اتجاهات تطوير الذخائر

إنضم
26 سبتمبر 2007
المشاركات
2,735
التفاعل
3,140 13 8
الدولة
Egypt
بسم الله الرحمن الرحيم

تعرضت القاعدة الصناعية للذخائر التقليدية في الدول الأوروبية خلال فترة الثمانينات لعوامل مختلفة لا يمكن إلقاء مسئولياتها فقط على تفكك الاتحاد السوفييتي. لقد أجبرت هذه العوامل المسئولين عن هذه الصناعة إلى إعادة التفكير في قدراتها ومستقبلها.

أدى تقلص حجم الطلب للذخائر التقليدية وعدم الوضوح الاقتصادي الذي أدى إلى الركود وإلى صعوبة الموقف الذي تواجهه المنشآت الصناعية للذخيرة كما أن انهيار الاتحاد السوفييتي، قد نتج عنه تغيرات جوهرية في ميزان الأمن الأوروبي وأجبر دولاً كثيرة شرقية وغربية إلى إعادة تقييم موقفها الدفاعي، قد أضاف بعداً جديداً لصعوبة موقف القاعدة الصناعية للذخائر التقليدية.



لقد كان الإنتاج والإمداد بالذخيرة لقوات الدفاع الوطنية هو مسئولية الصناعات الوطنية والتي كان يتم، في جميع الحالات، مساندتها سياسياً ومادياً بهدف المحافظة على قدرات الإنتاج الوطنية التي تؤمن الإمداد بالذخيرة عند الحاجة إليها. قد تكون انجلترا مثلاً واضحاً لذلك حيث كانت الحكومة تقوم بمساندة ما يقرب من 47 منشأة صناعية لمعدات الدفاع أثناء الحرب العالمية ولقد حافظ ذلك على مساندة القوات البريطانية وقوات الحلفاء التي كانت تحارب ضد ألمانيا ويمكن اعتبار ذلك إنجازاً كبيراً إذا نظرنا إلى الصعوبات الكبيرة التي كان سيواجهها الحلفاء لو كان اعتمادهم على الإمدادات التي تعبر الأطلنطي.

لقد كان الشعور بالاكتفاء الذاتي هو الذي جعل القاعدة الصناعية للذخيرة مظهراً من مظاهر الكبرياء الوطني وهذا الوضع قد أدى ولسنوات كثيرة إلى عدم التفكير في إعادة تشكيل هذه الصناعة لتواجه مطالب السوق العالمية. عندما شعرت هذه الدول ببداية انهيار صناعتها الوطنية فإن رد فعلها كان سريعاً وحاسماً وقامت بإعادة البناء الذي تم في معظم الحالات إما على أساس المنطق العقلي أو المساندة المستمرة (للحصول على مكاسب سياسية داخلية).

قد يكون إنتاج الذخيرة التقليدية للمدفعية مثالاً جيداً لتوضيح هذه الحالة. لا يحتاج إنتاج الذخيرة عيار 155ملم شديدة الانفجار إلى حد كبير إلى تقنية متقدمة ولذلك فإنها ومنذ عدة سنوات لم تكن من الأصناف التي تنفرد بإنتاجها الدول الصناعية الغربية. لقد نجحت الدول الغربية قبل بداية الثمانينات في اختراق أسواق دول العالم الثالث وباعت نظماً لأسلحة المدفعية وهو ما كان يبدو أنه سيخلق سوقاً مستمرة ومفتوحة للإمداد بذخائر هذه الأسلحة ولكن لم يمر زمن طويل حتى استيقظت الدول المستوردة وأدركت خطورة الاعتماد على المصادر الغربية للإمداد بالذخيرة وذلك لما يتضمنه ذلك من ارتباطات سياسية وما يصاحب ذلك من قيود.

فعندما تنشأ ظروف غير مناسبة فإن الدول المستوردة قد تجد نفسها في قائمة الدول التي يفرض عليها خطر استيراد الذخائر لأسباب سياسية (مثل باكستان والهند). ونتيجة لذلك فإن الدول المستوردة أدركت أن مطالب التكامل الوطني تتطلب الاكتفاء الذاتي في هذا المجال ونشأ عن ذلك الموقف الذي واجهته الصناعات الغربية وهو أن المطلوب ليس فقط الإمداد بنظم الأسلحة ولكن أيضاً الإمداد بالتقنية اللازمة للإنتاج المحلي للذخائر وهكذا بدأ نقل تقنية إنتاج الذخائر.


لقد أصبح هذا الأسلوب الآن أمراً طبيعياً ومعترفاً به ونتيجة لذلك فإن تلك الصناعات الصاعدة أصبحت منافساً تام النضج وغالباً ما تكون قادرة على هزيمة الصناعات الغربية، على أساس التكلفة والجودة. تعتبر الهند وباكستان وحديثاً سنغافورة من الأمثلة الواضحة لتطبيق هذه السياسة حيث أصبح شراء أي نظام سلاح غالباً ما يكون له علاقة بالقدرات الفنية للقاعدة الصناعية الوطنية لإنتاج الذخائر. وهكذا فإن الصناعات الغربية كان لها دوراً مباشراً في بناء وتنمية الصناعات المنافسة بالنسبة للأصناف التي لا تحتاج إلى تقنية متقدمة وخصوصاً في المناطق التي ليس عليها قيوداً صارماً للتصدير.

نتيجة لذلك فإن سوق الذخيرة العالمي قد شهد انخفاضاً ملحوظاً لتصدير الأصناف الغربية وأصبح إنتاج هذه الأصناف مقصوراً على إمداد القوات الوطنية أو الحلفاء التي تطلب مواصفات خاصة للذخائر مثل مواصفات دول الناتو ومع ذلك فلن يمض زمن طويل حتى يصبح إنتاج أنواع الذخائر، التي لا تحتاج إلى تقنية متقدمة في دول العالم الثالث، تهديداً حقيقياً للصناعات الغربية في أسواقها الوطنية.

يختلف الموقف بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، حيث إن السوق الأمريكية الداخلية هي أكبر أسواق العالم وقادرة على مساندة الصناعة التي لها طاقة إنتاجية كبيرة وبالرغم من ذلك فإن الولايات المتحدة تقع أيضاً تحت ضغط خفض الإنفاق العسكري وبالتالي فإنه من المتوقع أن يؤثر ذلك على المطالب من الذخيرة ولمواجهة ذلك فإنه من المنتظر أن تصدر تشريعات لحماية المنشآت الصناعية الكبيرة وذلك بوضع قيوداً خاصة على مواصفات الذخائر بالإضافة إلي التدخل الحكومي المباشر لتحقيق استمرارية الإنتاج وصيانة الخطوط العاملة وذلك بطلب شراء ذخائر على فترات مناسبة.



ضرورة الاتجاه إلى تطوير الذخائر:

أدركت الشركات الأوروبية أن فرصة المنافسة في إنتاج وتصدير الذخائر غير المتقدمة تعتبر محدودة وكان رد الفعل لهذه الشركات هو استغلال التفوق في التقنية لاستعادة سيطرتها وسبقها في هذا المجال. يحتدم الجدل حالياً بين الشركات الغربية والأمريكية المنتجة للذخائر حول استخدام التقنية المتقدمة مع ذخائر المدفعية ولا شك أن هذا الجدال سيحدد مستقبل هذه الصناعة.

أدى الاستخدام المتنامي للتقنية المتقدمة إلى تحديث كامل لمفاهيم استخدام عناصر المدفعية وبناء على هذه المفاهيم أصبحت عناصر المدفعية تعمل كقوة ثالثة تتميز بالمرونة وخفة الحركة العالية وقادرة على إنتاج النيران الدقيقة والمركزة مما ينتج عنه إحداث تدمير شديد للقوات المعادية. لقد كان استخدام الراجمات متعددة الأنابيب للصواريخ (Multi-Launchers Rocket systems (MLRS) والمدافع - الهاوتزرات ذاتية الحركة مثل SP109 خلال حرب تحرير الكويت هو تطبيقاً عملياً لهذا المفهوم الجديد. وأثناء مرحلة الهجوم البري أصبح من الواضح أنه في المعركة سريعة الحركة فإن استخدام أجهزة الإحساس (Sensors) وبيانات الاستخبارات يؤديان إلى زيادة دقة نيران المدفعية والاشتباك مع الأهداف المعادية على مسافات كبيرة من خط المواجهة.

تم استيعاب هذا الدرس وانعكس ذلك على التقنية الحالية لتطوير تشكيلات المدفعية. فمن المطالب الأساسية لدول الناتو أن تكون وحدات المدفعية المستقبلية قادرة على العمل ضمن قوات متعددة الجنسيات وذلك يتطلب إمكانية استبدال المكونات والذخيرة والمعلومات وأن تكون هذه الوحدات قادرة على العمل المستقل وهذا يتطلب إعادة التفكير في الإسناد الإداري وتوفير ذخائر ذات فاعلية أكبر (خصوصاً الذخائر عيار 155 ملم) وبالإضافة إلى ذلك فإنه من المتوقع أن تشتبك المدفعية مع الأهداف التي على مسافات بعيدة وبدقة عالية في التوقيت والمكان المناسبين بحيث يكون لقوة النيران تأثير حاسم على نتيجة المعركة من الاتصال القريب.

ويمكن تلخيص نتيجة هذا الاتجاه بأنه من المتوقع أن تكون الإصابات في القوات الصديقة محدودة وتقليل نفقات الحرب وهما الأمران اللذان لهما أهمية وبريق لكلا الرأيين السياسي والداخلي.
هناك اتجاهان لتناول كيفية استخدام التقنية المتقدمة مع ذخائر المدفعية. ترى المدرسة الأولى تطوير الأنواع الموجودة من الذخائر بحيث تكون أكثر فاعلية بالإضافة إلى إطالة مداها أما المدرسة الثانية فترى ضرورة الاستغلال الكامل للاتجاه الذي ينمو بسرعة وهو الذخائر الذكية Smart Ammunition.

الاتجاه نحو التحسن (المدرسة الأولى):

يبرر أصحاب المدرسة الأولى موقفهم بأن المطالب المستقبلية للقوات ستكون توفير كميات كبيرة من الذخائر ذات القدرة التدميرية الكبيرة والمنخفضة التكاليف نسبياً والقادرة على التعامل مع الأهداف المرئية المختلفة ويدعوآ أصحاب هذا الرأي إلى الاحتفاظ بالأنواع الحالية من الذخائر شديدة الانفجار (High Explosive) والمضيئة (Illuminating) والدخان (Smoke) مع زيادة فاعليتها وإطالة مداها.


ويضيف أصحاب هذا الرأي أن هذه الأنواع قادرة على التعامل مع أنواع مختلفة من التهديدات في أي صراع وبدون تخصيص مبالغ مالية كبيرة لتطوير الأنواع المتقدمة من الذخائر التي مازالت فاعليتها حتى الآن مثيرة للجدل ويدعو أصحاب هذا الرأي إلى تغييرات جذرية في المواد الدافعة (Propellants) التي هي الآن تحت البحث (لن يتم مناقشة هذه الاتجاهات في هذا المقال) وكذلك زيادة فاعلية مكونات هذه الذخائر ويتداخل الاتجاه الأخير مع مكونات وقدرات الذخائر الذكية وهذا التداخل ينحصر في كيفية أداء هذه الذخائر في منطقة الهدف ومع ذلك فيجب أن ينظر إلى هذا الاتجاه على أنه مكمل لتقنية الذخائر الذكية وليس بديلاً عنها.


يتجه التطوير بالنسبة للذخيرة عيار 155 ملم إلى اتجاهين نرى مراجعتهما وهما الذخيرة طويلة المدى وذخيرة التدريب المطورة والاقتصادية وهذين الاتجاهين لا يمثلان جميع الاتجاهات في مختلف بلاد العالم مثل استخدام القاعدة الباثقة (Base Bleed) والذخائر الحاملة (Cargo Munition) ولكن سنتعرض لهما كمثالين يوضحان حدود التطوير الحالي للذخائر.


يعتبر البرنامج الأمريكي لإطالة المدى أحد البرامج الطموحة في هذا المجال. يهدف البرنامج الأمريكي الحالي لإطالة المدى إلى تطوير طلقة عيار 155 ملم حاملة ذات دفع إضافي (بعد مغادرتها لسبطانة المدفع) يمكن الاشتباك بها مع الأهداف الموجودة على مسافات تزيد عن 40 كيلومتر وبدقة كبيرة مع الاحتفاظ بنفس عدد ذخائر العيار المصغر (Submunitions) وهذا التطوير يعتبر تطويراً إضافياً للذخائر التي من فصيلة الطلقة موديل M483 (المدى 27 كيلومتر) والطلقتين موديل M864 و M549 (المدى 36 و 38 كيلومتر على التوالي) وحتى ذخائر المدفعية طويلة المدى (44 45 كيلومتر تقريباً).


يستغل البرنامج الحالي لإطالة المدى التقدم التقني في مجالين هما الاحتراق القاعدي (Base Burning) والدفع الصاروخي (Rocket Assitance) مع استخدام تقنيات جديدة للدفع. يشمل البرنامج الحالي لإطالة مدى الذخيرة عيار 155 ملم موديل XM982 استخدام الاحتراق القاعدي لمدة 15 ثانية بعد الإطلاق ثم يليها استخدام المدفع الصاروخي لمدة 5.1 ثانية ويؤدي ذلك إلى تحقيق المدى المطلوب وعند الوصول إلى منطقة الهدف يتم فتح المقذوف وإسقاط ذخائر العيار المصغر (72 قنيبلة موديل M42 و M46).


من المتوقع أن يكون قد تم الانتهاء من اختبارات الأداء والتقييم والتجارب النهائية للإقرار وتم البدء في مرحلة التطوير الشامل. بالإضافة إلى إطالة المدى فمن المقترح أن تحتوي الطلقة XM982 على 132 من ذخائر العيار المصغر الذي يبحث عن وجود الهدف المدرع ويدمره (Sense and Destroy Armour Munitions (SADARM) أو تحتوي على ألغام مضادة للمدرعات تعمل من بعد (Remote Anti Armour Mine (RAAM) أو عبوة الكترونية للمراقبة أو التشويش.

بالنسبة للنوع الأخير من العبوات فإنه بعد الوصول إلى منطقة الهدف يتم طرد العبوة من المقذوف ثم بعد ذلك يتم فتح باراشوت خاص بالعبوة يعمل على توصيل العبوة الإلكترونية إلى منطقة الهدف ثم بعد ذلك يتم إرسال المعلومات التي تستشعرها العبوة إلى محطة استقبال أرضية.


يهدف المجال الثاني للتقدم التقني للذخائر التقليدية إلى تحسين التأثير التدميري للذخائر الحالية وتطوير ذخائر التدريب. يعتبر سوق ذخائر التدريب من الأسواق المفضلة لصناع الذخائر حيث يتم تحقيق أكبر عائد مادي (لأن استخدام الذخائر الحية في التدريب لا يتكرر كثيراً). نتيجة لذلك فإن أي جهد يبذل لتقليل نفقات استخدام الذخائر مع المحافظة على التوافق البالستيكي مع ذخائر العمليات سيتم الترحيب به.


من المتوقع عند استخدام الذخيرة الذكية باهظة التكاليف أن يقل عدد الذخائر المتوفرة للتدريب ولذلك فإن توفير طلقة تدريب بدلاً من الطلقة شديدة الانفجار الحالية سيؤدي إلى تحسين فرصة التدريب لوحدات المدفعية وبالتالي زيادة فاعليتها عند استخدام الأنواع الحالية من ذخائر التدريب.

بالنسبة لزيادة التأثير التدميري للذخائر الحالية فقد قامت بعض الشركات مثل شركة (Royal Ordnance)الإنجليزية بتصنيع طلقة بها كمية أكبر من المفرقعات ولها مدى طويل وتحسين الشظايا الناتجة منها وأطلق على هذا النوع من الطلقات HCERHE وهو اختصار ل (High Capcity Extended Range High Explosive) كما أخذت المويل RO30. ولقد ذكر أن الطلقة عيار 155 ملم موديل R030 قد زادت فاعليتها بنسبة 30% عن الطلقة عياد 155 ملم موديل M107 الأمريكية وذكر أيضاً أنه تم تجربتها أثناء حرب تحرير الكويت قبل التصديق على إنتاجها ومن المتوقع أن يتم استخدام نفس التقنية مع الطلقة شديدة الانفجار عيار 105 ملم.
بالنسبة لتطوير ذخائر التدريب فإنه يتم حالياً استخدام الذخيرة شديدة الانفجار ومرتفعة التكاليف بالإضافة إلى القيود الأمنية وضرورة توفير الميدان المناسب لاستخدامها.

لا شك أن معظم القادة الذين يستخدمون الذخيرة عيار 155ملم في التدريبات الحالية (حيث يتوفر عدد قليل من ميادين الرماية) سيوافقون على استخدام طلقة خاصة للتدريب وذلك بسبب الاعتبارات الأمنية ولأن تأثير الطلقة شديدة الانفجار يكون غير واضح للقوات التي تقوم بالتدريب وبالتالي فإن معظم تكاليف استخدام الطلقات شديدة الانفجار يكون بلا مقابل. ومع ذلك فإن هناك بعض التدريبات التي يفضل فيها استخدام الطلقة شديدة الانفجار منها التدريب على تقييم التأثير التدميري على الهدف حيث تتواجد بعض القوات في مركز ملاحظة متقدم بالقرب من مكان سقوط الطلقات أو التدريب على جو المعركة في حالة الاتصال القريب بالعدو حيث توجد القوات في الخنادق وتقوم المدفعية من أقل مسافة أمن بالضرب فوق رؤوس القوات الصديقة التي تتدرب على سماع وشم والإحساس بسقوط الطلقات على مسافة قريبة نسبياً منها (لا يمكن تحقيق ذلك بالمحاكاة). أما بالنسبة للتدريبات الأخرى فإنه يكون من المقبول استخدام طلقة تدريب للأغراض العامة.


لتحقيق ذلك قامت بعض الشركات ومنها شركة RO الإنجليزية بتصنيع طلقة عيار 155ملم للتدريب وينتج عنها ويض (RO25 -O5A1) وهذه الطلقة تتوافق بالستيكياً مع الطلقة عيار 155 ملم شديدة الانفجار وتحتوي على عبوة صغيرة تحدث وميضاً لتحديد مكان سقوط الطلقة لأغراض التدريب ولتقليل مدى هذه الطلقة فيتم زيادة سمك جدارها (المدى 4،12 كيلومتر ومسافة الأمن 46 متر ويمكن رؤية مكان سقوطها ليلا أو نهارا من مسافة 4 كيلومتر).

لا شك أن استخدام مثل هذه الطلقة سيتح التدريب في الأماكن التي بها قيود تمنع من استخدام الذخيرة الحية وتوفير بيئة نظيفة وتقليل تلوث الأرض بالإضافة إلى أن سيتم التخلص من مشكلة تطهير الذخائر التي لم تنفجر.


إن الاتجاه إلى تطوير الأنواع الحالية من الذخائر عيار 155 ملم يتناقص مع الاتجاه الذي تسلكه المصانع الأوروبية الأخرى وهو استخدام التقنية المتقدمة ولكنه في نفس الوقت يعكس الاتجاه البريطاني للإقتراب من السوق العالمي حيث من المتوقع أن يكون هناك استخدامات كثيرة للذخيرة التقليدية عيار 155 ملم في نفس الوقت الذي سيظل فيه تطوير وتصدير تقنية الذخائر الذكية محظوراً. وبالرغم من ذلك فيلزم التنويه إلى أن بريطانيا تقوم بدفع تطوير بمب الهاون الموجه عيار 81 ملم من النوع مرلين (MERLIN) وبمب الهاون عيار 120 ملم الموجه جريفين (GRIFFIN) بالتعاون مع شركات أوروبية أخرى.


الذخائر الذكية (المدرسة الثانية):

تنتمي المدرسة الثانية إلى المفهوم الجديد لاستخدام المدفعية استخداماً خاصاً ضد الأهداف المنتقاة ذات الطبيعة الخاصة حيث تستخدم لمهاجمة العربات المدرعة ونظم المدفعية وهذا هو مجال ما يسمى بالذخيرة الذكية والتي يمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسين هما الذخيرة الموجهة في مراحل طيرانها الأخيرة (Terminally Guided) والذخيرة التي يوجد بها جهاز إحساس في صمامها (Sensor - Fuzed).


من الناحية التاريخية فإن تطوير هذه الأنواع من الذخائر في أوروبا وأمريكا قد ارتبط بالصراع الذي كان بين حلف وارسو وحلف الناتو حيث كان الاعتقاد السائد لدى دول حلف الناتو أن حلف وارسو لديه حشد كبير من العناصر المدرعة لمهاجمة دول حلف الناتو. ونتيجة لأن هذا التهديد قد انتهى تقريباً فلقد تم إعادة التفكير لتبرير الاستمرار في هذه البرامج لتطوير الذخائر. وبغرض أن هناك سبباً موجوداً أو سيوجد لاستمرار مثل هذه البرامج فإن ما يلي ذلك هو مراجعة التفكير الحالي وموقف التطوير في البرامج الرئيسية الحالية.


بصفة عامة فإن هناك شعوراً بأن تغيير مهمة المدفعية نتيجة لاستخدام الذخائر المتقدمة سيؤدي وبدرجة كبيرة إلى تقليل كمية الذخيرة المطلوبة لإحداث التأثير المطلوب في الحرب (سيؤثر ذلك على الإسناد الإداري وتقليل النفقات).

وهذا الاتجاه يمثل تحولاً كبيراً عن الأسلوب الحالي لاستخدام المدفعية كما أنه يتمشى مع التطوير في تقنية المستشعرات والتعرف على الأهداف التي أدت إلى أن تكون المدفعية أكثر دقة وخفيفة الحركة ومرنة في المعركة الحديثة التي تتميز بسرعة الحركة. ومع ذلك فإنه يوجد بعض الشك في أن تطوير هذا النوع من الذخائر سيكون باهظ التكاليف ولذلك فإنه من الملاحظ أن عدداً قليلاً من الشركات قد تم اختياره للاستمرار في تطوير هذا النوع من الذخائر.

ومن الدول التي تؤيد هذه المدرسة السويد والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا بينما تتأرجح بريطانيا بين الاشتراك أو الخروج من هذه البرامج في مراحل مختلفة ولكنها تتمسك بالفكر المقابل لهذه المدرسة.


بالنسبة للفرق الرئيسي بين النوعين الرئيسين من الذخائر الذكية فإنه عند الحديث عن الذخائر الموجهة في مراحل طيرانها الأخيرة فإن هذا يعني أن المقذوف أو العيار المصغر المزود بباحث وأداة تحكم للتوجيه (في حالة المقذوف يوجد على الأقل برنامج للمسار) يتعرفان آلياً على الهدف ويتتبعانه ويتم التوجيه الذاتي حتى الاصطدام بالهدف. لقد كان الجيل الأول لهذا النوع من الذخائر هو الطلقة عيار 155 ملم كوبرهيد (Copperhead) وكان لها جهاز خارجي لإضاءة الهدف بالليزر حيث يتم توجيهها على الهدف ولقد أصبحت الآن خارج الخدمة.

وبصفة عامة فإن الذخائر الموجهة في مراحل طيرانها الأخيرة من المنتظر أن تكون قادرة على اكتشاف الهدف على مسافة تعادل 10 أضعاف المسافة التي يمكن للذخائر التي يوجد بصمامها جهاز إحساس أن تكتشفه عليها. والبرامج الحالية للذخائر الموجهة في مراحلها الأخيرة تكاد تكون مقصورة على ذخائر الهاون مثل ستركس (STRYX) ومرلين (MERLIN) وجريفين (GRIFFIN) وذخائر العيار المصغر الذكية الأمريكية (BAT) التي هي إختصار (Brillinat Anti-tank) والتي ستستخدم مع صواريخ الراجمات متعددة المواسير (MLRS).


في مقابل ذلك فإن الذخائر التي يوجد بصمامها جهاز إحساس قادرة على اكتشاف الهدف ولكن ليس لها قدرة على التحكم في التوجيه أو تحديد المسار. وهذا يعني ضمناً أن هذه الذخائر (دائماً ذخائر عيار مصغر) يمكنها البحث في منطقة أصغر من تلك المساحة التي يمكن للذخائر الموجهة في مراحلها الأخيرة أن تكتشف الهدف فيها ولذلك فإن ذخائر العيار المصغر يجب نشرها فوق منطقة الهدف بدقة عالية أكثر من الدقة اللازمة للذخائر الموجهة في مراحلها الأخيرة.

تهبط ذخائر العيار المصغر في اتجاه الأرض ويتم التحكم في سرعة هبوطها بواسطة مظلة أو أجنحة صغيرة وتقوم باستطلاع الهدف أسفلها في حركة دائرية. نظراً لطريقة عمل ذخائر العيار المصغر فإن الآلية المقبولة لتدمير الهدف هي استخدام الرأس الحربية التي تعمل بنظرية المقذوف المشكل بواسطة انفجار المفرقعات (Explosively Formed Projectiles EFP). من وجهة نظر العمليات فإنه من المهم أن يتم نشر ذخائر العيار المصغر بدقة فوق المنطقة التي من المحتمل بنسبة كبيرة أن يوجد بها أهداف منفصلة وهذا يعني أن هذا النوع من الذخائر غير مناسب للأهداف المتحركة مثل الوحدات المدرعة المتحركة ومن الممكن استخدام هذا النوع من الذخائر ضد حشود المدرعات في مناطق التجمع أو مناطق الاختناق بينما يتم استخدام الذخائر الموجهة في مراحلها الأخيرة ضد الأهداف المدرعة المتحركة.


لأسباب فنية وتمويلية تركزت مجهودات المدفعية على الذخيرة التي يوجد في صمامها جهاز إحساس. والبرامج التي هي حالياً تحت التنفيذ تضم برنامج سادرام (SADRAM) في الولايات المتحدة الأمريكية وبرنامج أسيد (ACED) في فرنسا وبرنامج بونس (BONUS) في السويد وبرنامج سمارت (SMART) في ألمانيا وجميع هذه البرامج يتم استخدامها مع ذخيرة العيار 155 ملم.


برنامج سادارم (SADARM):

تم بداية برنامج سادارم بعد نجاح استخدام الذخيرة عيار 155 ملم كوبرهيد. تعتبر ذخيرة السادارم ذخيرة عيار مصغر يمكن استخدامها مع المقذوف الحامل عيار 155 ملم وهي أيضاً من البدائل المقترح استخدامها مع الرأس الحربية لصاروخ الراجمات متعددة المواسير (MLRS) حيث تقوم الرأس الحربية بنشر ذخائر عيار مصغر يوجد بصمامها جهاز إحساس كما أن هذه الذخيرة لها رأس حربية تعمل بنظرية المقذوف المشكل بالمفرقعات (EFP). يستخدم هذا النوع من الذخائر أساساً في القصف المضاد للمدفعية ضد المدفعية ذاتية الحركة كما أنه يناسب الاستخدام المضاد لحشود المدرعات العادية.


يحتوي المقذوف الحامل عيار 155ملم على عدد 2 من ذخائر العيار المصغر سادارم يتم إسقاطهما فوق منطقة الهدف وبعد ذلك يقوم جهاز الإحساس الموجود في ذخيرة العيار المصغر بتحديد الارتفاع المناسب الذي يتم فيه فتح المظلة. عند ارتفاع ما يقرب من 130 متر يقوم الباحث بمسح المنطقة التي أسفله بنظام حلزوني حتى يتم اكتشاف والتعرف على الهدف، وعند ذلك يتم تفجير الرأس الحربية التي ينتج عنها مقذوف مشكل بواسطة انفجار المفرقعات.

يحتوي نظام الباحث على جهازي إحساس يعملان بالموجات المليمترية والأشعة تحت الحمراء حيث يتم تبادل المعلومات وتدقيقها وذلك لتلافي الإجراءات المضادة أو المعدات المشتعلة. من المتوقع أن يتم الإنتهاء من الاختبارات وإنتاج هذه الذخائر في نهاية عام 1995م.

برنامج سمارت (Smart):

بدأ برنامج سمارت عام 1983م وكان يهدف أساساً إلى تطوير الطلقة عيار 203 ملم ثم تم توجيهه في عام 1988م إلى تطوير الطلقة عيار 155 ملم. يهدف هذا البرنامج إلى تطوير ذخائر عيار مصغر يوجد بصمامها جهاز إحساس وغير شديدة التعقيد.

ستخصص هذه الذخائر للإشتباك مع حشود التشكيلات المدرعة كهدف أساس وضد المدفعية كهدف بديل ولقد تم التركيز أثناء التصميم على أن تكون منطقة الأمان صغيرة نسبياً مما يسمح باستخدام هذا النوع من الذخائر على مسافة قريبة نسبياً من القوات الصديقة.

يمكن استخدام الطلقة الحاملة الألمانية مع المدفع عيار 155 ملم الذي له طول ماسورة 39 عيار أو 52 عيار كما أنها تتواقف من حيث البالستيكا الخارجية (نفس جدول المسافات) مع الطلقة الأمريكية موديل M483 والطلقة الألمانية موديل 12 و DM وكلاهما طلقة حاملة لذخائر العيار المصغر التقليدية. يحمل الطلقة الحاملة الألمانية عدد 2 ذخيرة عيار مصغر تتكون كل واحدة منها من ثلاثة أجزاء: الأول هو وحدة التوجيه والاستقرار والثاني هو نظام الصمام وجهاز الإحساس (يعمل بالموجات المليمترية والأشعة تحت الحمراء) والجزء الثالث هو الرأس الحربية التي تدمر الهدف بواسطة المقذوف المشكل بالمفرقعات (EFP).

تحتوي وحدة التوجيه والاستقرار على أداة لتقليل السرعة ومظلة تعمل على الدوران الذاتي للمساعدة في مسح منطقة الهدف بمجرد خروج ذخيرة العيار المصغر من المقذوف الحامل. يتبع هذا النوع من ذخائر العيار المصغر نفس التسلسل الذي تقوم به ذخائر العيار المصغر سادارم من حيث اكتشاف وتدمير الهدف. من المتوقع أن يبدأ الإنتاج الكمي لهذا النوع من الذخائر من بداية عام 1996م إذا تم التصديق على إدخاله الخدمة.

البرنامج بونس (Bonus):

تم تطوير آلية عمل الطلقة عيار 155 ملم بونس المضادة للمدرعات بواسطة شركة بوفرز (Bofors) وتشبه آلية عمل كل من الطلقة الأمريكية سادارم والألمانية سمارت، تدعم وزارة الدفاع السويدية هذا البرنامج وقد يكون هو البرنامج الأوروبي الوحيد الذي يلقى مثل هذا الدعم.

بالرغم من أن طريقة عمل الطلقة بونس تشبه طريقة عمل كل من الطلقة سادارم وسمارت إلا أنها تمتلك بعض الخصائص الفريدة فهي تحتوي على ثلاث وحدات من ذخائر العيار المصغر يتم تزويد كل واحدة منهم بجناحين لتلافي تأثير الرياح الجانبية بالإضافة إلي ما ذكر من أن كل وحدة من ذخائر العيار المصغر لها معدل عال من الدوران يعمل على تحسين استقرار المقذوف أثناء تشكيله بالمفرقعات وتحسين الاختراق.

البرنامج أسيد (ACED):

يطلب الجيش الفرنسي أن تحقق الطلقة عيار 155 ملم أسيد مطلبين أساسين هما أن تكون الطلقة اقتصادية (Cost - Effective) (بمعنى أن يكون عدد الطلقات المستخدمة لتحقيق التأثير المطلوب والموصف محدوداً) والثاني تحقيق الدقة (يطلب الجيش الفرنسي تحقيق نسبة تدمير 30% ضد حشد مدرع له توزيع محدد بنسبة احتمال 50%). الهدف الأساسي لاستخدام الذخائر أسيد هو الاشتباك مع تشكيلات المشاة الميكانيكي والمدرعات حتى مستوى السرية (سواء متحركة أو ثابتة) والهدف الثاني هو تشكيلات المدفعية ذاتية الحركة.

يتم تطوير نموذجين لهذا النوع من الذخائر يتكون هذان النموذجان من مكونات يتم استخدامها مع البرامج الأوروبية الأخرى. يتم بناء النموذج الأول من المكونات التي يتم استخدامها مع البرنامج الألماني سمارت أما النموذج الثاني فيعتمد على المكونات التي تستخدم مع البرنامج السويدي بونس.

يحتوي كل من النموذجين على ثلاث وحدات من ذخائر العيار المصغر وتشبه طريقة عمل كل من النموذجين طريقة عمل الطلقة الأمريكية سادارم. يقوم بتطوير هذا النوع من الذخائر شركات فرنسية بالاشتراك مع الشركات الألمانية والسويدية العاملة في نفس المجال ومن المتوقع أن يبدأ الانتاج الكمي في عام 1998م.

مما سبق يلاحظ أن الطريقة الوحيدة لبقاء أي قاعدة صناعية لإنتاج الذخيرة هو تطوير منتجاتها بحيث تكون قادرة على المنافسة من حيث التكاليف والجودة. وهنا يثار تساؤل وهو هل استخدام التقنية المتقدمة جداً (المدرسة الثانية) يساوي حقيقة التكاليف الباهظة التي تنفق عليها أم أن تطوير الأنواع الحالية من الذخائر وذلك بزيادة قدرتها التدميرية وإطال مداها (المدرسة الأولى) هو الحل الأمثل. لا شك أن الإجابة على هذا السؤال ستكون صعبة ولا يمكن تحديدها إلا بالتقييم العلمي والعملي وهذا ما ستوضحه الأيام المقبلة.


المصدر
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
الف شكر اخي الكريم على الموضوع المميز
لكن هل فيه نية توريد هاذه الذخائر التدريبية الى الدول الاخرى لتسعمل في التدريب لان معضم جيوش العالم تستعمل الذخائر القتالية في التدريب مهما كان نوعها باجتناب الذخائر الخارقة المضادة للدروع لانها تتلف الماصورة الخاصة بالدبابات
 
الله يعطيك العافية اخوي ابوالبراء
تطورت الذخائر بشكل كبير ومؤثر وتطور معها طرق اطلاقها والقائها
تحطمت معها جميع الدراسات القديمة والكل الان في تسارع كبير لإنشاء
اكبر احتياطي من القنابل الموجهه .
 
عودة
أعلى