«حمدى» أثناء حواره لـ«الوطن»
بعد مرور 33 عاماً على انسحاب إسرائيل من سيناء، يروى اللواء بحرى أركان حرب محسن حمدى، عضو الوفد المصرى فى مفاوضات معاهدة السلام «المصرية - الإسرائيلية» بواشنطن، ورئيس اللجنة العسكرية لتسلم أراضى سيناء، كواليس المعركة التى خاضتها الدولة المصرية فى الغرف المغلقة حتى تحرير «أرض الفيروز» من الاحتلال الإسرائيلى.
■ بداية.. ما أبرز المهام التى توليتها فى قواتنا المسلحة؟
- كنت عضواً فى الوفد المصرى فى مفاوضات معاهدة السلام مع إسرائيل فى واشنطن عام 1978، ورئيس اللجنة العسكرية لاستلام سيناء من الاحتلال الإسرائيلى بعد انسحابهم، ورئيس اللجنة المصرية العسكرية لتأكيد خط الحدود مع إسرائيل عام 1981، ورئيس الوفد المصرى «سياسى - عسكرى» لحل مشكلة طابا عام 1983، والشاهد الرئيسى أمام التحكيم بجنيف فى سويسرا فيما يتعلق بتحرير طابا.
«ديان» طالب بترك مناطق البترول فى خليج السويس تحت سيطرتهم.. و«السادات» قال لنا: «اوعوا توافقوا»
■ ومنذ متى بدأت عملك بالمؤسسة العسكرية عن سيناء؟
- حضرت حرب 1956، وكنت حينها ضابطاً بسلاح المدفعية على متن «المدمرة ناصر» فى قواتنا البحرية، وكانت أكبر المدمرات لدينا، وفى عام 1959 تم انتدابى بالقيادة العامة بإدارة المخابرات الحربية، لأبدأ عملى فى جمع المعلومات عن العدو، وحضرت بعدها حربى الاستنزاف وأكتوبر، إلا أننى لا بد أن أشير إلى حرص القيادة العامة للقوات المسلحة على تأهيل أبنائها؛ فسافرت فى بعثتين إلى الاتحاد السوفيتى، الأولى كانت فى القيادة والأركان للقوات البحرية، والثانية بعدها بأربع سنوات لأحصل على فرقة تخطيط على مستوى الجيش والفيلق، وكان الهدف هنا أن أكون ملماً بشئون القوات البرية والجوية، لأننى فى الأساس ضابط بحرى؛ فالجيش يريدك أن تعمل، لذا لا بد أن يعلمك، وأقول لك إننا تعلمنا جيداً جداً على يد الخبراء الروس.
وفى فترة حرب الاستنزاف تم اختيارى ملحقاً عسكرياً فى تركيا، وعدت لفرع المعلومات بالمخابرات الحربية ولا تزال الحرب سارية، وترقيت فى المهام والمناصب حتى أصبحت نائباً لمدير المخابرات الحربية ثم تم تعيينى رئيس جهاز اتصال للهيئات الدولية بالقوات المسلحة لمدة 4 سنوات بعد معاهدة السلام «المصرية - الإسرائيلية».
■ وما كواليس اختيارك فى وفد المفاوضات المصرى حول معاهدة السلام؟
- كنت فى إدارة المخابرات الحربية وقت اختيار الوفد الرسمى بعد مبادرة الرئيس السادات فى القدس، وقررنا اللقاء بعد «كامب ديفيد»، وكان الوفد العسكرى مشكلاً من الفريق كمال حسن على، وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة حينها، اللواء لبيب شراب، مدير المخابرات الحربية، واللواء طه المجدوب، والعميد محسن حمدى، قبل أن أترقى إلى رتبة اللواء، أما الوفد السياسى فكان يضم كلاً من الدكتور بطرس غالى، والسفير عمرو موسى، والسفير طاهر شاش، والدكتور أسامة الباز وغيرهم، وتم تكليفنا بالسفر للاتفاق على معاهدة السلام مع إسرائيل نتيجة لما تم الاتفاق عليه فى «كامب ديفيد».
■ لكن «كامب ديفيد» هى معاهدة السلام مع إسرائيل!
- ذلك خلط لدى الكثيرين؛ «كامب ديفيد» هى دعوة وجهت من الرئيس الأمريكى لكل من رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجين، والرئيس المصرى أنور السادات، عقب فشل كل المحاولات الثنائية فى الاتفاق على حل بين الطرفين، وذلك بعد «مبادرة السادات فى القدس»، وكان من المفترض أن يرد «بيجين» بنفس القوة إلا أن رده لم يرق لنفس المستوى، فيما سُمى بـ«اجتماع الإسماعيلية»، وحدثت عدة اجتماعات بعدها فى قاعدة ليدز فى إنجلترا، وفى جنيف، لكنهم رفضوا الانسحاب من أراضينا فى سيناء؛ فقال لهم الرئيس السادات: «قاتلتكم.. وأثبت لكم أننا قادرون على أخذ أراضينا بالقوة.. وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة؛ فالأرض مقابل السلام.. واتركوا أراضينا المحتلة فى الجولان والأردن وجنوب لبنان والضفة الغربية وسيناء».
«كامب ديفيد» كانت تتضمن بنداً للانسحاب من الضفة وغزة خلال 5 سنوات.. والفلسطينيون أفشلوا الأمر
■ وما حكاية «كامب ديفيد»؟
- بعد فشل المفاوضات الثانية رأى الرئيس السادات برؤيته بعيدة المدى أن الموضوع ليس سهلاً، وهو ما دفعه للجوء للرئيس الأمريكى جيمى كارتر، رغم علمه أن أمريكا تؤيد إسرائيل بنسبة 300%، إلا أن كارتر كان محايداً فى مسألة التفاوض، واستجاب للرئيس السادات واجتمع الطرفان بالوساطة الأمريكية فى «كامب ديفيد»، وتم التوصل إلى اتفاق من 6 مبادئ، من ضمنها أن يجتمع الطرفان لعمل معاهدة سلام، وكانت تتضمن أيضاً انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية وقطاع غزة بالكامل خلال 5 سنوات وكان هذا عام 1977.
■ لماذا لم ينفذ انسحاب إسرائيل من الأراضى المحتلة إذا كان تم الاتفاق عليه؟
- لأن الفلسطينيين ليست لديهم رؤية.
■ الفلسطينيون.. تقصد الإسرائيليين بالتأكيد؟!
- لا بل الفلسطينيون؛ فرئيس الوزراء الإسرائيلى بيجين وقّع على ذلك هو والرئيس السادات، وتم التصديق عليها من المجلسين التشريعيين فى كلتا الدولتين من مجلس الشعب المصرى والكنيست الإسرائيلى، وكان يتضمن الاتفاق انسحاب المستوطنات والمدنيين والعسكريين، ولكن الفلسطينيين تساءلوا لماذا تتفاوض مصر باسمنا؟ فاستغل الإسرائيليون الأمر.
■ وماذا حدث بعد الاتفاق؟
- شكل الرئيس السادات الوفد للتفاوض، وفضلاً عن الوفدين العسكرى والسياسى كانت هناك مجموعات عمل أخرى فى البترول، والإسكان، والحدود وغيرها من المجالات بمشاركة عدد من الجهات فى الدولة منها وزارة الداخلية.
■ كيف دخل الوفد المصرى للمفاوضات؟
- سافر أعضاء الوفد وفى مخيلتنا أننا يجب أن نتصرف وفقاً لـ«المبادرة الشجاعة» للرئيس السادات بعد سفره للقدس، وفى أذهاننا أننا سنجلس أمام خصم يجادل لغرض المجادلة؛ فهم جادلوا سيدنا موسى فماذا سيحدث معنا نحن؟! لكن ذلك واكبه حالات تفكير وتصميم وشجاعة بأننا لن نتخلى عن حبة رمل واحدة من أراضينا، وكنا نقول لأنفسنا إن السادات ذهب لعقر دارهم؛ فلماذا التردد، وهو ما أعطانا دفعة معنوية كبيرة للدخول فى تلك المفاوضات.
■ وماذا حدث فى أول اجتماع بينكم؟
- استقبلنا وزير الخارجية الأمريكى فى عهد جيمى كارتر، سيروس فانس، والوفد المرافق له، واجتمع بالوفدين، وبدأ الوزير الأمريكى بمقدمة بصفته المضيف ثم أعطى الفرصة لكل رئيس وفد بالحديث، وبدأ بالوفد الإسرائيلى، وكان يضم موشيه ديان، وزير الدفاع الإسرائيلى، وعيزرا وايزمان، وهنا بدأ ديان كلامه بنوع من التعالى علينا، وبعدما انتهى قال له «فانس» بما معناه باللهجة العامية: «بلاش كلام من تحت الترابيزة.. وقول حديثك بالمكشوف ولا تقل تعليقات غير مقبولة»؛ فالوزير الأمريكى كان محايداً، ولم يكن الوفد الإسرائيلى يحبه لهذا الأمر.
وهنا تحدث وزير الدفاع المصرى، وقال: جئنا بقلب مفتوح استناداً إلى حديث الرئيس السادات فى القدس، وذلك بعدما حاربنا لنثبت أننا نستطيع أن نحرر أرضنا بالقتال، لكنكم تنادون بالسلام، ونحن هنا لإقامة معاهدة السلام».. وعقب حديث الوزير تقسمنا للجان فرعية، وأقمنا بفندق «مادسون» فى أمريكا، وكان الوفد الإسرائيلى له الدور العاشر، ونحن فى التاسع.
■ ماذا جرى بعد ذلك؟
- كانت الاجتماعات تنعقد داخل الغرف، عبر وضع طاولات فى غرفة العضو لنجلس ونتفاوض عليها، وذلك بالتبادل مرة فى دور إقامة الوفد المصرى والعكس، واستمرت المفاوضات منذ أكتوبر 1978 حتى مارس 1979، إلا أننى أشير إلى أن المفاوضات توقفت لفترات طويلة نتيجة تعنت الإسرائيليين، فكنا نغضب ونركب الطائرة ونعود لبلادنا.
■ وبماذا تفسر تعنت الإسرائيليين؟
- لأنهم كانوا يظنون قبل قدومهم أننا سنرضى بأى شىء لأنهم ما زالوا موجودين فى الأرض، والمفاوضات معروف عنها أنها «هات وخد»؛ فلابد أن تفهم موقف خصمك وتقدره والعكس، وقضيتنا الرئيسية كانت واضحة ومحددة وهى انسحابهم من كامل أراضينا.
■ وما رد فعل الرئيس السادات حينما كانت تأخذكم حالة الغضب وتعودون إلى مصر؟
- كانت الانسحابات بموافقته بكل تأكيد؛ فكان السفير أشرف غربال، سفيرنا فى واشنطن، على تواصل مع الرئيس عبر إرسال برقيات بالمستجدات أولاً بأول، وكذلك مجلس الشعب والحكومة، وكان الرئيس السادات يزورنا كل فترة أيضاً، ليستمع لتقرير وزير الحربية، ورؤساء اللجان، وكان يقول لنا فى مسألة البترول «إوعوا تتنازلوا عن بترول سيناء» نظراً لأنهم كانوا يقومون بسحب نحو 18 مليون برميل فى الشهر من أراضينا، وبعد مغادرة الرئيس كان يأتينا بعدها بفترة نائب رئيس الجمهورية حسنى مبارك ليتابع ماذا حدث، وليرفع تقريره للرئيس ليأخذ توجيهاته، وينقلها لنا.
■ وما كانت أبرز التوجيهات الموجهة من الرئيس السادات والدولة إليكم؟
- يمكن أن نجمل التوجيهات فى أنه لا تفريط فى الأرض لأنها مقدسة؛ فلا يمكن أن نقبل الجدل أو المساومة فيها، وأنه لا مناقشة ولا مساس بالسيادة الكاملة على أراضينا، والتأكيد أنه مثلما استرددنا جزءاً من أراضينا بالسلاح يمكننا أخذ الباقى بالسلام، وأهمية التوصل إلى حل شامل على مراحل حتى ولو طالت مدته، وهذا التوجيه فى ظل الرغبة الإسرائيلية بأن يمتد التفاوض لعشر سنوات كاملة، وكذلك التأكيد أنه لا تأجيل لأى بند، وكانت وجهة نظر الرئيس السادات التى نفذناها بأنه أصر على إشراك أمريكا كشريك كامل فى المعاهدة، مع التأكيد على رفض التبعية لأى دولة مهما كانت حتى ولو كانت أمريكا، مع عدم الدخول فى صراعات جانبية لتضييع وقتنا فى إطار مطالبهم المتكررة لذلك، والتأكيد على عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة، وتسوية النزاعات سلمياً، وتمكين الفلسطينيين من حقوقهم، وقبول إسرائيل كدولة داخل حدودها قبل عام 1967، وذلك وسط اقتراح بأن يحتفظوا بنصف أراضى الجولان وسيناء والضفة الغربية، والتأكيد على الالتزام بالشرعية الدولية عبر القرار الصادر من مجلس الأمن رقم 244، الذى أكد أيضاً هو الآخر على عدم جواز الاستيلاء على الأراضى بالقوة.
■ ذكرت عدم التطرق لقضايا جانبية.. ماذا تقصد بذلك؟
- مثلاً كان يتحدث الوفد الإسرائيلى عن وجود قواعد عسكرية لهم بسيناء، أو تأجير المطارات التى تم بناؤها فيها، حتى إنهم طلبوا تأجير مناطق كاملة.
■ مثل ماذا؟
- مثلاً طالب موشيه ديان صراحة تأجير مدينة شرم الشيخ لـ90 عاماً.
■ وماذا كان رد فعل الوفد المصرى؟
- ضحكنا بشدة ثم قلنا إننا لا نتنازل، ولا نؤجر، ولا نبيع، أراضينا.
■ نجحنا فى استرداد الأرض بعد التفاوض.. كيف تقيم معاركنا مع إسرائيل؟
- أقول إننا اقتحمنا القنال وأجبرناهم على الانسحاب حتى نحو 17 كيلومتراً، وكان الاقتحام العسكرى بمثابة إثبات لحقنا فى أراضينا وحقق 50% من المهمة الأساسية بانسحاب الاحتلال منها، لكن الجهد السياسى والدبلوماسى والتفاوضى أكمل الـ50% الآخرين، وهنا نعتبر الانسحاب الإسرائيلى من سيناء معجزة لم تحدث من قبل، لأنهم ينظرون للانسحاب على أنه «مأساة».
■ وكيف حددت المعاهدة الانسحاب العسكرى من سيناء؟
- نصت المعاهدة على أن يكون الانسحاب بعد 3 سنوات، وذلك بعدما أراد الجانب الإسرائيلى أن تكون بعد 7 سنوات؛ فرفضنا وقلنا إننا نريدها الآن وليس غداً لكى نعطى الشهيد حقه؛ فقالوا أن تكون 6 سنوات فرفضنا، فقالوا 5 فرفضنا وقالوا 4 إلى أن وصلنا للاتفاق حول 3 سنوات، وبشكل عام كان التفاوض مع الإسرائيليين صعباً وشاقاً، ولا يقل ضراوة عن القتال العسكرى، حتى إن الجانب الأمريكى كثيراً ما تدخل للتوفيق بين الجانبين، ولم تتنازل مصر عن أى بند من المبادئ الأساسية التى حددناها للتفاوض، والتى ذكرتها من قبل، كما أننا واجهنا مطالب استفزازية من جانبهم.
■ وما تلك المطالب الاستفزازية؟
- كان «ديان» يقول إنهم لن يوافقوا على السلام بدون الحصول على شرم الشيخ، ولذلك عرضوا تأجيرها لأنها مدخل إلى مدينة إيلات، ولم نوافق على تلك المطالب الاستفزازية، وأتحدى أن يوجد مطلب واحد لهم تم تنفيذه على الأرض يمس السيادة المصرية.
عايشت كتابة المعاهدة «ورقة ورقة».. وأتحدى مخابرات العالم أن تكشف عن «بنود سرية» بها
■ وما مطالبهم الاستفزازية الأخرى التى تحدثوا عنها؟
- مطالب كثيرة؛ فمثلاً موشيه ديان قال: «لماذا تتحدثون عن سيناء؟. قناة السويس تهمكم أكثر منها، وسواء توصلنا لاتفاق من عدمه فإن أمن إسرائيل مقدم على أى شىء ويفوق كل الشروط التى يمكن وضعها»، كما تحدثوا عن ضرورة أن تكون سيناء منطقة منزوعة السلاح بالكامل؛ فقلنا له: من أنت لتحكم على أراضينا أن تكون منزوعة السلاح؟! وتم رفض طلبه.
إلا أن طلب ديان الأكثر غرابة كان عدم دخول مناطق البترول فى أبورديس وخليج السويس ضمن الاتفاق؛ فأرادوا استمرار سحب البترول من أراضينا تحت دعوى أنه سيتم الاتفاق عليها فيما بعد عقب ما يسمى بـ«إجراءات بناء الثقة» كما يقولون، كما طالبوا بأن يكون لهم وجود فى سيناء عبر وجود أجهزة رادار على قمم الجبال لتراقب الجيش المصرى إذا ما أراد الهجوم عليهم مرة أخرى مثلما حدث فى حرب 6 أكتوبر 1973 على أن يديرها ضباط إسرائيليون، ووضع كاميرات تصوير على الضفة الشرقية للقنال لمراقبة قواتنا، وأن يكون خليج العقبة منطقة حرة الحركة لهم بالكامل، وأن يتم منحهم تسهيلات لدخول المنطقة فى أى وقت.
■ وماذا كان موقفكم من كل تلك المطالب؟
- لم نوافق على أى منها بالتأكيد؛ وأكدنا التمسك بسيادة الدولة المصرية على أرضها براً وجواً وبحراً.
■ قبل أن ننتقل للحديث عن الانسحاب الإسرائيلى الذى توليت بنفسك الإشراف عليه.. قيل إن لمعاهدة السلام مع إسرائيل بنوداً سرية؛ فهل ذلك صحيح؟
- عاصرت جميع مراحل الاتفاقية منذ بدء المفاوضات وما كُتب ورقة ورقة، وأتحدى وسائل الإعلام التى تدعى ذلك، وجميع أجهزة المخابرات فى العالم أجمع أن يثبتوا وجود اتفاق سرى صنعه السادات معهم، وأنا متعجب من حديثهم؛ فإذا كان ذلك صحيحاً كما يدعى البعض فلماذا لم تعلنها إسرائيل حتى الآن وهم أناس «مبيتبلش فى بقهم فولة»؟ وإحنا معندناش حاجة نخبيها؛ فموقفنا ثابت وقوى.
■ وكيف تم الانسحاب؟
- كانت هناك مرحلة انسحاب رئيسية مكونة من 9 أشهر، تم تقسيمها إلى 5 مناطق فرعية حتى نضمن سرعة انسحابهم، ولنأخذ البترول المصرى بعدما كانوا يسحبونه بانتظام، وبالفعل انسحب الإسرائيليون من ثلثى سيناء فى تلك المرحلة، وبالمناسبة فإن الرئيس السادات رفع العلم المصرى على العريش قبل موعده المنصوص عليه بالمعاهدة بنحو شهر بعدما وافق «بيجين» على ذلك؛ فالانسحاب كان يتم بآلية دقيقة، وباقى المرحلة فى الانسحاب تمت فى باقى الفترة المتبقية من الـ3 سنوات.
■ وهل تركوا المنشآت كما هى سليمة؟
- نعم؛ فنحن كتبنا بالمعاهدة أن يترك الشىء سليماً، واخترنا كلمة وقتها تعنى أن تترك بدون أى خدش، وحينها قال «وايزمان» لوزير الحربية المصرى: «يا كمال أنا هيدهالك مدهونة كمان».
■ وما قصة رفض إسرائيل الانسحاب قبل موعده؟
- قبل الانسحاب النهائى من سيناء بـ6 أيام، وفى يوم 19 أبريل 1982، وكنا نتفاوض وقتها حول موضوع طابا.. اتصل «بيجين» بـ«السادات»، وقال له أريد وزير الدفاع لأمر مهم؛ فاستدعانا الفريق كمال حسن على، لنركب طائرة من مطار ألماظة للقاء «بيجين» فى مكتبه، وحينها تحدث عن عدم تحديد الحدود بالنسبة لطابا، وأنه آسفاً سيضطر لتأجيل الانسحاب من الأراضى المصرية المحتلة حتى نتفق على الحدود النهائية.
وفى المساء ذهبنا إلى منزله، وكان يجلس بجواره إرييل شارون وفرد آخر، وحدثت تمثيلية مكشوفة وواضحة لنا جميعاً، حيث قام 14 عضواً من الكنيست بطرق أبواب منزله للضغط عليه لتأجيل الانسحاب من الأراضى المصرية إلى أن يتم الاتفاق بشأن «طابا»، وهنا رفض الفريق كمال حسن على حديثه، وقال إن هناك معاهدة معتمدة من الأجهزة التشريعية، وأننا لا نقبل بالتأجيل، وحينها أعطى «شارون» ورقة لـ«بيجن» ومررها علينا ليرد الدكتور بطرس غالى: «لا يمكنك أن تفرض رأياً على رئيس دولة».
■ وماذا كان محتوى الورقة ليدفع «غالى» لقول ذلك؟
- كانوا يريدون توقيع الرئيس حسنى مبارك على ما يشبه الـ«كمبيالة» بأنه سيسير على خطى الرئيس السادات فى تعامله مع إسرائيل، وبالتأكيد رفضنا وعدنا إلى مصر.
■ وماذا حدث ليتم الانسحاب فى موعده؟
- اقترحت أمريكا توقيع ورقة بأن يتم إخلاء طابا، التى تدعى إسرائيل أنها تقع داخل أراضيها، وتقول مصر عكس ذلك، ليتم حلها، وهو ما تم الاتفاق عليه، وتم التوقيع على تلك الورقة فى الساعة الواحدة صباح يوم 25 أبريل من قبل دافيد كمحى، مدير المخابرات العامة الإسرائيلية، وسفير من الخارجية المصرية، وسفير أمريكا بالقاهرة، وبهذا نجحنا فى رفع العلم المصرى على الأراضى المصرية.
■ وما حقيقة أن «أم الرشراش» المعروفة باسم إيلات حالياً أرض مصرية؟
- لا، هى أرض فلسطينية احتلتها إسرائيل.
المصدر
http://www.elwatannews.com/news/details/716209