الوثائق الإسرائيلية - الحلقة التاسعة و العشرون

حكم مصارعه

عضو مميز
إنضم
27 نوفمبر 2014
المشاركات
4,272
التفاعل
5,243 0 0
الوثائق الإسرائيلية ـ لجنة التحقيق: العرب بمساعدة المخابرات الروسية يسعون لاختراق مصادر المعلومات الإسرائيلية
مستوى الأمن وصل إلى درجات متدنية قبل وخلال الحرب




في هذه الحلقة من تقرير لجنة أغرنات للتحقيق في إخفاقات الجيش الاسرائيلي في حرب أكتوبر 1973، اعتراف مثير بأن المخابرات العربية، وبشكل خاص المصرية والسورية، تمكنت من اختراق الجيش الاسرائيلي بمختلف الوسائل، بما في ذلك زرع عملاء في صفوف الجيش الاسرائيلي (!!)، ولكنها لم تفصل أكثر. وتقتبس اللجنة على ألسنة العديد من الضباط بأن حشد الوثائق السرية الاسرائيلية التي توفرت بأيدي العرب بلغت عددا وعدة لدرجة أنهم لم يستطيعوا «هضمه» بالكامل، ولو فعلوا لكانت حلت كارثة بإسرائيل.واليكم هذه الحلقة من التقرير:
(و) تقديرات رئيسة الحكومة 129. كانت رئيسة الحكومة قلقة أيضا بشكل خاص من الخبر الذي وصل اليها في يوم 25 سبتمبر [من الزعيم العربي الذي أشرنا اليه آنفا غير مرة]، والذي ترك عليها أثرا جديا (صفحة 444). ولكنها كانت تثق كامل الثقة بشعبة الاستخبارات العسكرية، التي أثبتت قدراتها أكثر من مرة في الماضي، وخصوصا بعد تقديراته في ربيع 1973 (شهادتها في صفحة 2/4451). لهذا، فإنها لم تر أساسا للتحفظ من تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية في الايام التي سبقت الحرب. بل انها تقبلت تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية بأن خطة الهجوم السورية المذكورة في الخبر أعلاه كانت معروفة منذ عدة شهور ولا توجد لسورية نوايا هجومية في المستقبل القريب.
129. باختصار، فإن القيادة السياسية أيضا كانت تتأثر من تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية، بدافع المكانة التي تمتعت بها دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية، والتي اكتسبتها من واقع احتكارها للمعلومات الكاملة ولمسؤولية التقديرات الاستخبارية، من الناحية التكتيكية والاستراتيجية والسياسية على السواء. وقد أثرت هذه التقديرات على وزير الدفاع في المستوى التكتيكي حتى اللحظة الأخيرة تقريبا، وتم تعزيزها اثر عدم تحفظ رئيس أركان الجيش من تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية بأن حربا شاملة لن تنشب.
كذلك رئيسة الحكومة، لم تكن لديها وسائل تقدير استخباري خاصة وقد زاد تأثير تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية عليها، في أعقاب امتناع وزير الدفاع ورئيس الأركان عن التحفظ عليها.
الفصل العاشر
* «اعرف العدو» 130. شعبة الاستخبارات العسكرية تجمع من مصادر متعددة الأخبار والمعطيات عن العدو، التي تهتم بالاستخبارات التقنية حول السلاح والتجهيزات عنده وحول أساليب القتال والعبر المستخلصة من الاحتكاك به وغيرها من القضايا، وبضمن تلك المصادر مخابراتنا الميدانية.
هذه المادة تتضمن معلومات عن الوسائل القتالية لدى العدو، وسائل النقل، الرصد الميداني والقنص وإطلاق المدفعية، كيفية التصرف بغياب مدى الرؤية، المدافع والصواريخ المضادة للطائرات، أجهزة ووسائل العبور، المدافع في مواجهة الاستحكامات، الأسلحة الموجهة الى الدبابات، مدى الاستيعاب البنيوي للأسلحة وتنظيم القوى البشرية ومستواها القتالي وتجهيزها. من طبيعة هذه الأخبار، التي تصل بالقطارة، [نقطة نقطة]، انها تحتاج الى ما يربطها سوية ويعيد صياغتها على الورق بشكل منظم، موضوعا موضوعا وكل موضوع مرفق بوثائقه. وقد زاد وزن المخابرات التقنية وحجمها مع تطبيق الطرق العلمية والتكنولوجيا العصرية الحديثة في وسائل القتال. فالحديث يجري هنا عن أخبار ومعطيات تتعلق بقوات العدو وانتشارها وخصائص المحارب والدمج ما بين الوحدات والأذرع والألوية بوصفها قوى تكتيكية واية تصرفات يقوم بها العدو ويمكن اعتبارها علامات دالة على نواياه.
ان الأهمية الخاصة لهذه المواد، التي تدخل في باب «اعرف العدو»، هي انها تستطيع توجيه التدريبات والارشاد والتمارين والتزود بالأسلحة وتطوير الوسائل القتالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي. كذلك فإن هذه المعلومات تمكن القادة على جميع المستويات، من اعطاء تقدير أكثر صحة ويطور لديهم سبل قتال تكتيكي أكثر تخصصا. ان من شأن هذه المعلومات والافادة منها بشكل صحيح أن تعطي لقواتنا أفضلية مهمة على العدو وتمنعه من مداهمتها بشكل مفاجئ. وقد اتضح لنا انه لم تنقصنا التقارير عن قوات العدو ونظرياته القتالية. لقد أصدرنا [باللغة العبرية] ترجمات حول غالبية هذه المواضيع (أنظر مثلا «دفتر الجيب في الجيش المصري، مبنى الوحدات» من اصدار شعبة الاستخبارات العسكرية – القيادة العامة، ونفس الدفتر أصدرته المخابرات في اللواء الجنوبي – وثيقة البينات رقم 170أ، ونشرات المخابرات التي ضمت تفاصيل كاملة عن الأسلحة السوفياتية المضادة للدبابات من نوع «ساجر» وكيفية تشغيلها في الجيشين المصري والسوري – وثيقة البينات رقم 72). وكانت شعبة الاستخبارات العسسكرية قد وزعت في سنة 1970 منشورات، بواسطة ضباط مخابرات حتى درجة قائد كتيبة، حول الصواريخ المضادة للطائرات من نوع «ساجر» (شهادة الجنرال زعيرا صفحة 41 فصاعدا).
كما ان شعبة الاستخبارات العسكرية أعدت مادة حول سبل العبور والهجوم المصري وحول النظرية السوفياتية لعبور الحواجز المائية، وتفاصيل عن صفقات الاسلحة التي أبرمها العدو وغيرها.. (صفحة 46 ـ 47).
ووجدنا ان هذه المواد الكثيرة لم تستخدم بالشكل اللازم ولم تصبح جزءا من معارف كل جندي في جيش الاحتلال الإسرائيلي. وقد ساهم هذا الوضع أيضا في أن يصبح القادة الميدانيون يستخفون بهذا النوع من المواد المخابراتية حول وسائل القتال لدى العدو بشكل عام.
131. من مراجعة لتعليمات القيادة العليا (رقم 2.011004 من يوم 1 أبريل [نيسان]1971 و2.0201 من يوم 1 أغسطس 1966 – وثيقة البينات رقم 74)، ونشرات شعبة الاستخبارات العسكرية حول وظائف رئيس دائرة البحوث (من يناير [كانون الثاني] 1974) وحول دوائر الاستخبارات في الألوية والوحدات، يتضح ان هذا الموضوع ليس من ضمن مسؤوليات الالوية والوحدات في القوات البرية. ويطرح السؤال هنا حول أي جسم داخل شعبة الاستخبارات / القيادة العامة تلقى مسؤولية جمع المعلومات واعطاء التقديرات وتحرير ونشر تلك المعلومات من باب «اعرف العدو»، أي معرفة طرق القتال لدى العدو كقوة تكتيتيكية؟ ومن هو المسؤول عن اعطاء تقديرات مرحلية للاستخبارات التقنية بابعادها التنفيذية ونشر المعلومات تحت اطار "اعرف العدو" وفقا لحاجات كل جهة بمختلف المستويات؟ وهل وظيفة شعبة الاستخبارات العسكرية / القيادة العامة بشكل عام والمخابرات الميدانية بشكل خاص والمخابرات الميدانية على مستوى القطاعات، هي أن تكون مختصة بنشر هذه المعلومات؟
ان على شعبة الاستخبارات العسكرية / القيادة العامة تحل مسؤولية عامة حول نشر المعلومات لعناصر الجيش (تعليمات القيادة العليا رقم 2.0104، البند (1)) وحول تأهيل تشكيلات الجيش في موضوع المخابرات (المصدر نفسه، البند 15ب) – وكل هذا من دون التقليل من مسؤوليتها الموازية للسلطات الأخرى في الجيش، مثل دائرة التوجيه المتخصصة [في هذه المواضيع]. وعلى دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية تقع مسؤولية تزويد جيش الاحتلال الإسرائيلي بالمواد الاستخبارية الاستراتيجية من أجل سد احتياجاتها اليومية واحتياجات التخطيط وادارة الحرب، بما في ذلك البحوث حول وسائل القتال لدى العدو (المصدر نفسه، البند 1)، وعلى دائرة التنظيم والتوجيه المجندة مسؤولية قيادية للاستخبارات القتالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي وتنظيم التوجيه العسكري (المصدر نفسه، البند د 6، كذلك أنظر تحديد المهام المشتركة للضباط في القيادة المهنية التي تضم ضباط الاسلحة المختلفة – تعليمات القيادة العليا رقم 2.0201، البند ب و(3)2، 3، 9 بعنوان" تولي مسؤولية القيادة لمتابعة مستوى التأهيل والجاهزية المهنية لوحدات جيش الاحتلال الإسرائيلي في المواضيع ااخاضعة لمجال مسؤولياتهم (هذه المسؤولية لا تقلل من المسؤولية الشاملة للقائد في المواضيع المذكورة أعلاه)". فرئيس شعبة الاستخبارات ينفذ أيضا وظائف ضابط الوحدة الرئيسي (2.0104، البند جـ).
من المحتمل أن يكون مصدر الخلل في التنفيذ العملي لما وفرته المعلومات التي تم تعميمها، يكمن في ان الاستخبارات الميدانية كانت فوق التقسيمات للألوية والاذرع العسكرية، بعكس بقية عناصر سلاح المخابرات وشعبة الاستخبارات العسكرية. وبما ان القيادة العامة هي قيادة عامة للجيش كله وفي الوقت نفسه هي القيادة العليا للقوات البرية، يوجد لديها توجه للانشغال في القضايا ذات العمومية ما فوق التقسيمات الأذرعية، بينما موضوع «اعرف العدو» كجزء من مهمات الاستخبارات الميدانية، التي تعتبر قضية عمومية فوق التقسيمات الفئوية في القوات البرية، فقد بقي يتيما.
132. حسب رأي اللجنة، فإن وظيفة شعبة الاستخبارات العسكرية لا يمكن ان تنتهي بتعميم المعلومات الاستخبارية التقنية والمعلومات التي تدخل في اطار «اعرف العدو»، بل عليها ان تتيقن في فترات متقاربة وعبر القنوات الاستخبارية، الى أي مدى تم استيعاب المواد عند أولئك الذين خصصت لهم. الجنرال زعيرا قال في شهادته أمامنا حول هذا الموضوع (صفحة 43)، ان: «بالامكان جر حصان الى الماء، ولكن لا يمكن اجباره على الشرب». إلا ان من واجب شعبة الاستخبارات العسكرية، وفقا لتعليمات القيادة العليا المذكورة أعلاه، أن تحرص على وصول المواد المعممة الى عناوينها في القيادات الميدانية، بحيث يستوعبوا أهميتها لرجالهم والقيام بمتابعة دائمة لدراستها.
الجزء الرابع
* الأمن الميداني وأمان أجهزة الاتصال (أ‌) بشكل عام 133. بطبيعة الحال، انشغلنا في هذا التقرير كثيرا في المعلومات التي كانت بحوزتنا حول العدو. وهناك موضوع آخر مهم هو ماذا كان العدو يعرف عنا.
بالطبع، نحن لا نستطيع اعطاء رأي متكامل في هذا بسبب القيود المفهومة. ولكن، ما من شك في ان لهذه المعلومات كان تأثير كبير على استعداداته.
من بين الخطوات التي يجب على كل جيش ان يتخذها من أجل ابطال فعالية جهاز الاستخبارات المعدي، هناك عمليتا ردع تعرفان باللغة العسكرية باسم: الأمن الميداني وأمان الاتصال. الهدف منهما بسيط للغاية وهو: من الأسهل لك أن تمنع الحريق، مما أن تطفئه. ومع كل البساطة في هذا الهدف، فإن تحقيقه صعب جدا، لأن تنفيذهما بشكل متكامل مشروط بالتقيد الدقيق في الأمور «الصغيرة» في الحياة اليومية للروتين العسكري. بكلمات أخرى، ان التنفيذ الفعال لهاتين المهمتين مشروط بالطاعة الادارية والتنفيذية على السواء.
لقد حققت اللجنة في هذه المواضيع في اطار استعدادات الجيش الاسرائيلي، أكان ذلك من ناحية التجهيزات أو في اطار القتال في مرحلة الصد. وكان مناسبا أن نؤجل البحث في هذا الموضوع الى حين تقال الأمور المتعلقة بهذه القضايا مجتمعة، خصوصا وان هذا الموضوع يرتبط ارتباطا وثيقا بمسالة الطاعة. ومع ذلك، فقد رأينا ان نتوقف من الآن عند بعض الظواهر المقلقة التي تكشفت أمامنا في هذه المواضيع الحساسة، لكي تسارع القيادة العليا لجيش الاحتلال الإسرائيلي من اعطاء رأيها لتصحيح الوضع. ان من شأن عدم الالتزام الدقيق في هذه المواضيع أن يجلب الكوارث في المستقبل، ازاء ما عرفناه عن الجهود المتطورة التي يقوم بها العدو – بشكل خاص بمساعدة المخابرات الروسية – لكي يخترق مصادر المعلومات الأمنية. ونشير ايضا، الى اننا لا نبحث في هذه المواضيع في اطار الفصول التي تعالج قضية شعبة الاستخبارات العسكرية (بالرغم عن ان مسؤولية تقع على هذه الشعبة بوصفها طاقم مهني لمعالجة الموضوع)، بل [نبحثها] في فصل خاص بالذات، نوجه فيه انتقاداتنا الى قيادة الجيش الاسرائيلي على كل المستويات. فمن دون جهد شامل هدفه التأكد من تحقيق الأمان للجيش وجهد أمني شامل، لن يتحقق الهدف في الأمن الميداني أو في أمان الاتصال. وهذا الجهد الشامل لن يتحقق إلا إذا حرص القادة على التقيد في الأنظمة اللازمة.
لقد اتضح، من الشهادات والدلائل التي طرحت أمام اللجنة، بأن مستوى الأمن الميداني وأمان الاتصال كانا في الحضيض، سواء أكان ذلك قبل حرب أكتوبر أو خلال [أحداثها]. وساد الانطباع بأن الكثير من الضباط مقتنعون بأن هذه القضايا تحقق أهدافها بمجرد تحديدها أو تخصيص ضباط قيادة لمعالجتها. ان هذه المواضيع، مثل قضية الانضباط بشكل عام، تحولت في بعض الأحيان ولدى قادة عديدين الى قضايا يبدو ان الضباط يستخدمونها فقط لتبرئة الذمة والقول انهم قاموا بواجبهم ازاءها، مع العلم بأننا نتحدث عن قضايا ذات أهمية مصيرية بالنسبة لنجاح جيش الاحتلال الإسرائيلي في القتال ومنع العدو من تحقيق المفاجأة.
ولأسفنا الشديد فقد توصلنا الى قناعة بأن هذا الطاعون تفشى أيضا في صفوف الضباط في الدرجات العليا.
(ب) الأمن الميداني 134. من بين مهمات الأمن الميداني (شحادة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، صفحة 8 ـ 10)، يمكن تعداد ما يلي: اجراءات ضد محاولات العدو التجسس داخل الجيش ومنع التسريب حول القضايا الأمنية من جيش الاحتلال الإسرائيلي. ومن الممكن تحقيق هذه الأهداف بواسطة عدة وسائل، بينها تثقيف الجنود على حفظ الأسرار والمتابعة الدائمة لظواهر الفساد التي تتخذ في بعض الأحيان طابعا مقلقا ازاء المواضيع التي تحتاج الى السرية. وفي اللحظة التي يثور فيها الشك لدى ضابط الأمن الميداني، يجب عليه أن يبلغ قائده، أو من خلال قنوات الدائرة يبلغ ضابطا بدرجة أعلى. وكما يتضح من شهادة رئيس دائرة الأمن الميداني في شعبة الاستخبارات العسكرية (الذي ترك انطباعا على اللجنة بأنه صادق وأمين ومخلص للقضية)، فإن تحديد المهمات والوسائل لتحقيق الهدف كان قائما، لكن التطبيق كان نظريا أكثر مما هو عملي.
فقد كانت بايدي العدو معلومات مباشرة عن جيش الاحتلال الإسرائيلي، حصل عليها بواسطة الصور الجوية، الرصد الميداني، العملاء، الأسرى، والوثائق التي سقطت بأيديه، وكذلك بواسطة تسريب أخبار بشكل مخطط أو بطريقة غير مباشرة من النشر في الإعلام. بشكل عام، يمكننا القول بأن قسما كبيرا من المعلومات التي وصلت الى العدو، وصلت من جراء خرق التعليمات الثابتة لأمن الميداني. لقد توفرت بأيدي العدو أخبار عن خطط عملية متعلقة بطرق السيطرة على المواقع العسكرية، حصل عليها بواسطة متابعة التدريبات الخاصة. وبسبب الثرثرات التي تسربت، كانت بأيديه معلومات عن امتلاك وسائل وأساليب القتال. ومن المواد والوثائق التي تركت على أرض العدو أو على أرضنا لكنها بقيت بلا مراقبة ملائمة، تمكن العدو من الحصول على تعليمات لاسلكية وعلى خرائط مشفرة وعلى كتب ارشاد ووثائق أخرى (صفحة 5515).
ويتضح من شهادة رئيس دائرة الأمن الميداني (وثيقة البينات رقم 269)، ان في احد قيادات الوحدات، ساد عدم وضوح حول مكان وطرق تفعيل طاقم الأمن الميداني وحول المهمات المنوط به تنفيذها خلال المعارك. فقد تم ارفاق هذا الطاقم الى القيادات لضمان الأمن الميداني فيها، ولهذا أهمل الأمن الميداني في ساحة القتال في تلك المناطق.
واتضح (صفحة 5344) بأن الجيش الاسرائيلي لم يطبق في حالات كثيرة أوامر الأمن الميداني التي اصدرها. صحيح انه تمت محاكمة عدد من الجنود الأنفار بسبب مخالفات في هذا المجال، ولكن لم يقدم الى المحاكمة أي ضابط كبير، باستثناء ثلاثة ضباط تم تسريحهم من الخدمة في الجيش النظامي بسبب ثرثراتهم أمام الصحافة.
وهناك حقيقة في الجيش الاسرائيلي، لا تقل قلقا، هي انه لم يتخذ الاجراءات التي تضمن اجراء تغيير سريع في حالة وقوع وثيقة حساسة بين أيدي العدو (صفحة 5326)، وكان هناك نقص في أنظمة التدرب على تغيير خريطة الرموز المشفرة خلال الحرب، في حالة وقوعها بين ايدي العدو، وكان الجواب على سؤال بهذا الشأن بأنهم يحتاجون الى ثلاثة أيام حتى يبدأ العمل وفق خريطة اخرى (صفحة 5331). وحصل أن ضاعت وثائق ولم يتم التبليغ عنها. وبالاضافة الى ذلك، فقد كان واضحا ان خرائط السيطرة (التي تتضمن ايضا معلومات عن المعبر وعن الألغام)، ستصل الى العدو إذا ما تمت طباعتها بكميات (صفحة 5533). من الواضح ان الحسابات التنفيذية [للعمليات الحربية] يبطل في بعض الأحيان حسابات الأمن الميداني، ولكن يجب أيضا الحرص في هذه الحالات على أقصى قدر من الأنظمة الأمنية بما فيه التمويه والقدرة على تغيير الأنظمة، عندما تقع وثائق بين أيدي العدو.
وقد كانت هناك مشكلة قائمة بذاتها حول توزيع الصلاحيات ما بين الأمن الميداني وأمان الاتصالات (حول أمان الاتصالات أنظر لاحقا). فقد أدى هذا التوزيع الى فتح الباب أمام التسريبات (صفحة 5540). لقد سقط هذا الموضوع بين الكراسي. فبعد كفاح دام خمس سنوات، تم نقل المسؤولية عن أمان الاتصالات الى شعبة الاستخبارات العسكرية، لكي تمنع حالة «القط الذي وضعوه حارسا للجبنة». وحسب وثيقة البينات رقم 294 للأمن الميداني، فإن العدو تعرف على الكثير من التنصت الى قواتنا. لم تحتج قواتنا تقريبا الى «مطبات» تقع فيها. لقد تمت مخالفات أمن خطيرة أمام امكانيات العدو غير المحدودة في التنصت الينا. ومن حسن حظنا أن العدو لم يحسن استيعاب كل ما تركناه وراءنا في المعارك.
وكانت احدى المشاكل الخطيرة لدينا، الاتصال مع الصحافيين ووسائل الاعلام. ان لهذه المسالة علاقة مهمة مع جهات وجوانب أخرى في عمل الجيش الاسرائيلي، لكننا سنقصر حديثنا هنا فقط على الأضرار اللاحقة بالأمن الميداني. فإن ضغط الصحافة من جهة (وقسم منه ضغط عادل) ونقاط الضعف الإنساني (المفهومة جزئيا) من جهة القيادة، أديا الى احداث اختراق جدي في هذا الموضوع. من الشهادات التي أحضرت أمامنا، علمنا عن حالة قام فيها قائد كبير بضم صحافيين اليه («صحفيي البلاط»، حسب قول الشاهد) في طائرة مروحية، ولأجل ذلك كان عليه أن ينزل من الطائرة عددا من ضباط الصف. وبحسب التقارير التي كتبت في حينه في ساعة العمل وقدمت لنا يتضح انه في احدى القيادات، أعطيت للصحافيين امكانية الدخول بحرية الى مواقع القيادة بناء على تعليمات كبار القادة. وكان ضباط الأمن الميداني مشلولي الارادة في تلك الحالة، حيث لم يكن هناك من يشتكوا اليه. ما من شك في ان مثل هذه القضايا يجب ان تعالج بأيدي القائد الكبير نفسه. ومن الشهادات يتضح انه في قيادة أخرى لم تكن مشكلة كهذه قائمة، حيث ان القائد هنا تصرف بطريقة أخرى. ويشار الى ان تعليمات الأمن، في كل ما يتعلق بالتغطية الصحفية في الوحدات العسكرية، لم تنشر إلا في نوفمبر [تشرين الثاني] 1973 (وثيقة البينات رقم 297).
ان اللجنة واعية للتعقيد في هذه المشكلة، ولكن بسبب ذلك بالذات، يتوجب ليس وضع بناء صحيح في تعليمات مناسبة وحسب، بل بالأساس الإصرار الدقيق على تنفيذ هذه التعليمات في القيادات العليا.
(جـ). أمان الاتصال 135. العديد من القادة – من كل الدرجات – تصرفوا في كل ما يتعلق بأمان الاتصال في جيش الاحتلال الإسرائيلي، كما لو انه محصن أمام اختراق المخابرات المعادية. ولكن الواقع لم يكن كذلك. وعمليا، لا توجد أية أجهزة اتصال معصومة عن الاختراق. لقد تصرف مرسلو البرقيات أو المبادرون الى المحادثات [الهاتفية باللاسلكي] ومتلقوها، استخدموا وسائل الاتصال تقريبا، من دون اعتبار لإمكانية كشفها. من شهادة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية وضباط الاتصال الرئيسيين، يتضح بانه لم تكن هناك جهة مخولة وظيفتها التيقن من ضمان الأمان على هذه الاتصالات في كل الأحوال. ونتيجة لذلك، لم يتم تأمين المبادر أو المتلقي ولا قياداتهم ولا مكانهم ولا حتى مضمون الحديث أحيان كثيرة.
لقد قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في شهادته (صفحة 12 - 13) بأن المسؤولية القيادية في هذا الموضوع كانت خلال حرب يوم الغفران تقع على عاتق سلاح الاتصالات وسلاح الجو وسلاح البحرية، «ومع ذلك، ولأنني شعرت بان هناك خللا في هذا الموضوع، توجهت قبل عدة شهور الى رئيس أركان الجيش طالبا بان يتاح لسلاح المخابرات بان يقيم وحدة خاصة تعالج الموضوع وتتنصت أيضا على وحداتنا». ان عمل هذه الوحدة يجب ألا يقلل من مسؤولية كل قائد وقائد. الوحدة لم تقم بعد.. «أنا آمل أن نستطيع اقامة وحدة كهذه في سنة 1974». وأشار العميد عنبار، ضابط الاتصال الرئيسي (صفحة 5462 ـ 5463) أمامنا، الى ان امان الاتصال هو أحد الميادين الأكثر اشكالية في كل جيش، وذلك بسبب التناقض الطبيعي ما بين الحاجة الماسة لاستخدام وسائل الاتصال بشكل سريع وناجع، وبين أعباء تطبيق وسائل الأمان في الاتصالات. والمقطع الأكثر اشكالية في هذا الخلل يقع في المساحة ما بين المستوى التنفيذي والتكتيكي فنزولا، ففي هذه المساحة لا توجد أجهزة عصرية تقريبا. وحسب رأيه، فإن المسالة هنا هي مسألة طاعة وثقافة لدى القادة. وعلى حد علم ضابط الاتصال الرئيسي (صفحة 5492)، لم يحدث وأن استدعي ضابط الى رئيس الأركان وعوقب، بسبب خلل في أمان الاتصال. لكنه يعرف بان رئيس اركان الجيش ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية حرصا على التحذير كل الوقت من أهمية أمان الاتصال. ومع تقديرنا لوجود وسائل اتصال ناجعة جدا خلال الحرب، فمن واجبنا ان نعود ونحذر انه بسبب عدو الانضباط في تنفيذ قوانين أمان الاتصال، قد يتعرض الجيش أضرار تفوق كل ما يتصوره القائد الذي يرتكب مخالفة في هذا المجال.
«أنا لا اريد ان اقول بأن الطاعة في الجيش الاسرائيلي ليست جيدة، ولكنني أقول بأن الطاعة أو اليقظة في موضوع استخدام وسائل أمان الاتصال ليست متطورة» (من أقوال ضابط الاتصال الرئيسي، صفحة 5493).
(د) تلخيص 136. الأمن الميداني وأمان الاتصال يستطيعان تحقيق هدفهما في الردع، فقط إذا تعاونت جميع الوحدات والقادة في جميع الدرجات، بشكل فعال مع طواقم الأمن الميداني وطواقم أمان الاتصال. من واجب كل جندي أن يرى نفسه كمندوب للأمن الميداني والاتصالي وهذان الموضوعان هما جزء لا يتجزأ من واجباته. في جيش مثل جيش الاحتلال الإسرائيلي المؤلف بغالبيته من جنود الاحتياط، توجد أهمية مضاعفة لذلك، وينبغي تثقيف جندي الجيش النظامي وجندي الاحتياط بشكل دائم، على أهمية الأمن الميداني وأمان الاتصال. على الجندي أن يعرف بان المساس بالأوامر الثابتة في هذا المجال، إنما يعتبر إهمالا ازاء العدو. يجب تشجيع القادة من كل الدرجات الذين يحرصون على الايفاء بالتزاماتهم المذكورة أعلاه وفي الوقت نفسه، حسم الطريق أمام تقدم القادة ـ مهما تكن قدراتهم ـ المستهترين والذين يتجاهلون هذه الأوامر. يجب على القيادات العليا ان تعمل بكل ما في وسعها على تغيير هذا الوضع، وجعل هذه القضية محكا اساسيا لصلاحية القائد.
وكما قال رئيس دائرة الأمن الميداني، فإن «الأمن الميداني يبدأ بالطاعة وينتهي بالطاعة» (صفحة 5524). ونحن نضيف أن الكلام يصلح ايضا للأمان في الاتصالات.
(*) حول سؤال اللجنة ما هو قصدك باستخدام مصطلح «صحافيي البلاط»، أجاب الشاهد: «صحافي البلاط هو الصحافي التابع (للقائد) الذي يرسل التقارير مباشرة الى صحيفته ولا يمتثل لتعليمات الناطق بلسان الجيش».


 
عودة
أعلى