وماذا تفعل إيران بـ«القنبلة النووية» إذا امتلكت «القنبلة الشيعية»
وائل عصام
ولماذا تحتاج إيران مشروعا أو سلاحا نوويا وهي حققت سيطرة واسعة من خلال حلفائها الشيعة بدون النووي؟
وهل هناك سلاح أقوى من ملايين العقائديين من الشيعة العرب، المستعدين للموت من أجل حماية امبراطورية الخامنئي الشيعية؟ ليس دقيقا القول إن إيران استخدمت الشيعة العرب لمصلحة مشروعها كما يردد كثيرون، فالشيعة العرب أيضا استقووا بإيران ضد خصومهم من الطوائف الاخرى، باتوا الطرف الاقوى في بلدانهم، فلولا إيران لما كان حزب الله والحوثي والمالكي والاسد، يتمتعون بالقوة والغلبة، التي حققت لهم هذا الحلف المتين لاول مرة في عواصم المشرق العربي الكبرى مجتمعة. فالعلاقة تكاملية اذن، تخدم الطرفين إيران والشيعة والعرب، هذا اذا كان وصف الطرفين صحيحا،
فعندما تسود الهوية المذهبية العقائدية تتحول المسميات مثل، إيران وسوريا والعراق ولبنان واليمن إلى مجرد اسماء جغرافيا لا هوية انتماء، بل هم كيان عابر للحدود، تجمعه روابط شعور مشترك وذاكرة تاريخية توحد رؤيتهم السياسية للماضي والحاضر.. لتحولهم إلى «قنبلة شيعية» محشوة ببارود مظلومية القرون، بركان ظل خامدا لقرون لكنه لم ينطفئ.
هذه «القنبلة الشيعية» هي التي تهم إيران بمشروعها المعلن منذ عقود «تصدير الثورة الاسلامية».. وهذه القنبلة هي التي دفعت الغرب والولايات المتحدة للتفاوض لسنوات، مع أحد أركان من وصف سابقا بمحور الشر، لتجنب انفجار قد يعصف بالشرق..هذه قنبلتهم التي تفاوضوا عليها وليس النووي.
تملك إيران غير العربية حلفا شيعيا هائلا في بلدان المشرق العربي، فماذا تملك الانظمة العربية من تحالفات مع شعوبها باكثريتهم السنية؟ لا تملك شيئا من قوى الشارع.. بل هي على عداوة مع كل القوى السياسية الفاعلة في المجتمع العربي السني، لأنها اصلا كانت تترفع عن وصفها بانظمة ذات مشروع سني، فهي انظمة تدعي التماهي مع حداثة غربية، فلا هي حققت هذه الحداثة ولا هي حافظت على روابط العلاقة مع المجتمع المحافظ.
العرب لم يحققوا لا قنبلة نووية ولا قنبلة عربية، بل المفارقة أن انظمة عربية ظلت تفسد وتحارب اي مشروع نهضوي عربي، قوميا كان أم إسلاميا كان سيحقق توازن قوة مع إيران، وتأتي الان لتحاول اصلاح ما افسدته.
وها هوالغرب مع الولايات المتحدة يعقد تفاهمات، تنقل إيران للدولة الراعية للاقليم، ولا يلتفت لغضب حلفائه العرب الذين اعتمدوا عليه وسلموا له مفاتيح خزائنهم، ونسوا بديهيات وسنن السياسة في هذه الجزء القديم من العالم،
التي تقول إن امتلاك القوة هو وحده ما يجبر الغرب على منح العرب حقوقهم وليس أي شيء اخر، وهذا ما فعلته إيران على مدى عقود من التخطيط وامتلاك الرؤية لمشروع التمكين الشيعي.. حتى صنعت قنبلتها الديمغرافية التي أوقعت المنظومة الدولية والاقليمية في حقل الغام جعلهم مشلولي الحركة من بغداد حتى صنعاء.
وإذا كانت إيران قد حققت كل هذا النفوذ والقوة وهي تحت العقوبات الدولية فكيف سيكون حالها اذا رفعت عنها العقوبات الاقتصادية؟ حتى الان يراوح الوعي الجمعي لكثير من العرب رغبة بالتقليل من قوة إيران، وهو ما اعتدنا سماعه منذ احتلال بغداد، ولأن الاحساس بالخطر هو اول شروط مواجهته، ظل كثيرون غافلون حتى وطدت إيران مشروعها على انقاض عشرات المدن العربية السنية في العراق وسوريا، وفوق جثث مئات الالاف من الضحايا والمهجرين، بحيث أصبح مصير عشرة ملايين انسان من بين عشرين مليونا بين بغداد ودمشق هو النوم في الخيام ويواصلون القول: لا تقلقوا.
اما المظهر الاخر للعجز العربي فيتمثل بانبهار كثيرين بمحاولات انقاذ ومواجهة للمشروع الإيراني تقودها الانظــــمة نفسها، التي تسببت في حالة الضعف العربي، وحاربت كل محاولات النهضة والقوة، ابتداء من ضرب الربــــيع العـــربي وصولا لضرب كل القوى التي تحارب إيران، وتوفير غطاء جوي لميليشيات إيران في العراق وسوريا.
انه العجز المقترن بخواء المشروع البديل.. فمن لا يملك مشروع قوة يصبح متوسلا بالتعلق بمشاريع الاخرين، وان كانوا اعداءه، وهذه الحلول قد تنجح مؤقتا لكنها لا تحل مشكلة، كالعواصف تأتي وتغادر ويظل المناخ كما هو.
قراءة اخرى للنهوض الإيراني تتمثل بالتبرير المستهلك وهو المؤامرة والقوى الدولية، التبرير الذي يظن أن كل قوة ناشئة هي بفعل دعم امريكا واسرائيل، ومع أن إيران فرضت نفسها على الغرب بقوتها الذاتية وقنبلتها الشيعية، بعد عقود من العداء المستحكم مع امريكا، الذي يحاول بعض العرب انكاره بتفكير رغبوي يتجاهل البديهيات، الا أن النقطة الابرز هنا أن إيران وبخطابها المعادي لاسرائيل وحتى لامريكا نجحت في تحشيد جمهورها وحلفها الذي مكنها بالنتيجة من التصدي والاستقواء ببعدها الديمغرافي الممتد، وجر الغرب للتفاوض معها، بل أن حلفاءها الشيعة في العراق وقبلها افغانستان هم الذين كانوا جسر الوصال والتوافق المرحلي زمانيا ومكانيا بين إيران وامريكا.. مع أن إيران استفادت من امريكا في العراق، اكثر مما استفادت الاخيرة.. فبالنهاية وبعد أن ظل الامريكيون تحت رحمة فتاوى السيستاني في العراق لسنوات، بات من يحكم العراق اليوم هي الاحزاب الموالية لإيران وليس القوى الموالية لامريكا، فحتى اياد علاوي لم تجرؤ امريكا على ايصاله للسلطة، رغم مئة واربعين الف جندي امريكي يحتلون العراق، لانهم لم يكونوا قادرين على مواجهة انفجار القنبلة الشيعية بفتوى سيستانية مفاجئة تجعلهم بين نار فصائل المقاومة السنية وهيجان ملايين الشيعة الخامد بفتوى المراجع الموالين لإيران في العراق. وهم اربعة مراجع يقودون الشيعة العرب في العراق ثلاثة منهم ليسوا عربا ولا عراقيين حتى.
مشهد اخر لافت على نجاعة إيران.. فامريكا اغضبت السلطة المنتخبة في اسرائيل، في سبيل انجاز تفاهمها مع إيران، لقد نجحت إيران بفرض شروطها بفضل قوتها الاقليمية على الغرب، وان تسبب ذلك في اغضاب اسرائيل
لعيون خامنئي وظريف تهون عين نتنياهو وإن إلى حين.
نعم يمكن مواجهة اسرائيل، وامريكا، ببناء مشروع قوة عابر، وامتلاك قنبلة شعب موحد، وليس ببناء أطول برج وامتلاك اكبر صحن فول او كبسة.
عن القدس العربي
وائل عصام
ولماذا تحتاج إيران مشروعا أو سلاحا نوويا وهي حققت سيطرة واسعة من خلال حلفائها الشيعة بدون النووي؟
وهل هناك سلاح أقوى من ملايين العقائديين من الشيعة العرب، المستعدين للموت من أجل حماية امبراطورية الخامنئي الشيعية؟ ليس دقيقا القول إن إيران استخدمت الشيعة العرب لمصلحة مشروعها كما يردد كثيرون، فالشيعة العرب أيضا استقووا بإيران ضد خصومهم من الطوائف الاخرى، باتوا الطرف الاقوى في بلدانهم، فلولا إيران لما كان حزب الله والحوثي والمالكي والاسد، يتمتعون بالقوة والغلبة، التي حققت لهم هذا الحلف المتين لاول مرة في عواصم المشرق العربي الكبرى مجتمعة. فالعلاقة تكاملية اذن، تخدم الطرفين إيران والشيعة والعرب، هذا اذا كان وصف الطرفين صحيحا،
فعندما تسود الهوية المذهبية العقائدية تتحول المسميات مثل، إيران وسوريا والعراق ولبنان واليمن إلى مجرد اسماء جغرافيا لا هوية انتماء، بل هم كيان عابر للحدود، تجمعه روابط شعور مشترك وذاكرة تاريخية توحد رؤيتهم السياسية للماضي والحاضر.. لتحولهم إلى «قنبلة شيعية» محشوة ببارود مظلومية القرون، بركان ظل خامدا لقرون لكنه لم ينطفئ.
هذه «القنبلة الشيعية» هي التي تهم إيران بمشروعها المعلن منذ عقود «تصدير الثورة الاسلامية».. وهذه القنبلة هي التي دفعت الغرب والولايات المتحدة للتفاوض لسنوات، مع أحد أركان من وصف سابقا بمحور الشر، لتجنب انفجار قد يعصف بالشرق..هذه قنبلتهم التي تفاوضوا عليها وليس النووي.
تملك إيران غير العربية حلفا شيعيا هائلا في بلدان المشرق العربي، فماذا تملك الانظمة العربية من تحالفات مع شعوبها باكثريتهم السنية؟ لا تملك شيئا من قوى الشارع.. بل هي على عداوة مع كل القوى السياسية الفاعلة في المجتمع العربي السني، لأنها اصلا كانت تترفع عن وصفها بانظمة ذات مشروع سني، فهي انظمة تدعي التماهي مع حداثة غربية، فلا هي حققت هذه الحداثة ولا هي حافظت على روابط العلاقة مع المجتمع المحافظ.
العرب لم يحققوا لا قنبلة نووية ولا قنبلة عربية، بل المفارقة أن انظمة عربية ظلت تفسد وتحارب اي مشروع نهضوي عربي، قوميا كان أم إسلاميا كان سيحقق توازن قوة مع إيران، وتأتي الان لتحاول اصلاح ما افسدته.
وها هوالغرب مع الولايات المتحدة يعقد تفاهمات، تنقل إيران للدولة الراعية للاقليم، ولا يلتفت لغضب حلفائه العرب الذين اعتمدوا عليه وسلموا له مفاتيح خزائنهم، ونسوا بديهيات وسنن السياسة في هذه الجزء القديم من العالم،
التي تقول إن امتلاك القوة هو وحده ما يجبر الغرب على منح العرب حقوقهم وليس أي شيء اخر، وهذا ما فعلته إيران على مدى عقود من التخطيط وامتلاك الرؤية لمشروع التمكين الشيعي.. حتى صنعت قنبلتها الديمغرافية التي أوقعت المنظومة الدولية والاقليمية في حقل الغام جعلهم مشلولي الحركة من بغداد حتى صنعاء.
وإذا كانت إيران قد حققت كل هذا النفوذ والقوة وهي تحت العقوبات الدولية فكيف سيكون حالها اذا رفعت عنها العقوبات الاقتصادية؟ حتى الان يراوح الوعي الجمعي لكثير من العرب رغبة بالتقليل من قوة إيران، وهو ما اعتدنا سماعه منذ احتلال بغداد، ولأن الاحساس بالخطر هو اول شروط مواجهته، ظل كثيرون غافلون حتى وطدت إيران مشروعها على انقاض عشرات المدن العربية السنية في العراق وسوريا، وفوق جثث مئات الالاف من الضحايا والمهجرين، بحيث أصبح مصير عشرة ملايين انسان من بين عشرين مليونا بين بغداد ودمشق هو النوم في الخيام ويواصلون القول: لا تقلقوا.
اما المظهر الاخر للعجز العربي فيتمثل بانبهار كثيرين بمحاولات انقاذ ومواجهة للمشروع الإيراني تقودها الانظــــمة نفسها، التي تسببت في حالة الضعف العربي، وحاربت كل محاولات النهضة والقوة، ابتداء من ضرب الربــــيع العـــربي وصولا لضرب كل القوى التي تحارب إيران، وتوفير غطاء جوي لميليشيات إيران في العراق وسوريا.
انه العجز المقترن بخواء المشروع البديل.. فمن لا يملك مشروع قوة يصبح متوسلا بالتعلق بمشاريع الاخرين، وان كانوا اعداءه، وهذه الحلول قد تنجح مؤقتا لكنها لا تحل مشكلة، كالعواصف تأتي وتغادر ويظل المناخ كما هو.
قراءة اخرى للنهوض الإيراني تتمثل بالتبرير المستهلك وهو المؤامرة والقوى الدولية، التبرير الذي يظن أن كل قوة ناشئة هي بفعل دعم امريكا واسرائيل، ومع أن إيران فرضت نفسها على الغرب بقوتها الذاتية وقنبلتها الشيعية، بعد عقود من العداء المستحكم مع امريكا، الذي يحاول بعض العرب انكاره بتفكير رغبوي يتجاهل البديهيات، الا أن النقطة الابرز هنا أن إيران وبخطابها المعادي لاسرائيل وحتى لامريكا نجحت في تحشيد جمهورها وحلفها الذي مكنها بالنتيجة من التصدي والاستقواء ببعدها الديمغرافي الممتد، وجر الغرب للتفاوض معها، بل أن حلفاءها الشيعة في العراق وقبلها افغانستان هم الذين كانوا جسر الوصال والتوافق المرحلي زمانيا ومكانيا بين إيران وامريكا.. مع أن إيران استفادت من امريكا في العراق، اكثر مما استفادت الاخيرة.. فبالنهاية وبعد أن ظل الامريكيون تحت رحمة فتاوى السيستاني في العراق لسنوات، بات من يحكم العراق اليوم هي الاحزاب الموالية لإيران وليس القوى الموالية لامريكا، فحتى اياد علاوي لم تجرؤ امريكا على ايصاله للسلطة، رغم مئة واربعين الف جندي امريكي يحتلون العراق، لانهم لم يكونوا قادرين على مواجهة انفجار القنبلة الشيعية بفتوى سيستانية مفاجئة تجعلهم بين نار فصائل المقاومة السنية وهيجان ملايين الشيعة الخامد بفتوى المراجع الموالين لإيران في العراق. وهم اربعة مراجع يقودون الشيعة العرب في العراق ثلاثة منهم ليسوا عربا ولا عراقيين حتى.
مشهد اخر لافت على نجاعة إيران.. فامريكا اغضبت السلطة المنتخبة في اسرائيل، في سبيل انجاز تفاهمها مع إيران، لقد نجحت إيران بفرض شروطها بفضل قوتها الاقليمية على الغرب، وان تسبب ذلك في اغضاب اسرائيل
لعيون خامنئي وظريف تهون عين نتنياهو وإن إلى حين.
نعم يمكن مواجهة اسرائيل، وامريكا، ببناء مشروع قوة عابر، وامتلاك قنبلة شعب موحد، وليس ببناء أطول برج وامتلاك اكبر صحن فول او كبسة.
عن القدس العربي