سُمِّي عنواناً للصمود.. ورمزاً من الصعب تحمُّل ما جرى له
"سلمان الصبر" ذرف دموعه بفَقْد والدَيْه وإخوانه وابنَيْه
عمر السبيعي ـ سبق ـ الرياض: "سلمان الصبر" عنوان يقف خلفه قائد حكيم، يتجرع مرارة الجراح العصيبة يوماً بعد آخر، ولا يزال صامداً كالجبال، بعدما شارك في دفن والدَيْه وإخوته واثنين من أبنائه، في ظل الظروف والتحديات التي تتوالى عليه منذ عشرات الأعوام، معلناً نهوضه مجدداً للقيام بشؤون الدولة والمجتمع الإسلامي.
فَقْد الأب والأم جرح طال نزفه
بدأت المرارة وقسوة الزمن تحل بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز عندما فقد والده في شهر نوفمبر من عام 1953م بمحافظة الطائف، ثم استمرت معاناة قائد مسيرتنا بفقده القلب الحنون والدته الأميرة حصة بنت أحمد السديري في عام 1969م، فعاش الوحدة بفقده من كان يترعرع في أحضانهما، مكملاً حياته على نهج من يكبره سناً من إخوته الذين وضعوا بصمات لا يستهان بها في حياة الكثير من سكان العالم بشكل كلي.
وفاة اثنين من أبنائه
ولم تتوقف جراح الملك "سلمان" عند ما لحق به سابقاً حتى زادت الظروف بصعقه بوفاة اثنين من أبنائه، هما الأمير فهد عن عمر 46 عاماً في عام 2001م، وكذلك الأمير أحمد في العام التالي من وفاة شقيقه الأكبر في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، حتى تشطر قلبه على ذكراهما مع رضاه بقدر الله الذي هو كله خير.
فراق الملك فهد أطفأ شمعة الوطن
قائدنا "أبو فهد" لم تتوقف مرارة الحزن والبكاء على والديه فحسب، بل فُجع أيضاً في عام 2005م بنبأ وفاة أخيه الملك فهد، بعد أن كان درعاً وسداً ذريعاً في وجه الأعداء، ورمزاً لا يستهان به، وقاد الوطن لنجاحات عظيمة لن ينساها المواطن الذي يلهج بالدعاء له بالرحمة والمغفرة.
رحيل ولي العهد الأمير سلطان زاد المعاناة والأسى
صمد "القائد" في ظل عصف الظروف وزيادة محنها عليه، حتى زادت من معاناته بعد أعوام من النسيان، ليفجع بوفاة أخيه الأمير سلطان ولي العهد في عام 2011م، بعد أن كان عضيداً يشكو له معاناته ويؤازره في تحديات الزمن، لتذرف دمعته، ويضعف قلبه؛ وأقدار الله تختبر صبر وعزيمة قائد الوطن.
فَقْد رمز مكافحة الإرهاب الأمير نايف
لم يتوقف اختبار حاكم وطننا عند هذا الحد فحسب، بل واصلت الظروف العصيبة الإحاطة به؛ لتبدأ مجدداً في العام التالي من فقده أخاه السابق؛ ليصرخ مجدداً برحيل وفقد من كان رمزاً في مكافحة الإرهاب وعنواناً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن كان درعاً متيناً لوزارة الداخلية، الأمير نايف، وذلك في عام 2012م.
تحديات الزمن تزيد من عزم وصبر القائد
ظلت الدموع والجراح في قلب قائد مسيرتنا وهو صامد، والحزن يغطي قلبه دون أن يفتضح أمره، معلناً عزيمته وصبره في ظل تحديات الزمن؛ ليقول للأعداء: "الوطن والمواطن والإسلام والمسلمون.. جزء لا يتجزأ من قلبي مهما فعلت الظروف العصيبة".
فاجعة رحيل "أبي متعب" تحيط بقلب قائدنا
صمد "أبو فهد" في ما انتابه من لحظات مؤلمة وقاسية قبل أن تحل به الفاجعة الكبرى التي جعلت منه عنواناً حقيقياً للصبر والصمود كالجبال، بعدما حلت المنية ليلة الجمعة الماضية بعضيده ومصدر سعادته ومن يتولى زمام وطنه، بوفاة فقيد المجتمع الإسلامي كله "أبي متعب"؛ لتزداد الصعوبة والمحن في قلب قائدنا ومليكنا.
شؤون المواطن وظروف المنطقة تشغل البال
وفي ظل ما تمر بقائدنا من ظروف ليست سهلة، من فقد من كانوا مصدراً لقوته، وينهض بخدمته لوطنه، تقف تحديات ظروف المنطقة همًّا لا يتجزأ من هموم وجراح "مليك الوطن سلمان". فمع جانب اهتمامه باستقبال التعازي والبيعة له ولولي العهد الأمير مقرن ولولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف إلا أن حمل شؤون الوطن والمواطن ومتابعة الحدود السعودية اليمنية التي تحتاج لمزيد من الحفظ بعد الله، بعد سقوط الحكومة اليمنية الأيام الماضية، وشتات النظام هناك، من أبرز ما يشغل بال القائد الحكيم ـ حفظه الله ورعاه ـ.
سلاسة انتقال الحكم أذهلت الأعداء
تلك الظروف التي حلت بالقائد العظيم لم يتحمل جراحها إلا نظير ما يحمل من عقل وحنكة؛ إذ تحمَّلها برباطة جأش، ولا يمكن لآخر بأن يتحمل جراحها، وحمل على عاتقه تسيير بلاده داخلياً وخارجياً في وقت واحد، فنقل الحكم بسلاسة وسرعة أذهلت الأعداء بعد الاتفاق بين الحاكم وأبناء الشعب عبر نظام هيئة البيعة، الذي رسمه الملك الراحل الملك عبد الله - طيب الله ثراه - عام 2006.
فخر الوطن بقائده هوّن جراح الفقد
رحيل فقيد الوطن والإسلام لن ينساه المجتمعات قاطبة؛ لأن بصماته وخيراته كانت من تتحدث عنه، إلا أن ما حدث من انتقال الحكم بكل سهولة من قائد لآخر، وفي غضون ساعات بسيطة من وفاة عضيده، هو خير مطمئن للمجتمع بأن "سلمان الصبر والحنكة" مصدر فخر واعتزاز لأبناء الوطن وللأمة الإسلامية عندما حل في كرسي قيادة الوطن، وسط عبارات المجتمع السعودي التي رددت قولها: "الرجل المناسب في المكان المناسب".
21