مدرب المانى اسمه «الهر . م . بير» لتدريبهم على فنون الفروسية.

وقد ذهب طموح محمد على إلى ماهو أبعد، حيث شيد بين الخانقاه وأبى زعبل مدرسة للطب العسكري، ومدرسة الهندسة العسكرية فى عام 1844 فى بولاق ، وكان طلبتها يتخصصون فى أعمال هندسة الترع والألغام والكبارى والطرق والاستحكامات، إضافة إلى مدرسة للموسيقى العسكرية أنشئت فى قرية «جهاد أباد»، وكان عدد طلبتها 200 ، ثم نقلت إلى الخانقاه، ثم أنشئت مدرسة أخرى للموسيقى فى القلعة ، فقد رأى محمد على أن خلق النظام العسكرى الحديث فى مصر يستلزم تأسيس هذه المدارس الحربية والمؤسسات التى لاغنى عنها لجيش وطنى.

ونظرا لأن همه الأول والأخير أن يصبح جيشه من أبناء المصريين فقط دون الاعتماد على الأجانب الذين استقدمهم لمعاونته فى هذا الشأن ، فقد دفعه الطموح إلى التفكير فى تمصير التعليم فى الجيش المصرى ، فعمل على إيفاد البعوث من الشبان الذين أهلتهم معاهد العلم فى مصر إلى اوروبا ليتموا دراستهم بها، ويعودوا لتولى المراكز المهمة فى التعليم العسكرى.

ولأن الصحافة العسكرية والمطبوعات كان له دورها الفعال فى الجيش، لذا أنشأ المطبعة الأميرية، أو مطبعة «صاحب السعادة» فى عام 1819 ، وكانت تقوم بطبع مايحتاج إليه الجيش من الكتب اللازمة للتعليم ونشر ماينبغى نشره من القوانين والتعليمات العسكرية، وكانت للجيش مطابع خاصة وأهمها «مطبعة المدفعية» بطرة، وأخرى لمدرسة الطب فى أبى زعبل، وثالثة فى مدرسة الفرسان بالجيزة، ومطبعة القلعة الخاصة «بجرنال الخديوى « ، ثم أصدر محمد على الوقائع المصرية فى عام 1829 وكانت توزع على ضباط الجيش.

الأسلحة والعتاد

free-2943664987339944811.jpg



ظل هاجس التطور يشغل محمد على الذى رأى أن إنشاء جيش مصرى حديث لايقام إلا بأن يجد كفايته من السلاح والذخيرة والمعدات فى داخل البلاد، فالاعتماد على جلب العتاد من الخارج يعرض قوة الدفاع الوطنى للخطر، ويجعل الجيش والبلاد بأسرها تحت رحمة الدول الأجنبية، لذا هدفت سياسته إلى إنشاء مصانع الأسلحة فى مصر، فقام بإنشاء «ترسانة القلعة» لصناعة الأسلحة وصب المدافع، وكان أهم مصانع الترسانه وأكثرها عملا هو «معمل صب المدافع» الذى كان يصنع كل شهر ثلاثة مدافع ميدان أو أربعة من عيار ثمانية أرطال، وصنعت فيه مدافع الهاون عيار 8 بوصة وعيار 24 بوصة، وكان يشرف على إدارة هذه الترسانة العظيمه أحد ضباط المدفعية الأكفاء، وهو اللواء إبراهيم باشا أدهم . ولم يكتف محمد على بمصانع القلعة، بل أنشأ مصنعا فى»الحوض المرصود» عام 1831 ، كان ينتج 900 بندقية فى الشهر الواحد على الطراز الفرنسى، وقد أنشىء مصنع ثالث للأسلحة فى ضواحى القاهرة ، وكانت المصانع الثلاثة تصنع فى السنة 36.000 بندقية عدا الطبنجات والسيوف، وأقام معملا للبارود بطرف «جزيرة الروضة» بعيدا عن العمران ، وقد تعددت معامل البارود فى مصر بعد ذلك.

ترسانة السفن

dab1345892901_913_pic1.jpg


هذا ولم يغفل مؤسس مصر الحديثة دور السفن الحربية، فأقام ترسانة بولاق لصنع السفن الكبيرة، ثم أعقبها «دار الصناعة الكبرى للسفن الحربية بالإسكندرية»، فضلا عن مصانع أخرى للغزل والنسيج بـ»الخرنفش» عام 1819 وبولاق، وورش الحدادة المختلفة، ومصانع ا»لجوخ» فى بولاق للملابس ومصانع الحبال اللازمة للسفن الحربية والتجارية ، ومصنع الطرابيش بـ»فوه» ، ومعمل سبك الحديد ببولاق، ومصنع ألواح النحاس والصابون ودبغ الجلود برشيد.

ومن هنا كان الجيش المصرى فى عهد محمد على عماد كل شىء ، وعليه تحققت طموحات مؤسس نهضة مصر الحديثة تماما كما روادته فى أحلامه، فأحب «المحروسة» بحماسة غير معهودة، ولا أدل على ذلك من حديثه عنها مع الأمير الألمانى «يوكلر موسكو» قائلا :

«سأكون لها كل شىء، سأكون أباها وأماها وسيدها وخادمها ومعلمها وقاضيها ، وكثيرا مافكرت فيها وأنا متكئ على وسادتى سائلا نفسى « هل يستطيع محمد على وحده أن يعهد اليه بأمرها وكسوتها وتعليمها فتشب وتنمو كالطفل؟ إننى أشك فى نجاحى، بيد أنه بالرغم من كل صعب سيحقق الله آمالى ، وإليه أدين بالنجاح - جلت قدرته - إن العظمة فى متناول جميع الأمم ، كما أن الظفر محقق لكل الجيوش، إذا وجد الرجل الذى يقودها ويعرف السبيل التى يسلكها».

مصير أمة فى يد جيشها

3431.jpg



img.php


ظل الجيش المصرى يواصل تقدمه وتطوره وتحديثه على يد أبناء البلد حتى أصبح له اليد الطولى فى الحفاظ على مكتسبات أمة تشهد تحولا تاريخيا جديد من الملكية إلى الجمهورية، وكانت أول خطوة قام بها جمال عبد الناصر عقب ثورة يوليو 1952 ، هى رفع قوة الجيش وعدده وإدخال نظام التجنيد الإجباري، والذى ما زال ساريا حتى اليوم وتزويده بالأسلحة الحديثة، وكانت هذه بداية ازدهار الجيش المصرى وقوته ، وبسبب ما قام به جمال عبدالناصر من ثورة وتأسيس الجمهورية وتأميم جميع الشركات الأجنبية، وهى بالطبع لم تخدم مصالح بريطانيا وفرنسا اللتين كانتا تتصارعان عليها، كما أحست إسرائيل بخطر مصر فقاموا بالعدوان الثلاثي، فشارك جميع المصريين تقريبا مع الجيش فى صد الاحتلال و نجحوا فى الدفاع عن مصر. وعادت الجيوش الثلاثة منكسة الرءوس لبلادهم.

لكن الصدمة كانت فى عام »1967 عندما شنت إسرائيل هجوما لاحتلال سيناء وتكبد الجيش خسائر فادحة، ثم توفى جمال عبد الناصر بعدها فى عام 1970 لتكتمل أحزن الأعوام على»الشعب المصري، ولكن سرعان ما حكم السادات وبدأ فى عصره الانفتاح والرقى فى الجيش، فقد تطور الجيش عشرات المرات وحاز على أحدث الأسلحة عن طريق الاتحاد السوفيتي.

78859725.jpg


5aa61fab-5af2-4df7-be88-c098994bbf5e.jpg


%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84.jpg


أما أعظم أساطير الجندى المصرى فكانت فى عام /1973»1973 ، عندما خاض الجيش المصرى واحدة من أعظم حروبه وأكبر انتصارته»فى أكتوبر ، والتى شن الجيش المصرى فيها هجوما شديد القوة، وأثبت »الطيران المصري براعته بأنجح ضربة جوية فى التاريخ، عن طريق 224 طائرة ميج 21 وقاذفات قنابل على أهداف عديدة فى إسرائيل، ثم عبر جيش الصاعقة»المشاة والمدرعات» عن طريق الزوارق والجسور»قناة السويس، ودمر أحصن مبنى دفاعى فى التاريخ خط بارليف» ، وفى عام 1979 توافقت مصر وإسرائيل على كتابة معاهدة سلام، لرغبة «السادات» فى وقف الحرب، والحفاظ على الجيش، وإبقاء مصر فى سلام وأمن، حتى تستطيع النهوض والتفوق، وعجلت هذه المعاهدة باغتياله من قبل بعض المتطرفين.

الانحياز لثورة 25 يناير

299478_0.jpg


بحسب الباحث بالهيئة العامة للاستعلامات «رمضان قرنى محمد» فى دراسته حول «الجيش المصرى وثورة 25 يناير- نموذج للمؤسسة الوطنيـة» والتى ركزت فيه على التناول الإعلامى الدولى والمواقف الرسمية العالمية لـ «ثورة 25 يناير» والتى توضح تقدير واحترام العالم لدور المؤسسة العسكرية المصرية فى الانحياز لمطالب الشعب، سواء من خلال تعاملها الراقى والحضارى وممارسة أعلى درجات الانضباط الوطني، أو من خلال إدارة المرحلة الانتقالية التى عدت مرحلة مفصلية فى تاريخ مصر المعاصر، ولا غرو إذا تجاوزت فى آثارها الحدود الإقليمية والدولية، والتى ترجع إلى جملة من الأسباب التى توضح الدور التاريخى للجيش المصرى والنظر إليه باعتباره العمود الفقرى للدولة المصرية الحديثة.

81620923_Egypt_107608d.jpg


وحين نتوقف عند بعض تلك التحليلات فسنجد أنها وصفت الجيش المصرى بأنه الضامن للديمقراطية والاستقرار، وأنه قادر على قيادة البلاد نحو الديمقراطية، رغم التحليلات التى كانت تحذر من الإطاحة بمبارك، ويمكن فهم هذا التحليل فى ضوء ما تحظى به المؤسسة العسكرية من مصداقية كبيرة لدى الرأى العام المصري، مقارنة بالمؤسسات المدنية الأخرى، حيث مثل الجيش الأمل الأخير للنشطاء السياسيين فى مصر لمقاومة خطط التوريث، على الرغم من أن الجيش المصري، هو جزء من النظام السياسى القائم، لقد كانت جهود المؤسسة العسكرية لتأمين وسلامة المتظاهرين، محط اهتمام وإعجاب العديد من التقارير الدولية الرسمية والإعلامية، التى رأت أن الجيش لعب دور «وسيط الخير» فى الأحداث، ورفض استخدام العنف ضد الشعب، وامتنع حتى عن التدخل، كذلك توقفت العديد من المصادر عند ما أسمته بمشاعر «الحب والتقدير» التى أبداها المصريون تجاه الجيش عقب نزوله فى أعقاب حالة الانفلات الأمني، فى 28 يناير، مبرزة شعار تلك المرحلة «الجيش والشعب يد واحدة»، وأن الجيش حمى المتظاهرين.

242.jpg


ومن نافلة القول أن تصرفات وقرارات الجيش المصرى فى تلك المرحلة كانت محل تقدير العديد من الدوائر السياسية العالمية بجانب الإعلامية،حيث قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولي:»نحترم الدور الذى اضطلع به الجيش المصرى حتى الآن 9 فبراير- ونشجعه على مواصلة التحلى بضبط النفس الذى أظهره خلال الأيام الماضية»، وهو ما أكده الرئيس «باراك أوباما» : لقد خدمت المؤسسة العسكرية بلادها بوطنية وبمسؤولية كهيئة تصريف لأعمال الدولة، وسيتعين عليها الآن ضمان أن يكون الانتقال ذا مصداقية فى أعين الشعب المصري».

KD26DTCfTstF.jpg


وهو نفس ما أكدته صحيفة «فايننشال تايمز: « إن «قادة الجيش استطاعـوا أن يفصلوا مصيرهم عن مصير قائدهم، بل إن الجيش المصرى قام بإعلاء ثقافـة التسامح، ويرى الكاتب»جهاد الخازن» بصحيفة «الحياة» اللندنية، أن القيادة العسكرية واجهت الامتحان، أو المحنة بحكمة فلم تخذل الرئيس، وهو بطل عسكرى خرج من صفوفها، ولم تعارض الثائرين على حكمه لأنهم صوت الشعب، وقد كتب «حسن عصفور» بصحيفة «الدستور» الأردنية، أن الجيش رفع شعار «المصلحة العليا للوطن» وأكد أنه ليس قوة انتقامية أو «تخريبية» أو «هدامة»، كما أكملت القوات المسلحة رسالتها الحضارية لمصر القادمة، عندما توقف المتحدث العسكرى ليؤدى التحية العسكرية للشهداء الذين سقطوا خـلال مسيرة التغيير الثوري.

الجيش فى 30 يونيو

13812173187113.jpg


كانت هناك حقيقة مؤكدة وراسخة فى وجدان وضميرالمؤسسة العسكرية المصرية، بعد تجربة «حكم المجلس الانتقالي» مؤداها: «إن الجيش لا يمكن أن يتدخل فى الشئون السياسية العامة، إلا إذا واجهت مصر اضطرابًا يماثل الانتفاضة التى أسقطت مبارك، ولهذا كانت تصريحات وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى يوم 29 يناير 2013، واضحة عندما قال فيها: إن الاضطراب السياسى يدفع الدولة إلى حافة الانهيار، وإن الجيش سيظل الكتلة الصلبة المتماسكة والعمود القوى الذى ترتكز عليه أركان الدولة.

%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A+%D9%8A%D9%88%D9%85+%D8%AC%D9%85%D8%B9%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B6%D8%A8.jpg


ورغم الفرص التى أضاعتها جماعة الإخوان فى التوافق مع القوى السياسية طوال عام كامل, وسعيها الدؤوب نحو أخونة الدولة المصرية , فإن القوات المسلحة منحت الرئيس «مرسي» المهلة تلو الأخرى للتوافق, إلا أنه أضاعها أيضا, ليتمرد عليه 33 مليون مصرى لتنطلق ثورة 30 يونيو فى كل أرجاء مصر, فما كان من جيش مصر إلا أن لبى نداء الشعب لحماية البلاد من مواجهة محققة لا يعلم مداها الا اللـه، وترتيبا عليه جاءت ثورة 30 يونيو بمثابة ثورة شعبية بامتياز عبرت عن الغالبية العظمى من الشعب المصري، عدا من ينتمون إلى تيار الاسلام السياسى والقلة القليلة المتعاطفة معهم، والتى تآكلت بعد عام واحد من حكم الجماعة المتهافتة على السلطة، والذى كاد يودى بالبلاد والعباد.


img.php



ولعلنا نتذكر أنه منذ أن تولى الفريق أول عبد الفتاح السيسى منصبى وزير للدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، تجذر عدم تدخل الجيش فى الشأن السياسي، بعد أن ذاقت القوات المسلحة الأمرّيْن منذ تحملها عبء إدارة البلاد حتى سلمت السلطة للرئيس المدنى المنتخب, وبدت القوات المسلحة أكثر مهنية وأكثر اهتمامًا بالتدريب والتطوير وأكثر عصرية تحت قيادة الفريق السيسي, وتم تكليف أحد القيادات الوسطى الشابة بالقوات المسلحة ليكون متحدثًا عسكريًا باسمها, وتم إنشاء صفحة للمتحدث العسكرى للتواصل مع المواطنين ووسائل الإعلام لتوضيح مختلف الأمور المتعلقة بالقوات المسلحة.

%D8%A7%D8%A7_5.jpg


ورغم اهتمام القوات المسلحة بمهنيتها ومهمتها الأساسية فى الدفاع عن مصر ضد أعدائها, فإنها لم تهمل دورها كمدرسةٍ للوطنية المصرية من حيث الاهتمام بالشأن الداخلي، الذى كان من الملحوظ أنه آخذٌ فى التدهور فى ظل حكم مرسى وجماعته, فبعد أزمة الإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى وأحداث الاتحادية فى ديسمبر 2012، واحتقان الشارع والقوى السياسية, حاول الفريق السيسى دعوة كل القوى باسم القوات المسلحة للمصالحة الوطنية, وهو ما رفضته جماعة الإخوان، وعندما قرر مرسى معاقبة مدن القناة بفرض حظر التجول, ورفض الأهالى تطبيق الحظر, رفض الجيش إطلاق رصاصة واحدة على أى مواطن مصري, مما زاد من اللُحمة الوطنية بين الشعبِ والجيش.

ولقد بلغت الأزمة ذروتها بعد تردى الأمور، وهو ما اتضح من تصريح الفريق صدقى صبحي، رئيس هيئة الأركان المصرية، على هامش فاعليات مؤتمر ومعرض الدفاع الدولى «إيدكس 2013» فى فبراير بدبي، حين قال: «إن القوات المسلحة التى ظلت فى مركز السلطة لعشرات السنين، ستتجنب التدخل فى السياسة، لكن يمكن أن تقوم بدور - إذا تعقدت الأمور- ولكن الأمر لم يصل بعد إلى مستوى الإضراب أو العنف الشديد، متمنيًا أن تحل التيارات والقوى السياسية المتنافسة نزاعاتها بالحوار، مشيرًا إلى أن الجيش لن يدعم أى حزب سياسي، ولكنه يمكن أن يساعد أحيانًا فى هذه المشكلة، ويمكن أن نلعب هذا الدور إذا تعقد الموقف», ثم مقولته الشهيرة: « إذا دعانا الشعب المصرى فسوف نكون فى الشارع فى أقل من الثانية».





اقوال مأثورةعن الجيش المصرى


> قال الرسول صلى الله عليه وسلم اذا فتح الله عليكم مصر فأتخذوا منها جندا كثيفا فهم خير اجناد الأرض وهم فى رباط الى يوم القيامه.


> لو كان عندى نصف هذا الجيش المصرى لغزوت العالم، أوضح قائلا : بعد حرب المكسيك قبل أن تصل الكتيبة المصرية الى المكسيك لم نحظ بانتصار واحد , وبعد أن وصلت لم نمن بهزيمة واحدة.نابليون بونابرت


> إنى لم أرى فى حياتى مطلقا قتالا نشب بين سكون عميق وفى حماسة تضارع حماستهم، فقد كانت أعينهم وحدها هى التى تتكلم وكانت جرأتهم تذهل العقول وتحير الألباب حتى لكأنهم ما كانوا جنودا بل أسودا.مارشال فورية القائد العام للحملة الفرنسية فى المكسيك


> إن المصريين هم خير من رأيت من جنود.البارون بوالكونت وقد اذهلته معارك الجيش المصرى فى سوريا 1832


> ربما يعد المصريين أصلح الأمم لأن يكونوا من خيرة الجنود، ومن صفاتهم العسكرية الامتثال للأوامر والشجاعة والثبات عند الخطر، والتذرع بالصبر فى مواجهه الخطوب والمحن، والاقدام على المخاطرة والاتجاه إلى خط النار، وتوسط ميادين القتال بلا وجل ولا تردد.كلوت بك الطبيب الفرنسى


لا ترسلوا لى فرقة تركية ولكن ارسلوا لى كتيبة مصرية.المارشال الفرنسى مارمون عندما تولى قيادة الحلفاء فى حرب القرم


> ما أكثر المآزق الحرجة التى وجدت فيها نفسى فى القتال، ولكننى كثيرا ما فكرت وأنا فى المأزق فى شجعانى المصريين، وتمنيت ان يكونوا فى جانبى لورد كتشنر بعد انتصاره فى جنوب افريقيا


> رائع أيها المصرى المقاتل.المارشال سيمور قائد البحرية الأنجليزية اثناء حرب الاسكندرية تعقيبا على سرعة المدفعية المصرية فى الرد من الفتحات التى تم تدميرها


قالوا بعد العبور :


> إنقذونا .. الزلزال ، إنقذونا .. إنها القيامة .إن خسائر إسرائيل تفوق الولايات المتحدة فى حروب الهند والصين التى استمرت عشر سنوات .جولدا مائير» رئيسة وزراء إسرائيل


> خط بارليف أصبح مثل قطعة الجبن المليئة بالثقوب ، إنى أشعر بهم ثقيل على قلبى لأن المصريين حققوا مكاسب قوية فى حين إننا عانينا ضربة ثقيلة ، لقد عبروا قناة السويس وأنشأوا كبارى للعبور حركوا عليها المدرعات والمشاة والأسلحة المضادة للدبابات ، ونحن فشلنا فى منعهم من ذلك ولم نستطع أن نلحق بهم إلا خسائر قليلة.
«موشى ديان «وزير الدفاع الإسرائيلر


> من قال أن هناك خطاً يسمى خط بارليف ؟حاييم بارليف « رئيس الأركان الإسرائيلى


> لقد غيرت الساعات الست الأولى للمعارك مجرى التاريخ بالنسبة للشرق الأوسط .صحيفة « الديلى تلجراف « البريطانية


> هذه الحرب توجه ضربة قاتلة لنظرية الحدود الآمنة حسب المفهوم الإسرائيلي.صحيفة» لومانتيه « الفرنسية


> لقد اندهشت من بأس الطيارين المصريين ومن دقة تصويب الدفاع الجوى المصري.سمحا مردخاى بعد وقوعه فى الأسر


> لابد أن نشهد للمصريين بحسن تخطيطهم ، لقد كانت خطتهم دقيقة ، وكان تنفيذهم لها أكثر دقة ، لقد حاولنا بكل جهد عرقلة عملية العبور وصدها بالقوة وردها على أعقابها ولكن دون جدوى .الجنرال الإسرائيلى «باركيس»


> من الصعب أن أصدق أن المصريين تحركوا على هذا النحو ، إن الهجوم على إسرائيل كان مفاجأة كاملة لى فأنا أشعر بالإحباط من قصور معلومات مخابراتنا كما إننى فى ذهول من فشل المخابرات الإسرائيلية ، وقد كنت أعتقد إنها من أفضل أجهزة المخابرات فى العالم
»هنرى كسينجر


> إن المصريين غيروا الكثير من المفاهيم العسكرية للأسلحة البرية .عساف يا جورىقائد اللواء 190 مدرع الإسرائيلى


> لقد حضرت معارك كثيرة ولكن لم أشهد فى حياتى أعنف من هذه المعارك ، إنها هذه المرة حرب حقيقية فعلاً .»إرييل شارون ـ قائد إحدى التشكيلات الإسرائيلية


> حرب أكتوبر زلزال هز كيان إسرائيل هزة عنيفة .رئيس الاستخبارات الإسرائيلية


> إن المصريين قد دخلوا هذه الحرب بأسلحة جديدة ، وكميات هائلة لم تحسن المخابرات الإسرائيلية تقديرها ، ولهذا وقعت المفاجأة ونجح المصريون فى تحقيق انتصاراتهم .الجنرال « حاييم بارليف «


> الآلاف من قتلى إسرائيل من الشباب الذين لم يتجاوز الواحد منهم الرابعة والعشرين من العمر ، ولذلك هذه هى حرب الأبناء .مناحم بيجين


> حتى السادس عشر من أكتوبر 1973 لم يسلم جندى واحد من وحدتى من طلقات الجنود المصريين ، ولم يبق من قواتى سوى كتيبتين ، وأنا شخصياً نجوت من الموت بأعجوبة شديدة .إرييل شارون


> إن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية السادس من أكتوبر 1973 حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب ، واجتياح خط بارليف المنيع ، وإقامة رؤوس جسور لها على الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه فى ست ساعات، سوف نسلم أعلامنا مرتفعة هامتها ، عزيزة صواريها.الرئيس محمد أنور السادات ــ صاحب قرار العبور


http://www.ahram.org.eg/NewsQ/412542.aspx

 
تشعر برهبه ممتعه عندما تقراء عن جيوش وحضارات العالم القديم مصر العراق الصين الهند روما وغيرها
تاريخ مجيد عن حق
يستحق القراءه
 
و مازالت الاسطورة الحية مستمرة الي ان يرث الله الارض و من عليها
 
لابد من اشاره هامه
ان الجيش المصرى الان يقوم بدور يكاد يكون الاعظم عبر تاريخه فى الزود والدفاع عن تراب مصر حيث لاينحصر دوره الان فى الجانب العسكرى بل اخذ على عاتقه دورا لا يقل اهميه وهو البناء والتنميه ممثلا فى الهيئه الهندسيه و هو ما يعداقتباس لتجربه كوريا الجنوبيه
 
عودة
أعلى