في عام 1958 وبمساعدة فرنسية أنشأت دولة الاحتلال الإسرائيلي مفاعل ديمونا النووي، وأعلنت أن الهدف من إنشاء مبنى هذا المفاعل هو توفير الطاقة لمنشآت تعمل على استصلاح منطقة النقب المحتلة، أي أنه لأغراض غير عسكرية محضة، حسب بيان رئيس وزراء الاحتلال “بن غوريون”.
رصدت من أجل هذا المشروع 1500 من العلماء والمهندسين والفنيين مع خبراء فرنسيين معدودين، واستوردت الماء الثقيل من النرويج, ونقل سلاح الجو الفرنسي سرًا أطنانا من المواد الخاصة لدولة الاحتلال، ورغم أن مشروع المفاعل بقي سريا حتى عن الحليف الأمريكي للاحتلال إلا أن دلائل عدة ما زالت تسرب حتى اليوم تؤكد أن المفاعل هو نووي في المقام الأول والأخير، وهذا ما جعل دولة الاحتلال في تخوف مستمر من استجابة المجتمع الدولي لضغوطات تطالب بالرقابة على هذا المفاعل وكشف حقيقة عمله خاصة بعد توقيع الاتفاق النووي الأخير مع إيران.
تقرير “ساسة بوست” يعرض عشر حقائق حول المفاعل ديمونا
ألمانيا الغربية مولت ديمونا ب500 مليون دولار:
نشرت صحيفة “داي فيلت” الألمانية في مايو الماضي، تقريرا يكشف عن دور ألمانيا الغربية “شبه مؤكد” في تمويل البرنامج النووي الإسرائيلي في الستينيات، ويؤكد التقرير أن ألمانيا الغربية في عام 1961 قدمت قرضا بقيمة 500 مليون دولار لإسرائيل على أكثر من عشر سنوات.
وظهر الاشتباه في أن ألمانيا الغربية متورطة في تمويل ديمونا لأول مرة “عندما كتب بن غوريون تعليقًا لصحيفة إسرائيلية قال فيه إن المواجهة مع حكومة أديناور قد تعطل تطوير إسرائيل للرادع النووي، وإن هذا الرادع جزء لا يتجزأ من أمن إسرائيل ومنع الحروب المستقبلية”.
تسريبات ديمونا تهدد مناطق عربية واسعة:
نتيجة دفن مخلفات نووية تعود إلى ما قبل عشرين سنة، وصلت تسريبات ديمونا لمناطق عربية واسعة، وصلت للمياه الجوفية على حدود ليبيا ومنطقة تبوك السعودية، و للكرك والطفيلة ومادبا بالأردن. وكما تكشف دراسة العالم الأمريكي أفنير بنجوش الذي يعمل في جامعة بن غوريون بدولة الاحتلال (أجريت خلال عامي 2010 -2011) أن نسبة التسريب النووي من مفاعل ديمونا في تزايد، وخاصة بعد تسربه للمياه الجوفية.
يقول نائب رئيس قسم الشرق الأوسط في هيئة الأطباء الدوليين للحماية من الحرب النووية المعروفة ب’IPPNW’ الدولية د.محمود سعادة :” أن المخلفات النووية الإسرائيلية التي كانت تدفن سابقا في قطاع غزة وحاليا في الضفة الغربية وجنوب فلسطين، قد وصل تأثيرها في المياه الجوفية حتى حدود ليبيا وتبوك في السعودية”، وأضاف:”التسريبات النووية من مفاعل ديمونا طالت الكرك ومادبا والطفيلة إضافة لجنوب الضفة الغربية وخاصة منطقة بني أنعيم والظاهرية ويطا، والمناطق التي تطالها في إسرائيل هي بئر السبع وديمونة وريمون ومنطقة عراد”.
الاتحاد السوفيتي خطط مع مصر لقصف ديمونا ردًا على عدوان حزيران عام 1967:
معلومات حديثة، كشفت عن وجود مخطط أبان حرب حزيران عام 1967 وضعه الاتحاد السوفيتي بالتعاون مع مصر لقصف مفاعل ديمونا كرد على العدوان الإسرائيلي، وتذكر تلك المعلومات أن مصر بالفعل قامت بعدة طلعات جوية تجريبية وحلقت فوق المفاعل، لكن قيام دولة الاحتلال بتدمير قوات الجو المصرية شبه الكامل خلال الساعات الأولى من الحرب حال دون تنفيذ المخطط المصري.
يقول قائد قوات الجو الإستراتيجية السوفيتية سابقا الجنرال فاسيلي ريشيتنيكوف : “خططنا مع مصر لاستفزاز إسرائيل لتوجيه ضربة لتدمير المفاعلات النووية الإسرائيلية في ديمونا كرد على العدوان الإسرائيلي”، ويضيف : “تسلمنا خارطة تضمن مواقع المفاعلات الإسرائيلية إلا أن النجاح الإسرائيلي في اليوم الأول من الحرب حال دون التدخل السوفيتي الذي لم يكن قادرًا على تنفيذ المهمة دون غطاء قوي من المقاتلات المصرية التي تم تدميرها”.
تهديد إيران لـ«إسرائيل».. يأتي من إمكانية قصف ديمونا:
لطالما أعربت دولة الاحتلال عن تخوفها من ضرب إيران لها، بالتحديد كان تخوفها ينحصر في إمكانية توجيه “حزب الله” لصواريخه بدعم من إيران وقصف مفاعل “ديمونا” النووي.
وتذكر دراسة أعدها مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي ( (INSS أن دولة الاحتلال أخذت بسيناريو “إطلاق صواريخ من إيران، ومن الجنوب اللبناني عبر “حزب الله” باتجاه مفاعل “ديمونا” النووي في صحراء النقب الإسرائيلية، أو باتجاه أهداف إسرائيلية أخرى، يمكن تصنيفها على أنها نووية، لتمرير رسالة لإسرائيل تحمل عنوان “العين بالعين”.
وفي هذا السياق، عد حصول “حزب الله” اللبناني على صاروخ سمي بـ”فاتح”، وهو صاروخ ذو طراز جديد من الصواريخ متوسطة المدى، ذات قدرات تدميرية كبيرة، خطر كبير لأنه يعني وصول مداه إلى مفاعل “ديمونا”، حيث يتراوح مداه بين 250 و350 كيلومتر، ويمكن تزويده بحمولة من المواد شديدة الانفجار، تبلغ زنتها 500 كيلوغرام، كما أن سرعته تبلغ 1.5 كيلومتر في الثانية الواحدة.
وحسب وكالة “فارس” للأنباء فإن “مفاعل ديمونا النووي اليوم يعد هدفًا سهلًا للمقاومة، التي أضحت قادرة على ضرب أية نقطة في الأراضي المحتلة”.
منظومة متكاملة في المفاعل لمنع التجسس عبر الأجهزة الخلوية والإنترنت:
تمنع الترتيبات الأمنية في مفاعل ديمونا التقاط الصور حتى من محيط المفاعل، ولكن مع تقدم التكنولوجيا تخوفت دولة الاحتلال من تمكن استخدام الأجهزة الخلوية للتجسس على المفاعل، من أجل ذلك شغل الاحتلال مؤخرًا منظومة من التدابير لمنع التجسس على ديمونا النووي، فمنع العمال والموظفين من استخدام أجهزتهم الخلوية والدخول إلى الإنترنت.
ويذكر وقع “والاه” العبري أن الاحتلال وضع أجهزة متطورة في المفاعل النووي لمنع استخدام الأجهزة الخلوية من قبل العاملين في المفاعل للتجسس، فمجرد وصول العمال والموظفين إلى المفاعل، فأن أجهزتهم الخلوية لا تستطيع العمل سوى للاتصال الهاتفي، بحيث لا يستطيع التقاط الصور وكذلك الدخول إلى الإنترنت من خلال الهاتف الخلوي.
الاحتلال يتخوف من فرض الرقابة الدولية على ديمونا عقب توقيع الاتفاق النووي:
رغم أن إقرار الاتفاق لا يلزمها بشيء، إلا أن مخاوف الاحتلال تزايدت عقب توقيع الاتفاق النووي الذي توصلت إليه الدول الكبرى مع إيران من مطالبتها دوليا بالرقابة على الأنشطة النووية فيها وخصوصا على مفاعل ديمونا النووي. أي تتخوف من قيام الوكالة الدولية للطاقة الذرية باتخاذ قرار بفرض رقابة دولية على نشاطها النووي.
ولذلك سارعت دولة الاحتلال لشن حملة دبلوماسية بهدف إحباط اتخاذ قرار كهذا ضدها ووقف أي ضرر سياسي يجذب انتباه العالم على برنامجها النووي، خاصة أن دول عربية قدمت إلى الوكالة الدولية مشروع قرار بعنوان “القدرات النووية الإسرائيلية” يندد بدولة الاحتلال ويطالبها بفتح منشآتها النووية أمام مفتشي الأمم المتحدة ويدعو إلى عقد مؤتمر دولي حول نزع الشرق الأوسط من السلاح النووي.
خبراء ديمونا قاموا بتجارب عن القنابل الإشعاعية:
بعد تسع سنوات ( عام 2006) من بدء التدرب على آلية التعامل مع وقوع هجوم إشعاعي عليها، أعلنت دولة الاحتلال الإسرائيلي عن قيامها بتجارب على القنابل الإشعاعية بما فيها مواد مشعة في صحراء النقب، ضمن مشروع “الحقول الخضراء” الذي يشرف عليه خبراء من مفاعل ديمونا النووي.
وتوضح صحيفة “هأرتس” أن التجارب فعليا بدأت في صحراء النقب من قبل خبراء في مفاعل ديمونا النووي عام 2010 وانتهت هذه التجارب عام 2014 ، حيث جرى تفعيل 20 عبوة ناسفة بوزن ربع كيلوغرام حتى 25 كيلوغرام وتضمنت هذه العبوات مواد مشعة، وتم رصد الإشعاعات الصادرة نتيجة هذه الانفجارات والمدى الذي تصل له وطبيعة الأضرار المختلفة، بهدف كيفية التعامل معها في حال وقع على الاحتلال هجوم بهذه القنابل .
الاحتلال أخفى حقيقة مفاعل ديمونا عن الولايات المتحدة:
في مايو الماضي، كشفت مجموعة قديمة من وثائق أرشيف الأمن القومي في جامعة جورج واشنطن عن الدور الذي لعبه والد وزير الخارجية الأمريكي الحالي جون كيري “ريتشارد كيري”، في إشاعة أن مفاعل ديمونا هو مصنع للنسيج فقط.
حيث يؤكد الباحثان في التاريخ النووي، أفنير كوهين، وبيل بور أنه كان هناك هدف بإخفاء كل شيء عن عيون الأميركيين إلى أن أصبح مفاعل ديمونا حقيقة ثابتة، استغرق ذلك ما يقارب أربع سنوات، بين عامي 1957 و1960، وقد تكللت محاولات إخفاء المشروع في ديمونة بالنجاح، إما بسبب الخطوات التي اتبعتها إسرائيل وفرنسا لحماية المعلومات وإما بسبب فشل الاستخبارات الأمريكية في جمع وتحليل وتنسيق مشترك مع مختلف الوكالات والشخصيات السياسية في واشنطن.
يذكر أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تواصل منذ 45 عام و حتى اليوم إخفاء حقيقة ديمونا النووية، وتعلن أن هذه المنشأة هي جزء من جهد وطني لتطوير النقب، يهدف إلى توسيع المعارف الأساسية وإلى مزيد من التنمية الاقتصادية.
ديمونا يهدد الأسرى بسبب قرب سجون الاحتلال منه:
يهدد مفاعل ديمونا مئات الأسرى الفلسطينيين الموجودين في سجون النقب ونفحة وإيشل وريمون، تلك السجون الواقعة في جنوب الضفة الغربية التي تزيد فيها نسبة الإشعاع بسبب قربها من مفاعل ديمونا النووي في صحراء النقب.
ومن أجل إنقاذ حياة الأسرى، طالبت العديد من المؤسسات الفلسطينية بنقل الأسرى من تلك المناطق المجاورة للمفاعل للبعد عن الأخطار الناجمة عن الإشعاعات، وكان مركز «الأسرى الفلسطيني للدراسات» قد حذر من الخطر البيئي والبيولوجي للغبار الذري المنبعث من مفاعل ديمونا على الأسرى في تلك السجون.
فعنونو وإفشاء أسرار ديمونا:
واحدة من أشهر القضايا المتعلقة بإفشاء معلومات حول برنامج الأسلحة النووي في ديمونا، هي قضية الجاسوس النووي الإسرائيلي موردخاي فعنونو الذي قضى عقوبة سجن لمدة 18 عاما، بعد إدانته بإفشاء معلومات سرية حول المفاعل.
ففي عام 1986 بعث التقني والخبير النووي السابق في مفاعل ديمونا لصحافيين صورا من داخل المفاعل ومعلومات عن القدرات النووية الإسرائيلية، هذه المعلومات سمحت لمختصين نووين أن يقروا بوجود قوة هائلة من الأسلحة النووية لدولة الاحتلال .
http://www.sasapost.com/dimona-nuclear-reactor/
التعديل الأخير: