الوثائق الإسرائيلية (الحلقة الثامنة والعشرون) ـ خطأ الاستخبارات في تقدير حرب 73 ينعكس اليوم في جدل حول نوايا سورية
في 5 أكتوبر بدأ القلق مما يجري على الجبهة المصرية
تل أبيب: نظير مجلي
في هذه الحلقة تركز لجنة أغرنات، للتحقيق في إخفاقات الجيش الاسرائيلي في حرب أكتوبر 1973، على المكانة العالية جدا التي تتمتع بها شعبة الاستخبارات العسكرية في احتكارها حق اعطاء تقديرات عسكرية وحربية حول نوايا العدو، وتقترح أن يتم تقليص هذه المكانة، باعطاء أهمية أكبر لجهات استخبارية أخرى، مثل دائرة البحوث في وزارة الخارجية والموساد.
ويلاحظ في اسرائيل اليوم ان ذلك النقاش الذي ساد عشية حرب أكتوبر، يتكرر اليوم ولكن بشكل معكوس. فالاستخبارات العسكرية الاسرائيلية تقدر اليوم بأن سورية صادقة في نواياها لاستئناف مفاوضات السلام مع اسرائيل من دون شروط مسبقة. ولذلك توصي رئيس الحكومة، ايهود أولمرت، بان يتجاوب مع الرئيس بشار الأسد ويفاوضه. إلا ان الموساد وغيره من العسكريين يعتقدون بأن الأسد يراوغ ويستعد للحرب، مستفيدا من تجربة حرب لبنان الأخيرة. وعلى هذه الخلفية يقوم الجيش الاسرائيلي في هذه الأيام بتدريبات واسعة النطاق في الجولان. وحسب الجنرال أهرون زئيفي فركش، الذي شغل منصب رئيس الاستخبارات العسكرية في السنة الماضية، فإن شهر أغسطس القادم سيكون ساخنا. فهل سيكون الاستنتاج الاسرائيلي مقلوبا هذه المرة ونشهد حربا دامية اخرى تعقبها لجنة تحقيق أخرى؟
* اليكم هذه الحلقة من التقرير:
(5) احتكار شعبة الاستخبارات العسكرية للمعلومات مقابل دوائر المخابرات الأخرى 122. (أ) فيما يتعلق بالموساد تمتعت شعبة الاستخبارات العسكرية باحتكار بارز للتقديرات العسكرية، التكتيكية والعملية، وايضا في الاستخبارات الاستراتيجية السياسية، مقابل دوائر وأجهزة المخابرات الأخرى، (أيضا) خارج الجيش وفي السلطات المدنية. ففيما يتعلق بالاستخبارات العسكرية، احتلت شعبة الاستخبارات العسكرية هذه المكانة، لأنه لا يوجد في الدولة جسم آخر ينشغل في التقديرات العسكرية بالنسبة لدول المواجهة في الشرق الأوسط. فمؤسسة المخابرات والمهمات الخاصة («الموساد») يقوم عمليا بدور جامع المعلومات لأجل شعبة الاستخبارات العسكرية، ولا ينشغل في اعطاء تقديرات لهذه المعلومات، باستثناء «دول (المحيط) البعيدة» (فارس (هكذا تسمي اللجنة ـ ايران)، اثيوبيا، المغرب، أفريقيا). (شهادة الجنرال زعيرا، صفحة 18). أما بالنسبة للدول العربية، فإن الموساد لا يملك القدرة على اعطاء تقدير للمعلومات العامة، لأن المعلومات الأخرى التي تصل من دوائر تجميع معلومات أخرى لا تصل اليه، إلا بطريقة «النشرة الاستخبارية»، بعد ان تعبر مرحلة تحرير وفقا لتقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية (شهادة (تسفي) زمير (رئيس الموساد) صفحة 760 ـ 771).
وهكذا، رئيس الموساد بمساعدة مجموعة من موظفيه، يبلور لنفسه رأيا على اساس المعلومات المتوفرة للموساد، بل يعبر عن رأيه في الأبحاث التي تتم خارج الموساد، عندما يدعى الى تلك الأبحاث (البروتوكول – صفحة 202 ـ 203). لكن رأيه ليس ذا وزن يضاهي وزن رأي رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، الذي يمتلك كامل المعلومات. ويشار الى انه في الأبحاث التي جرت في ربيع 1973، أعرب رئيس الموساد عن رأي أكثر حذرا من رأي الجنرال زعيرا حول احتمالات الحرب في القريب (أنظر على سبيل المثال المشاورات العسكرية ـ السياسية لدى رئيسة الحكومة في يوم 18ـ4ـ1973 (صفحة 6)، حيث قال: «أنا كنت أقيم الأمر اشد من تقويم ايلي زعيرا»). لكن لم تكن بينهما خلافات جوهرية في الرأي، وفي الأيام التي سبقت اندلاع الحرب، أعرب عن تأييده لشعبة الاستخبارات العسكرية. وهكذا قال في البحث الذي جرى في رئاسة الأركان العامة للجيش في يوم 24ـ9ـ1973، الذي شارك فيه بصفة ضيف، وموضوع بحثه الأساسي هو أخطار الحرب البعيدة، وليس الحرب القريبة (بروتوكول البحث، صفحة 24):
«لنفترض انه حتى في الظروف السياسية القائمة، التي يمكن تقدير توازن القوى فيها، ليس متوقعا ان تنشب حرب كبيرة شاملة مع الدول العربية. فإذا حللنا توجهاتهم، فإنهم لا يتجهون الى حرب في غضون السنة القادمة».
لقد استعرض ريس الموساد في شهادته أمامنا حشدا زاخرا بالمعلومات التحذيرية التي وصلت اليه ومنه الى شعبة الاستخبارات العسكرية، ولكنه لم يقصد بذلك القول انه حذر في سبتمبر (أيلول) أو أول أكتوبر (تشرين الأول) من وقوع الحرب في القريب. خلاصة القول ان الموقف الاحتكاري لشعبة الاستخبارات العسكرية قد أثر عليه تاثيرا حاسما.
وقد أشارت لجنة شرف ـ يدين في البند 15 من تقريرها الى ان «استمرار وجود الموساد كمؤسسة مخابراتية ذات أدوات لجمع المعلومات، يمكنه من اجراء تقديرات محدودة». وفي تقريرنا الجزئي اقترحنا في البند 22 (د)(5)، اقتراحا عينيا أكثر بهدف زيادة التعددية في التقديرات الاستخبارية، وهو اقامة وحدة خاصة داخل الموساد تجري تقديرات للمواد التي يجمعها الموساد.
(ب) دائرة البحوث في وزارة الخارجية 123. دائرة البحوث في وزارة الخارجية تعمل في البحوث السياسية. وهي تنشر تقديراتها في وزارة الخارجية نفسها وممثلياتها في العالم. المواد الخام تصل اليها من الممثليات في الخارج ومن دوائر المخابرات في الدولة. ولكن الموساد لا ينقل اليها كل ما تصل اليه من مواد، وهو يقرر اية المعلومات التي يمكن ان يكشفها أمام دائرة البحوث. والسبب في هذا التقييد، يكمن في خوفه من تسريب معلومات حساسة زيادة (شهادة زمير ، صفحة 841 فصاعدا). وكما يقول السيد يئير الجوم، مدير الدائرة في شهادته أمامنا (صفحة 384)، فإن تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية ـ نصف السنوية أو الأسبوعية أو اليومية ـ تشكل نبراسا يرشد الدائرة وهي لا تبلور لنفسها تقديرات مستقلة (صفحة 384 ـ 385). كذلك ينبغي التأكيد على انه حتى في عمليات المفاضلة بين التقديرات الاستراتيجية السياسية وبين التقديرات السياسية، تتم هي ايضا في دائرة البحوث التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية، وحتى في هذا المجال تحافظ الشعبة على احتكارها مقابل دائرة البحوث في وزارة الخارجية. وقد فسر هذا وزير الخارجية، أبا ايبن، في شهادته (في صفحة 723/4):
«.. كل ما يتعلق في التقديرات حول احتمالات الحرب، تضعه وزارة الخارجية من مصادر متعددة، لكن أساسها هو في التقديرات الأسبوعية واليومية في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش».
وهو يذكر، ضمن ما اسماه «مصادر متعددة»، تقديرات من دول صديقة، وتقدير مغزى البيانات والنشاطات التي تقوم بها حكومات عربية مرشحة للحرب. ويضيف:
»ما من شك ان هناك وزنا خاصا لتقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية في بلورة تقديراتنا.. فالتواجد في الميدان والتقديرات والتفسيرات التي تعطى للوقائع الميدانية تقرر الى حد غير قليل تقديرات وزارتي، إلا إذا وجدت هناك تقديرات أخرى تتناقض مع استنتاجات شعبة الاستخبارات في الجيش». ان دائرة البحوث (في وزارة الخارجية) لا تستطيع، بل انها لا تطمح، في أن تكون لها تقديرات سياسية خاصة بها.
ونحن في تقريرنا الجزئي، البند 22، قمنا باستعراض لتوصيات لجنة شرف ـ يدين بالنسبة لدائرة البحوث في وزارة الخارجية ـ وهي التوصيات التي لم تنفذ ـ وقدمنا توصيات لتصحيح الوضع في البند 22 (د).
(جـ) شعبة الاستخبارات العسكرية وقادة الألوية 124. في شعبة الاستخبارات العسكرية، تتم عملية مفاضلة بين المعلومات الاستخبارية التي تجمع في الميدان في الألوية العسكرية وبين المعلومات التي تحضرها دوائر الجمع الأخرى. وجنبا الى جنب، مع ذلك، فإن من المسلمات في نظريات القيادة العسكرية أن تكون التقديرات المبنية على المعلومات، أساسا لكل خطة ولكل استعدادات. لهذا، فليس من المعقول أن يعمل قائد اللواء من دون تقدير خاص به للوضع، مبني على مصادر التجميع المتوفرة لديه والمتوفرة من مصادر أخرى، بما في ذلك عمليات الرصد الذاتية، واذا احتاج الأمر فمن خلال المواجهة (بين تلك المعلومات) وبين تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية.
لقد كان قائد اللواء الجنوبي في جيش الاحتلال الإسرائيلي متعلقا في تقديراته بشكل كامل تقريبا بتقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية التي وصلت اليه عبر ضابط المخابرات في اللواء (حول هذا الموضوع أنظر لاحقا في البند 230 فصاعدا). بينما قائد اللواء الشمالي كان أكثر استقلالية في تقديراته، فيما يتعلق بامكانية الانذار على الجبهة الشمالية. وقد سبق لنا أن وصفنا (في التقرير الجزئي البند 14 (أ))، تخوفه من التشكيلات السورية الكبيرة التي يمكن ان تتحول الى هجوم من دون انذار، والخطوات التي اتخذت اثر قيامه باشعال الضوء الأحمر أمام وزير الدفاع. ولكن الأمر الأساس هو ان قائد اللواء الشمالي ايضا خضع للتقديرات المطمئنة لشعبة الاستخبارات العسكرية، وهكذا قال (صفحة 1879):
«نحن، في قيادة اللواء، لا توجد لدينا صلة بمصادر المعلومات. عادة، نتلقى المعلومات بعد تحريرها، ولا يقولون لنا ما هو المصدر الذي استقوا المعلومات منه ولهذا فليس بمقدورنا أن نعطي تقديرا إذا ما كان علينا ان ننظر اليه بجدية أكبر أو اصغر..».
(د) تقديرات نائب رئيس الأركان 125. ذكرنا في التقرير الجزئي (في نهاية صفحة 28) انه كانت لنائب رئيس أركان الجيش، الجنرال يسرائيل طال، في يوم 30 سبتمبر، تحفظات خطيرة على التقديرات المطمئنة لشعبة الاستخبارات العسكرية، خصوصا في الجبهة السورية. والآن، نعرض بتفاصيل اكثر شهادته، المقبولة علينا. في صفحة 2307، يذكر المشاورات التي جرت لدى رئيس الأركان في اليوم نفسه، والتي شارك فيها هو وكذلك الجنرال زعيرا والعميد شيلو (تسجيلات لرؤوس الأقلام حول ما دار في هذا البحث موجودة في وثيقة البينات رقم 174). انه يقول هناك انه اعترض تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية القائلة ان أهداف التشكيلات السورية كانت فقط دفاعية، ورأى انه يجب رؤية هذه التشكيلات على انها تأهب يهدف الى هجوم شامل لاحتلال هضبة الجولان. وقد ذكر الحاضرين في هذه المشاورات، في هذا السياق، بأن السوريين تزودوا بالأسلحة التي كانت تنقصهم في السابق، وبينها دبابات جسر لا هدف لها على الاطلاق سوى عبور القنوات التي أقامتها اسرائيل كعائق أمام تقدم الدبابات في هضبة الجولان، وفي شهر أغسطس (آب) نصبت شبكة الصواريخ المضادة للطائرات. وذكرهم بان التشكيلات السورية والاستعدادات والتدريبات المصرية، هي غير مسبوقة.
ولم يقبل رأيه ولم يكن مرتاحا. ويواصل قائلا (في صفحة 2309): «.. نزلنا من الجلسة لدى رئيس أركان الجيش، فألغيت اجتماعا للبحث حول موضوع جار كان مقررا عقده لدينا، وطلبت من رئيس مكتبي أن يبلغ رئيس شعبة الاستخبارات (العسكرية) بأنني أطلب منه أن يدعو رئيس دائرة البحوث (في شعبة الاستخبارات العسكرية)، العميد شيلو فورا اليه لأنني أريد ان اتكلم معهما. وبعد عشر دقائق صعدت الى مكتب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية... وهذه كانت أول مرة أقدم فيها على طلب مثل هذا الاجتماع.. وجلست معهما ساعة ـ ساعة ونصف الساعة. قلت لهما أنني أتعجب من موقفهما ولا اشعر بالارتياح وأنني ارفض كل أجواء الاجتماع الذي عقد لدى رئيس الأركان قبل عشر دقائق. وحذرتهما من أنهما قد يكونان متخصصين في (شؤون) العدو ولكنهما لا يدركان عظمة الخطر، لأنهما يفهمان أقل مدى استعداداتنا وتوازن القوى في معارك المدرعات. وعدت وحذرتهما بانهما إذا كانا مخطئين، فإن عليهما ان يعرفا بان الدبابات السورية لن تجابه بمقاومة (اسرائيلية)، لان كمية دباباتنا في هضبة الجولان غير كافية.
وعدت أكرر تفسيراتي واذكر بالمعلومات الاستخبارية التي توفرت فيما يتعلق بمسار التقديرت وبتعاظم القوات السورية منذ شهر مايو (أيار) وحتى شهر سبتمبر (أيلول) وحاولت أن أرفع لهما (أظهر لهما) كيف تتقاطع (تنسجم) مع الهيكل المتكامل الذي يقود الى الاعتراف بنوايا الهجوم الشامل. وذكرت من جديد بالتدريبات المصرية وحالة التأهب القصوى. ولم أفلح في اقناعهما، وعلى هذا افترقنا».
ويوافق الجنرال زعيرا، في شهادته حول هذه المحادثة (صفحة 5450)، على ان خطوة نائب رئيس الأركان هذه كانت غير عادية. ويواصل:
«جلست وبحثنا المسألة، مثلما قال. وأنا قلت له انني أقدر عاليا هذا وأنا سعيد بان شخصا ما جاءه برأي آخر.. أنا اذكر بالتأكيد ما قاله وقد اخذت هذا بالاعتبار، ولكن لا يكفي أن يأتي نائب رئيس الأركان ويقول لي كذا وكذا. ما قاله لم يقنعني، وأنا لا أستخف. لقد أنصت وأخذت بالاعتبار».
يفهم من هذا ان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، وبدافع من علياء مكانته المفضلة في مجال التقديرات الاستخبارية، رفض بأدب شديد التحذيرات الخطيرة التي وجهها اليه نائب رئيس أركان الجيش فيما يتعلق بصحة التحذير وبالأخطار الكبيرة المتوقعة، علما بأن تقديراته كانت خاطئة. وكما قلنا في التقرير الجزئي، البند 31 (2)(أ):
«..انه (الجنرال طال) لم يطلب إذنا من رئيس الأركان بأن يبلغ وزير الدفاع بتحفظاته أو يطرحها أمامه، وذلك بدافع من تقاليد طاعة الجندي لقائده». (صفحة 28 ـ 29 ). وحول هذا، قال لنا في شهادته، ان ضميره يؤنبه. وفي قضية تقديرات رئيس أركان الجيش للمعلومات، سنبحث لاحقا في البنود 198 ـ 200. شعبة الاستخبارات والقيادة السياسية 126. ما قيل آنفا (في البند 123) حول وزارة الخارجية، ينسحب بالمقدار نفسه على المستوى السياسي برمته. من الممكن أن نتوقع من هؤلاء القادة، خصوصا من وزير الدفاع ورئيسة الحكومة، أن يبلوروا لأنفسهم تقديرا سياسيا خاصا بهم، للمدى البعيد، اعتمادا على المعلومات السياسية والتجارب المتوفرة. ولكن هذا لا ينسحب على التقديرات العسكرية في قضية نوايا العدو في المدى المتوسط والقصير.
ان هذه التقديرات مركزة بالكامل بأيدي دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش. وبطبيعة الحال فإن من لا يملك بيديه كل المعلومات ووسائل التقدير التي في حوزة شعبة الاستخبارات العسكرية، ليس ملزما وليس قادرا على مجابهتها في تقديرات المعلومات العسكرية. وشعبة الاستخبارات لا ترسل كل ما تملك من معلومات الى القيادة السياسية، بل انها تختار أيا من المواد الخام التي تصلها لتحولها الى أعلى. وليس هذا فحسب، بل حتى المفاضلة ما بين المعلومات الاستخبارية العسكرية والمعلومات الاستخبارية السياسية، تتم حسب هذا النظام فقط في شعبة الاستخبارات العسكرية، لأنه لا يمكن المفاضلة بين أمرين، عندما يكون أحدهما خافيا أو غير مكتمل.
لقد اوصينا بأن يتم تغيير هذه المكانة المميزة لشعبة الاستخبارات العسكرية بواسطة تقوية دائرة البحوث في وزارة الخارجية وتعيين مستشار خاص لشؤون الاستخبارات لدى رئيس الحكومة، كما هو مفصل في البند 22 (د)(1)و(2) من التقرير الجزئي.
وفي مقابل المستوى السياسي، يتحمل رئيس الأركان مسؤولية مباشرة خاصة به لتقدير نوايا العدو، لأن هذه هي واحدة من وظائفه الأساسية كقائد عام للجيش الاسرائيلي. ان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية هو ضابط في هيئة القيادة العامة ومستشارها لشؤون المخابرات، ومثل بقية المهمات المنوط بها، فإن المسؤولية السياسية تقع بالتالي على رئيس الهيئة. ولهذا، فإن من حقه ومن واجبه أن ينتقد تقديرات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ويتابع، بشكل خاص في حالات التوتر، السبل التي ينتهجها رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية لبلورة تقديراته (حول هذا الموضوع أنظر أيضا البند 198 فصاعدا).
(هـ) تقديرات وزير الدفاع 127. لقد عبر وزير الدفاع، في محاضرة له أمام القيادة العليا، في يوم 2 أبريل (نيسان) 1973، (وثيقة البينات رقم 279 أ)، عن استمرار تفاؤله حول احتمالات نشوب الحرب. فقد قال هناك (صفحة 17) انه لا يرى مشاكل خاصة في هذا الموضوع حتى نهاية السبعينات. ولكن بعد فترة قصيرة من هذا، في مشاورات عسكرية ـ سياسية لدى رئيسة الحكومة، في يوم 18.4.1973، اتخذ موقفا مختلفا. وفي اعقاب الأخبار عن الاستعدادات الحربية المصرية التي وصلت الينا في تلك الفترة، ثم جاءت الخطة السورية، فقال (البروتوكول في وثيقة البينات رقم 57، صفحة 9 ـ 10):
«يوجد للمصريين وللسوريين، وفي هذه الحالة هما طرف واحد..، توجد لديهم عمليا ثلاث امكانيات على الأقل، في سبيل التوصل الى سلام معنا ـ اتفاق كهذا أو ذاك نسير باتجاهه، أو السير وفق خطة بعيدة المدى لتقليص حجم الجيش والنزول عن خط الضغط العالي (صيغة مأخوذة عن خطوط التيار الكهربائي، حيث يعتبر خط الضغط العالي خطيرا ويتسبب في موت من يمس به)، أو الذهاب نحو الحرب...
أنا أقدر بأنهم موجودون حاليا في الامكانية الثالثة. فقد رفضوا كل امكانية أخرى. وهم ليسوا أغبياء. لقد رفضوا كل امكانية للتوصل الى تسوية خلال السنوات الخمس الماضية، سواء السوريون أو المصريون. لقد رفضوا أيضا السير في خطوات بعيدة المدى لخمس أو عشر سنوات، لتفكيك الجيش والتوجه الى برامج بعيدة أو متوسطة المدى. ايضا من الناحية الجماهيرية العامة، الأقوال والأفعال، لم ينتهجوا هذا الطريق. واتجهوا نحو طريق تركيب الوفود الى الاتحاد السوفياتي وغيرها..
وأنا أعتقد، بشكل أساسي، انهم يتدحرجون نحو حرب اضافية معنا، سواء أكان ذلك اليوم أو في وقت لاحق... كل الحروب بدأت، وكان علينا أن نجري بعدها الأبحاث الأساسية جدا حتى نفهم لماذا نشبت ونفسر أسبابها. لذلك فستكون الأبحاث فيما بعد، ولكن ما هو واضح ان الحرب قد وقعت. وإذا سألتموني فيما إذا كنا متجهين الآن ايضا الى حرب أم لا، فإنني أقدر بأننا نتجه نحو الحرب».
لقد سبق وذكرنا ان وزير الدفاع أعطى أوامره الى هيئة رئاسة أركان الجيش في يوم 21ـ5ـ1973، أن يستعدوا للحرب التي من المحتمل أن يشنها المصريون والسوريون في النصف الثاني من صيف 1973 (البند 31 (2)(أ)) من التقرير الجزئي). وخلال كلمته في اجتماع لقادة اللواء في المنطقة الوسطى، يوم 22 مايو (أيار) 1973، عبر وزير الدفاع عن اعتقاده، المخالف لرأي شعبة الاستخبارات العسكرية، بأن هناك امكانية نشوب حرب مع مصر في غضون سنة 1973. وهكذا تحدث في ذلك المقام (وثيقة البينات 276):
«... بالطبع، أنا لا أعرف إذا ما كانوا سيفتحون النار أم لا. لكنهم قريبون اليوم الى هذا أكثر من أي وقت مضى. على الرغم من اننا مررنا في حرب الأيام الستة وفي حرب الاستنزاف، فيجب عدم الاستخفاف بالعرب. هذا يعني ان علينا ان نجري كل الاستعدادات اللازمة لهذا الغرض، كما لو ان حربا ستنشب في هذا الصيف وندخل في دائرة حرب أخرى، وعندئذ ننفذها كما يجب».
وعاد وزير الدفاع ليتحدث عن امكانية ان تشن مصر الحرب، في اجتماع للجنة الخارجية والأمن في الكنيست يوم 22.5.1973 (نهاية الصفحة 25 من البروتوكول):
«انهم يعتقدون بأن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، ويفضلون ان يفتحوا النار ولتكن النتيجة ما تكون، على الوضع القائم. لا أدري إذا كانوا سيفعلون ذلك أم لا، ولكن في كل الأحوال، إن أية خطوة ينفذها المصريون لن تحسن وضعهم».
وفي مقابلة مع صحيفة «تايم» الأميركية من يوم 30.7.1973، (التي وصلت الينا بعد أن انتهى من الادلاء بشهادته)، يقول الصحافي على لسان وزير الدفاع: «في السنوات العشر القادمة، سنرى الحدود الحالية مثلما هي اليوم ولن تكون هناك حرب شاملة».
في شهادته أمامنا (صفحة 4305)، قال وزير الدفاع انه لا يذكر انه في الفترة ما بين شهري مايو وأكتوبر 1973، صرح أي تصريح من هذا القبيل. وفي كل الأحوال فإن ما يهمنا هي أقواله الحازمة أمام هيئة رئاسة الأركان، فقد قالها باسم الحكومة ووجه فيها تعليمات ملزمة للقيادة العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
بالمناسبة، فعلى الرغم من ان وزير الدفاع اختلف مع شعبة الاستخبارات العسكرية حول امكانية ان يعلن العرب الحرب علينا، فقد قبل في الأيام الأخيرة قبيل الحرب تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية بأنه من غير المتوقع ان تنشب حرب شاملة. وحسب كلامه أمامنا (صفحة 4172):
«أنا أفرق ما بين امرين: التقدير السياسي العام إذا كانت ستنشب حرب، وفي حالتنا فإن المقصود هما سورية ومصر، وفي هذا الموضوع توجد لدي تقديراتي الشخصية، وقد اختلفت بها مع تقديرات الاستخبارات، وكنت في الغالب، اكثر تشددا منها، حيث اعتقدت بأن الحرب متوقعة، وبين التقدير التقني، الذي يفحص ماذا يوجد على الأرض العينية ـ سورية ومصر ـ الاستعدادات العملية التي يجريها السوريون والمصريون للحرب.. ومتى ستبدأ بالضبط. على هذا اعتمدت. ومنه أيضا حذرت. وقبلت تقديرات شعبة الاستخبارات».
لا يوجد شك في الحقيقة بأن تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية بأن الحرب لن تنشب في أبريل او مايو 1973، ضاعفت الثقة في قلب وزير الدفاع بأن تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية كانت صحيحة. ثم رأى وزير الدفاع ان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية صدق مرة أخرى عندما أعرب عن تقديره بأن الحرب لن تنشب في صبيحة 1 أكتوبر. وقد أعرب عن غضبه لأنهم لم يبلغوه بالخبر الذي وصل عن الحرب المتوقعة (البند 63 آنفا)، فقال له ان الخبر لم يبد له جديا، لذلك لم يرغب في ايقاظه على أمر كهذا. وبالفعل، لم تنشب الحرب في 1 أكتوبر.
وكما قال وزير الدفاع في شهادته (صفحة 4238):
«مشكلتي كانت ان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية كان صادقا. فبعد كل تقدير شخصي كهذا عندي بأن الحرب سوف تنشب، بما في ذلك صراخي بسبب عدم ايقاظي في تلك الليلة، كان ينتهي في دليل على ان شعبة الاستخبارات العسكرية صادقة».
بخصوص قلقه على الجبهة السورية في يوم 24 سبتمبر 1973، أنظر البند 198. وأقواله في المشاورات يوم 3 أكتوبر، ذكرناها آنفا في البند 18.
في 5 أكتوبر، بدأت تتجلى حالة القلق مما يجري في مصر، أكثر من رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (المشاورات التي جرت لديه في الساعة 9:00 صباحا (وثيقة البينات رقم 242)). فقد عبر عن مخاوفه بشكل صريح من أن التدريبات المصرية ليست سوى غطاء للنوايا الهجومية. ويتضح من أقواله انه لم يتجاهل خطر نشوب الحرب، ولكنه اعتمد على رأي رئيس الأركان الذي قال انه اتخذ اجراءات كافية للدفاع الناجع في الجبهتين. وقال أمورا حازمة أكثر في وقت متأخر من الصباح، في المشاورات لدى رئيسة الحكومة (حسب التسجيل المختصر في وثيقة البينات رقم 57، صفحة 3):
«أيضا أجهزة عبور. استكمال موضوع الدبابات كما لو انه يوجد عبور. ليس 100% (احتمالات ننشوب الحرب)، ولكن النسبة قريبة من ذلك».
http://group73historians.com/ref/142-الوثائق-الإسرائيلية-الحلقة-الثامنة-و-العشرون.html
في 5 أكتوبر بدأ القلق مما يجري على الجبهة المصرية
تل أبيب: نظير مجلي
في هذه الحلقة تركز لجنة أغرنات، للتحقيق في إخفاقات الجيش الاسرائيلي في حرب أكتوبر 1973، على المكانة العالية جدا التي تتمتع بها شعبة الاستخبارات العسكرية في احتكارها حق اعطاء تقديرات عسكرية وحربية حول نوايا العدو، وتقترح أن يتم تقليص هذه المكانة، باعطاء أهمية أكبر لجهات استخبارية أخرى، مثل دائرة البحوث في وزارة الخارجية والموساد.
ويلاحظ في اسرائيل اليوم ان ذلك النقاش الذي ساد عشية حرب أكتوبر، يتكرر اليوم ولكن بشكل معكوس. فالاستخبارات العسكرية الاسرائيلية تقدر اليوم بأن سورية صادقة في نواياها لاستئناف مفاوضات السلام مع اسرائيل من دون شروط مسبقة. ولذلك توصي رئيس الحكومة، ايهود أولمرت، بان يتجاوب مع الرئيس بشار الأسد ويفاوضه. إلا ان الموساد وغيره من العسكريين يعتقدون بأن الأسد يراوغ ويستعد للحرب، مستفيدا من تجربة حرب لبنان الأخيرة. وعلى هذه الخلفية يقوم الجيش الاسرائيلي في هذه الأيام بتدريبات واسعة النطاق في الجولان. وحسب الجنرال أهرون زئيفي فركش، الذي شغل منصب رئيس الاستخبارات العسكرية في السنة الماضية، فإن شهر أغسطس القادم سيكون ساخنا. فهل سيكون الاستنتاج الاسرائيلي مقلوبا هذه المرة ونشهد حربا دامية اخرى تعقبها لجنة تحقيق أخرى؟
* اليكم هذه الحلقة من التقرير:
(5) احتكار شعبة الاستخبارات العسكرية للمعلومات مقابل دوائر المخابرات الأخرى 122. (أ) فيما يتعلق بالموساد تمتعت شعبة الاستخبارات العسكرية باحتكار بارز للتقديرات العسكرية، التكتيكية والعملية، وايضا في الاستخبارات الاستراتيجية السياسية، مقابل دوائر وأجهزة المخابرات الأخرى، (أيضا) خارج الجيش وفي السلطات المدنية. ففيما يتعلق بالاستخبارات العسكرية، احتلت شعبة الاستخبارات العسكرية هذه المكانة، لأنه لا يوجد في الدولة جسم آخر ينشغل في التقديرات العسكرية بالنسبة لدول المواجهة في الشرق الأوسط. فمؤسسة المخابرات والمهمات الخاصة («الموساد») يقوم عمليا بدور جامع المعلومات لأجل شعبة الاستخبارات العسكرية، ولا ينشغل في اعطاء تقديرات لهذه المعلومات، باستثناء «دول (المحيط) البعيدة» (فارس (هكذا تسمي اللجنة ـ ايران)، اثيوبيا، المغرب، أفريقيا). (شهادة الجنرال زعيرا، صفحة 18). أما بالنسبة للدول العربية، فإن الموساد لا يملك القدرة على اعطاء تقدير للمعلومات العامة، لأن المعلومات الأخرى التي تصل من دوائر تجميع معلومات أخرى لا تصل اليه، إلا بطريقة «النشرة الاستخبارية»، بعد ان تعبر مرحلة تحرير وفقا لتقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية (شهادة (تسفي) زمير (رئيس الموساد) صفحة 760 ـ 771).
وهكذا، رئيس الموساد بمساعدة مجموعة من موظفيه، يبلور لنفسه رأيا على اساس المعلومات المتوفرة للموساد، بل يعبر عن رأيه في الأبحاث التي تتم خارج الموساد، عندما يدعى الى تلك الأبحاث (البروتوكول – صفحة 202 ـ 203). لكن رأيه ليس ذا وزن يضاهي وزن رأي رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، الذي يمتلك كامل المعلومات. ويشار الى انه في الأبحاث التي جرت في ربيع 1973، أعرب رئيس الموساد عن رأي أكثر حذرا من رأي الجنرال زعيرا حول احتمالات الحرب في القريب (أنظر على سبيل المثال المشاورات العسكرية ـ السياسية لدى رئيسة الحكومة في يوم 18ـ4ـ1973 (صفحة 6)، حيث قال: «أنا كنت أقيم الأمر اشد من تقويم ايلي زعيرا»). لكن لم تكن بينهما خلافات جوهرية في الرأي، وفي الأيام التي سبقت اندلاع الحرب، أعرب عن تأييده لشعبة الاستخبارات العسكرية. وهكذا قال في البحث الذي جرى في رئاسة الأركان العامة للجيش في يوم 24ـ9ـ1973، الذي شارك فيه بصفة ضيف، وموضوع بحثه الأساسي هو أخطار الحرب البعيدة، وليس الحرب القريبة (بروتوكول البحث، صفحة 24):
«لنفترض انه حتى في الظروف السياسية القائمة، التي يمكن تقدير توازن القوى فيها، ليس متوقعا ان تنشب حرب كبيرة شاملة مع الدول العربية. فإذا حللنا توجهاتهم، فإنهم لا يتجهون الى حرب في غضون السنة القادمة».
لقد استعرض ريس الموساد في شهادته أمامنا حشدا زاخرا بالمعلومات التحذيرية التي وصلت اليه ومنه الى شعبة الاستخبارات العسكرية، ولكنه لم يقصد بذلك القول انه حذر في سبتمبر (أيلول) أو أول أكتوبر (تشرين الأول) من وقوع الحرب في القريب. خلاصة القول ان الموقف الاحتكاري لشعبة الاستخبارات العسكرية قد أثر عليه تاثيرا حاسما.
وقد أشارت لجنة شرف ـ يدين في البند 15 من تقريرها الى ان «استمرار وجود الموساد كمؤسسة مخابراتية ذات أدوات لجمع المعلومات، يمكنه من اجراء تقديرات محدودة». وفي تقريرنا الجزئي اقترحنا في البند 22 (د)(5)، اقتراحا عينيا أكثر بهدف زيادة التعددية في التقديرات الاستخبارية، وهو اقامة وحدة خاصة داخل الموساد تجري تقديرات للمواد التي يجمعها الموساد.
(ب) دائرة البحوث في وزارة الخارجية 123. دائرة البحوث في وزارة الخارجية تعمل في البحوث السياسية. وهي تنشر تقديراتها في وزارة الخارجية نفسها وممثلياتها في العالم. المواد الخام تصل اليها من الممثليات في الخارج ومن دوائر المخابرات في الدولة. ولكن الموساد لا ينقل اليها كل ما تصل اليه من مواد، وهو يقرر اية المعلومات التي يمكن ان يكشفها أمام دائرة البحوث. والسبب في هذا التقييد، يكمن في خوفه من تسريب معلومات حساسة زيادة (شهادة زمير ، صفحة 841 فصاعدا). وكما يقول السيد يئير الجوم، مدير الدائرة في شهادته أمامنا (صفحة 384)، فإن تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية ـ نصف السنوية أو الأسبوعية أو اليومية ـ تشكل نبراسا يرشد الدائرة وهي لا تبلور لنفسها تقديرات مستقلة (صفحة 384 ـ 385). كذلك ينبغي التأكيد على انه حتى في عمليات المفاضلة بين التقديرات الاستراتيجية السياسية وبين التقديرات السياسية، تتم هي ايضا في دائرة البحوث التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية، وحتى في هذا المجال تحافظ الشعبة على احتكارها مقابل دائرة البحوث في وزارة الخارجية. وقد فسر هذا وزير الخارجية، أبا ايبن، في شهادته (في صفحة 723/4):
«.. كل ما يتعلق في التقديرات حول احتمالات الحرب، تضعه وزارة الخارجية من مصادر متعددة، لكن أساسها هو في التقديرات الأسبوعية واليومية في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش».
وهو يذكر، ضمن ما اسماه «مصادر متعددة»، تقديرات من دول صديقة، وتقدير مغزى البيانات والنشاطات التي تقوم بها حكومات عربية مرشحة للحرب. ويضيف:
»ما من شك ان هناك وزنا خاصا لتقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية في بلورة تقديراتنا.. فالتواجد في الميدان والتقديرات والتفسيرات التي تعطى للوقائع الميدانية تقرر الى حد غير قليل تقديرات وزارتي، إلا إذا وجدت هناك تقديرات أخرى تتناقض مع استنتاجات شعبة الاستخبارات في الجيش». ان دائرة البحوث (في وزارة الخارجية) لا تستطيع، بل انها لا تطمح، في أن تكون لها تقديرات سياسية خاصة بها.
ونحن في تقريرنا الجزئي، البند 22، قمنا باستعراض لتوصيات لجنة شرف ـ يدين بالنسبة لدائرة البحوث في وزارة الخارجية ـ وهي التوصيات التي لم تنفذ ـ وقدمنا توصيات لتصحيح الوضع في البند 22 (د).
(جـ) شعبة الاستخبارات العسكرية وقادة الألوية 124. في شعبة الاستخبارات العسكرية، تتم عملية مفاضلة بين المعلومات الاستخبارية التي تجمع في الميدان في الألوية العسكرية وبين المعلومات التي تحضرها دوائر الجمع الأخرى. وجنبا الى جنب، مع ذلك، فإن من المسلمات في نظريات القيادة العسكرية أن تكون التقديرات المبنية على المعلومات، أساسا لكل خطة ولكل استعدادات. لهذا، فليس من المعقول أن يعمل قائد اللواء من دون تقدير خاص به للوضع، مبني على مصادر التجميع المتوفرة لديه والمتوفرة من مصادر أخرى، بما في ذلك عمليات الرصد الذاتية، واذا احتاج الأمر فمن خلال المواجهة (بين تلك المعلومات) وبين تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية.
لقد كان قائد اللواء الجنوبي في جيش الاحتلال الإسرائيلي متعلقا في تقديراته بشكل كامل تقريبا بتقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية التي وصلت اليه عبر ضابط المخابرات في اللواء (حول هذا الموضوع أنظر لاحقا في البند 230 فصاعدا). بينما قائد اللواء الشمالي كان أكثر استقلالية في تقديراته، فيما يتعلق بامكانية الانذار على الجبهة الشمالية. وقد سبق لنا أن وصفنا (في التقرير الجزئي البند 14 (أ))، تخوفه من التشكيلات السورية الكبيرة التي يمكن ان تتحول الى هجوم من دون انذار، والخطوات التي اتخذت اثر قيامه باشعال الضوء الأحمر أمام وزير الدفاع. ولكن الأمر الأساس هو ان قائد اللواء الشمالي ايضا خضع للتقديرات المطمئنة لشعبة الاستخبارات العسكرية، وهكذا قال (صفحة 1879):
«نحن، في قيادة اللواء، لا توجد لدينا صلة بمصادر المعلومات. عادة، نتلقى المعلومات بعد تحريرها، ولا يقولون لنا ما هو المصدر الذي استقوا المعلومات منه ولهذا فليس بمقدورنا أن نعطي تقديرا إذا ما كان علينا ان ننظر اليه بجدية أكبر أو اصغر..».
(د) تقديرات نائب رئيس الأركان 125. ذكرنا في التقرير الجزئي (في نهاية صفحة 28) انه كانت لنائب رئيس أركان الجيش، الجنرال يسرائيل طال، في يوم 30 سبتمبر، تحفظات خطيرة على التقديرات المطمئنة لشعبة الاستخبارات العسكرية، خصوصا في الجبهة السورية. والآن، نعرض بتفاصيل اكثر شهادته، المقبولة علينا. في صفحة 2307، يذكر المشاورات التي جرت لدى رئيس الأركان في اليوم نفسه، والتي شارك فيها هو وكذلك الجنرال زعيرا والعميد شيلو (تسجيلات لرؤوس الأقلام حول ما دار في هذا البحث موجودة في وثيقة البينات رقم 174). انه يقول هناك انه اعترض تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية القائلة ان أهداف التشكيلات السورية كانت فقط دفاعية، ورأى انه يجب رؤية هذه التشكيلات على انها تأهب يهدف الى هجوم شامل لاحتلال هضبة الجولان. وقد ذكر الحاضرين في هذه المشاورات، في هذا السياق، بأن السوريين تزودوا بالأسلحة التي كانت تنقصهم في السابق، وبينها دبابات جسر لا هدف لها على الاطلاق سوى عبور القنوات التي أقامتها اسرائيل كعائق أمام تقدم الدبابات في هضبة الجولان، وفي شهر أغسطس (آب) نصبت شبكة الصواريخ المضادة للطائرات. وذكرهم بان التشكيلات السورية والاستعدادات والتدريبات المصرية، هي غير مسبوقة.
ولم يقبل رأيه ولم يكن مرتاحا. ويواصل قائلا (في صفحة 2309): «.. نزلنا من الجلسة لدى رئيس أركان الجيش، فألغيت اجتماعا للبحث حول موضوع جار كان مقررا عقده لدينا، وطلبت من رئيس مكتبي أن يبلغ رئيس شعبة الاستخبارات (العسكرية) بأنني أطلب منه أن يدعو رئيس دائرة البحوث (في شعبة الاستخبارات العسكرية)، العميد شيلو فورا اليه لأنني أريد ان اتكلم معهما. وبعد عشر دقائق صعدت الى مكتب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية... وهذه كانت أول مرة أقدم فيها على طلب مثل هذا الاجتماع.. وجلست معهما ساعة ـ ساعة ونصف الساعة. قلت لهما أنني أتعجب من موقفهما ولا اشعر بالارتياح وأنني ارفض كل أجواء الاجتماع الذي عقد لدى رئيس الأركان قبل عشر دقائق. وحذرتهما من أنهما قد يكونان متخصصين في (شؤون) العدو ولكنهما لا يدركان عظمة الخطر، لأنهما يفهمان أقل مدى استعداداتنا وتوازن القوى في معارك المدرعات. وعدت وحذرتهما بانهما إذا كانا مخطئين، فإن عليهما ان يعرفا بان الدبابات السورية لن تجابه بمقاومة (اسرائيلية)، لان كمية دباباتنا في هضبة الجولان غير كافية.
وعدت أكرر تفسيراتي واذكر بالمعلومات الاستخبارية التي توفرت فيما يتعلق بمسار التقديرت وبتعاظم القوات السورية منذ شهر مايو (أيار) وحتى شهر سبتمبر (أيلول) وحاولت أن أرفع لهما (أظهر لهما) كيف تتقاطع (تنسجم) مع الهيكل المتكامل الذي يقود الى الاعتراف بنوايا الهجوم الشامل. وذكرت من جديد بالتدريبات المصرية وحالة التأهب القصوى. ولم أفلح في اقناعهما، وعلى هذا افترقنا».
ويوافق الجنرال زعيرا، في شهادته حول هذه المحادثة (صفحة 5450)، على ان خطوة نائب رئيس الأركان هذه كانت غير عادية. ويواصل:
«جلست وبحثنا المسألة، مثلما قال. وأنا قلت له انني أقدر عاليا هذا وأنا سعيد بان شخصا ما جاءه برأي آخر.. أنا اذكر بالتأكيد ما قاله وقد اخذت هذا بالاعتبار، ولكن لا يكفي أن يأتي نائب رئيس الأركان ويقول لي كذا وكذا. ما قاله لم يقنعني، وأنا لا أستخف. لقد أنصت وأخذت بالاعتبار».
يفهم من هذا ان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، وبدافع من علياء مكانته المفضلة في مجال التقديرات الاستخبارية، رفض بأدب شديد التحذيرات الخطيرة التي وجهها اليه نائب رئيس أركان الجيش فيما يتعلق بصحة التحذير وبالأخطار الكبيرة المتوقعة، علما بأن تقديراته كانت خاطئة. وكما قلنا في التقرير الجزئي، البند 31 (2)(أ):
«..انه (الجنرال طال) لم يطلب إذنا من رئيس الأركان بأن يبلغ وزير الدفاع بتحفظاته أو يطرحها أمامه، وذلك بدافع من تقاليد طاعة الجندي لقائده». (صفحة 28 ـ 29 ). وحول هذا، قال لنا في شهادته، ان ضميره يؤنبه. وفي قضية تقديرات رئيس أركان الجيش للمعلومات، سنبحث لاحقا في البنود 198 ـ 200. شعبة الاستخبارات والقيادة السياسية 126. ما قيل آنفا (في البند 123) حول وزارة الخارجية، ينسحب بالمقدار نفسه على المستوى السياسي برمته. من الممكن أن نتوقع من هؤلاء القادة، خصوصا من وزير الدفاع ورئيسة الحكومة، أن يبلوروا لأنفسهم تقديرا سياسيا خاصا بهم، للمدى البعيد، اعتمادا على المعلومات السياسية والتجارب المتوفرة. ولكن هذا لا ينسحب على التقديرات العسكرية في قضية نوايا العدو في المدى المتوسط والقصير.
ان هذه التقديرات مركزة بالكامل بأيدي دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش. وبطبيعة الحال فإن من لا يملك بيديه كل المعلومات ووسائل التقدير التي في حوزة شعبة الاستخبارات العسكرية، ليس ملزما وليس قادرا على مجابهتها في تقديرات المعلومات العسكرية. وشعبة الاستخبارات لا ترسل كل ما تملك من معلومات الى القيادة السياسية، بل انها تختار أيا من المواد الخام التي تصلها لتحولها الى أعلى. وليس هذا فحسب، بل حتى المفاضلة ما بين المعلومات الاستخبارية العسكرية والمعلومات الاستخبارية السياسية، تتم حسب هذا النظام فقط في شعبة الاستخبارات العسكرية، لأنه لا يمكن المفاضلة بين أمرين، عندما يكون أحدهما خافيا أو غير مكتمل.
لقد اوصينا بأن يتم تغيير هذه المكانة المميزة لشعبة الاستخبارات العسكرية بواسطة تقوية دائرة البحوث في وزارة الخارجية وتعيين مستشار خاص لشؤون الاستخبارات لدى رئيس الحكومة، كما هو مفصل في البند 22 (د)(1)و(2) من التقرير الجزئي.
وفي مقابل المستوى السياسي، يتحمل رئيس الأركان مسؤولية مباشرة خاصة به لتقدير نوايا العدو، لأن هذه هي واحدة من وظائفه الأساسية كقائد عام للجيش الاسرائيلي. ان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية هو ضابط في هيئة القيادة العامة ومستشارها لشؤون المخابرات، ومثل بقية المهمات المنوط بها، فإن المسؤولية السياسية تقع بالتالي على رئيس الهيئة. ولهذا، فإن من حقه ومن واجبه أن ينتقد تقديرات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ويتابع، بشكل خاص في حالات التوتر، السبل التي ينتهجها رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية لبلورة تقديراته (حول هذا الموضوع أنظر أيضا البند 198 فصاعدا).
(هـ) تقديرات وزير الدفاع 127. لقد عبر وزير الدفاع، في محاضرة له أمام القيادة العليا، في يوم 2 أبريل (نيسان) 1973، (وثيقة البينات رقم 279 أ)، عن استمرار تفاؤله حول احتمالات نشوب الحرب. فقد قال هناك (صفحة 17) انه لا يرى مشاكل خاصة في هذا الموضوع حتى نهاية السبعينات. ولكن بعد فترة قصيرة من هذا، في مشاورات عسكرية ـ سياسية لدى رئيسة الحكومة، في يوم 18.4.1973، اتخذ موقفا مختلفا. وفي اعقاب الأخبار عن الاستعدادات الحربية المصرية التي وصلت الينا في تلك الفترة، ثم جاءت الخطة السورية، فقال (البروتوكول في وثيقة البينات رقم 57، صفحة 9 ـ 10):
«يوجد للمصريين وللسوريين، وفي هذه الحالة هما طرف واحد..، توجد لديهم عمليا ثلاث امكانيات على الأقل، في سبيل التوصل الى سلام معنا ـ اتفاق كهذا أو ذاك نسير باتجاهه، أو السير وفق خطة بعيدة المدى لتقليص حجم الجيش والنزول عن خط الضغط العالي (صيغة مأخوذة عن خطوط التيار الكهربائي، حيث يعتبر خط الضغط العالي خطيرا ويتسبب في موت من يمس به)، أو الذهاب نحو الحرب...
أنا أقدر بأنهم موجودون حاليا في الامكانية الثالثة. فقد رفضوا كل امكانية أخرى. وهم ليسوا أغبياء. لقد رفضوا كل امكانية للتوصل الى تسوية خلال السنوات الخمس الماضية، سواء السوريون أو المصريون. لقد رفضوا أيضا السير في خطوات بعيدة المدى لخمس أو عشر سنوات، لتفكيك الجيش والتوجه الى برامج بعيدة أو متوسطة المدى. ايضا من الناحية الجماهيرية العامة، الأقوال والأفعال، لم ينتهجوا هذا الطريق. واتجهوا نحو طريق تركيب الوفود الى الاتحاد السوفياتي وغيرها..
وأنا أعتقد، بشكل أساسي، انهم يتدحرجون نحو حرب اضافية معنا، سواء أكان ذلك اليوم أو في وقت لاحق... كل الحروب بدأت، وكان علينا أن نجري بعدها الأبحاث الأساسية جدا حتى نفهم لماذا نشبت ونفسر أسبابها. لذلك فستكون الأبحاث فيما بعد، ولكن ما هو واضح ان الحرب قد وقعت. وإذا سألتموني فيما إذا كنا متجهين الآن ايضا الى حرب أم لا، فإنني أقدر بأننا نتجه نحو الحرب».
لقد سبق وذكرنا ان وزير الدفاع أعطى أوامره الى هيئة رئاسة أركان الجيش في يوم 21ـ5ـ1973، أن يستعدوا للحرب التي من المحتمل أن يشنها المصريون والسوريون في النصف الثاني من صيف 1973 (البند 31 (2)(أ)) من التقرير الجزئي). وخلال كلمته في اجتماع لقادة اللواء في المنطقة الوسطى، يوم 22 مايو (أيار) 1973، عبر وزير الدفاع عن اعتقاده، المخالف لرأي شعبة الاستخبارات العسكرية، بأن هناك امكانية نشوب حرب مع مصر في غضون سنة 1973. وهكذا تحدث في ذلك المقام (وثيقة البينات 276):
«... بالطبع، أنا لا أعرف إذا ما كانوا سيفتحون النار أم لا. لكنهم قريبون اليوم الى هذا أكثر من أي وقت مضى. على الرغم من اننا مررنا في حرب الأيام الستة وفي حرب الاستنزاف، فيجب عدم الاستخفاف بالعرب. هذا يعني ان علينا ان نجري كل الاستعدادات اللازمة لهذا الغرض، كما لو ان حربا ستنشب في هذا الصيف وندخل في دائرة حرب أخرى، وعندئذ ننفذها كما يجب».
وعاد وزير الدفاع ليتحدث عن امكانية ان تشن مصر الحرب، في اجتماع للجنة الخارجية والأمن في الكنيست يوم 22.5.1973 (نهاية الصفحة 25 من البروتوكول):
«انهم يعتقدون بأن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، ويفضلون ان يفتحوا النار ولتكن النتيجة ما تكون، على الوضع القائم. لا أدري إذا كانوا سيفعلون ذلك أم لا، ولكن في كل الأحوال، إن أية خطوة ينفذها المصريون لن تحسن وضعهم».
وفي مقابلة مع صحيفة «تايم» الأميركية من يوم 30.7.1973، (التي وصلت الينا بعد أن انتهى من الادلاء بشهادته)، يقول الصحافي على لسان وزير الدفاع: «في السنوات العشر القادمة، سنرى الحدود الحالية مثلما هي اليوم ولن تكون هناك حرب شاملة».
في شهادته أمامنا (صفحة 4305)، قال وزير الدفاع انه لا يذكر انه في الفترة ما بين شهري مايو وأكتوبر 1973، صرح أي تصريح من هذا القبيل. وفي كل الأحوال فإن ما يهمنا هي أقواله الحازمة أمام هيئة رئاسة الأركان، فقد قالها باسم الحكومة ووجه فيها تعليمات ملزمة للقيادة العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
بالمناسبة، فعلى الرغم من ان وزير الدفاع اختلف مع شعبة الاستخبارات العسكرية حول امكانية ان يعلن العرب الحرب علينا، فقد قبل في الأيام الأخيرة قبيل الحرب تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية بأنه من غير المتوقع ان تنشب حرب شاملة. وحسب كلامه أمامنا (صفحة 4172):
«أنا أفرق ما بين امرين: التقدير السياسي العام إذا كانت ستنشب حرب، وفي حالتنا فإن المقصود هما سورية ومصر، وفي هذا الموضوع توجد لدي تقديراتي الشخصية، وقد اختلفت بها مع تقديرات الاستخبارات، وكنت في الغالب، اكثر تشددا منها، حيث اعتقدت بأن الحرب متوقعة، وبين التقدير التقني، الذي يفحص ماذا يوجد على الأرض العينية ـ سورية ومصر ـ الاستعدادات العملية التي يجريها السوريون والمصريون للحرب.. ومتى ستبدأ بالضبط. على هذا اعتمدت. ومنه أيضا حذرت. وقبلت تقديرات شعبة الاستخبارات».
لا يوجد شك في الحقيقة بأن تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية بأن الحرب لن تنشب في أبريل او مايو 1973، ضاعفت الثقة في قلب وزير الدفاع بأن تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية كانت صحيحة. ثم رأى وزير الدفاع ان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية صدق مرة أخرى عندما أعرب عن تقديره بأن الحرب لن تنشب في صبيحة 1 أكتوبر. وقد أعرب عن غضبه لأنهم لم يبلغوه بالخبر الذي وصل عن الحرب المتوقعة (البند 63 آنفا)، فقال له ان الخبر لم يبد له جديا، لذلك لم يرغب في ايقاظه على أمر كهذا. وبالفعل، لم تنشب الحرب في 1 أكتوبر.
وكما قال وزير الدفاع في شهادته (صفحة 4238):
«مشكلتي كانت ان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية كان صادقا. فبعد كل تقدير شخصي كهذا عندي بأن الحرب سوف تنشب، بما في ذلك صراخي بسبب عدم ايقاظي في تلك الليلة، كان ينتهي في دليل على ان شعبة الاستخبارات العسكرية صادقة».
بخصوص قلقه على الجبهة السورية في يوم 24 سبتمبر 1973، أنظر البند 198. وأقواله في المشاورات يوم 3 أكتوبر، ذكرناها آنفا في البند 18.
في 5 أكتوبر، بدأت تتجلى حالة القلق مما يجري في مصر، أكثر من رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (المشاورات التي جرت لديه في الساعة 9:00 صباحا (وثيقة البينات رقم 242)). فقد عبر عن مخاوفه بشكل صريح من أن التدريبات المصرية ليست سوى غطاء للنوايا الهجومية. ويتضح من أقواله انه لم يتجاهل خطر نشوب الحرب، ولكنه اعتمد على رأي رئيس الأركان الذي قال انه اتخذ اجراءات كافية للدفاع الناجع في الجبهتين. وقال أمورا حازمة أكثر في وقت متأخر من الصباح، في المشاورات لدى رئيسة الحكومة (حسب التسجيل المختصر في وثيقة البينات رقم 57، صفحة 3):
«أيضا أجهزة عبور. استكمال موضوع الدبابات كما لو انه يوجد عبور. ليس 100% (احتمالات ننشوب الحرب)، ولكن النسبة قريبة من ذلك».
http://group73historians.com/ref/142-الوثائق-الإسرائيلية-الحلقة-الثامنة-و-العشرون.html