عرض في مبنى «ميراث الاستخبارات»، للمرة لأولى في إسرائيل، فيلم يكشف تفاصيل تهريب الطائرة الحربية «ميغ ـــــ21» من العراق إلى الدولة العبرية، في حملة رأت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنها «غيرت وجه الشرق الأوسط
ويشير الفيلم إلى أنه في صبيحة يوم الثلاثاء، في السادس عشر من آب عام 1966، «حدث شيء لا يصدق»، حيث هبطت طائرة حربية، من طراز «ميغ ـــــ21»، فخر الصناعة السوفياتية، والطائرة الأكثر تطوراً التي امتلكتها الأسلحة الجوية العربية في حينه، في القاعدة العسكرية «حتسور». ووصفت الصحيفة الحدث بأنه «حلم يتحقق» في عيون الدول الغربية.
لم تعرف الولايات المتحدة في حينه شيئاً عن هذه الطائرة، ولا عن نقاط الضعف الكامنة فيها، ما لم يساعدها على تطوير أسلحة مضادة.
ويكشف الفيلم أن طياراً عراقياً يدعى منير ردفا، هبط بطائرة «ميغ ـــــ21» في قاعدة حتسور، بعدما «عذبه ضميره عقب إلقاء القنابل على القرى الكردية هناك».
ويدّعي الفليم أنَّه على الرغم من ادعاءات ردفا، إلا أنَّ هبوط الطائرة السوفياتية ـــــ العربية، كان نتيجة لحملة قادها «الموساد»، بعنوان «الطائر الأزرق ـــــ حملة الماس»، أدّت إلى إزالة الحظر الأميركي على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل بعد عشرين عاماً من إقراره.
ويشير الفيلم، الذي أُنتج بالتعاون بين «ميراث الاستخبارات» التي يرأسها رئيس «الموساد» السابق افرايم هليفي والقناة الإسرائيلية الأولى، وسيعرض يوم الأحد على شاشة القناة الإسرائيلية الأولى، إلى أن فكرة الوصول إلى «ميغ 21» بدأت في عام 1965، حيث قال قائد سلاح الجو الإسرائيلي في حينه، عازار وايزمن، أثناء تناوله وجبة الفطور مع رئيس الموساد مئير عميت: «اجلبوا لي ميغ ـــــ21».
اختار «الموساد» العميل رحابيا فاردي، الذي توفي قبل نصف عام، لقيادة الحملة. وكان «الموساد» على علمٍ بأنَّ المصريين يملكون 34 طائرة من طراز «ميغ ـــــ21»، والسوريين يملكون 18، والعراقيين يملكون 10.
اختار الإسرائيليون العراق، لأن بحوزتهم «طرف خيط» يمكن أن يقودهم إلى هدفهم. كان طرف الخيط رجل الأعمال اليهودي العراقي يوسف شيمش، الذي كان متعاوناً.
وذكر الفيلم أن شيمش كان على «علاقة جنسية» مع فتاة مسيحية، وهي شقيقة لزوجة الطيار العراقي ردفا، الذي كان، بحسب الفيلم، «طياراً ممتازاً، إلا أنه محبط للغاية، نظراً لعدم ترقيته إلى أي درجة في سلاح الجو لكونه مسيحياً».
استطاع شيمش في هذه الظروف المتاحة، أن يربط بين «الموساد» وردفا. ويشير الفيلم إلى أنه في أعقاب «قصة غطاء» اختلقها «الموساد»، نجح ردفا بالخروج من العراق، ووصل إلى روما. والتقى هناك الطيار في سلاح الجو الإسرائيلي العقيد زئيف ليرون، الذي أرسل خصيصاً للتعرف إلى ردفا. ربطت الاثنان علاقة صداقة وسافرا من بعدها إلى اليونان، حيث كشف ليرون للمرة الأولى أمام ردفا، أنه طيّار في سلاح الجو الإسرائيلي.
سافر ردفا من اليونان إلى إسرائيل، بواسطة هوية مزيفة، باسم يوسي مزراحي من أجل التعرف إلى المكان الذي عليه الهبوط فيه مستقبلاً بعد الفرار من سلاح الجو العراقي. في ذلك الحين، وقع خطأ كاد أن يفشل حملة «الموساد» بعدما أخطأ ردفا، وصعد إلى طائرة متجهة إلى مصر. تم الكشف عن الخطأ قبل دقائق معدودة من إقلاع الطائرة ونقل «موشيه مزراحي» إلى الطائرة الصحيحة.
قضى ردفا ثلاثة أيام في إسرائيل، طار خلالها 50 دقيقة في المنطقة التي كان عليه الوصول إليها. كان إلى جانبه رئيس الاستخبارات في سلاح الجو، الجنرال شايكي بركات. ويظهر في الفيلم صور لزيارة ردفا إلى إسرائيل، حيث التقطت هذه الصور من دون علمه، من أجل أن تكون وسيلة ضغط عليه في حال تراجع عن قراره.
قبل شهر من وصول الطائرة إلى إسرائيل، وبعدما أخرجت عائلة ردفا من العراق، أعلم ردفا بأنه أنهى الترتيبات اللازمة، وعندها، تمَّ إطلاع رئيس الوزراء الإسرائيلي، ليفي اشكول، على تفاصيل الحملة.
ويظهر الفيلم صوراً لهبوط الطائرة «ميغ 21» في إسرائيل، وصوراً لطائرات «ميراج» الإسرائيلية التي أقلعت لمرافقة الطيار العراقي من أجل الهبوط في الدولة العبرية. كما يشتمل الفيلم على صور للإقلاع الجوي التجريبي الذي أجراه الطيار الإسرائيلي داني شبيرا. ويسمع أيضاً في الفيلم صوت الطيار العراقي ردفا، من خلال تسجيلات أصلية، وهو يتحدث إلى برج المراقبة الإسرائيلي.
بعد شهر من مكوث الطائرة «ميغ 21» بأيدي الإسرائيليين، نقلت إلى الولايات المتحدة حيث دُرسَتْ تفاصيلها. وأدت «الهدية» الإسرائيلية للأميركيين، إلى استبدال الطائرات الإسرائيلية التي ضمت طائرات من طراز «ميراج» و«ووتر» من صناعة فرنسية، بطائرات «فانتوم» أميركية الصنع، بعد 20 عاماً من الحظر الأميركي على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.
خلال حرب حزيران، أسقط الإسرائيليون عشرات الطائرات من طراز «ميغ ـــــ21» بعدما فهموا نقاط ضعفها، وأين تقع النقطة التي يؤدي ضربها إلى انفجار الطائرة كلياً.
بعد بقاء الطائرة في الولايات المتحدة، نقلت «ميغ 21» إلى إسرائيل مرة أخرى، ووضعت في متحف سلاح الجو في «حتسيريم».
ويذكر أن الطيار العراقي ردفا، وعائلته، لم يتأقلموا على الحياة الإسرائيلية، ونقلوا، برعاية الموساد إلى دولة غربية، حيث توفي ردفا قبل تسع سنوات بأزمة قلبية.