الوثائق الإسرائيلية - الحلقة العشرون

حكم مصارعه

عضو مميز
إنضم
27 نوفمبر 2014
المشاركات
4,272
التفاعل
5,255 0 0
الوثائق الإسرائيلية (الحلقة العشرون) إسرائيل تعترف بأن المصريين والسوريين نجحوا في تضليلها بعشرات الأحابيل

تل أبيب اقتنعت بأن كل الاستعدادات التي سبقت نشوب حرب 73 مجرد تدريبات



news.425247.jpg

تل أبيب: نظير مجلي
فقط في حالات نادرة، يمكن أن تستمع الى اطراء اسرائيلي لشيء عربي. وفي الماضي، عندما كان ضباط اسرائيليون «يضربون السلام العسكري» لمقاتل عربي بعد قتله، وذلك على طريقة العسكريين وتقديرا لمقاومته الباسلة وادائه الذكي، كان يتعرض للكثير من الانتقادات اللاذعة. ولذلك، أصبحت المدائح، إن قيلت، مقصورة على الجلسات المغلقة.

وفي الأبحاث السرية للجنة اغرنات فيض من المدائح لمصر وسورية. ويشتمل التقرير الذي ننشره فيما يلي على القول بكامل الصراحة ان قيادة الجيشين نجحتا في التمويه على نشاطاتهم خلال الاستعدادات للحرب وتضليل قيادة الجيش الاسرائيلي، وخصوصا شعبة الاستخبارات العسكرية، بشكل متقن. وعلى الرغم من وجود مصادر معلومات «جيدة»، غالبيتها مصادر عربية وذات علاقات جيدة وقريبة جدا من موقع صناعة القرار، لدرجة أنهم أوصلوا الى المخابرات الاسرائيلية الخطط التفصيلية للحرب، إلا ان المصريين والسوريين تمكنوا من إعطاء الصورة التي يريدونها عن نشاطهم وتحركاتهم العسكرية والسياسية. نشروا أخبارا تضليلية في الصحف المصرية وهم يعرفون ان الاسرائيليين يقرأونها كلمة كلمة، بثوا الأخبار التي يريدونها عبر اللاسلكي وهم يعرفون ان الأجهزة الاسرائيلية تتنصت عليهم، أجروا تحركات وتنقلات وهم يعرفون بأن طائرات التجسس الاسرائيلية وغير الاسرائيلية تصورهم، وفوق كل هذا استخدموا في حالات كثيرة قنوات التجسس الاسرائيلية ليمرروا عبرها كل ما يريدون أن يصل الى اسرائيل لتضليلها وللتمويه على نواياهم الحربية ضدها.

* كما يؤكد العديد من القادة المصريين والاسرائيليين، ونشرنا ما قالوه في بداية هذه الحلقات، فقد نجحت مصر في زرع جاسوس مزدوج هو الذي سميناه «شخصية مقربة جدا من الرئيسين المصريين، جمال عبد الناصر، وأنور السادات»، والذي كان قناة أساسية لنقل المعلومات التي تريد مصر نقلها الى اسرائيل. وما زال الاسرائيليون محتارين في أمره. ورغم مرور 34 سنة على الحرب و32 سنة على الانتهاء من خدماته، هناك من يقول انه كان جاسوسا لاسرائيل وعمل من خلال رغبته في الحصول على مال (بلغ مجموع ما تقاضوه 3 ملايين دولار خلال ست سنوات) ومن خلال عدائه للنظام المصري بسبب سياسة التأميم التي أفقدت عائلته أملاكها، وهناك من يحمل رأيا آخر، مثل رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، ايلي زعيرا، الذي يعتقد بأنه كان جاسوسا مزدوجا استخدمته المخابرات المصرية لتوصيل معلومات لاسرائيل معظمها معلومات صحيحة تؤدي الى زرع الثقة به وقسم منها معلومات مبرمجة أرادت مصر أن تصل الى اسرائيل بهدف تضليلها وطمأنتها. وقد حسمت لجنة التحقيق الأمر بقولها ان هذا المصدر كان جاسوسا لاسرائيل فقط وليس مزدوجا. وقبل عدة سنوات، في أعقاب ظهور هذا الجاسوس في احتفال بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر، الى جانب الرئيس المصري الحالي، حسني مبارك، أقيمت لجنة تحقيق استخبارية في اسرائيل لتعيد التحقيق في شخصية هذا الرجل وهل كان جاسوسا مخلصا لاسرائيل أم انه كان مزدوجا، وتوصلت اللجنة الى القناعة بأنه كان مخلصا لاسرائيل، وإذا كان قد نقل أخبارا مضللة فإنه فعل ذلك من دون قصد وان من المحتمل أن يكون قد انكشف في مصر فراحوا يستغلونه ويوصلون اليه المعلومات المنقوصة والموجهة بهدف التضليل. وفي كل الأحوال، وبغض النظر عن طبيعة هذا المصدر، فقد نجح المصريون والسوريون، من خلاله وغيره، في تحقيق هدفهم لتضليل اسرائيل حتى تطمئن بأن الاستعدادات لحرب التحرير ما هي إلا تدريبات ناجمة عن خوفهم منها. فقد أدرك المصريون والسوريون، كم هم القادة الاسرائيليون مغرورون ومتغطرسون ومستهترون بالقدرات العربية على القتال واسترجاع أراضيهم المحتلة. فجعلوا من هذا الشعور بالقوة بمثابة عنصر ضعف لدى الاسرائيليين. واستغلوه الى أقصى الحدود. فإذا كان الجنرالات الاسرائيليون مطمئنين تماما الى ان الجيش الاسرائيلي متفوق على العرب في كل شيء، فقد عزز القادة العرب آنذاك هذا الشعور لديهم وراحوا يبثون الأخبار التي تتحدث عن قرب عدوان اسرائيلي عليهم ويجرون على الأرض تدريبات عسكرية واسعة ويتظاهرون بأنها تدريبات دفاعية لصد هجوم اسرائيلي وليست تدريبات هجومية لتحرير الأرض. ونجحت الخطة العربية، كما نقرأ في هذه الحلقة والحلقات القادمة من هذه الوثائق، فإذا كان العرب هم الذين يتكلمون بعربدة ضد اسرائيل قبل حرب عام 1967 واسرائيل تقوم بدور الضحية وتناشد العالم أن ينقذها من العرب الذين يريدون إلقاءها في البحر، فإن اسرائيل هي التي عربدت بعد حرب 1967 وراحت تستخف بالعرب وتخطط لإلحاق هزيمة كبيرة أخرى بهم تجعلهم «يرجون وقف النار ويوافقون على السلام»، فيما العرب يقولون ان اسرائيل تهددهم وهم خائفون.

والجديد هو ان اسرائيليين كثيرين اعترفوا للعرب بالعديد من النجاحات والانجازات في هذه الحرب، بما في ذلك في القتال، ولكن لجنة أغرنات تمتدح بشكل خاص الاداء في موضوع التضليل، كما سيلاحظ لاحقا.

واليكم حلقة أخرى من تقرير لجنة أغرنات:

* التقرير

* 64. لقد واصلت شعبة الاستخبارات العسكرية تحقيقها (حول صحة الخبر القادم من «مصدر أجنبي جيد» حول قرار الحرب المصري السوري المشترك)، وفي 4 أكتوبر (تشرين الأول)، تلقت خبرا آخر كان ملائما لتوجهها منذ بداية القضية. فحسب هذا الخبر، تم الاستنتاج بأن الهجوم على اسرائيل متوقع ليوم 1 أكتوبر (مشطوب من الرقابة)، ففي حالة ما سيوقفون التدريبات (المصرية) بإعطاء كلمة السر وينتقلون الى حالة العمليات التنفيذية. وتم التفسير بالقول ان التغييرات في تشكيلات القوات في الجبهة الجنوبية أدت هي ايضا الى الاستنتاج بأن هناك هجوما متوقعا على اسرائيل. وبهذا تم انهاء معالجة شعبة الاستخبارات العسكرية لهذه الأخبار.

وفي الواقع ان تدريبات حملت نفس «كلمة الرمز»، قد جرت في نهاية أغسطس (آب) 1973 (انظر الملحق السابع من الرسالة من يوم 24.12.1973 في وثيقة البينات رقم 140 أ)، ومن هذه الناحية فإن لخبطة ما بين أحداث الماضي وأحداث الحاضر قد وقعت في الخبر الأول على ما يبدو. لكن الخبر عزز الرأي القائل إن التدريبات ستتحول الى عملية حقيقية، وهناك العلامات والدلائل الأخرى (تغيير في تشكيلات العدو في الجبهة وغيرها..)، وكان على شعبة الاستخبارات العسكرية ان تعطي رأيها في هذا الجانب المهم من القضية. كما يبدو، فإن شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي رأت تأكيدا لآرائها التشكيكية (في قدرة المصريين على الخروج الى الحرب)، مما جاء في الخبرين الأولين، حيث انهما أكدا موعد الحرب في الأول من أكتوبر، بينما هذا التاريخ مر من دون أن يبادر المصريون الى الهجوم.

لكن لا بد من التدقيق في هذا الموضوع: فقد قيل في الخبر انه «في الفاتح من أكتوبر، تبدأ عملية هجوم على اسرائيل»، وفي الخبر الثاني جاء ان «العملية ستبدأ فعلا بتدريب»، في حين ان شعبة الاستخبارات العسكرية تعرف بأن «التدريب» سيستغرق من 1 وحتى 7 أكتوبر (أنظر وثيقة البينات رقم 111، ونشرة الاستخبارات العسكرية رقم 257/73 من يوم 30 سبتمبر(أيلول)، البند (1). كذلك عرفت شعبة الاستخبارات العسكرية ان الاستعدادات لهجوم مصري حقيقي يجب أن تستمر 5 أيام في الأقل (أنظر وثيقة البينات رقم 115 من يوم 16 أبريل (نيسان) 1973: «معطيات لتقدير الوضع لدى قيادة هيئة الأركان العامة ـ مصر وسورية» ـ وثيقة أعدت في دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية، البند 5 (د)، صفحة 6).

إذن فالخبران الأولان أشارا الى يومي 5 أو 6 أكتوبر كيومين مصيريين احتاجا الى استعدادات خاصة من طرفنا، ويحظر المرور عنهما مر الكرام، لمجرد ان يوم الأول من أكتوبر مر بسلام. فقد كان في الخبرين ما يكفي لأن يفند فرضية شعبة الاستخبارات العسكرية بأن «التدريبات» هي فعلا تدريبات فقط. والمعروف ان دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية، رمت جانبا هذين الخبرين بدافع الافتراض الخاطئ، والذي تعود جذوره الى نظريته حول «الفرضية»، بأن مصر لا تنوي الهجوم لأنها لا تستطيع ذلك.

وكانت هناك فضيحة ثانية في هذه القضية المؤسفة، تتعلق برئيس الفرع الخامس (المتخصص في الموضوع السوري في شعبة الاستخبارات العسكرية) سنعالجها فيما بعد (البند 110).

65. لقد كانت بأيدي شعبة الاستخبارات العسكرية أخبار من مصدر آخر تلزم بوضع عدة علامات استفهام أمام الطرح بأن الحديث جار فقط عن تدريبات. أحد هذه الأخبار قال: القيادة العامة (المصرية) اتخذت اجراءات عاجلة، بينها ارسال وحدة مدرعة من قاعدتها في القاهرة الى الجبهة، تسيير قافلة طويلة تضم أجهزة لعبور الحواجز المائية قبل أربعة أيام (؟) باتجاه الاسماعيلية، الغاء كل الدورات العسكرية، انضمام كل الناس (يقصدون أناس الجيش، أي الضباط والجنود) الموجودين في عطلة الى وحداتهم العسكرية، تأجيل الامتحانات المقررة للمرشحين للترقية بدرجة، استدعاء وحدتين من (قوات) الاحتياط ورفع درجة التأهب والردع (وثيقة البينات رقم 145، الوثيقة الأولى).

المؤكد هنا هو ان الحديث في تلك الأخبار كان يجري عن استعدادات لعمليات (حربية) حقيقية. فقد كان من الواجب أن يساورهم الشك في أن المسألة ليست مجرد تدريبات (خصوصا بعد نقل أجهزة العبور، وهي التي لم تشاهد في أوج مراحل التوتر في نهاية سنة 1972 ـ شهادة زعيرا في صفحة 676).... (رقابة). مثل هذا الخوف لم يخطر ببال دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية، فقاموا بقذف الخبر عن جدول الاهتمام ولم يضموها الى النشرة ولم يبلغوا بها رئيس أركان الجيش (شهادة رئيس الأركان في صفحة 3877). العميد شيلو أرسل لنا كتاب تفسير طويلا في هذا الموضوع، أعده المقدم بندمن، وهو الذي اشغل في حينه منصب رئيس الفرع السادس (المسؤول عن الموضوع المصري في الدائرة) (وثيقة البينات رقم 120 أ، الملف الرابع). ويحلل المقدم بندمن تفاصيل الخبر ويلخص أقواله (في نهاية الصفحة الثانية):

«.. لم يكن فيه أي عنصر لم نعرفه من قبل، فقد حصلنا (على المعلومات) من مادة (أخرى) وصلت الينا حتى تلقي الخبر. اضافة الى ذلك، فإن الصورة التي ارتسمت لدينا من المادة (الأخرى)، هي انه مجرد تدريب. ومن هذا المنظار رأينا أيضا التفسير «الصحيح» لبقية المركبات الموجودة في الخبر».

ان هذا التفسير يخطئ الهدف الأساس: ففي أعقاب هذا الخبر، كانت هناك حاجة لأن يعيد فحص الأمر بكل جوانبه، وإن كان ذلك مجرد تدريب أم انه غطاء للتمويه على النوايا الهجومية.

66. لقد تجمعت هناك أخبار (أخرى) (تم تركيزها في وثيقة البينات 145 وكذلك 146 و147)، كان من المفروض ان تثير شكوكا خطيرة ازاء نوايا العدو، مثل المكالمة بين ضباط الاتصال (المصريين) في يوم 3 أكتوبر حول «العبور» الذي سيتم. وهكذا جرت المحادثات (وثيقة البينات رقم 145 الوثيقة 5): (هنا تشطب الرقابة كل الفقرة التي تتضمن تلك المكالمة).

لقد ألغت شعبة الاستخبارات العسكرية الأخبار من هذا النوع باعتبار انها مجرد ثرثرات تافهة سمع مثلها أيضا في الماضي، من دون أن تسفر عن شيء. الفصل الثالث الخداع المصري ـ تمويه، تضليل وتغطية 67. شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي رأت في كل الأخبار البالغة الوضوح، التي فصلناها آنفا، والتي كان يجب النظر اليها من خلال التحركات المشبوهة للجيش المصري باتجاه القناة، من خلال تعزيزاته الحربية، رأتها منسجمة مع فرضيتها القائلة إن ما نشهده هو تدريب كبير يحمل الكلمة السرية «تحرير 41». وكلما بدت تلك الظواهر أكثر خطورة، كانوا في شعبة الاستخبارات العسكرية يفسرون بأن التدريبات أكثر شمولية وأكثر تأكيدا على انها مجرد تدريبات، وذلك على الرغم من انها ـ حسب نوايا منفذيها ـ أقرب شبها الى استعدادات الخروج الى هجوم حقيقي. وقد تعززت هذه القناعة لدى شعبة الاستخبارات العسكرية، ازاء وسائل التمويه والتضليل وأساليب التغطية التي اتبعها القادة المصريون حتى مع قواتهم، وبنجاح كبير. فقد انجرفت شعبة الاستخبارات العسكرية وراء هذه الوسائل ووقعت في الفخ الذي نصبه لها العدو. ومن بين هذه الوسائل نذكر ما يلي:



* التمويه والتضليل

* 68. (أ) نقل تفاصيل عديدة عن «التدريبات» (المصرية الى اسرائيل) وايضا عن تدريب «تحرير 41» المزمع تنفيذه، بواسطة الاتصالات اللاسلكية المصرية.

(ب) اعطاء تعليمات ونشر خبر حول ذلك في الصفحة الأولى من صحيفة «الاهرام»، من يوم 4.10.1973، يقول ان وزير الدفاع (المصري) قرر السماح لمن يرغب من الضباط والجنود بأن يسافر الى الحج في مكة (يقصدون اداء العمرة، حيث أنه في تلك الفترة لم يكن موسم الحج، بل كان شهر رمضان المبارك)، و(الاعلان) ان يوم 11 أكتوبر سيكون آخر يوم تقبل فيه طلبات المعنيين (أنظر ملف وثيقة البينات رقم 82). لقد قدرت شعبة الاستخبارات العسكرية بأن هذا الخبر يدل على استمرار «الحياة الروتينية الرتيبة» في الجيش المصري (نشرة الاستخبارات من يوم 2 أكتوبر، ملف وثيقة البينات رقم 82).

(ج) نشر أخبار علنية بواسطة وسائل الاعلام المصرية والسورية حول مخاوفهم من هجوم اسرائيلي في الأيام القريبة (المصدر نفسه، في ملف وثيقة البينات رقم 82).

(د) في نهاية شهر سبتمبر 1973 تم تسريب تلميحات الينا من السوريين، بواسطة ضابط في الأمم المتحدة، بأنه حان الوقت للعودة الى إجراء لقاءات (لضباط سوريين) مع اسرائيليين، كتلك التي أقيمت قبل سنوات عديدة في روش بينا (بلدة اسرائيلية قريبة من الحدود الدولية بين سورية واسرائيل، وهذه البلدة تقوم مكان بلدة فلسطينية تدعى الجاعونة، وقد هدمت وشرد سكانها عام 1948) وفي جسر بنات يعقوب (في منطقة الجولان السورية المحتلة) (المصدر نفسه، في ملف وثيقة البينات رقم 82).

(هـ) ابلاغ لرجال جيش الاحتياط (المصريين) الذين تم استدعاؤهم للخدمة ما بين 28 و30 سبتمبر «لغاية التدرب على عملية الامتثال والتدريب والتنشط»، سيتم تسريحهم في العاشر من أكتوبر. وقد جاء تقدير شعبة الاستخبارات العسكري في الجيش الاسرائيلي حول ذلك بأنه تدريب (عادي) مندمج مع تدريب للقيادات (نشرة الاستخبارات رقم 257/73، من يوم 30 أكتوبر ـ في وثيقة البينات رقم 111).

(و) (اصدار) أوامر لوقف كل الدورات للضباط «لكي يجنوا ثمار التدريبات التكتيكية»، مع التأكيد في الوقت نفسه على ان الدراسة في الكلية العسكرية والقيادة وكذلك كل دورات التدريب ستستأنف ابتداء من الساعة 8:30 من صباح التاسع من شهر أكتوبر (بعد انتهاء التدريبات) (المصدر نفسه، في ملف وثيقة البينات رقم 82). (ز) الاسم الذي اعطي لهذا التدريب الصوري كان «تحرير 41». في حرب يوم الغفران وقعت في أيدينا عدة وثائق كغنائم (وثيقة البينات رقم 299) التي تحتوي بين ما تحتوي عليه «تعليمات تنظيمية للتدريب التابع للمركزين التابعين للقيادة الاستراتيجية التنفيذية من ذوي درجتين في وسائل الاتصال ـ تحرير 41». في البند التاسع من (تلك التعليمات) جاء انه يجب استخدام الهواتف السلكية وأجهزة الارسال بالصورة وضباط اتصال متحركين بوسائل النقل، ويحظر استخدام الاتصالات اللاسلكية إلا بإذن خاص من قائد التدريبات. ربما تكون القيادة المصرية قد نجحت بهذه الوسائل في اخفاء الحقيقة عنا حول الأوامر الحقيقية.

(ح) كان بايدينا خبر...... (رقابة) يقول انه في حالة الحرب سوف يخبو اللهب من فوهة الغاز في حقل النفط «مرجان»، على الطرف الغربي من القناة، لأن عمل الحقل سيتوقف. لكن هذا اللهب لم يخب لا عشية الحرب ولا حتى خلال الحرب (شهادة الجنرال زعيرا، صفحة 666 فصاعدا). ربما يكون المصريون قد امتنعوا عن اطفاء اللهيب لكي يخدعونا.

(طـ) حتى ما قبل اللحظة الأخيرة من بدء الهجوم، شوهد جنود مصريون يتسكعون قرب القناة وهم بلا أحزمة ولا خوذ، يتصرفون بشكل عادي بل يصطادون السمك في القناة (مع ذلك تجدر الاشارة الى انه في يوم 4 أكتوبر شوهد جنود مصريون على القناة أيضا وهم محزمون ويتزنرون بأحزمة الانقاذ، وآخرون يضعون كمامات الغاز على وجوههم) ـ تقرير العمليات ووثيقة البينات رقم 80).



* الإخفاء

* 69. قال الجنرال زعيرا في شهادته أمامنا (صفحة 5740 فصاعدا)، ان عملية الخداع المصرية نجحت بشكل كبير لدرجة انه باستثناء بعض كبار القادة المصريين من أعلى الدرجات، فقد تمكنوا من اخفاء حقيقة النوايا الحربية الهجومية الحقيقية حتى عن القوات المصرية نفسها، الى ما قبل ساعات قليلة من بدء الحرب. وسنفحص الآن كم يوجد من الصدق في ادعاءات شعبة الاستخبارات العسكرية بأنه لم يكن بمقدوره اختراق ستار الخداع الذي فرشه المصريون.

وثيقة البينات رقم 218 (يوجد أيضا في وثيقتي البينات رقم 299 و300) وكذلك وثائق أخرى، تضمنت أوامر تتعلق بعملية هجوم حربي مصري ينفذها الجيش الثالث في سيناء، تحت اسم «غرانيت 2 مصحح». وهناك سلسلة أوامر تستند الى أوامر عمليات كانت قد صدرت حتى النصف الأول من شهر سبتمبر 1973. في أمر العمليات رقم 73/40 الذي أصدرته قيادة الجيش الثالث، في يوم 27.9.1973، جاء : «تقرر السماح بتنظيم المعركة في الدرجات التالية وحسب المواعيد المسجلة في كل منها:

1. حتى درجة كتيبة مشاة أو ما يعادلها ـ حتى 30 سبتمبر 1973.

2. حتى درجة سرية او أقل ـ حتى 1-2 أكتوبر 1973.

3. يجب الحفاظ بشدة على السرية المطلقة في التخطيط والتنفيذ.

4. ..(الوثيقة نفسها موجودة في وثيقة البينات رقم 299، ص 14) في ضوء هذا الأمر التنفيذي، اصدر قائد قسم العمليات في قيادة الوحدة 19 (للجيش المصري)، أمرا حربيا رقم 73/28، فجاء فيه:

«تقرر السماح بالاعداد للمعركة بالمستويات المسجلة وبالتواريخ المرافقة (وهنا تنشر المواعيد المذكورة أعلاه في الأمر رقم 73/40 – التأكيد (بوضع الخط تحت الكلمات، هو( من طرفنا)».

أمر العمليات رقم 73/41 (وثيقة البينات رقم 299) ـ وهو بمثابة وثيقة ترمي الى تنظيم السيطرة على القوات خلال ادارة المعركة الهجومية (الذراع التنفيذية، الجيش الثالث، قيادة الوحدة 19)، يحدد بأن الاستعدادات الهجومية للقوات يجب أن ينتهي حتى الساعة 06:00 من يوم 5 أكتوبر 1973. بعد ذلك، يفصل الأمر أوامر اطلاق العمليات، حسب طريقة «ساعة الناقص (أي الحد الأدنى) وساعة الزائد (الحد الأعلى)، ولكنها لا تحدد ساعة الصفر».

أوامر رئيس طاقم قيادة الجيش الثالث الميداني 73/43، من يوم 3 أكتوبر 1973 (وثيقة البينات رقم 218)، تحدد الساعة 5:00 ـ 6:00 موعدا يجب أن يسجل الى جانب العمليات التي يراد تنفيذها في كل فرع – لأنه «موعد إتمام الاستعدادات للقوات المسلحة في عملية «غرانيت 2 مصحح». وهبط هذا الأمر الى درجات مهزوزة (يقصدون الى مستوى الوحدات المحلية التي يكون اختراقها أسهل من الدرجات العليا)، حسبما دلت الوثائق المصادرة (من الجيش المصري خلال الحرب)، وبضمن ذلك لواء المدرعات 25. والأوامر التنفيذية «غرانيت 2 مصحح» هي خطة الهجوم مع الاشارة الى ان الموعد النهائي لساعة الصفر يتقرر بعد إتمام الاستعدادات الحقيقة (وليس فقط الاستعدادات في «التدريب») ويكون (حاليا( 5:00 ـ 6:00.

70. أعرب الجنرال زاعيرا في شهادته عن الاعتقاد بأنه من خلال استجواب الأسرى (المصريين)، فهم ان الأمر الحربي 73/40 لم يعط إلا لكي يتم تدريب القوات المصرية بصورة مشابهة بأكبر قدر ممكن للعملية الحربية الحقيقية (صفحة 5741). وفي هذا الاطار قدم لنا، فيما قدم، إفادة أسير (عقيد كان رئيس قسم العمليات في الجيش الثالث). قال هذا الأسير (وثيقة البينات رقم 301، صفحة 4)، إنه لم يكن يعرف بأن الحرب شتنشب الى حين تلقي الأمر من قائد الجيش الثالث، في ساعة مبكرة من صباح السادس من أكتوبر. كل الوقت قالوا لهم ذاهبون الى الحرب، ولكن وبما انه لم لم يحدث أي شيء في المرات السابقة فإنه لم يقتنع بإنها ستنفذ هذه المرة. إذن، حسب التعليمات النظامية لـ«تحرير 41» (وثيقة البينات رقم 299)، اتضح ان القيادة المصرية تمكنت من التمويه على نواياها في (الخطة الحربية) «غرانيت 2 مصحح» مظهرة اياها وكأنها تدريبات عادية. ومن الواضح انها، وفقا للتعليمات التي ذكرنا بعضا منها، فقد كانت تمويهات بسيطة ومن المشكوك فيه أن تكون نجحت في تمويه كل درجات القيادة المصرية. من المحتمل أن يكون قسم من الضباط المصريين قد اعتقدوا بأنه في ضوء تجارب الماضي، لن تنشب الحرب أيضا هذه المرة. لكن ضباطا آخرين، بالمقابل، تعاملوا مع الاستعدادات بكل جدية. وتدل على ذلك وصية كان قد كتبها ضابط مصري في الأول من اكتوبر 1973 (وثيقة البينات رقم 218)، بعدما تلقى الأمر حول العملية، كما يبدو في اليوم نفسه.

لقد كانت أوامر العملية، التي ذكرناها، أوامر ملائمة لحالة الخروج الى عملية حقيقية، باستثناء مسألة تحديد ساعة الصفر الحقيقية. الاستعدادات كانت استعدادات حقيقية وأوامر العملية كانت أوامر لعملية حقيقية. فقط أمر واحد كان ناقصا لتتحول الاستعدادات الحقيقية الى هجوم حقيقي: الأمر الذي تذكر فيه ساعة الصفر، وذلك بعد أن ذكروا الساعة 5:00 ـ 6:00.

http://group73historians.com/ref/133-الوثائق-الإسرائيلية-الحلقة-العشرون.html
 
عودة
أعلى