- سمير صالحة - إسطنبول
عادت مسألة امتلاك تركيا لأسلحة الدمار الشامل والقنابل الذرية أو النووية مجددا إلى قلب الحدث، حاملة معها كثيرا من التساؤلات والاستفسارات حول أنباء من هذا النوع تنفيها الحكومات التركية باستمرار.
وتفيد التقارير التي يتزايد عددها يوما بعد الآخر، بأن تركيا تستعد سرا للدخول في هذا السباق بشكل أو بآخر. وبعد أهم تقرير، نشرته مجلة العلماء النووية الأمريكية في 2012 وأعده روبرت موريس وهانز كريستانسن - وكان يتحدث عن تسليم واشنطن لتركيا قنابل ذرية ما زالت موجودة في المخازن منذ سنوات الحرب الباردة وأن بعض هذه القنابل موجودة في القواعد العسكرية التركية التي يستفيد حلف شمال الأطلسي من استخدامها مثل قاعدة أنجرليك الواقعة على البحر الأبيض المتوسط - جاءت صحيفة برافدا الروسية هذه المرة لتطرح مسألة وجود 200 قنبلة نووية في ست دول شريكة في حلف شمال الأطلسي بينها تركيا.
جعبة بوتين
لكن الرئيس الروسي بوتين قال قبل أيام وهو يستعد لزيارة تركيا في مطلع الشهر المقبل، إنه يحمل في جعبته مشاريع استراتيجية يناقشها مع الأتراك فهل يكون التعاون في مجال الصناعة الحربية واحدا من هذه المجالات بعدما أعلنت موسكو وأنقرة عن رغبتهما في رفع حجم التبادل التجاري بينهما من 35 مليار دولار إلى 100 مليار خلال السنوات الخمس المقبلة.
البعض يرى في تركيا أنها دولة تعد صاحبة أكبر جيش وأكبر سلاح جوي وبري وبحري في المنطقة ولديها قدرات صناعية حربية كبيرة وهي أكبر حليف أمريكي في المنطقة إلى جانب إسرائيل، فلماذا لا تمتلك سلاحا نوويا إذا كانت لا تنقصها الخبرات في هذا المجال؟
باكستان واحدة من هذه البلدان التي وقفت إلى جانب أنقرة في هذا المجال فهي التي عرضت أكثر من مرة على تركيا فتح أبواب التعاون الثنائي بين البلدين خاصة في عهد الرئيس عبدالقادر خاتمني نهاية الثمانينات وحتى مطلع عام ألفين لكن لم يعرف إذا ما كان هذا التعاون قد تم أم لا؟
المعادلة الإيرانية
رغم ذلك، فمن الخطأ الاعتقاد بأن تركيا متقبلة لفكرة وجود إيران نووية، فتركيا تتفق مع حلفائها الغربيين على أن إيران يجب ألا تمتلك السلاح النووي، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعزز حالة عدم الاستقرار في المنطقة، بل ويضر بطموحات تركيا للحفاظ على وضعها كقوة إقليمية رئيسية، علاوة على أن إيران نووية أمر سيدفع في الغالب دول الخليج هي الأخرى إلى امتلاك التقنية النووية لتدخل المنطقة في سباق تسلح خطير يغير المشهد الإقليمي كاملا.
ولهذا، فقد حاولت تركيا التوسط مع البرازيل في مايو 2010 – قبل أيام قليلة من إصدار مجلس الأمن لقراره 1929 الذي يفرض عقوبات جديدة على إيران - للتوصل إلى اتفاق لمبادلة الوقود النووي مع طهران.
قوة ردع
فهناك في تركيا من يقول إن الموقف التركي المرن ينبع من اعتماد أنقرة إلى حد كبير على عضويتها في حلف الناتو، وهو ما تستند إليه في تحقيق هدف الردع، وهي تعد علاقتها مع الولايات المتحدة مفتاح أمنها في إطار حالة عدم الاستقرار الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط، وقد أتاح وضع تركيا في حلف الناتو أن تستقبل على أراضيها أسلحة نووية تابعة لحلفائها، مما وفر لها قوة ردع كافية في مواجهة التهديدات، وساعد أنقرة على الجانب الآخر في الاحتفاظ بسجل نظيف جدا في إطار منع انتشار الأسلحة النووية، مع اعتمادها على القوات العسكرية التقليدية في حماية أمنها ضد ما قد يواجهها من تحديات.
جدل لشبونة
لكن كل هذا لا يمنع من القول وكما يرى البعض أن تركيا اتخذت موقفا حادا أثار كثيرا من الجدل حوله خلال قمة لشبونة لحلف الناتو في 2010، فمع الاتجاه إلى نشر وحدات من الدرع الصاروخية على الأراضي التركية، فقد شددت أنقرة على أن هذا النظام يجب ألا يكون سببا لتوتر علاقاتها مع دول الجوار، ولذلك دعمت تركيا نشر النظام على كامل أراضيها، وعلى أن يكون تشغيل مكوناته على إقليمها من قبل الجيش التركي الوطني، ليوافق أعضاء الناتو على عدم تحديد اسمي إيران وسوريا كتهديدات محددة تواجهها الدرع الصاروخية، وتأجيل أي قرار بشأن الجهة التي ستتولى تشغيل النظام، وفقا لمطالب تركيا التي وافقت على أن تستضيف رادارا للإنذار المبكر على أراضيها.
طموحات أنقرة
وهنا يذكر بعض الدارسين الأتراك تحديدا بأن الموقف التركي لم يساعد على استيعاب إيران التي هددت بضرب موقع الرادار بتركيا، في حال وجه أي هجوم إليها، الأمر الذي يدفع صناع السياسة في تركيا إلى الاعتماد مرة أخرى على العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة وتلك التي يوفرها حلف الناتو، وبأنه في ظل طموحات تركيا لامتلاك التقنية النووية وتأكيدها الدائم أن ذلك حق تكفله معاهدة حظر الانتشار النووي، يكون التساؤل عما إذا كان ذلك الطموح قد يتطور ليشمل أبعادا عسكرية أم لا، وللإجابة على هذا التساؤل، يشار إلى الاتفاق الذي وقعته تركيا مع روسيا في مايو 2010 لبناء وتملك وتشغيل محطة لتوليد الكهرباء على الساحل التركي على البحر المتوسط، وهذا الاتفاق شديد الأهمية الاقتصادية لتركيا، إذ يوفر لها شراء وبيع الطاقة الكهربائية المنتجة من محطة توليد الكهرباء.
الشراكة الروسية
مراقبون عسكريون يرون أنه من المتوقع أن تدخل أول وحدات المشروع الخدمة في 2019، ولكن مع تأكيد أن الشركة الروسية المسؤولة عن إدارة المشروع هي المسؤولة عن إدارة النفايات النووية، ووقف تشغيل محطة توليد الكهرباء، وهو ما يتضح معه غياب البعد العسكري، وكل ما يتعلق بنقل تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم إلى أنقرة، ومن ثم، يمكن القول في الختام إنه بالرغم من الاهتمام الذي تبديه تركيا بالاستثمار في عدد من التقنيات اللازمة لتفعيل برنامج مدني للطاقة النووية، فإنها تفتقد البنية التحتية اللازمة لإنتاج المواد الانشطارية اللازمة لصنع السلاح النووي، كما أنها لا تملك البنية التحتية اللازمة لاستخراج اليورانيوم وتخصيبه، أو إعادة معالجة الوقود النووي المستنفد.
وبدون ذلك، لا يمكن لها صنع السلاح النووي، وامتلاك القنبلة النووية، ولذلك فهي تعتمد على المورد الأجنبي في الحصول على التكنولوجيا النووية اللازمة لاستكمال برامجها التنموية، ولكن ذلك لا يتعارض وحقيقة أنه لو توافرت الإرادة السياسية، سيمكن لتركيا تصميم الجيل الأول من الأسلحة النووية، من خلال تصميم جهاز انفجار داخلي مبسط لا يحتاج فيه إلى اليورانيوم عالي التخصيب، وهو الأمر الذي يمكن ضمانه تحت ستار برنامج مدني للطاقة.
اليونان اللدود
وهنا تبرز معادلة استراتيجية جديدة يتوقف عندها البعض وهي أن أنقرة ستتجنب على الأرجح اتخاذ أي خطوة في هذا المجال قد تؤثر في علاقتها الاستراتيجية المميزة مع الولايات المتحدة، ووضعها داخل حلف الناتو، ومن ثم الحفاظ على وضعها الإقليمي المميز.
وفي ضوء أن تركيا تولي اهتماما خاصا بتفعيل ما يصطلح على تسميته بـ”القوة الناعمة” في سياستها الخارجية، فإنها غالبا ما ستتجه - في حال واجهت أي تهديد- إلى تقوية روابطها مع الضامنين التقليديين لأمنها في حلف الناتو، بجانب اعتمادها على قواها التقليدية، لكن كل هذا النقاش لا يمكن أن يتجاهل وجود عامل آخر يقلب المعادلات وهو العامل اليوناني حيث يرى بعض الخبراء العسكريين الغربيين أن اليونان عدو تركيا اللدود لن تسكت على حصول تركيا على سلاح نووي وقد يبدأ سباق نووي بينهما مثلما حصل بين الهند وباكستان.
جهود إيجابية
- “لتركيا جهود إيجابية في دعم السياسات الدولية الرامية إلى وقف انتشار الأسلحة النووية، إذ وقعت كل المعاهدات والاتفاقات الدولية ذات الصلة، وتشارك بانتظام في عدد من الأنشطة لتدعيم قواعد عدم الانتشار النووي في الشرق الأوسط؛ وذلك كجزء من استراتيجية شاملة للحد من حدة التوتر في المنطقة، مما أعطى صورة لأنقرة كشريك ملتزم دوليا يمكن أن يعتمد عليه للمساعدة في تحقيق الاستقرار المنشود في نطاقها الإقليمي”.
تجدد الحرب الباردة
- “إن مسألة من هذا النوع ستؤثر مباشرة في مسار العلاقات الاقتصادية والتجارية بين تركيا وروسيا، خاصة لناحية حاجة تركيا إلى الغاز الروسي كمصدر مهم لتأمين احتياجاتها من هذه المادة. ونحذر من حرب باردة جديدة قد تندلع بسبب هذه المعلومات بين موسكو وأنقرة التي كانت دائما في قلب نقاشات من هذا النوع ومنذ الخمسينات من القرن المنصرم، حيث جرى الحديث عن نقل أمريكا لقسم من هذه الأسلحة إلى قواعد عسكرية تركية مثل قاعدة أنجرليك في الجنوب وقاعدة باليكسير في الغرب”.
مشكلات المستقبل
- “تم في تركيا إنشاء منظومة درع صاروخية بقرار من الناتو، فإذا كانت هذه المنظومة ستخلق مشكلات لتركيا مستقبلا فهذا سيدفعها باتجاه تطوير أسلحة نووية خاصة بها. وعلى سبيل المثال تضررت علاقاتنا مع إيران كثيرا بسبب هذه المنظومة الصاروخية. يبدو أن إيران ستطور أعمالها النووية انطلاقا من شعورها بالأخطار التي تهدد مصالحها، ومن جهة أخرى يبقى غير معروف إلى أي مدى ستدافع منظومة الدرع الصاروخية الأطلسية عن مصالح تركيا”.
حماية الأمن القومي
- “إن تركيا ستنضم إلى النادي النووي من أجل حماية أمنها القومي. ومع ذلك، يعتقد معظم المحللين الأتراك أن تركيا يجب أن تكون حذرة في طموحاتها النووية”.
لا ضرورة نووية
- “تركيا عضو في حلف الناتو الذي يمتلك الأسلحة النووية، وسياسة ضمان الأمن النووي. ولذلك، فإن ظهور الأسلحة النووية في إيران لا يستوجب بالضرورة أن تمتلك تركيا السلاح النووي.
- إذا كان التنافس الإقليمي بين تركيا وإيران يقوم على بسط النفوذ في المنطقة، فإن النفوذ التركي في المنطقة سيكون أكبر بكثير من النفوذ الإيراني حتى ولو حصلت الأخيرة على السلاح النووي وذلك بفضل علاقات تركيا الاقتصادية والتجارية والقدرات الدبلوماسية التي تعد أعلى مستوى عما هو في إيران”.
خطة تصنيع النووي
- “لدى تركيا خطة عمل لتصنيع سلاح نووي، ويرجح أن المعرفة التقنية لعمل المشروع التركي غالبا قد تم استيرادها من باكستان.
- الأسباب التي دفعت جهاز الاستخبارات الألماني للتجسس على تركيا كثيرة، وإن كان أهمها المقاتلين الأجانب الذين يتوجهون إلى سوريا والعراق، وموضوع تهريب المخدرات، وموضوع “حزب العمال” الكردستاني.
- استنادا للمعلومات المتوفرة لدى جهاز الاستخبارات الألماني، فقد أمر رجب طيب إردوغان في 2010 بالعمل على بناء منشأة لتخصيب اليورانيوم، وتشير تقارير الاستخبارات الألمانية إلى أن أجهزة الطرد المركزي المتوفرة في المنشأة من المرجح أن يكون قد تم جلبها من باكستان. تركيا بعد أن بدأت بالعمل على صواريخ قصيرة المدى، طورت الأمر للصواريخ المتوسطة المدى، وهي تستعد لتجريب صواريخ يتجاوز مداها 2500 كلم في 2015، والتي من المتوقع أن تحمل الرؤوس النووية”.
مخاوف إسرائيل
- “في حال امتلاك إيران للقنبلة النووية سيكون ذلك سببا لانطلاق سباق تسلح نووي إقليمي في المنطقة وأنه نتيجة لهذا السباق ستتمكن تركيا خلال عدة أشهر من الحصول على قنبلتها الذرية الخاصة، ليقع الإقليم بعد ذلك في كابوس حقيقي”.
النووي موجود ولا أرى مبررا لوضع الصواريخ الأمريكية في إسطنبول، ولكنني اعتقد بأن السلاح النووي موجود في تركيا، والخبراء العالمون يعلمون يعرفون أيضا مكان وجوده
- ألكسي أرباتوف خبير روسي
لا صواريخ جديدة
- “إن نحو 100 من الصواريخ المجهزة بالرؤوس النووية التي وصلت إلى تركيا خلال الحرب الباردة، موجودة في مدينة إسطنبول، وتركيا لن تقبل الصواريخ الجديدة ولكنها ستحتفظ بالصواريخ القديمة”.
90 رأسا في إسطنبول
- “دخل السلاح النووي الأمريكي إلى تركيا في 1961 عندما أرسلت الولايات المتحدة جملة من صواريخ يوبيتير، المتوسطة المدى إلى الساحل التركي للبحر الأسود.
- والأمين العام السابق للناتو جورج روبرتسون اعترف في فبراير 2010 بأن 40 إلى 90 رأسا نوويا لا تزال موجودة في قاعدة أنجرليك الجوية العسكرية قرب مدينة آدان في شرق تركيا. وهذه الصواريخ موجودة في إسطنبول وليس في قاعدة أنجرليك الجنوبية “.
التجديد في 2017
“هناك 70 قنبلة ذرية بعثتها الولايات المتحدة الأمريكية ركز معظمها في قاعدة أنجرليك، وهي من نوع B 61، وأن مشكلة تركيا هي عدم امتلاكها للطائرات التي تملك خصوصيات حمل واستخدام هذه القنابل وأن استخدامها مرتبط مباشرة بقرار من واشنطن بالدرجة الأساسية.
وهناك نحو 40 قنبلة في قاعدة “باليكاسير” الواقعة غرب تركيا وعلى مقربة من بحر أيجه، وأن التفاهم التركي الأمريكي طرح موضوع تحديث هذه القنابل في 2017.
http://www.makkahnewspaper.com/makkahNews/second-2/96646/96646.html#.VQvgldKsUms