بصراحة نظام الشاه كان خطر وجودي على الخليج كله , نظام قوي إقتصادياً و حضارياً مدعوم غربياً بشكل قوي , هو الطرف الأول في الحصول على السلاح الامريكي (يحصل عليه قبل إسرائيل نفسها) علاقته متينة جداً مع إسرائيل ويقيم صناعات عسكرية مشتركة معهم
إحتلال الجزر الإماراتية جزء من خطر كان ينتظر الخليج و في الحقيقة الخليج كان قبل 1967 علاقته سيئة جداً مع مصر و مصر أساسا ً لم تكن لتستطيع تقديم الكثير للخليج في حالة مواجهة عسكرية مع إيران بسبب إسرائيل , و العراق أضعف من أن تكون الند القوي للنظام الإيراني عسكرياً و إقتصادياً
الخليج وقتها كان يسير في خطين الأول إقامة علاقات عميقة مع الدولة الناشئة (باكستان) و الخط الثاني هو التفاهم مع أمريكا الحليف الأول لعدو الخليج إيران
و بالطبع هي سياسة من الملك فيصل السفير السعودي السابق بواشنطن , بعد الإطاحة بالملك سعود غير القادر على إدارة بلد في هكذا وضع صعب
و الخط الثاني بالذات هو بالطبع ما كان يضمن الحماية من التهديد العسكري الإيراني الذي لم يكن للسعودية قبل به وقتها
المهم جائت نكسة 67 و الخطر إزداد و التفاهم الإيراني-الإسرائيلي تضاعف عدة أضعاف بسبب إنه الزواج الأمريكي الإسرائيلي فعلياً بدأ بهزيمة 67 و بدأ تدفق الفانتوم و السكاي هوك و صواريخ الجابريل و الهوك و الام-48 و الام-60 و غيره من السلاح الأمريكي الحديث لإسرائيل و بكميات مهولة بأسعار رخيصة و تسهيلات في السداد و منح مالية للخزانة الإسرائيلية و تسهيلات إقتصادية , و جزء من ذلك كان تدعيم أسعار النفط الإيراني لإسرائيل عن طريق مضيق تيران الذي خسرته مصر في 67 (الطرف الاّخر من المضيق أهدته السعودية لمصر لأسباب عسكرية و خسرته مصر في 67 و إستعادته بعد ذلك )
المهم إنه بعد 73 تغيرت السياسة الدولية بشكل كبير , فالسادات أصبح أكثر إنفتاحاً على الغرب بسبب إزدراؤه للسوفيت بسبب عدم دعمهم لمصر سواءً في الحرب أو قبل الحرب و رفض تقديم السلاح الذي تطلبه مصر و السبب الأساسي عداوة عبدالناصر و من بعده السادات للشيوعيين و رفضهم لربط السوفيت الدعم العسكري بالشيوعية في مصر
المهم إنه القوميين العرب(الناصريين/اليساريين) سمهم كما شئت , لكن في المعتاد الناصريين وقتها كان صوتهم عالي في الصحافة و يتميز الناصريين عموماً بكراهية للسادات سواءً وقتها أو الاّن و كراهية للخليج أو لنكن محددين : اّل سعود
الأمر الذي كان يجبر السعودية على تخفيض الوتيرة العلنية للعلاقة مع أمريكا لوجود صوت إعلامي عربي يساري قوي جداً يصور أي علاقة مع الغرب على إنه خيانة للعروبة و الدين و تشبيهات أخرى
بعد بدء إنفتاح السادات على الغرب + مكاسب إقتصادية للخليج أعطته حق تحديد سعر النفط = مزيد من الإنفتاح المعلن على الغرب خصوصاً سنة 1975 عندما بدأت خطوات عربية طموحة (لم تستمر) أساسها كان إنشاء هيئة عربية مشتركة للتصنيع العسكري بدعم مادي خليجي و إستعداد فرنسي-بريطاني لنقل الكثير من التقنيات و كان الحديث وقتها عن إنتاج 250 مقاتلة ميراج اف و 200 مروحية لينكس انجليزية
لنختصر الوقت إنه ظهر في هذا الوقت صدام حسين و تزامن مع بلطجته على الخليج و عداوته لكامب ديفيد 77 و معاهدة السلام 79 و كلها خطوات ربما عارضها الخليج ظاهرياً بسبب صدام , لكنه توافق معها كثيراً و دعمها خصوصاً إنها ستسهم في علاقات أفضل مع الولايات المتحدة التي قدمت الكثير للخليج
تزامن هذا مع دعم لا محدود للإقتصاد الباكستاني سواءً عن طريق تشغيل عمالتهم أو مادياً و تقديم النفط مجاناً و غيره ثم جائت حرب الخليج الأولى و الثانية و دائماً كان وصف باكستان لدى المحللين هو الصديق القوى للسعودية خصوصاً بعد حصول باكستان على النووي
طوال هذه الفترة السعودية ظلت تغذي علاقتها الإستراتيجية بباكستان دون مقابل إلا ري شجرة علاقات طمعاً في قطف ثمارها عند اللزوم
و بدئاً من 2003 و مغازلة تركيا للسعودية بدأت السعودية في نهج مماثل مع تركيا لكنه تحطم في الحقيقة بسبب عدم رغبة السعودية في خسارتهم لمصر الحليف الوحيد المضمون بعد جيران الاتحاد الخليجي
عموماً تظل باكستان دولة ككثير غيرها : لديها الكثير من التحديات الإقتصادية
و بظهور الصين أعتقد إنه السعودية ظهر لها متحدي جديد هناك
و لأنه لا يوجد في السياسة الدولية صديق دائم فالعلاقات مع الولايات المتحدة نزلت لأقل درجاتها و ربما مع أغلب الدول الأوروبية أيضاً
و للمرة الأولى ربما تسعى السعودية لعلاقات كبيرة مع روسيا و ربما على حساب الولايات المتحدة , أو تسعى للموازنة مع الجميع بإدخال الروس على الخط خصوصاً إنها أصبحت قادرة على الاستغناء على حلفاء دائمين و تحديدا ً في الفترة بين 2004-2015 عكس قبل ذلك
أعتقد إنه السعودية لم تخسر الكثير بخسارة وضعها السابق في باكستان و كذلك مع الولايات المتحدة ,
الوضع الاّن أفضل بكثير من السابق
فالوضع العالمي متعدد الاقطاب و ما يمكن الحصول عليه من هنا يمكن الحصول عليه من "هناك" و "هناك" أصبح كثير هناك الكثير انت تتكلم عن الكثير من القوى التكنولوجية الصاعدة ( كوريا الصين روسيا ) بالإضافة للقوى القديمة ( الاتحاد الاوروبي المفكك اكثر مما كان عليه و إستعداد الكثير من الدول للتنازل عن الكثير مما كان ثوابت مثل فرنسا و إيطاليا مقابل عدم خسارة مكانتهم الدولية التقليدية التي إكتسبوها في قرون مضت و خسارتها لدول حديثة ككوريا الجنوبية و تايوان و البرازيل و الهند و غيرهم )