تمثــل الجيــل الخامــس مــن تصاميــم دبابــات المعركــة الرئيســة
دبابــــــة الأحــــــلام الروسيـــــة "أرماتــــا"
دبابــــــة الأحــــــلام الروسيـــــة "أرماتــــا"
هي بلا شك "دبابة الأحلام" Dreams Tank الروسية ، التي يتوقع معها مصمموها تجاوز جميع النظراء الغربيين !! فمع بداية السنة الجديدة ، وزارة الدفاع الروسية ستتسلم رسمياً الدفعة الأول من 12-16 دبابة حديثة من الجيل الخامس ، التي حملت التعيين الرمزي "أرماتا" Armata . إن الكلمة أرماتا تجيء في الأصل من الكلمة اللاتينية arma وتعني "السلاح" Weapon (الدبابة ستظهر للعلن لأول مرة في الاستعراض العسكري التذكاري المقرر بتاريخ 9 مايو العام 2015) . هذه العربات ستستبدل بالتدريج الدبابات العسكرية الروسية الثلاث الرئيسة من نوع T-72 ، T-80 وT-90 . ويعتقد الخبراء الروس بأن الأرماتا ووفق جميع المؤشرات المنظورة ، ستتجاوز في قابلياتها جميع نماذج دبابات المعركة الرئيسة الغربية المعروضة في الساحة حالياً . فمن المفترض أن تجهز الدبابة الجديدة بمدفع بعيد المدى حدد مكانه في مستوى عالي بما فيه الكفاية ، ويتم السيطرة عليه والتحكم به عن بعد remote gun (مجهز بنظام للتغذية والتلقيم الآلي) . هناك أيضاً نظام سيطرة رقمي متكامل fully digital control للتحكم بوظائف الدبابة وأجهزتها الإلكترونية . أما بالنسبة للطاقم ، فهو سيوضع في كبسولة مدرعة معزولة armored capsule في مقدمة جسم الدبابة . في حين مقصورة القتال مع البرج غير المأهول uninhabited tower ستنصف الهيكل ، بينما مقصورة المحرك ستكون في المؤخرة .
ووفقاً لمتحدث في شركة الصناعات الميكانيكية الروسية Uralvagonzavod حيث تم تطوير الدبابة أرماتا (تقع في نايزني تاغل Nizhny Tagil وتعد من أكبر الشركات العلمية والصناعية في روسيا وأكبر مركز لتصنيع الدبابات في العالم) فإن العربة القتالية الجديدة ستتفوق في خصائصها ومستواها التقني على الدبابة T-72B بنحو أربعة مرات تقريباً . كما أنها ستتفوق في ميزاتها الفنية على نظيراتها الغربية الحالية بنسبة لا تقل عن 25-30% .. تصميم الأرماتا وتطوير أفكارها العامة ، أستغرق من المصممين عمل متواصل لنحو خمسة سنوات ، واستفاد كثيراً من إمكانيات مشروع دبابة واعدة طورت قبل 15 سنة مضت وحملت التعيين الرمزي T-95 Black Eagle . العمل في مشروع الدبابة T-95 توقف العام 2010 بسبب عوامل عديدة ، منها الكلفة العالية ، بالإضافة لرفض وزير الدفاع الروسي السابق "أناتولي سيرديكوف" Anatoliy Serdyukov المشروع واعتباره ليس أكثر من تحديث قادم للدبابة T-72 . القائد العام للقوات الأرضية الروسية "أليكساندر بوستنكوف" Alexander Postnikov أطلق أيضاً تصريح مثير عندما تحدث باستغراب وعدم رضا عن سعر الدبابة الواحدة T-90 الذي بلغ 118 مليون روبل ، وهو مبلغ كافي كما ذكر حينها لشراء ثلاثة دبابات ألمانية من نوع Leopard-2 . بوستنكوف تحدث أيضاً يومها عن الدبابة T-90 وقال إنها في الواقع تمثل التعديل السابع عشر للدبابة السوفييتية T-72 التي دخلت الخدمة العام 1973 . لذا ، الدبابة T-95 ليست بعيده عن سلفها T-90 فيما يخص معضلة الكلفة ، وهكذا فإن الجيش الروسي ليس بحاجة لها .
النقد أو الشكوى الرئيسة التي وجهت (ولا تزال) للدبابة T-90 كانت تتمحور حول قابلية بقائها غير الكافية insufficient survivability عند تعرضها لهجوم واختراق هيكلها في ساحة المعركة . لقد تحدث "فلاديمير نيفولن" Vladimir Nevolin رئيس مصممي شركة الصناعات الميكانيكية الروسية ، لأحد القنوات الفضائية الروسية بإيجاز عن أبعاد هذا القصور أو النقيصة التي لازمت تصميم الدبابة T-90 . نيفولن ذكر بالنص "إن تصميم هيكل مغلق يضم الأفراد والوقود والذخيرة معاً ، سيترتب عليه إيقاد حتمي للوقود في حال حدوث اختراق نافذ لدروع الدبابة .. هذه النتيجة لن تتغير حتى في ظل وجود نظام آلي للإطفاء ، لذا تطوير العربات المدرعة الحديثة يؤكد دائما على وجوب عزل الوقود والذخيرة عن أفراد الطاقم" . هذا المبدأ نفذ خلال العمل في مشروع الدبابة T-95 بالإضافة لتطبيق مفهوم المدفع المسيطر عليه من بعد ، لكن المشروع في النهاية بأكمله جرى إلغاءه .
منظومة السير والحركة في الدبابة أرماتا ستشتمل على عدد ستة أزواج عجلات طريق بدل سبعة كما في مشروع الدبابة T-95 . الطاقم والذخيرة والوقود والمحرك سيوضعون في كبسولات إسكان مفصولة ، مما سيحسن قابلية البقاء بشكل ملحوظ لكلاً من الدبابة والأفراد . في مؤخرة هيكل الدبابة سيكون هناك محرك جديد حمل التعيين A-85-3A (أو التسمية الأخرى 12N360) . هذا المحرك ذو الأربعة أشواط والإثنا عشر إسطوانه بقوة 1500 حصان ، هو من النوع المجهز بمعزز شحن نفاث turbo-supercharger يدور بسرعة 2000 دورة/دقيقة مع نظام تبريد بالماء (زمن تشغيلي لا يقل عن 2000 ساعة) . المحرك الذي طور من قبل مصنع الجرارات Chelyabinsk وخضع العام 2011 لسلسلة من الاختبارات ، كان معداً في الأساس لتجهيز مشروع الدبابة T-95 لكن بسبب تعذر وإلغاء المشروع ، تم إقرار استخدامه على الدبابة الجديدة أرماتا . هناك أيضاً ناقل حركة أوتوماتيكي جديد ذو 12 غيار لتوفير قيادة سلسلة للدبابة . ويرى الخبراء الروس أنه مع وزن 50 طن للدبابة الجديدة (T-95 كان وزنها 55 طن) ، فإن المحرك سيكون أكثر من كافي لتعزيز قابلية الحركة maneuverability . وللمقارنة ، الدبابة T-90 التي تزن 46.5 طن تتحصل على محرك ديزل بقدرة 1000 حصان . محرك الدبابة T-90 قادر على تسييرها بنجاح على الطرق السريعة ، وعلى الأرض الوعرة في سرعة بحدود 70 كلم/س ، لمسافة أكثر من 500 كلم دون إعادة التزود بالوقود refueling . هو قادر على التغلب وتجاوز عقبة مائية بعمق 5 م ، وخندق مائي بعرض 3 م ، وتسلق جدار عمودي بارتفاع متر واحد . بهذه القدرات ، الدبابة T-90 كانت قادرة على تسجيل قفزات رائعة ، حدت بالكثير من المعلقين العسكريين لإطلاق لقب "الدبابة الطائرة" flying tank عليها . لذا الخبراء الروس يتوقعون أن تسجل الأرماتا قابليات حركة أفضل من تلك التي تنجزها T-90 .
مصممي الدبابة الجديدة أرماتا تبنوا شكل مطور من أشكال التدريع المركب Composite Armour ، الذي يضم تشكيلة من المواد المعدنية والخزفية وغيرها من المركبات الليفية (إقحام تقنية النانو عند تطوير المركب الخزفي nano-ceramic) . السبيكة الفولاذية الرئيسة المستخدمة في بناء التدريع الجديد تحمل التعيين 44C-St-W ، وهي من تطوير مؤسسة البحث في الفولاذ Steels Research Institute وتتميز بخصائص وقائية متقدمة لنحو 15% قياساً بسبائك الفولاذ ذات الاستخدام العسكري المتوافر في الساحة الآن . استعمال هذه السبيكة سيخفض الوزن الإجمالي للدبابة لبضعة مئات الكيلوغرامات دون أي خسران أو تنازل عن الميزات الوقائية للدبابة . وطبقا لحديث رئيس معهد بحث علم المعادن السيد Sergey Gladyshev ، فإن المشاكل التقنية حلت بإستعمال التراكيب الكيميائية الملائمة وتطوير وسائل المعالجة خلال جميع مراحل إنتاج الفولاذ . لقد ساهمت تقنيات التصنيع الجديدة في الحصول على ميزات وخصائص بالستية plastic characteristics عالية وتخفيض سماكة الصفيحة لنحو 15% مع المحافظة على نفس قابليات الحماية والوقاية ودون التأثير على الخصائص الأخرى .. الدرع الجديد للأرماتا ليس الوسيلة الوحيدة لحماية الطاقم ، بل أن الدبابة ستجهز بمنظومة حديثة جداً للحماية النشيطة active protection ، معدة لمواجهة واعتراض المقذوفات العاملة بالدفع الصاروخ وكذلك مقذوفات الطاقة الحركية النابذة للكعب . النظام الذي حمل التعيين "أفغاني" Afghani هو من تطوير مكتب التصميم الهندسي "كولومنا" Kolomna . ويعتمد في عمله على رادار يشتغل في النطاق المليمتري ، ويستخدم ذخيرة فرعية تعمل بمبدأ التصادم وليس التشظي كما في السابق . قابلية اعتراض المقذوفات تتحقق من مسافة 15-20 م ، مع إمكانية اعتراض مقذوفات الطاقة الحركية الخارقة للدروع التي تبلغ سرعتها 1700 م/ث .
الفاعلية النارية ودقة التصويب جرى تأمينها في الأرماتا بواسطة عدد من الابتكارات والتطويرات المستحدثة . إذ تتحصل الدبابة الجديدة على نظام قتال رقمي متكامل للإدارة والسيطرة على المعلومات digital combat information-control system . إن من أهم مهام هذا النظام المتقدم ، تحديد وتشخيص مواضع الخلل الإلكتروني في العربة والعمل على إصلاحها . بمعنى آخر ، في حالة التوقف نتيجة مشكلة تقنية معينة ، عجز الطاقم أو فريق الإصلاح عن إدراكها ، فإن النظام يتدخل لمعالجتها (الدبابة الألمانية Leopard 2A6 تستخدم نظام مماثل) .. الدبابة أرماتا مثلها مثل مقاتلة الجيل الخامس الروسية T-50 ، ستكون مجهزة برادار مجموعة المسح الإلكتروني النشيط AESA . هذا الرادار الذي يحمل التعيين SH121 تم تطويره من قبل معهد تيكوميروف للبحث العلمي وتصميم الآلات NIIP ، ويتم تصنيعه في شركة KRET المتخصصة في إنتاج منظومات الحرب الإلكترونية . هوائي الرادار يشتمل على عدد كبير من الخلايا ، كل منها يمثل مرسل موجة ميكروية microwave transmitter . هذا يسمح بمواصلة تشغيل الرادار وجميع الأنظمة ذات العلاقة بالكامل حتى بعد فشل بعض العناصر الفردية . رادار الأرماتا الذي يعمل في النطاق Ka-band والترددات 26,5-40 GHz ، سيوفر إمكانيات استثنائية للدبابة للعمل في أدوار الدفاع الجوي بالإضافة لأدوار حماية العربة (تتحدث بعض المصادر الروسية عن مدى مراقبة جوية لدائرة نصف قطرها 100 كلم !!) . وبالنسبة للحالة الأخيرة وطبقاً لآراء الخبراء ، مثل هذا الرادار في الدبابة يمكن أن يساعد في تعزيز أمن الدبابة من خلال العمل مع مركب الحماية النشيط . حيث يعمل هوائي الرادار على كشف وتتبع المقذوفات المعادية التي تطير باتجاه الدبابة ، ومن ثم تغذية المعلومات لنظام السيطرة على النيران FCS لتحديد الزمن والمدى المناسب للاعتراض وتدمير الخطر قبل أن وصوله للهدف .
الدبابة أرماتا ستجهز بمدفع جديد من عيار 125 ملم يحمل التعيين 2A82 مع مخزون من 32 قذيفة متعددة الاستخدام . هذا السلاح طبقاً لمصمميه ، سيكون متفوقاً على المدفع الألماني L55 الذي يجهز الدبابة Leopard 2A6 في مستواه التقني بنحو 1,2-1,25 مرة ، وكذلك في طاقة الفوهة لنحو 1.17 مرة ، في نفس الوقت المنتج الروسي أقصر من مثيله الألماني بنحو 60 سم (الدبابة ستكون قادرة على تصويب نيرانها من فوهة السلاح الرئيس خلال الحركة بدقة 0.1 م) . المصممين الروس طوروا حديثاً نوعين من مقذوفات الطاقة الحركية الخارقة للدروع لصالح هذا السلاح . هذه القذائف التي حملت التعيين Lead-1 وLead-2 ، أحدها يحمل خارق من سبيكة التنغستن tungsten alloy والأخرى مجهولة التفاصيل (الحديث يدور حول تحسين معادلة الطول/القطر مع مقذوف بطول 740 ملم) . بعض المصادر الروسية تتحدث عن أن قابليات القذيفة الثانية Lead-2 تتجاوز تلك التي تتحصل عليها القذيفة الأسبق Mango بنحو 40% . هذه القدرات ومدى التأثير الأعظم تم بلوغها بالتزامن من تطوير شحنة دافع جديدة معززة الطاقة أطلق عليها 4Zh96 ، وهي مخصصة مبدئياً لإطلاق المقذوفات الجديدة .. وبالإضافة للمدفع القوي ، الأرماتا ستكون مجهزة برشاشة محورية من عيار 7.62 ملم وكذلك رشاش آخر سقفي نوع Kord من عيار 12.7 ملم . الرشاش السقفي سيكون مثبت على حلقة دائرية معزولة ، قابلة للحركة في جميع الاتجاهات . التحكم وحركة هذا السلاح ستنفذ عن بعد من قبل أفراد الطاقم في داخل العربة (تحكم كهربائي ، بحيث تنتفي حاجة الرامي لإظهار رأسه خارج الفتحة السقفية) . السلاح سيكون مجهز بمخزن ذخيرة للرمي من 1000 طلقة . كما سيكون هناك عدد 1000 طلقة أخرى مخزنة في صندوق قطع الغيار في مؤخرة البرج .
التعديل الأخير بواسطة المشرف: