رفاق الفقيد يروون مآثره ويكشفون آخر توجيهاته قبل وفاته
الفريق الشعلان القائد المُلهِم .. ٣٦ عامًا من نجاحات الأرض والجو
محمد حضاض -سبق- جدة:كشف زملاء الفريق ركن محمد بن أحمد الشعلان قائد القوات الجوية الملكية السعودية رحمه الله عن آخر قرار اتخذه قبل أن يصاب بأزمة قلبية أدت لوفاته أول أمس في العاصمة البريطانية لندن.
وقال اللواء طيار ركن عبدالله الغامدي قائد القوات الجوية بالإنابة في حديث هاتفي لـ "سبق" ، إن الفريق الشعلان وأثناء وجوده في لندن بغرض إجراء مباحثات عسكرية قبل أن يتعرض لأزمة قلبية أدت لوفاته رحمه الله، كان في اتصال مباشر معه لإدارة الأعمال المهمة، مشيرًا إلى أن آخر قراراته كان التعجيل بصرف رواتب بعض المتدربين في أمريكا التي تأخرت بسبب خطأ تقني.
وأضاف: كان حريصًا على زملائه ومحافظًا على حقوقهم ومهتمًا بكل شؤونهم حتى في آخر لحظات حياته.
وكانت وزارة الدفاع السعودية نعت صباح أول أمس قائد القوات الجوية الملكية السعودية الفريق ركن محمد بن أحمد الشعلان، الذي وافته المنية إثر أزمة قلبية خلال رحلة عمل خارج المملكة.
ويتذكر اللواء الغامدي قائد القوات الجوية بالإنابة ذكرياته مع الفقيد ويقول "تخرجنا معًا عام ١٩٧٩م، وكان منذ بداياته مثابرًا في عمله عاشقًا للطيران وقد نال العديد من الجوائز خلال قيادته للطائرات في بداية حياته العملية وأذكر أنني سألته عن أجمل أيام حياته فقال دون تردد إنها تلك الأيام التي كان يحلق بطائرته في السماء قبل أن يتولى مهام قيادية إدارية على الأرض".
ويصف اللواء ركن الفقيد الشعلان بأنه كان ينسى نفسه ويتحامل على وقته وألمه في سبيل العمل، مؤكدًا أنه ومنذ توليه قيادة القوات الجوية وهو في اجتماعات مع القادة، لترتيب كل الأعمال خصوصًا بعد انطلاق عاصفة الحزم، حيث لم يكن يهدأ له بال إلا عندما يعلم بأن العمل يسير على الوجه الصحيح.
ويضيف اللواء ركن الغامدي متحدثًا عن رفيق عمره "أتذكر منذ أسابيع أنني طلبت منه أن يذهب للراحة بعد أن لاحظت الإرهاق باديًا على محياه، لكنه رفض مؤكدًا أنه سيواصل العمل حتى ينهي كل المهام التي بين يديه وكنت أعلم حينها بأنه لا ينم يوميًا إلا ٤ ساعات ليعاود العمل من جديد متنقلاً بين كل المواقع المهمة".
ويعلق على اهتمامه بالطيارين والطائرات"خلال عمليات عاصفة الحزم اضطر أحد الطيارين السعوديين إلى التخلي عن "توانك الوقود" ليخفف وزن طائرته وينجح في تفادي أحد الصواريخ التي أطلقتها الميليشيات الحوثية، واعتقدت حينها تلك الميليشيات أن توانك الوقود هي الطائرة، وبينما كنا نتبادل الحديث حول ذلك كان يفكر مليًا قبل أن يجتمع بنا ويتحدث عن الطبيعة الجغرافية الجبلية الوعرة التي سقطت فيها تلك التوانك، ويطلب مراجعة خطط الإنقاذ لو أن من سقط لا قدر الله هي الطائرة وكيف يمكن إنقاذ الطيار في أسرع وقت ممكن ولم نخرج من اجتماعنا إلا بعد أن حدثنا آليات الإنقاذ المسلح والتي ستمنح الطيارين فرصة للنجاة في حال سقوط طائراتهم لا سمح الله.
وعن رحلته الأخيرة لبريطانيا قال "غادر الفريق الشعلان رحمه الله لإجراء مباحثات عسكرية مع الجانب البريطاني حول العديد من المشروعات التي تهم القوات الجوية، وتعرض لوعكة صحية دخل على إثرها للمستشفى ولم يمهله القدر بعد أن توفي رحمه الله بسكتة قلبية، وكان وقع وفاته علينا حزينًا للغاية، فقد فقدنا أخًا عزيزًا ومحاربًا شجاعًا نذر نفسه من أجل دينه ووطنه ومليكه".
من جانب آخر تحدث اللواء الطيار ركن فاضل القرني رئيس هيئة العمليات بالقوات الجوية عن الفقيد الشعلان واصفًا إياه بالمربي الفاضل والمعلم المميز والقائد المحنك.
وأضاف اللواء القرني والذي كان قريبًا من الفريق الشعلان منذ بداية انضمامهما للقوات الجوية وتتلمذه على يده" معالي الفريق محمد الشعلان، ساهم خلال عمله في العديد من المنجزات الضخمة، ومن أهمها تأسيس منظومة تدريب القتال على طائرات ف ١٥ الدفاعية.
وتأسيس منظومة لطائرات ف١٥ الهجومية.
وقائد السرب. ٥٥ الهجومي، وقائد لجناح الطيران الخامس القتالي، وترأس رحمه الله عدة لجان مهمة كانت تتركز على التالي:
توزيع المنظومات والطائرات القتالية جغرافيًا في المملكة، دراسة التسليح وآلية الاستخدام وتوظيفه وإسناده، صياغة الخطط القتالية المشتركة، إضافة إلى ترؤسه فرق عمل إعداد خطة بناء القوات الجوية.
واستطرد، ولعلنا جميعًا لن ننسى إنجازه التاريخي عندما سجل أعلى ساعات طيران بين مختلف الدول المالكة لطائرات ف ١٥ حيث سجل حينها ٣٥٠٠ ساعة وكان منجزًا ضخمًا ما زال مسجلاً باسمه.
وتحدث عن إدارته وقال "كان رحمة الله عليه كريمًا ومتواضعًا، لكنه شديد في حالات التساهل، ويتلمس شؤون الأفراد والذين بحاجة إلى المساعدة شخصيًا أو إداريًا، وهو مرتب في عمله ووقته وكان لا يسمح بأن أحدًا يؤثر على إدارته لوقته، يُستقبل الاتصالات بغض النظر عن الأهمية، غير متعجل أو مندفع، توجيهاته دائمًا تتميز بالوضوح وعدم الإطالة سواء كان ورقيًا أو شفهيًا في الإيجازات أو اللقاءات الثنائية، حريص على مصلحة القوات الجوية والمحافظة على حقوقها، لا يتردد في القرارات العملياتية التي تتطلب الإقدام والشجاعة وهذا ما أثبتته الأحداث الأخيرة، يتميز بالطموح والتنافس مكرس نفسه لعمله ولديه قدرة مميزة في تحمل ضغوط العمل".
وعن آخر لقاء معه قبل سفره قال "التقيته قبل مغادرته لبريطانيا بساعات قليلة، وأوصاني بضرورة مواصلة العمل بالمنظومة الدقيقة التي نسير عليها، وكان واضحًا عليه الإجهاد رحمه الله، فقد كان يقدم خدمة وطنه على نفسه، وعندما بلغنا الخبر تأثرنا لفقدان قائد كبير ورجل قدم الكثير خلال السنوات التي قضاها في القوات الجوية.
وكان الفريق الشعلان قد شغل منصب قائد القوات الجوية الملكية السعودية في الـ 15 من رجب 1435هـ الموافق 14 مايو 2014م، فيما شغل قبلها منصب نائب قائد القوات الجوية برتبة لواء.
قبل ذلك كان الشعلان طيارًا مقاتلاً ومدرب طيران على طائرات F 15 ثم التحق بدورة طيران على طائرات F 15 الهجومية كأول طيار سعودي يلتحق بمثل هذه الدورة، قبل أن يؤسس السرب 55 لها بقاعدة خميس مشيط الجوية.
وتدرج - رحمه الله - في المناصب ليصبح قائد جناح الطيران هناك، قبل أن يصبح مديرًا لإدارة تدريب الأطقم الجوية بقيادة القوات الجوية، ثم مساعدًا لرئيس هيئة عمليات القوات الجوية، ثم قائدًا لقاعدة الملك عبدالعزيز الجوية بالظهران، ثم رئيس هيئة عمليات القوات الجوية ثم نائبًا لقائد القوات الجوية إلى أن صدر أمر ملكي بتوليه منصب قائد القوات الجوية الملكية السعودية.
رحمه الله رحمة واسعة
وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة