ما زال العديد ، ينتقدون الدفاع الجوي المصري .... قبل حرب العدوان الثلاثس ، ويلقوا باللوم علي الجيش المصري ...
ويتوقعوا منه أن يقوم بدفاع مشابه للدفاع الجوي الذي يتميز بهنهاية القرن الـ 21 رغم أن القوات المسلحة المصرية قد أدت واجبها بشكل لا يمكن إنكار نتائجه ... واللوم الذي يجب أن يوجه ، إنما للرتب العليا في الجيش وقتها
سيفيدنا الموضوع التالي ...علي تفهم تطور الدفاع المصري ... قبل حرب العدوان الثلاثي ... كما سييكتمل الموضوع القادم ، عن الدفاع الجوي المصري حتي عام 1967 ثم تطوره القوي خلال سنوات حرب الأستنزاف علي أن نتفهم القوة التي بدانا بها حرب العبور الخالدة أكتوبر 1973
د. يحي الشاعر
ويتوقعوا منه أن يقوم بدفاع مشابه للدفاع الجوي الذي يتميز بهنهاية القرن الـ 21 رغم أن القوات المسلحة المصرية قد أدت واجبها بشكل لا يمكن إنكار نتائجه ... واللوم الذي يجب أن يوجه ، إنما للرتب العليا في الجيش وقتها
سيفيدنا الموضوع التالي ...علي تفهم تطور الدفاع المصري ... قبل حرب العدوان الثلاثي ... كما سييكتمل الموضوع القادم ، عن الدفاع الجوي المصري حتي عام 1967 ثم تطوره القوي خلال سنوات حرب الأستنزاف علي أن نتفهم القوة التي بدانا بها حرب العبور الخالدة أكتوبر 1973
د. يحي الشاعر
الدفاع الجوي المصري عقب الحرب العالمية الثانية، حتى حرب 1956
الموقف السياسي والعسكري بالمنطقة عقب الحرب العالمية الثانية
لم يكد العالم ينتهي من مأساة الحرب العالمية الثانية، حتى مهدت دول الحلفاء المنتصرة لظروف إقامة دولة يهودية في فلسطين، مكافأة لليهود على ما قدموه، من مساعدات لهم، خلال الحرب. وبذلك انتقلت بؤرة الصراع إلى منطقة الشرق الأوسط، ودخلت الدول العربية في صراع شاق ومرير، بدأ منذ نهاية هذه الحرب، وامتد حتى يومنا هذا.
بدأ التمهيد للوجود الصهيوني، في قلب الأمة العربية، بوعد بلفور الشهير، ثم تجسد هذا التمهيد في شكل حقيقة واقعة، باتخاذ الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرارها الرقم 181، في 29 نوفمبر 1947، القاضي بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وتقسيمها. وأعقب هذا القرار إعلان بريطانيا إنهاء انتدابها، اعتباراً من 14 مايو 1948، الذي استغله اليهود، في إعلان دولة إسرائيل في الأراضي، التي شملها قرار التقسيم.
ورداً على هذا الموقف، قررت الدول العربية حشد جيوشها؛ لتحرير فلسطين من العصابات الصهيونية، ولكن هذا القرار جاء متأخراً، بعد أن استعد اليهود لهذا اليوم، بالإعداد الجيد لقواتهم وتجميعها؛ لمهاجمة أي تدخل عربي، بجانب تمهيد المسرح العالمي لتأييدهم.
ساهمت مصر بجزء من جيشها، ضمن القوات العربية المشكلة لتحرير فلسطين، وتكونت القوات المصرية، في البداية من مجموعة لواء مشاة، ومعه بعض الوحدات المدرعة والمعاونة، علاوة على بعض المتطوعين، وتم تجميعها كلها بمدينة العريش، ومع استمرار الحرب، دعمت هذه القوات؛ لتصل إلى ما يوازي حجم فرقة مشاة.
1. موقف القوات الجوية الإسرائيلية
أ. قبل إنشاء دولة إسرائيل
(1) بدأ الاهتمام بالطيران ليكون وسيلة للدفاع، عن المجتمع اليهودي في فلسطين، بإنشاء ناد للطيران "نادي الطيران الإسرائيلي"، عام 1935، قام بتأسيسه تسعة طياريين، من حركة هاموشير هاتسعير "الحارس الشاب"، بعد أن تدربوا، في كل من فرنسا والاتحاد السوفيتي، وأمكن لهذا النادي تدريب نحو 264 فرداً على الطيران الشراعي، خلال الفترة بين عام 1937 و1943.
(2) خلال الحرب العالمية الثانية، تطوع مئات اليهود، رجالاً ونساء، للعمل فنيين، في سلاح الطيران، البريطاني وتدرب عدد قليل منهم على الطيران.
(3) بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، بدأت المنظمات العسكرية السرية، في الاهتمام بالطيران، فاعتمدت منظمة "الهاجاناه" مبالغ كثيرة؛ لتحويل نادي الطيران الإسرائيلي، وتم إجراء إحصائية، تبين منها، أن هناك حوالي 200 يهودي، في فلسطين، مدربين على قيادة الطائرات، اختير منهم 35 ليكنوا نواة لسلاح الطيران، فتم إرسالهم، في بعثات، إلى تشيكوسلوفاكيا وإيطاليا للتدريب.
ب. فترة إعلان إنشاء إسرائيل، وخلال الجولة الأولى
(1) قبل انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، قامت بريطانيا بتسليم اليهود 20 طائرة من نوع أوستر.
(2) في نهاية شهر مايو 1948، صدر الأمر بإنشاء قوات الدفاع الإسرائيلية، مكونة من ثلاثة أفرع رئيسية، هي القوات البرية، والقوات البحرية، والسلاح الجوي، وتم تعيين أهارون ريميز، أول قائد لهذا السلاح، وإدراكاً لأهمية الطيران في الحروب الحديثة، نتيجة الخبرة المستفادة من الحرب العالمية الثانية، أولت إسرائيل سلاح الطيران اهتماماً خاصاً، لأهميته في تحقيق إستراتيجيتها العسكرية، المبنية على التوسع.
(3) ركزت إسرائيل على تدعيم سلاح طيرانها بالطيارين المتطوعين، من أوروبا وأمريكا وجنوب أفريقيا، من خلال تجنيدهم بواسطة الوكالة اليهودية، حتى بلغ عدد الطيارين حوالي 40 طياراً من ذوي خبرة القتال في الحرب العالمية الثانية، ولزيادة عدد الطيارين، تم تجنيد طيارين جدد من يهود فلسطين؛ لتدريبهم وصقلهم تحت إشراف الطيارين المتطوعين، من الدول الخارجية، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل قامت إسرائيل بشراء كل ما تستطيع شراءه من طائرات لمواجهة إعلان الدول العربية الحرب عليها.
(4) قُدر حجم سلاح الطيران الإسرائيلي، عند نشوب القتال، بثلاثة أسراب من الطائرات الخفيفة، من طراز "سبيت فاير ـ اللانكستر"، بجانب طائرات "الأوستر"، التي حصلت عليها من بريطانيا، بعد أن تم تعديلها للعمل، قاذفة قنابل، وسُميت هذه الأسراب بسرب الجليل، وسرب تل أبيب، وسرب النقب.
(5) بالرغم من اهتمام إسرائيل بسلاح الطيران، لم يكن له أي دور، مؤثر وفعال خلال المراحل الأولى للحرب، نظراً للتفوق العربي. ولكن باستغلال فترات الهدنة، وعلى ضوء القيود المفروضة، على توريد السلاح للأطراف المتحاربة، أمكن لإسرائيل تدعيم سلاحها الجوي بطائرات حديثة، من نوع مسر شميت الألمانية، وb-17 الأمريكية، التي كانت تسمى بالقلعة الطائرة، علاوة على وصول طياريين متطوعين جدد إليها، مما زاد من الدور، الذي لعبه الطيران، خلال المراحل التالية للحرب.
ج. أبرز أعمال قتال الطيران الإسرائيلي خلال هذه الجولة
بالرغم من عدم وجود إستراتيجية جدية واضحة لإسرائيل، خلال هذه الجولة، فإن الطيران الإسرائيلي، لعب دوراً هاماً وفعالاً، خاصة في أعمال المعاونة القريبة للقوات، في مسرح العمليات، التي كان أبرزها الآتي:
(1) توجيه هجمات جديدة إلى منطقة غزة، ومطار العريش، وتحقيق السيطرة الجوية المحلية المحدودة، فوق مسرح العمليات.
(2) التمهيد النيراني بالطيران، ضد القوات المتمركزة في بئر سبع، لمدة أربع ليال متتالية، قبل الهجوم البري والاستيلاء عليها.
(3) توجيه هجمات جوية بقاذفات القنابل، ضد القوات البرية المصرية، في منطقة العوجة، مما أدى إلى سقوطها في أيدي القوات الإسرائيلية.
2. حرب فلسطين 1948
يعتبر عام 1917، بداية مرحلة حاسمة للعمل الصهيوني في فلسطين، وقد نهض بهذا العمل، جيل من الإرهابيين، اعتنق أسلوباً جديداً في سلب الأرض، تحت شعار "السور والبرج"، تعبيراً عن اغتصاب الأرض بالقوة، ثم الانغلاق داخلها والدفاع عنها.
وانتهى الأمر عام 1947، بصدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتقسيم فلسطين، واستغلت إسرائيل الفراغ، الذي أعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، ونفذت هدفها، وهو فرض الدولة اليهودية، بالقوة المسلحة، في فلسطين. وبدأ الصراع العربي الإسرائيلي، بحشد الجيوش العربية لتحرير فلسطين، ودخول الحرب يوم 15 مايو 1948، أي في اليوم التالي لانتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين. وشاركت مصر بقواتها، التي كانت تضم وحدات من المدفعية المضادة للطائرات.
أ. وحدات المدفعية المضادة للطائرات، التي اشتركت في عمليات 1948
(1) بطاريتان وسط 3.7 بوصة متحركة.
(2) بطارية وسط ثلاث بوصات ثابتة.
(3) بطارية أنوار كاشفة.
ب. المهام
(1) الدفاع عن المدن الرئيسية بسيناء،وفلسطين، ومنها العريش، ورفح، وغزة، والمجدل، والفالوجا.
(2) توفير الحماية للقوات البرية، في أثناء العمليات.
(3) تدمير الأهداف الثابتة، والدشم، والمستعمرات، وكذا الأهداف المتحركة، كالدبابات، والعربات، والجنود.
(4) الضرب على الأهداف البحرية.
(5) تقوم الأنوار الكاشفة بإضاءة الأهداف الجوية، ليلاً، وإضاءة أرض المعركة.
ج. الاستطلاع والإنذار في فلسطين
لم تتوافر أي وسائل لاستطلاع العدو الجوي، أو الإنذار عنه، سوى المراقبين الجويين، من أفراد أطقم المدافع، على مستوى التروب المضاد للطائرات، وذلك باستخدام التلسكوبات، ونظارات الميدان المكبرة، إضافة إلى التنصت السمعي.
د. القيادة والسيطرة في فلسطين
كانت القيادة لا مركزية على مستوى التروب، ويجري الاشتباك على مسؤولية قائد التروب، طبقاً لظروف العمليات، حيث كانت الوحدات، إما متحركة مع القوات البرية المهاجمة، أو ثابتة للدفاع عن المدن.
هـ. الدفاع الجوي عن الدولة خلال حرب 1948
لم تضع القيادة المصرية، في اعتبارها، قيام العدو الإسرائيلي بالإغارة، على أهداف في عمق الدولة، وأغفلت امتلاكه لعدد من قاذفات القنابل، من نوع ب - 17 "القلاع الطائرة"، التي تمكنت إحداها، من الوصول إلى القاهرة، وقامت بالإغارة على منطقة عابدين، في وسط العاصمة، فأوقعت بعض الإصابات بالأهالي، وأحدثت الذعر بينهم.
وكان ذلك نتيجة للقصور في وسائل الإنذار، بل انعدامها تقريباً، مما عرض وحدات المدفعية المضادة للطائرات المكلفة بالدفاع عن القاهرة للمفاجأة.
(1) المهام
(أ) كُلف اللواء الأول المضاد للطائرات، بالدفاع عن القاهرة والأهداف الحيوية فيها، خاصة قصر عابدين، وقصر القبة، من مركز القيادة في الزمالك.
(ب) كُلف اللواء الثاني المضاد للطائرات، بالدفاع عن الإسكندرية والأهداف الحيوية فيها، خاصة الميناء، وقصر المنتزه، وقصر رأس التين.
(ج) كًلف اللواء الثالث المضاد للطائرات، بالدفاع عن الإسماعيلية، وكوبري الفردان.
(2) القيادة والسيطرة
تمت السيطرة على أعمال قتال الوحدات، مركزياً، من مركز عمليات اللواء بكل منطقة، حيث تصل الأوامر والبلاغات، إلى التروبات بالمواقع الدفاعية المحتلة، وكذا الإنذار عن العدو الجوي، وتخصيص الأهداف، والاشتباك معها، عن طريق ضابط عظيم العمليات المضادة للطائرات، المنوب بكل مركز قيادة.
وقد قامت وحدات المدفعية المضادة للطائرات، بدور مهم في حرب 1948، حيث تصدت للطائرات الإسرائيلية، بقوة وتأثير، مما أحبط معظم الهجمات الجوية، وتمكنت من إسقاط عدد من الطائرات الإسرائيلية.
كما قامت هذه الوحدات بتقديم معاونة للقوات البرية، حيث بدأ استخدامها، بصفة مدفعية مضادة للدبابات، ومدفعية ميدان لقصف الدشم المحصنة، وقد كان لها دور كبير في سقوط الكثير من المستعمرات الصهيونية في يد القوات المصرية، قبل أن تتحول نتائج المعارك لصالح اليهود.
و. الدروس المستفادة من حرب 1948
(1) اكتسبت وحدات المدفعية المضادة للطائرات كثيراً من الخبرات، في أساليب الاشتباك بالطائرات المعادية ،وكذا المعاونة الأرضية للقوات البرية.
(2) وضح، من هذه الجولة، أن إسرائيل تستعد دائماً للحرب، وتحشد وتعبئ كل القدرات العسكرية والسياسية والمعنوية لخوضها،ووجدت المدفعية المضادة للطائرات تتحمل وحدها عبء الدفاع، من دون أي مساندة جوية، حيث لم يكن سلاح الطيران المصري يمتلك أي إمكانيات قتالية تذكر، فلم يكن يضم سوى ست طائرات مقاتلة إنجليزية الصنع، طائرة استطلاع وتصوير، بالإضافة إلى خمس طائرات نقل داكوتا، بينما يضم السلاح الجوي الإسرائيلي أكثر من 150 طائرة، من مختلف الأنواع، يعمل عليها عدد كبير من الطيارين العاملين، والمتطوعين من ذوي الخبرة.
(3) أهمية توافر وسائل متطورة للاستطلاع والإنذار المبكر، لتحقيق زمن معقول للإنذار، يسمح برفع أوضاع استعداد الوحدات، حيث أدى الاعتماد على المراقبين الجويين وحدهم، إلى عدم وجود أزمنة مناسبة للإنذار، مما قلل من فاعلية وسائل الدفاع الجوي.
(4) تمت القيادة والسيطرة، لا مركزياً، في كل الأوقات، على مستوى التروبات، وذلك بسبب تعذر الاتصالات بين الوحدات، مما أعاق التعاون، وتبادل المعلومات، فيما بينها، عن العدو الجوي.
ز. إعادة التنظيم
أثرت تجربة حرب فلسطين عام 1948، في الفكر العسكري المصري، واتجهت الأنظار إلى إعادة تنظيم وتسليح الجيش، وعلى رغم الحاجة إلى زيادة حجم المدفعية المضادة للطائرات، والأنوار الكاشفة، فقد استقر الرأي، على الاكتفاء بطلب لواء واحد ثقيل، مضاد للطائرات، مكون من آلاي مضاد للطائرات، وآلاي أنوار كاشفة، إضافة إلى اللواءين الموجودين بالخدمة، كما طلب تشكيل آلاي مدفعية متوسطة عيار 57 مم، على أن يحتفظ بآلاي آخر بالمخازن لتشكيله عند الحاجة.
ح. نشأة الرادار في مصر
(1) شهدت مصر أول مولد للرادار، بحصولها من بريطانيا على جهازين للإنذار، أمريكي الصنع، من طراز an-tp53، خلال شهر يونيه 1948. تمركزا في موقعين هما:
(أ) موقع منطقة القناة بجبل مريم.
(ب) موقع في صحراء مصر الجديدة.
(2) ببداية عام 1952، تعاقدت مصر مع فرنسا، على إنشاء أول شبكة رادارية بمصر، وهي الشبكة الفرنسية، مكونة من 12 محطة رادار "ست محطات توجيه، وست محطات إنذار"، وتم التخطيط لها لتغطية منطقة الدلتا والقناة، مع توفير تغطية محلية في الجنوب، لمنطقة خزان أسوان، من خلال تنظيمها في أربع قطاعات هي:
(أ) القطاع الشرقي: ويشمل منطقة القناة وسيناء، ويغطيه ثلاث محطات.
(ب) القطاع الغربي: ويشمل منطقة شمال الدلتا والإسكندرية، ويغطيه أربع محطات.
(ج) القطاع المركزي: ويشمل منطقة وسط الدلتا والقاهرة في بني سويف، ويغطيه ثلاث محطات.
(د) القطاع الجنوبي: ويشمل منطقة خزان أسوان، ويغطيه محطة إنذار.
ط. إنشاء أول قيادة للمدفعية المضادة للطائرات
خلال عام 1951، تقرر إنشاء أول قيادة للمدفعية المضادة للطائرات، في مصر، بقيادة اللواء/ السبكي، وكل من البكباشي/ عبدالمنعم رياض، والبكباشي/ عبدالمنعم أمين، والصاغ/ عبدالرازق حجازي، وتتبع هذه القيادة، تنظيمياً وعملياتياً، سلاح المدفعية الملكي، وتوضع تحت سيطرتها جميع وحدات المدفعية المضادة للطائرات.
3. ثورة يوليه، وهدف إقامة جيش وطني قوي
بانتهاء حرب تحرير فلسطين عام 1948، وما أسفرت عنه من نتائج، تعتبر مأساوية، لم تصدق نتائجها جماهير الشعب المصري. وحاولت مصر، بعد نهاية هذه الجولة، أن تزيد قواتها العسكرية، وتعيد تسليحها، بمعدات حديثة، بعد أن أوضحت التجربة أنه لا حياة للدول الضعيفة في هذا العالم.
ومن بين أنقاض وركام هذه الحرب، نبت تنظيم الضباط الأحرار، داخل الجيش المصري، وكانت نواته الأولى، من الضباط، الذين اشتركوا في القتال في فلسطين، وأصابهم ما أصابهم من إحباط، بسبب ظروف وملابسات هذه الحرب. ومع نمو هذا التنظيم، وما واكب هذه الفترة من السخط الشعبي على الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية، ورزوح مصر تحت نير الاستعمار البريطاني، تفجرت ثورة 23 يوليه 1952، بأهدافها الستة، ومن بين هذه الأهداف، إقامة جيش وطني قوي.
وقد لاقى هذا الهدف الكثير من الصعوبات، أهمها التصريح الثلاثي، الذي صدر عن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، في 25 مايو 1950، بهدف حماية إسرائيل والمحافظة عليها، بحيث تكون متفوقة، في القوة العسكرية، على الدول العربية مجتمعة، وذلك بفرض حظر على توريد السلاح، لمصر والدول العربية، في الوقت، الذي سمح فيه بتوريد السلاح إلى إسرائيل.وبدأت خطوات جادة في اتجاهات كثيرة، أهمها:
أ. تنويع مصادر السلاح
(1) صفقة الأسلحة الغربية
نتيجة لهذه الأوضاع، اتجهت مصر إلى تنويع مصادر السلاح، فبدلاً من الاعتماد على بريطانيا، مورداً وحيداً لسلاح الجيش المصري، سعت إلى شراء السلاح من العديد من الدول الغربية والشرقية. ففي مجال المدفعية المضادة للطائرات، جرى الاتفاق مع سويسرا، عام 1951، على شراء المدافع عيار 30 مم هسبانو سويزا spano- swizea ماركة 30 المضاد للطائرات، لكن تنفيذ الصفقة تأخر، حتى شهر ديسمبر 1953.
وعين البكباشي عبدالمنعم رياض[1] للقيام بمهمة تنفيذ الصفقة، ونجح في تصميم تعديلين جوهريين، على هذا النوع من المدافع، وذلك بإدخال نظام الإدارة الكهربية للمدافع، بدلاً من الإدارة اليدوية، حتى يمكنها ملاحقة سرعة الطيران الحربي النفاث، كذلك نجح في تزويد المدفع بنظام جديد للتعمير، "جهاز تغذية"، يحقق تغذية مستمرة بالذخيرة، بدلاً من خزن الطلقات، التي لم تكن تسع إلا 50 طلقة فقط، مما ضاعف، كثيراً، من معدل النيران. وأصبح يعرف بالمدفع المعدل ماركة 831، وقد أثبت هذا المدفع معدلات عالية من النيران، وكفاءة متميزة، خلال حرب العدوان الثلاثي مصر، عام 1956. وفي عام 1950، عُقدت صفقة مع سويسرا، تورد بمقتضاها أجهزة رادار قيادة تكتيكية، وأجهزة رادار قيادة نيران للمدفعية، وتشمل هذه الصفقة:
(أ) أجهزة رادار رقم 531 لقيادة نيران المدافع 3.7 بوصة الإنجليزية، وهذه الأجهزة من إنتاج شركة طومسون الفرنسية.
(ب) أجهزة حاسب إلكتروني ماركة fleb، للعمل مع أجهزة الرادار، وهذه الحاسبات من إنتاج شركة conterafs كونترافس.
وقد انضمت هذه المعدات إلى الخدمة في نهاية عام 1955، مما زاد من دقة وكفاءة وحدات المدفعية المضادة للطائرات، وظهر هذا جلياً خلال حرب 1956.
(2) صفقة الأسلحة الشرقية
على رغم استمرار إمداد الدول الغربية لمصر بالسلاح، فإن كثيراً من الصعوبات والمماطلة تسبب في عرقلة برامج التسليح، لذلك اتجهت مصر إلى المعسكر الشرقي؛ للتزود بالسلاح، خاصة بعد الصفقة السرية، التي عقدت بين إسرائيل وفرنسا، وتضم 70 طائرة مقاتلة من نوع مستير mestier، و100 دبابة نوع amx 13، و100 مدفع ميدان عيار 155 مم، و150 مدفع عيار 57 مم مضاد للطائرات.
وعقدت أول صفقة للسلاح، مع الاتحاد السوفيتي، في 17 سبتمبر 1955، حيث وردت عن طريق تشيكوسلوفاكيا، وشملت العديد من الأسلحة، لمختلف وحدات الجيش المصري، ومن بينها أسلحة للمدفعية المضادة للطائرات، التي شملت المدافع، من عيار 85 مم وسط، المزودة بأجهزة رادار لقيادة النيران، والمدافع عيار 37 مم خفيف مقطور، والرشاشات 12.7 مم.
وتعتبر هذه الصفقة، بحجمها وتنوعها، البداية الحقيقية لكسر احتكار السلاح، وعلى رغم وصول هذه المعدات قبل حرب 1956، فإن وحدات المدفعية المضادة للطائرات، لم تتطور بالقدر المطلوب، لمجابهة التطورات الحديثة في طائرات القتال، حيث كانت تفتقر إلى شبكة للإنذار، ولم يكن هناك نظام متكامل للدفاع الجوي عن البلاد، والموجود لا يتعدى الوحدات الخفيفة 30 مم هسبانو سويزا، والمدافع 40 مم خفيف، بالإضافة إلى المدافع الثقيلة، قليلة الجدوى في الاشتباك مع الطائرات الحديثة.
ب. التطور في مجال التدريب
في أواخر عام 1952، وبعد الثورة، صدر قرار تشكيل مدرسة المدفعية المضادة للطائرات، بمقر جناح المدفعية المضادة للطائرات، الموجود بمدرسة ومركز تدريب المدفعية بألماظة، وضم تشكيل مدرسة المدفعية الآتي:
(1) جناح المدفعية الثقيلة المضادة للطائرات.
(2) جناح المدفعية الخفيفة المضادة للطائرات.
(3) جناح الرادار.
4. الجولة العربية ـ الإسرائيلية الثانية (حرب 1956)
تلاحقت الأحداث، بعد ثورة يوليه 1952، وفي اتجاه، لا يتفق مع سياسات الدول الغربية وإسرائيل، فكان كسر احتكار السلاح، وتمويل الاتحاد السوفيتي لبناء السد العالي، والوقوف في وجه المد الاستعماري، ومناصرة حركات التحرر الوطني، ومقاومة حلف بغداد، وأخيراً تأميم الشركة العالمية لقناة السويس، كل هذه الأحداث دفعت دول الغرب، للوقوف ضد هذا التيار الثوري الناصري، الذي يهدد مصالحها في المنطقة، ويهدد أمن إسرائيل.
وفي 22 أكتوبر 1956، عقدت اتفاقية سرية، في مدينة سيفر بجنوب فرنسا، بين كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، يتم بمقتضاها التحالف بين الدول الثلاث، لمهاجمة مصر، وحددت الأدوار في هذه الحرب، على النحو التالي:
أ. تقوم إسرائيل بشن هجوم بري وجوي، على شبه جزيرة سيناء، واجتياحها، والوصول بسرعة إلى مشارف قناة السويس.
ب. تقوم القوات الجوية البريطانية، بمهاجمة القوات الجوية المصرية، وتدميرها، وهي جاثمة على الأرض، وتحقيق السيطرة الجوية.
ج. يبدأ غزو بحري أنجلو ـ فرنسي، على منطقة القناة، بهدف احتلالها، تحت ستار دعائي، هو حماية قناة السويس، من أخطار القتال الناشئ، بين مصر وإسرائيل.
5. القوات الجوية الإسرائيلية في حرب 1956م
· 16 طائرة ومستير 4 أ.
· 24 قاذفة فوتور.
· 15 طائرة متيور.
· 29 طائرة موستانج ب 51 دس.
· 16 طائرة موسكيتو.
· ثلاث طائرات ب - 17 قاذفة.
· 16 طائرة داكوتا وكوماندو.
· ثلاث طائرات نورد أطلس.
بالإضافة إلى عدد كبير من طائرات المواصلات الصغيرة.
أ. أعمال قتال المدفعية المضادة للطائرات المصرية، قبل التدخل الأنجلو ـ فرنسي
(1) تحملت المدفعية المضادة للطائرات، خلال هذه المرحلة، عبء الدفاع عن القواعد الجوية، وتصدت، مع المقاتلات، لهجمات السلاح الجوي الإسرائيلي.
(2) وفرت وحدات المدفعية المضادة للطائرات، الحماية للمعابر الرئيسية، على قناة السويس، لتأمين تحرك القوات البرية من قواعدها غرب القناة إلى داخل سيناء، وفي الحقيقة لم يكن هناك وحدات مخصصة للدفاع عن المعابر، بل كان الدفاع عنها يدخل ضمن خطة الدفاع عن المنطقة، والعدو الإسرائيلي لم يحاول مهاجمة المعابر، حيث كانت النية تتجه إلى استدراج الجيش المصري إلى داخل سيناء، ثم يقوم بتدمير المعابر وعزل القوات المصرية داخل سيناء.
(3) لم تكن وحدات المدفعية المضادة للطائرات، المكلفة بتوفير الحماية للتشكيلات البرية، التي عبرت إلى سيناء كافية لتوفير هذه الحماية، مما تسبب في زيادة خسائر القوات البرية وعرقلة تقدمها.
(4) قامت وحدات المدفعية المضادة للطائرات، المتمركزة في شرم الشيخ، ورأس نصراني، بالتصدي للهجمات الجوية، وأمكنها إسقاط طائرتين إسرائيليتين، وذلك قبل مهاجمة هذه المنطقة بقوات العدو البرية.
ب. أعمال قتال المدفعية المضادة للطائرات، بعد اشتراك القوات الأنجلو ـ فرنسية
بدأ هجوم القوات الأنجلو ـ فرنسية، في 31 أكتوبر 1956، على القواعد الجوية، خاصة قواعد ومطارات منطقة القناة، وتمكن العدو من تدمير معظم الطائرات المصرية، وهي جاثمة على الأرض، وتقرر سحب ما تبقى من الطائرات، التي لم تدمر إلى قواعد ومطارات العمق. وقد قام العدو بأعمال قتال ليلية، حيث قام بالهجوم على القواعد والمطارات، ليلاً، من ارتفاعات متوسطة على ضوء المشاعل؛ لتفادي نيران المدفعية المضادة للطائرات، مع إلقاء القنابل الزمنية بغرض منع استعادة موقف الكفاءة القتالية، أو القيام بأي أعمال مضادة لتقليل آثار الضربة الجوية، ثم استئناف الهجمة في أول ضوء بالضرب المؤثر لتدمير الطائرات، وتعطيل الممرات.
وجرى هذا الانسحاب للقوات الجوية، من دون تخطيط، ومن دون إخطار وحدات الدفاع الجوي المخصصة للدفاع عن القواعد الجوية والمطارات، وكان تأثير الفوضى في المطارات والقواعد الجوية، أكثر من تأثير قنابل العدو، وقد تمكن قادة المدفعية المضادة للطائرات، من السيطرة على قواتهم، وأتموا بنجاح إعادة التمركز لوحداتهم، خاصة بمنطقة المعابر لحمايتها، وعلى رغم تكثيف العدو لهجماته الجوية، على هذين المعبرين، فإن وحدات المدفعية المضادة للطائرات استبسلت، في الدفاع عن المعابر، حتى أتمت القوات المصرية انسحابها من سيناء.
وبعد خروج القوات الجوية من المعركة، أصبح للعدو السيطرة الجوية، واعتباراً من أول نوفمبر 1956، أصبحت المدفعية المضادة للطائرات، هي المسؤولة عن الدفاع الجوي عن البلاد.
وعلى صعيد المعارك، في بورسعيد، كان للمدفعية المضادة للطائرات دورها البارز في الدفاع عن المدينة، وتصدت للطائرات المهاجمة، التي ركزت هجومها على هذه الوحدات، وتمكنت من إسقاط تسع طائرات للعدو، وتعرضت لخسائر كبيرة في الأفراد والمعدات، حيث تمكن العدو، من تدمير عشرة مدافع بأطقمها، واستشهد قائد إحدى البطاريات.
(1) مراكز القيادة
تجري السيطرة على القوات، من مركز القيادة الرئيسي بالقاهرة، أو من مركز قيادة المنطقة الشرقية العسكرية، غرفة عمليات الفردان.
(2) الاستطلاع والإنذار
كان هناك قصور شديد في معلومات الإنذار؛ بسبب قلة الأجهزة، وكانت مصادر الإنذار المتيسرة، في هذه الحرب، غير كافية، وكانت معلومات هذه المصادر لا تصل، بانتظام، إلى وحدات إنتاج النيران؛ بسبب سوء الأجهزة الإشارية، وعدم انتظام العمل، في مراكز العمليات الجوية المسؤولة عن قيادة نيران الدفاع الجوي.
(3) تنظيم التعاون مع القوات الجوية
كان المخطط أن ينظم التعاون، من خلال غرف العمليات بالقواعد الجوية، ومراكز القيادة لقطاعات المناطق، وأن يجري، من خلال مركز قيادة القوات الجوية، والدفاع الجوي الرئيسي، ولكن هذا التخطيط لم يتم بالصورة الكاملة، حيث إنه، بعد هجوم العدو على القوات الجوية، والمطارات، وانسحاب القوات الجوية، من هذه القواعد، من دون أي تنسيق مع قيادة المدفعية المضادة لطائرات بالمنطقة، اضطرت إلى أن تدبر أعمال قتال وحداتها بمفردها.
(4) تنظيم التعاون مع قيادة المنطقة العسكرية الشرقية
جرى تنظيم التعاون، على الوجه الأكمل، خلال مراحل المعركة المختلفة، من حماية المعابر، في أثناء انسحاب القوات البرية من الشرق، إلى التصدي للعدو، ومنعه من التقدم، إلى مدينة الإسماعيلية، وقامت هذه الوحدات بالمجهود الرئيسي، في الدفاع الأرضي عن هذه المنطقة، بعد تعزيزها من قيادة المنطقة، ويكفي شهادة المعلق التاريخي، إدجار أوبلانس، عن دور المدفعية المضادة للطائرات، في معارك 1956، حيث قال في كتابه حملة سيناء 1956: "إن معظم الخسائر في الطائرات، كانت بسبب نيران المدفعية المضادة للطائرات المصرية، كما ينبغي أن نضع في الاعتبار رجال المدفعية المضادة للطائرات، فلقد تجلت شجاعتهم الفائقة وكفاءتهم العالية، بالرغم من قصر فترة التدريب، التي أتيحت لهم، كما كانت نيرانهم دقيقة بدرجة ملحوظة أدت إلى وقوع أغلب خسائر الطائرات الإسرائيلية والبريطانية، على رغم أن القوات البريطانية هي التي وضعت الأساس للمدفعية المضادة للطائرات المصرية".
ج. الدروس المستفادة من حرب 1956
(1) أهمية وجود قيادة مستقلة للمدفعية المضادة للطائرات.
(2) توفير وسائل مضادة للطائرات متكاملة، تتناسب مع أهمية كل هدف، حسب مساحته وطبيعة الهجوم الجوي المتوقع، حيث إن المدافع، التي خصصت للدفاع الجوي، عن القواعد الجوية من الرشاشات الخفيفة، جعل العدو يلجأ إلى الهجوم من ارتفاعات خارج إمكانياتها.
(3) عدم تناسب حجم المدفعية المضادة للطائرات، المكلفة بحماية القوات البرية، مع حجم هذه القوات، مما عرض هذه القوات لخسائر كبيرة، نتيجة لهجوم العدو الجوي، بينما نجد أن المدفعية المضادة للطائرات، على ظهر المدمرة ناصر، تمكنت من حماية المدمرة من هجوم العدو الجوي، بسبب تناسب قوتها مع حجم الهدف المدافع عنه.
(4) ظهرت أهمية وجود شبكة متكاملة للإنذار، مزودة بوسائل الاتصال الجيدة، التي تمكن من إبلاغ الإنذار، في الوقت المناسب، والكافي؛ لرفع أوضاع استعداد الوحدات.
(5) ضرورة تدقيق تنظيم التعاون، بين القوات الجوية والقوات البرية، حيث أدى انعدام التنسيق إلى حدوث قصف للقوات البرية بطريق الخطأ.
(6) ضرورة مراجعة خطط الإمداد والتموين، وحساب الاستهلاك لكل متطلبات العملية، وتوفير قدر مناسب من الاحتياطيات، بالقرب من مسرح العمليات.
(7) الاهتمام بالتأمين الفني، وتوفير قطع الغيار، وإمكانيات الإصلاح لسرعة استعادة كفاءة المعدات في حالة عطلها.
(8) انعدام التجهيز الهندسي، خاصة بالنسبة إلى القواعد والمطارات، مما أدى إلى فداحة الخسائر.
د. أسلحة جديدة مضادة للطائرات بعد حرب 1956
ويظل السؤال حائراً، بعد كل حرب، هل نعي دروس الحرب، ونعمل على تجنب سلبياتها، وتطوير إيجابياتها؟ وبعد حرب 1956، بدأت القيادة المصرية، في دراسة أوضاع القوات المسلحة، واحتياجاتها من السلاح، وكان الاستنتاج الرئيسي، من هذه الدراسة، هو الأهمية القصوى لتسليح كل من القوات الجوية والدفاع الجوي.
وبدأت برامج إعادة تسليح الجيش المصري، بتزويد الدفاع الجوي، بشبكة من محطات رادار الإنذار، بحيث تتكون كل محطة من جهازين، جهاز ب -8 لكشف الأهداف العالية، وجهاز ب -20 لكشف الأهداف المنخفضة، يكمل كل منهما الآخر.
وفي عام 1958، دخلت الخدمة مجموعة من الأسلحة، تمثلت في:
(1) المدافع عيار 100 مم وسط، والمجهزة بأجهزة قيادة النيران.
(2) المدافع عيار 57 مم خفيف، والمجهزة بأجهزة قيادة النيران.
(3) المدافع عيار 14.5 مم رشاشات مضادة للطائرات رباعية وثنائية وفردية المواسير، مقطورة.
وعموماً دخلت المطالب جميعها حيز التنفيذ، بدرجات متفاوتة، عدا المطلب الخاص بأهمية وجود قيادة للدفاع الجوي، متخصصة ومستقلة، وأرجئ البت فيها، لأسباب خاصة، على رغم أهميتها القصوى.
هـ. دخول الصواريخ الموجهة المضادة للطائرات سام – 2
عقب العدوان الثلاثي عام 1956، جرى تقويم أداء وحدات المدفعية المضادة للطائرات، ودراسة نقاط القوة والضعف، وظهر جلياً الفارق الكبير، بين إمكانيات معدات الدفاع الجوي المصري، وبين إمكانيات الطائرات الموجودة لدى إسرائيل، واتجه التفكير، إلى تزويد وحدات المدفعية المضادة للطائرات، بالصواريخ الموجهة المضادة للطائرات.
وفي هذه الأثناء، حدثت اختراقات للمجال الجوي المصري، بطائرات تطير على ارتفاعات عالية، وذات سرعات عالية جداً، خارج مدى المدفعية المضادة للطائرات، وفي عام 1960، طلبت مصر، من الاتحاد السوفيتي، تزويدها بصواريخ سام – 2، حيث إنها التطور الطبيعي والمكمل للمدفعية المضادة للطائرات، وتمت الموافقة على ذلك، وكانت مصر أول دولة، خارج حلف وارسو، تزود بهذا الصاروخ.
(1) تشكيل أول وحدات الصواريخ
في بداية عام 1962، جرى تشكيل الوحدات الأولى، من وحدات الصواريخ، وكانت عبارة عن ثلاثة ألوية بإجمالي 13 كتيبة نيران، و12 سرية مدفعية مضادة للطائرات عيار 57 مم، للدفاع المباشر، وأربع كتائب فنية لتجهيز واختبار الصواريخ، وأعقبها تدريب لواء آخر، ثم أعقب ذلك عقد تكميلي، بعشر كتائب نيران، عدا الكتائب الفنية، وبذلك حدث توسع كبير على حساب المدفعية المضادة للطائرات، مما أثر على كفاءة المدفعية، بسبب انخفاض مستوى الأفراد، وعقدت دورات تخصصية للضباط، بمعرفة خبراء سوفيت، وذلك في مركز خاص بمشروع الصواريخ في ضواحي القاهرة. وقد أتمت الأطقم المصرية تدريبها في 25 مايو 1963، ووضعت خطة كاملة لترجمة الوثائق، وتعليمات التشغيل والصيانة، من اللغة الروسية إلى اللغة العربية.
(2) تجهيز مسرح العمليات
(أ) في أثناء فترة التدريب للأطقم والتخصصات المختلفة، جرى استطلاع، وانتخاب المواقع الدفاعية، التي سيتم احتلالها، بكتائب النيران، للدفاع عن الأهداف الحيوية.
(ب) حُددت شبكة الرادار والإنذار، وحُدد نظام القيادة والسيطرة على أعمال قتال وحدات الصواريخ.
(ج) جُهزت خطة المواصلات الخاصة بالمشروع.
(3) الرماية بالصواريخ
عقب انتهاء تدريب أطقم كتائب الصواريخ، أجريت رماية تدريبية بالصـواريخ، على هدف عاكس ركني مظلة، يسقط من القاذفة إليوشن - 28، وذلك بميدان الرماية جُهز لهذا الغرض، وتمت رماية لجميع الكتائب، بنسبة نجاح 100%.
وبدخول الصواريخ الموجهة المضادة للطائرات، ضمن تسليح الدفاع الجوي، بدأت مرحلة جديدة من تاريخ هذا السلاح، حيث كان البداية لدخول الأجيال المتتالية من الصواريخ المضادة للطائرات بأنواعها المختلفة. وكان هذا السلاح، من أعقد أنواع الصواريخ، فمعدات التوجيه الأرضية، والتي يطلق عليها محطة رادار التوجيه/ تضم العديد من التخصصات الفنية الدقيقة، ويحتاج إلى نوعية خاصة، من العاملين عليها، حتى يمكنهم إجراء الاختبارات المعقدة، وكذا توليف الأنظمة المختلفة بدقة متناهية، حيث إن أي خلل بسيط في عمليات الضبط والتوليف، يؤدي إلى فشل الاشتباك. وأصبح الصاروخ سام -2، السلاح الرئيسي في منظومة الدفاع الجوي، بالتعاون مع المدفعية المضادة للطائرات، وتقدم دوره على دور المقاتلات؛ لكفاءته ورخص ثمنه.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] أستشهد الفريق عبد المنعم رياض في 9 مارس 1969، أثناء حرب الاستنزاف، على الشاطئ الغربي لقناة السويس.