الوثائق الإسرائيلية - الحلقة الثامنة عشرة

حكم مصارعه

عضو مميز
إنضم
27 نوفمبر 2014
المشاركات
4,272
التفاعل
5,255 0 0
الوثائق الإسرائيلية (الحلقة الثامنة عشرة) ـ معلومات وصلت إلى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية من مصدر مهم عن الحشود السورية

طائرات التجسس الإسرائيلية كانت تحصي في كل يوم عدد الضباط الذين يزورون الجبهة



news.424950.jpg

تل أبيب: نظير مجلي
تكشف حلقة اليوم من تقرير لجنة أغرنات للتحقيق في اخفاقات حرب أكتوبر 1973، جانبا آخر من أساليب الجيش الاسرائيلي، يشير الى مدى أهمية وخطورة أجهزة المخابرات، وخصوصا جهاز الاستخبارات العسكرية، وما يبذله من جهود خارقة وما يصرفه من أموال طائلة، على رصد تحركات الجيوش العربية. وقد بلغت هذه الجهود حد رصد وتعداد عدد الزيارات التي يقوم بها ضباط الجيش الى الوحدات المحتشدة على الجبهة.

ولكن، هذه الجهود، وبقدر ما تكشفه عن ضخامة حجم المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بمختلف أذرعها، كان أيضا مثار غضب لجنة التحقيق. حيث انه لم يحقق الهدف الرئيسي الذي صرفت من أجله تلك الأموال وبذلت لأجله تلك الجهود. فالعنجهية العسكرية تغلبت على كل الإنجازات الاستخبارية. وتواصل اللجنة في هذه الحلقة أيضا مقارعة جهاز الاستخبارات العسكرية وقادته الكبار والصغار، على أنهم رأوا بعيونهم المتعددة الاتجاهات، كل التحضيرات الحربية المصرية ـ السورية ولكنهم أصروا على ان هذه ما هي إلا تعبير عن الخوف من الجيش الاسرائيلي ومحاولة للدفاع عن النفس أمام هجوم عسكري إسرائيلي يتوقعونه.

يشير التقرير الى ان من بين أسباب فشل الاستخبارات الإسرائيلية في قراءة النوايا العربية لشن الحرب لاستعادة أراضيهم المحتلة، هو تكرار لفشل شبيه سقطت فيه المخابرات الأميركية إبان الحرب العالمية الثانية، عندما استخفت باليابان وقررت انها لن تجرؤ على مهاجمة قواتها.

وفي ما يلي ما ورد في التقرير: «(هـ) ينبغي أيضا انتقاد المنطلق الذي كان بمثابة البناء الذي قامت عليه نظرية الفرضية والتي بموجبها ينبغي التفريق بين القدرات العسكرية (capability) وبين نية اعلان الحرب (intention).

ولأقل بكلمات الأخرى [كاتب تقرير اللجنة يستخدم هنا خطابا فرديا] ان الأمر الأول [أي القدرات العسكرية] لا يدل بالضرورة على الأمر الثاني [النية لاعلان الحرب]، وليس من المفروض أن يكون حاسما في التقديرات الاستخبارية ولا أن يكون المعتمد الأساسي في عمل رجال الاستخبارات. وكما تمت الاشارة آنفا (البند 46)، اعتمدت شعبة الاستخبارات العسكرية على هذه الفرضية قبيل الحرب، فقررت بأنه توجد قدرة تقنية لدى القوات البرية المصرية بأن تعبر القناة ولكن الرغبة في تنفيذ [هذا العبور] لم تتبلور لديهم بعد، وذلك بدافع من شعورهم بأنهم ما زالوا يعانون من انعدام امكانية السيطرة في الجو. ومن رأينا انه حتى لو كان صحيحا من الناحية النظرية، أن يتم التفريق ما بين "القدرات" و"النوايا"، فإنه لم يكن مكان لتطبيق هذا على الوضع الذي سبق حرب يوم الغفران ولم يكن ممكنا أن يساعد الفرضية. ونوضح أقوالنا:

إننا نوافق على انه ليس من الصحيح، في كل حالة، بأن نخرج باستنتاجات بشأن نوايا الدولة الخصم للذهاب أو عدم الذهاب الى الحرب، وفقا لقدراتها أو وفقا للقيود التي تكبلها. من هنا، فمن واجب رجال الاستخبارات أن يتبعوا الحذر قبل أن يقدموا على «المزج» ما بين «القدرات» و«النوايا». الباحث إتش. إتش. رانسوم (H.H.Ransome) في كتابه عن المخابرات الأميركية «Central Intelligence and National Securety» (صفحة 57)، يقدم مثلا على هذا الموضوع حول الفترة التي سبقت الهجوم الياباني على بيرل هاربر في ديسمبر [كانون الأول] 1941 فيقول ان الأميركيين لم يؤمنوا بأن اليابان تستطيع أن تهاجم القاعدة العسكرية الموجودة هناك، وهذا لم يكن صحيحا. لهذا، لم يؤمنوا بأنه كان في نية اليابان في ذلك الوقت أن تنفذ الهجوم. ومع ذلك، فمن المحتمل أن تتطور أحداث خاصة يكون فيها تبرير عادل لإعطاء تقديرات [استخبارية] تربط رباطا وثيقا ما بين الأمرين [القدرات والنوايا]، من المفهوم القائل بما يلي: [في تلك الأحداث الخاصة]، بالامكان أن تكون القدرات العسكرية للدولة الخصم سوية مع وصول معلومات تحذيرية أخرى ووسط ظروف خاصة، يمكن أن تشكل دليلا على ان لديها ما يكفي من النوايا للقيام بهجوم. لن يكون زائدا أن نعرض هنا نظرية المخابرات الفرنسية في هذه القضية، كما وردت في شهادة الجنرال في الاحتياط، [أهرون] يريف (الذي سبق الجنرال زعيرا في منصبه كرئيس لشعبة الاستخبارات العسكرية)، والتي وضعت التركيز على جانب «القدرات» بالذات، لكي تتوصل الى الاستنتاجات بخصوص النوايا. وهذه أقواله في الصفحة 3262 من بروتوكول اللجنة:

"سؤال: ربما تسمعنا ما يقوله الفرنسيون؟

أ. يريف: قالوا في حينه: يجب اجراء تشريح جيد للقدرات، الممكن (possibilite) وليس النوايا (intention). الممكن هو الذي تستطيع عمله من خلال القدرات. من خلال الممكن، أعط تقديرك حول الأمر المرجح حدوثه. لا تقل بأن هذا هو ما ينوي العدو عمله..

سؤال: ماذا تعطي من خلال الممكن؟

أ. يريف: ما هو الأكثر احتمالا والأقل احتمالا.. ».

في ضوء كل هذه الأمور، يجب أن نؤكد انه إذا أخذنا بالاعتبار بأن حاكم مصر قرر ان اللجوء الى الخيار العسكري هو السبيل الوحيد بالنسبة له كي يخرج من «الطريق السياسي المسدود»، وانه من أجل ذلك يكتفي في المرحلة الأولى، بوضع هدف عسكري هو الوصول الى المعابر في سيناء ثم يتوقف، فإن من المنطق أن ترى الحقيقة ان القوات البرية المصرية كانت مؤهلة (حسب تقدير شعبة الاستخبارات العسكرية) لعبور القناة. فهذه شهادة مهمة، دلت على ان لدى العدو نوايا مقدرّة لشن الحرب. وقد قلنا «نوايا مقدرة» وليس «مؤكدة» لأنه – وكما قال دي فيرد، من المستحيل أن تعرف بشكل مؤكد ما هي نوايا العدو الحقيقية (intelligence on enemy intention is never clear).

خلاصة الأمر، ان شعبة الاستخبارات العسكرية وباعتمادها – غير الصحيح في ظروف هذا الحدث ـ على التفريق المذكور ما بين القدرات والنوايا، قد تجاهلت عن سبق تعمد وإصرار ذلك الرابط القائم ما بين العنصرين في هذه الحالة وتجاهلت المعطى القائل إن مصر تملك القدرات التقنية على عبور القناة، مما ساهم بالضرورة في اعطاء التقدير الخاطئ بأن هناك احتمالا ضعيفا لأن تذهب سورية ومصر الى حرب شاملة.

د. في الختام، يجب ان نذكر، في غير صالح الفرضية، حقيقة الدمج من الناحية الزمنية ما بين استعدادات الجيش المصري في جبهة القناة وبين استعدادات الجيش السوري في جبهة هضبة الجولان. فهي تمت على نطاق واسع لم يسبق له مثيل وبطريقة تمكن من الانتقال الفوري من حالة الدفاع الى حالة الهجوم، وفقا للمذهب الروسي [في القتال]. أريد القول إن مجرد الدمج المتزامن لانتشار الجيش المصري في الجنوب والجيش السوري في الشمال، عشية الحرب، كان يجب أن يضعف ذلك التمسك بالفرضية (حول قوة سلاح الجو المصري) والإتيان بتقديرات استخبارية جديدة، تفيد بان الحرب قد تنشب آنذاك على الجبهتين. في هذا المكان، أعطت الاستخبارات العسكرية رأيها في الأبعاد التقنية لذلك الاستعداد العسكري ووجدت لها تفسيرات أخرى ([ما يجري هو ليس سوى] تدريبات في مصر، مخاوف سورية ومصرية من عملية هجوم إسرائيلي)، تفسيرات ننتقدها نحن في فصل آخر من تفسيراتنا [تقريرنا].

وليس هذا فحسب، بل في الجزء الثاني من الفرضية (سورية لن تذهب الى الحرب من دون مصر)، يجب القول إن تركيز التشكيلات [الحربية] المصرية حقق الشرط المطلوب – ليس بشكل كاف – لنشوب الحرب على الجبهتين، الأمر الذي كان من الواجب أن يلزم شعبة الاستخبارات العسكرية بأن تعيد حساباتها، فلعلها في هذه الظروف الناشئة، قد أخطأت في تقديراتها بالنسبة للجزء الأول من الفرضية. وما نريد تأكيده هنا هو انه بسبب من تأثير الفرضية، لم تتصرف شعبة الاستخبارات العسكرية بالشكل الملائم ازاء التحذيرات الكامنة في هذه الظاهرة [التنسيق المصري ـ السوري].

وفي تلخيصنا لهذا الفصل نشير الى انه في الأيام الأولى من أكتوبر، ساد رأي لدى العدو بأنه على الرغم من الأحابيل وعمليات التضليل التي نفذوها، فإنه من غير المعقول أن لا تكون الاستخبارات الاسرائيلية متنبهة الى نشاطاتهم وتحركاتهم [العسكرية]، كما يتضح من اخبارية موثوقة وصلت الينا عشية الحرب (وثيقة البينات رقم 98، الوثيقة 66).

الى هنا ينتهي تحليل نقاط الضعف وما نجم عنها من مساوئ في الفرضية، وفيه يتضح بأنها [الفرضية] لم تكن صالحة للاستخدام كقاعدة لإعطاء التقديرات حول نوايا العدو، في الأيام التي سبقت حرب يوم الغفران، بل انها قد نقضت بشكل عملي، كما جاء في البند الحادي عشر من التقرير الجزئي.

الفرضية والتأمين الثانوي لشعبة الاستخبارات العسكرية 53. رأينا آنفا (البند 46)، انه من أجل الحصول على تحذير حول الحرب، اعتمد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، بالأساس، على مصادر معينة ذات باع واصل [يقصدون أنه يتمتع بعلاقات وثيقة في مواقع القرار العربي] ومصداقية عالية. وقد أكد أنه رأى في تلك المصادر بمثابة «التأمين» الذي يعطيه للفرضية. وقال انه حتى إذا تزعزعت فإن البرهان لذلك أيضا جاء عن طريقها. ولكنهم، بأوامر من الجنرال زعيرا، لم يتوجهوا الى هذه المصادر بالشكل المناسب في الأيام المصيرية (أنظر التقرير الجزئي، نهاية البند 11، صفحة 8).

ونضيف الى هذا الموضوع بعدا آخر، حيث ان التقارب الزمني ما بين القضايا المطروحة وبين الفرضية، يتيح لنا أن نتطرق اليه هنا. ونقصد بذلك ان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية آمن بثقة مبالغ فيها بأنه لو افترضنا ان الفرضية قد أكل الدهر عليها وشرب [أصبحت باهتة]، فإن المصادر المذكورة ستوفر على الأقل أنباء تتضمن «مؤشرا قاطعا» – كما تفوه ـ بأن العدو ينوي الهجوم (بروتوكول اللجنة، صفحة 686). ربما لم يتوقع الجنرال – كما قال في شهادته – (صفحة 1032)، أن «الخبر سيأتي بإعلان واضح ويقول ان الحرب ستنشب في هذا التاريخ أو تلك الساعة. بل انه قد يكون خبرا نصف التفافي يتعلق بالحرب، ومشاكل العبور وقضية إطلاق الطلقة الأولى وقضايا عديدة أخرى تتعلق بالحرب». وقال: «لا يوجد خبر واحد يمكننا القول عنه انه خبر يتحدث عن الحرب وليس عن تدريبات..» (المصدر نفسه). وأضاف في صفحة 1033: «في ذلك الوقت افترضت .. بأنه إذا كانت هناك نية للدخول الى حرب، فمن المحتم أن ياتي ولو خبر واحد يلمح الى انها حرب وليست تدريبات». وينبغي التأكيد هنا بأننا عندما اشرنا الى الشهادة المذكورة أعلاه كبرهان على الثقة غير المحدودة للجنرال زعيرا بتلك المصادر كما لو انها [بوليصة] تأمين ثانوي [يستخدم] في حالة ضعضعة الفرضية، لم نقصد أن ننتقص بشيء من الأهمية الكبرى لهذه المصادر، حيث انها وفرت لنا معلومات استخبارية ذات قيمة عليا، بما في ذلك معلومات تحذيرية [عن الاستعدادات للحرب]. ولكن من الواضح ـ وهذا هو البعد الآخر للموضوع ـ أنه لم يكن مكان لذلك الشعور بالثقة لدى رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، في انه عن طريق هذه المصادر سيصل «بالضرورة» الخبر الذي يتضمن "مؤشرا قاطعا" أو حتى خبرا "التفافيا" بأن الحرب ستنشب. لا مكان للتفسير هنا بأن الفرضية، التي فندت وجود هذا الخطر [بالحرب] لا تزال متحكمة في الساحة [في الموقف الاسرائيلي].

ان التجارب الاستخبارية تعلم ـ وهذا من طبيعة الأمور ـ بأن العدو سيعمل بكل قوته لكي يخفي أو يحيط بالضبابية نواياه في الإقدام على هجوم مفاجيء، ولكي يمنع تسريب أي نبأ من شأنه أن يكشف عن هذه النوايا. لهذا، فإننا نرى انه كان هناك احتمال فعلا بأن تصل بواسطة تلك المصادر، معلومات موثوقة لا تترك مجالا للشك في ان الحرب ستنشب. ولكن هذا لا يشكل ضمانة لهذا الهدف. ومن الممكن القول بأن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، باعتماده تلك المصادر كورقة تأمين في حالة فشل الفضية، انما كشف عن أجواء بدأت تلوح في الأفق. نحن لا نقول انه ذهب بعيدا بأفكاره الى هذا الحد. لكنه بدلا من الإركان انه في حالة فشل الفرضية فإن معلومات ستصل من تلك المصادر تكشف بشكل واضح وحاسم المؤامرة المصرية في الهجوم أو تلمح اليها بوضوح. لقد كان من واجب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ورئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية أن يجري الحساب بشكل جيد حول جميع الإخباريات التحذيرية التي وصلت، وحول الإشارات التي لوحظت على الأرض ودلت [على الاستعدادات للحرب]، لعل تراكماتها وملحقاتها تلزم بالتقدير أن خطر الحرب داهم. ولكن، بغض النظر عن كل هذا، فإن البارز هو ان الثقة غير المحدودة في التأمين الثانوي المذكور [الاعتماد على المصادر المذكورة]، عززت التمسك المتعنت بالفرضية حتى النهاية تقريبا.

الفصل الثاني

* المعلومات التي كانت في حوزة شعبة الاستخبارات العسكرية حتى يوم الرابع من أكتوبر وعموما

* ملاحظة: سنخصص بحثا مستقلا حول الإخباريات التي وردت في اليومين الأخيرين [قبل الحرب] في البنود من 75 وحتى 89 لاحقا.

(1) تعاظم قوات العدو 54. لقد سبق وذكرنا آنفا (البندين 7 و8 ) حول تعاظم قوة الجيشين المصري والسوري بالأسلحة الدفاعية والهجومية من مختلف الأنواع في سنتي 1972 و1973 وحتى نشوب حرب يوم الغفران. هذه الأسلحة وخطة العمل التي تدرب عليها جيشا مصر وسورية عدة مرات، رفعتا من القدرات القتالية لهذين الجيشين بشكل كبير وعززتا من إرادة الخروج الى الحرب ضد اسرائيل، وهي الإرادة التي كانت قائمة دائما وأبدا. هذه الحقيقة، كان يجب ان تؤثر بمدى متصاعد على تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية باتجاه الفحص الدائم من جديد إذا ما كان صحيحا في فترات التوتر السابقة، ما زال صالحا في خريف 1973، عندما وقف جيشا مصر وسورية في مواجهة اسرائيل مدججين بالأسلحة الجديدة بعد تدريبات متواصلة على عبور الجيش المصري القناة. (2) تعزيز إضافي للقوات السورية والمصرية 55. عنصر تحذير أكثر عينية، كمن في تعزيز القوات السورية والمصرية في الأيام التي سبقت الحرب، بمدى لم يسبق له مثيل، وهي [القوات] في حال تأهب قصوى وموجهة جميعا نحو الجبهة الإسرائيلية. التفاصيل حول هذه التعزيزات ذكرناها آنفا (في البندين 11 ـ 14)، وأشرنا انه منذ 30 سبتمبر [أيلول]، أعلنت الاستخبارات العسكرية أن «التشكيلات الحربية السورية لم يسبق لها مثيل حتى اليوم».

التصوير الجوي من يوم 2 أكتوبر [تشرين الأول] كشف 640 دبابة و16 بطاريات مدفعية (بينها مدافع القيادة العامة للأركان). كذلك فإن كتيبة وصل تابعة لقيادة الأركان قد تركت مواقعها الثابتة، وفي القطاع الأوسط اكتشفت 13 دبابة جسر (شهادة الجنرال [يتسحاق] حوفي، صفحة 1840 فصاعدا، نشرة يوم 3 أكتوبر في وثيقة البينات رقم 111، صفحة 1 ـ 2، رسالة الجنرال شلو من يوم 22.3.1974 في ملف وثيقة البينات رقم 317). وتم دفع طائرات سوخوي الى الأمام نحو مطاري دمير وبلاي، على مقربة من الجبهة مع إسرائيل (نشرة 416/73 من يوم 2 أكتوبر صفحة 5، ووثيقة البينات رقم 146 الوثيقة 10، وشهادة الجنرال بيلد صفحة 1954 و 1962).

في اليوم نفسه وصلت الى شعبة الاستخبارات العسكرية إخبارية من مصدر مهم.......... [الفراغ هنا يدل على شطب آخر من الرقابة الأمنية] تقول إن «الحشودات السورية متواصلة منذ عدة أيام في الجبهة بشكل واسع لم يسبق له مثيل. معظم الوحدات العسكرية السورية نقلت من مكانها العادي الى الجبهة والجيش يقف في حالة تأهب هي القصوى. كذلك ورد أن الضباط [السوريين] لا يستبعدون انفجار مواجهة قريبة مع اسرائيل» (وثيقة البينات رقم 146، الوثيقة 10أ). وأضافت تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية بأن «الجهد السوري متجه نحو الردع بسبب الخوف من عملية اسرائيلية» (المصدر نفسه، صفحة 5).

في 3 أكتوبر نفذت طلعة جوية للتصوير على جبهة القناة ولكنها فشلت لأسباب تقنية. وفي طلعة ثانية ناجحة تمت في 4 أكتوبر، دلت الصور التي تم تحليلها في الليلة نفسها على أن «المصريين وضعوا تشكيلاتهم الحربية في حالة تأهب كامل في محيط القناة، أعلى من أية حالة تأهب في اية مرة سابقة» (نشرة شعبة الاستخبارات العسكرية من يوم 5 أكتوبر الساعة 13:15)، والتفاصيل (المصدر نفسه، صفحة 5):

1. «كمية بطاريات الصواريخ التي اكتشفت تضمنت 194 بطارية (من قاذفات قطرها 120 ملمترا وأكثر)، تشتمل على 1100 مدفع. ويشار الى انه في حالات توتر سابقة (ديسمبر 1971 وديسمبر 1972 ومايو 1973)، بلغت كمية المدافع في أقصى حد حوالي 150 لابطارية و850 مدفعا. الاضافة كانت بالأساس من بطاريات المدفعية الميدانية (52 من مجموع 55 بطارية)..." 2 . «في حين كان هناك عدد محدود من الدبابات على طول القناة، وجدت [في الصور] منصات للدبابات القاذفة وأعدادا من الوحدات المدرعة (في كل وحدة منها 2-3 دبابة) على طول القناة».

3. غالبية ألواح الباطون المعدة كما يبدو من أجل بناء جسور العبور، كانت مخفية. ولكن قسما منها قد ظهر في الصور، حوالي خمسة مراكز، واحد في قطاع ديب خير. وتم العثور على عبارات نقل متحركة جي. إس. بي (حوالي 30 عبارة)، ما يعني الدفع بتجهيزت العبور الى مقدمة الجبهة». في بقية المراكز لم تكتشف التجهيزات.

كل هذه التشكيلات عملات تحت مظلة شبكة صواريخ sa ، بما في ذلك sa ـ 6، التي جرى تقديمها نحو القناة بشكل مكثف (انظر «استعدادات بطاريات صواريخ أرض جو التنفيذية»/ اصدار دائرة التحقيق الاستخباري في سلاح الجو ـ وثيقة البينات رقم 20، وتقرير الاستخبارات في اللواء الجنوبي/ تحليل باتجاه التغيير في سلاح المدفعية والمدرعات ـ الملحق ك ج /11 من تقرير قدمه طاقم بقيادة الجنرال في الاحتياط يوشع نابو في موضوع الاستخبارات).

من هنا، وحسب المعطيات التي قدمت شعبة الاستخبارات العسكرية وصفا تفصيليا لها، فإن التشكيلات الحربية المصرية، التي هي بحد ذاتها يجب أن تثير القلق أكثر بكثير مما اثارته في فترات التوتر السابقة، إن كان ذلك من ناحية كميات الأسلحة أو من ناحية تقديم منصات القذف بالدبابات الى الجبهة لتطل على القناة مباشرة. وكانت شعبة الاستخبارات العسكرية أعلنت في النشرة المذكورة (نهاية صفحة 5) عن تحركات ونشاطات تتم في الجهة الجنوبية من القناة، وهي أيضا لم تشاهد في الماضي.

* التعبير «تشكيلات طوارئ»

* في هذا المكان نريد أن نقدم ملاحظة بأن مجرد استخدام التعبير «تشكيلات طوارئ»، الذي أصبح تعبيرا عسكريا متداولا في تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية، كاد يخلق قلة وضوح في التفكير والى ضبابية في التقدير. فالتشكيلات يمكن أن تكون دفاعية أو هجومية أو ـ حسب المذهب الحربي السوفياتي ـ تشكيلات لكل حالات القتال: دفاعية هجومية، أي تشكيلات دفاعية بإمكانها أن تتحول الى هجومية بشكل فوري أو العكس ـ هجومي دفاعي. بينما التعبير «تشكيلات طوارئ» تدل أكثر على وضع تأهب وتدل بصورة أقل على شكل القتال الذي بنيت التشكيلات على أساسها.

(3) معطيات للمقارنة حول تشكيلات العدو 56. لقد ألقت اللجنة على العقيد في الاحتياط، يهوشع نابو، الذي كانت قد عينته كمسؤول عن جمع المواد حسب المادة 13 من قانون لجان التحقيق لسنة 1968، مهمة اجراء بحث يجري فيه مقارنة ما بين نشاطات العدو وحجم قواته في فترة «أزرق أبيض» (مايو 1973) وبينها في الفترة من 1 الى 5 أكتوبر 1973. وقد أعد العقيد نابو هذا البحث بمشاركة ضابطين من المخابرات تم فرزهما [لهذه الغاية]، هما المقدم دكتور أ. شموئيلي، والمقدم د. أمبر. ووفقا للأوامر التي اصدرها رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، في حينه، الجنرال زعيرا، والعميد شيلو، قدمت شعبة الاستخبارات العسكرية الى هؤلاء الباحثين كامل المساعدة. والعميد شيلو شخصيا كرس وقتا طويلا لتمحيص المعطيات والتقديرات الواردة في التقرير. ولكن هذا لا يعني بأنه يوافق على كل ما جاء في تقرير الضابطين.

نحن نقبل اقتراح العقيد نابو نقل هذا البحث الهام الى جيش الاحتلال الإسرائيلي لكي يشكل عونا في إجراء بحث حول الأحداث (case study)، في دائرة التوجيه في جيش الاحتلال الإسرائيلي. من جهتنا، سنورد هنا بعض إحصائيات المقارنة البارزة، كما وردت في التقرير في ضوء الصور التي التقطت من الجو ومن عمليات الرصد، التي تدل على تغييرات جوهرية في تشكيلات القوات وفي العمليات المصرية على جبهة القناة خلال سنة 1973:

منذ أبريل ـ مايو [نيسان ـ أيار] 1973 وحتى سبتمبر ـ أكتوبر [أيلول ـ تشرين الأول] 1973، تم تعزيز القوات في جبهة القناة بإضافة وحدة مؤللة، لواء دبابات، لواء إنزال، 54 بطارية مدفيعة ميدانية (من 141 بطارية ـ 844 مدفعا الى 195 بطارية و1114 مدفعا)، وأضيفت 57 بطارية مدافع مضادة للطائرات (من 227 بطارية ذات 1168 مدفعا وحتى 284 بطارية ذات 1507 مدافع). وكشفت 51 دبابة على المنصات في أبريل ـ مايو 1973، وأصبحت عشية الحرب 144 دبابة (صفحة 10 ـ 11 من البحث).

رقم قياسي في زيارات كبار الضباط في الجبهة (صفحة 2): في 2 مايو قام بالزيارة 68 ضابطا وفي 18 سبتمبر 94، وفي 2 أكتوبر 172 ضابطا. ويعتبر هذا العدد استثنائيا خلال الفترة التي دامت 14 شهرا قبيل الحرب. وإذا أجرينا مقارنة لمعدل هذه الزيارات الأسبوعي، نجد أنه في الفترة ما بين 1 ـ 5 أكتوبر بلغت 400 زيارة وفي الفترة المماثلة من سبتمبر 1973 بلغت 300 زيارة، وفي فترة «أزرق ـ أبيض» ـ معدل 200 زيارة (*). (*) تفاصيل التقارير حول رصد ما جرى في جبهة القناة، أنظر البند 237 لاحقا وتقريرا إضافيا من عضو اللجنة [لجنة أغرنات] الفريق في جيش الاحتياط، حـ. لسكوف

http://group73historians.com/ref/130-الوثائق-الإسرائيلية-الحلقة-الثامنة-عشرة.html
 
عودة
أعلى