وهي وثيقة تحتوي على المخطط الصهيوني المدعم بالوثائق والارقام، التي تؤكد نوايا الصهاينة، حيال المنطقة ومستقبلها.
* الخطة الاستراتيجية
* ترجمها الكاتب الهندي الى اللغة الانجليزية عن الأصل العبري ونُقلت الى العربية عن اللغة الانجليزية تحت عنوان الخطة الاستراتيجية للجيش الاسرائيلي لعام 1956 ـ 1957.. وقد وردت فيها اهداف اليهود الصهاينة التي تحقق العديد منها، وخاصة في عدوان 1967، وهي وثيقة مطولة، مليئة بالتفاصيل، وأبرز ما جاء فيها هو تقويض الاتفاق بين العرب، وبث الخلافات الدينية والعرقية بينهم، اضافة الى التجزئة الجغرافية بينهم، حيث نصت على التالي:
«يجب اتخاذ الاجراءات، منذ اللحظة الأولى من الحرب، بيننا وبين العرب، لانشاء دول جديدة في اراضي الاقطار العربية:
ـ دولة درزية في منطقة الصحراء وجبل تدمر.
ـ دولة شيعية تشمل قسما من لبنان في منطقة جبل عامل ونواحيها.
ـ دولة مارونية في جبال لبنان حتى الحدود الشمالية الحالية له.
ـ دولة كردية شمال العراق.
ـ دولة أو منطقة ذات استقلال ذاتي للاقباط.
وستوزع الاراضي العربية، بما في ذلك المنطقة الصحراوية بين الدول الجديدة.
وتبقى المناطق التالية: دمشق، جنوب العراق، مصر، وسط العربية السعودية وجنوبها.
ومن المرغوب فيه انشاء ممرات غير عربية تشق طريقها عبر هذه المناطق».
* الأهمية الاستراتيجية
* وتحت عنوان «أهمية أراضي العدو التي ستغتصب»، جاء في تلك الوثيقة:
ـ «ان الأهمية الاستراتيجية تقتضي منا احتلال:
ـ النقب وجزيرتي تيران والصنافير، وشبه جزيرة سيناء، ومنطقة قناة السويس، فذلك يؤمن طريقنا الى البحر الأحمر، ونظراً لما لهذه المنطقة من أهمية عظمى ـ من وجهة نظرنا الخاصة ـ بلوازم بلادنا، كما انها تضبط حدودنا مع مصر، وتعمل على تحسين قدرتنا الدفاعية، وتعيق مصر عن استخدام عدد من القواعد الجوية. أما حيازة قطاع غزة، فإنها ستمد حدودنا، وتحرم العدو من أكثر قواعده ملاءمة، وترجعه مسافة بعيدة عن مناطقنا المركزية». وقد تم لاسرائيل ذلك بالفعل عقب حرب 67.
ـ (غرب الأردن: يؤمن لنا دفاعاً قوياً عن مناطق البلاد الحيوية من الشرق، ويقعر خط الحدود) وايضا حققت اسرائيل ذلك عقب 67.
ـ (جيلاد وصحراء نيفوت (صحراء تدمر): تؤمن لنا الدفاع عن البحر الميت، وتقدم قاعدة للهجوم على العربية السعودية، كما تؤمن الدفاع عن منطقة العقبة، وايلات، وتحصر عمليات الأردن).
ـ (أرض نفتالي: تضمن لنا مواقع أقوى في الجليل، وتفصل سوريا عن لبنان، وتشكل حصناً في شبكة الدفاع الإسرائيلي).
ـ (أرض ماكير (حوران وأرغوف والجولان)، وهي أراضٍ تجعل هجوم سوريا منها أمراً مستحيلاً، وتؤمن لنا حماية مياه الأردن).
وقد حققت اسرائيل بعضا مما ورد.
ـ شومر: ستمكننا من احتلال حقول الزيت في العربية السعودية، وتنقل الحدود الى مسافة أبعد عن مناطقنا الحيوية.
* الأهمية الاقتصادية
* ورد في الوثيقة ما سيدر على دولة الصهاينة مئات الملايين من الدولارات، لو انها قامت باحتلال النقب، وجزيرتي تيران والصنافير، وشبه جزيرة سيناء، ومنطقة قناة السويس، فإلى جانب ما سيتحقق لهم من استغلال غير محدود عندما يمتلكون هذه المناطق، اضافة الى خليج ايلات ومينائها، فإنه سيضع تحت تصرفهم ـ كما جاء في الوثيقة ـ موارد للنفط، اضافة الى الامكانيات التجارية التي توفرها قناة السويس، وكذلك ميناء إيلات.
ـ (غرب الأردن: يؤمن لنا الموارد الطبيعية، ويجعل بالامكان اقامة منشآت هندسية مائية في البحر الميت، مما يعود علينا بعشرات الملايين من الدولارات سنويا).
ـ (جيلاد وصحراء نيفوت: يتيح لنا استخدام ميناء الأردن واليرموك مما سيوفر لنا ملايين الدولارات سنوياً الى جانب استخدامها كمناطق زراعية).
ـ (جبال شير ومؤاب: تضمن لنا الإشراف الكامل على البحر الميت، ناهيك من المنافع المادية الأخرى).
ـ (أرض نفتالي: وبها ستتوسع مناطقنا الزراعية، بعد أن نهيمن على موارد مياه الأردن والليطاني، وكذلك السعي الى اسكان ما بين 3 ـ 4 ملايين نسمة في تلك المنطقة).
ـ (أرض ماكير: (حوران وأرغوف والجولان)، وهذه ستمكننا من استخدام مياه نهر اليرموك وكذلك استخدام هضبة الجولان باعتبارها منطقة استراتيجية، اضافة الى كونها منطقة زراعية مهمة جداً).
ـ (شومر: انها تفتح لنا الطريق الى مناطق النفط في العربية السعودية، وبذلك ستكون ارباحنا السنوية لا تقل عن 300 مليون دولار).
* الأهمية السياسية
* ما تركت وثيقة الصهاينة التي كُشف النقاب عنها سنة 1957، صغيرة أو كبيرة، الا وأشارت اليها، واضعة بالاعتبار كل الاحتمالات المتوقعة، وغير المتوقعة، فعن ردود الفعل السياسية التي ستحدث عقب تنفيذهم للخطوات الواردة آنفاً، أشارت الوثيقة الى:
ـ (النقب وجزيرتا تيران والصنافير، ستفتح امامنا الطريق الى المحيط الهندي، أما شبه جزيرة سيناء ومنطقة قناة السويس، فإنها ستعزل مصر عن بقية أقطار العالم العربي، وسيكون ذلك حائلا دون محاولات فكرة الوحدة العربية).
ـ (واحتلالنا لغرب الأردن سيمكننا من الهيمنة على الأماكن المقدسة).
ـ (وصحراء نيفوت والعقبة ستجعل بالامكان الاستيلاء على الحصون الدفاعية في شبه الجزيرة العربية، مما سيمكن اسرائيل من ان تصبح حلقة اتصال مهمة في شبكة الدفاع عن الشرق الأوسط).
ـ (أرض نفتالي: ستزيد من استقلال اسرائيل السياسي بتقويتها اقتصادياً، وتتيح لها السبيل لعقد صلح مع لبنان).
ـ (أرض ماكير (حوران، أرغوف، الجولان)، ستضعف مركز الأردن، وستساعد على تدمير العلاقات بين دمشق وعمّان، وتسهل استخدام المياه من نهر الأردن).
ـ (أما شومر: فهي منطقة خازنة للنفط).
* الحد الأدنى لمطامع إسرائيل الإقليمية:
* جاء في الوثيقة: «إن احتلال المنطقة التي تحدها قناة السويس، ونهر الليطاني، والخليج الفارسي، يعد ذا أهمية بالغة لنا، والسيطرة على هذه المنطقة ممكنة جداً على ان يُطرد منها بضعة ملايين من البشر.
وسيفعل العدو كل شيء لرد الضربة المركزة من قبل الجيش الاسرائيلي، ولكن ذلك لن يحدث، فمن خلال تقييمنا لطبيعة العلاقات بين الاقطار العربية، يجوز لنا ان نفترض بأن اجراءاتها العسكرية ستفتقر الى التنسيق، وان كلاً منها ستعمل فقط بما تمليه عليها مصالحها وحدها، ومن شأن ذلك ان يخفض القدرة القتالية للجيوش العربية، وعلى هذا الاساس يمكن القول ان القوات الاسرائيلية ستتمكن من هزيمة الجيوش العربية واحداً بعد الآخر، ولا تسمح لأي منها بالاقتراب من مناطقنا الحيوية: تل أبيب، وحيفا.
* الخطط الحربية
* وتسترسل الوثيقة الصهيونية بنشر تفاصيل الخطط الحربية التي لا يتسع المجال للاتيان على ذكرها هنا، الا انه لا بد من الوقوف أمام ما جاء فيها تحت عنوان «ما لهذه الحرب.. وما عليها»:
ـ لها: (ستمكننا من احباط خطط العدو الحالية، وتضمن لنا تأمين المركز الذي نبتغيه لأنفسنا، مما يساعد على تقويض فكرة الوحدة العربية، اضافة الى ان بدايتنا بالمبادرة في الهجمات الجوية ستؤمن لنا التفوق في الجو، وكذلك فإن تسلم زمام المبادرة في العمليات البحرية، سيعطل القوات البحرية المصرية، ويؤمن لنا الشحنات القاصدة اسرائيل).
ـ عليها: (من وجهة النظر السياسية)، ستعتبر اسرائيل معتدية، وستكون هناك دعوة الى حرب وقائية من قبل قوات غير نظامية تفتقد الى التدريب الكافي، ولو قررنا البدء بحرب وقائية، فإننا سنضطر لأسباب سياسية الى الاستفزاز واثارة اشتباكات مسلحة، وبذلك نبرهن على انه لم يكن هناك عمل عدواني من جانبنا.
وبالرغم من جميع الفوائد السياسية التي سنجنيها من السماح للعدو بمهاجمتنا، فإننا سنكون الخاسرين في النهاية. لكن اعتماد اسرائيل على المؤن من الخارج يتطلب باستمرار بذل جهد خاص للحصول على الأسلحة، اضافة الى التأييد الاقتصادي والمالي والسياسي، الذي يأتي من يهود العالم.
إن هذه الوثيقة، اكدت بالدليل القاطع: ان الاستراتيجية الاسرائيلية تسير وفق مخطط معد لها، ساهمت في رسمه خلاصة العقول المتخصصة في علوم الحرب والاقتصاد والسياسة والاعلام، والذي يبدو ان وثيقة كهذه، قد وقعت بين ايدي عدد من القادة العرب، ومن المؤكد ان البعض منهم أخذ ما ورد فيها من أفكار بعين الاعتبار. الا ان ما جاء فيها من تخطيط استراتيجي، نجده قد نُفذ بعد نشرها بسنوات، أي في حرب 67، وبنجاح منقطع النظير!! ولكننا لم نجد أياً من العرب قد اتخذ استعداداته لمواجهتها.
وبسبب ما أحرزه اليهود من نجاح في عام 67، ها نحن في مطلع الألفية الثالثة نعيش تراكمات تلك الهزيمة، ونقدم التنازل تلو التنازل، بيد ان الصهاينة يرفضون بغطرسة متناهية كل محاولات جنوحنا للسلم، بل ان البعض منا يريد بشكل أو بآخر، اجهاض انتفاضة الشعب الفلسطيني الذي لم يجد خيارا غير المواجهات الاستشهادية، وهي لعمري أقدس ما يمكن ان يقدمه الانسان من أجل حرية وطنه.
فهل كان موشي ديان محقاً عندما قال: إن العرب لا يقرأون، واذا قرأوا.. لا يفهمون..؟!
إن مجرد القاء نظرة على الوثيقة التي جئنا على نتف منها، تؤكد صحة تلك المقولة مع الأسف!!
طبعا الامر مفتوح للمناقشة وابداء الرأي من كافة الاخوة