نشرت مجلة "أمريكان إنترست" مقالاً للكاتب الصحافي "كيرك بينيت" يقول فيه إن أمريكا إذا أرادت تدمير روسيا حقاً، فلا يمكنها أن تفعل أفضل من أن تقول لها استمري فيما تفعلينه بكل دقة.
ويعرض لنا الكاتب رأيه في صورة الإيهام السردي من خلال عرض رسالة بريد إلكتروني يزعم أنها تعود إلى مطلع عام 2015، بين اثنين من مسؤولي الحكومة الأمريكية، الذين يتم الإشارة إليهما بأسماء مستعارة، ولا يمكن تأكيد صحة هذه الرسالة من زيفها. ويطلب الكاتب من القراء أن يحكموا بأنفسهم مدى قربها من الواقع.
يخاطب صاحب الرسالة شخصا يُدعى "ويرموود" يعمل على مسوّدة تقرير سنوي سيعرضه أمام الكونغرس حول تدمير روسيا. ويسرد له أهم إنجازات فريق العمل المشترك بين الوكالات الأمريكية لتدمير روسيا خلال العام الماضي.
انهيار روسيا من الداخل قريباًتبدأ الرسالة بالإشارة إلى قرب انهيار روسيا من الداخل تماماً، فلا يزال الفساد مستمراً بلا هوادة، والسمعة التجارية المروعة لروسيا تقف عائقاً أمام الاستثمار الأجنبي وتعمل كحافز لهروب رؤوس الأموال. ويبدو التصلُّب الناجم عن "الديمقراطية الموجَّهة" لا رجعة فيه على نحو فعال.
وكان أهم خبر في عام 2014، بطبيعة الحال، هو غزو روسيا لأوكرانيا. برغم أن هذه الحرب، في أحد معانيها، تمثّل تتويجاً منطقياً لسنوات من العمل الدؤوب من قِبَل العملاء الأمريكيين في روسيا، فإن فجائية الأحداث وحجمها حمل مفاجآت لا يمكن تصورها، بما في ذلك: الاغتراب التام لأمة متشابهة الجذور والملامح، نقلة نوعية في نمو أعباء الإمبراطورية لموسكو، العسكرة التي لا يمكن لروسيا تحملها، والقطيعة من جانب أوروبا ومعظم جمهوريات ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وكلها ضربات متكررة لاقتصاد روسيا المتهالك، فما الذي لا يعجب أمريكا في ذلك؟
ويضيف صاحب الرسالة المزعومة أن اللمسة الأخيرة تتضمن مساهمة العملاء الأمريكيين في زيادة تدهور الوضع في روسيا إلى درجة ميؤوس منها، بحيث ضيعوا عليها كل الفرص التي تجعل أوكرانيا تسيروراءها طوعاً بينما تفتقر روسيا ما يلزم للسيطرة على أوكرانيا واحتلالها بالقوة ولذا استثمرت بعمق في الصراع لخفض خسائرها والخروج منها. إن إقليم "دونباس" بمثابة جرح نازف يهدد بإصابة الجسد السياسي الروسي بأكمله. والفوز للأمريكيين في هذه القضية على كافة الأصعدة.
حملة أمريكية ضد الروسويعرج صاحب الرسالة إلى التنويه لحملة أمريكية أوسع من الحرب في أوكرانيا وتشمل جميع أنحاء جمهوريات ما بعد الاتحاد السوفياتي. فقد روّج "العملاء الأمريكيين" لفكرة الاتحاد الأوراسي الذي لا يراه جيران روسيا إلا تهديداً للسيادة ومحاولة لاستخدامهم كوقود لمكائد روسيا الجيوسياسية. لقد تم استخدام قضايا مثل "حروب الغاز" أو "حروب الحليب" أو قيود "الصحة النباتية" "لإقناع" الدول المترددة في الانضمام إلى الاتحاد الأوراسي، لكنها تأتي بتأثيرات معاكسة.
بالإضافة إلى ذلك، أكد العملاء الأمريكيين أن متوسط العامل الضيف لرابطة الدول المستقلة في روسيا سيتم استغلاله بلا رحمة من قِبَل صاحب العمل، وسيتعرض للمعاملة السيئة من قِبَل الشرطة، وسيخضع للتهديد من قِبَل البلطجية العنصريين.
في الواقع، تم تخصيص سياسة الهجرة لموسكو لإلحاق أقصى ضرر، فهي لا تمنع بجدية هجرة العمال الضيوف لرابطة الدول المستقلة، وإنما تضمن أن يكوّن المهاجرون وزملاؤهم المواطنين في الداخل أسوأ انطباع ممكن عن روسيا. مع مرور الوقت، فإن ضغوط التكامل الأوراسي جنباً إلى جنب مع سوء معاملة العمال الضيوف لرابطة الدول المستقلة سيؤدي إلى نفور كل من النخب والناس العاديين في "المحيط القريب" حول روسيا.
وبقليل من المساعدة من أصدقاء الأمريكيين في روسيا، يمكن النظر إلى الأمام مع انضمام روسيا البيضاء مؤخراً إلى حلف شمال الأطلسي. وعلاوة على ذلك، فإن دعم الطاقة الكبيرة اللازم لإغراء الجيران المترددين والاحتفاظ بهم في الاتحاد الأوراسي سيعمل على تسريع إفلاس روسيا.
وبالنظر خارج دول ما بعد الاتحاد السوفياتي، وجه العملاء الأمريكيين روسيا إلى طرق أخرى مسدودة لدعم أكثر الأنظمة البغيضة في جميع أنحاء العالم. ففي سوريا، توجه الروس بدعمهم إلى الأسد، وهو ما أدى إلى غضب ونفور أوروبا وجزء كبير من العالم العربي.
تباعد روسيا عن العالم العربيومن المعلوم أن المحللين الروس يطالبون موسكو بالدفاع عن معقلها الأخير في الشرق الأوسط. وبفضل العملاء الأمريكيين المؤثرين، أصبحت سوريا هي آخر محطة لروسيا في المنطقة. بل إن فترة البقاء القصيرة لنظام الأسد تعمل على تعميق المرارة التي تشعر بها الأغلبية السُنيّة تجاه روسيا. في الواقع، يؤدي تضامن روسيا مع القوات الشيعية- الإيرانية، والأسدية، وحزب الله- إلى ضمان حدوث تباعد أكبر بين روسيا و90% من المسلمين في العالم الذين يعتنقون المذهب السنّي. وكما رأينا ما حدث بالفعل في ليبيا، فإن الانهيار الحتمي للأسد وغيره من الدول العميلة لروسيا سوف يحرم موسكو في نهاية المطاف من مليارات الدولارات التي استثمرتها فيها ويتركها في عزلة متزايدة ويحيطها بكراهية دولية.
ومن المفارقات الطيبة بالنسبة للأمريكيين، يقول الكاتب، أن الروس يتحدثون عن حسد أمريكا للموارد الروسية العظيمة، بينما في الواقع تقوم أمريكا بنهب كنوزهم الحقيقية، بمعنى رأس المال البشري. نظرياً سيفضّل الروس الوطنيين الأكثر تعليماً تحقيق إمكاناتهم في وطنهم، من أجل تحقيق الخير لروسيا. ولكن بفضل جهود العملاء الأمريكيين، يتم تحريك الروس الموهوبين للحصول على فرصهم في الغرب. إن أمريكا تقدر القيمة العظيمة لهجرة الأدمغة الروسية والتي تفوق أي ملكية كاملة للمواد الهيدروكربونية في روسيا.
ولا ينسى صاحب الرسالة المزعومة أن ينصح زميله "ويرموود" بأن يذكّر الكونغرس بأن أمريكا حصدت كل هذه الإنجازات بدون أن تحمّل دافعي الضرائب الأمريكيين أي تكلفة، مع استمرار العملاء الأمريكيين في روسيا بتقديم خدماتهم إلى أمريكا مجاناً.
http://24.ae/mobile/article/179838/أمريكان-إنترست-مؤامرة-سرية-لتدمير-روسيا.aspx
ويعرض لنا الكاتب رأيه في صورة الإيهام السردي من خلال عرض رسالة بريد إلكتروني يزعم أنها تعود إلى مطلع عام 2015، بين اثنين من مسؤولي الحكومة الأمريكية، الذين يتم الإشارة إليهما بأسماء مستعارة، ولا يمكن تأكيد صحة هذه الرسالة من زيفها. ويطلب الكاتب من القراء أن يحكموا بأنفسهم مدى قربها من الواقع.
يخاطب صاحب الرسالة شخصا يُدعى "ويرموود" يعمل على مسوّدة تقرير سنوي سيعرضه أمام الكونغرس حول تدمير روسيا. ويسرد له أهم إنجازات فريق العمل المشترك بين الوكالات الأمريكية لتدمير روسيا خلال العام الماضي.
انهيار روسيا من الداخل قريباًتبدأ الرسالة بالإشارة إلى قرب انهيار روسيا من الداخل تماماً، فلا يزال الفساد مستمراً بلا هوادة، والسمعة التجارية المروعة لروسيا تقف عائقاً أمام الاستثمار الأجنبي وتعمل كحافز لهروب رؤوس الأموال. ويبدو التصلُّب الناجم عن "الديمقراطية الموجَّهة" لا رجعة فيه على نحو فعال.
وكان أهم خبر في عام 2014، بطبيعة الحال، هو غزو روسيا لأوكرانيا. برغم أن هذه الحرب، في أحد معانيها، تمثّل تتويجاً منطقياً لسنوات من العمل الدؤوب من قِبَل العملاء الأمريكيين في روسيا، فإن فجائية الأحداث وحجمها حمل مفاجآت لا يمكن تصورها، بما في ذلك: الاغتراب التام لأمة متشابهة الجذور والملامح، نقلة نوعية في نمو أعباء الإمبراطورية لموسكو، العسكرة التي لا يمكن لروسيا تحملها، والقطيعة من جانب أوروبا ومعظم جمهوريات ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وكلها ضربات متكررة لاقتصاد روسيا المتهالك، فما الذي لا يعجب أمريكا في ذلك؟
ويضيف صاحب الرسالة المزعومة أن اللمسة الأخيرة تتضمن مساهمة العملاء الأمريكيين في زيادة تدهور الوضع في روسيا إلى درجة ميؤوس منها، بحيث ضيعوا عليها كل الفرص التي تجعل أوكرانيا تسيروراءها طوعاً بينما تفتقر روسيا ما يلزم للسيطرة على أوكرانيا واحتلالها بالقوة ولذا استثمرت بعمق في الصراع لخفض خسائرها والخروج منها. إن إقليم "دونباس" بمثابة جرح نازف يهدد بإصابة الجسد السياسي الروسي بأكمله. والفوز للأمريكيين في هذه القضية على كافة الأصعدة.
حملة أمريكية ضد الروسويعرج صاحب الرسالة إلى التنويه لحملة أمريكية أوسع من الحرب في أوكرانيا وتشمل جميع أنحاء جمهوريات ما بعد الاتحاد السوفياتي. فقد روّج "العملاء الأمريكيين" لفكرة الاتحاد الأوراسي الذي لا يراه جيران روسيا إلا تهديداً للسيادة ومحاولة لاستخدامهم كوقود لمكائد روسيا الجيوسياسية. لقد تم استخدام قضايا مثل "حروب الغاز" أو "حروب الحليب" أو قيود "الصحة النباتية" "لإقناع" الدول المترددة في الانضمام إلى الاتحاد الأوراسي، لكنها تأتي بتأثيرات معاكسة.
بالإضافة إلى ذلك، أكد العملاء الأمريكيين أن متوسط العامل الضيف لرابطة الدول المستقلة في روسيا سيتم استغلاله بلا رحمة من قِبَل صاحب العمل، وسيتعرض للمعاملة السيئة من قِبَل الشرطة، وسيخضع للتهديد من قِبَل البلطجية العنصريين.
في الواقع، تم تخصيص سياسة الهجرة لموسكو لإلحاق أقصى ضرر، فهي لا تمنع بجدية هجرة العمال الضيوف لرابطة الدول المستقلة، وإنما تضمن أن يكوّن المهاجرون وزملاؤهم المواطنين في الداخل أسوأ انطباع ممكن عن روسيا. مع مرور الوقت، فإن ضغوط التكامل الأوراسي جنباً إلى جنب مع سوء معاملة العمال الضيوف لرابطة الدول المستقلة سيؤدي إلى نفور كل من النخب والناس العاديين في "المحيط القريب" حول روسيا.
وبقليل من المساعدة من أصدقاء الأمريكيين في روسيا، يمكن النظر إلى الأمام مع انضمام روسيا البيضاء مؤخراً إلى حلف شمال الأطلسي. وعلاوة على ذلك، فإن دعم الطاقة الكبيرة اللازم لإغراء الجيران المترددين والاحتفاظ بهم في الاتحاد الأوراسي سيعمل على تسريع إفلاس روسيا.
وبالنظر خارج دول ما بعد الاتحاد السوفياتي، وجه العملاء الأمريكيين روسيا إلى طرق أخرى مسدودة لدعم أكثر الأنظمة البغيضة في جميع أنحاء العالم. ففي سوريا، توجه الروس بدعمهم إلى الأسد، وهو ما أدى إلى غضب ونفور أوروبا وجزء كبير من العالم العربي.
تباعد روسيا عن العالم العربيومن المعلوم أن المحللين الروس يطالبون موسكو بالدفاع عن معقلها الأخير في الشرق الأوسط. وبفضل العملاء الأمريكيين المؤثرين، أصبحت سوريا هي آخر محطة لروسيا في المنطقة. بل إن فترة البقاء القصيرة لنظام الأسد تعمل على تعميق المرارة التي تشعر بها الأغلبية السُنيّة تجاه روسيا. في الواقع، يؤدي تضامن روسيا مع القوات الشيعية- الإيرانية، والأسدية، وحزب الله- إلى ضمان حدوث تباعد أكبر بين روسيا و90% من المسلمين في العالم الذين يعتنقون المذهب السنّي. وكما رأينا ما حدث بالفعل في ليبيا، فإن الانهيار الحتمي للأسد وغيره من الدول العميلة لروسيا سوف يحرم موسكو في نهاية المطاف من مليارات الدولارات التي استثمرتها فيها ويتركها في عزلة متزايدة ويحيطها بكراهية دولية.
ومن المفارقات الطيبة بالنسبة للأمريكيين، يقول الكاتب، أن الروس يتحدثون عن حسد أمريكا للموارد الروسية العظيمة، بينما في الواقع تقوم أمريكا بنهب كنوزهم الحقيقية، بمعنى رأس المال البشري. نظرياً سيفضّل الروس الوطنيين الأكثر تعليماً تحقيق إمكاناتهم في وطنهم، من أجل تحقيق الخير لروسيا. ولكن بفضل جهود العملاء الأمريكيين، يتم تحريك الروس الموهوبين للحصول على فرصهم في الغرب. إن أمريكا تقدر القيمة العظيمة لهجرة الأدمغة الروسية والتي تفوق أي ملكية كاملة للمواد الهيدروكربونية في روسيا.
ولا ينسى صاحب الرسالة المزعومة أن ينصح زميله "ويرموود" بأن يذكّر الكونغرس بأن أمريكا حصدت كل هذه الإنجازات بدون أن تحمّل دافعي الضرائب الأمريكيين أي تكلفة، مع استمرار العملاء الأمريكيين في روسيا بتقديم خدماتهم إلى أمريكا مجاناً.
http://24.ae/mobile/article/179838/أمريكان-إنترست-مؤامرة-سرية-لتدمير-روسيا.aspx