بسم الله الرحمن الرحيم
ايران جيت القصة الكاملة
تعريف
إيران-كونترا تعرف ايضا بفضيحة إيران جيت ،اثناء حرب الخليج الأولى في ثمانينيات القرن الماضي ، كانت أمريكا تمثّل الشيطان الأكبر بالنسبة للإيرانيين الذين تبعوا الخميني في ثورته ضد نظام الشاه. وقد كانت اغلب دول العالم تقف في صف العراق ضد إيران وبعضها بشكل شبه مباشر مثل الكويت و السعودية و أمريكا، في خلال تلك الفترة ظهرت بوادر فضيحة بيع أسلحة أمركية لإيران "العدوّة" قد تكون السبب الرئيسي في سقوط الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت رونالد ريغان.ففي عام 1985، خلال ولاية رونالد ريغان الرئاسية الثانية، كانت الولايات المتحدة تواجه تحديات دبلوماسية وعسكرية كبيرة في الشرق الأوسط وأميركا الوسطى. وكان ريغان ومدير الـ"سي آي إيه" وقتها ويليام جي. كيسي معروفين بخطاباتهما وسياساتهما القوية المناوئة للاتحاد السوفييتي. وكان "جيتس"، الذي كان نائب "كيسي"، يشاطرهما هذا التوجه الأيديولوجي.
وقتئذ كانت "إيران-كونترا" في مرحلة الإعداد، حيث كانت عبارة عن مخطط سري كانت تعتزم إدارة ريغان بمقتضاه بيع أسلحة لدولة عدوة هي إيران، واستعمال أموال الصفقة لتمويل حركات "الكونترا" المناوئة للنظام الشيوعي في نيكاراغوا. ومن أجل تبرير هذه الأعمال، رأى مسؤولو الإدارة الأميركية حينئذ أنهم في حاجة ماسة إلى دعم وتأييد من رجال الاستخبارات. بطبيعة الحال لم يكن الموظفون في مكتبي يعرفون شيئاً بخصوص مخططاتهم، غير أن السياق الذي طُلب فيه منا عام 1985 بالمساهمة في تقرير الاستخبارات القومي حول موضوع إيران كان معروفاً لدى الجميع. بيع أميركاأسلحة لإيران أثناء حربها مع العراق مقابل ورقه الضغط الايرانيه وهي تحرير رهائن السفاره الامريكيه في طهران.
القصة الكاملة
كان الإيرانيون الشيعة يصرون على التظاهر في مكة ضد أمريكا و إسرائيل ثم فضح الله أمرهم بعد أيام من هذا الإصرار فنكشف للعالم أجمع أن سيلا من الأسلحة و قطع الغيار كانت تشحن من أمريكا عبر إسرائيل إلى طهران مع أن أخبارا متقطعة كانت تبرز من حينٍ لآخر عن حقيقة هذا التعاون بين إيران و إسرائيل منذ بداية الحرب العراقية الإيرانية لقد تبين أن الشيخ صادق طبطبائي كان حلقة الوسط بين إيران وإسرائيل من خلال علاقته المتميزة مع يوسف عازر الذي كانت له علاقة بأجهزة المخابرات الإسرائيلية و الجيش الإسرائيلي و قد زار إسرائيل معه في 6 كانون الأول 1980 وانكشف ختم دخوله إلى إسرائيل على جوازه عندما ضبطه البوليس الألماني على المطار و في حقيبته مئة و نصف كيلو من المخدرات مادة الهيروين وذلك في كانون الثاني 1983 و قد عرض ختم دخوله إلى إسرائيل على ملاين الناس في التلفزيون الألماني و كان من جملة الوسطاء في تصدير السلاح الإسرائيلي إلى إيران أندريه فريدل و زوجته يهوديان إسرائيليان يعشان في لندن وقّع فيه خمس صفقات كبيرة مع أكبر شركات تصدير السلاح في إسرائيل إسمها شركة بتاريخ 28-3-1981 TAT والصفقة الثانية بتاريخ 6-1- 1983يعقوب النمرودي الذي وقع صفقة و توجد صورة لكل وثيقة من هذه الصفقات و كذلك العقيد اليهودي أسلحه كبيرة مع العقيد كوشك نائب وزير الدفاع الإسرائيلي.
و في 18تموز1981 إنكشف التصدير الإسرائيلي إلى إيران عندما أسقطت وسائل الدفاع السوفيتية طائرة أرجنتينية تابعة لشركة اروريو بلنتس و هي واحدة من سلسلة طائرات كانت تنتقل بين إيران و إسرائيل محملة بأنواع السلاح و قطع الغيار و كانت الطائرة قد ضلت طريقها و دخلت الأجواء السوفيتية على أن صحيفة التايمز اللندنية نشرت تفاصيل دقيقة عن هذا الجسر الجوي المتكتم و كان سمسار العملية آن ذاك التاجر البريطاني إستويب ألن حيث إستلمت إيران ثلاث شحنات الأولى إستلمتها في 10-7-1981والثانية في 12-7-1981 والثالثة في 17-7-1981 وفي طريق العودة ضلت طريقها ثم أسقطت و في 28 آب 1981 أعلن ناطق رسمي بإسم الحكومه القبرصية في نقوسيا أن الطائرة الأرجنتينية من طراز (كنادير سي إل 44) رقم رحلتها ( 224 آى آر ) قد هبطت في 11 تموز 1981 في مطار لارنكا قادمة من تل ابيب و قادرته في اليوم ذاته إلى طهران حاملة 50 صندوق وزنها 6750 كيلوغرام و في 12 تموز حطت الطائرة نفسها في مطار لارنكا قادمه من طهران و قادرته في اليوم نفسه إلى إسرائيل يقودها الكابتن (كرديرو) و في 13 من نفس الشهر حطت الطائرة نفسها قادمة من تلابيب وقادر ته إلى طهران في اليوم نفسه يقوده الكابتن نفسه.
و في مقابلة مع جريدة ( الهيرلد تريديون) الإمريكية في 24-8-1981 إعترف الرئيس الإيراني السابق أبو الحسن بني صدر أنه أحيط علماً بوجود هذه العلاقة بين إيران و إسرائيل و أنه لم يكن يستطيع أن يواجه التيار الديني هناك و الذي كان متورطاً في التنسيق و التعاون الإيراني الإسرائيلي و في 3 حزيران 1982 إعترف مناحيم بيجن بأن إسرائيل كانت تمد إيران بالسلاح وعلل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي أسباب ذلك المد العسكري الإسرائيلي إلى إيران بأن من شأن ذلك إضعاف العراق وقد أفادة مجلة ميدل إيست البريطانية في عددها تشرين الثاني 1982 أن مباحثات تجري بين إيران وإسرائيل بشأن عقد صفقة تبيع فيها إيران النفط إلى إسرائيل في مقابل إعطاء إسرائيل أسلحة إلى إيران بمبلغ 100 مليون دولار كانت قد صادرتها من الفلسطينيين بجنوب لبنان و ذكرت مجلة أكتوبر المصرية في عددها آب1982 أن المعلومات المتوفرة تفيد بأن إيران قد عقدة صفقه مع إسرائيل اشترت بموجبها جميع السلاح الذي صادرته من جنوب لبنان وتبلغ قيمة العقد 100 مليون دولار و ذكرت المجلة السويدية TT في 18 آذار 1984 ومجلة الأوبذيفر في عددها بتاريخ 7-4-1984 ذكرت عقد صفقة أسلحه إسرائيلية إلى إيران قالت المجلة الأخيرة إنها بلغت 4 مليارات دولار فهل كانت إسرائيل لترضى بشحن السلاح إلى إيران لو كانت إيران تشكل أدنى خطر على الوجود والكيان اليهودي؟! وهل كانت أمريكا لتعطي السلاح إلى إيران لو كانت أن إيران تشكل الخطر الإسلامي الحقيقي الذي تهابه أمريكا و روسيا و غيرهما؟!
و في سنة 1989 استطاع بعض الشيعة الكويتيين تهريب كمية من المتفجرات و ذلك عن طريق السفارة الإيرانية في الكويت و دخلوا بها الى مكة ثم قاموا بتفجير بعضها و قد أصيب الحجاج بالذعر فقتل من جراء ذلك رجل واحد و جرح عشرات آخرون من الحجاج ثم مالبث أن إنكشف أمرهم و قبض عليهم و كانوا 14 من الأشقياء الذين أخذ بعضهم يبكي و يظهر الندم و التوبة أثناء مقابلة تلفزيونية أجريت معهم اعترفوا خلال ذلك بالتنسيق الذي كان بينهم و بين السفارة الإيرانية في الكويت و أنها سلمتهم المتفجرات هناك.
إن علاقات حسن الجوار الممتازة بين إيران و بين الدول الملحدة المجاورة لها تثير المخاوف و الشكوك في نفوس المراقبين هذه العلاقات الجيدة التي لم يعكر صفوها أبداً موقف الإتحاد السوفيتي المجرم إتجاه إخواننا المجاهدين في أفغانستان بل إن أحسن العلاقات وأطيبها قائمة بين إيران و بين دول جائرة ظالمة تتعامل مع شعوبها بالنار و البطش بل أن إيران نفسها أقامت في أفغانستان بعض الأحزاب الشيعية الأفغانية التي كان لها دور كبير في إعاقة عمل الجهاد في أفغانستان ثم ما لبثت أن استخدمت بعض طوائف من الشيعة في لبنان الذين تم على يدهم قتل الآلاف من المسلمين الفلسطينين و تدمير بيوتهم و ممتلكاتهم و قتل رجالهم و شيوخهم و نسائهم بلا رحمة.
وثائق عن التعاون الإيراني الصهيوني
المواقف المخادعة والكاذبة و ذات الوجهين لأمريكا لا تشكل في الواقع صدمة كبيرة للعرب، لأنها التتمة المنطقية لسياسة الطعن في الظهر التي اتبعها رؤساء الولايات المتحدة على اختلاف احزابهم و فتراتهم.
ولكن المدهش والمذهل حقا أن تلجأ دولة تدعي الأسلام كأيران في عهد الخميني الى اسرائيل، و تعبر منها الى الولايات المتحدة، و تبيع كل القيم و كل الشعارات الثورية والسلامية التي رفعتها منذ قيامها، لكي تحصل على سلاح تحارب به دولة عربية و اسلامية اخرى. و أن يتم ذلك كلة عبر مفاوضات سرية على اعلى المستويات، و عبر اتصالات تعهد فيها ريغان بدعم ايران، و تعهد الخميني في المقابل بالمحافظة على استمرار تدفق النفط الى الغرب!
نعم اخي القارئ، ان الخميني وغيرة ممن يتشدقون بالإسلام من الرافضة هم في حقيقة الأمر معول اليهود و النصارى لحرب هذا الدين و هدمه.
و السؤال الذي طرح نفسه في الولايات المتحدة في تلك الفترة هو: ما هو الفرق بين المعتدل و المتطرف في ايران؟ و يجيبون: المعتدل هو الذي يريد ان يحلب البقرة الأمريكية الى اخر قطرَُة. أما المتطرف فيريد أكل لحم هذة البقرة ايضاً. و هناك من يقول أن المعتدل الأيراني هو متطرف نفذت ذخيرته.
الــــــوثـــــائــــــق :
توجد وثائق لدى الرأى العام تثبت حقيقة الفضيحة نذكر بعض هاته الوثائق.
الوثيقة الأولى : هي تلكس يطلب اذنا بالسماح لطائرة من شركة ((ميد لاند)) البريطانية للقيام برحلة نقل اسلحة
*
امريكية بين تل ابيب و طهران في الرابع من حزيران (يونيو)1981م . و من هذة الوثيقة يثبت ان الاسلحة الاسرائيلية بدأت بالوصول الى طهران منذ بداية الحرب الأيرانية-العراقية.
*
الوثيقة الثانية : تقع في ثمان صفحات وهي عبارة عن عقد بين الاسرائيلي يعقوب نمرودي و الكولونيل ك.دنغام و قد وقع هذا العقد في يوليو 1981م. و يتضمن بيع اسلحة اسرائيلية بقيمة 135,848,000 دولار. و يحمل العقد توقيع كل من شركة (( اي.دي.اي)) التي تقع في شارع كفرول في تل ابيب و وزارة الدفاع الوطني الاسلامي يمثلها نائب وزير الدفاع الأيراني.
*
الوثيقة الثالثة : هي رسالة سرية جدا من يعقوب نمرودي الى نائب وزير الدفاع الايراني . وفي الرسالة يشرح نمرودي ان السفن التي تحمل صناديق ألاسلحة من امستردام يجب ان تكون جاهزة عند وصول السفن الأسرائيلية الى ميناء امستردام.
*
الوثيقة الرابعة : في هذة الوثيقة هي يطلب نائب وزير الدفاع الايراني العقيد ايماني من مجلس الدفاع تأجيل الهجوم الى حين وصول الأسلحة الاسرائيلية .
*
الوثيقية الخامسة : رسالة جوابية من مجلس الدفاع الايراني حول الشروط الايرانية لوقف النار مع العراق وضرورة اجتماع كل من العقيد دنغام والعقيد ايماني . وفي هذا يتضح ان اي هجوم ايراني ضد العراق لم يتحقق الا بعد وصول شحنة من الأسلحة الأسرائيلية الى ايران .
*
الوثيقية السادسة : رسالة سرية عاجلة تفيد بأن العراق سيقترح وقف اطلاق النار خلال شهر محرم , وان العقيد ايماني يوصي بألا يرفض الايرانيون فورا هذا الأقتراح لاستغلال الوقت حتى وصول الاسلحة الاسرائيلية .
*
الوثيقة السابعة : طلب رئيس الوزراء الايراني من وزارة الدفاع و ضع تقرير حول شراء اسلحة اسرائيلية.
*
الوثيقية الثامنة : وفيها يشرح العقيد ايماني في البداية المشاكل الأقتصادية والسياسية وطرق حلها , ثم يشرح بأن السلاح سيجري نقلة من اسرائيل الى نوتردام ثم الى بندر عباس حيث سيصل في بداية ابريل 1982م .
*
الوثيقة التاسعة : هي صورة لتأشيرة الدخول الأسرائيلية التي دمغت على جواز سفر صادق طبطبائي قريب اية الله الخميني , الذي قام بزيارة لأسرائيل للأجتماع مع كبار المسؤلين الأسرائيلين ونقل رسائل لهم من القادة الأيرانين .
*
الوثيقة العاشرة : رسالة وجهها رئيس الوزراء الأيراني في ذلك الوقت حسين موسوي في يوليو 1983م يحث فيها جميع الوائر الحكومية الايرانية لبذل اقصى جهودها للحصول على اسلحة امريكية من اي مكان في العالم , ويضيف انه على جميع الوزارت والمسؤولين ان يضعوا شهرياكشفا بهذه المحاولات.
*
الوثيقة الحادي عشرة : تلكس الى مطار فرانكفورت هو رحلة الاربعاء التي تقوم بها طائرات اسرائيلية . وفي الوثيقة تفصيل لأرقام الطائرات التي تهبط في مطار فرانفورت في الجزء ب5 وقرب البوابة 42و20 وهنا تبدأ عمليات نقل صناديق الأسلحة مباشرة الى طائرة ايرانية تنتظر في نفس المكان .
*
الوثيقة الثانية عشرة : امر سري من نائب القيادة اللوجستية في الجمهورية الايرانية يطلب ازالة الاشارات الاسرائيلية عن كل الاسلحة الواردة .
*
الوثيقة الثالثة عشرة : طلب صرف مليار و 781 مليون ريال ايراني لشراء معدات عسكرية اسرائيلية عبر بريطانيا.
أما مسئلة قصف ايران فالمسئلة كلها لعبه سياسية فالرئيس ريغان (رئيس الولايات المتحدة سابقا) قد واجه ضغوط شديدة من قبل الشعب ومن قبل الكونجرس بعد تسرب اخبار هذة العلاقة، و ذلك لأنه تشجيع للأرهاب. فليتك تعلم ما حدث للرئيس الأمريكي بسبب ذلك.
شاهدت من فترة فلم وثائقي أميركي بعنوان ((COVER UP: Behind The Iran Contra Affair)) و يفضح هذا الفلم اكذوبة الرهائن الأميركان في إيران. فقد استعمل الرئيس ريغان الأموال التي جناها من عملية بيع الأسلحة إلى إيران و وضع هذه الأموال في حسابات سرية في سويسرا و استعمل بعضها في تمويل مقاتلي الكونترا في نيكاراغوا. و ذكرت محققة مختصة أنه لو لم يأخذ الخميني رهائن لأعطاه لرئيس ريغان رهائن حتى إذا انكشف تعاونه مع إيران، ادعى أنه كان يفعل ذلك ليسترجع الرهائن. أي أن موضوع الرهائن متفق عليه بين الطرفين.
أما الصحف الأمريكية فإنها تهاجم ريغان حتى ان الوشنطن بوست ظهرت بعنوان ((المنافق الأكبر)) والمقصود هو الرئيس ريغان . واما الشعب فقد اصبحت سمعت الرئيس ملطخة بالفساد ومعاونة الأرهابيين , فعندما اعلن لاري سبيكس (بعد عدة اشهر من الفضيحة) كعادتة جدول الرئيس قائلا ان ريغان سيحضر "مؤتمر الأخلاق" انفجر الصحافيون في البيت الأبيض يالضحك فامتعض سبيكس وتوقف عن القراءة وانسحب . ان هذة المواقف لتعكس ما وصل اليه الرئيس ريغان من شعبية , هذا على الصعيد الداخلي اما على الصعيد الدولي , فقد وصمت الحكومة الأمريكية بالخيانة , ففي احدى الأجتماعات (بعد الفضيحة بفترة يسيرة) بين احد المسؤلين في الأدارة الأمريكية وبين الأمير بندر بن سلطان , حيث قال المسؤل الأمريكي (انه يجب على المملكة ان تثق في الحكومة الأمريكية) فرد الأمير (لقد اثبتم انكم لستم اهل للثقة بعد اليوم) , هذا وغيرة الكثير الذي اصاب الحكومة الأمريكية بالحرج , فكان لا بد من عمل يثبت عكس ذلك ويرجع الثقة للأدراة الأمركية , فكان هذا القصف وغيرة , وحقيقة ان المحللين السياسيين ليرون ان ايران كانت مستعدة لتقبل باكثر من هذا في سبيل مصالحها اثناء الحرب وبعدها.
و لنذكر أيضاً أن صدام يحارب أمريكا كما يقول و تحاصره أمريكا كما يقال أكثر بكثير من أيران. و أطلق الكثير من الصواريخ على اسرائيل. و دمر في اسرائيل ما عجز العرب عن تدميره في حروبهم كلهما مع اسرائيل. فهل نقول عن صدام قدس الله سره؟
هل وقع الإعلام الأميركي ضحية لمعلومات إسرائيلية مضلّلة؟
(كُتب بالاشتراك مع مارك بروزونسكي الخبير بشؤون الشرق الأوسط ونُشر في جريدة "بي فينال Bee Final " بسكرمانتو في 21 أكتوبر 1987).
في نوفمبر 1986 أخذت وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية تذيع أن فئات إسرائيلية قامت ربما بمساعدة من الحكومة الإسرائيلية بدفع إدارة ريغن إلى تزويد آية الله الخميني بالأسلحة.
وعندما قام المدّعي العام ادوين ميز بتأكيد الخبر في مؤتمره الصحفي المشهور بتاريخ 26 نوفمبر، نفى إسحاق شامير رئيس الوزراء الإسرائيلي بغضب أن تكون إسرائيل لعبت دور المحرّض والمشجّع في القضية. فما كان يخشاه المسؤولون الإسرائيليون هو أن يتخذ البيت الأبيض من إسرائيل كبش فداء في محاولة منه لشرح ما لا يُشرح للشعب الأميركي.
وفي يناير 1987 اشتدّ قلق إسرائيل عندما أتت اللجنة المختارة بمجلس الشيوخ الأميركي للنظر في قضايا المخابرات بالتفصيل على وصف الدور الرئيسي الذي قام به ديفيد كيمحي وأميرام مير، وحتى رئيس الوزراء السابق شيمون بيريز، في إقناع البيت الأبيض بإرسال الأسلحة إلى إيران واقتطاع جزء من الربح لتمويل الكونترا بنيكاراغوا.
ومما زاد في قلق إسرائيل أن هذه الفضيحة تكشّفت في أعقاب افتضاح أمر بولارد. وكان من الواضح أنه لا بد من عمل شيء لإزالة الانطباع المتزايد في أميركا بأن كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية استغلّوا سذاجة الإدارة الأميركية. فكلّفت الحكومة الإسرائيلية مورتيمر زكرمان بالقيام بهذه المهمة.
وزكرمان هذه تاجر عقارات وثري كبير معروف جيداً في الأوساط الإسرائيلية والأميركية اليهودية بسخائه في مساعدة إسرائيل. وحذا حذو مارتن بيريز الذي اشترى مجلة "نيو ريببلك New Republic " فقام بشراء عدد من المجلات والمنشورات الكبرى الأميركية بينها مجلة "يو. أس. نيوز أند وورلد ريبورت" Us New & World Report لأغراض من أهمها مساعدة إسرائيل في ميدان العلاقات العامة. وقد استطاع الإسرائيليون أن يتسللوا إلى مجلته هذه ويسخّروها لخدمة حملتهم الإعلامية للتضليل وتحريف الأخبار في أميركا. وحتى الآن لا يُعرف ما إذا كان زكرمان قد سمح لهم بذلك من تلقاء نفسه، أم أنهم استغلوا سذاجته في ذلك السبيل.
وفي أواخر السبعينات تراجع زكرمان عن تعهده بمد مجلة "نيشن Nation " بالمساعدات المالية لأنها نشرت مقالاً تُلفت فيه الأنظار إلى الروابط بين إسرائيل وجنوب أفريقيا، ورفضت الرضوخ لمحاولاته في حملها على تغيير تغطيتها لأخبار الشرق الأوسط. وفي عام 1982 وبعد أن اشترى زكرمان مجلة "أتلانتك" المعروفة بمستواها الرفيع ورصانتها صرّح بكل وضوح لجريدة "النيويورك تايمز" أنه بالرغم من حرصه على المحافظة على مستوى المجلة وخصوصاً على تمسّكها بالرأي الحر، فإنه لن يسمح بنشر أي مقال "يتحدّى حق إسرائيل في الوجود".
لكن يبدو أن ما كان يدور بذهنه يتعدّى هذا بكثير. فبعد أن اشتراها بوقت قصير قام بنشر مقال افتتاحي فيها عن حادث الهجوم الإسرائيلي على السفينة ليبرتي الذي أدّى إلى قبل أكثر من ثلاثين أميركياً. على أن المقال كان نموذجاً للتزوير والخداع أعدّه كاتبان إسرائيليان مشبوهان، وتجاهلا فيه التقارير السابقة الموثقة. وكان من الواضح أنهما كانا يرميان إلى إقناع الأميركيين بأن الحادث كان عرضياً لا مدبّراً.
لكن بعد أن اشترى "يو. أس. نيوز…" في عام 1984 بوقت قصير، أخذ المحررون يلاحظون أن الذي يقوم بإعداد المقالات التي تتناول شؤون الشرق الأوسط هيئة أبحاث وتقارير صحفية مركزها في القدس واسمها "دبث نيوز Depth New". ولم يكن يُعرف عندئذ شيء يُذكر عن هذه الهيئة سوى أن حلقة الوصل بينها وبين المجلة شخص اسمه جيورا شاميش. وفيما بعد عُلم أن أحد أركان الهيئة جنرال سبق له أن كان يعمل في المخابرات العسكرية الإسرائيلية.
ولم تلبث الشكوك أن أخذت تساور أولئك المحررين حول احتمال تورّط هيئة"ربث نيوز" مع الموساد. ومن ثم أخذوا يطرحون الأسئلة باستمرار عن هذا على ديفد جيرجن رئيس تحرير المجلة الذي سبق له أن كان مدير الاتصالات بالبيت الأبيض. لكنه أكّد لهم أن شاميش صحفي معروف ومحترم وأنه لا علاقة للموساد بالهيئة المذكورة.
وفي فبراير 1987 تلقّت المجلة (يو. أس. نيوز…) معلومات من "دبث نيوز" مفادها أن الدافع لعملية إيران- كونترا لم يكن مصدره الحكومة الإسرائيلية بكل الحكومة الإيرانية ذاتها. فطُلب من قسم الأخبار الخارجية في المجلة إعداد مقال افتتاحي يشرح بالتفصيل "لَسعة" الخميني لإدارة الرئيس ريغن. فلو صحّت المعلومات الواردة فيه – وأكثرها بعيد عن الصحة- فإنها تُبرّئ إسرائيل مما نسب إليها، وتصبح كالولايات المتحدة ضحيّة لدهاء الإيرانيين. وكما هو متوقّع فإن المقال أثار شكوك كثرة من المحررين.
وعندما تمّ إعداد مسودّة المقال أُرسل إثنان من هيئة تحرير المجلة وهما ستيفن إمرسون ومِل إلفِن إلى إسرائيل للتحقق من الوقائع التي وردت من "دِبث". على أنهما عندما عادا قالا بأنهما لم يستطيعا التحقق من تلك الوقائع، وطلبا فكّ ارتباطهما بالمقال.
وفي المراحل الأخيرة من إعداد المقال تمّ استدعاء شاميش من القدس وخُصّص له مكتب صغير لإنهاء التحقق من الوقائع الواردة فيه. وفي 30 آذار خصّصت المجلة عشر صفحاب لِ "لسعة الخميني الكبرى". وبالرغم من أن المقال يستشهد كثيراً بمراجع شرق أوسطية فإنه يخلو من أي إشارة إلى دور إسرائيل في عملية إيران- كونترا ولا يذكر على الإطلاق المصدر الرئيسي الإسرائيلي للمقال ولا كاتبه أو كاتبيه، وذلك لأن الذين أعدّوه رفضوا أي ارتباط به.
وقد بَلَغَنا أن زكرمان دفع لهيئة "دبث نيوز" مبلغ 35.000 دولار ثمناً للمقال. وأصبحت دبث في الأسابيع والأشهر التالية، بناءً على إصرار زكرمان وجيرجن، المصدر الرئيسي لتغطية مجلة "يو. أس. نيوز…" لأخبار الشرق الأوسط. وعُيّن شاميش محرراً بالمراسلة في المجلة على أثر نشر المقال وذلك لتوفير غطاء له في حال التساؤل عن صدقه.
ومنذ أن اشترى زكرمان مجلة "يو. أس. نيوز…" استقال منها نحو خمسين من المشاركين في إعدادها لأسباب أكثرها يتصل بعدم خبرته المهنية، وتصرفاته الدكتاتورية، وانحيازه في كل ما يتعلّق بإسرائيل. وترك المجلة عدد من أعضاء هيئة التحرير بسبب المقال عن "لسعة" الخميني. وأصبح من الواضح أن المحلة فقدت استقلالها السابق في معالجة شؤون الشرق الأوسط.
وقال أحد الذين تركوا المجلة : "لقد ترك الكثيرون منا العمل في المجلة لأنهم لم يريدوا الارتباط بمنشورة تستخدمها إسرائيل في تحريف المعلومات".
وعندما سئل جيرجن عن استقالات أعضاء هيئة التحرير نفى أن يكون أحد منهم قد استقال بسبب المقال- هذا بالرغم من أننا قابلنا عدداً من المستقيلين الذين قالوا عكس ذلك. كما أكّد جيرجن أنه لا يزال يؤيّد كل ما جاء في المقال. وعندما سئل عن اتصالات شاميش بالمخابرات بدا عليه الاهتمام والحرج وظل يُحيلنا على شاميش بالقدس.
وهكذا وبينما كان بولارد يقوم بفضح أسرار أميركا العليا، وبينما كان المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية ومساعد كبير لرئيس الوزراء الإسرائيلي يزجّان البيت الأبيض في قضية إيران، كان الإسرائيليون على ما يبدو يتسللون إلى الصحافة الأميركية للتضليل. وفي النهاية كان الشعب الأميركي أو على الأقل أولئك الذين يقرأون مجلة "يو. أس. نيوز…" هم الذين لُسعوا.