عمليه عيد الميلاد / من ملفات المخابرات العامة المصرية

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,779
التفاعل
17,897 114 0
عمليه عيد الميلاد

من ملفات المخابرات العامة المصرية


الجنرال بن عمتاى يقيم حفلا بمناسبة عيد ميلاده... هذا الخبر الذى يناسب صفحة الاجتماعيات فى جريدة جورساليم بوست . كان مضمون البرقية الشفرية العاجلة التى وصلت الى المخابرات العامة المصرية فى تلك الساعة المبكرة من صباح احد ايام شتاء 1972م

وعلى الرغم من ان مضمون البرقية كان مباشرا للغاية ولا ينطوى على اى مضامين خفية الا ان رجل المخابرات المصرى امجد استقبلها باهتمام بالغ جعلة يواصل التطلع اليها خمس دقائق كاملة قبل ان يضعها على سطح مكتبة ويتراجع فى مقعده مشبكا اصابع كفية امام وجهه ومسترجعا تفاصيل عملية مهمة وطويلة...

طويلة للغاية.....
ففى تلك الفترة كان امجد واحدا من المعدودين الذين يعلمون ان الحرب على الابواب على الرغم من كل ما تبذله الدولة وما تخطط له هيئة الامن القومى للايحاء بالعكس تماما وبأن القيادة السياسية والعسكرية تخشى الدخول فى حرب خاسرة مع العدو الاسرائيلى وتستكين اكثر لحالة اللاسلم واللاحرب التى سادت المنطقة منذ عام او عامين....

ولان الركيزة الاولى لاية مواجهة عسكرية هى المعلومات فقد كان امجد جزءا من فريق خاص عهدت الية مهمة جمع كل المعلومات الممكنة عن العدو عسكريا واقتصاديا وحتى اجتماعيا قبل موعد المواجهه الشاملة ولقد بذل الرجال قصارى جهدهم بحق...

ولانهم عملوا بكل جد وجهد فقد حصلوا على فيض من المعلومات المهمة عن الجيش الاسرائيلى وتسليحة وخط بارليف وتحصيناتة وجنرالاتة ..فيما عدا الجنرال بن عمتاى...

فعلى عكس باقي جنرالات اسرائيل الذين سكروا بخمر انتصارهم فى يونيو 1967م وانتفخت اوداجهم واجسادهم وكل مشاعر الزهو والغرور فى اعماقهم وصدقوا اكذوبة جيشهم الاسطورى الذي لا يقهر كان بن عمتاى مازال واقفا على ارض الواقع مدركا ان انتصار يونيو1967م هذا لايمكن ان يتكرر قط وان العرب لن يستسلموا ابدا لمشاعر الهزيمة والعار والحرب اتية لا ريب طال الوقت ام قصر. ومن هذا المنطلق. كان الرجل شديد الجدية والالتزام والحذر لا يتحدث عن عملة خارج مكتبة قط ويراجع اوراق كل من يعمل فى ادارتة بنفسة وبمنتهى الدقة والاهتمام ويستبعد فورا كل من تراودة بشانة ذرة شك.. ذرة واحده.

ولكن الجنرال بن عمتاى كان مسئولا عن قطاع شديد الاهمية والخطورة فى المرحلة القادمة بالذات الا وهو قطاع الامن والاستطلاع فى قلب سيناء المحتلة وحتى تكتمل المعلومات كان من المحتم اختراق قطاع الجنرال بن عمتاى هذا وبأى ثمن.....

وطوال ستة اشهر كاملة لم تنجح ايه محاولة لاختراق حاجز المعلومات الذى صنعة الرجل حول نفسة لشدة حذرة وشكوكة..

ولكن رجال المخابرات المصرية لا يستسلمون ابدا ولا يؤمنون حتى بكلمة مستحيل.... لذا فقد واصلوا المحاولة بمنتهى الاصرار والتحدى وتم اسناد العملية للسيد امجد باعتبارة واحدا من اذكى وابرع رجال الجهاز فى تلك الفترة واكثر خبرة فى التعامل مع جنرالات اسرائيل.... وكعادتة حمل امجد ملف الجنرال بن عمتاى كله الى مكتبة وراح يدرس كل حرف فية لساعات طويلة
ومع مطلع الفجر ادرك امجد ان ما يقولونه صحيح الجنرال بن عمتاى منيع بحق.
وبعد تفكير عميق ودراسة متانية وضع امجد يده على نقطة ضعف الجنرال بن عمتاي غير المباشرة وهى زوجتة انابيلا.

وكان هذا فى منتصف عام 1972 م عندما اجتمع امجد بفريق العمل التابع له بعد ثلاث ساعات فحسب من النوم العميق وراح يشرح لهم خطتة بكل التفاصيل وبمنتهى الدقة...

وكالمعتاد لم تكن خطة تقليدية على الاطلاق كما انها كانت تعتمد على تجنيد جاسوس اخر جاسوس لم يكن من الممكن ان يخطر ببال اى مخلوق قط.........
وفى اليوم التالى مباشرة بدا تنفيذ الخطة

بدات السيطرة على كيتى زوجة جنرال اسرائيلى اخر يتمتع بنفوذ قوى داخل قيادة الجيش هناك وبصلات متينة مع كبار المسؤلين العسكريين والسياسيين فى اسرائيل وعلى الرغم من منصب زوجها كانت كيتى امراه عابثة مستهترة تميل الى التظاهر والتباهى وترتبط سرا بعلاقة قوية مع ضابط شاب وسيم يتولى منصبا اداريا بسيطا فى الادارة التابعة لزوجها والجزء الاخير كان سرى للغاية اوهكذا تصورت كيتى التى لم تلتق بصديقها قط فى اماكن عامة او تبدى اى اهتمام خاص بة فى ايه مناسبة تجمعهما حرصا على مظهرها وخشية رد فعل زوجها العنيف وسلطاتة الواسعة

وذات يوم سافر الزوج فى مهمة خاصة لتنفيذ استحكامات خط بارليف الجديدة مع فريق من المسئولين وقيادات الجيش فانتهزت كيتى الفرصة لقضاء اليوم كله مع صديقها الشاب..

وعندما غادرت كيتى فى المساء ذلك المنزل الذى يستاجره صديقها فى ضواحى تل ابيب والذى لم يدلفا اليه او يغادراه معا ابدا وجدت سائحة فرنسية شابة تستند الى سيارتها وتلقى حقيبتها الصغيرة على مقدمتها فى لا مبالاه وشعرها الاشقر الطويل ينسدل على كتفيها بلا نظام فاشارات لها بيدها فى صرامة.قائلة: ابتعدى عن سيارتى.
رمقتها الفرنسية بنظرة لا مبالية ثم التقتت حقيبتها فى بطء مستفز وفتحتها لتلتقط منها مظروفا اصفر اعتدلت وهى تناولة للاسرائيلية قائلة فى لهجة هادئة تجمع نبراتها بين الامر والحزم وبلغة عبرية ذات لكنة فرنسية واضحة:
ستجدين رقم الهاتف بالداخل.....
وقبل ان تكتمل العبارة كانت الفرنسية قد تركت المظروف بين اصابع كيتى وانطلقت مبتعدة بخطوات سريعة فهتفت بها كيتى فى مزيج من الدهشة والاستنكار:وما شانى بهذا ؟؟

لم يبد حتى ان الفرنسية قد سمعتها وهى تنحرف فى شارع جانبى صغير وتختفى عن نظرها تماما ولاخر مرة.
ولوهلة فكرت كيتى فى ان تلقى المظروف جانبا وتمضى فى طريقها الا انها لمحت بطرف عينيها اسمها على المظروف.

ليس اسم كيتى الذى يناديها به زوجها او اصدقاءها ولكن اسمها الحقيقي بالكامل وبكل دهشتها حدقت كيتى فى المظروف ثم فتحتة باصابع مرتجفة متردده و.... و.....كانت الصدمة قوية وعنيفة للغاية فالمظروف يحتوى على مجموعة من الصور التى تجمعها بصديقها الشاب فى جلساتهم الخاصة فى مناسبات عديدة وبينها صور لقائهم الذى انتهى منذ دقائق معدودة؟؟.

وامتلات نفس كيتى برعب لا حدود له وانطلقت فى محاولة للبحث عن تلك الفرنسية بلا جدوى وفكرت فى العودة الى صديقها الشاب وابلاغة بما حدث الا انها خشيت ان يصيبة الرعب فيقدم على حماقة تدمرهما معا فانطلقت بسيارتها عائده الى منزلها ولم تكد تغلق باب حجرتها على نفسها حتى التقطت هاتفها واتصلت بالرقم المدون على الورقة الصغيرة والتى وجدتها مع الصور وكانت تتوقع ان تجيبها تلك الفرنسية لذا فقد اندهشت وارتبكت عندما اجابها صوت رجالي خشن تحمل عبريته لكنة المانيه فقالت فى عصبية:

معذرة لقد تصورت ان..
قاطعها الرجل فى صرامة: الاتصال صحيح يا كاتالينا

والعجيب ان كيانها كله قد انهار دفعة واحده عند هذه النقطة واستعت الى اوامر الرجل فى استسلام تام اكد خضوعها للامر واستعدادها للقيام بكل ما يطلب منها مهما كان

وفى ظهر اليوم التالى التقت كيتى بالرجل فى دار سينما صغيرة فى تل ابيب وكانت هذه هى البداية بالنسبة لها وبالنسبة لخطة امجد العبقرية ايضا ولقد استغرقت مرحلة اعداد كيتى والتيقن من ولائها شهرين كاملين تصورت هى خلالها ان المهمة التى يعدونها لها هى جلب اسرار زوجها وعمله باعتبارة جنرالا مهما فى القيادة الاسرائيلية لذا فوجئت بحق عندما ادركت فى نهاية المده ان كل المطلوب منها هو ان ترتبط بصداقة وثيقة مع انابيلا زوجة الجنرال بن عمتاى.

ولم تفهم كيتى الغرض من الصداقة كهذه ولم يكن من المفترض بها ان تفهم وانما ان تطيع الاوامر فحسب وان تؤدى الاوامر بالاسلوب الذى تدربت علية بمنتهى الدقة والبراعة والا فسيتم ارسال نسخة من الصور والوثائق الى زوجها ونشر بعضها فى صحف الفضائح الاسرائيلية ايضا ولان كيتى لم تفهم الغرض مما ستفعلة فقد اقدمت علية بكل اهتمامها ونفذت ما تدربت علية بالضبط ومن الواضح ان بعض خبراء علم النفس قد ساهموا فى وضع خطة التدريب هذه فلم تمض عده اشهر حتى كانت كيتى هى الصديقة الصدوق لزوجة بن عمتاى التى لاتفارقها قط ولا تبخل عليها بالنصح ابدا.

والواقع ان انابيلا المغلقة محدودة الذكاء قد انبهرت بشخصية كيتى واسلوبها حتى انها اصبحت فعليا فى موضع التابعه وليس الصديقة واصبحت كيتى هى الردار الذى يوجه مشاعرها وتصرفاتها على نحو افضل حتى مما حلمت به المخابرات المصرية وكان الضحية هو الجنرال بن عمتاى نفسة.

فلاول مرة فى حياتها بدات انابيلا تعترض وترفض وتغضب وتصر على ان تحيا فى نفس المستوى الاجتماعى الذى تحيا فية زوجات الجنرالات الاخرين.

وفى البداية تجاهل بن عمتاى اسلوبها وغضبها بشخصيتة الصارمة القاسية ولكن نصائح وتوجيهات كيتى احالت حياة الرجل الى جحيم كاد يفقده صوابة ويفسد حياته كلها دون ان يدرك السبب الحقيقى لهذا لان زوجتة لم تخبرة قط بشان كيتى ولم تستقبلها فى منزلها ابدا فى غيابة او وجودة.

ولانة ما من رجل يمكن ان يحتمل هذه الحياه طويلا وافق بن عمتاى اخيرا على ان تقيم له زوجتة حفل عيد ميلاد فى منزلهما الانيق فى تل ابيب.

وجن جنون انابيلا من شده الفرح والسعادة واسرعت تزف الخبر الى صديقتها كيتى التى سالتها فى اهتمام:
وهل لديك من يتولى امر حفل كهذا؟؟
ابدت انابيلا دهشتها وحيرتها بهذا الشان وحاولت اقناع كيتى بانها قادرة وحدها على تولى الامر ولكن كيتى استنكرت هذا واستهجنته تماما ثم اعطتها رقم هاتف شركة متخصصة فى مثل هذه الامور واخبرتها بغمزة من غير ذات معنى انها ستوصيهم بتقديم افضل الخدمات لها.

ولان الجنرال بن عمتاى رجل شديد الحذر فقد جمع بعض التحريات عن تلك الشركة وتاكد من سلامتها امنيا قبل ان يسمح لزوجتة بالاتصال بها واسناد الامر اليها فى تنظيم الحفل بشرط تحديد اسماء كل من سيدخل المنزل منهم اولا.

والمدهش ان خطة امجد كانت تتوقع ذلك الاجراء وتستعد له منذ زمن طويل ففى نفس الوقت الذى تم تجنيد كيتى فيه التحق شاب بسيط المظهر بتلك الشركة المتخصصة فى اقامة المعارض والحفلات بتوصية من شركة سياحية شهيرة فى تل ابيب وابدى ذكاءا ملحوظا فى هذا المضمار مما قربة من مدير الشركة وسكرتيرتها التنفيذية التى اغرمت به تماما..

وفى الاسبوع الاول من يناير 1973م اقيم حفل عيد الميلاد للجنرال بن عمتاى وكان يضم عددا من كبار القيادة العسكريين ورجال الصفوة فى المجتمع وبعض السياسيين اللامعين فقد انتشر رجال الامن فى المكان وقامو بتفتيش كل رجال الشركة والتاكد من انهم لا يحملون ايه اغراض مريبة قبل السماح لهم بدخول منزل بن عمتاى الذى بدا اكثر الجميع عصبية وتوترا ربما لانها المرة الاولى التى يستقبل فيها ضيوفا رسميين فى منزلة او ربما لانها اول مرة يستقبل فيها ضيوفا على اى مستوى.

ولقد بدا الشاب هادئا باسما بسيطا اثناء عملية التفتيش ولم يكن يحمل سوى دفتر ورقى بسيط وقلبم حبر باعتبارة المشرف العام على تنظيم الحفل والمسئول عن متابعة افراد الشركة خلاله..

ولقد بدا الشاب اشبة بشعلة نشاط بالفعل وهو يتحرك فى كل مكان ويتابع كل شىء وكل شخص ويدون ملاحظاتة هنا وهناك حتى ان احد رجال الاعمال المدعوين قد همس فى اذن بن عمتاى بانبهار: قل لى هل تعتقد انه باستطاعتى اقناع هذا الشاب بالعمل فى شركتى؟؟
وحاول بن عمتاى ان يبتسم وهو يهمهم بعبارة غير مفهومة محاولا السيطرة على عصبيتة البالغة ومقسما فى اعماقة الا يكرر هذا الحفل ابدا مدى الحياة.

ثم حانت لحظة اطفاء شموع كعكة عيد الميلاد وتابع الشاب الموقف بنفسة وبمنتهى الاهتمام ثم اشار الى رجالة فاطفئوا كل انوار المنزل وبدءوا فى انشاد اغنية اميريكية طويلة قبل اطفاء الشموع وكان الغناء جميلا وانيقا الى حد الابهار حتى انه جذب انتباه الكل بما فيهم رجال الامن والحراس وجعلهم لا ينتبهون الى طول الاغنية ولا الى اختفاء الشاب فى قلب الظلام والذى دام لخمس دقائق قبل ان ينتهى الغناء ويطفىء الجنرال بن عمتاى شموع عيد الميلاد وتعود الاضواء للسطوع مرة اخرى .

ومع عودة الاضواء ظهر الشاب مرة اخرى ليتابع كل شىء بمنتهى الاهتمام والنشاط ولكنة لم يعد يدون ملاحظاتة بل ولم يلتقط قلمة بعدها مرة واحده لان القلم قد فقد الكثير من اجزائة الداخلية ولم يعد صالحا للعمل على نحو عادى.

وفى نهاية الحفل تنفس بن عمتاى الصعداء وشعرت انابيلا بكل سعادة الدنيا وهى تتلقى التهنئة من زوجات الجنرالات اللاتى لم يستطعن اخفاء حسدهن واللاتى تسابقن للحصول على اسم الشاب وشركتة وارقام هواتفها للاتصال بها عند اقامة اى حفل منزلى.

وفى ساعة متاخرة من الليل تلقى امجد برقية شفرية عاجلة من تل ابيب تحوى عبارة واحدة مقتضبة: كل سنة وانت طيب....

واغمض امجد عينية وهو يبتسم فى ارتياح جارف فالعبارة كانت تعنى ان عملية دس اجهزة التصنت فى حقيبة الجنرال بن عمتاى الشخصية قد تمت بنجاح وهذا يعنى انه ومن الان فصاعدا ستلتقط المخابرات المصرية كل همسة تدور داخل مكتب مسئول الامن والاستطلاع الاسرائيلى فى سيناء المحتلة..

وهذا ما كان بالفعل حتى لحظة اندلاع حرب اكتوبر 1973م لقد صنعت المخابرات قناة اتصال ومعلومات مباشرة مع مكتب امن سيناء فى القيادة الاسرائيلية نفسها.

وحصلت على فيض جديد من المعلومات بعملية لم يدركها او يتصورها الاسرائيليون ربما حتى وقت قريب ..

عن موقع المجموعة 73 مؤرخين

قصة واقعية حقيقية مع اختلاف الاسماء بما لا يضر بالامن العام او بمعلومية الملفات
 
عودة
أعلى