الوثائق الإسرائيلية - الحلقة الثانية و العشرون

حكم مصارعه

عضو مميز
إنضم
27 نوفمبر 2014
المشاركات
4,272
التفاعل
5,255 0 0
الوثائق الإسرائيلية (الحلقة الثانية والعشرون) ـ جنرال سوري نقل خطة الحرب الى الأردن.. وإسرائيل حصلت عليها

نقاش حول قضية «إحراق» المصدر الذي أبلغ عن الإخلاء المهرول لعائلات الخبراء الروس


news.425486.jpg

تل أبيب : نظير مجلي
في هذه الحلقة تواصل «لجنة أغرنات» التحقيق في إخفاقات الجيش الاسرائيلي في حرب أكتوبر 1973، من خلال استمرار البرهنة على ان جهاز شعبة الاستخبارات العسكرية تصرف بإهمال واستخف بعدد من الظواهر والمعلومات التي وصلت اليه وتؤكد ان مصر وسورية تعدان للحرب. وكنا في حلقة سابقة نشرنا أن خطة الحرب التي أعدها الجيش السوري قد وصلت الى اسرائيل قبل ستة شهور من الحرب [والخطة المصرية وصلت قبل حوالي سنتين من الحرب]، وانه حسب لجنة التحقيق فإن هذه الخطة نفذت بالكامل تقريبا عند نشوب الحرب. وعلى اثر ذلك اتصل بنا أحد الخبراء السابقين في التأريخ العسكري، وهو بنفسه كان قد شارك في الحرب كضابط في قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، وعمل فيما بعد في الأبحاث التاريخية، ليلفت نظرنا الى أقوال ايلي زعيرا، رئيس شعبة الاستخبارات في فترة الحرب، حيث يروي قصة تسريب الخطة السورية. فيقول ان جنرالا في الجيش السوري كان يعمل لخدمة المخابرات الأردنية هو الذي نقل الخطة الى الأردن. ووصلت الخطة الى المخابرات الأميريكية في واشنطن. ويقول زعيرا في مذكرتاه [صفحة 96] انه لا يذكر كيف وصلت الخطة الى اسرائيل، هل مباشرة من الأردن أو من الولايات المتحدة.

تخصص هذه الحلقة من التقرير الى موضوع اخلاء عائلات الخبراء الروس من سورية ومصر، وكيف بدت الاستخبارات العسكرية عاجزة عن فهم هذه الخطوة، وهل هي تدل على وجود نوايا حربية ام خلافات عربية سوفياتية. ويرددون أكثر من مرة انها دليل على ان الاتحاد السوفيايتي، الدولة العظمى الثانية في حينه، هي أيضا تخاف من رد فعل قاس من اسرائيل على هجوم عربي.

الجنرال زعيرا أبلغ رئيس «الموساد» [جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية] هاتفيا وفي ساعات مبكرة من يوم 5 أكتوبر، حول الإخلاء المهرول [لعائلات الخبراء السوفييت] (البند 38 آنفا). ولكن دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية ظل مستغربا ما هو سر هذه الظاهرة. وقد جرى التعبير عن هذا الاستغراب في أقوال الجنرال زعيرا، خلال البحث الذي جرى في الساعة التاسعة من صبيحة يوم 5 أكتوبر باشتراك وزير الدفاع [موشيه ديان] ورئيس الأركان [دافيد العزار] (وثيقة البينات رقم 242، صفحة 3، وقد ذكرت هذه الأقوال آنفا في البند 49(ب) في سياق آخر):

«الموضوع الروسي هو بالتأكيد أمر جديد. السطر الأخير فيه، انني لا أعرف لماذا أخلوا النساء والأطفال. أنا أستطيع أن أعطي تخمينات. التخمين الأول أن الروس عرفوا ان المصريين والسوريين ينوون تنفيذ هجوم، وهم يقدرون بأن هجومنا المضاد سينجح وسيضرب في العمق [المصري والسوري] وفي العائلات، لذلك يريدون اخلاء رجالهم. أو ربما هم يريدون المجيء الى المصريين والسوريين ويقولون لهم: أنظروا، نحن نعرف أنكم تتجهون للهجوم، ونحن سنخرج العائلات، واعلموا أننا في هذا لسنا معكم.

«امكانية ثانية هي ان الروس يخشون فعلا من هجومنا والأمر الأول الذي سيفعلونه هو أن يتوجهوا الى الأميركيين ويقولوا للأميركيين، قولوا شيئا للاسرائيليين. وكان الأميريكيون [في هذه الحالة] ياتون الينا راكضين وفرحين لكي يؤدوا لهم هذه الخدمة. الأميركيون لم يفعلوا ذلك بعد.

"الامكانية الثالثة مرتبطة بكل الأحوال متعلقة بالشؤون الداخلية – في العلاقات ما بين الروس وبين السوريين، أنا لا أعرف، فربما يوجد أي احتكاك حول أمر لا نعرفه. ..ربما يكونون قد فرضوا عليهم بعض القيود.

«ما الذي يضايقني في هذا الموضوع؟

«يضايقني ان هذا [الاخلاء] يتم أيضا في مصر. أنا استطيع أن آتي وأقول أنه ربما يوجد شيء لا نعرفه أيضا في مصر، ربما يقول الروس: إذا أنهينا هذا العمل في سورية، تعالوا ننهيه في مصر ايضا، لأن المصريين سيسيرون وراء السوريين بالتأكيد.

«في المحصلة النهائية، كل هذه تخمينات. والسطر الأخير هو انه لا يوجد عندي تفسير لماذا فعل الروس هذا».

ويقدم رئيس الأركان ملاحظة صائبة على هذا الكلام (المصدر نفسه، صفحة 4):

«الهرولة في اخلائهم (قالوا لهم خذوا حمولة 30 كيلوغراما واركضوا) لا تلائم لحالة النزاع – يقولون لهم أخرجوا العائلات خلال ثلاثة أيام، ولكن ليس بمثل هذا الاستعجال».

وكان وزير الدفاع قال (في راس الصفحة) [وفي نفس البحث]: «الروس ليس سياسيا [يقصد ان اخلاء الروس لا يمكن أن يكون لدوافع سياسية]». فيعلق رئيس الأركان ملاحظا: «توجد لدي دلالة أخرى على انه ليس سياسيا، فالأمر تم سوية مع سورية ومع مصر» (في التسجيل سقطت كلمة «لا» بالخطأ).

ويضيف وزير الدفاع: «النزاع السياسي لا [يكون مع] نساء وأولاد، بل مع الرجال. من الممكن أن يكون [الاخلاء ناجم] عن خوف من هجوم لنا».

76. من كل تحليلات الجنرال زعيرا في ذاك المقام، ليس واضحا لماذا يفضل تخمينه الأول على التفضيلين التاليين. فهو يذكر تفسيرات تنقض الأفضليتين الثانيتين، لكنه لا يذكر تفسيرا ينقض الأفضلية الأولى [القائلة ان سبب الاخلاء هو هجوم مصري سوري]، والتي لقيت مساندة من عدة علامات دالة وأخبار تحذيرية أخرى. والسبب في ذلك هو أنه كان من الصعب عليه أن يترك نظريته [القائلة بأن الاستعدادات الحربية المصرية ما هي إلا] «تدريب [والاستعدادات السورية هي] تشكيلات دفاعية»، والسبب أيضا انه يتمسك بالفرضية المضللة القائلة بأن العدو لا يرى في نفسه القدرة على المبادرة الى حرب شاملة. ليس هذا وحسب، ففي نفس اليوم، 5 أكتوبر [تشرين الأول]، وصلت أخبار اضافية كانت لتلزم برجحان كفة الميزان لصالح التقديرات العالية بأن الحرب على الباب. ولكن قبل أن نتحدث عن هذه الأخبار، لا بد أن نتوقف عند طريقة العلاج التي اتبعتها شعبة الاستخبارات العسكرية لموضوع اخلاء عائلات الخبراء الروس.

في جلسة القيادة العامة للجيش الاسرائيلي، التي عقدت في الساعة 12:30 من يوم الخامس من أكتوبر [تشرين الأول] (تحديد الساعة جاء في شهادة الفريق اليزر، صفحة 3914)، عاد الجنرال زعيرا لتكرار تخميناته الثلاث (يمكن أن تكون هناك مخاوف روسية من هجوم [اسرائيلي]، يمكن أن يكون الروس خائفين وفي الوقت نفسه يمكن أن يكون هناك سبب آخر، خلافات داخلية في العلاقات ما بين الاتحاد السوفياتي وبين مصر وسورية). وبعدما يتحدث عن مشكلة مقلقة أخرى (خروج السفن الحربية من ميناء الاسكندرية ـ أنظر لاحقا)، تأتي كلماته الملتوية (في نهاية صفحة 2 من البروتوكول):

«كل ما قلته لكم لا يغير من التقدير الأساسي لشعبة الاستخبارات العسكرية ان الاحتمالات بأن تشن مصر وسورية حربا، ما زالت ضعيفة. ويعقل أن يكون كل ما يجرى اليوم، باستثناء الموضوع الروسي الذي ما زلنا عاجزين عن معرفة أسبابه، ناتجا عن مخاوف السوريين ومخاوف المصريين من هجوم لنا. في احتمال ضعيف يمكن أن يتم هجوم سوري ـ مصري منسق، وأنا اقول إن احتمالات هذا ضعيفة، بل ضعيفة جدا. وقد يكون هدف سورية هو عملية خاطفة في هضبة الجولان وإذا نجحوا يندفعوا أعمق أكثر. وبالنسبة لمصر، هناك احتمال بفتح النار أو مهمة ما بالطائرات المروحية أو العبور. والاحتمال الأضعف هو تدريب كبير على عبور القناة بهدف احتلال معبري القناة ومحاولة التقدم نحو المضائق» (التأكيد منا).

وهذا هو رأي رئيس الأركان، الذي عبر عنه في نفس المقام:

«أنا أقبل مبدئيا تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية وأرى أن الحرب هي الأقل احتمالا الآن عما... بكلمات أخرى، إنني أرى خطر نشوب حرب اليوم أو غدا أقل احتمالا من أن لا تنشب الحرب».

ومع ذلك، وكما نحن نعرف، التشكيلات الدفاعية هذه هي بالتأكيد تشكيلات هجومية أيضا. ففي هذه التشكيلات توجد كل الإمكانيات لأن تتحول، نظريا وعمليا، الى الهجوم. ويجب أن آخذ بالاعتبار أمرين: الأول – إذا أرادوا يستطيعون الهجوم في وقت قصير. والثاني – لا يوجد برهان ايجابي على انهم لن يهاجموا. بكلمات أخرى، لا يوجد لدينا أية معلومات استخبارية يمكننا على أساسها أن نقول: يوجد لنا مكان (مصدر) غير عادي يقول لنا إنهم لا ينوون الهجوم، انما هناك أمور أخرى. ولهذا، فإن هذين الأمرين، انعدام البرهان الايجابي وقدرتهم على على التحول الى هجوم، يجب أن تكون قاعدة لتقديرات الوضع واتخاذ الاجراءات [الاسرائيلية] تجاهها».

أنظر لاحقا البند 221 (4).

أيضا في النشرة رقم 423/73، التي أصدرتها شعبة الاستخبارات العسكرية في الساعة 13:15 من نفس اليوم نجدها ما زالت تصر على التقديرات المطمئنة في موضوع العائلات الروسية (المصدر نفسه، البند 43):

«وصول هذه الطائرات الى كل من مصر وسورية ومغادرة السفن موانئ مصر تطرح امكانية أن يكون اخلاء العائلات الروسية غير نابع من توتر بين سورية والسوفيات، بل من مخاوف السوفيات من مبادرة عسكرية مصرية – سورية ضد اسرائيل. كما هو واضح، نحن نقدر بأن هناك احتمالا ضعيفا لمثل هذه المبادرة».

77. كما رأينا، فقد أكد الجنرال زعيرا في البحث لدى وزير الدفاع في الساعة التاسعة من صبيحة يوم 5 أكتوبر، على ان الاستعجال في اخلاء العائلات الروسية هو عنصر خاص لعجزها عن ايجاد تفسير واضح لهذه الظاهرة (لولا موضوع الهرولة لكان هناك أساس أكثر واقعية للتفسير بأنه الصراع السياسي، كما لاحظ رئيس الأركان). لكن الجنرال زعيرا، ويا للعجب، لم يذكر هذه الحقيقة الهامة خلال جلسة الوزراء التي عقدت في وقت لاحق، في الساعة 11:30. وحسب شهادته، فإنه لم تكن لديه نية لاخفاء هذه الحقيقة (البروتوكول، صفحة 5417 فصاعدا). هذا الأمر لم يتضح لنا حتى نهايته. ونضيف انه بحسب بروتوكول المشاورات السياسية العسكرية التي عقدت لدى رئيسة الوزراء في يوم 18.4.73 (وثيقة البينات رقم 57 صفحة 18)، سبق أن أعطي الجنرال زعيرا أمرا بأن لا يعرض أمام الحكومة كل المعلومات المتوفرة لديه. ونحن لا ننفي التوجه القائل انه ليس ممكنا دائما ان تكشف حتى أمام الحكومة معلومات تصل الى دوائر المخابرات، بسبب الخطر في التسريب أو من احراق مصدر. خطر التسريب من جلسات الحكومة

* من واجبنا أن نعود وننوه الى خطورة مشكلة تسريب معلومات سرية من جلسات الحكومة، والتي تطرقنا اليها في البند 20 من التقرير الجزئي. لقد استمعنا الى شكاوى مريرة عن هذا الموضوع من رئيسة الوزراء في حينه، غولدا مئير (صفحة 4537 فصاعدا)، والذي بات يتسم بـ «خطورة كارثية لا مثيل لها، أكان ذلك من الناحية الأمنية أو من ناحية طهارة [المسؤولية] الجماهيرية».

وفعلا، انها ضربة للدولة، يمكن لكل من يقرأ الصحافة اليومية لدينا أن يلاحظها – وبالطبع فإن خدمات المخابرات التابعة للعدو تعتبر أيضا من قراء صحفنا الثابتين وبواسطتها يحصلون مجانا على انجازات ما كانوا ليحصلوا عليها بأساليب المخابرات المعروفة. أحد أسباب هذه التسريبات، حسب شهادة استمعنا اليها (صفحة 4982، صفحة 5838 ـ 5842)، يكمن في وجود وزراء يعتقدون أن واجبهم الحزبي يحتم عليهم أن يقدموا الى مؤسسات الحزب تقارير أيضا في قضايا أمنية سرية أو انهم رأوا من الضرورة بمكان أن يستشيروا شخصيات من خارج الحكومة أيضا في قضايا تحتاج الى سرية شديدة. لا حاجة بنا الى القول ان هذا التوجه مرفوض قطعيا وانه يشكل خطرا أيضا من ناحية فتح الباب لغيرهم من حملة الأسرار أن يهدروها.

في تقريرنا الجزئي، البند 20، قلنا رأينا بأنه «يجب التغلب على هذه الظاهرة بواسطة تشكيل لجنة وزارية لقضايا الأمن يكون عدد أعضائها قليلا فعلا – ويجب أن يكون هذا المعيار [الحفاظ على السرية] حاسما لدى تركيب اللجنة ويجب التشدد في تطبيق أنظمة القانون التي تم سنها من أجل ضمان السرية في الأبحاث المتعلقة بالأمن».

وها نحن نكرر توصيتنا بهذا الشأن مرة أخرى.

78. بعد تلقي الأخبار عن الخروج المهرول لعائلات [الخبراء] الروس، توجهت شعبة الاستخبارات العسكرية في 5 أكتوبر الى جهاز مخابرات أجنبي وطلبت منه عدة طلبات منها اعطاء تقدير حول هذه المسألة. لكن هذا التوجه (حسب وثيقة البينات رقم 298)، «كشف القليل واخفى الكثير» [مثل عبري قديم يدل على خيبة الأمل]، لأنه أجاب بما يتعلق فقط بالطائرات الروسية التي وصلت الى كل من القاهرة ودمشق. فوصف [مجيئها] بأنه «غير عادي»، ولم يشر حتى الى العجلة الزائدة في إخلاء العائلات. وكان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية قد صاغ طلبه بطريقة حذرة حتى لا «يحرق» مصدره (شهادة الجنرال زعيرا في صفحة 5422 فصاعدا وصفحة 5714 فصاعدا). وقد وصل هذا الجواب في الساعة 20:30 من مساء نفس اليوم وكانت مطمئنة، لأن الرحلات الجوية [السوفياتية] الى القاهرة ودمشق لم تكن غير عادية قبيل مغادرة السوفيات مصر وكانت تتم من أجل نقل أجهزة عسكرية وأيضا طلابا جامعيين، وكان التقدير أن هذا هو الغرض من الرحلات أيضا في هذه المرة (الوثيقة قبل الأخيرة في وثيقة البينات رقم 103 وكذلك أنظر الى جواب نفس الجهاز [يقصد جهاز المخابرات الأجنبي] في اليوم ذاته ـ وثيقة البينات رقم 263 ـ التي تدل على الشكوك في صحة التقديرات بإمكانية أن يشن السوريون الحرب في القريب، لأن الأسد والسادات غير معنيين بعمليات عسكرية في هذا الوقت). لقد كانت هذه تقديرات خاطئة لدرجة انه حتى في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي لم يعتمدوها كتقدير صحيح. وليس من المستبعد أنه لو كنا قد أوضحنا للمخابرات الأجنبية المذكورة أن الإخلاء يتم بهرولة، لكان من الصعب عليه أن يتوصل الى هذه النتيجة. ويتضح لاحقا بأن جهاز المخابرات الأجنبية يؤمن [مثل الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية] بأن ما يجري في مصر هو تدريب والتشكيلات السورية دفاعية ناجمة عن خوف من هجوم إسرائيلي. ومن الواضح انه لم تكن لهذا التقدير أية قيمة لأن عنصرا أساسيا في المعطيات قد غاب عنها.

في صبيحة نفس اليوم جرى بحث مفصل وممحص لدى وزير الدفاع حول قضية "احراق" المصدر الذي أبلغ عن الإخلاء المهرول لعائلات الخبراء الروس. وقد أبلغ الجنرال زعيرا عن توجهه الى المخابرات الأجنبية (وثيقة البينات رقم 242 صفحة 12). فاقترح وزير الدفاع أن تنقل رسالة الى العرب والروس عبر جهاز المخابرات المذكور يقال فيها انه إذا كانت التحركات العسكرية السورية والمصرية ناجمة عن تخوفات من هجوم اسرائيلي فإننا نعلن أنه لا توجد لدينا اية نوايا هجومية. وقد أمل وزير الدفاع بهذه الطريقة أن يحصل على معلومات إضافية من ذلك الجهاز (المصدر نفسه، صفحة 13). وتم طرح هذا الاقتراح على رئيسة الحكومة في صبيحة اليوم نفسه (أنظر الى وثيقة البينات رقم 57 ، صفحة 4) وعلى اثر البحث لديها تمت صياغة الرسالة الى [ذلك] الجهاز الأجنبي (وثيقة البينات رقم 267) وأرفقت بتقرير مفصل من المخابرات (وثيقة البينات رقم 269، وشهادة وزير الدفاع في صفحة 4387 فصاعدا، وشهادة رئيسة الحكومة في صفحة 4496 فصاعدا).

وفي هذا التقرير الاستخباري أيضا (وثيقة البينات رقم 269)، لم تعط المعلومات عن العجلة الزائدة في الإخلاء وبالإضافة لذكر الطائرات المدنية الروسية التي وصلتـ قالوا فقط (البند 5): «حسب تقرير ما وصل الينا، شوهدت عائلات الروس (نساء وأولاد) مجمعة في مطار دمشق – كما يبدو بغية اخلائها من سورية»، أي انه [في هذه الرسالة أيضا] بدا ان الخوف من احراق المصدر تغلب على الحاجة في الحصول على اجابة كاملة مقابل المعلومات الكاملة. (حول نشاط سفاراتنا ووزير خارجيتنا في الخارج في يوم 5 أكتوبر، أنظر الى البندين 41 – 42 آنفا).

خبر آخر في 5 أكتوبر 79. في الساعة 17:30 من يوم 5 أكتوبر تلقينا خبرا ـــــــــــــــــ [رقابة] يستدل منه ــــــــــــــــــ [رقابة مرة ثانية] أن سورية أبعدت الخبراء السوفيات وكذلك نساء الدبلوماسيين السوفيات ــــــــــــــــــــ [رقابة]. السوريون فسروا تصرفهم بهذا الإبعاد بالقول إنهم ينوون ومصر إعلان حرب على اسرائيل.

لقد أبلغ العميد شيلو بهذا الخبر مسبقا في الساعة 17:00 (وثيقة البينات رقم 292). وحسبما يذكر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية فإن هذا الخبر لم يبلغه إلا في الساعة 22:30 مساء، فيما النشرة الاستخبارية العاجلة التي صدرت حوله وحملت الرقم 427/73، وزعت فقط في يوم 6 أكتوبر. وحتى الساعة 7:15 من صباح 6 أكتوبر لم تكن قد وصلت الى رئيس الأركان (شهادة الفريق د. العزار صفحة 2/4071). هذا التأخير صارخ. وقد حققنا مع الجنرال زعيرا حول هذا الموضوع فأعطى التفسيرات التالية: (أ) التأخير في وصول الخبر اليه نبع كما يبدو من عمليات توضيح وتنسيق ما بين فروع دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية (ب) الخبر نفسه لم يكن يبدو موثوقا، لأن هذا المصدر أثبت في الماضي بأنه غير دقيق والخبر نفسه ـــــــــــــــــــ [رقابة] غير دقيق (لأنه تحدث عن اخلاء الخبراء السوفييت أنفسهم، فيما أخلي في الواقع أفراد عائلاتهم فقط) (جـ) حتى قبل تلقي الخبر، أخذت شعبة الاستخبارات العسكرية في الاعتبار ان يكون احتمال رابط بين الإخلاء وبين النوايا الهجومية لسورية ومصر (البروتوكول صفحة 5447 ـ 5446). وبالنسبة للتأخير الإضافي في إصدار نشرة الاستخبارات، تبين ان النشرة أعدت في 5 أكتوبر، لكنه جرى تأخير اصدارها الى الساعة 6:30 من يوم 6 أكتوبر. ونحن لا يوجد في مقدورنا أن نقرر من هو الذي قام بهذا التأخير ولأي هدف. العميد شيلو أبلغنا (برسالة من يوم 14 مارس [آذار] 1974 الى سكرتير اللجنة) بأنه حسب أقوال الرائد تهيلا (رئيس فرقة المداومة في دائرة الرصد في شعبة الاستخبارات العسكرية في تلك الليلة، لم يدل بشهادة أمامنا)، فإن الجنرال زعيرا هو الذي أمر بتأخير اصدار النشرة. بينما الجنرال زعيرا يقول انه لا يذكر ذلك ولا يعتقد أنه معقول (رسالة جوابية من يوم 21 مارس). ونحن لم نر حاجة في توضيح هذه المعضلة. ربما يكون أحد الأسباب لهذه المعالجة في قضية هامة كهذه، يعود الى حقيقة ان ذلك المساء كان عشية يوم الغفران. ولكن باعتقادنا انه لن يكون صحيحا تفسير هذا فقط بهذا الشكل. والصحيح ان الخبر لم يكن دقيقا أبدا، ولكنه احتوى تأكيدا ــــــــــــــــــــ [رقابة] للأخبار المقلقة حول مغادرة العائلات الروسية، مع الإشارة الى أسباب هذا الاخلاء ــــــــــــــــ [رقابة]. لقد كانت أهمية لهذا الخبر في وضع حد لتلبك شعبة الاستخبارات العسكرية في صبيحة يوم 5 أكتوبر حول سبب هذا الإخلاء. لا مجال أن نفهم أبدا هذا الاستخفاف بالخبر لدى دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية، إلا إذا خمنا أن شعبة الاستحبارات العسكرية لم تتخل ولو للحظة الحقيقة هذه، عن تلك الفرضية، التي تمسكت بها الى آخر دقيقة. لقد كان من الواجب أن يوزع هذا الخبر عشية يوم الغفران، مع ان من الصعب أن نعرف ما إذا كان رئيس اركان الجيش أو القيادة السياسية العليا كانا سيستخلصان منه النتائج الصحيحة في نفس الليلة.

رأينا في التقديرات لهذا الخبر هو انه: (أ) المعالجة التقنية في دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية كانت فاشلة (ب) لقد كان هناك استخفاف بأهمية هذا الخبر بسبب تمسك دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية بالفرضية (ج) كان هناك نقص آخر في التقدير، حيث انه حتى لو لم يكن هذا المصدر دقيقا في تقديراته، ففي هذه المرة ــــــــــــــــ [رقابة] لم يكن هناك أساس لإلقاء الشك فيه. مغادرة السفن الروسية الموانئ المصرية 80. الى جانب اخلاء عائلات الخبراء الروس، اضيفت حقيقة أخرى كان يجب أن تثير قلقا خطيرا. ففي صبيحة يوم 5 اكتوبر، أبحرت تقريبا كل السفن الحربية السوفياتية من الموانئ المصرية. وفي نشرة خاصة (رقم 86/73) حول الموضوع، صدرت في الساعة 12:10 من نفس اليوم، اشارت شعبة الاستخبارات العسكرية الى هذه الحقيقة على خلفية الأنباء حول اجلاء عائلات الخبراء الروس من سورية ووصول الطائرات الى القاهرة ودمشق لهذه الغاية.

وتطرح شعبة الاستخبارات العسكرية امكانيتين، فإما ان يكون سبب الإخلاء هو الأنباء أو التقديرات السوفييتية بأن هناك خطر اشتعال نيران حرب في المنطقة، وعلى هذه الخلفية يريد الروس تحذير المصريين من مغبة الانجرار الى مغامرة عسكرية، أو هناك قرار مصري ـ ربما يكون بالتنسيق مع السوريين ـ للتخلص من آخر وجود عسكري [أجنبي] على الأراضي المصرية. ولكن ـ كتب في النشرة ـ لا نرى ان هناك سببا حقيقيا يدفع مصر الآن الى إجلاء الخبراء الروس والسفن الحربية الروسية. ويسأل السؤال: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم تر شعبة الاستخبارات العسكرية ان التفسير المنطقي هو ان الروس عرفوا بأمر الحرب الداهمة، ولماذا لم تغير شعبة الاستخبارات العسكرية موقفها من جذوره، لكي تحذر في ظهيرة يوم 5 أكتوبر على الأقل، من خطر الحرب الفورية؟

إن شعبة الاستخبارات العسكرية وبدلا من ذلك اكتفت، حتى في الساعة 13:10 من نفس اليوم، باستعراض عام حول «الاستعدادات والنشاطات في سورية ومصر، صحيح ليوم 5 أكتوبر» ([نشرة المخابرات] رقم 423/73، البند 37)، وذلك على الرغم من انها أشارت الى الحقيقة بأن ابحار جميع السفن الحربية السوفياتية تقريبا من الموانئ المصرية هو «أمر غير عادي قطعيا»، ثم في البند 40 من النشرة نفسها، والتي تطرقنا اليها في البند 25 من التقرير الجزئي، انه «على الرغم من ان مجرد اتخاذ وضعية الطوارئ في جبهة القناة يحمل في طياته مبادرة هجومية، فإنه على حد علمنا لم يحصل تغيير في التقديرات المصرية توازن القوى بينهم وبين قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي. لهذا، فإن الاحتمالات بأن يكون المصريون ينوون استئناف الحرب هي احتمالات ضعيفة». وفي جلسة القيادة العامة لهيئة الأركان في ظهيرة اليوم نفسه، لا يزال الجنرال زعيرا يتكلم عن الاحتمالات الأضعف من ضعيفة، والإرشاد الذي قدمه الى قادة الجيش الاسرائيلي في هذا المقام يكون مطمئنا للغاية (انظر البند 76 آنفا).

http://group73historians.com/ref/136-الوثائق-الإسرائيلية-الحلقة-الثانية-و-العشرون.html
 
عودة
أعلى