مراسل " روسيا ما وراء العناوين" يتواجد داخل أكبر غواصة في العالم. ويروي للقراء عما يجب عمله لكي يصبح المرء بحّاراً حقيقياً في هذه الغواصة.
أبحرت الغواصة النووية " دميتري دونسكوي" في أواخر شهر يونيو/ حزيران الماضي من مرفأ مدينة سيفيرودفينسك، المركز الرئيس لمرابطة الأسطول الشمالي. ومخرت هذه الغواصة عباب البحر الأبيض لتنفيذ المهمات الموكلة إليها، ومن بينها التنسيق مع القوات الروسية المضادة للغواصات.
تعُّد هذه الغواصات الفريدة من نوعها (من مشروع 941، أو الإعصار (Typhoon) بحسب تصنيف الناتو) أضخم غواصات في العالم. يصل طولها إلى 124 متراً، وتقارن بمساحة ملعبي كرة قدم، ويعادل ارتفاع هذا " الوحش" الحربي ـ البحري ارتفاع مبنى سكني من تسعة طوابق. وبفضل أبعادها الخيالية، دخلت غواصات " أكولا" ( القرش) الست في كتاب غينيس للأرقام القياسية.
وحصلت السفينة على هذه الأبعاد الضخمة نتيجة الحاجة لنصب صواريخ باليستية ذات أطوال غير قياسية على متنها، وبالتحديد تلك الصواريخ التي لم تتمكن الجهات المختصة من حملها إلى متن الغواصات العادية. وفي الوقت الراهن بقيت في قوام الأسطول ثلاث غواصات " أكولا" من أصل ست وهي " تي كا ـ 17 " أرخانغيلسك" و" تي كا ـ20 " سيفيرستال" و" تي كا ـ 208 " دميتري دونسكوي" التي تعدّ أضخم تعديل حديث لهذه " القروش" بفضل التحديث الذي جرى ما بين عامي 1996 و 2002.
تصوير: أوليغ كوليشوف
ويتمثل التحديث في إعادة تجهيز الغواصة النووية كغواصة قَطْر من أجل اختبار أحدث الصواريخ الباليستية " بولافا" التي صممت من أجل حاملات الصواريخ الاستراتيجية " مشروع 955 " بوريي"، نظراً لعدم وجود حواف من أجل تجارب إطلاق الصواريخ.
وعلى الرغم من أن اختبارات الصاروخ الباليستي " بولافا" قد انتهت، إلا أن غواصة " دميتري دونسكوي" تستمر في الخدمة في الكتيبة 18 لغواصات الأسطول الشمالي مع مكان المرابطة في قاعدة بيلومورسك العسكرية ـ البحرية في مدينة سيفيرودفينسك. ويخرج طاقم الغواصة إلى البحر باستمرار لإجراء تجارب مختلفة، وها هي الغواصة تستعد الآن لتنفيذ مهمات حربية في عرض البحر.
جُهزت حاملة الصواريخ بقمرتي إنقاذ قابلتين للعوم معلقتين على طول الحواف في منطقة حاجز الأجهزة المتحركة والمصممتين لإنقاذ جميع أفراد الطاقم. ويغطى الهيكل الخفيف بعوازل للصوت غير ناقلة للصدى ومضادات مطاطية للرادارات، ويبلغ الوزن العام نحو 800 طن. وبسبب هذه الأرضية تبدو الغواصة مثل لعبة مطاطية ضخمة.
هبطنا من حجرة القيادة عبر السلالم إلى داخل الغواصة ووجدنا أنفسنا في مركز القيادة الرئيس، وهناك بالتحديد تجري إدارة جميع منظومات السفينة عملياً: دفة القيادة وأسلحة الصواريخ وأجهزة الرادار. وفي حقيقة الأمر، فإن ذلك يُعد العقل المدبر لهذه السفينة، وهناك أيضاً تجري طقوس استقبال أفراد الطاقم.
وبالنسبة لمراسم انضمام البحارة فهي واحدة لكل الذين يغوصون للمرة الأولى، بغض النظر عن المنصب والرتبة. فعند التواجد داخل الغواصة تحت الماء يتعين على البحّار أن يشرب من غطاء مصباح السقف المليء بماء البحر من خارج الغواصة، وبعد ذلك يجب عليه أن يقبّل حدوة متأرجحة ( بالنسبة لغواصة " أكولا" هناك الصولجان، كتذكير بالصواريخ التي تحمل الاسم نفسه والتي جرى اختبارها على متن هذه الغواصة). أما الشيء الأهم في هذا الإجراء فهو عدم تلقي ضربة على الأسنان، أما بالنسبة للذي ينفذ هذا الاختبار بنجاح، فيحصل على هوية بحار ـ غواص، وكذلك، بحسب مزاج الطاقم، على هدية على شكل سمكة " فوبلا"، ويحدث أن يكون هناك ختم تذكاري على مكان طري عند " أسفل الظهر".
تعدّ غواصات مشروع 941 غواصات فريدة من نوعها، ليس بسبب حجمها وقوتها بقدر ما هو بسبب الشروط المريحة فيما يتعلق بالإقامة والخدمة والتغذية وراحة الطاقم، وبسبب ذلك فقد أطلق على هذا المشروع اسم " فندق هيلتون العائم".
توجد داخل الغواصة منطقة للاسترخاء تحتوي على ساونا ومسبح وسولاريوم وصالة تدريب وصالة للاسترخاء صممت فيها حديقة شتائية.
كما أن أجهزة التدريب من الجانب الأيسر مصممة من قبل مصمم الغواصات النووية في تسي كا بي " روبين"، ومن الناحية اليمنى مهداة من قبل المؤسسات المشرفة على هذه الغواصة.
مساحة المسبح 4×2 متر مربع، عمقه 2 متران، يتم ملؤه بالمياه العذبة وبمياه البحر، مع إمكانية تسخينها.
يدخل بحارة الغواصة إلى الساونا باستمرار، ذلك أن نظام الخدمة في البحر متوتر دائماً، فهم في سباق دائم مع الوقت.
تصوير: أوليغ كوليشوف
قبل بضع سنوات، كانت غواصة "أكولا" (القرش) تتباهى بالركن الحي في داخلها، فقد عاشت فيها مجموعة من الببغاوات وعصافير الكناري، غير أن هذه الطيور لم تتمكن من تحمل الغوص باستمرار، أما الآن فقد بقيت على متن الغواصة حديقة شتوية فقط.
يوجد في غواصة " دميتري دونسكوي" مقصورتان جماعيتان، الأولى لطاقم المبتدئين، والثانية للضباط. وتوجد فيها أيضاً معروضات تتحدث عن معركة " كوليكوف" الشهيرة، وهناك بالتحديد يوجد " بولافا" ( الصولجان) الذي يستخدم للطقوس المخصصة لاستقبال البحارة الجدد.
مقصورة الاستراحة للضباط
بالنسبة لمقصورة الاستراحة المخصصة لطاقم الشباب فهي أكثر تواضعاً من حيث التجهيزات، ذلك أن جميع قطع الموبيليا في هذه المقصورة والأماكن الأخرى مثبتة بالسلاسل في الأرض للحماية من التأرجح.
سُمح لنا برؤية جناح القائد الذي يحتوي على ثلاث صالات: صالة للمباحثات، قمرة القائد، ومقصورة لكبار الضباط .
أما الأماكن الأخرى من غواصة " أكولا" فلم نتمكن من زيارتها، فعلى الرغم من " عمرها" الكبير، إلا أن هناك أشياء كثيرة ما تزال سرية في هذه الغواصة العملاقة ومخصصة للعسكريين فقط. ويمكن للمرء أن يتمتع بمشاهدة هذه الغواصة الاستراتيجية بالقدر الذي يريده خلال وجودها في المرفأ فقط.
وبحسب خطط قيادة الأسطول الحربي ـ البحري الروسي، فإن هذه الغواصة سوف تبقى في الخدمة حتى عام 2022، ومن الجائز تماماً، أن يبدأ تحديثها بعد ذلك وأن تستمر في الخدمة لفترة أطول.
http://arab.rbth.com/science-and-technology/2015/07/28/30877.html
أبحرت الغواصة النووية " دميتري دونسكوي" في أواخر شهر يونيو/ حزيران الماضي من مرفأ مدينة سيفيرودفينسك، المركز الرئيس لمرابطة الأسطول الشمالي. ومخرت هذه الغواصة عباب البحر الأبيض لتنفيذ المهمات الموكلة إليها، ومن بينها التنسيق مع القوات الروسية المضادة للغواصات.
تعُّد هذه الغواصات الفريدة من نوعها (من مشروع 941، أو الإعصار (Typhoon) بحسب تصنيف الناتو) أضخم غواصات في العالم. يصل طولها إلى 124 متراً، وتقارن بمساحة ملعبي كرة قدم، ويعادل ارتفاع هذا " الوحش" الحربي ـ البحري ارتفاع مبنى سكني من تسعة طوابق. وبفضل أبعادها الخيالية، دخلت غواصات " أكولا" ( القرش) الست في كتاب غينيس للأرقام القياسية.
وحصلت السفينة على هذه الأبعاد الضخمة نتيجة الحاجة لنصب صواريخ باليستية ذات أطوال غير قياسية على متنها، وبالتحديد تلك الصواريخ التي لم تتمكن الجهات المختصة من حملها إلى متن الغواصات العادية. وفي الوقت الراهن بقيت في قوام الأسطول ثلاث غواصات " أكولا" من أصل ست وهي " تي كا ـ 17 " أرخانغيلسك" و" تي كا ـ20 " سيفيرستال" و" تي كا ـ 208 " دميتري دونسكوي" التي تعدّ أضخم تعديل حديث لهذه " القروش" بفضل التحديث الذي جرى ما بين عامي 1996 و 2002.
ويتمثل التحديث في إعادة تجهيز الغواصة النووية كغواصة قَطْر من أجل اختبار أحدث الصواريخ الباليستية " بولافا" التي صممت من أجل حاملات الصواريخ الاستراتيجية " مشروع 955 " بوريي"، نظراً لعدم وجود حواف من أجل تجارب إطلاق الصواريخ.
وعلى الرغم من أن اختبارات الصاروخ الباليستي " بولافا" قد انتهت، إلا أن غواصة " دميتري دونسكوي" تستمر في الخدمة في الكتيبة 18 لغواصات الأسطول الشمالي مع مكان المرابطة في قاعدة بيلومورسك العسكرية ـ البحرية في مدينة سيفيرودفينسك. ويخرج طاقم الغواصة إلى البحر باستمرار لإجراء تجارب مختلفة، وها هي الغواصة تستعد الآن لتنفيذ مهمات حربية في عرض البحر.
جُهزت حاملة الصواريخ بقمرتي إنقاذ قابلتين للعوم معلقتين على طول الحواف في منطقة حاجز الأجهزة المتحركة والمصممتين لإنقاذ جميع أفراد الطاقم. ويغطى الهيكل الخفيف بعوازل للصوت غير ناقلة للصدى ومضادات مطاطية للرادارات، ويبلغ الوزن العام نحو 800 طن. وبسبب هذه الأرضية تبدو الغواصة مثل لعبة مطاطية ضخمة.
هبطنا من حجرة القيادة عبر السلالم إلى داخل الغواصة ووجدنا أنفسنا في مركز القيادة الرئيس، وهناك بالتحديد تجري إدارة جميع منظومات السفينة عملياً: دفة القيادة وأسلحة الصواريخ وأجهزة الرادار. وفي حقيقة الأمر، فإن ذلك يُعد العقل المدبر لهذه السفينة، وهناك أيضاً تجري طقوس استقبال أفراد الطاقم.
وبالنسبة لمراسم انضمام البحارة فهي واحدة لكل الذين يغوصون للمرة الأولى، بغض النظر عن المنصب والرتبة. فعند التواجد داخل الغواصة تحت الماء يتعين على البحّار أن يشرب من غطاء مصباح السقف المليء بماء البحر من خارج الغواصة، وبعد ذلك يجب عليه أن يقبّل حدوة متأرجحة ( بالنسبة لغواصة " أكولا" هناك الصولجان، كتذكير بالصواريخ التي تحمل الاسم نفسه والتي جرى اختبارها على متن هذه الغواصة). أما الشيء الأهم في هذا الإجراء فهو عدم تلقي ضربة على الأسنان، أما بالنسبة للذي ينفذ هذا الاختبار بنجاح، فيحصل على هوية بحار ـ غواص، وكذلك، بحسب مزاج الطاقم، على هدية على شكل سمكة " فوبلا"، ويحدث أن يكون هناك ختم تذكاري على مكان طري عند " أسفل الظهر".
تعدّ غواصات مشروع 941 غواصات فريدة من نوعها، ليس بسبب حجمها وقوتها بقدر ما هو بسبب الشروط المريحة فيما يتعلق بالإقامة والخدمة والتغذية وراحة الطاقم، وبسبب ذلك فقد أطلق على هذا المشروع اسم " فندق هيلتون العائم".
توجد داخل الغواصة منطقة للاسترخاء تحتوي على ساونا ومسبح وسولاريوم وصالة تدريب وصالة للاسترخاء صممت فيها حديقة شتائية.
كما أن أجهزة التدريب من الجانب الأيسر مصممة من قبل مصمم الغواصات النووية في تسي كا بي " روبين"، ومن الناحية اليمنى مهداة من قبل المؤسسات المشرفة على هذه الغواصة.
مساحة المسبح 4×2 متر مربع، عمقه 2 متران، يتم ملؤه بالمياه العذبة وبمياه البحر، مع إمكانية تسخينها.
يدخل بحارة الغواصة إلى الساونا باستمرار، ذلك أن نظام الخدمة في البحر متوتر دائماً، فهم في سباق دائم مع الوقت.
قبل بضع سنوات، كانت غواصة "أكولا" (القرش) تتباهى بالركن الحي في داخلها، فقد عاشت فيها مجموعة من الببغاوات وعصافير الكناري، غير أن هذه الطيور لم تتمكن من تحمل الغوص باستمرار، أما الآن فقد بقيت على متن الغواصة حديقة شتوية فقط.
يوجد في غواصة " دميتري دونسكوي" مقصورتان جماعيتان، الأولى لطاقم المبتدئين، والثانية للضباط. وتوجد فيها أيضاً معروضات تتحدث عن معركة " كوليكوف" الشهيرة، وهناك بالتحديد يوجد " بولافا" ( الصولجان) الذي يستخدم للطقوس المخصصة لاستقبال البحارة الجدد.
مقصورة الاستراحة للضباط
بالنسبة لمقصورة الاستراحة المخصصة لطاقم الشباب فهي أكثر تواضعاً من حيث التجهيزات، ذلك أن جميع قطع الموبيليا في هذه المقصورة والأماكن الأخرى مثبتة بالسلاسل في الأرض للحماية من التأرجح.
سُمح لنا برؤية جناح القائد الذي يحتوي على ثلاث صالات: صالة للمباحثات، قمرة القائد، ومقصورة لكبار الضباط .
أما الأماكن الأخرى من غواصة " أكولا" فلم نتمكن من زيارتها، فعلى الرغم من " عمرها" الكبير، إلا أن هناك أشياء كثيرة ما تزال سرية في هذه الغواصة العملاقة ومخصصة للعسكريين فقط. ويمكن للمرء أن يتمتع بمشاهدة هذه الغواصة الاستراتيجية بالقدر الذي يريده خلال وجودها في المرفأ فقط.
وبحسب خطط قيادة الأسطول الحربي ـ البحري الروسي، فإن هذه الغواصة سوف تبقى في الخدمة حتى عام 2022، ومن الجائز تماماً، أن يبدأ تحديثها بعد ذلك وأن تستمر في الخدمة لفترة أطول.
http://arab.rbth.com/science-and-technology/2015/07/28/30877.html