تـقرير الهجوم على قصر الرحاب والصادر من الرئيس آنذاك ( النقيب ) عبدالستار سبع العبوسي بتاريخ 20 تموز 1958م
. مع الشكر لسيادة العميد البحري الركن رياض عبدالمجيد سبع العبوسي لتزويدنا بالوثائق والمعلومات
- الـنص :
. أقسم بالله العظيم وبرسوله الكريم بأن كل كلمة في هذا التقرير صحيحة ودقيقة وقد توخيت من هذا التقرير أن أذكر دوري والأشخاص الذين صادفتهم خلال أعمالي في الهجوم ويجوز أن يكون هنالك بعض الأشخاص الذين قاموا بأعمال أخرى لم أصادفهم في طريقي لذلك اقترح أن يكتب كل شخص عن دوره لكي تكون القصة كاملة
كنت آمراً لدورة تدريب المشاة الأساسية في مدرسة المشاة وكان موجود دورتي (18) ضابطاً و(68) ضابط صف وكانوا منتخبين من وحدات الجيش المختلفة. كان وقت التدريب مبكراً حيث تبدأ ساعة التدريب الأولى بالساعة السادسة صباحاً، وقد كنت ضابط خفر ليوم1958/7/13 وفي صباح يوم 1958/7/14 حوالي الساعة الخامسة والنصف حضر أحد الضباط المعلمين وأخبرني بوجود انقلاب في بغداد أمرت بجمع الدورة صباحاً وضباط صف وطلبت منهم أن يستلموا البنادق العائدة لهم رغم أن التدريب في ذلك اليوم كان تدريباً على العصا وقبل الساعة السادسة سمعت أصوات رمي مستمر من ناحية قصر الرحاب وأخبرت الرئيس (النقيب) حميد السراج والرئيس محمد علي سعيد وطلبت رأيهما ورأي الضباط التلاميذ الباقين حول مساعدة القوة القائمة بالهجوم على القصر، فأخبروا ضباط الدورة بالموضوع لمعرفة رأيهم ومقدار تأييدهم للثورة بحضوري فأيد الضباط كافة عدا ضابط واحد وهو الملازم فالح زكي حنظل وطلبت منهم استلام غدارات (استرلنك) وأخبرتهم بأنني سأذهب مع الرئيس محمد علي سعيد الى قصر الرحاب لمعرفة احتياج القوة القائمة بالهجوم. وعند وصولنا شاهدنا جنوداً ممتدين على الرصيف وقسم منهم أمام السياج المحاذي للرصيف وكانوا منبطحين من الباب الوسطي للقصر حتى الجهة الغربية من بغداد إلا أنني لم أعرف كافة مواضع القوة في المحلات الأخرى فسألت الجنود المنبطحين عن احتياجهم لأنني لم أشاهد معهم ضابطاً. فقالوا:بأننا نحتاج الى عتاد لأن عتادنا على وشك النفاد.
هذا حسب قول الجنود فاستصحبت معي أحد نواب الضباط الذين صادفتهم بسيارة حمل كبيرة. وعند وصولي المدرسة كسرت مستودع ضابط الإعاشة الخاص بالعتاد لعدم وجود المفتاح لدي وطلبت من ضباط الصف اخراج عتاد 106 ملم وتحميل مدفع 106 ملم في إحدى سيارات الجيب بأقصى سرعة ممكنة لضيق الوقت كما طلبت من ضباط صف آخرين إخراج عتاد الغدارات أولاً وتهيئة عشرة مخازن مملوءة فوراً واخراج بقية العتاد للبنادق..تناولت الغدارة المرقمة 5384 من مشجب جناح ضباط الصف، كما استلمت ثلاثة مخازن مملوءة وسلّمت (3) غدارات لضباط صف كانوا بقربي وتوجهت الى رحبة المدافع بعد أن ألقيت كلمة قصيرة في ضباط صف الدورة بغية تشجيعهم على القيام بعمل فعال وطلبت من الرئيس سامي مجيد أن يشرف على العتاد وعلى إركاب ضباط الصف وإرسالهم خلفي وركبت في سيارة اللاندروفر مع المدفع مع ضباط صف عدد(2) وثلاثة ضباط صف حاملي غدارات وأربع طلقات 106 ملمتر وتقدمنا بأقصى سرعة وعند وصولنا الى الرحاب وضعنا المدفع على الرصيف مقابل الباب الرئيسية يسار الجنود الممتدين على الرصيف ووضعنا الأربعة إطلاقات التي معنا بجانب المدفع. كنت أسمع أصوات الرمي من جهات مختلفة مما اضطر ضباط الصف على الإمتداد على الشارع المبلط العام. كما تراجع الجنود الى نفس المحل وقد طلبت من ضباط الصف أن يملأ أحدهم المدفع فلم أسمع الا صياحهم (سيدي إمتد لا تموت) وظلوا في أماكنهم فآضطررت الى أن أخرج إحدى الإطلاقات بنفسي من غلافها وملأت المدفع وتحولت الى الجهة اليسرى بغية الرمي وكانت أمنيتي الوحيدة أن أكمل رمي الإطلاقة ثم بعدها مرحباً بالموت لكثرة ما كنت أسمعه من دويّ الرصاص فصوبت على الطابق العلوي ورميت الإطلاقة فاختفى القصر كله عن أنظاره لكثرة الغبار والدخان . وقد ملأت إطلاقة ثانية فوراً بالإستفادة من ذلك وانتظرت لحظة فشاهدت الرئيس ثابت يونس يخرج من الباب وبيده علامة بيضاء محاولاً التقدم نحو جنودنا فتناولت الغدارة التي اندثرت في التراب ووجهتها نحوه وطلبت منه أن يقف وإلا كان الموت جزاءه. وقلت له إنني لا أريد منك أن تستسلم بل أريد استسلام القوة كلها وإنني آمرك بالرجوع فوراً لأنني كنت أخشى أن يؤثر على الجنود القريبين مني، فرجع فوراً الى الداخل وعدت الى مدفعي ووجهت الى الطايبق العلوي أيضاً ورميت الإطلاقة الثانية وملأت الثالثة فوراً فشاهدت بعدها العقيد طه البامرني آمر اللواء يخرج من الباب الوسطية ويصيح إننا مستعدون للتسليم فقلت له نحن حاضرون لاستلامكم تفضلوا فعاد الى الداخل ليجلب الجنود. وقد انتظرت بعض الوقت وظننت أنه لم يكن جاداً في قوله فرميت الإطلاقة الثالثة على الطابق الأسفل وملأت الإطلاقة الرابعة وعولت أن لا أرميها لأنها الأخيرة وانتظرت وبعد قليل شاهدت من ناحية اليسار العقيد طه البامرني وخلفه رتل من الجنود يحملون أسلحتهم بوضع أفقي وكانوا يسيرون على الشارع المنحاذي لسور الرحاب فأخذت غدارتي واثنين من ضباط صفي وسرت باتجاههم فطلبت من الجنود أن يلقوا بسلاحهم وعتادهم على الأرض فوراً ويتجمعوا بالقرب من السور المحاذي للجدار وأخرجت ثمانية جنود منهم وطلبت منهم أن يجمعوا العتاد في قطع القماش الكبيرة التي كانوا يحملونها. وبعد ذلك طلبت من ضباط الصف أن يأخذوا هؤلاء ويوزعوا العتاد على سرية المشاة القريبة منا والتي أتت الى الرحاب لاحتلاله وطلبت من باقي الجنود أن يتحركوا الى الحديقة المحاذية للشارع العام ووضعت عليهم بعض الجنود حرساً عليهم. وفي هذه الأثناء شاهدت مدرعتين تتقدمان على الشارع المحاذي للسور باتجاه الباب فطلبت من إحدى المدرعتين أن تدخل من باب السور وتقوم بالرمي ثم تتقدم الأخرى بغية الإستتار خلفها. وعند وصول المدرعة الى الباب الداخلية تأكدنا بأن الرمي قد انقطع من الداخل فتقدمت الى الباب الداخلية فشاهدت الرئيس ثابت يونس وسألته عن الملك وعبد الإله فأقسم لي بأنه لا يعلم شيئاً عنهما وكنت متأكداً بأنه كاذب في قسمه وفي هذه الأثناء شاهدت الرئيس سامي مجيد ومحمد علي سعيد والرئيس حميد السراج والرئيس عبد الإله الحديثي والرئيس مصطفى عبدالله والملازم الأول عبد الكريم رفعت والملازم الأول حبيب شبيب. فدخل بعضهم الى داخل القصر وكان لوجودهم أثر كبير في تقوية معنوياتنا وقد عدت الى الباب الرئيسية لأنني كنت أشعر بوجود خدعة تدبر ضدنا وبينما كنت أسير وإذا بأحدهم يصيح (جو. جو. جو) فالتفت فجأة الى الخلف فشاهدت عبد الإله والى يساره امرأة عجوز تلبس نظارة والى يسارها الملك وكان على يمين عبد الإله والى الخلف امرأة تلبس فستاناً أخضر وكانت بيضاء تميل الى السمرة وشعرها أصفر وكان خلفهم عدد من حاشيتهم وخلفهم بعض الضباط وبينما تقربوا مني سمعت إطلاقات نارية اتجاهي فأجبت عليها بالمثل بصورة غير ارادية وعلى اثر ذلك سقط عبد الإله والملك والمرأة على الأرض وطلبت من العقيد البامرني أن يتقدم معي للذهاب الى فوج الحرس الملكي في قصر الزهور فأخبرني بأنه توجد ثلاث سرايا بكامل أعتدتها وأسلحتها وآلياتها فمن المستحسن أن تسمح لي أن أتصل بالمساعد لكي يستلم الأسلحة والأعتدة لكي لا تحدث مذبحة فوافقت على ذلك بعد أن هددتهُ بالقتل اذا أمر بعكس ذلك. فأقسم بشرفه العسكري بأنه سيعمل لمساعدتنا فاتصل بالمساعد من غرفة حرب الرحاب فأخذ المساعد بتسليم السرايا والأسلحة والعتاد ثم طلبت منه أن يصعد بسيارة اللاندروفر ثم صادفت المقدم العمري وزودني بمدرعتين وكان الملازم الثاني الاحتياط محمد جواد غصيبة يرافق هذه المدرعات ووعدني بارسال غيرها خلفي بعد حركتنا وركبت سيارة اللاندروفر في الخلف مع بعض ضباط الصف حاملي الغدارات ووجهت غدارتي صوب العقيد طه وتقدمنا الى قصر الزهور وخلفي إحدى المدرعات وأعتقد بأن المدرعة الثانية ذهبت من الشارع الثاني المؤدي الى الفوج وعند وصولنا الى منتصف الطريق شاهدت احدى الدبابات قد عقبت المدرعة فطلبت من سائق سيارة اللاندروفر أن يقف حتى تصل الدبابة. اجتازت الدبابة المدرعة حتى وصلت أمام المدرعة ووقفت على مسافة 50 يارد من سيارتي فاستغربت من وقوفها ونزلت من السيارة لأرى السبب فشاهدت ضابطاً برتبة رئيس أول في الدبابة فسألته عن عدم تقدمه فهمس في أذني عند صعودي الدبابة بأنه ليس عنده عتاد وأنه ينتظر وصول العتاد الآن فقلت له تقدم (للهيبة) وتقدمت بسيارتي وعقبتني الدبابة والمدرعة وعند وصولنا الى مسافة 100 يارد شاهدت حرس قصر الزهور يصوبون بنادقهم نحونا فاقترح العقيد أن يترجل هو بنفسه إليهم وكنت أسير على مسافة عشرة ياردات منه فأخذ يصفر إليهم ويطلب منهم القاء سلاحهم فتقدمت مع ضباط الصف وجرّدت الحرس من اسلحتهم وعتادهم وأبدلتهم بحرس من ضباط صف مدرسة المشاة ثم دخلت الفوج بعد أن دخلت أمامي الدبابة واستلمت المشاجب ومفاتيحها ووضعت جماعة حرس عليها. وبعد قليل حضر العقيد نوري الراوي آمر اللواء الجديد وسلمته المفاتيح والفوج ورجعت الى المدرسة ثم الى الإذاعة وأخبرت العقيد عبد السلام محمد عارف بما حدث فأجابني(عافرم زين سويت)وفي الختام أود أن أضيف بأن ضباط صف دورة تدريب المشاة وبعض مراتب مدرسة المشاة كان لهم أثر كبير في انجاح الهجوم على الرحاب واستسلام لواء الحرس.
عن صفحة الجيش العراقي السابق
. مع الشكر لسيادة العميد البحري الركن رياض عبدالمجيد سبع العبوسي لتزويدنا بالوثائق والمعلومات
- الـنص :
. أقسم بالله العظيم وبرسوله الكريم بأن كل كلمة في هذا التقرير صحيحة ودقيقة وقد توخيت من هذا التقرير أن أذكر دوري والأشخاص الذين صادفتهم خلال أعمالي في الهجوم ويجوز أن يكون هنالك بعض الأشخاص الذين قاموا بأعمال أخرى لم أصادفهم في طريقي لذلك اقترح أن يكتب كل شخص عن دوره لكي تكون القصة كاملة
كنت آمراً لدورة تدريب المشاة الأساسية في مدرسة المشاة وكان موجود دورتي (18) ضابطاً و(68) ضابط صف وكانوا منتخبين من وحدات الجيش المختلفة. كان وقت التدريب مبكراً حيث تبدأ ساعة التدريب الأولى بالساعة السادسة صباحاً، وقد كنت ضابط خفر ليوم1958/7/13 وفي صباح يوم 1958/7/14 حوالي الساعة الخامسة والنصف حضر أحد الضباط المعلمين وأخبرني بوجود انقلاب في بغداد أمرت بجمع الدورة صباحاً وضباط صف وطلبت منهم أن يستلموا البنادق العائدة لهم رغم أن التدريب في ذلك اليوم كان تدريباً على العصا وقبل الساعة السادسة سمعت أصوات رمي مستمر من ناحية قصر الرحاب وأخبرت الرئيس (النقيب) حميد السراج والرئيس محمد علي سعيد وطلبت رأيهما ورأي الضباط التلاميذ الباقين حول مساعدة القوة القائمة بالهجوم على القصر، فأخبروا ضباط الدورة بالموضوع لمعرفة رأيهم ومقدار تأييدهم للثورة بحضوري فأيد الضباط كافة عدا ضابط واحد وهو الملازم فالح زكي حنظل وطلبت منهم استلام غدارات (استرلنك) وأخبرتهم بأنني سأذهب مع الرئيس محمد علي سعيد الى قصر الرحاب لمعرفة احتياج القوة القائمة بالهجوم. وعند وصولنا شاهدنا جنوداً ممتدين على الرصيف وقسم منهم أمام السياج المحاذي للرصيف وكانوا منبطحين من الباب الوسطي للقصر حتى الجهة الغربية من بغداد إلا أنني لم أعرف كافة مواضع القوة في المحلات الأخرى فسألت الجنود المنبطحين عن احتياجهم لأنني لم أشاهد معهم ضابطاً. فقالوا:بأننا نحتاج الى عتاد لأن عتادنا على وشك النفاد.
هذا حسب قول الجنود فاستصحبت معي أحد نواب الضباط الذين صادفتهم بسيارة حمل كبيرة. وعند وصولي المدرسة كسرت مستودع ضابط الإعاشة الخاص بالعتاد لعدم وجود المفتاح لدي وطلبت من ضباط الصف اخراج عتاد 106 ملم وتحميل مدفع 106 ملم في إحدى سيارات الجيب بأقصى سرعة ممكنة لضيق الوقت كما طلبت من ضباط صف آخرين إخراج عتاد الغدارات أولاً وتهيئة عشرة مخازن مملوءة فوراً واخراج بقية العتاد للبنادق..تناولت الغدارة المرقمة 5384 من مشجب جناح ضباط الصف، كما استلمت ثلاثة مخازن مملوءة وسلّمت (3) غدارات لضباط صف كانوا بقربي وتوجهت الى رحبة المدافع بعد أن ألقيت كلمة قصيرة في ضباط صف الدورة بغية تشجيعهم على القيام بعمل فعال وطلبت من الرئيس سامي مجيد أن يشرف على العتاد وعلى إركاب ضباط الصف وإرسالهم خلفي وركبت في سيارة اللاندروفر مع المدفع مع ضباط صف عدد(2) وثلاثة ضباط صف حاملي غدارات وأربع طلقات 106 ملمتر وتقدمنا بأقصى سرعة وعند وصولنا الى الرحاب وضعنا المدفع على الرصيف مقابل الباب الرئيسية يسار الجنود الممتدين على الرصيف ووضعنا الأربعة إطلاقات التي معنا بجانب المدفع. كنت أسمع أصوات الرمي من جهات مختلفة مما اضطر ضباط الصف على الإمتداد على الشارع المبلط العام. كما تراجع الجنود الى نفس المحل وقد طلبت من ضباط الصف أن يملأ أحدهم المدفع فلم أسمع الا صياحهم (سيدي إمتد لا تموت) وظلوا في أماكنهم فآضطررت الى أن أخرج إحدى الإطلاقات بنفسي من غلافها وملأت المدفع وتحولت الى الجهة اليسرى بغية الرمي وكانت أمنيتي الوحيدة أن أكمل رمي الإطلاقة ثم بعدها مرحباً بالموت لكثرة ما كنت أسمعه من دويّ الرصاص فصوبت على الطابق العلوي ورميت الإطلاقة فاختفى القصر كله عن أنظاره لكثرة الغبار والدخان . وقد ملأت إطلاقة ثانية فوراً بالإستفادة من ذلك وانتظرت لحظة فشاهدت الرئيس ثابت يونس يخرج من الباب وبيده علامة بيضاء محاولاً التقدم نحو جنودنا فتناولت الغدارة التي اندثرت في التراب ووجهتها نحوه وطلبت منه أن يقف وإلا كان الموت جزاءه. وقلت له إنني لا أريد منك أن تستسلم بل أريد استسلام القوة كلها وإنني آمرك بالرجوع فوراً لأنني كنت أخشى أن يؤثر على الجنود القريبين مني، فرجع فوراً الى الداخل وعدت الى مدفعي ووجهت الى الطايبق العلوي أيضاً ورميت الإطلاقة الثانية وملأت الثالثة فوراً فشاهدت بعدها العقيد طه البامرني آمر اللواء يخرج من الباب الوسطية ويصيح إننا مستعدون للتسليم فقلت له نحن حاضرون لاستلامكم تفضلوا فعاد الى الداخل ليجلب الجنود. وقد انتظرت بعض الوقت وظننت أنه لم يكن جاداً في قوله فرميت الإطلاقة الثالثة على الطابق الأسفل وملأت الإطلاقة الرابعة وعولت أن لا أرميها لأنها الأخيرة وانتظرت وبعد قليل شاهدت من ناحية اليسار العقيد طه البامرني وخلفه رتل من الجنود يحملون أسلحتهم بوضع أفقي وكانوا يسيرون على الشارع المنحاذي لسور الرحاب فأخذت غدارتي واثنين من ضباط صفي وسرت باتجاههم فطلبت من الجنود أن يلقوا بسلاحهم وعتادهم على الأرض فوراً ويتجمعوا بالقرب من السور المحاذي للجدار وأخرجت ثمانية جنود منهم وطلبت منهم أن يجمعوا العتاد في قطع القماش الكبيرة التي كانوا يحملونها. وبعد ذلك طلبت من ضباط الصف أن يأخذوا هؤلاء ويوزعوا العتاد على سرية المشاة القريبة منا والتي أتت الى الرحاب لاحتلاله وطلبت من باقي الجنود أن يتحركوا الى الحديقة المحاذية للشارع العام ووضعت عليهم بعض الجنود حرساً عليهم. وفي هذه الأثناء شاهدت مدرعتين تتقدمان على الشارع المحاذي للسور باتجاه الباب فطلبت من إحدى المدرعتين أن تدخل من باب السور وتقوم بالرمي ثم تتقدم الأخرى بغية الإستتار خلفها. وعند وصول المدرعة الى الباب الداخلية تأكدنا بأن الرمي قد انقطع من الداخل فتقدمت الى الباب الداخلية فشاهدت الرئيس ثابت يونس وسألته عن الملك وعبد الإله فأقسم لي بأنه لا يعلم شيئاً عنهما وكنت متأكداً بأنه كاذب في قسمه وفي هذه الأثناء شاهدت الرئيس سامي مجيد ومحمد علي سعيد والرئيس حميد السراج والرئيس عبد الإله الحديثي والرئيس مصطفى عبدالله والملازم الأول عبد الكريم رفعت والملازم الأول حبيب شبيب. فدخل بعضهم الى داخل القصر وكان لوجودهم أثر كبير في تقوية معنوياتنا وقد عدت الى الباب الرئيسية لأنني كنت أشعر بوجود خدعة تدبر ضدنا وبينما كنت أسير وإذا بأحدهم يصيح (جو. جو. جو) فالتفت فجأة الى الخلف فشاهدت عبد الإله والى يساره امرأة عجوز تلبس نظارة والى يسارها الملك وكان على يمين عبد الإله والى الخلف امرأة تلبس فستاناً أخضر وكانت بيضاء تميل الى السمرة وشعرها أصفر وكان خلفهم عدد من حاشيتهم وخلفهم بعض الضباط وبينما تقربوا مني سمعت إطلاقات نارية اتجاهي فأجبت عليها بالمثل بصورة غير ارادية وعلى اثر ذلك سقط عبد الإله والملك والمرأة على الأرض وطلبت من العقيد البامرني أن يتقدم معي للذهاب الى فوج الحرس الملكي في قصر الزهور فأخبرني بأنه توجد ثلاث سرايا بكامل أعتدتها وأسلحتها وآلياتها فمن المستحسن أن تسمح لي أن أتصل بالمساعد لكي يستلم الأسلحة والأعتدة لكي لا تحدث مذبحة فوافقت على ذلك بعد أن هددتهُ بالقتل اذا أمر بعكس ذلك. فأقسم بشرفه العسكري بأنه سيعمل لمساعدتنا فاتصل بالمساعد من غرفة حرب الرحاب فأخذ المساعد بتسليم السرايا والأسلحة والعتاد ثم طلبت منه أن يصعد بسيارة اللاندروفر ثم صادفت المقدم العمري وزودني بمدرعتين وكان الملازم الثاني الاحتياط محمد جواد غصيبة يرافق هذه المدرعات ووعدني بارسال غيرها خلفي بعد حركتنا وركبت سيارة اللاندروفر في الخلف مع بعض ضباط الصف حاملي الغدارات ووجهت غدارتي صوب العقيد طه وتقدمنا الى قصر الزهور وخلفي إحدى المدرعات وأعتقد بأن المدرعة الثانية ذهبت من الشارع الثاني المؤدي الى الفوج وعند وصولنا الى منتصف الطريق شاهدت احدى الدبابات قد عقبت المدرعة فطلبت من سائق سيارة اللاندروفر أن يقف حتى تصل الدبابة. اجتازت الدبابة المدرعة حتى وصلت أمام المدرعة ووقفت على مسافة 50 يارد من سيارتي فاستغربت من وقوفها ونزلت من السيارة لأرى السبب فشاهدت ضابطاً برتبة رئيس أول في الدبابة فسألته عن عدم تقدمه فهمس في أذني عند صعودي الدبابة بأنه ليس عنده عتاد وأنه ينتظر وصول العتاد الآن فقلت له تقدم (للهيبة) وتقدمت بسيارتي وعقبتني الدبابة والمدرعة وعند وصولنا الى مسافة 100 يارد شاهدت حرس قصر الزهور يصوبون بنادقهم نحونا فاقترح العقيد أن يترجل هو بنفسه إليهم وكنت أسير على مسافة عشرة ياردات منه فأخذ يصفر إليهم ويطلب منهم القاء سلاحهم فتقدمت مع ضباط الصف وجرّدت الحرس من اسلحتهم وعتادهم وأبدلتهم بحرس من ضباط صف مدرسة المشاة ثم دخلت الفوج بعد أن دخلت أمامي الدبابة واستلمت المشاجب ومفاتيحها ووضعت جماعة حرس عليها. وبعد قليل حضر العقيد نوري الراوي آمر اللواء الجديد وسلمته المفاتيح والفوج ورجعت الى المدرسة ثم الى الإذاعة وأخبرت العقيد عبد السلام محمد عارف بما حدث فأجابني(عافرم زين سويت)وفي الختام أود أن أضيف بأن ضباط صف دورة تدريب المشاة وبعض مراتب مدرسة المشاة كان لهم أثر كبير في انجاح الهجوم على الرحاب واستسلام لواء الحرس.
عن صفحة الجيش العراقي السابق