بشكل عام عند تطوير مدافع دبابات المعركة الرئيسة ، يحرص المصممون على الاهتمام بالعديد من النواحي التقنية والفنية . فمثلاً إن لطول السبطانة عدداً من التأثيرات المتباينة الواجب مراعاتها عند التصميم الابتدائي . السبطانة الطويلة تزيد من فاعلية الطاقة المنقولة من شحنة الدافع إلى المقذوف ، فتزيد من عوامل الدقة والمدى . لكنها في المقابل تتأثر بالاهتزازات والتأرجحات أثناء حركة الدبابة خصوصاً على الطرق غير المستوية ، مما يعني تعريض المقذوفات لمظاهر التفرق والتشتت . وكلما زاد التفرق كلما زادت أعداد المقذوفات المطلوبة للتأثير على الهدف المعادي . هذه القضية تم تدارسها جيداً مع تطوير نسخة المدفع الألماني الأكثر طولاً L55 وكذلك نظيره الأمريكي M256E1 عيار 120 ملم . هذه الأسلحة الجديدة نسبياً هي بطول 6.6 م مقارنة بسابقاتها L44 وM256 التي يبلغ طولها الأقصى 5.3 م . هذه الزيادة في الامتداد كانت ضرورية لإنجاز وتحقيق سرعة فوهة أعلى وبالتالي طاقة حركية أفضل للمقذوف .. سبطانات المدافع الطويلة تتأثر أيضاً بظاهرة التدلي والانحناء ، نتيجة ارتفاع حرارتها أثناء عمليات الرمي أو الظروف المناخية ، كهطول المطر على سبطانة ساخنة ، وما تتعرض له من رياح جانبية ، تؤدي لتبريد جانب دون الجانب الأخر ، مما يؤدي إلى حدوث تمدد في سبطانة المدفع من جهة ، وتقليص الجهة المقابلة ، الأمر الذي يعرض سبطانة المدفع إلى التقوس والانحناء . إن تدلي السبطانة هو ناتج أيضاً للتأثيرات الميكانيكية mechanical effects ، حيث أن وزن السبطانة وثقلها يسبب انحناء ضئيل لمقدمتها من جهة فوهة السلاح . ومع السرعات العالية للقذائف الحديثة فإن الانحناء سيزيد ، ويؤثر بدوره على دقة الإصابة . وهكذا تصبح ظاهرة السوفان أو الميلان عامل مميز للمدافع ، خصوصاً الطويل منها (يبلغ طول سبطانة المدفع الفرنسي CN120-26 عيار 120 ملم ، المثبت على الدبابة Leclerc نحو 6.24 م ، في حين يصل طول سبطانة المدفع الألماني L44 من نفس العيار 5.30 م ، وفي النوع الأحدث L55 تبلغ هذه 6.6 م) . ومن أجل إيجاد حل جزئي لهذه المعضلة ، تزود مدافع دبابات المعركة الحديثة بنظام مراجعة لسبطانة السلاح MRS ، يثبت على طرف فوهة المدفع لقياس التدلي والميلان ، والسماح بعد ذلك بالتعديلات المطلوبة التي تلقن بدورها إلى نظام السيطرة على النيران FCS في الدبابة . كما يقوم الرداء الواقي الحراري Thermal sleeve الذي يحيط بالسبطانة ، بتقليل درجة حرارتها المرتفعة ، والحد من ظاهرة التقلص والانتكاس .
سبطانات المدافع الحديثة بشكل عام تصنع من سبيكة فولاذية عالية القوة والصلابة ، يطلق عليها HSLA ، والأحرف اختصار لفقرة "عالي المقاومة منخفض السباكة" . هذه السبيكة الفولاذية التي طورت أصلاً كمنتجات دلفنة لصالح خط أنابيب الألاسكا في أواخر الستينات ، تحتوي على نسبة عناصر سبائكية محدودة جداً Microalloyed steel (لا تتجاوز في العادة ما نسبته 0.05-0.15% والتي تتضمن الفاناديوم ، التيتانيوم ، الموليبدنوم ، البورون ، وغير ذلك) . وهي تزود ملكيات وخواص ميكانيكية عالية المقاومة تجاه مظاهر التآكل والإهتراء مقارنة بالفولاذ الكربوني Carbon Steel . الفولاذ وجد لكي يكون مادة ممتازة لهذا النوع من التطبيقات بسبب مجموعة عناصر متوازنة ومتكاملة ، مثل المرونة العالية ، قابلية الخضوع الممتازة ، القسوة السطحية ، درجة الانصهار (نحو 1510 درجة مئوية) ، أضف لذلك كله قابلية الطرق والصلابة تجاه الكسر ductility/fracture toughness . هذه الملكيات تمكن سبطانة المدفع من مقاومة جميع أنماط الفشل والإنهاك المحتملة . جدير بالذكر أن الرغبة في تعزيز خصائص الأداء والاستمرارية لدى هذا النوع من أنظمة السلاح ، تطلب في السنوات الأخيرة أن تكون المدافع قابلة للعمل والاشتغال في الضغوط الأعلى ، بالإضافة إلى زيادة عمرها العملياتي . لقد سار الاتجاه فيما مضى نحو استعمال شحنات دافع أكثر نشاطاً وطاقة energetic propellants والتي كان لها درجات حرارة مرتفعة جداً ساهمت بالنتيجة في مزيد من الاهتراء والتآكل لجوف سبطانة السلاح .
ومن أجل مواجهة أنماط الضعف والإنهاك ، تطلى تجاويف مدافع الدبابات الحديثة بعنصر الكروم Chrome plating . وعملية الطلاء هذه عبارة عن ترسيب كهربائي لتكسيه جوف سبطانة المدفع بطبقة رقيقة بيضاء مائلة إلى الزرقة من الكروم . مهمة هذه الطبقة مقاومة التآكل الشديد ، كما أنها تعمل على تحسين متانة المدفع ورفع أداءه . فوفق ما سبق توضيحه ، عمليات إطلاق النيران المتكررة تتسبب في تفاعل بين الطبقة الداخلية لتجويف السبطانة والغازات الجافة الناتجة عن احتراق شحنة الدافع . هذا التفاعل الكيميائي يسبب تآكل شديد لجوف لسبطانة غير المحمي جيداً . إن أحد وسائل المحافظة الأخرى على مدافع الدبابات ورفع أداءها ، تتمثل في عملية الصيانة المستمرة على سبطانات المدافع وتنظيفها باستمرار . الدليل التقني للدبابة الأمريكية أبرامز على سبيل المثال يؤكد على وجوب التنظيف بعد كل تمرين إطلاق نار للمدفع M256 عيار 120 ملم ، في حين أن الممارسة القياسية العسكرية في أراضي الاختبار تقترح نحو 5-10 عمليات تنظيف لكل سبطانة بالسنة . وتكون هذه إما بطريقة آلية في أرض الاختبار ، أو يدوية خلال العمليات الحقيقية في أرض المعركة . وعادة ما تتزامن هذه مع عملية فحص لتجويف السبطانة لمعاينة مستويات الإهتراء والأضرار . عملية التنظيف الآلية في ميادين الاختبار تتضمن ماكينة تنظيف مع فرشاة معدنية ومحلول تنظيف مع ثلاثة رجال ، ونحو 60 دقيقة للقيام بكامل العملية بالإضافة لاستكشاف مستويات الأضرار في السبطانة . التنظيف اليدوي في ساحة الميدان يتم بتجهيزات خاصة متوفرة ومخزنة في الدبابة أبرامز ، مثل الذراع الطويل والفرشاة ومادة حافظة ومحلول التنظيف .
**منقول**